معرفة المصادر

2021/01/22

 من أوّليات المحقّق والمؤلّف اللذين يشتغلان المجالات التی بنیت على النصوص العلميّة والتأريخيّة.. هي معرفة المصادر ومؤلّفيها حول المجال الذي يعمل ويطالع فيه.. لأنّهما يريدان بناء فكرةٍ وتأسيس مبانٍ على مقولات ونصوص تلك المصادر.. فيجب عليهما صحّة النصوص التأريخيّة فلابدّ من أن يعرف اسم الكتاب والمؤلّف وتاريخ وفاته ونسبة الكتاب إليه.. لأنّ فيه مطالبا يريد أن ينسبه إلى شخص أو نحلة في فترة من فترات التاريخ.. نعم من خلال هذا يُقيَّم المؤلِّف والمؤلَّف والمحقّق والمحقَّق.. بعض الأحيان نرى أنّ بعض الكتب يطبع ويوزّع مجاناً ولكن لم نر فيها تأثيرا علميا عميقا وقد يكون نقصان الذي تكلمتُ فيه إحدى الأسباب التي سبب لعدم فوزها.. أخيراً كنت أطالع بعض الموسوعات التي جمعها وطبعها بعض المؤسسات فرأيت أنّها كرّرت النقل عن كتاب بعنوان: (الكتاب العتيق للغرويّ) ـ على حدّ تعبيره ـ ولا يخفى على من له معرفة قليلة على المصادر،
إنّ المراد بهذا العنوان نسخة عتيقة نقل العلّامة المجلسيّ( ت 1110 هـ) في البحار عشرات نصوص في الدعاء والزيارات منها وعبّر عنها ب: (في الكتاب الغرويّ) لوجود هذه النسخة في الخزانة الغرويّة في النجف الأشرف[بحار الأنوار 1: 16]، فتوهّم أصحاب تلك الموسوعات أنّ المراد ب (الغرويّ) هو المؤلّف، فتصرّفوا في التعبير وغيّروه بـ: (للغرويّ).
ومن الجدير بالذكر نحن الآن من خلال أسانيد نقول هذا الكتاب نعرف أنّه كتاب (مجموع الدعوات) لأبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ (كان حيّاً في أواخر القرن الرابع الهجري) [رياض العلماء 5: 294 ـ 295؛ الذريعة 20: 54/ 1882؛ طبقات أعلام الشيعة (النابس): 188 ـ 189] ونقل ابن طاوس (ت 664 هـ) عن نسخة كتبت عن خطّه في مهج الدعوات ص 184، كما نقل عن الكتاب تقيّ الدين الكفعميّ (ت 905 هـ) في البلد الأمين ص 503. كما صرّح المجلسي في مقدّمة البحار (١: ٣٣) عند توثيق مصادره بأنّ مؤلّف هذه النسخة العتيقة هو ابو الحسين التلعكبريّ وذلك بعد مطابقة النصوص والأسانيد ظاهراً.
إذن ما الفرق بين ما نقله ابن طاوس والكفعميّ والمجلسيّ وما أورده أصحاب الموسوعات العلميّة؟!  وأيهما أفضل نعم كان عند ابن طاوس نسخة كتبت عن خطّ المؤلّف وعند الكفعمي نسخة كاملة صرّح فيها اسم الكتاب والمؤلّف، وعند المجلسيّ نسخة ناقصة ليس فيها اسم الكتاب والمؤلّف، فنقل عنها وعبّر عنها كما وجدها مع هذا جاء برأيه حول مؤلف الكتاب في المقدّمة.. ولكن أصحاب الموسوعات نقل عن المجلسيّ وتصرّفوا في تعبيره فوضعوا عنواناً جديداً (الكتاب العتيق) لمؤلّف جديد (الغرويّ)؟!
وكتب السيد حسن الموسويّ البروجرديّ...
أخترنا لك
انطلاق فعاليات مؤتمر متحف الكفيل الدوليّ الثالث

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة