جمعت الزهور، ووضعت قصاصات التهنئة عليها، ولم يبق سوى أن تضع بينها الحلوى المصممة على شكل هدية مغلفة.
باب المنزل يطرق بقوة وحماس، تضع (ليلى) ما كانت تعده من يدها وتهرع لتفتح الباب.
إنه (أحمد) زوجها، كالعادة أقبل محملًا بكل جميل ونفيس: هدايا جميلة ببصمات مميزة، فهو لا يفوت على نفسه وزوجته الحبيبة فيض بركات: "يفرحون لفرحنا"(1)، فيكملان كل ما خططا لإعداده وترتيبه.
والآن يهمان بالخروج ليوزعا ذلك الحب المفعم بتفاصيل تكاد تكون بلا نظير، بل لعلها كذلك، فمثلما أن لكل منا بصمة بايولوجية لا تشبهها بصمة أبدًا، فكذلك هي بصمة الأرواح والقلوب بما فيها من حب وعقيدة، نية وعمل.
لقد كان كل شيء بطابع جديد: الهدايا، الحلوى، حتى فكرة التغليف تحمل عنصر المفاجأة والتشويق، إلا ما كتب في أعلى القصاصات، إنها الأحاديث والروايات التي تجر إلى محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) كل مودة.
نعم، طاعةً وامتثالًا لكلام المعصوم (عليه السلام).
ها قد بلغ (أحمد) و(ليلى) أول صور مناهما:
أول عروسين وصلا إليهما بين قائمة الأسماء المنعقد قرانها اليوم، وبين نثار فرح أهل السماء على أهل الأرض في يوم زواج الطاهر من المطهرة عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب والدي رسول الرحمة محمد (صلوات الله عليهم أجمعين).
يفتحون الأكياس الجميلة، فتخرج الهدايا الأجمل والأنفع للعروسين، ومعهما ظرفان: في الأول دعوات زاكيات تعينهما في مسيرة المودة والرحمة إلى رضا الله تعالى، تعتيلها أسطر من الروايات الشريفة في هذا اليوم الميمون.
وفي الظرف الثاني رقم لوظيفة كريمة وعنوانها تعين الزوجين على متطلبات الحياة.
فجل ما هم به (أحمد) و(ليلى) هو إدخال السرور على قلبي شخصين مؤمنين في أجمل يوم في حياتهما، مقرونًا بمزامنته السعيدة مع تقويم آل طه (عليهم آلاف الصلوات والتحيات).
يوم مبارك لزيجة هي باكورة الخيرات، وأم السعادات، وقد نقلت الروايات الشريفة عن لسان قلب التقاة الثقات:
"خرج عبد المطلب بابنه عبد الله حتى أتى به إلى دار وهب بن عبد مناف بن زهرة - وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا - فخطب ابنته آمنة لعبد الله، وكانت آمنة أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، فزوجه إياها وأملكها، وفي داره دخل عبد الله على آمنة، فحملت برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم"(2).
فسلام عليهما من أبوين طاهرين، وعلى ابنهما أشرف الخلق أصل الشجرة النبوية، والدوحة الهاشمية المضيئة، المثمرة بالنبوة، المونعة بالإمامة، وعلى آله الأطهار الغر الميامين (صلوات الله عليهم أجمعين).
......................
بحار الأنوار: ج10، ص114.
موسوعة التاريخ الإسلامي: ج1، ص ٢٤٨.