عالمة، فاضلة، محدّثة، فقيهة، مجتهدة، حكيمة، عارفة، مفسرّة للقرآن
الكريم، مؤلّفة.
شهد بفضلها وعلمها مراجع الدين، وكبار العلماء في عصرها.
وفي هذه الوريقات القليلة نُحاول أن نُسلّط الضوء على أهم جوانب
حياتها المباركة، مع مراعاة الايجاز.
*******
اسمها ونسبها واسرتها
الاسم الصحيح لهذه العلويّة هو «نُصرت»، كما سمّاها بذلك والدها،
وذكرتهُ هي في عدّة مواضع، منها في إجازتها لتلميذتها السيّدة
همايوني(1).
وذكرها بهذا الاسم أيضاً عدد من الأعلام الذين مدحوها وأثنوا عليها،
منهم سماحة آية الله العظمى المرحوم المغفور له السيّد المرعشي
النجفي(2)، وغيره(3).
إلاّ أنّها لم تُعرف بهذا الاسم، بل عُرفت بأسماء وألقاب وكُنى
متعدّدة، أشهرها «أمينة»(4) غخ، «الأمينيّة»(5)، «بانو ايراني»(6)ـ
أي سيّدة ايرانيّةـ، «اُم الفضل» أو «أم الفضائل»(7).
*******
والدها
السيّد محمّد علي المعروف بـ «أمين التجّار» ابن السيّد حسن ابن
السيّد محمّد ابن العلاّمة الزاهد السيّد معصوم الحسني الخاتون آبادي
ابن السيّد عبدالحسين الخاتون آبادي مؤلّف الكتاب التأريخي المعروف
والمعتمد عليه «وقائع السنين والأعوام».
عُرف والدها بتديّنه وتقواه وحبّه لرجال العلم، وهو من أكبر تجّار
أصفهان في ذلك الوقت، وله مشاريع خيريّة كثيرة.
*******
والدتها
بنت الحاج السيّد مهدي المُلقّب بـ «جناب»، والتي كانت على مكانته
عالية من النزاهة والعفّة وحبّ الخير.
*******
زوجها
ابن عمّها السيّد ميرزا أقا أمين التجّار، والمُلقّب بـ «معين
التجّار».
*******
اُسرتها
تنحدر هذه العلويّة من اُسرة السّادة الخاتون آباديّة، وهي من أشهر
الاُسر في ايران، حيث جَمعتْ بين العلم والسياسة والثروة. فقد لمع
منها العشرات من العلماء والفقهاء والاُصوليين والمفسّرين والنسّابة
وذوي المناصب السياسيّة العالية. فلا يكاد يخلو من ذِكرهم كتاب يضمّ
تراجم العلماء والمؤلّفين، خصوصاً في القرنين الأخيرين.
*******
مولدها ونشأتها العلمية
ولدت في مدينة أصفهان سنة 1308هـ، ونشأت وترعرعت في أحضان والديها، في
بيت ملؤه الإيمان والتقوى وحبّ العلم والعلماء، وفي بيئة بُنيت على
أساس الولاء المطلق لأهل البيت عليهم السلام.
ولا شكّ ولا ريب أنّ هكذا بيت وهكذا بيئة قد رسما لهذه المولودة
طريقها، وكانت لهما كبير الأثر في مسيرة حياتها المباركة.
بدأت بتعلّم القرآن الكريم ودراسة الكتب الفارسيّة، وهي في الرابعة من
عمرها، وتزوّجت بابن عمها وهي في الخامس عشرة من عمرها.
لكنّ واجبات البيت وتربية الأطفال لم تمنعها من التعلّم وقراءة الكتب
والاستزادة من المعرفه والثقافة الإسلاميّة، بل استمرت في الانتهال
من المعارف الإسلاميّة رغم الظروف السياسيّة الصعبة التي كانت تعيشها
كلّ الاُسر المتديّنة، وتعاني منها كلّ فتاة تريد الاستمرار في
دراستها الإسلاميّة. فالحاكم الظالم رضا شاه كان قد بدأ حملته الشرسه
في منع الحجاب الإسلامي، وفرض الثقافة والعادات الغربيّة على المجتمع
الايراني المسلم.
فبدأت رحمها الله وهي في العشرين من عمرهاـ بقراءة المقدّمات الأدبيّة
وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأوّليات العلوم العقليّة عند أفاضل
عصرها كالشيخ علي اليزدي المعروف بالحاج آخوند زفرهاى، والميزا علي
أصغر الشريف، والحاج أقا حسين نظام الدين الكجوئي، والسيّد أبي
القاسم الدهكردي.
وحينما أتمّت مرحلة المقدّمات والسطوح، بدأت بدراسة الفقه والاُصول
العاليين والعلوم العقليّة على كبار الأساتذة في ذلك الوقت كالشيخ
محمد رضا الأصفهاني المسجد شاهي (أبو المجد)، والسيّد محمّد النجف
آبادي، والسيّد علي النجف أبادي. وهذا الأخير هو أكثر من استفادت منه
علماً وعملاً.
كانت رحمها الله جادّة في تحصيل العلم غاية الجدّ، ومداومة على
المطالعة والقراءة، شديدة المواظبة على الحضور لدى الأساتذة في
الساعات المعيّنة للدراسة، لم تفوّت الفرصة لتحصيل العلم واكتساب
الآداب، ولم تثن عزمها الموانع التي كانت تعترض طريقها في كثير من
الحالات.
نقلَ استاذها السيّد علي النجف آبادي أنّه سمع أنّ طفلاً لها قد
توفّي، فظنّ أنّها سوف تنقطع عن الدرس لمدّة طويلة حداداً على
فقيدها، كما تقتضيه عواطف الامّهات، ولكن خادمها جاء بعد يومين يطلب
منه الاستمرار في الدرس. فتعجّب الاستاذ من هذا الالتزام بالدرس
والمقاومة الروحيّة في الشدائد والمصائب.
وحينما بلغت الأربعين من عمرها، كانت قد استكملت دراستها الإسلاميّة،
ووصلت إلى مرحلة عالية تؤهّلها لاستنباط الأحكام الشرعيّة، فقد
امتحنها أجلّة الفقهاء في عصرها بأسئلة كتبيّة، فكانت أجوبتها قويّة
جدّاً بحيث أثبتت جدارتها العلميّة ومؤهّلاتها العالية في استنباط
الأحكام الشرعيّة، فكتبوا لها إجازات صرّحوا فيها بأنّها بلغت درجة
الاجتهاد، وعظّموا مكانتها من العلوم الدينية، ومن هؤلاء الفقهاء
السّادة المراجع: السيّد ابو الحسن الأصفهاني، والسيّد الاصطهباناتي،
والشيخ محمد كاظم الشيرازي، والشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي(8).
وقد قضت هذه العلويّة العالمة النصف الثاني من عمرها بالتدريس
والافادة وتربية الطالبات الدارسات للعلوم الدينيّة، وأصبح بيتها في
أصفهان منتدىً للنساء العالمات يفدنَ إليها من مختلف المدن وعلى
مختلف المستويات الثقافيّة، لغرض التعلّم والاستفادة ممّا آتاها الله
من العلم والمعرفة، والاستشارة في اُمور دينهن وما اُلقي على عاتقهن
من المسؤليات.
واشتهرت شهرة كبيرة في آفاق ايران وغيرها من المراكز العلميّة، وعرفها
كبار العلماء والفقهاء، وأصبحت لها معهم علاقات علميّة وطيدة، حيث
كانوا يأتون إلى بيتها لأجل أن يتباحثوا معها في العلوم الإسلاميّة،
أو يراسلوها مستفسرين عن رأيها في بعض الأحكام الشرعيّة، منهم
المفسّر الكبير السيّد محمّد حسين الطباطبائي، والفيلسوف الشهير الشيخ
محمّد تقي الجعفري، والعلاّمة الكبير المجاهد الشيخ عبدالحسين
الأميني(9).
وقد سَعَتْ رحمها الله في انشاء مدارس ومؤسسات لتربية البنات تربيّة
اسلاميّة صحيحة، وكانت تتعهدّها بنفسها وترعاها، فمن مؤسساتها مدرسة
للبنات عُرفت بـ «دبيرستان دخترانه أمين»، و«مكتب فاطمة»، حيث تخرّج
منها نساء فاضلات تولّينَ التدريس وبعض الشؤون العلميّة والدينيّة
للنساء في عصرها وبعد وفاتها.
ومن صفات هذه العالمة المترجَم لها أنّها كانت منذ بدايات نشأتها
العلميّة تميل إلى التفكّر والتدبّر في الآفاق والأنفس ودرك الحقائق
عن طريق العقل والكشف، لا عن طريق النقل من الأفواه والتقليد. فساقها
هذا الميل النفسي إلى ما يُسمّى بالعرفان. واشتد عندها عندما درست
الفلسفة والعلوم العقلية، وظهرت هذه الظاهرة بارزة في كتابيها
«الأربعين الهاشميّة» و«النفحات الرحمانية».
ومن صفاتها أيضاً التواضع الكبير ونكران الذات، فهي مع مقامها الرفيع
في العلم وموقعها في المجتمع الإسلامي، كانت تتجنّب وسائل الإعلام
وما يؤدي إلى الشهرة، فتُجيب الذي يسألها عن حياتها وعلمها بأجوبة
جزئية، حتى إنّها طبعت بعض مقالاتها وكتبها باسم «بانويه ايراني» أي
سيّدة ايرانيّة(10).
وقد ابتليت رحمها الله بفقد أطفالها، حيث أنجبت ثمانية أطفال، لم يعش
منهم إلاّ واحداً(11).
*******
أساتذتها وشيوخها
تتلّمذت رحمها الله على أكابر علماء عصرها في أصفهان، وشهد مراجع
التقليد في النجف الأشرف وقم المقدّسة باجتهادها، وأجازها بعض
الفضلاء بالراوية عنه، ونحن نذكر هنا ما تعرّفنا عليه من أساتذتها
وشيوخها:
(1) السيّد ابراهيم الحسيني الشيرازي الاصطهباناتي: منحها إجازة
اجتهاد ورواية في شهر صفر سنة 1354هـ، أدرجنا صورتها في هذا
الكتاب.
(2) السيّد ابو الحسن الأصفهاني: منحها إجازة اجتهاد، لم نقف عليها،
ذكرها صاحب كتاب المسلسلات في الإجازات.
(3) السيّد ابو القاسم الدهكردي: قَرأتْ عليه بعض المقدّمات
الأدبيّة وأوائل الفقه والاُصول.
(4) الحاج أقا حسين نظام الدين الكچوئي: قَرأتْ عليه أوائل الفقه
والاُصول والعلوم
(5) السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي: منحها إجازة اجتهاد
ورواية.
(6) الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي: منحها اجازة اجتهاد ورواية،
جعلها في ذيل اجازة الشيخ محمّد كاظم الشيرازي لها، والتي أدرجنا
صورتها في هذا الكتاب.
(7) الميزا علي أصغر الشريف: قرأت عليه بعض المقدّمات الأدبيّة
وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأولّيات العلوم العقليّة.
(8) السيّد علي النجف آبادي: تتلْمذت عليه في العلوم العقليّة
والفقه والاُصول العاليين، وهو أكثر مَن استفادت منه علماً
وعملاً.
(9) الشيخ علي اليزدي، المعروف بالحاج آخوند الزفرهاى، قَرأتْ عليه
بعض المقدّمات الأدبيّة وجانباً من أوائل الفقه والاُصول وأوّليات
العلوم العقليّة.
(10) الشيخ محمّد رضا ابو المجد الأصفهاني: حَضَرتْ بحثه العالي،
ومنحها إجازة رواية، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب.
(11) الشيخ محمّد كاظم الشيرازي: منحها إجازة اجتهاد ورواية في
السابع من شهر صفر سنة 1354هـ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب.
(12) السيّد محمّد النجف آبادي: حَضَرتْ بحثه العالي.
(13) الشيخ مرتضى المظاهري الأصفهاني: حَضَرتْ بحثه العالي، ودرست
أكثر علومها عليه وعلى السيّد علي النجف آبادي المتقدّم ذكره.
*******
تلامذتها والراوون عنها
تتلّمذ عليها عدد غفير من النساء المؤمنات، خصوصاً في مدينة أصفهان،
كما استجاز منها بالراوية عنها عدد من العلماء الأعلام وأفاضل الحوزة
العلميّة في النجف الأشرف وقم المقدّسة، ونحن نذكر هنا ما تعرّفنا
عليه من تلامذتها والراوين عنها:
(1) العلويّة الفاضلة افتخار أمين، صاحبة كتاب «جهل حديث أمين يا
هشتصد وبيست موعظه»: تتلّمذت عليها كثيراً واختصّت بها.
(2) الشيخ زهير الحسّون: منحته إجازة رواية قبيل وفاتها بفترة
قصيرة.
(3) السيّدة زينة السادات همايوني: تتلّمذت عليها ولازمتها قرابة
نصف قرن، وهي من أقرب وأخصّ تلميذاتها، وقد منحتها إجازة رواية في
السابع من شهر رمضان المبارك سنة 1355هـ، أدرجنا صورتها في هذا
الكتاب.
(4) السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي: منحته إجازه رواية في شهر
محرّم الحرام سنة 1358هـ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب.
(5) السيّد عباس الكاشاني: منحته إجازة رواية في شهر جمادى الآخرة
سنة 1383هـ، أدرجنا صورتها في هذا الكتاب.
(6) الشيخ عبدالحسين الأميني: منحته إجازة رواية.
(7) الشيخ عبد الله السبيتي: منحته إجازة رواية.
(8) العلويّة فخر السّادات الأبطحي: تتلّمذت عليها مدّة طويلة من
الزمن.
(9) السيّد محمّد علي الروضاني: منحته إجازة رواية.
(10) السيّد محمّد علي القاضي التبريزي: منحته إجازة رواية.
*******
مؤلّفاتها
(1) أخلاق وراه سعادت بشر، طبع ثلاث مرّات في ايران.
(2) الأربعون الهاشميّة، عربي، وهو أوّل تأليفها، انتهت من تأليفه
في التاسع من محرم سنة 1355هـ، وطبع الطبعة الاُولى سنة 1356هـ، وطبع
بعد ذلك عدّة مرات، وقامت بترجمته إلى الفارسيّة تلميذتها السيّدة
همايوني(12).
(3) إقتباس وترجمة تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق لابن مسكويه، انتهت
منه في التاسع عشر من شهر رجب سنة 1368هـ، وطبع في طهران.
(4) جامع الشتات، عربي، وهو عبارة عن أجوبتها على الأسئلة التي كانت
ترد عليها، طبع في ايران.
(5) حاشية الأسفار الأربعة «مخطوط».
(6) حاشية فرائد الاُصول «مخطوط».
(7) حاشية المكاسب للشيخ الأنصاري «مخطوط».
(8) روش خوشبختي وتوصية به خواهران إيماني، طبع في ايران سبع
مرّات.
(9) سير وسلوك در روش أولياء وطريق سير سعداء، طبع في ايران ثلاث
مرّات.
(10) مخزن العرفان في تفسير القرآن، يقع في خمسة عشر مجلداً، طبع في
إيران عدّة مرّات.
(11) مخزن اللآلي في مناقب مولى الموالي، طبع في إيران مرّتين.
(12) معاد يا آخرين سير بشر، طبع أربع مرّات في طهران
وتبريز(13).
(13) النفحات الرحمانيّة في الواردات القلبيّة، عربي، طبع في أصفهان
سنة 1369هـ، مع مقدّمة للشيخ عبد الله السبيتي(14).
*******
اطراء العلماء لها
أطراها ومدحها كلّ مَن ترجم لها وذكر سيرتها، ابتداءً من أساتذتها
ومشايخها، حتى أفاضل علماء عصرنا هذا، نذكر منهم:
(1) آية الله العظمى الشيخ محمّد كاظم الشيرازي، قال في اجازته
لها:
السيّدة الجليلة الحسيبة، العالمة الفاضلة، غرّة ناصية نساء عصرها،
واعجوبة دهرها - إلى أن قال بعد ذكر كتاباتهاـ: كشف عن مراتب فضلها
وطول يدها في المعقول والمنقول.
وبلوغها مرتبة من مراتب الإجتهاد(15).
(2) آية الله العظمى السيّد ابراهيم الحسيني الشيرازي الاصطهباناتي،
قال في اجازته لها:
فإنّ السيّدة الجليلة النبيلة، الحسيبة النسيبة، العالمة العاملة،
الجامعة للمعقول والمنقول، فريدة الدهر، وحجّة نساء العصر... ممّن
صرفت مدّة وافية من عمرها الشريف، وبرهة كافية من دهرها المنيف، في
تحصيل العلوم الشرعيّة، والمعارف الدينيّة، وتكميل مكارم الأخلاق
السنيّة، وتنقيح القواعد الاُصوليّة والفقيّة، حتى فازت بالمراتب
العالية من العلم والفضل، وصارت ممّن يشار إليها بالبنانـ إلى أن قال
بعد ذكر امتحانه لهاـ: وبلوغها إلى درجة الإجتهاد، فلها العمل بما
استنبطته من الأحكام على النهج المألوف بين الأعلام، وذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء من الرجال والنساء(16).
(3) آية الله الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهاني (ابو المجد)، قال في
اجازته لها:
السيّدة الشريفة العالية، والدرّة المكنونة الغالية، ثمرة الشجرة التي
أصلها ثابت وفرعها في السماء، وزهرة روضة بني الزهراء، ربّة المفاخر
والمناقب، وعقيلة آل أبي طالب، المقتفية آثار آبائها وأجدادها،
والجامعة بين طريف المكارم وتلادها، والآخذة بطرفي المجد من الحسب
والنسب، والبالغة منه بأعلى الرتب العالية، الفاضلة الفقيهة الحكيمة
العارفة الكاملة، ذات الشرف الباذخ، اُم الفضل ست المشايخـ إلى أن
قال بعد ذكر كتابها الأربعين الهاشميّةـ:
فكم من كنز خفّي من الأسرار أظهرته، ومشكل من الأخبار فسّرته، ومعضل
أراجت عنه الاعضال وأصابت الصواب إذا اختلفت الأقوال، فلا غرو فأهل
البيت أدرى بما فيه وأعرف بظاهره وخافيه... فكيف بمن أرختْ سترها ولم
تبارح خدرها، فيحقّ أن يفتخر بها ربّات الخدر والحجال على لابسِ
العمائم من الرجال(17).
(4) آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي، قال في
الاجازة الكبيرة:
العالمة الجليلة المحدّثة، المتكلمّة، الفقيهة، الاُصوليّة،
والحكيمة(18).
وقال في كتاب المسلسلات في الإجازات: هذه المرأة الجليلة تُعدُّ من
نوابغ عصرنا وأغاليط الدهر، ألفيتها عالمة متبحرّة في العقليّات
والسمعيات... وأمر هذه الشريفة ممّا يقضى منه العجب في هذا العصر،
فهي فريدة العصور ونادرة الدهور، حجّة على نساء العصر، وآية لبارىَ
الدهر. والغريب في أمرها أنّها مع قيامها بأمر الزوجيّة وادارة المنزل
وتربية الأطفال، نالت هذه المراتب السامية العالية.
وقال أيضاً في موضع آخر: الشريفة الفقيهة، الاُصولية، الحكيمة،
المحدّثة الجليلة، حجّة الله على النساء، بل الرجال، نابغة العصر،
فخر المخدّرات، زين العلويات، درّة صدف الطهارة والأصالة، يتيمة
الزمان العلويّة «أمينة» استجزتُ عنها ـ مع أنّي كنتُ مجازاً من تمام
مشايخهاـ استطرافاً، حيث إنّها فريدة عصرها في النساء وكان السلف
الصالحون منّا يُجيزون ربّات الحجال ويستجيزون عنهن، كما هو واضح لمن
تتبع معاجم التراجم(19).
(5) آية الله الفيلسوف الكبير الشيخ محمّد تقي الجعفري قال ما
ترجمته:
عند ملاحظة ما لدينا من آثار السيّده أمين العلميّة، يُقطع بأنها من
العلماء البارزين عند الشيعة، وأنّ منهجها لا يختلف عن منهجهم، بل
أنّها من نخبة العلماء؛ لحصولها على المقامات الروحيّة العاليّة،
التي يولد من حظي بها ولادة جديدة في حياتها، مضافاً إلى ما اُعطي
نتيجةً اكتساب العلم.
(6) آية الله السيّد عباس الكاشاني، قال:
وصفوة المقال: لعلّنا لا نُغالي لو قلنا: إنّ هذه السيّدة الجليله
النبيلة، والمخدّرة العظيمة الكريمة، هي تريكة بيت الوحي والعصمة
والرسالة، فإنّها حسنة من حسنات العصر، وفخرة من مفاخر الدّهر،
ومعجزة من معاجز الزمن، وجوهرة يتيمة، ودُرّة وحيدة يفتخر التأريخ
بها. وانّني كنتُ أسمع عن عظمة هذه النابغة الفريدة، فاشتقتُ إلى
زيارتها، ولمّا شاهدتها وتشرّفت بالمثول بين يديها، رأيتها أعظم
وأعظم بكثير عمّا كنتُ أسمع عن هذه الفذلكة العظيمة، ودارت بيننا
محاورات طريفة لطيفة فاستفدتُ منها ومن علمها الجمّ(20).
(7) آية الله السيّد أحمد الروضاتي، قال:
العالمة الفاضلة، الفقيهة، العارفة، الكاملة، الحجة على نساء
عصرنا(21).
(8) السيّدة زينة النساء همايوني، قالت ما ترجمته:
كانت عالمة عارفة، صاحبة ذوق، متواضعة، حسنة الأخلاق، ذات وقار وهيبة،
تلازم التقوى وقلّة الكلام وعدم التجمّل في حياتها الخاصة، لها ولاء
شديد لأهل البيت عليهم السلام، تكثر المطالعة والتفكّر، أمضت سنين
طويلة في بيتها مُدرّسة ومُرشدة للنساء تعظهنّ وتعلّمهنّ المبادىَ
الإسلاميّة.
وقالت أيضاً: أكثر نساء أصفهان المشتغلات بالشؤون الدينيّة والارشاد
المذهبي من تلامذتها المستفيدات من علمها، المهذّبات بتهذيبها.
انتشرت سمعة عِلمها وتقواها بين النساء الايرانيات حتى تحمّل كثير
منهنّ المصاعب للوصول إليها، والحضور لديها لأخد العلم واكتساب
المعرفة، بل زارها كثير من النساء من مختلف البلدان البعيدة والقريبة
لحلّ مشاكلهنّ الدينية والعقائديّة(22).
وقد ذكر الشيخ ناصر باقري بيد هندي في كتابه «بانوى مجتهد ايرانى»
عدداً من العلماء الأعلام المعاصرين الذين مدحوها وأثنوا عليها
كثيراً، فمن شاء فليراجع ذلك الكتاب(23).
*******
وفاتها ومدفنها
توفّيت رحمها الله عن عمر قارب السبعة والتسعين عاماً، في ليلة
الاثنين الليلة الاُولى من شهر رمضان المبارك سنة 1403هـ، وشيّعت
تشيعاً كبيراً حضره العلماء والفضلاء ومختلف الطبقات المؤمنة، ودفنت
في مقبرة اسرتها في تخت فولاذ، وبُني على قبرها قبة فخمة، أصبحت
مزاراً يقصده أهل أصفهان وغيرها. ورثاها جمه كبير من شعراء ايران
بقصائد ومقطوعات شعرية، وأبّنها الخطباء، وذكرتها الصحف الايرانية
الصادرة آنذاك.
*******
نموذج من كلامها
وممّا يُظهر بلاغتها وفصاحتها وتسلّطها على لغة الضاد من ناحية، ومن
ناحية اُخرى ما وصلت إليه هذه العلويّة من الدرجات الرفيعة العاليه
في الكمالات النفسية، وما خصها الله سبحانه من كرامات عديدة، هو
مقدمة كتابها «النفحات الرحمانيّة في الواردات القلبية»، حيث قالت
فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أضاء قلوب أوليائه بنوره، فانكشف لهم به أسرار الوجود،
ورشح عليهم من بحر المعارف والعلوم، وسقاهم بكأس المحبّة فانشرح به
صدورهم، فخرجوا بما منحهم من افاضاته من مضيق عالم الطبيعة وظلمات
علائق القيود إلى عالم السعة والنور والسرور.
والصلاة والسّلام على نبيّه وصفيّه ومستودع سرّه، أوّل الموجودات
ومصباح الهداة، وعلى آله وأهل بيته معادن الاحسان والجود، ولاسيّما
ابن عمّه ووصيّه أمير المؤمنين عليه السلام، الذي جعله الله تعالى
بمنزلة نفس النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل ولايته ومحبّته
ولايته ومحبتّه.
وبعد، فلمّا ورد في الحديث «إنّ لله في أيام دهركم نفحات ألا فترصّدوا
لها»، ووجدتُ في نفسي وروعي في بعض الأيام والساعات اشراقات غيبيّة
ليست مسبوقة باُمور كسبيّة فكريّة، تفطنّتُ أنّها هي النفحات التي
اُشير إليها في الحديث، وهي من رحمة ربي، فأحببت تدوين بعضها الذي
بقي في خاطري كي لا أنساها، ويكون تذكرة لي عسى أن أجدد عندما أتذكرها
شكراً.
لا يقال: لا شكّ في أنّ تزكية النفس قبيحة، وهذه المندرجات تتضمن ذلك،
أي ذكر هذه المطالبـ التي ستأتي إن شاء الله تعالى ـ وتسويدها لا
يخلو من تزكية النفس. لأنّه يقال:
أوّلاً: لما كان كلّ كمال وبهاء إنّما يكون في الحقيقة لله تعالى
وحده، والممكن في نفسه ليس وبه أيس، أي الممكن من حيث الإمكان ليس
إلاّ قوّة صرفة وعدماً محضاً، وهو في نفسه فاقد لكلّ كمال، وكلّ ما
يترائى منه من الكمال والبهاء من تجلّيات كمال خالقه وبروز أنوار
عظمته (العبد وما في يده كان لمولاه)، ففي اظهار شيء من الكمالات
اظهار كمال وجود الحقّ وسعة رحمته وعموم قدرته.
وثانياً: إنّما نسلّم ذلك إن لم يتعلّق به غرض عقلائي، وإنّما الغرض
من تسويدها عدّة اُمور، كلّ واحد منها كافٍ في تحسينها:
أحدها: امتثال قوله تعالى: «وأما بنعمة ربك فحدّث» (24)، فأردتُ أن
أحدّث بعض ما منحني ربي من السوانح واللوائح والبوارق، التي وردت
عليّ من فضل ربي في أيام دهري.
وثانيها: اعلان مزيد احسانه إليّ؛ طلباً للزيادة، لقوه تعالى: «لئن
شكرتم لأزيدنكم» (25)، فإنّ اظهار فضل الله ورحمته نوع من شكره، فكان
من النعم التي أنعم بها عليّ معرفته بطريق لا يحتمل خطر التلبيس؛
لأنّه سبحانه عرّفني نفسه بالوجدان، فاستغنيت عن اقامة البرهان.
وثالثها: لمّا رأيتُ أنّ عموم الناسـ إلاّ مَن شذّ وندرـ غفلوا عن
تحصيل معرفة الله تعالى والسلوك في طريق مرضاته، ورقدوا في مراقد
الجهالة، معتذرين بأنّه لا يمكن لنا معرفة الله تعالى زائداً على
القدر الذي أخذناه من الآباء والاُمهات والعُلماء. وإن سئل أحدهم: لمَ
لا تجاهد في تحصيل معرفة الله تعالى، يعتذر بأنّ الله تعالى لم
يكلّفنا زائداً على هذا القدر الذي آمنّا به، فإنا نعلم أنّ لهذا
العالم إلهاً واحداً أحداً عالماً قادراً حيّاً مريداً مدركاً، وهذا
القدر من المعارف يكفينا ولا يلزمنا الغور فيها، بل الغور فيها منهي
عنه. فأردتُ اعلان عموم فضله لكلّ أحدٍ، كي يعلموا أنّ فيضه مبذول
لخلقه، ورحمته قريب من المحسنين «ولا تياسوا من روح الله انه لا يياس
من روح الله الا القوم الكافرون» (26).
ورابعها: تنشيط السامعين وترغيبهم في طلب المآرب، فلمّا رأيتُ كثيراً
من الناس كذلك، وعلمتُ مِن حالهم أنّهم لا يعرفون من العلوم والمعارف
إلاّ اصطلاحات، ومن العبادات والطاعات إلاّ هيئآت وعادات، ورأيتهم قد
امتلأت قلوبهم من حبّ الدنيا وزينتها، وغفلوا عن الحقّ وطريق معرفته،
أحببتُ أن أكتب بعض الحالات والاشراقات اللتين اشرقتا أحياناً، أي في
بعض الأقوات على قلبي الكدر الظلماني، كي ينظر ناظر فيها فلعله
يتنبّه أنّ عرفان الحقّ ممكن لكلّ أحد بقدر وسعه وسعة صدره «أن ليس
للإنسان إلاّ ما سعى» (27).
*******
الهوامش
(1) انظر إجازتها لها المدرجة في هذا الكتاب.
(2) الإجازة الكبيرة: 245.
(3) انظر كتاب « بانوى مجتهد ايرانى »، ويادنامه بانو مجتهد: 9.
(4) المسلسلات في الاجازات 2: 451.
(5) انظر إجازتها للسيّد المرعشي النجفي المدرجة في هذا الكتاب.
(6) انظر اجازتها للسيّدة همايوني المدرجة في هذا الكتاب، ويادنامه
بانو مجتهد: 9.
(7) انظر اجازة الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهاني لها المدرجة في هذا
الكتاب، وطبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر في القرن الرابع عشر) 1:
183، ورياحين الشريعة 3: 431.
(8) المسلسلات في الإجازات 2: 451.
(9) انظر كتاب «بانوى مجتهد ايرانى».
(10) المسلسلات في الإجازه 2: 451ـ 453.
(11) يادنامه بانو مجتهد.
(12) الذريعة 11: 54 رقم 335.
(13) الذريعة 21: 175 رقم 4488.
(14) الذريعة 24: 248 رقم 1284.
(15) انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب.
(16) انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب.
(17) انظر إجازته لها المدرجة في هذا الكتاب.
(18) الإجازة الكبيرة: 245.
(19) المسلسلات في الإجازات 2: 452.
(20) بانوى مجتهد ايرانى: 86ـ 87.
(21) بانوى مجتهد ايرانى: 87.
(22) مقدّمة الترجمة الفارسية للأربعين الهاشمية، المسلسلات في
الإجازات 2: 452.
(23) بانوى مجتهد ايرانى: 85ـ 100.
(24) الضحى: 11.
(25) ابراهيم: 7.
(26) يوسف: 87.
(27) النجم: 39.
*******
المصدر: وكالات.