فاطمةُ الزهراءُ (عليها السلام) والقيادةُ النموذجيةُ للأسرة(6)
بقلم: حنان الزيرجاوي
وبناءً على ما تقدّمَ يُمكِنُنا أنْ نستنتجَ أنَّ هناك فرقًا من حيث
التفكيرِ والسلوك بينَ الذكرِ والأنثى، ذلك الفرق یظھرُ في
جمیعِ مراحلِ الحیاةِ التي يمرُّ بها كلا الجنسين، كما أنّ ھذه
الاختلافاتِ قد ثبتتْ بالأرقامِ وفي كثيرٍ من الدراساتِ التي قامَ بھا
أھلُ الاختصاص.
وعليه، فإنّ دعاوى المُساواة بينَ الذكرِ والأنثى هي دعوى
ظالمة، بل إنّ مُحاولةَ توظیفِ أحكامِھا في الساحةِ هي في الحقيقة
مُخالفةٌ للدینِ والعقلِ والعلم، فضلًا عن الفطرةِ الحاكمةِ على كُلِّ
إنسان، والتي تؤكِّدُ على أنَّ بعضَ الغرائزِ الفطريةِ التي تتمتّعُ
بها المرأةُ -كالرضاعةِ التي من خِلالها تسقي وليدَها الحليبَ
الممزوجَ بالأخلاقِ والتربية، والأمومةِ حيثُ يكونُ حجرُها هو
المدرسةَ التي تقومُ بتكوينِ شخصيةِ أولادها، كما تكونُ السكنَ
والملاذَ الذي يلوذُ به أفرادُ أسرتها، وغيرها من غرائز- تختلفُ عمّا
فُطِرَ عليه الرجل.
ومن هُنا نفهمُ أنّ الإسلامَ أرادَ من المرأةِ أداءِ رسالتِها، وهي
بناء اللبنةِ الأساسيةِ في تكوينِ المُجتمع.
كما أنّ اللهَ (جلّ وعلا) لم يُميّزِ المرأةَ عن الرجلِ تمييزًا
عنصريًا، وإنّما كانَ التمييزُ في الحقوقِ والواجبات؛ فلكُلٍّ منهما
حقوقٌ وعليه واجبات، وهناك الكثيرُ من الأدلةِ ومنها ما جاءَ في
الخطابِ القرآنيّ الذي جعلهما على حدٍّ سواء من حيث الكرامة. يقولُ
اللهُ (تبارك وتعالى): "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ.."(2)، وقال (تعالى): "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ"(3)
فهذه الآياتُ وغيرُها هي جوابٌ رادعٌ لمن يدّعي محدوديةَ المرأةِ
وعدمَ إنصافِها في الإسلام.
أمّا بالنسبةِ لاختلاف المرأةِ في التكوينِ الجسماني عن الرجل،
كتميّزها بهرموناتٍ تختلفُ عن هرموناته فهي مخلوقةٌ بحيث تُضفي
للمرأةِ عاطفةً، منسوبُ تلك العاطفةِ تجعلُها تتحمّلُ إدارةَ المنزلِ
وتربيةَ الأطفال، ولتكونَ أنسًا لزوجها، فكُلُّ ذلك من مهامِّ الأمِّ
والزوجةِ المعتادة..
وهذه العاطفةُ التي هي نتاجُ تلك الهرموناتِ تجعلُ تحكُّمَ العقلِ
وقوّةَ سطوته على انفعالاتها أقل من تأثير العاطفة على مُخرجاتِ
المرأة؛ لذلك يتوهّمُ بعضٌ أنّ المرأةَ ناقصةُ عقلٍ من حيث التكوينِ
على خلاف الرجل! وهو خطأٌ في فهمِ فلسفةِ تكوينِ المرأة، ولسنا بصددِ
بيان هذا الموضوع.
فالمرأةُ هي عنصرٌ أساسي لضمانِ ديمومةِ الإنسانية، ومن هذا المُنطلقِ
أولتِ الرسالاتُ السماويةُ والكُتُبُ الإلهيةُ عنايةً خاصةً بتربيةِ
الأُنثى؛ لأنّه يقعُ على عاتقها تربيةُ أجيالٍ قادمةٍ فصلاحُها يعني
صلاحَ الأُمّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2- سورة التوبة :(71)
3- سورة نحل:(97)