بقلم/جمال القصاص: مصر
لا أعرف بالضبط
كيف ارتفعت حرارتي فجأة
لعلّي فشلت في أن أخبئكِ تحت جلدي
ربما لم يكن هذا هو المكانَ اللائق
لأكلَّم عصافيرك النائمة في جسدي
أشياء كثيرة ينبغي أن نتركها تحيا كما تشتهي
من السخف أن نفتعل حديثاً معها
عن الثورة أو الجنون
أو نعلِّمها مرثية خرساء
لا تليق بشاعر
لا يعرف كيف ارتفعت حرارته فجأة
طقم أسناني ليس شاعرياً بالمرة
لا يستطيع هضمَ حرفٍ مارقٍ
ترمَّلتْ عينُهُ اليسرى من كثرة التحديق
أو يعلِّم شقيقاتَهُ الرُّضَّع
كيف بملعقة صغيرة يتجولن في الأطباق
ثمة أثداءُ لا تُرى للكريم كرامة
ثمة روائح شهيّة
يكفي أن أسند أمعائي عليها
وأكتب: هذه رائحة الأنثى
هذه رائحة البندق
هذه رائحة الخروب
لا أحبُّ لحمَ الضأن
مبكراً غادرتُ القطيعَ
لأكتشف عذرية الغابةِ
يقول الطبيب: صَادِقهُ
كأنك طفلٌ يتهجّى الكلام
يعضعضُ في سقف اللغة
أيةُ لغةٍ وأيُّ كلامٍ
كيف تصبح شارتي فراشةً عرجاءَ
على الطاولة
أو فوق حافة النهر
من يبادلني قزقزةَ المواعيدِ ببطء
يا فمي الطيّبَ
يا رفيقَ الرحلة والمسرّات
أرجوك دلّني
كيف أعضُّ على شفتيكَ
أفتتُ دمعة شاخ غصنها
أداعب ما تبقى من عصارة النور
الحياة لم تعد طفلتنا المدلّلة
كبرتْ فجأة
عشاقٌ كثيرون يدقون الأبواب
بعضهم مدججٌ بأسلحة فتاكة
وآخرون يحتضنون وروداً ذابلة
لا أعرف كيف سيسع المسرحُ كلّ هؤلاء
كيف سأوزعُ الأدوارَ بالقسط
وماذا سيفعل الإوزُ في حفل التَّخرج
وهل سيظل عازفُ الناي الأعمى
يلوِّنُ رعشته بين فواصل النور
أنا لم أكتب الحياة
لا أعرف هل عاشتني
أم عشتها
ومع ذلك مازلت أكرِّرُ الدرسَ يومياً
أعدُّ على أصابعي:
الجمعة، السبت، الأحد...
أشياء كثيرة لا تقبل القسمةَ على اثنين
لا يعرف أحدهما أنه الآخر
أو أن بينهما ثالثاً لا يُرى
أشعرُ بفراغ قاتل
لأنني لم أكمل هذه القصيدة
تركتُ نصفها عارياً
يدي اللِّصّة لم تعد تكلِّمني
لم نتشاجر منذ فترة
لم نبحث عن صمتٍ يخصنا
شيءٌ سخيفٌ أن تكتشفَ نفسكَ في هذه السِّن
أن تبرِّر وجودكَ بخطأ ضاع منك
أن تظنَّ أن ثمة شيئاً يمكن أن يغيِّّر هذا العالم
أبْعَدَ من الشر
من الخير
من نصف قصيدة عارية
لا أحبّ أن أتأثرَ عاطفياً بكِ
لا أريدكِ كتاباً مفتوحاً في داخلي
يكفي ما شربته من غبار الحروف
لكن، بعدما ينتهي هذا العالمُ
بعدما يبدأ
سأكون قادراً على أن أشبِّهك
بالزمن أو الموت أو الحلم
سأقول بعض الكلمات
عن أخطاء الروح
سأكون انطباعياً جداً
وأنا اكتشف مساحات التجريد في جسدك
وكيف تشهق الألوانُ من شدة الجوع
من شدة الخجل
من شدة النور..
ثمة طرق كثيرة للانتماء
أقصرها أن ندير ظهورنا للمرآة
ندّعي أن ذاكرتها سيئة
لا تحفظ وصايا العشب
لا تحسن آداب المائدة
عشتُ أكثرَ مما ينبغي
حلمتُ أكثرَ مما ينبغي
كتبتُ أكثرَ مما ينبغي
أحببتُ أكثرً مما ينبغي
تألمتُ أكثرَ مما ينبغي
صرتُ
وحيداً
أكثرَ
مما ينبغي