من منشورات قناة تحقيق المخطوطات في اروقة الجامعات د . محمد نوري
الموسوي
http://t.me/drmhmdnoori
وردَ في كتابِ سيبويهِ (4/399) :(أمّا الخليلُ فكان
يقولُ ... استحيت أسكنوا الياء الأولى منها كما سكنت في بِعْتُ،
وسُكّنت الثانية لأنّها لامُ الفعلِ، فحُذفتْ الأولى لئلا يلتقي
ساكنان. وإنّما فعلوا هذا حيثُ كثُر في كلامِهم.
وقالَ غيرُه: لمّا كثُرتْ في كلامِهم وكانتا ياءين حذفوها وألقوا
حركتها على الحاء، كما ألزموا يرى الحذف، وكما قالوا: لم يك ولا
أدر)
وعندما فسّرَ أبو جعفرٍ النّحاسُ في كتابِه إعراب
القرآن1/39 قولَه تعالى: (إن الله لا يستحي) أوردَ رأيَ الخليلِ هذا
الذي ذكرناه وقال إنّ في المسألةِ قولينِ الأوّلُ للخليلِ والثاني
رأيُ سيبويهِ، وهو يعني ما قالَه سيبويهِ (أمّا الخليل .... وقال
غيره) وربّ سائلٍ يسألُ: من أين عرف أنّ الرأي الثاني لسيبويهِ؟
والجوابُ هو كان مُلتفتًا لهذا السؤالِ وحضّر جوابَه فقال: (والقولُ
الآخرُ هو قولُ سيبويهِ، سمعت أبا إسحاق يقولُ: إذا قال سيبويه بعد
قولِ الخليلِ: وقالُ غيرُه فإنّما يعني نفسَه ولا يسمّي نفسه بعد
الخليل إجلالا منه له).
وهذا يوضِّحُ الخُلُق العالي لسيبويه
في تعاملِه مع أستاذِه، وهو المعروفُ عن علمائنا الأعلام ولو استطرد
أحدٌ في ذكر هذه القصص لصارت مجلدات كثيرة ، وما أحوجنا اليوم لرؤية
هذا الخلق الرفيع عند بعض التلاميذ، وأنا ذكرت هذه القصة لأنّ القصص
التي نقرأُها ونسمعُها كثيرًا ما تُنقل عن علماء الدين الأفاضل
فأوردتُ هذه القصةَ لنعرفَ أنّ خُلُقَ التلميذِ أمامَ أستاذِه واحدٌ
بغضِّ النّظرِ عن اختلافِ التّخصّص، ولاسيما أنّ علومَ العربيةِ تُعدّ
من العلوم الإسلامية التي هي مقدمة لفهمِ القرآنِ والفقهِ وغيرِهما.
رحمَ الله سيبويهِ والخليلَ وكلَّ علمائنا الأعلام
وكتب د. محمد نوري الموسوي في يوم الثلاثاء العشرين من شعبان
المُكَرَّم سنة إحدى وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية .