الدرس السريلانكي.. التراخي في تنويع الاقتصاد قنبلة اجتماعية موقوتة

2022/05/10

لم تسفر استقالة رئيس الوزراء السريلانكي، ماهيندا راجاباكسا، أول أمس، عن تهدئة الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع إثر تفاقم أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها البلاد منذ استقلالها عام 1948، حيث يطالب المحتجون باستقالة الرئيس غوتابايا راجاباكسا، وهو شقيق رئيس الوزراء، ولا يزال في منصبه ويتمتع بصلاحيات واسعة ويتولى قيادة القوات الأمنية.

وتعد سريلانكا ضحية عقود من الاقتصاد غير المتوازن. حيث تعتمد البلاد على مصدرين رئيسيين للدخل وتلبية معيشة السكان، هما تحويلات المغتربين وعائدات السياحة. ومنذ انتشار جائحة «كوفيد 19» تعرض هذان المصدران للانحسار بسبب الإغلاق العام في أنحاء العالم وفقدان عدد كبير من العاملين في الخارج وظائفهم أو انخفاض في رواتبهم؛ الأمر الذي عرّض مئات الآلاف من السكان للسقوط في مستوى جديد غير مسبوق من الفقر، ما أدى إلى تراجع احتياطي العملات الأجنبية الضروري لسداد ديون البلاد، وأجبر الحكومة على تعليق العديد من الواردات. وأدت الحرب في أوكرانيا كذلك إلى ارتفاع أسعار الوقود في العالم، مما فاقم من الصعوبات في سريلانكا. وأدى انقطاع التيار الكهربائي ونقص الغذاء والوقود والأدوية لعدة أشهر إلى تفاقم الفقر في الجزيرة وإلى تظاهرات كبيرة للمطالبة باستقالة الحكومة. وأدى ذلك إلى نقص حاد في المواد الاستهلاكية، وتضخم جامح، وانقطاعات طويلة في التيار الكهربائي.

ولأنها غير قادرة على تسديد ثمن واردات الوقود، فرضت الإدارات الحكومية قطع التيار الكهربائي يومياً لتقنين الكهرباء، بينما تتشكل طوابير طويلة خارج محطات الوقود لشراء البنزين والكيروسين. وتعاني المستشفيات من نقص الأدوية الحيوية. ووجهت الحكومة نداءً إلى مواطنيها الذين يعيشون في الخارج لتقديم تبرعات.

واليوم، نشرت سريلانكا الآلاف من عناصر الجيش والشرطة لفرض حظر تجول غداة مقتل خمسة أشخاص في أعمال عنف هي الأسوأ خلال أسابيع من الاحتجاجات. وجرح نحو 200 شخص أيضاً في أعمال العنف الاثنين توازياً مع استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا التي لم تساعد كثيراً في تهدئة الغضب الشعبي.

وتدخل الجيش لإنقاذه في عملية قبيل الفجر الثلاثاء، بعد أن اقتحم آلاف المتظاهرين مقره الرسمي في كولومبو ليلاً. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وعيارات تحذيرية لصد الحشد.

بعد أسابيع من تظاهرات سلمية مناهضة للحكومة بشكل عام، اندلعت أعمال عنف عندما نزل أنصار ماهيندا راجاباكسا على العاصمة على متن حافلات استخدمت لنقلهم من مناطق ريفية، وهاجموا المحتجين بالعصي والهراوات.

وأضرمت حشود غاضبة النار في منازل أكثر من 12 من السياسيين الموالين لراجاباكسا، وأحرقوا عدداً من سياراتهم، فيما استُهدفت أيضاً حافلات وشاحنات استخدمت لنقل المتظاهرين الموالين للحكومة، في كولومبو ومحيطها. وأحرقت العديد من المنازل التي تعود لأفراد عائلة راجاباكسا في مختلف أنحاء البلاد، فيما تم تخريب متحف للعائلة في قرية أجداد الأسرة.
أخترنا لك
توظيف العِرق كعمل سياسي ـ ثقافيّ

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة