بنو إسرائيل ، الذين هادوا ، اصحاب السبت ، اليهود . ما الفرق؟

2021/01/26

???? (بنو إسرائيل ، الذين هادوا، اصحاب السبت ، اليهود. مالفرق).
مصطفى الهادي.
???? التعرض إلى ذكر بني إسرائيل من عدمه ومحاولة ربطهم بيهود هذا الزمان لا يعني شيئا، فهو قد يعني الكثير للبعض خصوصا بعد التطبيع فهناك من يقول : أن القرآن ذكر بني إسرائيل 38 مرة ولم يذكر اسم فلسطين . وهذا الشخص واهم او مخدوع او جاهل في احسن الأحوال . لأن بني إسرائيل التابعين ليعقوب انقرضوا ولم يبق إلا ابناء يهوذا (اليهود) وهم اليوم في فلسطين يحتلونها ويغتصبونها. والقرآن عندما ذكر بني إسرائيل وذكر بعض مزاياهم ،فهو ليس تكريما لهم خصوصا بعد أو وصفهم بقتلة الأنبياء وإنما ذكرهم لكي يُحذّر المؤمنين من افعالهم وشرهم ومكرهم وغدرهم فبعد أن عدد الله تعالى النعم التي أغدقها عليهم وكفرهم بها بيّن حقيقتهم وأنهم شر الناس قتلة مجرمين : (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون).(1) وكذلك قال تعالى عنهم : (أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون).(2)
???? في آيات كثيرة توراتية او قرآنية وحتى في الإنجيل اخبرنا تعالى بأن هذه الأمة وكل من تفرع منها شرٌ مطلق لا خير فيهم وهم مصدر قلق للبشرية منذ أن وجدوا، فأول ذكر لهم في توراتهم أنها وصفتهم : (بني إسرائيل أمة عديمة الرأي لا بصيرة فيهم).(3) هذه الأمة برعت وتفننت في قتْل الأنبياء والرسل ومحاربة الفضيلة وإشاعة الرذيلة ، وقد شهد القرآن بأنهم اشد المخلوقات عداءا للذين آمنوا فأشار إلى أخطر طائفة منهم وقال : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود .. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ، ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم ، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيضكم).(4) ثم يُحذرنا الله منهم فيقول : (قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون).فهل الذين مدوا أيديهم إلى هؤلاء عقلوا ما قاله الله تعالى لهم في آيات واضحات لا زالت تتلى ، أم أن التطبيع جرفهم بتياره ؟
???? وماذا بعد؟
???? وأما توراتهم فقد وصفتهم بأقبح الأوصاف، فقال الله عنهم : (أحجب وجهي عنهم، إنهم جيل متقلب، أولاد لا أمانة فيهم.أبددهم إلى الزوايا، وأبطل من الناس ذكرهم.إنهم أمة عديمة الرأي ولا بصيرة فيهم.إن يوم هلاكهم قريب والمهيآت لهم مسرعة).(5) وعيسى عليهم السلام في الإنجيل وصفهم بأنهم (جيلٌ شريرٌ وفاسق اولاد حيات وعقارب).(6) وهكذا قرضهم الله ومحى ذكرهم وأباد وجودهم فلا تجد اليوم اي شخص من بني إسرائيل إنما الموجود هم اليهود ابناء (يهوذا).وهو احد ابناء يعقوب الذي تصفه التوراة بأنه زنى بزوجة أبنه ثامار وأنجب منها توأم هما زارح و فارص.(7) هؤلاء أولاد ثامار الزانية تعهد الله تعالى أن يبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب فقال عنهم : (ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).(8)
???? فإلى المخدوعين المغفلين اقول : أن ذكر بني إسرائيل في القرآن لا يعني دولة إسرائيل بل الأمة المنقرضة التي كانت تقتل الأنبياء وهل تفخرون وتتفاخرون بهكذا امة فتضعون أنفسكم معهم في عذاب الله ولعنات الشعوب إلى يوم القيامة فيحشركم الله معهم افواجا. (يوم نحشر من كل أمة فوجاً) هل ترغبون في أن تشاركوا اليهود في كل دمٍ سفكوه حيث وصفهم السيد المسيح بذلك قائلا لهم : (أيها الحيات أولاد الأفاعي، أبناء قتلة الأنبياء. كيف تهربون من دينونة جهنم؟ ارسل لكم أنبياء وحكماء فمنهم تقتلون وتصلبون، ومنهم تجلدون وتطردون من مدينة إلى مدينة،يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض، من دم هابيل إلصديق إلى دم زكريا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح).(9) طبّعوا واخنعوا فإن المرء يُحشر مع من أحب وستحملون معهم كل دم كل زكي سفكوه.(ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ، ومن أوزار الذين يُضلّونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون).(10)
???? هذه الأمة قسّمها القرآن أربعة اقسام وأطلق عليهم عدة تسميات تبعا لأعمالهم التي يقومون بها . فهم يُشكلون اربع فرق، ولكل فرقة منهم حكمهم الخاص وسلوكهم وعملهم الذي تميزوا به عن غيرهم ، ولكي لا تختلط أفعالهم فصل الله بينهم، ولذلك تعددت تسمياتهم. ونظرا للتشويش الحاصل في الكتاب المقدس توجهنا للقرآن لنتحاكم إليه مع الاستشهاد ببعض نصوص الكتاب المقدس.
???? القرآن يقول أن هناك فرق انبثقت من أمة إسرائيل وكل فرقة اطلق الله عليها لقبا ، وترتيبهم في القرآن هكذا : (بني اسرائيل ، والذين هادوا ، وأصحاب السبت ، واليهود).(11) فكل تعبير له مدلوله الخاص.فبني إسرائيل هم الأساس الذي تفرعت منه الفرق الأخرى بعد غربلتهم في عدة امتحانات الهية كما حصل ذلك في كل الأديان فكان هناك فريق من المنافقين ، وآخر من الفاسقين ، والمؤمنين. كذلك حصل في بني إسرائيل غربلة أدت إلى ظهور فرق منحرفة.
???? فحين يُلعن بنو إسرائيل في القرآن، فهم يُلعنون على ألسنة الأنبياء القدماء لا على لسان القرآن: (لُعِن الذِين كفرُوا مِن بنِي إِسرائِيل على لِسانِ داوُود وعِيسى ابنِ مريم ذلِك بِما عصوا وكانُوا يعتدُون).
أما اليهود فيُلعنونَ بلسانِ القرآن: (غُلت أيدِيهِم ولُعِنُوا بِما قالُوا). ولا يوجد في آيات بني إسرائيل جمل مثل: قاتلهم الله، أو غلت أيديهم، أو لعنهم الله، إنما هذه اختص بها اليهود.
???? فبنو اسرائيل أولا: هم الذين انحدروا من يعقوب عليه السلام. وهؤلاء بعث الله فيهم أنبياء كبار مثل يوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وأيوب وزكريا ويحيى والمسيح عليهم السلام جميعا، وهؤلاء فضلهم الله على العالمين في زمنهم فقط بأن بعث فيهم هؤلاء الأنبياء المذكورين (يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين).(12) وهم الذين اجتازوا البحر مع موسى، ولكن (بعضهم). لم يشكر النعمة فكفروا فلعنهم الله (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل). (13) وهم الذين عبدوا العجل : (واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم).(14)
???? أما الذين هادوا ثانيا : هذه الفئة أو الطائفة التي كفرت (من) بني اسرائيل وعبدت العجل والتي لعنها الله تابوا ورجعوا عما فيه من عناد ورجعوا إلى صفوف بني إسرائيل وقالوا : (إنا هدنا إليك).(15) فميزهم الله وأطلق عليهم الله تعالى (الذين هادوا).(16) اي الذين رجعوا اليه.
???? وأما اصحاب السبت ثالثا: فبما ان السبت كان مقدسا عند الله ، فإن هؤلاء حاولوا ان يُخادعوا الله ويتحايلوا على قدسية السبت ولكن الله كشفهم ولعنهم ومسخهم قردة وخنازير فقال عنهم : (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين).(17) وهؤلاء هم اهل قرية صغيرة وليس كل بني اسرائيل فعلوا ذلك، فأطلق الله عليهم اصحاب السبت تميزا عن الاخرين. وكان السبت مقدسا عند بني إسرائيل وبلغ من قدسيته أن الله أمر بقتل كل من يُدنس السبت أو يُمارس أي عمل فقال لهم : (وتحفظون السبت لأنه مقدس لكم. من دنّسهُ يُقتل قتلا، إن كل من صنع فيه عملا يُقتل فيحفظ بنو إسرائيل السبت في أجيالهم عهدا أبديا).(18) ولكنهم لم يلتزموا فكانت هناك فئة من بني إسرائيل أطلق الله عليهم فيما بعد (اصحاب السبت). كانوا يصيدون السمك ويبيعوه يوم السبت كما تقول توراتهم أيضا : (كانوا يأتون بِسَمكٍ ويبيعون في السبت).(19) وهو نفس القول الذي ذهب إليه القرآن بقوله عنهم : (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون).(20)
???? اما المجموعة الرابعة: اليهود وهم الباقون اليوم ويُشكلون مصدر قلق للبشرية بأفعالهم. فهؤلاء هم الذين قالوا (عزير ابن الله). كما قال القرآن : (وقالت اليهود عزير ابن الله).(21) وهم الذين قالوا أيضا : (وقالت اليهود يد الله مغلولة).(22) هؤلاء اليهود هم المتبقين إلى يومنا هذا، ينتشرون في العالم وأكثرهم في فلسطين وكما أخبرنا القرآن فإنهم سوف يتجمعون في هذه الأرض فتكون نهايتهم فيها.
???? المصادر:
1- سورة المائدة آية : 70.التوراة تقول : (وقال الله لا يُدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل يكون اسمك إسرائيل). سفر التكوين 35 : 10.
2- سورة البقرة آية 87.
3- سفر التثنية 32 : 28.
4- سورة المائدة آية : 82. و، آل عمران : 118.
5- سفر التثنية 32: 28. وصفهم الله تعالى في التوراة اضلّ من الثيران والحمير. فأمعن فيهم شتما لأنهم ارتدوا عن الدين كما يقول : (اسمعي أيتها السماوات والأرض، الرب يتكلم : ربيت بنين ونشأتهم، فعصوا علي. الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبهن أما إسرائيل فلا يعرف. ويل للأمة الخاطئة، الشعب الثقيل الإثم، نسل فاعلي الشر، أولاد مفسدين! تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى وراء). سفر إشعياء 1 : 2 ـ 4.
6- إنجيل متى 12: 39.
7- سفر التكوين 38 : 24 (أخبر يهوذا وقيل له : قد زنت ثامار كنتك، وها هي حبلى أيضا من الزنا).
8- سورة الأعراف آية : 167.
9- إنجيل متى 23: 33ـ 35.
10- سورة النحل آية : 25.يقول الحديث الشريف : من أحب عمل قوم حُشر معهم. أو، أشرك فيه معهم.
11- وهناك فرقة أخرى اطلق الله عليهم العبرانيون ـ لم يرد لهم ذكر في القرآن ـ وحسب التوراة فإن هذه التسمية إما لجدهم عابر ، او لأنهم عبروا نهر لأردن.حيث تذكر التوراة أن مجموعة من بني إسرائيل لما رأت بأس الفلسطينيين وأنهم لا طاقة لهم بهم، هربوا وعبروا نهر الأردن. فأطلق الله عليهم لقب العبرانيين تميزا عن الآخرين الذين بقوا غرب النهر ولكنهم اختبئوا في المغاور والكهوف، كما تقول التوراة : (فتجمع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل ، ثلاثون الف مركبة وستة آلاف فارس ، ولما رأى رجال إسرائيل أنهم في ضنك، اختبأ الشعب في المغاير والغياض والصخور والآبار وبعض العبرانيين عبروا الأردن). سفر صموئيل الأول 13 : 7.
12- سورة البقرة آية : 47. وهؤلاء انقرضوا ولم يبق منهم أحد، ولكن كان منهم القليل في زمن محمد صلوات الله عليه وآله وهم المعنيون بقوله تعالى : (سل بني إسرائيل).() سورة البقرة آية : 211.
13- سورة المائدة آية : 78.
14- سورة البقرة آية: 93.والتوراة تؤكد ذلك : (وأما خطيتكم، العجل الذي صنعتموه، فأحرقته بالنار، ثم طرحت غباره في النهر). سفر التثنية 9 ك 21.
15- سورة الأعراف آية : 156.
16- سورة البقرة آية : 62.
17- سورة البقرة آية : 65.
18- سفر الخروج 31 :14.
19- سفر نحميا 13 : 16.
20- سورة الأعراف آية : 163. وأصحاب السبت انقرضوا ايضا حسب الروايات.
21- سورة التوبة آية : 30.
22- سورة المائدة آية : 64. أن القرآن يُفرّق بشكل عام وبكل وضوح بين اليهود وبني إسرائيل. فهو لا يعتبرهما كيانا واحداً، بل كيانين مختلفين، فعندما يتكلم القرآن عن اليهود فإنه يتكلم عن حروب ومؤامرات وخيانات فأياتهم آيات اشتباك، ولكنه عندما يذكر بني إسرائيل تكون في مناقشات وحوارات مثل قوله تعالى في سورة الأعراف آية 137 : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل).
أخترنا لك
توضيح على بحث السيدة إيزابيل آشوري حول ولادة السيد المسيح في كربلاء. مصطفى الهادي

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة