فلسطين أم إسرائيل. تعالوا نسأل التوراة.
2021/01/10
فلسطين أم إسرائيل. تعالوا نسأل التوراة.
مصطفى الهادي.
## مع بدء التطبيع العلني بدأت تظهر اقوال غريبة عجيبة
تدل على أن قائليها إما لا اطلاع لهم أو أغبياء أو في أحسن الأحوال
مأجورين، ففي الآونة الأخيرة أخذ البعض يُشيع أن اليهود او ما يُعرف
ببني إسرائيل هم اصحاب الأرض وان الفلسطينيين هم الغاصبين لهذه الأرض
وان من حق اليهود ان يرجعوا إلى ارضهم.وفي هذا الموضوع سنتحاكم إلى
توراة اليهود ونرى ماذا تقول عن ذلك.(1)
## أولا أقول لهؤلاء أن اسم فلسطين والفلسطينيين
ورد في الكتاب المقدس وخصوصا التوراة (254) مرّة ، إذن فهي ليست دولة
طارئة بل ثبت وجودها بهذا الاسم وهذا الشعب قبل ظهور بني إسرائيل.
يقول قاموس الكتاب المقدس : (فلسطين هي أرض الفلسطينيين.مدنها الخمسة
هي غزة وأشقلون وأشدود وعقرون وجت وكانت جميعها محاطة بأسوار حصينة
وكانت حدودها الجنوبية تضم (10150 كيلو متر). (2) والذي يُثير العجب
هو أن المسيحية ولسبب نجهله قامت بتغيير اسم فلسطين إلى أورشليم حيث
وردت في الإنجيل بهذا الاسم (141) مرة في حين لم يرد اسم فلسطين ولا
مرة واحدة.(3) فهل كان السيد المسيح منحازا لكونه من بني إسرائيل ، ام
هناك يد تلاعبت بذلك؟
## الأمر الثاني وكما هو شائع في التوراة وكتب
التاريخ اليهودي والمدونات التاريخية ان نبي الله ابراهيم (ع) وصل أرض
فلسطين قبل بزوغ ذكر بني إسرائيل ولذلك عندما هاجر من العراق إلى
فلسطين وجد فيها شعبا كبيرا اسمهم الفلسطينيين كما نقرأ : (وتغرّب
إبراهيمُ في أرض الفلسطينيين أياما كثيرة).(4) فلم تقل التوراة بأن
إبراهيم تغرب في أرض إسرائيل وكذلك لم تقل أن إبراهيم كان يهوديا بل
بشهادة القرآن فإن إبراهيم لم يكن كذلك (ما كان إبراهيم يهوديا ولا
نصرانيا).(5)
## يضاف إلى ذلك أن بين إبراهيم وسام ابن نوح ثمان آباء
(6) فلم يكن بنو إسرائيل موجودين في ذلك الزمان ، ولربما كانوا
موجودين ولكنهم امة تعيش في منطقة مجهولة متوحشين استطاع الفراعنة أن
يسيطروا عليهم ويستخدموهم عبيد بناء، ثم بعث الله فيهم موسى ليُنقذهم
مما هم فيه .
## ولم يكن الفلسطينيون أمة طارئة أو شعب هزيل ضعيف مشتت
بل كانوا دولة مترامية الأطراف لها ملوك وأسوار وشعب ذي بأس شديد
ولذلك عندما أمر الله بني إسرائيل على لسان نبيه موسى أن يدخلوها
خافوا وجبنوا : (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها
حتى يخرجوا منها).(7) وهذا ما أكدته التوراة نفسها في أن بني إسرائيل
رفضوا دخول أرض فلسطين خوفا من قومها ومدنها المحصنة كما تقول : (أن
الشعب الساكن في الأرض معتزّ، والمدن حصينة عظيمة جدا. لا نقدر أن
نصعد لأنهم أشد منا وقد رأينا هناك الجبابرة).(8)
## وحسب وصف التوراة فقد كان الفلسطينيون امة كبيرة جدا
بعدد رمل البحر ولهم جيوش وأسلحة مخيفة فخاف منهم بني إسرائيل وهربوا
واختفوا في المغاور والآبار كما نقرأ : (وتجمع الفلسطينيون لمحاربة
إسرائيل، ثلاثون الف مركبة، وستة آلاف فارس، وشعبُ كالرمل الذي على
شاطئ البحر في الكثرة. ولما رأى رجالُ إسرائيل أنهم في ضنك، اختبأ
الشعبُ في المغاير والغياض والصخور والصروح والآبار).(9)
## وتخبرنا التوراة نفسها بأن الفلسطينيين استعبدوا بني إسرائيل
أربعين سنة كما نقرأ : (ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر، فدفعهُم
الربُ ليد الفلسطينيين أربعين سنة).(10) التوراة في هذا النص تخبرنا
بأن الله هو من نصر الفلسطينيين كما نفهم من قولها : (فدفعهم الرب ليد
الفلسطينيين).
## وكما هو معروف من غدر اليهود ومكرهم فإنهم
عندما هربوا من مصر ورأوا أرض فلسطين وما فيها من غنى بحيث وصفوها بـ
(الأرض التي تفيض لبنا وعسلا). فهي افضل من صحراء سيناء القاحلة ،
فطمعوا فيها وقرروا الاستيلاء عليها بشتى الوسائل فأخذوا يخططون بصمت
إلى أن قرروا الاستيلاء على ارض فلسطين، فغدروا بالفلسطينيين وشنوا
الحرب المباغتة عليهم. ولكن الفلسطينيين كما تخبرنا التوراة الحقوا
هزيمة ساحقة بهم فكانت قتلى بني إسرائيل لا تُعد ولا تحصى كما نقرأ :
(واصطف الفلسطينيون للقاء إسرائيل، واشتبكت الحرب فانكسر إسرائيل أمام
الفلسطينيين وقتلوا منهم أربعة آلاف رجل في الحقل فانكسر إسرائيل
وهربوا. وكانت الضربة عظيمة جدا، وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف
رجل).(11)
##هذه الهزيمة المنكرة الهائلة التي اصابت بني إسرائيل على يد
الفلسطينيين لم يتحملها زعيمهم وكاهنهم الأكبر (الكاهن عالي) الذي فقد
حتى ولديه في هذه الحرب ، فعندما ورده خبر تلك الهزيمة المُذلّة انقلب
عن كرسيه ومات : (قال عالي ما هذا الضجيج ، فقالوا له : هرب إسرائيل
أمام الفلسطينيين وكانت كسرة عظيمة في الشعب، ومات أيضا ابناك حفني
وفينحاس، وأخذ تابوت الله فسقط عن الكرسي إلى الوراء فانكسرت رقبته
ومات).(12)
## ولم يكن جبن وخوف بني إسرائيل أمام الفلسطينيين في
الاشتباكات الكبيرة فقط أو على مستوى الجيوش ، بل كانوا جبناء على في
النزالات الفردية (المبارزة). ففي أحد معاركهم مع الفلسطينيين برز
فارس فلسطيني اسمهُ (جليات). وطلب المبارزة فلم يخرج له أحد وبقي هذا
الفارس أكثر من اربعين يوما يخرج ويطلب المبارزة ولم يخرج له أحد بل
كانوا يرتعدون خوفا منه كما نقرأ ما تقوله توراتهم : (فخرج رجل مبارز
من جيوش الفلسطينيين اسمه جليات فوقف ونادى صفوف إسرائيل وقال لهم :
أنا الفلسطيني ، اختاروا لأنفسكم رجلا ولينزل إلي ولما سمع جميع
إسرائيل كلام الفلسطيني هذا ارتاعوا وخافوا جدا وجميع إسرائيل لما
رأوا الرجل هربوا منه. وكان الفلسطيني يتقدم ويقف صباحا ومساء أربعين
يوما).(13)
## وكما تخبرنا التوراة فإن الفلسطينيين كانوا يتحالفون مع
العرب والعرب ينصرون فلسطين منذ ذلك التاريخ كما نقرأ : (وأهاج الرب
على يهورام روح الفلسطينيين والعرب فصعدوا إلى يهوذا وافتتحوها، وسبوا
كل الأموال الموجودة في بيت الملك مع بنيه ونسائه ايضا).(14)
## هذا قليل من الكثير الموجود في التوراة الذي لم نورده عن
وجود الشعب الفلسطيني في أرضه (فلسطين). والذي اثبتنا ومن خلال
التوراة اليهودية نفسها بأن الشعب الفلسطيني سكن هذه الأرض قبل بني
إسرائيل بألوف السنين. فبينما كان بنو إسرائيل يعملون عبيد لدى فرعون
امة مجهولة طارئة لا يعرف أحد من أين جاءت ، كان الفلسطينيون يتمتعون
بأرض تفيض لبنا وعسلا ومدن لها اسوار وجيوش وشعوب بعدد رمل البحر كما
تصفهم التوراة. والقرآن يشهد على وجود شعب فلسطين عندما يقول على لسان
بني اسرائيل (ان فيها قوما). أي ناس يسكنوها فهي ليست أرض خالية.
## واليوم لو فتحت الكتاب المقدس لرأيت في مقدمته خارطة مكتوب
عليها (خارطة فلسطين). فهم مهما حاولوا التزوير لا يستطيعون انكار
ذلك.(15)
## ## المصادر:
1- قد لا يخفى على القارئ الكريم براعة اليهود في تزوير الحقائق
وقلب التاريخ ودس الآثار فتوراتهم تُبيح لهم الكذب على الآخرين. فإذا
كان عندهم استعداد لتحريف كلام الله كما تشهد التوراة عليهم فتقول :
(اليوم كله يحرفون كلامي. عليّ كل أفكارهم بالشر). سفر المزامير 56 :
5.فهل يعجزون عن تحريف الوقائع الأخرى من أجل المكاسب الدنيوية؟
2- قاموس الكتاب المقدس دائرة المعارف الكتابية المسيحية شرح
كلمة فلسطين. وهذا ما تذكره التوراة (أقطاب الفلسطينيين الخمسة :
الغزي والأشدودي والأشقلوني والجتي والعقروني والعويين). () سفر يشوع
13 : 3.
3- اختفاء اسم فلسطين والفلسطينيين من الإنجيل يدل على أن يد
اليهود هي من فعل ذلك وهذا يدل على أن الإنجيل قام بكتابته اليهود حسب
مزاجهم وحسب أحلامهم.
4- سفر التكوين 21 : 34.
5- سورة آل عمران آية : 67. ولربما يُقال بأن إبراهيم كان
عبرانيا ، والعبرانيين هم بني اسرائيل. وهذا محال بعد اجماع المراجع
العالمية على أن العبرانيين شعبٌ في أحسن الاحوال كانوا من البدو
الرحل وأن هذا الاسم لا يشير إلى اثنية معينة.() أنظر : قاموس إيردمان
للكتاب المقدس . ديفيد نويلف مايرز، ألين سي . مطبعة جامعة أمستردام
2000. وحتى لو تنازلنا لهؤلاء جدلا من أن إبراهيم كان عبرانيا فهو
عراقي هاجر إلى فلسطين ووجد هناك شعبا ولم يجدها ارضا جرداء خالية.
ولكن يُعارض ذلك أيضا هو اقوال جمهرة من العلماء الذين نفوا أن يكون
العبرانيون هم بني إسرائيل حيث يقولون : أن استخدام كلمة العبرانيين
للإشارة إلى بني إسرائيل أمر نادر ولم يتم استخدامها إلا في حالات
استثنائية وغير مستقرة.() انظر دليل لقراءة العهد القديم كارفالو،
كورين ل. 2010. وكذلك : الجنس والقانون في الكتاب المقدس العبري تكفا
فريمر كينسكي ص : 152. 2004. الطبعة الأولى مترجم.
6- سفر التكوين 11 : 26. وعندما نسب اليهود مجموعة من الأنبياء
إليهم نفى القرآن ذلك قائلا : (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق
ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلمُ أم الله).البقرة
آية : 140.قال المفسرون : هؤلاء الأنبياء لم يكونوا يهودَ ولا نصارَى،
وكانت اليهودية والنصرانية بعد هؤلاء بزمان.
7- سورة المائدة آية : 22.
8- سفر العدد 13 : 28 ـ 32.
9- سفر صموئيل الأول 13 : 5.
10- سفر القضاة 13 : 1.
11- سفر صموئيل الأول 4 : 2.
12- سفر صموئيل الأول 4 : 10 ــ 18. يقول سفر صموئيل الأول ، ان
عالي هو الكاهن الأعظم لبني إسرائيل ورئيس كنهة شلوه.
13- سفر صموئيل الأول 17 : 4.
14- سفر أخبار الأيام الثاني 21 : 15.
15- بدأت عمليات حذف خارطة فلسطين من الكتاب المقدس في أوربا
تمهيدا لتغيير نصوص التوراة ومحو اسم فلسطين وإبدالها بأورشليم كما
فعلوا في الإنجيل.