همسة في التنمية … التنمية البشرية بين الواقع وعالم الأوهام

2021/05/16

بقلم / روضة عمران القبيسي

صباح الخير، صباحٌ يزهو بالمحبة والصفاء، صباح العيد على دولتنا الغالية قطر، التنمية البشرية مفهوم تم صنعه من أجل إنقاذ الدول اقتصاديًا، وهذا ما جعل اعتماد إدارة الموارد البشرية على الحقائق التي تمكنها من تغيير واقع الموظف البائس، وتنقله من العالم الوهمي لسلبية الافتراضات إلى الواقع الحقيقي لتطبيق العبارات الاستثنائية، كما أن هنالك العديد من الأدباء والروائيين الذين وقعوا في فخ التنمية البشرية، التي تشجع البعض على البقاء في عالم الأحلام مهما بلغ بهم الألم، ومعانقة السحاب دون النظر إلى المآسي المتتالية التي زلزلت واقعهم المهني، ولهذا نجد أن الواقع بالفعل يختلف تمامًا عن المعتقدات والاستنتاجات وهذا ليس دفاعًا عنهم، إنما هو ترجمة عملية لمنهج الكتابة الأدبية قبل عقود من معرفة سياسة النصائح التي يقدّمها العلم المعاصر وإن كان بالسابق مقتصرًا على الجوانب السياسية والاقتصادية.

الواقع الاجتماعي للمجتمع المدني الملموس لا يمت بصلة للعديد من العبارات الإنشائية المترددة على لسان التنمية البشرية في وقتنا الحالي، وهذا ما يجعلنا نجد في كثير من الأحيان الموظف المسكين يطرق الباب بخجل، ويتجه نحو مكتب مدير الموارد البشرية ليجلس على مقعده المقابل لمكتب يحفل بالكثير من الكلمات الرائعة الموضوعة خصيصًا للاحتيال على عقله، مثل: الأحلام، السلام الداخلي، والأمان الوظيفي، والويل كل الويل إذا صدّق الأخيرة، لأنه عندما بدأ خبراء التنمية البشرية ببث طاقتهم الإيجابية ونصائحهم المشرقة إلى العالم، من دون أن يكونوا على علم بأنه سيتم استغلال هذه المفاهيم في سبيل تنفيذ أجندات تخدم المصالح الشخصية، والترويج لشخصيات بعينها، دون الاهتمام بعنصر رأس المال البشري على الإطلاق، فكم من مفهوم استعماري جديد أطلقه العلماء خلال العصور السابقة، وتم استغلاله لأسباب غير أخلاقية، بسبب استغلالهم للموارد البشرية أسوأ استغلال.

ومما لا شك فيه أن الانخراط في مثل هذه المصطلحات الخاصة بهذا العلم تعد في كثير من المواقع ضربًا من الوهم، والذي يجعلنا نسعى إلى فهم أعمق لمفهوم التنمية البشرية، والذي كثيرًا ما نراه بعيدًا عن المفهوم الأصلي له، لأنه في الحقيقة هو مفهوم يعود إلى الحقبة الزمنية المواتية للحروب العالمية، والتي ظهرت من خلالها تطبيقات عملية في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب اعتمادها على نظريات تدعم توجهات سياسية بحتة تسعى إلى دمج الدول النامية التي نالت استقلالها بالاقتصاد العالمي التابع للدول الاستعمارية الكبرى، تعزز من فاعلية العملية الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والسياسية الشاملة التي تستهدف تحسين رفاهية الأفراد، مع استمرار مشاركتهم النشطة في عملية التطوير والتنمية.

وفي الختام ندرك أن المفهوم الخاص بمجال التنمية البشرية هو مفهوم معني بتنمية العنصر البشري الذي هو الإنسان، وهو العلم الذي يهتم بتطوير وتنمية قدرات وإمكانيات الفرد بصفة دائمة ومستمرة، ما يساعده في ممارسة حياته والأنشطة المختلفة بطرق أفضل، فضلًا عن توسيع قدراته، والخيارات المتاحة أمامه، بينما يعزز من الحريات والإعمال بحقوق الإنسان، التي مرت بعدة تحديات منذ نشأة مفهوم التنمية البشرية، والتي تم وضعها وفق مناهج علمية منذ بداية العصر الكلاسيكي عقب الحرب العالمية الثانية، والتي اعتمدت على آراء مجموعة من العلماء المشهورين، أمثال: آدم سميث، توماس مالتوس، وديفيد ريكاردو، والتي اعتبرت من النظريّات أنّ الأفراد ورؤوس الأموال هما المكوّنان اللذان يُساهمان في الوصول إلى التنمية الاقتصاديّة. وبمرور السنوات تطورت النظريات حتى اهتمت بتنمية الإنسان أولًا ورسمت آفاقًا براقة لمفاهيم عدة تهتم بأفراد المجتمع المدني.

أخترنا لك
رحيل الأديب يعقوب أفرام منصور عن 94 عاماً

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة