فاطمةُ الزهراء (عليها السلام) والقيادةُ النموذجيةُ للأسرة(7)

2023/02/12

فاطمةُ الزهراء (عليها السلام) والقيادةُ النموذجيةُ للأسرة(7)
بقلم: حنان الزيرجاوي
المطلب الثاني: تجسيدُ الزهراءِ لهذا الدور.
جسّدتْ مولاتُنا السيدةُ الزهراءُ (عليها السلام) دورَها في الحياةِ بأكملِ وجهٍ كامرأة، تلك الزهرةُ التي كانتْ حياتُها زاخرةً بالدُرَرِ والمرجان، قامتْ بأداءِ رسالتها في الحياةِ رغمَ أنّها لم تعِشْ طويلًا؛ إذ خطفَها الموتُ في ريعانِ شبابها كما يقطفُ الخريفُ زهرةً جميلةً في أبهى حلتها، وألقِ منظرها، فكانتِ النموذجَ الأرقى الذي يجبُ أنْ تقتديَ به كُلُّ فتاة.
لم يكُنْ تكوينُها الجسدي يمنعُها من أداءِ دورِها في كُلِّ مجالاتِ الحياة، فكانتْ مثالًا رائعًا لتجلّي الأخلاقِ الحسنة، تسامتْ لترقى نحو معالي القيَمِ والأخلاقِ حتى بلغتْ من الكمالِ وتسلّقتْ مدارجه ورقتْ رتبَه، فكانتْ منارًا سامقًا..
كيفَ لا وهي خُلاصةُ التربيةِ القُرآنية؟
فكانتْ تعاليمُ القرآنِ الكريم بشخصيتها، فهي نموذجٌ رساليٌ لكُلِّ امرأة، فلم يمنعْها تكوينُها الجسدي كأنثى من أداءِ مهامها، فنجدها في مُختلفِ مجالاتِ الحياةِ نموذجًا راقيًا، كيفَ لا وهي التي قالَ عنها النبيُّ المُصطفى (صلى الله عليه وآله): "فهي فاطمةُ بنت محمدٍ، وهي بضعةٌ منّي، وهي قلبي وروحي التي بين جنبي"1
لقد أعطانا الإسلامُ نموذجًا حيًا في رُقي المرأةِ بشخصيةِ الزهراءِ (عليها السلام)، نعم لقد كرّمَها اللهُ ونزهّها عن الطمثِ وما ذلك إلا لعلوِّ مقامها، وليس لنقصٍ جسديٍ أو عضوي فيها، فالخروجُ عن مضائقِ الطبيعةِ لا يُعَدُّ نقصًا، بل هو كرامةٌ وفضل، ككرامةِ مريم (عليها السلام) حيثُ حملتْ بعيسى (عليه السلام) ولم يمسسْها بشر، وزوجة إبراهيم (عليه السلام) أيضًا قد حملتْ وهي عجوز، وحملتْ زوجةُ زكريا (عليه السلام) وهي عاقر.
وأمثال ذلك من الكراماتِ وخوارقِ العادات كثير..
وإنْ تنزُّهَ الزهراء (عليها السلام) عن ذلك يُشيرُ إلى علوِّ مقامها، وإلى خصوصيةٍ تُميّزُها عن كُلِّ من سواها، ما دامَ أنّ المحيضَ من الأذى، كما قالَ (سبحانه): ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾2
ولقد كانتِ الزهراءُ (عليها السلام) كفؤَ أميرِ المؤمنين (عليه السلام)، فالكفاءةُ بحسبِ مُعطياتِ اللغة هي المُماثلةُ والتساوي، وعندما نتحدّثُ عن الكفاءةِ في التزويج، فإنَّ التأطيرَ الدّلالي سينعكسُ على مفهومِها في موضوعِ التزويج، وليس من شكّ أنَّ أعلامَ الدّينِ وفقهاءه أشاروا إلى كفاءةٍ أصليةٍ في التزويج، وهي الإيمان والإسلام، فـ(المؤمنُ كفؤُ المؤمنة)3، وقوله (تعالى): "وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ"4
وأشاروا إلى كفاءةٍ أخرى زائدةٍ عليها، تتصلُ بالحالةِ الاجتماعية، فيكفي أنْ يكونَ المرءُ مؤمنًا ليكونَ كفؤًا للمؤمنة، ولكن من السُّنّةِ أنْ يكونَ كفؤًا لها من جهةِ الحالةِ الاجتماعية أو أنّه لا بُدّ أنْ يُراعيَ مُستوى الزّوجةِ عندما كانتْ في بيتِ أبيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٥٤
2- سورة البقرة ، الآية 222
3- الكافي، الشيخ الكليني، ج٥، ص ٣٣٩
4- سورة البقرة، آية 221.
أخترنا لك
وسادة التراب

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف