السيّدة دارميّة الحجونيّة

2022/01/07

سيّدة مؤمنة مخلصة كانت من فضليات النساء، راجحة العقل، فصيحة اللسان، قوية الحجّة، صادقة الولاء لعليّ سيّد الأوصياء عليه السلام، وكانت سمراء البشرة، ولكن سيرتها بيضاء، وثناؤها وضّاء، ولها حكاية مع معاوية ظهرت بها فصاحتها، وقوة حجّتها ورجاحة عقلها، وصدق ولائها.
هي السيّدة دارمية الحجونية، من التابعيات اللواتي كان لهنّ مواقف مشرّفة مع أمير المؤمنين عليه السلام في صفين، وكانت أيام معاوية طاعنة في السنّ، تسكن الحجون وهي منطقة قريبة من مكّة المكرّمة، إذ سأل عنها، فقالوا له بأنّها لا تزال على قيد الحياة.
ومن مواقف معاوية المخزية التي سوّدت وجه التاريخ أنّه أمر باستدعائها، والتعرّض إليها بالكلام القبيح عندما كان في الحجّ، لكنّها ألقمته حجرًا وردّت إليه الصاع صاعين، وأخزته في مجلسه وأمام جلسائه، فلمّا حضرت قال لها: كيف حالكِ يا بنت حام؟
فأجابته: بخير، ولستُ لحام، إنّما أنا امرأة من قريش، من بني كنانة ثمّت من بني أبيكَ.
فقال: صدقتِ، هل تعلمين لم بعثتُ إليكِ؟
فقالت له: لا، يا سبحان الله!! وأنّى لي بعلم ما لم أعلم؟
فقال لها: بعثتُ إليكِ أن أسألكِ علام أحببتِ عليًا عليه السلام وأبغضتني؟ وعلام واليتيه وعاديتيني؟
فقالت: أو تعفيني من ذلك؟
فقال: لا أعفيكِ لذلك دعوتكِ.
فقالت: فأمّا إذا أبيتَ فإنّي أحببتُ عليًا عليه السلام على عدله في الرعية، وقسمه بالسوية، وأبغضتكَ على قتالكَ مَن هو أولى بالأمر منكَ، وطلبكَ ما ليس لكَ، وواليتُ عليًا على ما عقد له رسول الله صلّى الله عليه وآله من الولاية، وحبّ المساكين، وإعظامه لأهل الدين، وعاديتكَ على سفككَ الدماء وشقّكَ العصا؛ فتأثر ابن هند من مقالها، وقال فاحشًا ومستهزئًا، وضرب بها مثلًا جارحًا، فردّت عليه مقالته بالمثل: يا هذا، بهند والله يُضرب المثل لا أنا، فتعجّب من جوابها، وهدّأ من روعها، ثمّ سألها إن كان لها حاجة، لكنّها خرجت من عنده ولم تأخذ أيّ شيء.
هذا مثال صادق على الولاء والإخلاص لأمير المؤمنين عليه السلام، قالته السيّدة دارمية بلسان فصيح ملؤه العزيمة والتحدّي والعنفوان، وهو أنموذج من جرأة نساء الشيعة، وولائهنّ الكبير لأبي الحسن عليه السلام.(1)

................................................................
(1) نساء الشيعة، مواقف صلبة: ص 77
أخترنا لك
توعية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة