لم يكمُل من
النساء إلا أربعة.
مصطفى الهادي.
مما لا شك فيه أن
الكمال لله وحده ، ولكن إذا كمُل من الرجال أو النساء
أحدٌ فذلك لا يكون إلا في زمن النبوات والوحي ، و بتوفيق
من الله واختيار منه.ولذلك نرى على طول تاريخ الأديان أن
الكمال الذي حاز عليه بعض الرجال تم في زمن يكون فيه
الوحي على اتصال بالارض ومن هؤلاء الذين كملوا : الأنبياء
وأوصيائهم ومن يختارهم الله تعالى لطفا منه وكرما.
يقول القرطبي : (ولا شك
أن أكمل نوع الإنسان : الأنبياء ، ثم تليهم الأولياء ،
ويعني بهم : الصديقين ، والشهداء ، والصالحين).(1)
فالرجال كان منهم الرسل
والأنبياء وخلفائهم، وأعداد لا تحصى من الشهداء والصديقين
والأولياء ، وكثير من هؤلاء بلغ الغاية في الكمال في هذه
المراتب. بخلاف النساء ؛ فهن وإن كان فيهن صدّيقات
وصالحات ؛ إلا أنه لم يبلغ منهن مرتبة الكمال فيها إلا
أقل القليل. والكمال للإنسان أمر مستحيل التَّحقّق وإن
كان يمثِّل الهدف الدائم لكلِّ فرد.
وأما بالنسبة لله رب
العالمين فقد قطع الطريق على كل المخلوفات فنسب الكمال
إلى نفسه بقوله تعالى : (ليس كمثله شيء).(2)
يقول الحديث النبوي
الشريف : (كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلّا
أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ،
وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد).(3)
فلم يكمل من نساء
الأنبياء وبناتهم إلا اثنان هما خديجة بنت خويلد وابنتها
فاطمة الزهراء سلام الله عليهما.التي جمع الله لها كرامة
أن تكون افضل النساء في الدنيا ولآخرة فهي افضل من آسية
ومن مريم ومن امها خديجة وذلك لقوله (ص) : فاطمة سيدة
نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وأنها تقوم في
محرابها فيُسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين).(4)
وكذلك قوله : (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة من من الأولين
والآخرين).(5) وهي الوحيدة التي يغضب الله لغضبها ، ويرضى
لرضاها .(6) فجمع الله لفاطمة سلام الله عليها كرامة
الدنيا والآخرة.
المصادر:
1- المفهم ، تلخيص صحيح
مسلم أبي العباس القرطبي (ج20ص72).
2- سورة الشورى ، آية :
11.
3- المسند المصنف
المعلل 29/635). المسند الجامع (11/451). الكشف والبيان
عن تفسير القرآن: للثعلبي (27/71).
4- المجلسي بحار
الأنوار ، ج43 ص : 49.
5- الأربلي، كشف الغمة،
ج2 ص : 77.
6- روى الحاكم في
(المستدرك ج3 ص154) عن رسول الله (صلي الله عليه وآله
وسلم) أنه قال لفاطمة(عليها السلام) إن الله ليغضب لغضبك
ويرضى لرضاك. ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم
يخرجاه.ورواه أيضاً الهيثمي في (مجمع الزوائد ج9 ص 203)
وقال رواه الطبراني واسناده حسن .
