جرى العثور قبل أيام على «كنز دفين»، حسب وصف الأوساط الثقافية
والأكاديمية البريطانية، يضم أعمالاً غير معروفة للشاعر البريطاني
تيد هيوز، والشاعر الآيرلندي شيموس هيني، والفنان الآيرلندي باري
كوك، وهو يكشف أيضاً عن عمق الصداقة الثلاثية الوثيقة التي جمعت
بينهم.
ونقلت جريدة «الغارديان» البريطانية عن أحد الأساتذة من جامعة
كامبريدج قوله إن تلك الصداقة كانت تمثل «نوعاً جامحاً من
العلاقات المتكافئة مثل ما كانت تمثله جماعة بلومزبري الفنية
القديمة».
والفنان التشكيلي باري كوك – الذي رحل عام 2014 – هو من رواد
الفنون التعبيرية في آيرلندا، فضلاً عن كونه شغوفاً بالصيد.
وذكرت الجريدة أن مارك ورمالد، أستاذ آداب اللغة الإنجليزية في
كلية بيمبروك التابعة لجامعة كامبريدج، والصياد المولع بالصيد
كذلك، قد تعرف على شخصية الفنان باري كوك أثناء قراءة «يوميات
الصيد» غير المنشورة للشاعر تيد هيوز في المكتبة البريطانية في
لندن. ومن ثم قام بزيارة الفنان باري كوك في آيرلندا، واكتشف عمق
الصداقة الوثيقة التي كانت تربط بين الرجال الثلاثة.
ويقول مارك ورمالد إن باري كوك قد أبلغه أنه كان أقرب إنسان
للشاعر شيموس هيني خارج حدود أسرته، وأنه «تشارك مع تيد هيوز
رحلات الصيد في غالب الأحيان، كما تشارك مع شيموس في الفنون وعشق
تراب آيرلندا».
ولقد قام السيد مارك ورمالد بزيارة باري كوك مرة أخرى بعد مرور
سنوات على الزيارة الأولى، وذلك عقب إصابة الفنان الآيرلندي بمرض
الخرف، وقرأ له من مذكرات الصيد الخاصة بالشاعر تيد هيوز، التي
كان قد ألفها في فبراير (شباط) من عام 1980.
وفي هذه الزيارة، أخرج له باري كوك صندوقاً قديماً مصنوعاً من
الورق المقوى ومليئاً بالكثير من أروع الخطابات التعبيرية التي
يمكن الاطلاع عليها على الإطلاق، وبعض الصور الفوتوغرافية التي
تعكس عمق العاطفة التي يكنها الرجال الثلاثة تجاه بعضهم البعض،
وذلك فضلاً عن 85 قصيدة من أشعار تيد هيوز وشيموس هيني، وبعض منها
لم يُنشر حتى الآن، تلك المجموعة من القصائد التي كان يُعتقد على
نطاق واسع أنها مفقودة تماماً، وهي تكشف التأثير المباشر التي كان
يملكه باري كوك على أعمال الشاعرين الكبيرين.
وفي خطاب من شيموس هيني في مارس (آذار) من عام 1972، كتبه في اللحظة التي اتخذ فيها القرار بأن يمضي في سبيل حياته ككاتب وشاعر مستقل، يقول لصديقه: «إن ثقتكم العميقة فينا تخلق ثقتنا الكبيرة في أنفسنا، ومن العجيب للغاية أن إرادة التغيير في حياتنا قد ازدهرت في أعقاب تلك النزهة الصباحية القصيرة إلى بحيرة لوغالا، ثم ذلك الوقت اللطيف للغاية الذي قضيناه في مطبخ منزلك الجميل مساء السبت عندما تناولنا أول وجبة للعشاء من سمك الكراكي سوياً!».
وكان الصندوق يضم 25 خطاباً من تأليف تيد هيوز، تلك التي كتبها على مدار 30 عاماً كاملة، وقصيدة شعرية من أعماله بعنوان «ترينشفورد أون دارتمور»، التي ألفها لأجل باري كوك وشريكه جاك فالنتين في ذلك الوقت، ورسم تخطيطي من أعمال تيد هيوز أيضاً، وهو يعيد فيه سرد إحدى الأساطير الآيرلندية القديمة.
يقول ورمالد عن شاعر البلاط البريطاني السابق: «بالنسبة إلى تيد هيوز، فقد كانت روحه معذبة، وشخصيته تثير الكثير من الجدل».
كانت الصداقة العميقة بين الرجال الثلاثة معروفة للجميع بالفعل: فلقد كانت هيني وهيوز يعملان سوياً، في حين أن الفضل يُنسب إلى باري كوك في اقتراح وتوضيح مجريات قصيدة تيد هيوز المعنونة «سمك الكراكي الآيرلندي العظيم». غير أن المجموعة تشتمل أيضاً على صور «جامحة» لعمل تيد هيوز المعنون «الغراب»، وتعكس أن تعاونهم الفني يرجع إلى أوائل حقبة الستينيات من القرن الماضي.
لقد اعتبر تيد هيوز وشيموس هيني، باري كوك، بمثابة كاتم سر الصداقة الكبيرة، وقد استمدا قوة هائلة من وراء ذلك، وكانا يعلمان أن أعمالهما تلقى الكثير من المتابعة والتفحص من قبل الآخرين، كما قال ورمالد، الذي شارك في تحرير طبعات من أعمال تيد هيوز، والذي من المقرر أن ينشر كتابه بعنوان «الصيد: البحث عن هوية تيد هيوز» في عام 2021 المقبل.
يقول السيد ورمالد: «كان الشغف الكبير الذي تتسم به الخطابات التي جمعت بين هؤلاء الرجال الثلاثة يزداد تأثيره الكبير على نفسي مع مرور الوقت، كما أن تلك الخطابات تغير كل ما نعرفه عن أعمال المبدعين الثلاثة وعن حياتهم الشخصية كذلك. كان تيد هيوز يظهر بمظهر الوالد المخلص لأسرته تماماً، والصديق الوفي الرائع، والشخصية التي عشقت الطبيعة، وتجسد ذلك من خلال شغفه الكبير بالصيد. ولقد كان تأثير باري كوك على شيموس هيني حقيقياً وعميقاً، كما كانت الغذاء الروحي والوجداني للشاعر الآيرلندي».
وأهدت كريمات باري كوك هذه الرسائل والقصائد المكتشفة إلى كلية بيمبروك – وهي الكلية الأم للشاعر تيد هيوز. ومن المقرر أن تشرع هذه الكلية في إعداد فهرس لهذا الاكتشاف الثمين داخل مكتبة الكلية، مع ترتيب سلسلة من المعارض اللاحقة لعرضها على الجمهور في أوقات قادمة.