الصيام في المسيحية يكشف أن السيد المسيح رُفع إلى السماء ولم يُعدم.

2022/04/22

الصيام في المسيحية يكشف أن السيد المسيح رُفع إلى السماء ولم يُعدم.
مصطفى الهادي.
نصوص الصيام في المسيحية في غاية الضعف والتناقض والاختلاف، فكما هو معروف أن السيد المسيح وحسب الأناجيل الحالية لم يأمر بالصيام على الرغم من الحاح حوارييه عليه بأن يعلمهم طريقة الصيام إلا أنه قال لهم كلام مبهم تركهم في حيرتهم يتخبطون.

ففي نص غريب أورده كل من متى وولوقا ومرقص يقولون فيه : (فجاءوا وقالوا له: لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيين، وتلاميذك لا يصومون فيأكلون ويشربون؟ فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم؟ ما دام العريس معهم لا يستطيعون أن يصوموا. ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام).(1)

فقد كان يوحنا (يحيى) يأمر أتباعه بالصيام، وهذا ما دفع حواريوا عيسى أن يُطالبوه بالصيام أيضا. ولكنه ضرب مثلا غير مفهوم بالنسبة لهم حيث اشار إلى نفسه بأنه (العريس). وقال لهم بأنه العريس (عيسى) ما دام فيهم فهم لا يصومون ولكن متى ما رُفع عنهم فسوف يصومون.

والسؤال هو : مالنا لا نرى المسيحيين يصومون بمناسبة رفع السيد المسيح إلى السماء حسب قول نبيهم (متى ما ارتفع عنهم سوف يصومون). أين هذا الصيام؟

إذن هو ليس تشريع ولم يأمر السيد المسيح اتباعه بالصيام. ولكن بالتدقيق بنصوص الصيام في الإناجيل وجدنا أن النص المذكور لم ترد فيه كلمة صيام. ففي نص إنجيل متى: ( فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم؟).(2) فالنص هنا يتحدث عن النوح ، وهو كلام منطقي فأهل العريس لا ينوحون والعرس قائم والفرح مستمر لأن ذلك نشاز لا يقبله عقل . ولكن نص إنجيل مرقس يفاجئنا فأبدل كلمة (ينوحوا) بـ كلمة (يصوموا). وهذا تعبير غير منطقي لأن الفرق شاسع جدا بين كلمة نوح ، وكلمة صوم .فيقول مرقس: (فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم؟). (3) فأي نص من هذين هو الصحيح ؟؟هل أمرهم المسيح بالصوم أو بالنواح؟ هذا هو تحريف الكلم عن مواضعه.

على ما يبدو فإن سبب هذه الاختلاف هو لاخفاء قضية مهمة ولذلك جعلوا النص مربكا من خلال التغيير في الكلمات (ينوحوا ــ يصوموا). ولكن ورد في هذا النص اشارة لطيفة جدا لربما لم يلتفت لها احد من قبل وهي قول السيد المسيح (متى ما ارتفع عنهم العريس) . فهذه إشارة إلى أن السيد المسيح سوف يتم رفعه وسط حشد من الملائكة كأنه عرّيس يُزف إلى عروسه وهذا النص ينفي الصلب (بل رفعهُ إلله إليه).(4) وعندما يُرفع السيد المسيح سوف يصوم المسيحيون احتفالا بمناسبة نجاة نبيهم من الموت وذهابه إلى السماء كما أن اليهود يصومون ابتهاجا بنجاتهم ونجاة موسى من فرعون.(5)

الإنجيل وبعيدا عن خزعبلات الصلب المشينة يتفق مع القرآن في أن عيسى رُفع ولم يُصلب وما اكثر النصوص التي وردت في الإناجيل ومنها قول مرقس : (ثم أن عيسى بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء).(6)

وفي سفر الأعمال يقول : (ارتفع وهم ينظرون. وأخذتهُ سحابة عن أعينهم وإذا ملائكة بلباس أبيض قالا : أيها الرجال أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي ، كما رأيتموه منطلقا إلى السماء). (7)
( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون).

المصادر:
1- إنجيل مرقس 2 : 20.
2- إنجيل متى 9 : 15.
3- إنجيل مرقس 2 : 19.
4- سورة النساء آية : 158.
5- كما ورد في الحديث عن ابن عباس أن النبي (ص) قدم المدينة وجدهم يصومون عاشوراء فقالوا هذا يوم عظيم يوم نجى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون). صحيح البخاري رقم الحديث : 4737.
6- إنجيل مرقس 16 : 19.
7- سفر أعمال الرسل 1 : 9 ــ 11. 
أخترنا لك
ابناء زنا المحارم أم ابناء الله؟ مصطفى الهادي

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة