ابنُ معصومٍ المدنيّ لا يُجوّزُ اختصارَ كتابِهِ

2022/07/15


ابنُ معصومٍ المدنيّ عالمٌ جليلٌ أديبٌ فاضلٌ، ومؤلفاتُه تدلُّ على طولِ باعِهِ وتمكّنِهِ، له مؤلفاتٌ كثيرةٌ متينةٌ منها كتابُهُ الحدائقُ النديّةُ في شرحِ الفوائدِ الصمديّةِ في علمِ النحوِ، قيل فيه أنّه لم يُعمل مثلُهُ في النحو جمعَ فيه كلَّ آراءِ العلماءِ، طُبع بتحقيق السيد حسين خاتمي، وبعدها حقّقه الدكتور أبو الفضل سجادي، وفي نسخةٍ من هذا الكتاب محفوظةٍ في مكتبةِ مجلسِ الشورى برقم (5302) كتبَ ابنُ معصومٍ المدنيّ إنهاءا بخطّ يده وبعده قال :
(قال شارحُ الكتابِ - كان اللهُ لَهُ، وبلّغهُ أملَهُ-:
كأنّي بذي بصيرةٍ قاصرةٍ، وعينٍ عن إدراكِ الحقائقِ حاسرةٍ يستطولُ هذا الشرحَ المفيدَ، ويستكبرُ هذا الصرحَ المشيدَ، فتحملُهُ همّتُهُ الدّنيّةُ، وتُخيّلُ له فكرتُهُ الصّديّةُ أن يختصرَ فوائدَه، وينقصَ فرائدَهُ، فيُبدّدَ بذلك نظامَهُ ويُفرّقَ اتّساقَهُ وانتظامَهُ ويُخلِيه من فوائدَ طالما سهِرتُ في تحصيلها الّليالي، حتى انتظمت انتظام سِنِيّ اللالئ، نعم وربّما كان له بذلك غرضٌ آخرُ بمثلِهِ في الحقيقةِ يُعايرُ لا يُفاخرُ، وهو أن يكونَ هذا المُشارُ إليه، والمَثنيّ بالأوصافِ المذكورةِ عليه ذا عَجَزٍ عن الاستفادة فضلاً عن الإفادةِ، فتُمنِّيه نفسُهُ الأمّارةُ بالمحالِ من الانتظامِ بذلك في سلكِ المؤلفينَ، وما علِمَ أنّ لكلّ علمٍ رجالاً، وأنا أتوجّهُ إلى اللهِ سبحانَه ذي الجلالِ والإكرامِ، وأتوسّلُ إليه بنبيّه المطهّرِ وآله عليهم الصلاةُ والسلامُ أن يختصرَ عمرَ من اختصرَه وأن يخذلَه في كلّ الأحوالِ ولا ينصرَه، وأن يشفعَ غايةَ أُمنيّتِهِ بوحي منيّتِهِ، وأن يحرمَه شفاعةَ نبيّهِ المصطفى، وحسبُنا اللهُ تعالى وكفى. وكتبه مؤلِّفُهُ الفقيرُ عليّ الصّدرُ المدنيّ عفى اللهُ عنه بمنّهِ، آمينَ)
               والملاحظُ على هذا الكلامِ:
1/ أنّ المؤلِّفَ لا يقبلُ أن يعمدَ أحدُ الباحثينَ إلى اختصارِ هذا الكتابِ، ولا أدري هل عدمُ قبولِهِ هذا له أثرٌ شرعيٌّ؟ أو لا، بمعنى أنّه من حيثُ الشرعُ والفتوى هل يجوزُ اختصارُ الكتابِ بعد أن منعَ مؤلّفُهُ من ذلك؟.
2/ لعلّه يقصدُ شخصًا بعينِه ولهذا قال :( أن يكونَ هذا المُشارُ إليه، والمَثنيّ بالأوصافِ المذكورةِ عليه)، وبدليلِ العباراتِ الشديدةِ التي استعملَها في الدعاء.
3/ أنّه استكتبَ هذا الكتابَ لنفسِهِ وقابلَه مع ناسخِه بدليلِ أنّه قال : ( صار هذا الكتاب من مالي    أحسن الله بالهدى حالي).
4/ ومن الخطأِ أنّه في التحقيق الأوّلِ وَضَعَ المحقّقُ هذا الكلامَ _الذي قاله ابن معصوم المدني_ في المتنِ، والصوابُ أن يضعَه في الهامشِ؛ لأنّه ليس من الحدائقِ، بل هو تعليقٌ ذكرَه المؤلفُ في حاشيةِ حردِ المخطوطةِ.
وفي التحقيقِ الثاني حذفَ المحقّق هذا الكلام من المتنِ والهامشِ، ولم يُشر إليه في وصف النسخ، وهذا أيضا غيرُ صحيح، والصوابُ أن يشيرَ إليه في الهامش أو يذكره بتمامه، أو يذكره في وصف النسخ.
وكتب الدكتور محمد نوري الموسوي 4/5/2022م
أخترنا لك
السيّد الخوئي [طاب ثراه] ونكران الذات - أكثر من 300 كتاب

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة