يعدُّ مركزُ تراث الحلَّة، أحد الصُّروح العِلميَّة و البحثيَّة
والثقافيَّة الكُبرى التي تبنَّتها العتبةُ العباسيَّةُ المقدَّسةُ
ممثَّلةً بقسم شؤون المعارف الإسلاميّة و الإنسانيّة، لنشـر تراث و
فِكر وثقافةِ أهل البيت –عليهم السلام- وعلمائِنا الأعلام، وخلقِ
حَراكٍ فِكريٍّ ومَعرفيٍّ، عبر جمعِ ذخائرِ التراثِ العراقيِّ الحليِّ
ودراستِهِ ليكونَ هذا التراثُ حيٍّا يسهمُ في صناعةِ الحاضِرِ
والمستقبل.
مديرُ مركز تُراث الحلة فضيلةُ الشَّيخ صادق عبدالنبيِّ الخويلدي،
بيّن قائلاً: "إنَّ هدفَ مركزُ تراثِ الحلةِ التابعِ لقسمِ شؤون
المعارف الإسلامية و الإنسانية في العتبةِ العباسيةِ المقدسةِ هو
اظهارُ التراثِ الحلّي و إبرازِه بصورٍ وبأشكالٍ شتّى، و الاطِّلاع
على ما وجِدَ في الخزاناتِ والمكتباتِ من المَخطوطاتِ في جميع
أصنافِها وتشكيلاتِها من الفقهِ والأصولِ والرِّجالِ وما شاكلَ ذلك،
وإبرازها إلى عالمِ النّور، وبحمدِ اللهِ إنَّ هذه الكتب وهذه
المخطوطات والآثار الثَّمينة الموجودة في الخزانات لا ترى النور صدفةً
إذ أن لها تخطيطٌ سابقٌ وعملٌ علميٌّ، وجهدٌ جهيدٌ لكي يتسنّى للمركز
أن يبرزَ هذا الأثر وهذا المخطوط إلى عالم النور".
مضيفاً: " ومن خُطط المركز الحاليّة والمستقبليّةِ - بحمد الله تعالى-
القفز من إصدار الكتبِ الفرديَّةِ إلى عَتبةٍ أخرى، وهي إصدارُ
الموسوعاتِ، ولا يخفى على كلِّ مُتتبِّعٍ وكلِّ ذي لُبٍ، أنَّ العملَ
الموسوعيَّ للمخطوطاتِ والمتون الفقهيّة والعلميّة لا يخرجُ في شهرٍ
ولا في شهرين، وإنما يحتاج إلى تنضيدٍ ومقابلةٍ وتحقيقٍ وضبطٍ وما
شاكل ذلك، وكلُّ هذا يمرُّ بمراحلَ زمنية وخطواتٍ علميةٍ عديدة، وجاءت
هذه الخطوة بعد تجربتنا الأولى في الإصدارات الفرديّة التي دفعتنا
وهيئتنا للعتَبة الثانية وهي إصدار الموسوعات" .
يتألَّفُ المركزُ من عِدَّة وحدات تعمل فيها كوادر متخصِّصة في مجالِ
(التحقيق) الذي يعدُّ العمودُ الفقريُّ لإحياء التراث الحلِّي
المخطوط، ومجالِ (الفهرَسة) من أجلِ تقديمِ قاعدةِ بياناتٍ عن
المخطوطاتِ المحقّقة وغير المحقَّقة، وكذلك مجال (الدِّراسات) لتقديمِ
البحوثِ والدراساتِ المتعلّقة بالتراث الحلّي، وإصدار مجلة تراث
الحلّة الفصليّةِ المحكّمة، وفي مجال (الإعلام) من أجل إعدادِ وكتابةِ
المقالاتِ التراثيَّة، و إصدارِ مجلَّة (ردِّ الشَّمس) الثقافيّة
العامةً والتي تُعنى بالتراثِ الحليِّ.
تجدرُ الإشارةُ أنَّ هذا المركز هو أحدُ المراكز التراثية التي أنشأها
قسمُ شؤون المعارِف الإسلاميّة والإنسانيّة لحفظِ وتوثيقِ تراث الأمّة
الإسلامية، سعياً منه أنْ يساهم برفد المكتبة التراثيَّة بالإصدارات
الثقافيّة والمعرفية، ويزوِّد الباحثين بمنهلٍ يمكن الرجوع إليه في
إعداد دراساتهم المستقبليَّة.