خواطر.. اغتنام الفُرص

2022/11/02

بقلم /نجوى معروف/ الراية

تلوح الفُرص في فضائنا كباقي الظواهر الطبيعية، كالمَدِّ والجزرِ، والشمس والرياح والشلالات المُستخدمة لإنتاج الطاقة، كالهجراتِ والانفراجات.

ولقد كان لنا في أزمة كورونا فرص استفاد منها أولو الألباب، بالرغم من الخسارات المهولة لفئات مُختلفة حول العالم.

ففي الوقت الذي اغتنم به بعض العلماء والأطباء الفرصة للبحث عن طرق العلاج والحد من تحوّر الفيروس وانتشاره، انتهز البعض الآخر نفس الفرصة للتشكيك والاتهام في منشأ الفيروس، والتنظير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان من الطبيعي أن تغتنمَ شركات تصنيع المُستلزمات الطبيّة والصحيّة فرصةَ تزايد الطلب على مُنتجات التعقيم والوقاية من العدوى والعقاقير اللازمة، بهدف توفيرها للجميع.

أمّا دور الأزياء العالمية فتهافتت على تصنيع كماماتٍ تحمل علاماتها التجارية، فهناك فئات لا تتوانى عن اقتنائها بأسعار باهظة، وبالمُناسبة ليس في ذلك أي انتهازيةٍ طالما أنّ البدائل الرخيصة مُتوفرة، ولنتذكر دائمًا أن العاملين في تلك الشركات يحتاجون للرواتب كباقي الناس.

ومن مُنطلقِ اختلاف قدرات الناس على التحمّل، كان من الذكاء أن تُصنّع إحدى الشركات كمامة بها مروحة داخلية تُجدد وتُنقّي الهواء، لتُنعشَ الوجه المُتَعَرّق، فليتنعّم كُلّ من قدّم إضافةً وقُدّر له الاستفادة من غنائم الحرب الفيروسيّة، إن صحَّ التعبير!

ففي الوقت الذي تذمّر خلاله البعض من الحجر الصحي، انشغلت العقول المُصَنّعة باختراع تطبيق ترجمة فورية موصول بكمامة خاصة بها ميكروفون مُدمج يتصل بالهاتف الذكي لمُرتديها، أو بالجهاز اللوحي الآيباد عبر البلوتوث، ويمكنها ترجمة الكلام إلى اللغات اليابانية والصينية والكورية والفيتنامية والإندونيسية، والإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، ومن المُتوقع أن تُباعَ بسعر يتراوح بين 40-50 دولارًا.

ولنا أن نتخيّلَ أعداد المُستفيدين من هذا الاختراع، من أطباء، ومرضى، وسائحين، وتجّار، ومُهاجرين، قبل أن ننشغلَ بحساب أرباح أصحاب المشروع، بلْ لنبارك لهم ما قدّمت أيديهم.

ولا أجد في تصنيع أي منتج ذي قيمة مُضافة وفائدة للناس خلال الجائحة أو بعدها أو قبلها، صفة الانتهازية، فلولا تفاعل الذكاء البشري مع المُجريات والاحتياجات، لكُنّا نعيش في بدائية القرون السابقة.

أمّا الانتهازية فهي الممارسة الواعية للاستفادة الأنانية من الظروفِ، مع الاهتمام الضئيل بالعواقب التي ستعود على الآخرين. ولقد تجسّدت في احتكار الاحتياجات المُتعلقة بأي أزمة، ونشر الآراء السلبيّة المُضادة والمُحبطة في سبيل الظهور، فطوبى لكل من قدّم للبشرية فكرةً تحوّلت لخدمة مُفيدة.

هناك فرص نادرة لا يلمحها إلا الحريصون، ولا نعرف إنْ كانت ستلوح في الأفق مرة أخرى. وها نحن على أبواب استضافة كأس العالم 2022، الفُرصة التي أظهرت لنا انتهازيّة الباحثين عن الثغرات بمجهر الحسد والانتقاص، مُتجاهلين النهضة المعمارية والثقافية ومشاريع التنمية المُستدامة، التي ستتنعم بها الأجيال الحاليّة والقادمة، قطر اليوم محورٌ يتطلّع العالم نحوه، لنغتنم معًا فرصة هذه الاستضافة، ونعكس هُويتنا الخاصة، فخورين بقيمنا وعاداتنا الأصيلة، سواءً كنّا في بلادهم أو كانوا في بلادنا.

حفظ الله العباد والبلاد، وجعلها فرصة خيرٍ وبركة.

أخترنا لك
مائة الف تغريدة لطلبة الجامعات العراقية تطالب بالامتحانات الالكترونية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة