(كل يوم عاشوراء ، وكل أرض كربلاء).حديث أو مقولة.
2024/08/25
(كل
يوم عاشوراء ، وكل أرض كربلاء).حديث أو مقولة.
أن مقولة : (كل يوم عاشوراء وكل
ارض كربلاء). هي استحضار لذكر الإمام الحسين (ع) في كل زمان ومكان.
فهي عند الموالي ماثلة بين عينيه يترقب وينتظر ويستمد العزم منها
لنصرة حفيد الحسين المهدي عليهما السلام.
تعودنا عند إطلالة كل مناسبة
دينية تتعلق بالشيعة وخصوصا آل البيت (ع) ، أن تتكرر في كل عام نفس
الشبهات او اختلاقها، وقد أصبحت هواية يتسلى بها خصوم آل البيت (ع)
وهذا ليس جديد. وبما أن عبارة (كل أرض عاشوراء ، وكل ارض كربلاء).
أصبحت شعارا تُخيف الظالمين وترعبهم فلا بد من استهدافها مع
المناسبة كلها. نرى اليوم وبعد مضي مئات السنين على الفاجعة فإن
هناك فئة عظيمة من المسلمين لازالت تحتفل بيوم عاشوراء وترقص وتوزع
الحلوى وتعتبره يوم فرح وسرور. لا بل أن شيعة الحسين (ع) وأضرحة آل
البيت تتعرض في كل يوم إلى تفجير أو قتل، أو هجمات كلامية
ظالمة.
ان هذه المقولة عبارة مشهورة جدا
منذ القدم وقد ذكرها بعض الشعراء في قصائده قبل مئات السنين فلا بد
والحال هذه أن لها اصل لربما قامت جهة معادية معينة بحذفها وطمسها،
فمن يجترأ على قبر الحسين فيهدمهُ ويقطع أيدي وارجل كل من يزوره، هل
يترك روايات وأحاديث قضية الإمام الحسين (ع). نسب البعض هذه الرواية
إلى الإمام الصادق (ع) واستعملها بعض علماء الدين في خطبهم
وكلماتهم، تذكيرا للناس بأن الظلم ما دام موجود فإن كربلاء سوف
تتكرر ولو بصورة مصغّرة، ففي كل أرض يوجد موقف أموي يزيدي، يُقابلهُ
موقف حسيني كربلائي. وبناء على ذلك وجب أن نسعى إلى تحقيق وتجديد
أهداف الإمام الحسين (ع) في كل يوم وفي كل أرض ما دام الظلم
موجود.
الإمام الصادق (ع) عندما يقول:
(أن لجدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا).(1) فهو بهذا
القول يُجسد مقولة كل أرض كربلاء، فما دامت هذه الحرارة موجودة في
قلوب الموالين فإن كربلاء باقية موجودة تسير معهم حتى يوم القيامة.
وكذلك قول الإمام : (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله).(2) هو تعبير
صادق بعدم وجود يوم يشبه اليوم الذي قُتل فيه أبا عبد الله (ع) ولكن
كل موقف يتخذهُ المظلوم ضد الظالم هو كربلاء مصغّرة تكون كل لأيام
فيها على الظالمين كربلاء إلى يوم القيامة، وما دام خط (السفياني)
يعمل إلى يوم القيامة، فلابد من وجود كربلاء في كل عصر تتصدى
لأفعاله الخبيثة.
صحيح أن هذا القول لا يوجد لهُ
ذكر في كتب الحديث، ولكن ما يُدرينا لعلها تعرضت للحذف من قبل ملوك
وأمراء وجهات لا يُسعدهم ذكر عاشوراء والحسين (ع) لما فيها من تهديد
ووعيد للظالمين. وقد صاغها الكثير من الشعراء في قصائدهم ومنذ مئات
السنين.(3) وحديثا نسَبَها الدكتور علي شريعتي في كتابه (الحسين
وارث آدم).(4) إلى الإمام الصادق عليه السلام. ووردت كثيرا في خطبه
المسموعة. ولم يعترض عليه أحد.
وكذلك وردت على لسان العديد من
العلماء المتأخرين وتناولتها المنابر والمراثي، وذكرها الإمام
الخميني ، رحمه الله في عدة مناسبات في كلماته و خطاباته.(5) وكذلك
أشار إليها مرشد الجمهورية الإسلامية السيد الخامنئي دون اعتبارها
حديثاً أو رواية.(6) كما فعل ذلك الشهيد الفيلسوف مرتضى مطهري حين
استعملها من دون الإشارة إلى كونها حديثاً من عدمه.(7) وكذلك أكّدها
السيد محمد تقي المدرسي وشرحها شرحا مفصلا نقتبس منه قوله: (من هنا
أصبحت كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء، لأن كليهما قد استوعب تجربتنا
وتعظيمنا نحن الأمة الإسلامية الثورية، وتقديرنا وتكريمنا لهذه
الملحمة إنما هو تكريم لكل ثورة رسالية أصيلة، ولكل دم زكي طاهر
أريق في أية ثورة).( 8 )
وفي معرض جوابه على سؤال حول
المقولة المذكورة فقد أيدها الشيخ الغزّي مضيفا عليها قولا آخر لم
نجده في أي كتاب أو مصدر فقال أن مقولة : (كل يوم عاشوراء وكل أرض
كربلاء ، وكل شهر محرم حتى تقوم دولة الحق). هي مقولة صحيحة ، ثم
يقول : أهل البيت عليهم السلام فسّروا القرآن أين تفاسيرهم هل تجد
تفسيرا مجموعا لأحد الأئمة. فما يُدرينا أن مقولة : (كل يوم عاشوراء
وكل ارض كربلاء) هي حديث تم طمسه حاله حال الفضائل الأخرى المتعلقة
بآل البيت.
لم أجد أحداً ذكر هذا الحديث
بتمامه .. لو ذكروا الحديث بتمامه لاتّضح المعنى.الحديث بتمامه
وكماله هكذا: )كلّ يوم عاشوراء، وكلّ أرض كربلاء، وكلّ شهر محرّم
حتّى تقوم دولة الحقّ). حينما يُؤخذ النص كاملاً تكون الصورة
واضحة.. وسنجد الكثير والكثير من أحاديث أهل البيت تتسق وتتناسق مع
هذا المضمون).(9)
نقول للمتصيدين بالماء العكر
والذين في قلوبهم مرض حتى لو كانوا من الشيعة أو من المخالفين
اذهبوا وأقرأوا كل ما تعرضت له قضية كربلاء منذ يومها الأول وإلى
هذا اليوم ، سترون أن الحرب على كربلاء ورموز كربلاء وشيعة كربلاء
ستستمر إلى يوم القيامة. وهذا يعني أن كربلاء ستستمر في كل زمان
ومكان.
المصادر:
1- مستدرك الوسائل - الميرزا
النوري - ج ١٠ - الصفحة ٣١٨.
2- بحار الأنوار، المجلسي، ج45 ص
: 218.
3- أن الشاعر محمد بن سعيد
الصنهاجي صاحب الهمزية المتوفي سنة (696) هـ ذكر هذه المقولة في بيت
من الشعر قال فيه : كل يوم وكل أرض لكربي ــ منهم كربلاء وعاشوراء.
الرسائل الأحمدية، القطيفي، ج2 ص : 273.والأمين ، أعيان الشيعة ،
تحقيق حسن الأمين ، ج1 ص : 620. وكذلك السيد مهدي القزويني المتوفي
سنة (1300) هـ. ذكرها في احد قصائده قائلا: أشاهدُ عاشوراءَ في كل
ساعةٍ ــ وفي كل أرضٍ كربلاء ومشهدا.كتاب الأدباء من آل أبي طالب ،
القزويني ، ج3 ص : 434.
4- الدكتور علي شريعتي، كتاب
الحسين وارث آدم، ص49. لم ينتقد أحد علي شريعتي عندما أعتبر هذه
المقولة حديثا نسبهُ للإمام الصادق (ع). بل آمنوا وسكتوا، ومرروها
لعلي شريعتي.
5- الإمام الخميني، صحيفة الإمام،
ج9، ص445 و ج 10 ص10و 122و 191و 315، ج 16، ص151. أنا أشك أن الإمام
الخميني (رحمه الله) نسبها إلى الإمام الصادق لأنه في كل حديثه عن
كربلاء قال (كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء) وصفها بأنها
(مقولة).وفي موضع آخر قال أنها (عبارة) (كل يوم عاشوراء وكل أرض
كربلاء) فيقول : (فهذه المقولة يجب أن تكون قدوة للأمة الإسلامية،
القيام في كل مكان وفي كل زمان، فعاشوراء قيام عدد قليل من
المطالبين بالعدالة يملأهم الإيمان والعشق في وجه الظلمة
والمستكبرين، وهذه الحادثة يجب أن تكون قدوة في كل مكان وزمان).
كتاب : صحيفة الإمام الخميني، ج9، ص: 345. القسم العربي، الشؤون
الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس
سره).
6- بيانات در مراسم مشترک دانش
آموختگي دانشجويان دانشگاه امام حسين(ع) ، الموقع الرسمي لمكتب آية
الله الخامنئي.
7- مطهري، مجموعة الآثار، ج3،
ص434.
8- المدرسي، عاشوراء امتداد حركة
الأنبياء، ص4.
9- برنامج [الكتاب الناطق ]-
الحلقة 71.قوانين الطي والنشر ج 8- للشيخ عبد الحليم الغزّي. قناة
القمر الفضائية يوم الأربعاء: 15/6/2016م ــ 9 شهر رمضان
1437.