زار تشارلز ديكنز أمريكا مرتين في عامي (1842، و 1867).(1) واستُقبل هناك استقبال العظماء ، وتم اكرامه غاية الإكرام نظرا لاشتهار رواياته في أمريكا ومنها رواية اوليفر تويست ، ورواية أوراق بيكويك ودايفد كوبر فيلد، ثم قاموا بنصب تمثال له في ولاية فيلادلفيا في حديقة كلارك وهو التمثال الأكبر في العالم.ونظرا لاشتهار ديكنز بأنه اشهر روائي في العالم في ذلك الوقت ، فإن ما يقوله هذا الأديب كان بمثابة الكتاب المقدس بالنسبة لملايين العشاق المولهين برواياته. بسبب شعبية روايات ديكنز وقصصه القصيرة فإن طباعتها لم تتوقف أبداً.

عن أسباب زيارته لأمريكا تحدث ديكنز قائلا : قررت قضاء أسبوع كامل في واشنطن لمعرفة هل ترقى السياسية الأمريكية إلى مستوى عال. وفعلا زار الكونغرس وقابل عددا من السياسيين الأمريكيين واستقبله الرئيس جون تايلر في البيت الأبيض.ثم انطلق بين الجماهير .

وعند عودته إلى بريطانيا قام بتأليف كتاب عن طبيعة المجتمع الأمريكي اطلق على الكتاب اسم (مذكرات أمريكية لعامة الناس). بيعت منه ملايين النسخ في أمريكا ، ولكن الأمريكيين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة عندما قرؤوا رأي ديكنز في أخلاق وسياسة وديمقراطية أمريكا، وكعادة الأمريكيين في الانقلاب السريع اتهموا ديكنز بالخيانة.ووقفوا بكامل طاقتهم وراء منع نشر الكتاب وتوزيعه، ولذلك بقى هذا الكتاب مجهولا.

فماذا قال ديكنز عن أمريكا؟

في كتابه المذكور وكذلك في الصحف البريطانية كتب ديكنز قائلا : أشعر بخيبة أمل هذه ليست الديمقراطية التي كنت أتوقعها. أن السياسيين الأمريكان مثل شعبهم مدفوعين بالمال وليس بالمثل العليا. هذه ليست جمهورية مخيلتي ، أنهم يشنون الهجمات الجبانة على المعارضين، ويتخذون من الصحف والديمقراطية دروعا يتخفون ورائها ويستأجرون الأقلام الرخيصة لطعن الذين يختلفون معهم في الرأي. اختصرت صحيفة نيويورك كوريار انكوايارار اقوال ديكنز بحق الشعب والحضارة والسياسة الامريكية قائلة : يا للهول. وصفنا تشارلز ديكنز بأننا جميعا عرق قذر وشرير.

أليس ما نراه اليوم من السياسة الأمريكية مصداق ما قاله الأديب تشارلز ديكنز من أن امريكا عرق قذر وشرير، مدفوع بالمال وليس بالمثل العليا.

(حتي اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالامس)

المصادر :

1- تشارلز جون هوفام ديكنز. (1812 – 1870). روائي، وناقد اجتماعي، وكاتب إنجليزي. يُعدّ بإجماع النُّقّاد أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفيكتوري.وعضو الجمعية الملكية للفنون.