من خواطر التراث

2024/01/05

الاستاذ احمد علي الحلي 
كانت الكتب المطبوعة والمخطوطة تجتمع عند الشيخ كاظم الكتبي؛ لتباع في مكتبته الواقعة في قيصرية علي آقا يوم الجمعة بالحرج- المزاد- وكان لآية الله المحقق السيد محمد مهدي الخرسان خصوصية في رؤية الكتب قبل ساعة الصفر، فرأى السيد الخرسان نسخة من كتاب تاريخ بغداد مطبوعة معروضة للبيع فتصفحها فإذا عليها حواشي آية الله الشيخ حسين الحلي (قده)، وكان السيد لا يملك المال لشرائها، فاستعارها من الكتبي لنسخها في ليلة واحدة، إذ غدًا يوم الجمعة وستباع ويحرم من حاشيتها، إن لم يستنسخها.
فقام السيد الخرسان باستنساخها في ليلة واحدة وارجع الأصل إلى الكتبي وبيعت النسخة، وكان يصرح بوجودها في مكتبته.
وبعد أن سمعت منه ذلك حثثت فضيلة المحقق الشيخ رضا المختاري دام علاه ليستخرج هذه الدرة من السيد فتعذر ببعد العهد، والوقت.
وكنت قد نوهت للشيخ للشيخ المختاري يومًا ما أن يتحدث مع السيد الخرسان لطباعة حاشيته على كتاب الذريعة التي طالما سمعت عنها منه في المجلس، فاستجاب السيد لالتماسه وأمر أحفاده السادة بتصوير الحاشية التي كتبها على مطبوع الذريعة وسحبها على الورق، واستلمتها منه وأوصلتها للمختاري، ثم استلمتها من الشيخ منضدة مرتبة على الورق لأعرضها على السيد الخرسان فأوصلتها له، ثم استلمتها منه وعليها بعض التصحيحات والملحوظات، وأوصلتها للشيخ المختاري.
وطبعت في مجلة تراث الشيعة.
ويبدو لي أنها أول مقالة طبعت له في المجلات؛ لأنه كان يصرح أنه كان يمتنع من كتابة المقالات لئلا يشغل نفسه عن التأليف، ولئلا يحرج من قبل البعض فيذهب وقته هدرا.
ثم توالت بعض مقالاته في المجلة نفسها.
علمًا أنني وجدت بعض حواشي الشيخ الحلي (قده) على تاريخ بغداد وكتب أخرى في مجموعة كتبه المصورة في مكتبة الإمام الحكيم، وكان بعضها بدلالة الصديق الشيخ مصطفى البو الطابوق.
وقد رأيت الكثير من حواشيه في مكتبته التي اقتناها المرحوم العلامة السيد محمد بحر العلوم (ره) وجُعلت في مكتبة معهد العلمين بجناح خاص باسمه.
وإن لي حق الافتخار بأنني قدّرت قيمة مخطوطات المكتبة حين شرائها من قبل السيد بحر العلوم، وكانت نحو خمسة كراتين.
التعاليق:

١- المحقق العلامة السيد محمد حسين الكشميري:

واستمر المرحوم الحاج كاظم الكتبي على بيع الكتب بالمزاد يوم الجمعة، بعد انتقاله من القيصرية إلى شارع الرسول.
وببالي ذكريات في ذلك المزاد، مثلاً اشتريت منه في يوم المزاد طبعة حروفية من كتاب فرائد الأصول للمرحوم الشيخ الأنصاري، طبعة تبريز، وفرحت بها أيّما فرح، لأنها كانت المرّة الأولى التي أرى فيها طبعة حروفية من الكتاب المذكور. وكان ذلك في حدود ١٩٧٧م. واشتريتها يومذاك بمبلغ ثلاثة دنانير و٨٠٠ فلساً وكان مبلغاً كبيراً ومكلفاً بالنسبة لي في ذلك الوقت. ولكن للأسف وجدتها فيمابعد كثيرة الأخطاء.
والمزاد العلني لبيع الكتب كان سببه غالباً إما وفاة رجل من أهل العلم فتباع مكتبته الخاصة بالمزاد، أو تعرض ضائقة مالية لأحد أهل العلم فيضطر لبيع مكتبته  بالمزاد، وربما كان بعض أهل العلم من الأجانب وقد أجبر على مغادرة العراق من قبل النظام السابق، أو ما يشبه ذلك من الأسباب. 
كتبتُ هذا لمن لم يدرك تلك الفترة من تاريخ النجف فلعله يستغرب ولا يستوعب فكرة (المزاد العلني لبيع الكتب).

٢- الشيخ محمد حسين النجفي:

وسمعت من السيد علي الخراساني انه حضر يوما المزاد، فوجد المرحوم الكتبي قد عرض للبيع دورة من مفتاح الكرامة الطبعة المصريّة التي نشرها العلامة السيد محسن الأمين، وسأل عنها فكان سعرها باهضاً جدّاً، فاشتراها بعض المشايخ  (ممن لا حصيلة له) على تعبير السيد، فتألم كثيراً، وطلب منه ان ينظر في الدورة فأجازه، فوجد اغلب مجلداتها مكررة، فابتسم السيد وقال: على نياتكم ترزقون.
أخترنا لك
العلماء والإصرار على نشر العلم

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة