قيمة الإنسان في التوراة والإنجيل ، مع الأدب القرآني في مخاطبة الناس.

2019/10/03

قيمة الإنسان في التوراة والإنجيل ، مع الأدب القرآني في مخاطبة الناس.
مصطفى الهادي.
يصف الله الناس بما يستحقون أوصاف جميلة وأخرى قبيحة تبعا لأعمالهم.فقد وصفهم بالمؤمنين والصالحين والصابرين والمجاهدين وكذلك وصف فئة منهم بالقاسطين والمارقين والمنافقين والفاسقين وقال عن البعض (مثلهُ كمثل الكلب).(1)

ووصف بعض علماء اليهود بقوله (كمثل الحمار يحملُ اسفارا).(2) وهو وصفٌ لمن لا ينتفع بعمله . كلٌ ينال حقه بما يستحق. ولكننا لم نسمع القرآن يُعمم الوصف فيخلط الصالح بالطالح فيصفهم جميعا بأنهم كلاب كما يفعل الكتاب المقدس حيث وصف عشرات الألوف ممن خرج يُقاتل مع نبي من أنبياء بني إسرائيل بأنهم كلاب وذلك في اختبار شرب الماء من النهر كما نقرأ (وقال الرب لجدعون: لم يزل الشعب كثيرا. انزل بهم إلى الماء فأنقيهم لك هناك. كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب فأوقفه وحده. وكذا كل من جثا على ركبتيه للشرب).(3)

النص القرآني ذكر لنا الحادثة كما هي ولكنه لم يقل عن الذين شربوا الماء بأنهم (يلغوا كما يلغ الكلب). بل كان اكثر انصافا للوصف حيث استخدمة كلمة (اغترف) بدلا من ولغ التي رماها الكتاب المقدس على أتباعه فقال تعالى : (فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده). (4) استخدم القرآن كلمتي (يطعمهُ و اغترف) ولم يستخدم كلمة (ولغ ، يلغ).
اأقعيت واستولغت يا رجلٌ ــ هلا جلست وانت صنعة الجبّار

ولنأت على المعنى المراد من تلك الكلمات.
في قاموس المعاني مادة (ولغ) : (ولغ الكلب في الإناء شرب ما فيه بطرف لسانه او ادخل فيه لسانه وحرّكه).والعرب تستخدم كلمة (ولغ ، استولغ) لوصف الرجل الهابط الدنيء الذي لا قيمة له فتقول العرب : (استولغ الرجل : لم يُبال ذماً ولا عاراً). وكلمة ولغ مصاحبة للنجاسة كما في الحديث النبوي الشريف : (إذا ولغ الكلبُ في إناءِ أحدكم ، فليغسلهُ سبع مرات أولاهنّ بالتراب).

نأتي على القرآن الكريم فقد استخدم كلمتي (يطعمهُ و اغترف). الكلمات البديلة لـ (ولغَ) هي (يطعم) فتقول العرب : (ما ولغ اليوم وُلوغاً: ما طعم شيئا). وقالوا : (طَعِمَ الشرابَ: ذاقهُ). وهي تُستخدم للطعام والشراب حيث فسرت العرب قوله (طعم) : (ما تدركهُ حاسة الذوق من الطعام والشراب). ومنه ُالتطعيم : وهو زرق السوائل تحت الجلد لكسب المناعة.

وقال ابن عباس في حديث عن ماء زمزم : (إنها طعام وشفاء سُقمِ إذا شرب ماءَها كما يشبعُ من الطعام).(5)

مما تقدم نفهم أن رب الكتاب المقدس لا يرى اي قيمة حتى لمن يؤمن به فيصفه باقذع الاوصاف وعلى ما يبدو فإن رب التوراة لا علم له بالمرادفات ولذلك نرى فرقا بينه وبين رب القرآن الذي استخدم كلمات مهذبة محترمة في وصف فعل قوم طالوت (جدعون). فاستخدم كلمتي (اغترف و يطعمهُ) بدلا من كلمتي (ولغ ، يلغ).

(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). (6)

المصادر :
1- سورة الأعراف آية : 176 (مثله مثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ذلك مثل الذي كفروا بآيات الله). ضربه الله مثلا لمن كذب بآياته.
2- سورة الجمعة آية : 5.

3- سفر القضاة 7: 5 . وجدعون هو طالوت في القرآن . والإنجيل ايضا يصف الناس بأنهم كلاب كما في خطاب السيد المسيح عليه السلام مع السامرية التي جاءت تطلب منه ان يشفي ابنتها المريضة حسب زعم الإنجيل حيث وصفها بانها من فئة الكلاب كما يقول في إنجيل متى 15: 27 (فأتت وسجدت له قائلة: يا سيد، أعنّي! فأجاب وقال: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب. فقالت: نعم، يا سيد! والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها).

4- سورة البقرة آية : 249.
5- رواه الدّارقطني رقم الحديث 1164.سبب تسمية ماء زمزم طعاما استدلّ الشّافعيّة أنّ الرّبا يقع في الماء، لأنّه طعام، وأيّدوا ذلك بقوله تعالى عن ماء النّهر في قصّة طالوت: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي).
6- سورة النساء آية : 82.
أخترنا لك
سلسلة عورات الإنجيل والتوراة. شمشون اليهودي ، يقتل ألف رجل بفك حمار.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة