جذور مؤامرة قتل علي عليه السلام.

2022/10/23

جذور مؤامرة قتل علي عليه السلام.
مصطفى الهادي.
كل جريمة يسبقها اعداد وتخطيط ، فالجريمة تقع في لحظات قليلة لربما كلمح البصر، ولكن الاعداد للجريمة قد يتطلب سنوات من التخطيط والعثور على الاشخاص المناسبين.

كان اعداد عبد الرحمان بن ملجم قاتل الامام علي (ع) وعبد الرحمن بن عديس البلوي قاتل عثمان وغيرهم من القتلة المجرمين كان يجري على ايدي كبار الزعامات الإسلامية . فكما تذكر لنا كتب التاريخ فإن لعمر بن الخطاب وعمر بن العاص اليد الطولى في اعداد هؤلاء المجرمين. فقد كان عمر بن الخطاب يتعهد ابن ملجم ويوصي به وكان مقربا من عمر بن الخطاب حتى أنه عندما ارسله إلى عمر بن العاص في مصر قال مخاطبا عمر بن العاص : (لقد آثرتك به على نفسي). وقد نقل ذلك اهل السنة ومنهم السمعاني في الأنساب، والصفدي في الوافي بالوفيات، والذهبي في تاريخ الإسلام، والعسقلاني في لسان الميزان .قال السمعاني في الأنساب: : (إن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص: أن قرّب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه، فوسع له مكان داره).(1)

وكذلك قال الذهبي في تاريخ الإسلام : إن عمر كتب إلى عمرو بن العاص: (أن قرب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه، فوسع له مكان داره) . ومثلهما قال الصفدي، وابن حجر العسقلاني.
وقد اشتهر في كتب التاريخ ، أن عمر بن الخطاب أثنى على عبد الرحمن بن ملجم ، وأوصى عمرو بن العاص به وكأنه يُفارق ابنا له .

ولعل الذي يُثير الريبة في النفوس هو ما كتبه عمر بن الخطاب إلى عمر بن العاص يوصي بابن ملجم ووصل ابن ملجم إلى مصر فقام عمر بن العاص بتهيأة دار إلى جانب دار عبد الرحمن بن عديس البلوي، وهذا الأخير احد قتلة عثمان بن عفان.(2) والذي كان عمر بن العاص يعدّهُ لأمر ما. ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء ، وكذا الحافظ ابن حجر في لسان الميزان. قالا: كان عبد الرحمن بن ملجم مقرّبا من عمر بن الخطاب . وكان عبد الرحمن بن عديس البلوي مقربا من عمر بن العاص.
ولعلنا نفهم عظيم العلاقة بين عمر بن الخطاب وابن ملجم من قول عمر بن الخطاب لعمر بن العاص الذي نقله المؤرخون : (إني مرسل إليك رجلاً آثرتك به على نفسي هو عبد الرحمن بن ملجم).

وقوله : آثرتك به على نفسي لها دلالات عميقة جدا في دقة التخطيط لقتل علي (ع).
ونستطيع ان نعرف مقدارالحقد الذي زرعهُ عمر بن الخطاب وعمر بن العاص في قلب ابن ملجم ضد علي ابن ابي طالب (ع) أن ابن ملجم كان يرى أن قتل علي من افضل القربات عند الله فحين اقتيد ابن ملجم للقصاص قال للسيّاف: لا تقتلني مرة واحدة اقطّع أطرافي شيئا فشيئا حتى أرى أطرافي تعذب في سبيل الله.

هذه التربية وهذه السُنة التي غرسها الجيل الأول من الصحابة في قلوب المجرمين هي التي اسست لحروب مروّعة مثل صفين والنهروان والجمل . وكذلك هي التي نرى آثارها اليوم ماثلة أمام أعيننا عبر شباب يزعمون أنهم إنما يتقربون إلى الله بقتل الأبرياء الآمنين فيُمعنون فيهم ذبحا وحرقا وتفجيرا وفي نفس الوقت يقرأون القرآن ليل نهار وعلامات السجود على جباههم زاعمين أنهم إذا فعلوا ذلك دخلو الجنة ووقعوا في احضان الحور العين.

المصادر :
1- الأنساب - السمعاني - ج 1 - الصفحة 451.
2- الذهبي في سير أعلام النبلاء ج2. ص: 539. 
أخترنا لك
تدليس لا مثيل له المهدي في نص لوقا. دراسة مقارنة.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة