أين تقع
مملكة سُليمان؟ بين التوراة والجغرافيا.
مصطفى الهادي.
لماذا ركز القرآن على
مملكة سبأ من دون سائر الممالك التي كانت حول (فلسطين).
وسبأ: مملكة مستقلة جنوب الجزيرة العربية وهي اليمن
الحالية، ولكن يرى الأحباش أن ملكة سبأ ملكتهم وأنها
تزوجت بسليمان وأنجبت منه ابنًا دعته منليك، هو أب لملوك
الحبشة ومنهم كنداكة ملكة الحبشة (1) ويدعوها المسيح ملكة
التيمن، أي الجنوب (2)واما إذا كانت حسب زعمهم انها في
فلسطين كما هيكلها أيضا، فإن اثبات ذلك دونه خرط القتاد.
فهم منذ عشرات السنين يبحثون ويُنقبون ولم يعثروا على
شيء.
مثلا لم يذكر القرآن ان
سليمان كان له اتصال عبر البر بالفراعنة ولا بالحضارة
السورية او حضارة وادي الرافدين مع وجود هذه
الامبراطوريات على الحدود الغربية والشمالية لفلسطين.بل
كل ما ذكرتهُ التوراة أن سُليمان كان له اتصال بمصر
ولبنان عبر البحر.(3)
ولكن من خلال السياق
القرآني يتضح لنا أن القرآن أراد ان يُشير لنا بأن مملكة
سُليمان كانت مقابل مملكة سبأ وأن المسافة التي يقطعها
الهدهد بين مملكة سُليمان ومملكة سبأ اقصر من المسافة بين
فلسطين واليمن او الحبشة في حافة البحر الأحمر لأن مملكة
سليمان ــ على قول ــ كانت في الحبشة مقابل اليمن ولا
يفصل بينهما إلا باب المندب وهو خليج ضيّق ، اضافة إلى أن
سياق القرآن الذي يقول : (فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن
ساقيها). أي أنها أرادت الخوض فيه وسبب ذلك قرب مملكة
سُليمان من البحر، وقصره على البحر وهي ايضا عبرت البحر
وهذا التفسير اقرب للواقع ،
وهناك بعض التفاسير
وكذلك التوراة تؤكد بأن قصر سُليمان كان على الماء
وارضيته من زجاج (قوارير ممردة). اي منحوت مصقول يُرى ما
تحته. وأما قوله تعالى : (حسبتهُ لجة) قال في قاموس
المعاني : اللجة : ماء كثير تصطخب أمواجُه وهو معظم البحر
وتردّد أمواجه.
حول قصة النبي سليمان(ع)
وملكة سبأ .جاء في قوله تعالى : ( قيلَ لها ادخلي الصرح).
الصرح يعني القصر. وقيل صحن الدار. في سورة غافر جاء قوله
تعالى: ( وقال فرعونُ يا هامانُ ابن لي صرحا). يعني قصرا
عاليا.
ومن هذا نفهم أن هذا
القصر كان على الماء ولذلك ضاعت أهم آثار مملكة سُليمان
لأنها بوفاته تحررت القوى التي بنته وكانت تمسكه، فانهار
القصر في الماء واختفى ولذلك عجز علماء الآثار من العثور
على اي أثر لهذا الصرح الشامخ الهائل وذلك لعدة اسباب
منها.
الأول : أن هذا الصرح
الهائل الذي شيده سليمان كان على الماء بين اليمن
واثيوبيا واختفى بموت سليمان ولم يعثر الآثاريون له على
اي اثر.ودليلنا على انه كان فوق الماء هو قوله تعالى :
(والشياطين كل بنّاء وغوّاص . وأسلنا له عين القطر ومن
الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم
حافظين).(4) فماذا كان يبني هؤلاء تحت الماء الذين كان
الله لهم حافظا من الغرق.ولماذا اسال الله لهم عين النحاس
الذي يصلح للبناء تحت سطح الماء حيث لا يُمكن للماء ان
يُذيبه ويُبقيه جامدا إذا تخلل بين الاحجار هذا اضافة إلى
الزجاج الذي يصلح ان يكون مادة بناء أخرى تحت الماء
ويؤيده وضوح النص حيث قرن الله تعالى البناء
بالغوص.
ولم يذكر لنا القرآن أن
عملية البناء شارك فيها البشر وذلك نظرا للمعوقات التي
تقف بوجه الانسان اذا كان البناء تحت الماء .اضافة إلى
ذلك وجود اشارة مهمة جدا وهي أن مملكة سليمان كانت بعيدة
عن أرض فلسطين كما نقرأ : (ولسليمان الريح عاصفة تجري
بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها).(5) فهذه الريح كانت
تحمل سليمان من مملكته إلى الأرض المقدسة لكي يحج هناك
إما إلى فلسطين أو الكعبة ،فلا يوجد ارض مباركة غيرهما.
فلربما كانت الريح تحمله على البحر في سفن يُحرك الله
الريح فتنفخ في اشرعتها فتجري بسرعة كبيرة. ويشهد على ذلك
ما ورد في سفر الملوك من قوله (وعمل الملك سليمان سفنا في
عصيون جابر التي بجانب أيلة على شاطئ بحر سوف في أرض
أدوم). (6) فإذا كان سليمان في اورشليم كما يزعمون وهي
بعيدة مئآت الاميال عن البحر فماذا يصنع سُليمان
بالسفن؟
هذا مع اصرارنا على أن
مدينة سُليمان كانت في البحر الأحمر إما على جزيرة أوعلى
ظهور المراكب لأن ذلك ما تذهب إليه توراتهم التي تقول :
(وجمع سُليمان مراكب وفرسانا، فكان له ألف واربع مئة
مركبة، واثنا عشر ألف فارس، فأقامهم في مدن المراكب).(7)
فقد كانت المراكب متراصة على شكل مدن، يعيش فيها إثنا عشر
ألف فارس.وكان قصر سُليمان يتوسط هذه السفن.
دليل بناء سُليمان قصره
على الماء هو نص التوراة التي تقول بأن الله سخّر الخلائق
كلها لخدمة النبي سُليمان فكشف لهُ عن قاع البحر حتى برزت
الأرض ويبست كما نقرأ : (جميع الخلائق، كل واحدة في
جنسها، تستبدل طبعها وتخدمك بحسب ما رُسم لها.ومما كان
قبلا يُغمر بالمياه، برزت أرض يابسة، طريق ممهد في البحر
الأحمر، ومرج أخضر في قعر لجة عظيمة).(![</div>
</div>
</div>
<div class=]()
