يقع السؤال عن أن تكامل الذكر والأنثى هل هو من قبيل تكامل المتماثلين، أم من قبيل تكامل المختلفين؟
وهذا السؤال موضوع أساس في الثقافة الإنسانية، وهو تأصيل مهم للغاية في الحياة، تترتب عليه اتجاهات مختلفة في التشريع والتقنين، وفي التربية الاجتماعية.
والذي يهدي إليه الخلق والفطرة الإنسانية ويؤكد عليه الدين أن تكامل الرجل والمرأة من قبيل تكامل المختلفين، وليس من قبيل تكامل المتماثلين، فلكل من الرجل والمرأة خصائص بدنية ونفسية مختلفة عن خصائص الآخر؛ ليقوم بدور ملائم له في الحياة، مضافا إلى العناصر المشتركة والأدوار المتماثلة التي أنيطت بكل منهما على نحو ما أنيط بالآخر.
إن هذا الاختلاف في جوهره ليس لصالح تفضيل الرجل على المرأة، ولا العكس، بل لصالح إحلال كل في محله المناسب مع خلقته، وإناطة الدور الملائم لهما.
ومن هذا المنطلق اشتمل التشريع الإسلامي على وظائف للجنسين مشتركة ومتماثلة، وأخرى مختصة بأحد الجنسين دون الآخر، انسجاما مع المقتضيات الحكيمة والعدالة، ومن الخطأ الكبير والمجافي للوجدان الإنساني إثبات دور مماثل تماما للجنسين في هذه الحياة بعنوان المساواة، وإلغاء الفوارق الفطرية بينهما التي اقتضت إناطة أدوار متفاوتة بهما فيها، فالمساواة في المنظور الفطري القيمي والحكيم لا تعني التسوية الرياضية والهندسية ـ كما أن واحدا يساوي واحدا - بل روح المساواة تعني إحلال كل محله المناسب دون جفاء وتعسف، فإذا عينت نخبة من المتخصصين، وأنيطت مهمات مختلفة لأعضائها حسب اختلاف تخصصهم، لم يكن من الصحيح اعتبار ذلك تبعيضا وتفضيلا لبعضهم على الآخر، بل كان تسوية بينهم، ولكن مع مراعاة خصائص أفرادها على وجه ملائم(1).
........................
(1) رسالة المرأة في الحياة: ص22_23.