انتشار الشؤم
إلى المكان من المكين.
مصطفى الهادي.
هذه قاعدة قليل من تقحّم
موضوعها. مع أن لها اهمية كبرى في التاثير على النفس
الإنساني، وانتقال الطاقة السلبية لتحل محل الإيجابية
والتي من أعراضها، النكد ، عدم التوفيق، عدم الراحة،
القلق، اضطراب السلوك، وغيرها من اعراض تظهر على المكان
عبر انتقالها من المكين.
والشؤم في قواميس اللغة
هو : الشر ، والنحس ، والمتشائم هو الذي يُسيء الظن بكل
شيء. وقالوا: أن الشؤم مرض نفسي أو حالة نفسية تقوم على
اليأس والنظر إلى الأمور من الجهة السيئة فقط، فلا
إيجابيات عند المتشائم ، بل ان جل اعتقاده أن كل شيء يسير
على غير ما يُرام.(1)
والشؤم قد ينتقل عن طريق
المجاورة ، أو عن طريق السماع إن كان من الاشخاص. ففي
صحيح مسلم عن رسول الله (ص) قال : (لا تدخلوا مساكن
الّذين ظلموا أنفسهم إلاّ أن تكونوا باكين، حذرا أن
يصيبكم مثل ما أصابهم).(2)
وفي الحديث أيضا فإن
النبي (ص) رفض ان يشرب من بئر ثمود ، ورفض ان يُقيم في
ارض ثمود، وعندما مرّ عليها (تقنع بردائه وهو على الراحلة
وأسرع السير حتى أجاز الوادي).(3)
فمن أين نشأ شؤم بئر ثمود
، ومن أين نشأت بركة بئر زمزم. لقد انتقل الشؤم إلى بئر
ثمود من قوم ثمود الذين عقروا الناقة عندما كانت تشرب من
البئر فعقروها، وبقى هذا الشؤم حتى زمن نبينا محمد (ص)
الذي رفض الشرب منها أو النزول في أرضهم. وبئر زمزم
انتقلت البركة إليها من نبي الله إسماعيل عليه السلام
وستبقى حتى يوم القيامة.
وهكذا هو الاستماع إلى
الناطق والمتحدث، فإن سبب اكثر الامراض النفسية والنكد
الروحي هو الاستماع إلى بعض المتشائمين السلبيين الذين
يرون الأشياء كلها غير صحيحة. ولذلك أمرنا النبي (ص) ان
نستمع ونقتدي بخاصة الأولياء، ونقلد أعمالهم. لا بل نحيي
امرهم ونحتفي بذكرهم لتشملنا البركة التي افاضها الله
عليهم.وقد ورد في الحديث : (من أصغى إلى ناطق فقد عبده
فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق
ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس).(4) ومن هنا فقد أمرنا
الله تعالى في كتابه قائلا : (فبشّر عبادي الذين يستمعون
القول فيتبعون أحسنه).(5) فهل الاستماع إلى أمثال عبد
الحليم الغزي ، وأحمد القبانجي ، واحمد الكاتب. ومحمود
الصرخي. واضرابهم كثيرون بدأوا يظهرون ، فهل يورد كلام
هؤلاء البركة، وهل هو كلام حسن نستحق عليه البُشرى من
الله.
والله لقد رأيت العجب
العجاب عند بعض من يستمعون إلى أمثال هؤلاء. وكثيرون منهم
شكوا لي ما يُعانوه من نكد وتعب روحي ، وانحباس نفسي وهم
غافلون عن الاسباب الكامنة وراء ذلك.ولكني كنت اعرف سبب
ذلك ونصحتهم فالذي سمع نصيحتي تحسنت حاله.
والشؤم كلمة واضحة معروفة
في العربية ولها تفسيرات مختلفة عند الأطباء النفسيين
وخبراء علم الطاقة، وسببها يرجع لبعض الكلام السلبي ،
الذي يطلقه البعض فيترك اثرا في المتلقي فتهتز ثقته بما
عنده ويُعاني بسبب ذلك أعراض نفسية داخلية. تظهر من خلال
سلوكه وعدوانيته في الكلام مع محاوره، أو في تقييمه
للأشياء.
وقد ورد في البحار: (إن
رجلا دخل على أبي عليه السلام فقال: إنكم أهل بيت رحمة
اختصكم الله بذلك. قال: نحن كذلك والحمد لله، لم ندخل
أحدا في ضلالة، ولم نخرج أحدا من باب هدى نعوذ بالله أن
نضل أحدا).(6) فلينتبه أحدنا إلى من يستمع لهم أو من
يُجالسهم، فقد أمرنا الله تعالى ان نقوم عن امثال هذه
المجالس : (إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها
فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا
مثلهم).(7) امرنا أن نقوم لكي لا تنتقل العدوى فنصبح
مثلهم في كل شيء حتى في امراضهم النفسية وعللهم القلبية
وانحرافاتهم الفكرية.
المصادر:
1- معجم المعاني الجامع ،
عربي عربي. كلمة شؤم. وقد رأينا في الغرب المتمدن عجائب
من التشائم وانتقال الشؤم فهم يؤمنون بأن الرقم (13) مثلا
رقم مشؤوم ، فيتحاشون القيام فيه باي شيء خوفا من انتقال
الشؤم منه إليهم.فهو مجرد رقم ، فكيف بشخص مليء بالاحقاد
والأمراض الروحية.
2- أورده مسلم باختصار في
صحيحه، كتاب الزهد و الرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الّذين
ظلموا أنفسهم. حديث رقم : 40. ومسند أحمد ج2 ص :
117.
3- صحيح البخاري، كتاب
المغازي باب نزول النبي (ص) الحجر. وكذلك انظر الطبري في
خبر ثمود ج1 ص : 250.
4- بحار الأنوار، العلامة
المجلسي ج2 ص : 94.
5- سورة الزمر آية :
18.
6- بحار الأنوار -
العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٩٤.
7- سورة النساء آية :
140.