يومُ التغابن. مصطفى الهادي

2019/10/08

????️ يومُ التغابن.
مصطفى الهادي.
(يوم يجمعكم ليومِ الجمعِ ذلك يومُ التغابُنِ).(1)

???????? التغابن من الغبن اي بخس الحق وانقاص في القدر ويُقال : غبنهُ في البيع أي نقصهُ فهو مغبون اي منقوص.(2) والتغابن يوم القيامة هوالانتصاف ، ولذلك نهت الكتب السماوية عن غبن الإنسان حق أخيه وانزاله في غير منزلته أو مرتبته التي حصل عليها بعد جهد وبلاء ومثابرة ومنها ما أمرت به الكتب المقدسة : (فلا يغبن أحدكم صاحبه، بل اخش إلهك). (3) ولعل اكبر غبن لحق بحق إنسان هو ما أصاب آل رسول الله (ص) حيث ورد في زيارة عاشوراء : (لعن الله أمَّةً دفعتكم عن مَقامكُمْ وازالتكم عن مراتبكم التي رَتَّبكمُ الله فيها).

???????? وسُئل بعضهم عن يوم التَّغَابُنِ؟. فقال: في يوم القيامة تبدو الأشياء للناس بخلاف مقاديرهم في الدّنيا فمن كان وزيرا في الدنيا او رئيسا ، قد يُداس بالأقدام وذلك بسبب سلبهِ المستحقين لهذا المنصب وتسلطه عليهم بالقهر والقوة او بالمكر والدهاء وشراء الذمم والضمائر ومن غير وجه حق. فقد كان المتسلطون في الدنيا الذين جلسوا في مناصب ليست من حقهم يرون انفسهم الأعلون أيضا في الآخرة. إي أنهم أمراء في الدنيا وامراء في الآخر والناس خدمٌ لهم.

???????? والمغبون في معناها الأعم بعيدا عن الدنيا هو من غُبنَ يوم القيامة عن أهلهِ ومنازلهِ في الجنة وغُبن من رحمة الله بسبب غصبه لمقام لا يستحقه. فيظهر يوم القيامة يومئذ غبنُ كل من تسلط على الناس من دون مؤهلات وجلس في مكان ليس لهُ أهلا.

???????? وتفسير الآية المذكورة يعني: يا أيها الناس اذكروا يوم الجمع الذي يجمع الله به الأولين والآخرين، ويقفهم موقفًا هائلاً عظيمًا، فينبئهم بما عملوا في الدنيا، فحينئذ يظهر الفرق والتفاوت بين الخلائق، فيرفع اللهُ أقوام إلى أعلى عليين، في الغرف العاليات، والمنازل المرتفعات ، والرتب الرفيعات، المشتملة على جميع اللذات والشهوات، ويخفض أقوام إلى أسفل سافلين، محل الهم والغم، والحزن، والعذاب الشديد، وذلك نتيجة ما قدموه لأنفسهم، وأسلفوه أيام حياتهم، (ذق إنك أنت العزيز الكريم) ولهذا قال تعالى عن ذلك اليوم : (ذلك يوم التغابن).(4)

???????? وقد أمر رسول الله (ص) أن يُعطى كل ذي حقه فقال : (انزلوا الناس منازلهم).(5) ولذلك نرى أن سبب البلاء الذي نزل بالأمم إنما جاء بسبب تسلط الإمعات التي لا وزن لها ولا قيمة في ميدان العلم والقيادة ، فأبعدوا الكفاءات القادرة على النهوض بالبلاد وإسعاد العباد ، فويلٌ لهم من يوم التغابن.

????️ المصادر :
1- سورة التغابن آية: 9 – 10.
2- الإمام الفيومي في المصباح المنيرص:442. وينظر : مختار الصحاح ، مادة ( غ ب ن ) (ص: 224)، والقاموس المحيط ، فصل الغين ، ج1/1219.
3- سفر اللاويين 25: 17.
4- انظر تفسير السعدي المشهور بـ : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان سورة التغابن.
5- شرح النووي على صحيح مسلم ج1 ص 170.

أخترنا لك
أخطر الأعمال المهلكة المُردية لصاحبها : حقوق الناس.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة