جذب اهتمامي منذ مدة منشور على صفحات الإنترنت، منذ الوهلة الأولى ظننت أنه مقطع فسلجي يتناول عالم الحيوان، لكن بعد إتمامي لقراءة النص ومشاهدة التجربة التي أجريت على عينة من الضفادع، أدركت أنه ينطوي على حقيقة عظيمة تخص البشر.
يبدأ المشهد بجلب العلماء لضفدع، ووضعه في قدر حاو على ماء فاتر، في بادئ الأمر لم ير المتخصصون أي تأثير يلحظ في تصرف الضفدع، بل على العكس بدا كأنهم أدخلوه مسبحًا من خمس نجوم مكافأةً له، لكن هذا الأمر لم يدم طويلًا، فعندما بدأ أحد المتخصصين برفع درجة حرارة الماء تدريجيًا بدا من سلوك الضفدع وارتخاء عضلاته أنه يشعر بالاسترخاء، ولم يعلم أن الحرارة من تحته تزداد؛ لأن جسده أصبح متأقلمًا مع هذا الوضع، حتى غلى الماء داخل القدر وغلى الضفدع معه، ومات.
ثم قاموا بالتجربة على ضفدع آخر، لكن المختلف في هذه المرة أنهم تركوا الماء في القدر يغلي في البداية، وبعد أن غلى الماء، قاموا بوضع الضفدع فيه، وهنا على عكس التجربة السابقة ما إن وصل جسد الضفدع إلى الماء المغلي، قام بالقفز خارج القدر كردة فعل تلقائية للهروب من الألم، واستطاع بذلك النجاة من النهاية المأساوية للضفدع الأول.
لو فتحنا البصيرة لوجدنا أن هذه التجربة تمثل الكثير من المواقف في حياتنا، الأمر الوحيد المختلف أنه ليس هناك ضفادع، بل التجربة هنا تقام علينا أنفسنا، ولعل أقرب مثال على ذلك هو حال الكثير من تلاميذنا، حيث يبدأ الأمر بدرس صغير قد يراكمه الطالب لوقت لاحق؛ لأنه لا يشعر بأي شيء في البداية، فهو يشبه الماء البارد، والدرس يصبح درسين متراكمين وثلاثة، ويشعر الطالب براحة صغيرة، فيبدأ الماء بالفتور، وتستمر المواد الدراسية بالتراكم، والمناهج الدراسية تبني عليها أنثى العنكبوت شباكها حتى وصول الحلقة الأخيرة، ألا وهي الرسوب الذي يمثل موت الضفدع عند غليان الماء، بينما لو كان الطالب قد قفز من فخ مراكمة المواد الدراسية من أول وقعة، لكان في عداد الناجحين.
وهذا الأمر ذاته ينطبق على الضغوط النفسية، فلو كل إنسان عند شعوره بالضغط النفسي ذهب إلى الطبيب المتخصص، أو إلى شخص حكيم أمين ليساعده؛ لكان أفضل من كتم الحزن في قلبه إلى أن تنفجر الطاقة السلبية بأبشع صورة.
والأمر ذاته يحدث عندما نتجاهل التفاصيل التي تطرأ على المقربين منا، كالانعزال، والشعور بالكآبة؛ لأنها بنظرنا غير مهمة أو منعدمة التأثير، فنتجاهل الجلوس معهم، ومحاورتهم عن مشاكلهم من قبل أن تحدث لهم كارثة، أو تحل بهم مصيبة.