هل كان الإمام علي صوفيا ، زوهاريا.
مصطفى
الهادي.
لا يوجد غرابة في عقد
مؤتمرات مشبوهة في العراق من شماله إلى جنوبه يُروّج فيها
للتصوف تحت عناوين خادعة مثل العرفان. إن عجز الحكومة عن
منع اجتماعات ومؤتمرات التطبيع مع الكيان في أربيل
والمنطقة الغربية او التستر على زيارة بعض البرلمانيين
للكيان اللقيط يدلنا بأن عراق اليوم ليس إلى خير. والغريب
أن يقحم رجال السياسة أنفسهم في أمور العقيدة، فيخلطون
الأمور فهذا مؤشر خطير.
في مؤتمر مشبوه قبل
أيام لم يحصل مثلهُ في مكان آخر تم في العاصمة
بغداد، انعقد المؤتمر
الدولي للتصوف، الذي أقامه ديوان الوقف السني، كان فيه من
مثلّ الأزهر وافتتحه السيد رئيس وزراء العراق محمد شياع
السوداني الذي أشار في خطابه : ( إلى القيمة الفكرية
للتصوف في الدين الإسلامي الذي يعدُّ خطاً عبادياً سار
فيه الكثيرُ من الزاهدين والمتعبدين، وفي مقدمتهم الإمام
علي بن أبي طالب (عليه السلام. وأن التصوف سلوكا نابعا من
قيم الإسلام).(1)
لا أدري ما هي القيمة
الفكرية التي يعطيها التصوف للناس وهو يأمرهم بالاعتزال
عن الدنيا وترك الجهاد والعمل ولانزواء في الزوايا
والتكايا، وتعطيل كل أنواع الحياة التي أمر بها الله
تعالى. وهذا من أحب الأشياء للدول الاستعمارية. ثم كيف
ومتى اصبح التصوف في حياة الإمام علي عليه السلام خطا
عباديا؟
الصوفية في رأي الأئمة
(ع)
عن الرضا عليه السلام
أنه قال: (من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه أو قلبه
فليس منا ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول
الله صلى الله عليه وآله). (2) فهل يكون الإمام علي صوفيا
ثم يقوم الإمام الرضا بلعنهم والإنكار عليهم ويعتبر
جهادهم مثل الجهاد بين يدي رسول الله (ص)
في هذا الحديث كما ترى
غاية التصريح بوجوب الإنكار عليهم بحسب الإمكان مضافا إلى
الأدلة العامة على وجوب إنكار المنكر وفيه دلالة على
كفرهم للحكم عليهم بمشابهتهم للكفار وعلى كلا التقديرين
فالحكم بالكفر عليهم لازم.
وكفرهم يأتي من
ابتداعهم ما ليس في الدين وعدائهم الخفي لآل بيت رسول
الله (ص) وإن تظاهروا بغير ذلك ولكن يتضح ذلك من رواية
الإمام الصادق (ع) قال رجل للصادق عليه السلام: (قد ظهر
في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم؟ فقال
(ع) : إنهم أعداؤنا فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم
وسيكون أقوام يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم
ويلقبون أنفسهم بلقبهم ويأولون أقوالهم ألا فمن مال إليهم
فليس منا وإنا منه براء ومن أنكرهم ورد عليهم كان كمن
جاهد الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وآله).
(3)
أقول: وفي هذا تصريح
بما ذكرناه في مواضيع سابقة من أن الشيعة لم يكن أحد منهم
في زمن الأئمة عليهم السلام صوفيا لمنعهم لهم ذلك وعدم
رخصتهم فيه وهو صريح أيضا في بطلان طريقة من يتجدد منهم
وفي وجوب النهي عن اتباعهم ولم يزل هذا المعنى يرد عنهم
عليهم السلام مكررا على غاية المبالغة والتأكيد.
أصل التصوف.
لا يوجد أي ذكر في
الكتاب المقدس للترهب ، الرهبنة ، راهب ، او نسك ، وتصوف
وغيرها من أسماء تتعلق بهذا اللون من الزهد في الحياة
المادية والسياسية والاجتماعية. ومن هنا فإن وصف القرآن
(للرهبانية) بأنها بدعة من بدع أهل الكتاب لم يُنزل الله
بها من سلطان ولم يأمر بها تعالى، وهذا واضح من قوله
تعالى : (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء
رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم
أجرهم وكثيرٌ منهم فاسقون).(4) فقد ذكر تعالى حقيقة مزاعم
هؤلاء من أنهم إنما ابتدعوا الرهبنة لنيل رضا الله تعالى،
ولكنها أدت بهم إلى الانحراف وخالفوا بها دين الله فقادوا
بذلك اليهودية والمسيحية بعيدا عن دين الله. ومن سياق
الآية القرآنية نفهم أن الرهبنة ظهرت بعد رحيل السيد
المسيح عليه السلام وذلك لقوله تعالى : (ثم قفّينا على
آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل....
ورهبانية ابتدعوها). فحصر هذه البدعة بالمسيحية مع أنها
لم تظهر في زمن السيد المسيح إنما ظهرت بعده بسنوات
طويلة. حيث أثبتت الدراسات أنها ظهرت في القرن الثالث على
أرض الإمبراطورية الرومانية في مصر في عهد الإمبراطور
أنطونيوس بيوس (138 ــ 161 م). ولم تأت الرهبانية من فراغ
، بل لها أصول تمتد إلى اليهودية في ممارسات فردية وكذلك
الأمم الوثنية المنتشرة في الدولة الرومانية. وأول كتاب
ظهر حول ممارسات الرهبنة هو كتاب الزوهار وهي كلمة
(بالعبرية) ، تعنى الإشراق أو الضياء هو من أهم كتب
التراث الكابالى، و هو تعليق صوفى مكتوب بالآرامية على
المعنى الباطنى للعهد القديم، ويرجع تاريخه الافتراضي،
حسب بعض الروايات، لما قبل الإسلام والمسيحية.
ينسب الكتاب لواحد من
معلمي المشناه الحاخام شمعون بن يوحاى عاش في (القرن
الثاني)، و لزملائه من بعده، لكن يُقال إن موشيه دى ليون
(مكتشف الكتاب فى القرن الثالث عشر) هو مؤلفه الحقيقى أو
مؤلف أهم أجزائه، و أنه كتبه بين سنين 1280 و 1285.
كوسيلة لإضعاف روح الجهاد والقتال عند اهل الأديان من
خلال اعتزال الحياة بكل تفاصيلها.
يتضمن الزوهار 3 أقسام
هي: (الزوهار الأساسي، وكتاب الزوهار نفسه، و كتاب
الزوهار الجديد). ومعظم الزوهار يأخذ شكل تعليق أو شرح
على نصوص من الكتاب المقدَّس،خصوصا فيما يتعلق بالزهد،
كمان يضم مجموعة من الأفكار عن الإله وتجلياته وقوى الشر
والكون. ظهرت أولى طبعات الزوهار فى إيطاليا فى اثنين
وعشرين مجلد، و شاع الزوهار بين اليهود، فاحتل مكانة أعلى
من مكانة التلمود. ولو قارنت الكثير من نصوص كتب ابن عربي
لوجدت تشابها كبيرا ، ولو تمعنت أيضا في ممارسات الصوفية
هذه الأيام لرأيتهم يؤدون نفس حركات اليهود التي يقومون
بها أمام حائط المبكى، من رقص واهتزاز وتأرجح يمينا
وشمالا. ومن الشيعة فإن أشد المتأثرين بالزوهار وإن لم
يعلن ذلك هو السيد كمال الحيدري الذي اغترف من كتب ابن
عربي الشيء الكثير والتي هي عيال على الزوهار. (5)
فهل فهم السياسي ذلك
قبل ان يزعم أن التصوف يعدُّ خطاً عبادياً سار فيه
الكثيرُ من الزاهدين والمتعبدين، وفي مقدمتهم الإمام علي
بن أبي طالب عليه السلام. وقوله أن التصوف سلوكا نابعا من
قيم الإسلام.
المصادر:
1- انظر للكلمة
الافتتاحية لهذا المؤتمر ، موجود الفيديو على
الإنترنت.
2- الإثنا عشرية - الحر
العاملي - الصفحة ٣٢.
3- مستدرك الوسائل ،
الميرزا النوري ج12 ص : 323.
4- سورة الحديد آية :
27.
5- التجربة الصوفية
واحدة عند المسلمين والمسيحين و البوذيين وغيرهم السيد
كمال الحيدري.عنوان الدرس| حوار مع الملحدين (35) - هل
هناك دليل على وجود الله؟فيديو موجود على الانترنت. يقول
في نهاية الفيديو : أن التجربة الصوفية واحدة عند جميع
المتصوفة إذ تتفق التجارب الصوفية التي رواها المسيحيون
والمسلمون واليهود والهندوس والبوذيون وأيضاً المتصوفة،
الذين لم يتبعوا أي عقيدة دينية محددة.
لا أدري كيف تكون موحدة
، السيد دخل ولم يعرف كيف يخرج.
