تفسير
مقارن . إلى الفرحين بكسب المال المشروع وغير
المشروع.
مصطفى الهادي.
عندما فرح قارون
بجمعه للأموال الطائلة التي وصفها الله تعالى (ما إن
مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة).(1) وتعني أن
مفاتيح خزائن قارون كانت ثقيلة جدًا لدرجة أنها تُثقل
ظهور البغال القوية أو تثقل كاهل الرجال الأقوياء إذا
حاولوا حملها، وذلك في إشارة إلى عظم كنوزه وضخامتها.
وعندما خرج على قومه بالتاهو والجكسارات والملابس
الموشاة بالذهب ورأى دهشة الناس فرح فرحا شديدا
فخاطبه قومه مذكّرين له : (قال له قومه لا
تفرح إن الله لا يحب
الفرحين).(2)
الآية تتحدث عن
(الفرح المذموم)وهو الفرح المصحوب بالكِبر والبطر
والتعالي بالنفس أو ما يملك الإنسان من الدنيا مسببا
بهذه النعمة الأذى للمحرومين. وفسر البعض الفرح هنا
بالبطر وهو الفرح والسرور المفرط بمتاع الدنيا الذي
يؤدي إلى البطر والأشر، ولذا قال تعالى في سورة
الحديد: (ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال
فخور).(3) هذا النوع من الفرح يؤدي إلى صناعة
الاختيال والفخر المذموم الذي يقود الإنسان إلى
البطر. والمختال هو المتكبر المعجب بنفسه بشكل مذموم،
والذي يتباهى ويتعالى على الآخرين وينكر نعمة الله
وينسبها إلى نفسه فكان جواب قارون لقومه حين نصحوه :
(قال إنما أوتيتهُ على علم عندي).(4) هذا الانكار أدى
إلى زوال نعمته (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له
من فئة ينصرونه).(5)
قارون هو (قورح) في
التوراة وهو ابن عم موسى، وهو وجيه من وجهاء اليهود
وزعيم قبيلة(فخرج على قومه في زينته) قبيلته. ذكر
القرآن بأن الله خسف به وبداره الأرض، وهذا ما تذكره
التوراة أيضا ( وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم
وكل من كان لقورح مع كل الأموال،فنزلوا هم وكل ما كان
لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت عليهم الأرض،
فبادوا).(6)
واليوم فكل من فرح
بالأموال والجكسارات والتاهوات وتعالى على غيره. فإن
مصيره عاجلا أو آجلا هو انطباق الأرض عليه فيُباد
ذكره كما سوف تُباد أمواله على يد ورثة لم يتعبوا
بجمعها ولم يعرفوا قيمتها.
(وبالشكر تدوم
النعم).(7)
المصادر:
1- سورة القصص:
76.
2- القصص آية :
76.
3- الحديد :
23.
4- القصص :
78.
5- القصص :
81.
6- سفر العدد 16 :
32.
7- مأخوذ من حديث
النبي (ص) : (التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن
لا يشكر القليل لم يشكر الكثير). رواه الامام أحمد في
مسنده 18449، والبيهقي في شعب الإيمان 8698 .