وسادة التراب
كدت أتمزق أربًا.. أربًا… كلما رأيت وجه البراءة مبتسمًا، وسمعت صدى
سمفونية حياتي الخالدة... بمناغاتك البريئة، وكاد شبح الموت أن يخنقني
بعد كل خيبة جديدة في العيادات الطبية، طالما انتظرتك يا فلذة كبدي،
وترقبت بريق نجمك في سمائي، وإشراقة شمسك على صقيع حياتي، وعندما بدأت
أحس بذرتك تنمو في احشائي، غمرتني الفرحة رغم معاناتي، كل يوم وأنت
تكبر وتشعرني بدبيب الحياة بداخلي، يومًا بعد يوم وأنا اترقبك وأعدّ
ثواني الأيام.. لتملأ وحشة البيت فرحًا ومرحًا بعد أن خيّم عليه صمتٌ
رهيب، وها قد اقترب موعد اللقاء، أقترب كثيرًا ولم يبق إلّا شهر
لقدومك، وها أنا مثل فراشة تطير بين زهرة وزهرة رغم ثقل وزنها، لأُجهز
لك مهدك.. ملابسك، وحتى ألعابك، أخذ كل ركن في البيت يحكي لي حكاية
عنك قبل قدومك.
أي حياة انتظر يا ولدي، وأي حلم ذاك؟ وأي مهد تنام به يا قرة عيني
ومهدك قلبي؟
أفرح ولا تحزن يا ولدي، ستكون بقربي ومعي، سنسكن عالماً لا
ضوضاء فيه، أنا وأنت فقط، لكن سيبقى الدمع والحزن بقلب والدك إلى
المماتِ، لأننا سنبتعد.. سنبتعد كثيرًا لمسافات لا يمكن الوصول
إليها.. إلّا من حمله هذا الوباء اللعين كورونا.. ليحطم حلمي بك،
ويهشمني كإناء من زجاج ويقتلك، كيف لا يا ولدي، وأنا آخذك معي في رحلة
الفناء قبل ولادتك، ووسادتنا التراب؟