فأول قطرة تسقط من دم الشهيد، حتى لو سقط مع الإمام المعصوم فإن اول قطرة يُغفر بها كل ذنوبه : (إلا حق الناس).فهذا الحق ليس لأحد أن يغفره او يتساهل به إلا صاحبه. وفي الحديث في يوم القيامة يرتفع صياح الناس وضجيجهم وكل واحد منهم متعلق بعنق صاحبه يصيح : (يارب اريد حقي من هذا).

وفي الحديث عن رسول الله (ص) قال : (من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم).(2) وهناك في عرصات محكمة يوم القيامة إن لم يكن للشخص ما يسد به حقوق الآخرين ومظالمهم فإن الله يأخذ من ذنوب المظلوم ليضعها على ذنوب الظالم. يقول الحديث : (فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه).

فالشهادة تؤدي دورها في التكفير عن حقوق الله تعالى فإن الله يتجاوز عنه ما عدا التبعات، وما يتعلق بذمم الناس وحقوقهم. فليُبادر أحدنا ما دام في الدنيا والمجال واسع أمامه ليطلب السماح وبراءة الذمة ممن ظلمهم في مال أو في عرض ، او غيبة وغيرها وأن لا يخجل من ذلك ، خجل الدنيا ولا ندم الآخرة. وعلى المظلوم ان يتساهل في الأمور التي لا ضرر فيها فيُبرئ ظالمه الذمة حتى لو يأخذ العوض عن ذلك، فقد قال تعالى : (أعفوا وأصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله غفور رحيم).(3)

*أعفوا وأصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، والله غفور رحيم

قال رسول الله (ص) : (أتدرون ما المُفلِسُ؟ إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة ، وصيام ، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي ــ الله ــ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طُرح في النار).(4)

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا. ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا). لن ينجو من النار إلا التارك عملها.

المصادر:

1- قال رسول الله (ص) : (من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه في سبيل الله).

2- فتح الباري شرح صحيح البخاري باب من كانت له مظلمة. حديث رقم : 2317.

3- سورة النور آية : 22.

4- صحيح مسلم حديث رقم 2581.