الدجال وحرب ر وسيا و أو كرانيا.

2022/04/22

الدجال وحرب ر وسيا و أو كرانيا.
مصطفى الهادي.
أي معادلة تتكون من طرفين يُشكلان اعمدة البحث الرئيسة فيها ولا يوجد طرف ثالث إلا النقيض، مثلا كرم وبخل ، شجاعة وجبن. صدق وكذب وهكذا. وكذلك فإن كل قضية مهما كانت تتكون من طرفين، مثلا ظالم ومظلوم ،قاتل ومقتول..وهكذا هي قضية الإمام المهدي سلام الله عليه فهي تتكون من طرفين يشكلان أحد أهم دعائمها العقدية. وهي المهدي ، والدجال.وبما أن الدجال تعرفه كل الأمم كما سيأتي بيانه ، فلا بد للطرف الثاني في القضية (المهدي) ايضا وجب أن تعرفه كل الأمم ، ولكن الدعاية هي التي ترفع من شأن الدجال وتُخفي وتشوه الطرف الآخر.

على سبيل المثال فقد انحرفت اليهود ية عن مسارها في الوقت الذي ذهب فيه موسى إلى ميعاد ربه حيث ظهرت شخصية قلقة جدا السامري (الدجال المخرِّب) الذي صنع لهم العجل فاطاعه اليهو د وعبدوا العجل فكانت حركة خطيرة كادت أن تُطيح بالديانة اليهو دية أثبت (المخرّب) من خلالها أن الانحراف موجود في الأمم حتى مع وجود الأنبياء والمصلحين . ولكن بعد رجوع موسى تم اصلاح الأمور فكان الخوف وليس الطاعة هو الذي ارجع الناس إلى الدين،

ولكن الغريب ان موسى لم يقتل(الدجال المخرّب) الذي امرهم بعبادة العجل بل اطلقه وقال له : (اذهب وسح في الأرض لا يمسك أحد بسوء إلى الموعد الذي وعدك إياه الله). (1) وقوله اذهب في الحياة اي ابق فيها ، وقوله لا مساس تعني انه لا يقترب منك احد ولا تقترب من احد ولا تُصاب بسوء إلى يومك المعلوم ومن هنا فإن اكثر الروايات تقول بأن الدجال حيّ .

وهكذا اصبح هذا الدجال رمزا مخيفا حذّر كل الانبياء اممهم منه لأنه يمتلك طاقة هائلة وعلمٌ خطير استطاع به ان يسبُك الذهب ويصنع منه عجلا لهُ خوّار، فكان الأنبياء على حذر من حركته فبيّنوا لأتباعهم صفاته وأعماله، والأحاديث في ذلك كثيرة لا حصر لها ، حتى أن النبي محمد (ص) شك في أحد كهنة اليهو د في المدينة بأنه الدجال وهو ابن صائد فامتحنه وسأله عدة اسألة أشار من خلالها إلى أنه الدجال الذي سوف يطلّ برأسه يوما فيُعيث في الأرض فسادا.

التوراة تصف الدجال بأنه نجس وشرير وأنه يهو دي من أمة بني إسر ائيل وسيأتي زمن نهايته على يد الذي له الحكم، فتقول : (وأنت أيها النجس الشرير رئيس إسرا ئيل، الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية... هذا أيضا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه).(2) يقول كتاب سيناريو الحرب العالمية الثالثة : (النجس الشرير رئيس اسر ائيل هو المسيح الدجال بلا نقاش لانه حدد زمنة بزمن اثم النهاية انه من رجال الدين اليهو دى وهو يتوج نفسه ملكا على اليهود. وعلى العالم باكمله).(3)

ولربما يكون الدجال وصفٌ لدولة تتصف بالشر والدجل ، لأن الدجال لم يظهر يوما بإسم شخص معيّن، ففي كل دين ظهر بصفة معيّنة. ففي زمن نوح خرج باسم (المضل المخرب)، وفي اليهو دية خرج بإسم السامري فهو يُنسب لعشيرة اشتهرت بصناعة التماثيل والاصنام للفراعنة ، وفي المسيحية خرج باسم المخرّب أو الشرير او الوحش. وفي الإسلام بإسم الدجال. ولو تمعنت جيدا لرأيت أن الدجال لم تذكره الكتب السماوية بالاسم ، بل اطلقت عليه اوصاف يتلبسها في كل حقبة تاريخية يظهر فيها. والقرآن أيضا لم يذكره بالاسم ولكنه أشار إليه، ثم أتت الأحاديث النبوية لتوضح ذلك. فقد قال تعالى عنه : (يوم يأتي بعضُ آيات ربك لا ينفعُ نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل).(4) وتفسير ذلك عن النبي (ص) قال : (ثلاث إذا خرجن لا ينفعُ نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، طلوع الشمس من مغربها ، والدجال، ودابة الأرض).(5)

إذن من كل ما تقدم نفهم أن الدجال حيٌ يُرزق وقد مرّ بجميع الأنبياء وتسبب لهم بمشاكل كبيرة، وهو وراء كل الفتن والحروب التي تحصل للبشرية وله اتباع يُطيعونه، ولهُ سبل ملتوية في الخداع والإيقاع بالمؤمنين ولا ينجو من حبائله ومكائده إلا من رحم الله، ويصف السيد المسيح (ع) الدجال بأنه يستطيع (أن يضل حتى المختارين). (6) والمختارين هم الذين يثق بهم الناس ويختاروهم للحكم والقيادة.

ولو تمعنا في حديث الرسول (ص) الذي يقول فيه : (يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة في الأرض أعظم من فتنة الدجال وإن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا حذر أمته وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة).(7) لاتضح لنا أن الدجال اطال الله في عمره لحكمة عالية احداها امتحان إيمان الناس ، ومن هنا فلابد للطرف الآخر في قضية (المهدي) أن يكون ايضا مسايرا له يرد كيده ويدفع شرّه عن المؤمنين، كما ورد على لسانه (ع). (إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جل جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حم أجله، ويحمى عليه من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف حركتنا ومباثتكم بأمرنا ونهينا، والله متم نوره ولو كره المشركون). (8 )

والسؤال الذي ينبثق لنا من كل ذلك هو : لماذا يؤمن اليهو د والنصارى وطائفة عظيمة من المسلمين وهم اهل السنة جميعا بحتمية وجود الدجال حيّا منذ آلاف السنين، وانه مربوط في جزيرة، ولكنهم ينفون ويُنكرون وجود المهدي حيّا؟ مع أن المهدي هو الطرف الأهم في المعادلة . والأحاديث تقول بذلك، ونص التور اة يقول بأن الله جعل أيامه إلى نهاية الزمان ثم يليه الذي له الحكم فيُعطيه الله له.

ولعلهُ من علامات اقتراب خروج الدجال أحداث تحصل فجأة كما يقول النبي إرميا : (يا ابنة شعبي، تمنطقي بمسح وتمرغي في الرماد. اصنعي لنفسك مناحة مُرّة، لأن المخرب يأتي علينا بغتة).(9) فإرمياء النبي ينصح قومه بالبكاء على انفسهم لأن الدجال المخرب سوف يأتي بغتة، ولعل أهم علامات حرب الدجال هي عمليات الهروب الجماعية الكبيرة التي تسبق مجيئه.

ففي الفترة الأخيرة حصلت حروب متفرقة كبيرة هرب الناس فيها من ليبيا وتونس ومصر والعراق وسوريا وافريقيا وافغانستان واماكن كثيرة ولعل اهمها هو ما يجري في أوكرانيا وهروب الملايين، وقد وصف يوحنّا هذه المشاهد وقرن بدايتها بانتشار الأوبئة و بحرب روسيا وموسكو كما يقول : (يا ابن آدم، اجعل وجهك على جوج، أرض ماجوج رئيس روش ماشك وتوبال، وتنبأ عليه وقل: هكذا قال السيد الرب: هأنذا عليك يا جوج رئيس روش ماشك وتوبال).(10) يقول المفسر المسيحي: (روش : هي البلاد التي صارت فيما بعد بإسم روسيا، وتقع شمال بحر قزوين والبحر الأسود. وماشك هي المنطقة التي سميت فيما بعد موسكو عاصمة روسيا الحالية.توبال : وهي توبالت وهذه تقع شمال آسيا وتسمى سيبريا. ويرى آخرون أن جوج ملك ماجوج يشير إلى تحالف حربي وتكتل هذا التحرك الحربي يكون على مستوى ملوك وشعوب من جميع الاتجاهات،).(11)

المصادر :
1- والقرآن يقول أيضا بأنه لا يمسّه أحد. (قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفهُ). سورة طه : 96.
2- سفر حزقيال 21: 25.
3- كتاب سيناريو الحرب العالمية الثالثة ، تأليف د . مجدي ، الفصل الثالث.
4- سورة الأنعام آية : 158.
5- صحيح مسلم : كتاب الإيمان ص : 158 ،, والترمذي : تفسير القرآن 3072 , ومسند أحمد الجزء2صفحة :445.
6- إنجيل متى 24: 24.
7- كتاب الفتن - نعيم بن حماد المروزي - الصفحة ٣١٥.
8- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٣ - الصفحة ١٧٥.
9- سفر إرميا 6: 26.
10- سفر حزقيال 38: 2.
11- تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس - سير سفر حزقيال : 38. و تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب ، تفسير سفر حزقيال ، جوج ماجوج. 
أخترنا لك
لقد فعلنا للمسيحية اكثر مما فعلة المسيح : زعماء أمريكا.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة