مريم والنجار
في ميزان المسيحية والاسلام.
مصطفى الهادي.
مقدما اقول أن القرآن
ينفي نفيا قاطعا أن يكون يوسف النجار قد تعهد او تكفل
مريم العذراء ، فيقول القرآن : (وكفلها زكريا).(1) في هذه
الجملة القصيرة حسم الإسلام القضية.
لم يرد في القرآن وصف
مريم بأنها (العذراء). بهذه الكلمة. إنما فهم المسلمون
ذلك من قوله تعالى : (مريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها).
(2) وقول مريم في القرآن (ولم يمسسني بشر).(3) ففهموا أن
ذلك يعني بقائها عذراء لم تدنّس وهو صحيح . وقد قال
المسلمون في تبرير بقاء عذريتها أنها ولدت من جنبها ، او
وجد المسيح تحتها مخلوقا وليدا كاملا، وذلك لقول القرآن
(فنادها مِن تحتها).(4) فقيل في ذلك الكثير.
والعذراء في اللغة هي
المرأة التي لم يمسها بشر، ويُقال لها أيضا بِكر.ومثل
قولنا : درّة عذارء، اي لم تُثقب. وكل شيء لم يمسّه شيء ،
يطلقون عليه بانه (عذري). وهذا يعني أن مريم إنما سُميت
عذراء لأن بشرا لم يمسها، فقد كانت ولادتها ليسوع معجزة.
والكتاب المقدس يصف لنا العذراء فيقول: (الفتاة عذراء لم
يعرفها رجل).(5) فكل بنت لا تعرف رجلا ، يعني لم تتزوج او
تقيم اي علاقة تفقد فيها عذريتها، يقال لها عذراء. لا بل
أن الكتاب المقدس يعتبر كل امرأة لم يتم خطبتها هي عذراء
كما نقرأ : (وإذا راود رجل عذراء لم تخطب). (6)
فالكتاب المقدس يعرف جيدا
من هي العذراء ووصفها في نصوص عديدة، حتى أنه وصف المدن
التي لم يدخلها عدو بأنها مدن عذراء.
ولكننا نرى الإنجيل
وتبعته المسيحية بكل مذاهبها وطيلة الفين عام يطلقون على
السيدة مريم بأنها (العذراء) ولكنهم مع الاسف يخالفون ذلك
فيزعمون أن مريم تزوجت وانجبت اربعة اخوة ليسوع المسيح
كما يقول (أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم،
وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا).(7)
وهنا وقعوا في خلط عجيب
فقالوا لأنهم اولاد خالته يُحسبوا اخوة له . ولكن فاتهم
أن الشريعة الموسوية تنسب الشخص للأب وليس للأم كسائر
المجتمعات الأبوية. والغريب أيضا أن المفسر اضاف للنص
قوله (وأولاد اختها مريم). وهذا مما لا اصل له في
الإنجيل، إلا ان يكون من وضع المفسر إيهاما
للقارئ.
. فقد نسبوا لها زوجا
اسمه يوسف ، وجعلوا لها اربعة ابناء خامسهم السيد المسيح.
ومع ذلك فهم يطلقون على مريم لقب (العذراء). وهذا خطأ
وقعوا فيه اثبتوا من خلاله أن الانجيل تم تحريفه ، فهو من
ناحية يصفها بالعذراء ، ومن ناحية اخرى يجعل لها خمسة
أبناء من خلال وصفه ليوسف بأنه رجلها وفي نص بأنها امراته
كما نقرأ : (يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى
المسيح).(