" وإنّ أوهنَ البيُوتِ لبيتُ العنكبوتِ لوْ كانوا يعلمُون " ــ العنكبوت 41

2020/01/07

 

خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي .. ( البطل ) الذي انبثق فجأة وصعد نجمه , من بين ركام الفاسدين والمفسدين من الطبقة السياسية العراقية الحاكمة , كان قد كشف عن الوجه القبيح الهش , والذي يشبه الى حدّ ٍ بعيد ٍ هشاشة وقبح بيت العنكبوت , والمستتر خلف الكواليس السلطة والنفوذ , من خلال فضحه لبعض الأسماء المبتزّة له , باعتباره جزء ً لا يتجزّأ مِن المنظومة الفاسدة , التي يتشكل منها المشهد السياسي العراقي . 
فالعبيدي كوزير لا يختلف عن غيره من الوزراء في حكومة العبادي التوافقيّة , فأنه أتى لوزارة الدفاع كمرشح عن ( كتلة متحدون ) بصفقة المحاصصة السياسيّة النتنة . وكغيره لا يخلو سجله الشخصي والمهني , من تهم فساد وتقاعس وتستر وغيرها . فهو لا يزال متهم بتقاعسه بعدم نجدة وإغاثة الجنود العراقيين , الذين قضوا رغم المناشدات في ( ناظم الثرثار ) على يد عصابات داعش في نيسان من عام 2015 م , مما أدى الى استشهاد قائد الفرقة الأولى , وآمر اللواء ( 38 ) , وضابط استخبارات الفرقة , و( 127 ) بين ضابط وجندي وحشد شعبي . وكذلك تستره على أخطر ملف , وهو ملف اسباب سقوط الموصل وسكوته المتعمد عنه , رغم تحميله المسؤولية بصورة مبطنة , لرئيس الحكومة السابق ووزير الدفاع وكالة ( نوري المالكي ) , من خلال كلمته في ذكرى عيد الجيش العراقي الـ ( 94 ) عام 2015 م حيث جاء فيه : 
" ما حصل من نكسة في العاشر من حزيران الماضي , كان بسبب ضعف الأداء , وضعف القيادات وقلة الانضباط , اضافة إلى الفساد المستشري في البناء غير السليم في التسليح والتجهيز والإدارة والدعم .. كان عاملا إضافيا ساهم في انهيار وحدات الجيش , التي كانت مرابطة في المدينة شمال البلاد " . 
فرغم سكوته على ملفات فساد , تخص وزراء سابقين توالوا على وزارة الدفاع , دون أن يتخذ ما يلزم إزائها من إجراء أو إحالتها للقضاء . ورغم تورطه بملفات فساد وزارة الدفاع , والتي ثبتت عليه واثيرت حوله بالاستجواب الأول ، وبسبب التوافقية والمحاصصة السياسية , تلك اللعبة التي تجري على مبدأ ( لا غالب ولا مغلوب , ولا أحد يدّعي النُسُك أو العُهْر بالوقت نفسه , حيث الكل سواسية كأسنان المشط ) جدّد مجلس النوّاب الثقة بوزير الدفاع خالد العبيدي , حاله كحال أي وزير يستجوب بأخطر ملفات فساد في الدولة العراقية ولم يثبت عليه شيء , خلال الجلسة الـ (26 ) من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثانية في 3/10/2015 م , بعد الاقتناع بأجوبته خلال عملية استجوابه في البرلمان .
فالقنبلة ( الفضيحة ) التي فجرها العبيدي مؤخرا ً داخل قبة البرلمان , والتي هزّت جميع ممثلي الشعب , دون أن تهزّ الشعب نفسه , لأنّه على يقين بالحال الذي هم عليه كفاسدين ومفسدين منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة . والدليل ما صدحت به تلك الزوجة الصالحة , وهي تخاطب زوجها البطل قبل استشهاده ملبيا ً النداء المقدس لقتال داعش , وأقرّت المرجعية الدينية العليا , كلامها الذي ينطبق على جميع السياسيين العراقيين اليوم :
(( .. أمراض أصابت ضمائر مَن اؤتمنوا , على أرض العراق وثرواته وشعبه , فخانوا الأمانة وخذلوا الشعب.. )).

وإذا ما لاحظنا أن الوزير ( البطل ) العبيدي هو سنّي , والمتهمّين الذين كشف عن أسمائهم ( المبتزّين له ولوزارته ) معظمهم نوّاب سنّة أيضا ً , يكون قد كشف عن حقيقة ما يدور داخل الوزارات ( المحاصصتيّة ) والموزعة على الكتل السياسية داخل قبة الشعب . وأماط اللثام عن النبع الذي لا ينضب , لأوجه الثراء الفاحش المتمثل بنهب وسرقة المال العام .
وما النائبة حنان الفتلاوي والنائبة عالية نصيف ( جبهة الإصلاح ) إلاّ كسقط المتاع للتحالف الوطني الشيعي , مع أنّ الأمر برمّته لا يخرج عن المناكفات السخيفة التي تتطلبها اللعبة السياسية , وكذلك لأسباب تتعلق بذات الحراك السياسي الفاسد , لدى النائبتين المذكورتين . ولهذا نرى التحالف الوطني الشيعي , كيف اندفع وراح يبيع شرف وطني ّ زائف , وزائد عن حدّه بدعم العبيدي بشكل مفضوح ولافت للنظر, من خلال مداخلة النائب خالد الأسدي وتحريضهما لوزير الدفاع بكشف الاسماء الفاسدة , بمشهد تغلّبت عليه المهاترات والتسقيط وتصفية الحسابات السياسية . وقد انجرّت الى ذلك كتلة الأحرار من خلال موقف عوّاد العوادي المتشفّي , الذي طالب بتعجيل رفع الحصانة عن جميع الأسماء التي ذكرت , وكان يقصد بالتحديد ( سليم الجبوري ) رئيس البرلمان الخصم لهم .
وبغضّ النظر مِن أنّ مافيات الفساد من السياسيين لديهم المقدرة على امتصاص مثل هكذا طارئ, والدخول بمساومات واتفاقات تحوّل انفجار قنبلة العبيدي ( الفضيحة ) من انفجار يحرق الأخضر واليابس , الى انفجار مسيطر عليه . وبغض عن السيناريو المسبق لدى السيد الوزير ( البطل ) الرامي الى ضرب الخط السياسي المنافس ( الداعشي ) والمتمثل بكتلة الحل والحزب الاسلامي , لتخلو الساحة السياسية له وللنجيفيين , وخصوصا وهم على ابواب تحرير مدينة الموصل ( المستقبل السياسي بالنسبة لهم ) , وبغضّ النظر أيضا ً عن ضعف القضاء واختراقه من قبل السياسيين , وهشاشة وضعف مفوضية النزاهة ووقوعها هي الاخرى ضمن المحاصصة السياسية ..
السؤال المهم هنا .. ماذا يحصل إذن بالوزارات الشيعيّة والتي يشغلها وزراء شيعة , من قبل نوّاب الكتل السياسيّة الشيعية ؟؟. فإذا كانت القنبلة العُبيديّة التي فُجّرت بساحة الفساد السُني هي الطامّة ... فما تنطوي عليه الساحة الشيعية الفاسدة أطمّ وأدهى , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 

نجاح بيعي   كتبت هذه المقالة بتاريخ 2-8-2016
أخترنا لك
مَن أسس الحشد الشعبي وسنّ قانونه .. المرجعيّة الدينيّة العليا ؟. ( 1 )

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف