لقد تشرفت بزيارة العراق عام ١٩٩٤ م
في سنوات الحصار التي عاشها العراق في تلك الحقبة الدامية من جرّاء
الحروب التي خاضها النظام المقبور وفرضها على الشعب العراقي الذي
اكتوى بنار تلك الحروب الغاشمة وأنا في طريقي من الحدود الأردنية إلى
مدينة النجف الأشرف فهي أول مدينة زرتها في العراق شاهدت المآسي
والمحن والأرض المحروقة والوجوه الكاشِحة والخوف الذي كان يرتسم عليها
من بطش النظام وجلاوزته فلا تكاد تكلم أحداً إلا همساَ ..
دخلتُ النجف حيثُ مرقد إمام المُتقين أسد الله الغالب علي بن أبي طالب
عليه السلام فتشرفتُ بزيارته ولثم أعتابه الشريفة وأنا بجوار الضريح
المقدس أقرءالزيارة .. شاهدتُ شيخاً وسيماً يُصلي جماعة لايتجاوز
المصلون خلفه اصابع اليد الواحدة ، حيث ان الصلاة في زمن البعث تهمة
للشاب تكفي في تغييبه في غياهب السجون ولذا كان الكثير يخفي تدينه
والتزامه .
فسألت أحد المعميين الواقفين عند الضريح وقال لي هذا الشيخ
مرتضى البروجردي فتقدمتُ نحوه بعدَ أن إنتهى من صلاته وجلستُ بجانبه
وصافحتُهُ وأقبلَ عليَّ بِكُلِه .. ودار بيني وبينَهُ حديث مفصل .
سألت عن العلماء من أسرة السيد الحكيم في النجف وكيف يمكن لي
زيارتهم والإجتماع بهم فنصحني بعض الفضلاء أن لا ازورهم في بيوتهم
وأنهم تحت مراقبة المخابرات ويرصدون حركة الوافدين لهم .. ومن
الأفضل زيارتهم في الأماكن العامة أو في المسجد الهندي حيثُ يصلي آل
الحكيم فيه .
فذهبتُ إلى مسجد الهندي قبلَ الغروب , وأنا في طريقي إليه صادفتُ
مكتبة الإمام الحكيم .. فرأيت أحد السادة الأجلاء من هذه الأسرة ,
فرحب بي، بعدَ ذلك توجهت إلى مسجد الهندي قبيل الغروب .. حيث رأيت
سيداً جليلاً جالساً على مُصلاه , فسألتُ عنه فأخبروني أنه السيد محمد
علي الطباطبائي الحكيم والد المرجع السيد مجمد سعيد الحكيم , فتقدمتُ
نحوه فصافحتهُ وطلبتُ منهُ الدعاء ,
ومن العلماء الذين تشرفت بزيارتهم المرجع المقدس الشيخ محمد
امين زين الدين والامام السيد السيستاني والسيدالشهيد محمد
الصدر والشيخ الشهيدميرزا علي الغروي والسيد محمد علي الحمامي والشيخ
باقر شريف القرشي والسيد حسين بحر العلوم وغيرهم ، وسجلت
إنطباعاتي عن كل واحد من هؤلاء العلماء وماجرى من حديث معهم في
كتابنا( هكذا التقيتهم )وصحبت طيلة المدة التي مكثت فيها في العراق
العلامة الشيخ معين الخفاجي النجفي الذي لم يفارقني ابداً وكان انيسى
في سفرتي ورفيقي الذي سجلت عنه الكثير من الذكريات والاحداث والرؤى
وتقييمه للاعلام والاشخاص رحمة الله عليه
وحملني برسائل لبعض الاعلام في قم المقدسة، والكتاب لازال مخطوطاً وهو
حصيلة انطباعاتي لاعلام التقيت بهم وكتبت عنهم منذ دخولي الحوزة
في قم عام ١٩٨٤ م من ايران والعراق والشام ولبنان والبحرين والقطيف
والاحساء وانما نشرت هذه المقالة لمصادفة ذكرى وفاة السيد حسين بحر
العلوم رحمه الله ونشرت سابقا في صفحتى عن الشيخ القرشي وغيره
من الكتاب.
(منقول من صفحته)