في المعراج ، هل حضر الأنبياء للصلاة خلف محمد (ص) ؟
مصطفى الهادي.
الاسراء والمعراج ثابت قرآنيا وروائيا ، ومن الناحية التكوينية فهو
ليس مستحيل على الله تعالى إذا أخذنا بنظر الاعتبار معجزات الأنبياء
السابقين والتي تمثلت في احياء الموتى والسير على الماء والطيران في
الهواء وشق القمر وغيرها مما سخّرهُ الله لأنبياءه كدليل على اتصالهم
به تعالى.
الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع هو قيام اكبر وأشهر موقع
مسيحي
بالمغالطة والتدليس لإنكار حادث حصل وهو موقع الأنبا تكلاهيمانوت
(.st-takla.) في صفحته (سنوات مع إيميلات الناس). (1)
تقول الرواية بأن الرسول محمد (ص) عندما اسري به إلى المسجد الأقصى في
طريقه إلى المعراج صلى هناك بالأنبياء، وهذا يعني انهم اعترفوا
برسالته وآمنوا به وإلا ما هو سبب صلاتهم خلفه ومن هنا فإن القول
بصلاة عيسى المسيح خلف المهدي رواية صحيحة بقرينة رواية صلاة الأنبياء
جميعا خلف النبي (ص).(2)
الرواية متواترة ومعترف بها من كل المذاهب ومتفقٌ عليها وعلى صحتها.
ولكن موقع تكلاهيمانوت يُشكك لا بل ينسف وينفي حصول هذا اللقاء بين
النبي محمد والانبياء صلوات الله عليهم اجمعين ويقول كيف يؤمن عيسى
بمحمد ودينه يختلف عن الاسلام؟ ثم كيف يحضر الأنبياء للصلاة خلف محمد
وهم ماتوا قبله بقرون ، واما القول بأن الأنبياء صلوا خلف محمد فهذه
مزاعم المسلمين فلا تقحموها في ديننا بزعمكم ان عيسى حضر أيضا.
أقول لهذا الموقع المتنطع والذي يفتي بما لا يعرف لو راجعت إنجيلك قبل
الانكار لكان افضل واليق بك وبموقعك . أن حضور الأنبياء للصلاة خلف
محمد (ص) ليس فيه اشكال على ضوء ما جاء في الإنجيل أيضا ، فهذا
الإنجيل يذكر بأن موسى وإيليا حضروا للصلاة خلف عيسى على جبل التجلي
مع اعتراف الإنجيل بأن موسى مات قبل عيسى بأكثر من الفين عام فكيف حضر
للصلاة والاجتماع بعيسى ؟؟ طبعا الموقع لا يملك جواب على ذلك لأن كل
جواب يقوله سيكون الجواب نفسه على حضور الأنبياء للصلاة خلف محمد
(ص).
فماذا يقول الإنجيل ؟
أجمعت الأناجيل بأن موسى وإيليا حضرا أمام عيسى عليهم السلام على جبل
التجلي (جبل تابور) كما يقول الإنجيل (وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس
ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال منفردين...وإذا موسى وإيليا قد
ظهرا لهم يتكلمان معه).(3)
لا بل ان الإنجيل اضافة إلى حضور موسى وإيليا زعم أن الله حضر هذا
الاجتماع أيضا كما نقرا : (وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم،
وصوت من السحابة قائلا: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له
اسمعوا).(4) أي أن الله امر موسى وإيليا ومن حضر من التلاميذ الحوارين
أن يستمعوا ويطيعوا السيد المسيح لقوله (له اسمعوا). وبقرينة هذا النص
فإن حضور الانبياء خلف نبينا محمد (ص) هو للسمع والطاعة.
فإي نبي حاز الكرامة اكثر. عيسى الذي احضر الله امامه نبيان فقط ، او
محمد الذي حُشر له كل الأنبياء؟ بما فيهم موسى وإيليا.
فيا موقع تكلاهيمانوت يعني حلال عليكم حضور الأنبياء وكذلك حضور الله
شخصيا امام عيسى على جبل التجلي في (فلسطين) وحرام علينا حضور
الأنبياء خلف نبينا للصلاة أيضا في (فلسطين)؟ ألم يشهد القديس جيروم
بأن موسى في حضوره امام عيسى قام من بين الأموات أحياه الله لذلك. فهل
حلال عليكم ان يُقيم الله موسى من الموت للقاء عيسى وحرام عليه ان
يُحيي الانبياء للحضور خلف محمد (ص).
الذي أعطى قدرة احياء الموتى لنبيه قادر على احياء انبيائه. لا بل
أنكم تقولون بأن السيد المسيح مات وبقى مدفونا في الأرض ثلاث أيام ثم
قام من الموت. وزيادة على ذلك زعمكم بوجود (السيدة العذراء مريم حيّةٌ
تُرزق إلى هذا اليوم) تحضر في كل مناسبة إلى هذا اليوم لشفاء الناس
واتخذتم من مناسبة حضور الانبياء خلف عيسى عيدا تحتفلون به وهو (عيد
التجلي المجيد عيد سنكسار). بينما لم يتخذ المسلمون من الاسراء
والمعراج عيدا إنما هي رواية تدل على عظمة نبينا وكرامته عند الله
.
المصادر:
1- تكلاهيمانوت سنوات مع إيميلات الناس! أسئلة اللاهوت والإيمان
والعقيدة علاقة السيد المسيح بالرسول محمد رسول الإسلام.
2- عن ابن عباس قال : ( فلما دخل النبي (ص) المسجد الأقصى قام يُصلي
فالتفت ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يُصلون معهُ فكان امامهم ).رواه
أحمد ( ج4 /ص 167 ).
3- يقول في إنجيل متى 17: 3 ، بأنها ستة أيام (وبعد هذا الكلام بنحو
ستة أيام). ولكن في إنجيل لوقا يقول بأنها ثمانية أيام وليست ستة كما
نقرأ في إنجيل لوقا 9: 30 (وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام، أخذ
بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل). تختلفون حتى في عدد الأيام ثم
تُشككون بما عند الآخرين ، اصلحوا ما عندكم اولا.
4- إنجيل متى 17: 5.