علماء المرجعية الكبار لا يكتبون سيرهم الذاتية، هذه الحقيقة يعرفها كل من يكتب عن سيرة عالم مرجعي، عليه أن يذهب بنفسه ليتابع ذلك النشاط العلمي الحياتي الكبير، وبعض الأمور التي وثقها مجمع العلماء عنهم، مع وسع علاقاتهم لطلابهم ومريديهم ومدارسهم ومجالسهم، إلا أن ما دون عنهم قليل بالنسبة لمنجزهم العلمي، هناك رأي جميل يقول: عند ما يرسخ الماضي المشرق للشعوب فمنجز أي عالم يبني لهم المستقبل.
سيرة السيد شهاب الدين المرعشي، اسمه السيد محمد حسين بن محمود
المرعشي النجفي أحد مراجع الدين المعروفين، فقيه جليل القدر، وعالم
متضلع في الأنساب والرجال، ولد في النجف الأشرف سنه 1318 وأخذ فيها
المقدمات والسطوح على والده وغيره من الفضلاء، تتلمذ في الفقه
والأصول على يد الشيخ ضياء الدين العراقي والسيد حسن الصدر والشيخ
مهدي الخالصي والشيخ محمد جواد البلاغي وغيرهم، كتابة السيرة
الغيرية عن العلماء تحتاج الى إحاطة بالعالم من كل مناحيه الذاتية
والموضوعية، وكلما كانت الإضاءة ترتبط بصلة هذا العالم المنتجب كانت
جديرة بالقراءة، تغوص في الأعماق وفي الغور العميق من الوجدان، فأنت
تكتب عن غيرك بما تجده فيك.
دون الرواة لنا أنه عام 1342 توجه نحو طهران فأخذ الكلام والحكمة
والمنطق والرجال والرياضيات والأدب والطب من علمائنا، ثم انتقل إلى
قم وتثلث على يد الشيخ عبد الكريم الحائري وبعد وفاته تصدى للمرجعية
والتدريس، وإمامة الجماعة ورعاية شؤون الحوزة.
السيرة الغيرية هي ليست كتابه تنقل بعض ما كتب عنه دائما، بل هي
مجهرية تبحث في معرفة الذات البشرية الفاعلة.
أسس مكتبة عامرة وشهيرة سنه 1385، ودفن داخل المكتبة العامة
في مدينة قم، وترك لنا مؤلفات كثيرة ومصنفات، أجوبة المسائل
الرازية/ أعيان المرعشيين/ روض الرياحين/ طبقات النسابين/ السلسلات
إلى مشايخ الإجازات /مشجرات آل الرسول/ الهداية في شرح الكفاية،
والكثير من الكتب الأخرى
القليل من الجمهور يعرف أن السيد نور عشي قطع أشواطا علمية على طريق
التقريب، فقد كان لحضوره العلمي في جلسات كبار علماء أهل السنة
الدور العملي في إحلال التفاهم والترابط محل التفرق والتشرذم، ومنذ
باكورة دراسته في العراق كان من الملتزمين بحضور دروس بعض العلماء
كالشيخ عبد السلام الكردستاني الشافعي والشيخ نور الدين الشافعي
والسيد عبد الوهاب الأفندي الحنفي، وآخرين، وله من الدروس تقريرات
شديدة، كما ولد السيد سعيدا آخر لتوثيق عري التعاضد بين علماء
المسلمين، وهو سعيد إجازة الرواية، حيث كانت له إجازة رواية من عدد
كبير من علماء أهل السنه، وله ولهم منه إجازات وبلغت إجازاته 56
إجازة رواية من فقهاء أهل السنه و17 إجازة من علماء الزيدية، وكانت
لهم مراسلات عديدة مع مشايخ السنة وتناول معهم المسائل العلمية
وقضايا المسلمين وشؤونهم، منهم السيد محمود شكر الألوسي، الشيخ
الطنطاوي جوهري، والسيد ياسين الحنفي البغدادي، والأستاذ رشيد
بيضون، السيد محمد رشيد رضا، والشيخ أبو أحمد الجبالي، والشيخ يوسف
التجوي.
كما كانت له مراسلات عديدة مع الشيخ محمد بهجت العطار
الدمشقي، والسيد حسن محمد الرفاعي المصري، وغيرهما.
فقد كان هدفه ينصب بالدرجة الأولى من هذه المراسلات على التفاهم
بشان المسائل المذهبية وإزالة ما علق في الأذهان من شبهات وبالتالي
توحيد كلمة المسلمين.