ثقافة نقض العهود والمواثيق.

2023/07/11

ثقافة نقض العهود والمواثيق.
مصطفى الهادي.
قال تعالى: (وأَوفوا بالعهد إِن العهدَ كان مسؤولاً). قال الزجّاج: (العَهْدُ كل ما عُوهِد اللَّهُ عليه، وكلُّ ما بين العبادِ من المواثِيقِ، فهو عَهْدٌ).(1)
اتصف اليهو د بهذه الصفة الذميمة منذ أن وجدوا على هذه الأرض وسبب ذلك أنهم يرون أنفسهم فوق البشر وأنهم الصفوة والشعب الذي اختاره الله وأنهم ملح الأرض، من هذا المنطلق أجازوا لأنفسهم التحلل من كل العهود والمواثيق التي يقطعونها لغيرهم ، ثم يُكسبون ذلك صبغة إلهية دينية فيزعمون أن الله أمرهم أن لا يُعاهدوا أحد، حتى الأنبياء إن لم يأتوهم بدليل مادي أو معجزة . وإذا عاهدوا نتيجة سبب من الأسباب وجب عليهم نقض هذا العهد عندما يشعرون بالقوة. فقال تعالى عن زعمهم هذا (الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار).(2) ولكنهم كاذبون لأن موسى جاءهم بأكثر من آية ومعجزة، ولكن لما عبروا البحر وشعروا بالأمان قالوا (اجعل لنا آلهة). فنقضوا كل آيات موسى، وعبدوا العجل.
ذكر الله هذه الميزة القبيحة عند اليهو د ومنهم تعلمت بقية الأمم ،فقد قال تعالى عنهم (أوكلما عاهدوا عهدا نبذهُ فريقٌ منهم).(3) هذا الفريق الذي ينقض العهود والمواثيق هم زعامات اليهو د وكهنتهم، وعندما ينقض هؤلاء العهود تتبعهم سائر أمتهم. فقد أجمع أهل التفسير بقولهم : (كلما عاهد اليهو د من بني إسر ائيل ربهم عهدا وأوثقوه ميثاقا، نبذه فريق منهم. لم يكن في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه، ويعاهدون اليوم وينقضون غدا).(4)
لم ينفرد القرآن وحده بهذا الاتهام، بل تورا تهم تصفهم هكذا ولكن تتعذر لهم بأن نقض العهود هو وصية من الله لهم كما نقرأ : (احفظ ما أنا موصيك اليوم.. احترز من أن تقطع عهدا مع سكان الأرض).(5)
وفي سفر التثنية ، أضافوا إلى قطع العهود ونقضها امر الله لهم بقتل الناس كما نقرأ : (متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها، فإنك تحرّمهم. لا تقطع لهم عهدا، ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم).(6) فكل تاريخ اليهو د على الأرض مليء بنقض العهود والمواثيق والغدر وهذه فلسطين شاهد على ذلك منذ ان احتلوها لم يعترفوا بأي ميثاق إن كان للأم المتحدة أو حلفائهم ممن قام بالتطبيع معهم. لأنهم يزعمون أن ذلك بأمر الله تعالى فقد أمرهم أن لا يقطعوا للشعوب عهدا ولا يشفقون عليهم لا بل يمتنعون عن الزواج من الأمم الأخرى.
المصادر :
1- انظر قواميس اللغة العربية.
2- سورة آل عمران آية: 138.
3- سورة البقرة آية : 100.
4- تفسير الطبري سورة البقرة 100.
5- سفر الخروج 34 : 12 ــ 24.
6- سفر التثنية : 1 ــ 3 . لا يُصاهرون الأمم، يعزلون أنفسهم حتى لو كانوا يعيشون وسط الأمم. ولذلك بقوا أقل الأمم عددا ثم يُبررون هذه القلة بأن الله اختارهم وميزهم على سائر الأمم لهذا السبب كما نقرأ : (التصق الرب بكم واختاركم، لأنكم أقل من سائر الشعوب).() سفر التثنية : 7.مع علمهم أن الذلّة مع القلّة (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله). اي كتب الله عليهم القلة تتخطفهم الشعوب من كل جانب ومكان وذلك بسبب غضب الله عليهم.
أخترنا لك
يسألونك عن الروح.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة