شيعته حاولوا نبشه قبل أعداءه .
ملحق لبحث ظاهرة خفاء القبور . اخفاء قبر علي بن ابي طالب نموذجا
.
مصطفى الهادي
ليس الخوف على قبر أمير المؤمنين من أعدائه وحدهم بل حتى من شيعته ومن
يزعم انه يواليه ويحبه. فكثير من بسطاء الناس تسببوا ببساطتهم في جلب
الاذى لمن يحبون .
ففي كتاب فرحة الغري ص 37 يقول : ((لمّا ذهب الامام الحسن لدفن والده
سرا وبعد الفراغ من الدفن لحقهم قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه
يقول الحسن فأخبرناهم بما جرى وبإكرام الله تعالى لأمير المؤمنين عليه
السلام. فقالوا : نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم فنحن شيعته
أيضا.
فقلنا لهم : إن الموضع قد عفي أثره ــ أخفيناه ــ بوصية منه.
فمضوا وعادوا إلينا فقالوا إنهم إحتفروا فلم يروا شيئا)).
أنظر أخي إلى هؤلاء رعاك الله هؤلاء (المتشيعة) يقول لهم الإمام الحسن
وأخيه الحسين إنه أخفى قبر أمير المؤمنين بأمر منه . وهم يريدون البحث
عنه واخراجه للصلاة عليه بدافع الحب . فقاموا بالبحث في التراب عن
قبره، وبعثرة التراب من حوله وهم يزعمون إنهم أولياءه فكيف حال أعداءه
؟
أخذ أهل البيت (ع) يتعاهدون على إخفاء قبره عن العامة عملا بما أوصى
به جدهم أمير المؤمنين عليه السلام .
وقد ارخ الشاعر ذلك فقال :
وقد تقدم في هذا أبو حسن
إلى حسين وأوصى قبله الحسنا
ففي كتاب فرحة الغري ص 32 عن أبي جعفر(ع) قال : إن أمير المؤمنين (ع)
أمر إبنه الحسن أن يحفر له أربعة قبور في أربعة مواقع ، في المسجد وفي
الغري وفي دار جعدة بي هبيرة المخزومي وفي الرحبة ، وإنما أراد بهذا
أن لا يعلم أحد من أعداءه موضع قبره.
ولكن كان المخلصين من شيعة علي يعرفون مكان القبر ويزورونه مع الائمة
عليهم السلام عن صفوان الجمال قال : خرجت مع الصادق من المدينة أريد
الكوفة فلما جزنا باب الحيرة قال : يا صفوان ، قلت : لبيك يا بن رسول
الله .
قال : اخرج المطايا إلى القائم وجد الطريق إلى الغري .
قال صفوان : فلما صرنا إلى الغري حتى وقف على موضع القبر الآن ثم ضرب
بيده المباركة إلى التربة فقبض منها قبضة ثم شهق شهقة حتى ظننت إنه
فارق الدنيا فلما أفاق قال : ها هنا والله مشهد أمير المؤمنين عليه
السلام ، ثم خط تخطيطا ،فقلت يا بن رسول الله ما منع الأبرار من أهل
بيته من إظهار مشهده ؟
قال عليه السلام : حذرا من بني مروان والخوارج أن تحتال في أذاه.
وبعد اشتهار إظهاره من خلال زيارة الإمام الصادق (ع) مع صفوان الجمال
وبيانه (ع) ما للزيارة من الفضل ، إضطرب العباسيون لذلك فأراد أبو
جعفر المنصور الدوانيقي الخليفة في حينه أن يتبين الحال بحفر القبر
.
سأل أحمد بن عيسى بن يحيى الحسن بن يحيى في حديث قبر علي عليه السلام
عن حديث صفوان الجمال : فقال : نعم أخبرني مولى لنا من موالي لبني
العباس قال : قال لي أبو جعفر المنصور :
ـ خذ معك معولا وزنبيلا وامض معي .
قال : فأخذت ما قال وذهبت معه ليلا حتى أتى الغري فإذا قبر فقال :
أحفر
فحفرت حتى بلغت اللحد فقلت :
هذا قبر قد ظهر .
فقال : طم ذلك ، هذا قبر أمير المؤمنين عليه السلام إنما أردت أن
أعلم.
كتاب فرحة الغري ص 118
أما اظهار القبر الشريف للعامة من المسلمين فكان ذلك في أيام داود
العباسي المتوفي سنة 133هـ حيث أصلحه وعمل عليه صندوقا وقبة وأسكن بعض
العلويين في النجف حوله حتى القرن الرابع الهجري وإذ بالنجف تمتلأ
بالناس وفيها فقط من السادة العلوية ألف وثلاثمائة عدا غيرهم من
الموالين.
