خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي .. ( البطل ) الذي انبثق فجأة
وصعد نجمه , من بين ركام الفاسدين والمفسدين من الطبقة السياسية
العراقية الحاكمة , كان قد كشف عن الوجه القبيح الهش , والذي يشبه
الى حدّ ٍ بعيد ٍ هشاشة وقبح بيت العنكبوت , والمستتر خلف الكواليس
السلطة والنفوذ , من خلال فضحه لبعض الأسماء المبتزّة له , باعتباره
جزء ً لا يتجزّأ مِن المنظومة الفاسدة , التي يتشكل منها المشهد
السياسي العراقي .
فالعبيدي كوزير لا يختلف عن غيره من الوزراء في حكومة العبادي
التوافقيّة , فأنه أتى لوزارة الدفاع كمرشح عن ( كتلة متحدون )
بصفقة المحاصصة السياسيّة النتنة . وكغيره لا يخلو سجله الشخصي
والمهني , من تهم فساد وتقاعس وتستر وغيرها . فهو لا يزال متهم
بتقاعسه بعدم نجدة وإغاثة الجنود العراقيين , الذين قضوا رغم
المناشدات في ( ناظم الثرثار ) على يد عصابات داعش في نيسان من عام
2015 م , مما أدى الى استشهاد قائد الفرقة الأولى , وآمر اللواء (
38 ) , وضابط استخبارات الفرقة , و( 127 ) بين ضابط وجندي وحشد شعبي
. وكذلك تستره على أخطر ملف , وهو ملف اسباب سقوط الموصل وسكوته
المتعمد عنه , رغم تحميله المسؤولية بصورة مبطنة , لرئيس الحكومة
السابق ووزير الدفاع وكالة ( نوري المالكي ) , من خلال كلمته في
ذكرى عيد الجيش العراقي الـ ( 94 ) عام 2015 م حيث جاء فيه
:
" ما حصل من نكسة في العاشر من حزيران الماضي , كان بسبب ضعف الأداء
, وضعف القيادات وقلة الانضباط , اضافة إلى الفساد المستشري في
البناء غير السليم في التسليح والتجهيز والإدارة والدعم .. كان
عاملا إضافيا ساهم في انهيار وحدات الجيش , التي كانت مرابطة في
المدينة شمال البلاد " .
فرغم سكوته على ملفات فساد , تخص وزراء سابقين توالوا على وزارة
الدفاع , دون أن يتخذ ما يلزم إزائها من إجراء أو إحالتها للقضاء .
ورغم تورطه بملفات فساد وزارة الدفاع , والتي ثبتت عليه واثيرت حوله
بالاستجواب الأول ، وبسبب التوافقية والمحاصصة السياسية , تلك
اللعبة التي تجري على مبدأ ( لا غالب ولا مغلوب , ولا أحد يدّعي
النُسُك أو العُهْر بالوقت نفسه , حيث الكل سواسية كأسنان المشط )
جدّد مجلس النوّاب الثقة بوزير الدفاع خالد العبيدي , حاله كحال أي
وزير يستجوب بأخطر ملفات فساد في الدولة العراقية ولم يثبت عليه شيء
, خلال الجلسة الـ (26 ) من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية
الثانية في 3/10/2015 م , بعد الاقتناع بأجوبته خلال عملية استجوابه
في البرلمان .
فالقنبلة ( الفضيحة ) التي فجرها العبيدي مؤخرا ً داخل قبة البرلمان
, والتي هزّت جميع ممثلي الشعب , دون أن تهزّ الشعب نفسه , لأنّه
على يقين بالحال الذي هم عليه كفاسدين ومفسدين منذ أكثر من ثلاثة
عشر سنة . والدليل ما صدحت به تلك الزوجة الصالحة , وهي تخاطب زوجها
البطل قبل استشهاده ملبيا ً النداء المقدس لقتال داعش , وأقرّت
المرجعية الدينية العليا , كلامها الذي ينطبق على جميع السياسيين
العراقيين اليوم :
(( .. أمراض أصابت ضمائر مَن اؤتمنوا , على أرض العراق وثرواته
وشعبه , فخانوا الأمانة وخذلوا الشعب.. )).
وإذا ما لاحظنا أن الوزير ( البطل ) العبيدي هو سنّي , والمتهمّين
الذين كشف عن أسمائهم ( المبتزّين له ولوزارته ) معظمهم نوّاب سنّة
أيضا ً , يكون قد كشف عن حقيقة ما يدور داخل الوزارات ( المحاصصتيّة
) والموزعة على الكتل السياسية داخل قبة الشعب . وأماط اللثام عن
النبع الذي لا ينضب , لأوجه الثراء الفاحش المتمثل بنهب وسرقة المال
العام .
وما النائبة حنان الفتلاوي والنائبة عالية نصيف ( جبهة الإصلاح )
إلاّ كسقط المتاع للتحالف الوطني الشيعي , مع أنّ الأمر برمّته لا
يخرج عن المناكفات السخيفة التي تتطلبها اللعبة السياسية , وكذلك
لأسباب تتعلق بذات الحراك السياسي الفاسد , لدى النائبتين
المذكورتين . ولهذا نرى التحالف الوطني الشيعي , كيف اندفع وراح
يبيع شرف وطني ّ زائف , وزائد عن حدّه بدعم العبيدي بشكل مفضوح
ولافت للنظر, من خلال مداخلة النائب خالد الأسدي وتحريضهما لوزير
الدفاع بكشف الاسماء الفاسدة , بمشهد تغلّبت عليه المهاترات
والتسقيط وتصفية الحسابات السياسية . وقد انجرّت الى ذلك كتلة
الأحرار من خلال موقف عوّاد العوادي المتشفّي , الذي طالب بتعجيل
رفع الحصانة عن جميع الأسماء التي ذكرت , وكان يقصد بالتحديد ( سليم
الجبوري ) رئيس البرلمان الخصم لهم .
وبغضّ النظر مِن أنّ مافيات الفساد من السياسيين لديهم المقدرة على
امتصاص مثل هكذا طارئ, والدخول بمساومات واتفاقات تحوّل انفجار
قنبلة العبيدي ( الفضيحة ) من انفجار يحرق الأخضر واليابس , الى
انفجار مسيطر عليه . وبغض عن السيناريو المسبق لدى السيد الوزير (
البطل ) الرامي الى ضرب الخط السياسي المنافس ( الداعشي ) والمتمثل
بكتلة الحل والحزب الاسلامي , لتخلو الساحة السياسية له وللنجيفيين
, وخصوصا وهم على ابواب تحرير مدينة الموصل ( المستقبل السياسي
بالنسبة لهم ) , وبغضّ النظر أيضا ً عن ضعف القضاء واختراقه من قبل
السياسيين , وهشاشة وضعف مفوضية النزاهة ووقوعها هي الاخرى ضمن
المحاصصة السياسية ..
السؤال المهم هنا .. ماذا يحصل إذن بالوزارات الشيعيّة والتي يشغلها
وزراء شيعة , من قبل نوّاب الكتل السياسيّة الشيعية ؟؟. فإذا كانت
القنبلة العُبيديّة التي فُجّرت بساحة الفساد السُني هي الطامّة ...
فما تنطوي عليه الساحة الشيعية الفاسدة أطمّ وأدهى , ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم