
مصطفى الهادي.




ا

وقائع كثيرة حدثت في التاريخ ولكنها تلاشت واضمحلت فلم تجد لها ذكرا إلا في بطون الكتب.
الواقعة التاريخية الوحيدة الباقية التي سايرت الزمان ، وتناقلها الركبان وخلدها الدهر هي واقعة كربلاء ، والسبب في ذلك هو ظروف المعركة ، وأشخاص المعركة ، والطريقة التي عولجت فيها ثورة الإمام الحسين (ع) من قبل السلطة الحاكمة آنذاك.

الأنبياء تحدثوا عنها ، الصالحون تناقلوها ، الكتب السماوية ذكرتها ، بإشارات قد تكون غامضة على أهل ذلك الزمان لأنها لم تعاصر الحدث فلا تعرف مفرداته ، ولكنها ليست غامضة علينا لأننا من عصر كربلاء ،لأنها تسير مع الزمن وهي أهم سلاح من أسلحة العصر يتجهز به الثوار في كل عصر ومصر.



ذكر ابن سعد في طبقاته عن رأس الجالوت عن أبيه قال : (ما مررت بكربلاء ، إلا وأنا اركض دابتي حتى أخلف المكان ، قال : قلت : لم ؟ قال : كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان وكنت أخاف أن أكون أنا ، فلما قُتل الحسين قلنا : هذا الذي كنا نتحدث ، وكنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير ولا أركض).(6)



والنص الكامل الذي يصف تلك المعركة وصفا دقيقا في نبوءة إرمياء النبي حيث جاءت هذه النبوءة ضمن سيل من النبوءات يقول: (عِدّوا المِجن والترس وتقدموا للحرب أسرجوا الخيل وأصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح . البسوا الدروع لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلى الوراء وقد تحطمت أبطالهم وفرّوا هاربين ولم يلتفتوا . الخوف حواليهم يقول الرب الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو . في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا.فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة … لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات).(9)



الأول : كرها منهم لأبيه الذي وترهم وقتل صناديدهم وهدم حصونهم في خيبر وسفه أحلامهم.
والثاني : أنهم يعرفون الحسين كأحد رموز يوم المباهلة العظيم الذي دحر الله فيه اليهود ببركة تلك الوجوه المباركة والتي كان وجه الحسين منها.
الثالث : أن الحسين الامتداد الطبيعي للرسول (ص) وذلك لقوله: (حسين مني وأنا من حسين).(13) وبهذا فهو يشكل الرسالة بكامل ثقلها مقابل أهدافهم الخبيثة.
الرابع : ان الحسين حجر عثرة في طريق مشاريعهم الشيطانية التي كانوا يُبرمونها مع المنافقين لحرف الإسلام عن مساره الصحيح.




الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) أبوه أول الناس إسلاما ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) سيدة نساء العالمين. وجدتهُ خديجة بنت خويلد زوج النبي (ص) وعمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وعمه الآخر جعفر الطيار ، يضاف إلى ذلك أن الحسين خامس أصحاب الكساء ، وسيد شباب أهل الجنة ، وأحد الأئمة الذين بشر بهم نبي الإسلام الذي قال في حقه وحق أخيه : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، وأنه مصباح الهدى ، وسفينة النجاة ، وقد نزل في الحسين من القرآن آيات كثيرة ، أوردها أصحاب السنن في مدوناتهم ، لابل أن هناك سورة في القرآن يطلقون عليها (سورة الحسين).
شخص بهذه الأهمية لا تغفل السماء ذكره ولابد ان يكون خبره فيه عبرة للأمم الماضية وأسوة لما بعد الواقعة.

1- تحف العقول عن آل الرسول. الحراني. مؤسسة الأعلمي-بيروت. ص: ٣٧٤.
2- الاختصاص للشيخ المفيد ج1 ، ص : 2.
3- بحثي تحت عنوان (الوقعة الخالدة : كربلاء رؤية جديدة/ بقلم : الشيخ مصطفى الهادي. تاريخ النشر: 31/1/2007 . جميع الحقوق محفوظة لدنيا الوطن © 2003 - 2017). انظر موقع دنيا الوطن على هذا الرابط : https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2007/01/31/73054.html في حين أن السيدة إيزابيل نشرت موضوعها في موقع كتابات في الميزان بتاريخ ( 16/3/2013) أي بعد ستة سنوات تقريبا من نشري للموضوع.
4- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٢٢١.
5- موسوعة الإمام الصادق (ع) السيد محمد كاظم القزويني . ج10 ص 294 الطبعة الأولى 1419 . نقلا عن كتاب اللهوف في قتلى الطفوف ص 60.
6- تاريخ الطبري - الطبري - ج ٤ - الصفحة ٢٩٦.
7- روى هذا الحديث : ابن كثير وطبقات ابن سعد ، وتاريخ بن عساكر ، وتاريخ الإسلام للذهبي وغيرهم من المؤرخين .
8 ــ 9 : التوراة ، سفر إرمياء الاصحاح 46 الفقرة 6 ـ 11.
10- إمام الحنابلة أحمد في المسند 2: 60، 61 ط 2. و : ابن أبي شيبة في المصنف ج 12.
11- بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ٩٣.
12- البحار ج 45 ص 113.
13- رواه الترمذي (3775) وابن ماجه (144) وأحمد (17111) عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ ) والحديث حسنه الترمذي والألباني .
14- البداية والنهاية -ابن كثير- ج 8 ص 164.
15- تاريخ ابن عساكر ، وكنز العمال ج13 ص 112 وغيره من المصادر.