من يطرد أو يقتل مسيحي يُقدم خدمة لله. هكذا أخبرهم نبيّهم!.

2020/10/23

????️ من يطرد أو يقتل مسيحي يُقدم خدمة لله. هكذا أخبرهم نبيّهم!.
مصطفى الهادي.
???? في إنجيل يوحنا نصٌ غامض يحتاج إلى وقفة تأمّل وتفسير . ينقل يوحنا عن المسيح أنه خاطبهم قائلا: (سيخرجوكم من المجامع،بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنهُ يُقدم خدمة لله).(1) وهو شبيه الحديث المتواتر عندنا : (لألفينكم ترجعون بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض).(2)
???? لو حملنا النص على الظاهر لربما وجدنا تفسيرا منطقيا له ، ولكن لو تم تناوله مع نصوص أخرى مرتبطة به فسوف يرتفع الغموض ويتضح المعنى الحقيقي لقول السيد المسيح عليه السلام.
???? حسب الأناجيل الحالية مجتمعة فإنه لم يؤمن أحدٌ بالسيد المسيح مع كل المعجزات التي صنعها المسيح امامهم حيث كان هذا شرطهم أن يقوم بالمعجزات أمامهم كدليل على صدق دعواه، فعمل لهم معجزات يعجز عنها حذّاق وأطباء ذلك الزمان كما يقول النص : (فقال يسوع : لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب). (3) فلبى طلبهم وأتى بكل ما يعجز عنه عباقرة الزمان ومع ذلك لم يؤمنوا به كما يقول تلميذه يوحنا : (ومع أن يسوع صنع أمامهم آيات كثيرة، لم يؤمنوا به). (4)لا بل الأكثر من ذلك أن يوحنا يخبرنا بألم بأن اخوان السيد المسيح من يوسف النجار الذين نشأ وترعرع معهم ايضا لم يؤمنوا به فيقول : (أن إخوته أيضا لم يكونوا يؤمنون به). (5)
???? وقبل أن يرفعهُ الله إليه وقف بينهم وصرخ بصوته عاليا : (أنا أقول الحق لستم تؤمنون بي ، فإن كنت أقول لكم الحق فلماذا لستم تؤمنون). (6) وسبب عدم إيمان هؤلاء جميعا هو أن السيد المسيح لم يُكرههم على الإيمان كما يقول : (وإن سمع أحدٌ كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه).(7) وهذا هو كلام كل الأنبياء وعين الكلام الذي جاء في القرآن : (لا إكراه في الدين).(8)
???? طبعا كلام السيد المسيح عليه السلام ليس لزمنه الذي هو فيه فقط أو لصحابته بل تسري أحكام قوله ما دام هناك من يزعم أنه يؤمن به . كما في الإسلام فإن ظاهرة النفاق والفسق لم تكن حكرا على الجيل الأول من الصحابة الدائرة الضيّقة المحيطة بالنبي، صحيح انها نزلت فيهم ولكنها سارية المفعول ما دام هناك من ينتمي للإسلام ولكنه يتلوّن في المواقف.
???? أما سبب قيام الناس بقتل كل من يزعم أنه من أتباع السيد المسيح (كل من يقتلكم أنهُ يُقدم خدمة لله) فهذا راجع إلى عدم إيمانهم الصحيح بالسيد المسيح. لأن كل من زعم أنه تبع المسيح وآمن به قصّروا جدا في مسألة تقديم الله ونبيه عيسى للناس بالصورة التي أرادها الله وخدعوهم بأن قالوا لهم أن يسوع ابن الله أو هو الله وقد حذرهم السيد المسيح بأن لا يفعلوا ذلك، وبين سبب قتلهم بقوله: (وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الاب ولا عرفوني).(9)
???? ناهيك عن إخفائهم للبشارة التي اخبرهم بها عيسى من قدوم نبي بعده لأن النص لو استمرينا في قراءته لرأينا أنه يتحدث عن مجيء نبي آخر امرهم المسيح بأن يؤمنوا به فقال لهم : (إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسلهُ لكم). (10) وأمرهم أن يخبروا الناس بالنبي الآتي (إنكم لا تروني حتى تقولوا : مبارك الآتي بإسم الرب).(11)
???? ثم يخبرهم بأسباب قتل الناس لهم فيقول : (ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر . إما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي).(12) إذن أن النبي القادم إنما يُقاتلهم لأنهم لا يؤمنون به وبالمسيح إنما يؤمنون بإله متجسد في يسوع إنه الله أو ابن الله. ولذلك فقد صدق السيد المسيح حيث بدأت عملية الطرد من المجامع بسبب مناداتهم أن المسيح ابن الله كما نقرأ : (جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله فبهت جميع الذين كانوا يسمعون).(13)
???? ثم يستمر السيد المسيح فيخبر تلاميذه ومن معهم بأنهم لا يرونه ولا يلتقون به بعد ذلك لا في هذه الحياة ولا في الحياة الأخرى فيقول : (وأما على بر فلأني ذاهب إلى ربي ولا تروني أيضا).(14). ثم حاول تلاميذه ان يسألوه عن معنى كلامه (لا يأتيكم المعزي). ولكنه علم انهم يُريدون ان يسألوه فقال لهم : (ومتى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل بالوحي ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني ويخبركم). (15)
???? المسلمون اخبرهم قرآنهم بكل ذلك وان المسيحيين اخفوا اشياء كثيرة (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا) وهذه جريمة كبيرة ولكن المسلمين عاملوهم بالحسنى وتركوا امرهم إلى الله تعالى. المسيحية بفعلها هذا وقعت بين فكي كماشة (اليهود والرومان). فاليهود كانوا يرون انفسهم ابناء الله . والرومان يرون انفسهم أبناء الالهة ، وإذا بشخص وحيد حامت حول مولده الشبهات يزعم أنه ابن الله مع أنه برئ من ذلك واخبرهم في يوم المحاكمة بأنهم هم من يقولون ذلك وليس هو : (فقال الجميع : أفأنت ابن الله؟ فقال لهم : أنتم تقولون إني أنا هو).(16) وهذه مسألة خطيرة جدا أكد الله عليها في القرآن : (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله).(17)
???? وهكذا وبعد رحيل السيد المسيح انتقل العداء إلى المسيحيين الذين يقولون بأن السيد المسيح ابن الله أو انه الله. ومن هنا استعظم الناس ذلك واشتعلت حروب كثيرة واغتيالات وتصفيات وإلى اليوم تجري حروب فكرية خفية بينهم، والصراع يدور حول طائفة تؤمن أن يسوع ابن الله ، والأخرى تؤمن انه الله. وهم لا يزالوا يُصرون على ذلك (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يُحب المفسدين).(18) ولازال الكثير من المسيحيين عندما يكتشفون الحقيقة يؤمنون بالنبي الذي بشّر به السيد المسيح عليه السلام.
????️ المصادر:
1- إنجيل يوحنا 16 :4.مفسرو المسيحية يُفسرون النص مبتورا ويجعلونه من حسنات اتباع المسيح. حتى اليهود الموحدين عندما سمعوا بولص يقول بأن عيسى هو الله (أكثر من اربعين رجلا، قد حرموا أنفسهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا حتى يقتلوه). سفر أعمال الرسل 23 : 21.
2- الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، حديث رقم (65)، وأخرجه البخاري في (كتاب العلم باب الإنصات للعلماء) حديث رقم (121)، وأخرجه النسائي في كتاب التحريم باب تحريم القتل حديث رقم (4142)، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن باب لا ترجعوا بعدي كفارًا حديث رقم (3942).
3- إنجيل يوحنا 4 : 48.
4- إنجيل يوحنا 12 : 37.
5- إنجيل يوحنا 7 : 5.
6- إنجيل يوحنا 8 : 46.
7- إنجيل يوحنا 12 : 47.مع وجود نصوص تقول أن السيد المسيح أمر بذبح كل من لم يؤمن به.وأنه امر أتباعه بإلزام الناس بالدخول إلى دينه كما نقرأ في إنجيل لوقا 14 : 23 : (وأما اولئك الذين لا يُريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي. اخرج إلى الطرقات والسياجات وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي).وهذا النص كان السبب في التنصير بالقوة والحروب الصليبية. إنجيل لوقا 19: 27
8- سورة البقرة آية : 256.
9- إنجيل يوحنا 16 : 3.
10- إنجيل يوحنا 16 : 7.
11- إنجيل متى 23: 39.
12 إنجيل يوحنا 16 : 9.
13- سفر أعمال الرسل 9: 20.
14- إنجيل يوحنا 16 : 10.
15- إنجيل يوحنا 16 : 4.
16- إنجيل لوقا 22 : 70.
17- سورة المائدة آية : 116.
18- صورة المائدة آية : 64.
أخترنا لك
أحمد القبانجي بين التفاهة والفهاهة .مصطفى الهادي

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة