طغاه قريش الذين حاربوا رسول الله (ص) ونزلت في ذمهم ايات من القران الكريم
الفصل الاول
(إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ)
قال تعالى :
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر 94
يقول القرطبي في تفسيره
وقال عبد الله بن عبيد: ما زال النبيّ صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل قوله تعالى: «فاصدع بِما تؤمر» فخرج هو وأصحابه. وقال مجاهد: أراد الجهر بالقرآن في الصلاة. «وأعرِض عنِ المشرِكين» لا تبال بهم. وقال ابن إسحاق: لما تمادَوْا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى «فاصدع بِما تؤمر وأعِرض عنِ المشرِكين. إنا كفيناك المستهزِئِين. الذين يجعلون مع اللَّهِ إِلٰهاً آخرَ فسوف يعلمون».
والمعنى: اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله فإن الله كافيك مَن أذاك كما كفاك المستهزئين، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة،
وهم :
1- الوليد بن المغيرة وهو رأسهم
2- العاص بن وائل
3- الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة
4- الأسود بن عبد يَغُوث
5- الحارث بن الطُّلاطِلَة
أهلكهم الله جميعاً، قيل يوم بدر في يوم واحد لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب هلاكهم فيما ذكر ٱبن إسحاق: أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعَمِيَ ووجِعت عينه، فجعل يضرب برأسه الجدار.
ومرّ به الأسود بن عبد يَغُوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنُه فمات منه حَبَناً. [يقال: حَبِن بالكسر] حَبَنا وحُبِن للمفعول عظم بطنه بالماء الأصفر، فهو أحبن، والمرأة حبناء قاله في الصحاح.
ومرّ به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنين، وهو يَجُرّ سَبَله، وذلك أنه مرّ برجل من خزاعة يَرِيش نَبْلاً له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخَدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقض به فقتله.
ومرّ به العاص بن وائل فأشار إلى أَخْمَص قدمه، فخرج على حمار له يريد الطائف، فرَبَض به على شِبْرِقة فدخلت في أخْمَص رجله شوكةٌ فقتلته.
ومرّ به الحارث بن الطُّلاطِلة، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله.
وقد ذُكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا. وقيل: إنهم المراد بقوله تعالى:
{ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } [النحل: 26].
شّبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم
وسنتطرق اليهم بالتفصيل فيما ياتي
1- الوليد بن المغيره
من هو الوليد بن المغيره ؟
الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم. عم ابو جهل (عمرو بن هشام بن المغيره)
والوَلِيد دَعِيًّا في قريش ليس من سِنْخهم ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده
قال الشاعر
زنِيمٌ ليس يُعرف مَن أبوه بغيّ الأُمّ ذو حسب لئيم
وهو والد الصحابي خالد بن الوليد ووالد ابو قيس بن الوليد الذي قتله علي (عليه السلام ) في معركه بدر والذي عناه عمر بن الخطاب حين قال لخالد محرضا اياه ضد علي بن ابي طالب (لست انا من قتل اخاك يوم بدر)
وعمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر المخزومي القرشي كان من أشد المعادين للنبي محمد (ص)، وكنيته أبو الحكم، ولكن الرسول محمد كنّاه بأبي جهل بعد أن كان يُكنى بأبي الحكم، وذلك لقتله ( سميه ) امرأة عجوزا طعنا بالحربة من قُبُلها حتى الموت، بسبب جهرها بالإسلام،. قتله عبد الله بن مسعود الهذلي في معركة بدر
و كان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب، و كان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقعد في الحجرة و يقرأ القرآن، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا: يا أبا عبد شمس، ما هذا الذي يقول محمد، أشعر هو أم كهانة أم خطب؟
فقال: دعوني أسمع كلامه. فدنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، أنشدني من شعرك. قال
ما هو شعر، و لكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه و رسله. فقال: اتل علي منه شيئا. فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)
حم السجدة، فلما بلغ قوله:{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } يا محمد، يعني قريشا{ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }
فاقشعر الوليد، وقامت كل شعرة على رأسه و لحيته، و مر إلى بيته، و لم يرجع إلى قريش
فمشوا إلى أبي جهل، فقالوا: يا أبا الحكم، إن أبا عبد شمس صبا إلى دين محمد، أما تراه لم يرجع إلينا؟
فغدا أبو جهل إلى الوليد، فقال له: يا عم، نكست رؤوسنا و فضحتنا، و أشمت بنا عدونا، و صبوت إلى دين محمد فقال: ما صبوت إلى دينه، و لكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود. فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، و هذا كلام منثور، و لا يشبه بعضه بعضا. قال: فشعر هو؟ قال: لا، أما إني قد سمعت أشعار العرب بسيطها و مديدها و رملها و رجزها و ما هو بشعر، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه
فلما كان من الغد قالوا له: يا أبا عبد شمس، ما تقول فيما قلنا ؟
قال: قولوا هو سحر، فإنه آخذ بقلوب الناس
فأنزل الله عز و جل على رسوله في ذلك { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً }
1 - قال تعالى:
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴿ ١١ ﴾ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ﴿ ١٢ ﴾ وَبَنِينَ شُهُودًا ﴿ ١٣ ﴾ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ﴿ ١٤ ﴾ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴿ ١٥ ﴾ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا ﴿ ١٦ ﴾ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴿ ١٧ ﴾ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴿ ١٨ ﴾ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿ ١٩ ﴾ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿ ٢٠ ﴾ ثُمَّ نَظَرَ ﴿ ٢١ ﴾ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴿ ٢٢ ﴾ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ﴿ ٢٣ ﴾ فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴿ ٢٤ ﴾ إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴿ ٢٥ ﴾ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴿ ٢٦ ﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ﴿ ٢٧ ﴾ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ ﴿ ٢٨ ﴾ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴿ ٢٩ ﴾ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴿ ٣٠ ﴾المدثر
يقول القرطبي في تفسير هذه الايات
قوله تعالى: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } أي دعني وهي كلمة وعيد وتهديد. { وَمَنْ خَلَقْتُ } أي دعني والذي خلقتُه وحيداً فـ « وحيداً» أي خلقته وحده، لا مال له ولا ولد، ثم أعطيتهُ بعد ذلك ما أعطيته. ويقول المفسرون أنه الوليد بن المغيرة المخزوميّ، وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه. وإنما خُصّ بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول عليه السلام، وكان يسمَّى الوحيد في قوله
قال ٱبن عباس: كان الوليد يقول: أنا الوحيد بن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي المغيرة نظير،
قوله تعالى: { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } أي خوّلته وأعطيته مالاً ممدوداً، وهو ما كان للوليد بين مكة والطائف من الإبل والحُجُور والنَّعَم والجِنان والعبيد والجواري، وقال مجاهد: غلّة ألف دينار وقاله سعيد بن جبير وٱبن عباس أيضاً. وقال قتادة: ستة آلاف دينار. وقال سفيان الثوري وقتادة: أربعة آلاف دينار. وكان له بستان لا ينقطع خيره شتاءً ولا صيفاً
وقوله تعالى: { وَبَنِينَ شُهُوداً } أي حضوراً لا يغيبون عنه في تصرف. وقال سعيد بن جبير: كانوا ثلاثة عشر ولداً ، أسلم منهم ثلاثة: خالد وهشام والوليد بن الوليد. قال: فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك
ويقول القرطبي في تفسير الايات (18-24)
قوله تعالى: { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ }
يعني الوليد بن المغيره المخزومي فكر في شأن النبيّ صلى الله عليه وسلم والقرآن و «قَدَّرَ» أي هيأ الكلام في نفسه، والعرب تقول: قدّرت الشيء إذا هيأته، وذلك أنه لما نزل:{ حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } [غافر: 1]إلى قوله: { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } سمعه الوليد يقرؤها فقال: والله لقد سمعت منه كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ، وإن له لحَلاوة، وإن عليه لطُلاوة، وإن أعلاه لمثِمر، وإن أسفله لمغِدق، وإنه ليعلو ولا يُعْلَى عليه، وما يقول هذا بشر.
فقالت قريش: صَبَا الوليدُ لتَصبونّ قريش كلها. وكان يقال للوليد ريحانة قريش فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه. فمضى إليه حزيناً ؟ فقال له: ما لي أراك حزيناً. فقال له: وما لي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وتدخل على ٱبن أبي كبشة وٱبن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما فغضب الوليد وتكبر، وقال: أنا أحتاج إلى كِسر محمد وصاحبه، فأنتم تعرفون قدر مالي، والّلات والعُزّى ما بي حاجة إلى ذلك، وإنما أنتم تزعمون أن محمداً مجنون، فهل رأيتموه قطّ يَخنُق؟ قالوا: لا واللَّهِ. قال: وتزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه نطق بشعر قطّ؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كذّاب فهل جرّبتم عليه كذباً قط؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهّن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعاً وتخالجاً فهل رأيتموه كذلك؟ قالوا: لا واللَّهِ. وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يُسَمَّى الصادق الأمين من كثرة صدقه. فقالت قريش للوليد: فما هو؟
ففكّر في نفسه، ثم نظر، ثم عبس، فقال: ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟! فذلك قوله تعالى: { إِنَّهُ فَكَّرَ } أي في أمر محمد والقرآن { وَقَدَّرَ } في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما
{ ثُمَّ أَدْبَرَ } أي ولّى وأعرض ذاهباً إلى أهله. { وَٱسْتَكْبَرَ } أي تعظم عن أن يؤمن. وقيل: أدبر عن الإيمان وٱستكبر حين دُعي إليه. { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ } أي ما هذا الذي أتي به محمد صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } أي يأثِره عن غيره
وفي تفسير وحيدا روايتين
الاولى:
و إنما سمي وحيدا لأنه قال لقريش: إني أتوحد بكسوة البيت سنة، و عليكم بجماعتكم سنة. و كان له مال كثير و حدائق، و كان له عشر بنين بمكة، و كان له عشرة عبيد، عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، و ملك القنطار في ذلك الزمان، و يقال: إن القنطار جلد ثور مملوء ذهبا، فأنزل الله عز و جل { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً }
والروايه الثانيه:
الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام) أن الوحيد ولد الزنا
2 - قال تعالى:
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿ ١٥ ﴾ يونس
يقول الطبرسي في تفسيره :
قيل: نزلت في خمسة نفر عبد الله بن أمية المخزومي والوليد بن مغيرة ومكرز بن حفص وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري والعاص بن عامر بن هاشم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وليس فيه عيبها أو بَدَّله تكلّم به من تلقاء نفسك
3 - قوله تعالى: ﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ ﴾ الآية. [٦١] القصص
وقال السدي: نزلت في عمّار؛ والوليد بن المغيرة
4- قال تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿ ١ ﴾ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿ ٢ ﴾ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿ ٣ ﴾ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿ ٤ ﴾ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ﴿ ٥ ﴾ بِأَيْيِكُمُ الْمَفْتُونُ ﴿ ٦ ﴾ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿ ٧ ﴾ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ﴿ ٨ ﴾ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿ ٩ ﴾ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴿ ١٠ ﴾ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿ ١١ ﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿ ١٢ ﴾ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ ﴿ ١٣ ﴾ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴿ ١٤ ﴾ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿ ١٥ ﴾القلم
(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) قسم بالقلم وما يسطر بالقلم،
(مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ) وقيل إن قوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } جواب لقول المشركين حين قالوا{ يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } فقال الله تعالى { ما أنت بنعمة ربك بمجنون }
وقوله { وإن لك } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول له { وإن لك } يا محمد { لأجراً } أى ثواباً من الله على قيامك بالنبوة وتحملك بأعبائها { غير ممنون } أى غير مقطوع
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
فالخلق الكريم الصبر على الحق وسعة البذل، وتدبير الأمور على مقتضى العقل. وفي ذلك الرفق والأناة والحلم والمداراة. ومن وصفه الله بأنه على خلق عظيم فليس وراء مدحه مدح.
{ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ }
عن أبي أيوب الأنصاري، قال: لما أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها، و قال: “من كنت مولاه فعلي مولاه” قال أناس: إنما افتتن بابن عمه فنزلت الآية { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ }
قوله عز و جل: { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } قال: “العتل: الكافر العظيم الكفر، و الزنيم: ولد الزنا
وقيل: الوحيد الذي لا يُعرف أبوه، وكان الوليد معروفاً بأنه دَعِيّ كما ذكر في قوله تعالى: والزنيم هو الذي لا يعرف ابوه وهو في صفة الوليد أيضاً
وفي تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي
{ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ }
{ عُتُلٍّ } غليظ جاف { بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ } دعيّ في قريش، وهو الوليد بن المغيرة ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة. قال ابن عباس: لا نعلم أن الله وصف أحداً بما وصفه به من العيوب فَأْلَحْقَ به عاراً لا يفارقه أبداً
5- قال تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿ ١ ﴾ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿ ٢ ﴾ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿ ٣ ﴾ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ﴿ ٤ ﴾ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿ ٥ ﴾ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿ ٦ ﴾الكافرون
ويقول الطبرسي في مجمع البيان
نزلت السورة في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي والعاص بن أبي وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأمية بن خلف
قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا نتّبع دينك ونشركك في أمرنا كله تعبد إلهتنا سنة ونعبد آلهك سنة فإن كان الذي جئت به خير مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه
فقال صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أشرك به غيره
فنزلت { قل يا أيها الكافرون }
فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك فآذوه وآذوا أصحابه
قال ابن عباس:
وفيهم نزل قوله{ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [الزمر: 64
6 - قوله تعالى:
﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ﴾. (الانعام 25)
قال ابن عباس في رواية أبي صالح: إِن أبا سفيان بن حرب، والوليد بن المغيرة والنَّضْرَ بن الحارث، وعُتْبَة وشَيْبَة ابني ربيعة، وأمية، وأبياً ابني خلف؛ استمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا للنضر: يا أبا قُتَيْلَة ما يقول محمد؟ قال: والذي جعلها بينه ما أدري ما يقول، إلا أني أرى تحريك شفتيه يتكلم بشيء، وما يقول إلا أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأول، وكان يحدث قريشاً فيستمعون حديثه. فأنزل الله تعالى هذه الآية
{ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أغطية جمع كنان وهو ما يستر الشيء. { أَن يَفْقَهُوهُ } كراهة أن يفقهوه. { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } يمنع من استماعه،
{ وَإِنْ يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا } لفرط عنادهم واستحكام التقليد فيهم.
{ حَتَّىٰ إِذَا جَاؤُكَ يُجَـٰدِلُونَكَ } أي بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم جاؤو يجادلونك، وحتى هي التي تقع بعدها الجمل لا عمل لها، والجملة إذا وجوابه وهو { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } فإن جعل أصدق الحديث خرافات الأولين غاية التكذيب، ويجادلونك حال لمجيئهم،.
وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأول، وكان يحدث قريشاً فيستمعون حديثه. فأنزل الله تعالى هذه الآية
7-{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } * { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }الزخرف 31
و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قاعدا ذات يوم بمكة، بفناء الكعبة، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش، منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي، و أبو البختري بن هشام، و أبو جهل بن هشام، و العاص بن وائل السهمي، و عبد الله بن أبي أمية، و جمع ممن يليهم كثير، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نفر من أصحابه، يقرأ عليهم كتاب الله، و يذكرهم عن الله أمره و نهيه، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد، و عظم خطبه، تعالوا نبدأ بتقريعه و تبكيته و الاحتجاج عليه، و إبطال ما جاء به، ليهون خطبه على أصحابه، و يصغر قدره عندهم، فلعله أن ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده و طغيانه، فإن انتهى و إلا عاملناه بالسيف الباتر
قال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه و محاورته؟ فقال عبد الله بن أبي امية المخزومي: أنا لذلك، أ فما ترضاني قرنا حسيبا، و مجادلا كفيا؟ قال أبو جهل: بلى. فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية،
فقال: يا محمد- و ذكر ما طلبه من محمد (صلى الله عليه و آله)من ان تكون النبوه في رجل من القريتين عظيم
و اجابه محمد (ص) فقال: و أما قولك: { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ، الوليد بن المغيرة بمكة، أو عروة بن مسعود بالطائف، فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت، و لا خطر له عنده كما كان له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافرا به، مخالفا له، شربة ماء، و ليس قسمة رحمة الله إليك، بل الله القاسم للرحمة ، و الفاعل لما يشاء في عبيده و إمائه، و ليس هو عز و جل ممن يخاف أحدا كما تخافه لماله أو لحاله فتعرفه بالنبوة لذلك، و لا ممن يطمع في أحد في ماله و حاله كما تطمع فتخصه بالنبوة لذلك، و لا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب فتقدم من لا يستحق التقديم، و إنما معاملته بالعدل، فلا يؤثر بأفضل مراتب الدين و خلاله ، إلا الأفضل في طاعته، و الآخذ في خدمته، و كذلك لا يؤخر في مراتب الدين و خلاله ، إلا أشدهم تباطؤا عن طاعته، و إذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال و لا إلى حال، بل هذا المال و الحال من فضله،.
فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد، فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا، لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده، و لا إلزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله بنعمة، ألا ترى- يا عبد الله- كيف أغنى واحدا و قبح صورته؟
و كيف حسن صورة واحد وأفقره؟ و كيف شرف واحدا وأفقره؟ و كيف أغنى واحدا و وضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان؟ و لا للجميل أن يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ و لا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ و لا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى ضعتي شرف فلان؟ و لكن الحكم لله يقسم كيف يشاء، و يفعل ما يشاء، و هو حكيم في أفعاله، محمود في أعماله، و ذلك قوله تعالى: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }
قال الله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } يا محمد { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } فأحوجنا بعضا إلى بعض، أحوجنا هذا إلى مال ذاك، و أحوجنا ذاك إلى سلعة هذا و إلى خدمته، فترى أجل الملوك و أغنى الأغنياء، محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب، إما سلعة معه ليست معه، و إما خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين به، و إما باب من العلم و الحكم هو فقير أن يستفيدها من هذا الفقير، و هذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني، و ذلك الملك يحتاج إلى علم ذلك الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أن يقول: هلا أجمع إلى ملكي و مالي علمه و رأيه؟ و لا لذلك الفقير أن يقول: هلا أجمع إلى رأيي و علمي و ما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الغني؟ ثم قال تعالى: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } ، ثم قال: يا محمد { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا
8- قوله تعالى:
{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ وَلَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }القصص 68
قوله { وربك يخلق ما يشاء ويختار } ذلك جوابا للوليد بن المغيرة حين قال{ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } فبين الله تعالى أن له أن يختار ما يشاء لنبوته ورسالته بحسب ما يعلم من يصلح لها
2-العاص بن وائل السهمي
1- قال تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿ ١ ﴾ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿ ٢ ﴾ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴿ ٣ ﴾
قال ابن عباس: نزلتْ في العاص [بن وائلٍ]، وذلك: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم يخرجُ من المسجد، وهو يدخل، فالتَقَيا عند باب بني سَهْمٍ، وتحدَّثا وأُناسٌ من صناديدِ قريشٍ في المسجد جلوسٌ. فلما دخل العاص قالوا له: مَن الذي كنت تحدِّثُ؟
قال: ذاك الأبْتَر، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان قد تُوفي قبلَ ذلك عبدُ الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من خَديجةَ، وكانوا يُسمُّون مَن ليس له ابنٌ: أبْتَرَ، فأنزل الله تعالى هذه السورة
وأخبر محمد بن موسى بن الفضل، حدَّثنا محمد بن يعقوب، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبَّار، حدَّثنا يونُس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاقَ، قال: حدَّثني يزيد بن رُومان، قال:
كان العاص بنُ وائلٍ السَّهْميُّ إذا ذُكِر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعُوه، فإنَّما هو رجلٌ أبْترُ لا عَقِبَ له، لو هلَك انقطع ذِكْرُه واسترحتُم منه. فأنزل الله تعالى في ذلك:
﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ﴾ إلى آخر السورة
وقال عطاءٌ عن ابن عباس: كان العاص بن وائلٍ يمرُّ بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويقول:
إني لأَشْنَؤك، وإنك لأَبْتَرُ من الرجال. فأنزل الله تعالى:
﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ [يعني: العاصَ] ﴿هُوَ ٱلأَبْتَرُ﴾ من خير الدنيا والآخرة
يقول الله سبحانه في سوره الكوثر
{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }
واختلف المفسرون فيما بينهم في تفسير الكوثر فمنهم من قال انه نهر في الجنه ومنهم من قال الخير الكثير ومنهم من قال الذريه الصالحه الكثيره من ابناء فاطمه وهذا مايناسب سياق الايه
وان شانئك يامحمد هو الابتر وهذا مايؤيد كون عمروبن العاص ليس من نسل العاص لان العاص ابتر ولاعقب له
وان النابغه كانت بغيا من طوايف مكة قدمت مكة ومعها بنات لها، فوقع عليها العاص بن وائل مع عدد من قريش منهم
أبو لهب، وأمية بن خلف، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب، في طهر واحد فولدت عمرا فاختصم القوم جميعا فيه كل يزعم أنه ابنه، ثم إنه أضرب عنه ثلاثة وأكب عليه اثنان العاص بن وائل، وأبو سفيان بن حرب فقال أبو سفيان: أنا والله وضعته في حر أمه
فقال العاص: ليس هو كما تقول هو إبني فحكما أمه فيه فقالت: هو للعاص
فقيل لها بعد ذلك: ما حملك على ما صنعت و أبو سفيان أشرف من العاص؟
فقالت: إن العاص كان ينفق على بناتي، ولو ألحقته بأبي سفيان لم ينفق علي العاص شيئا وخفت الضيعة
و لذلك قيل لعمرو
إنه اختصم فيه من قريش أحرارها فغلب عليهم جزّارها (يعني العاص)
2- قال تعالى:
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر95
وقد كان العاص من كبار المستهزئين
يقول القمي في تفسيره :
وقوله { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
فإنها نزلت بمكة بعد أن نبأ رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث سنين وذلك أن النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يصلي وعلي عليه السلام بجنبه وكان مع أبي طالب عليه السلام جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله من بينهما فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه:
{ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
والمستهزؤن برسول الله صلى الله عليه وآله خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي،
أما الوليد فكان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليه لما كان يبلغه من أذائه واستهزائه فقال اللهم أعم بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر
(وكذلك دعا على الأسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة)
فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرائيل عليه السلام فقال جبرائيل: يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك؟ قال: نعم وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالاً له فوطى على بعضها فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت فمات منها
ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى الله عليه وآله فأشار جبرائيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرائيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه،
ومر العاص بن وائل فأشار جبرائيل إلى رجليه فدخل عود في أخمص قدمه وخرج من ظاهره ومات
ومر به الحرث ابن طلاطلة فأشار جبرائيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه
وهو قوله الله: { إنا كفيناك المستهزئين }
3- قال تعالى:
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴿ ٧٧ ﴾ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا ﴿ ٧٨ ﴾ كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴿ ٧٩ ﴾ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ( ٨٠ ﴾ مريم
وقال الكلبي ومقاتل :
كان خبَّاب بن الأرَتِّ قيْناً، وكان يعمل للعاص بن وائل السهمي، وكان العاص يُؤخِّرُ حقه، فأتاه يتقاضاه، فقال العاص: ما عندي اليوم ما أقضيك. فقال [خباب]: لست بمفارقك حتى تقضيني،
فقال العاص: يا خباب، مالك؟ ما كنت هكذا! وإن كنت لحسن الطلب.
قال خباب: ذاك أني كنت على دينك، فأما اليوم فأنا على الإسلام مفارقٌ لدينك!
قال: أو لستم تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضة وحريراً؟
قال خباب: بلى، قال: فأخرني حتى أقضيك في الجنة - استهزاء - فوالله لئن كان ما تقول حقاً إني لأفْضَلُ فيها نَصِيباً منك.
فأنزل الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا﴾ يعني العاص،
4 - قال تعالى:
{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }الكافرون
يقول الطبرسي في مجمع البيان
نزلت السورة في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي والعاص بن أبي وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأمية بن خلف
قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا نتّبع دينك ونشركك في أمرنا كله تعبد إلهتنا سنة ونعبد آلهك سنة فإن كان الذي جئت به خير مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه
فقال صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أشرك به غيره
فنزلت { قل يا أيها الكافرون } والسورة
فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك فآذوه وآذوا أصحابه
قال ابن عباس:
وفيهم نزل قوله{ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [الزمر: 64
5 - قال تعالى
{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }الماعون
قال مقاتل والكلبي: نزلت في العاص بن وائل السهمي
عن ابن عباس قال: نزلت في العاص بن وائل السَّهْمِيّ
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس { أَرَءيْتَ ٱلَّذِى يُكَذّبُ بِٱلدّينِ } قال يكذب بحكم الله. { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } قال يدفعه عن حقه
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عنه { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال هم المنافقون يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعونهم العارية بغضاً لهم، وهي الماعون. وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ، ويصلون في العلانية
الطبرسي، في قوله تعالى: { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } ، قال: اختلف فيه، فقيل: هو الزكاة المفروضة، عن علي (عليه السلام)،
6 - قال تعالى
﴿أَوَ لَمْ يَرَ الإنسَنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77)وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَـمَ وَهِىَ رَمِيمٌ(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيمٌ (79) يس
نقلت أغلب التفاسير ومنها الامثل في تفسير كتاب الله المنزل عن أبي عبدالله الصادق (ع) أنّه قال
جاء أُبيّ بن خلف (أو العاص بن وائل) فأخذ عظماً بالياً من حائط ففتّه ثمّ قال:
إذا كنّا عظاماً ورفاتاً إنّا لمبعوثون خلقاً؟
فأنزل الله: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم)
ويكفي لمعرفة مدى غفلته وحماقته أنّه جاء: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم)
فالمقصود هو الإستدلال وذكر مصداق لإثبات مطلب معيّن. نعم فإنّ (اُبيّ بن خلف أو اُميّة بن خلف. أو العاص بن وائل) كان قد وجد قطعة متفسّخة من عظم لم يكن معلوماً لمن؟ وهل مات موتاً طبيعياً؟ أو في واحدة من حروب العصر الجاهلي المهولة؟ أو مات جوعاً؟ وظنّ أنّه وجد فيه دليلا قويّاً لنفي المعاد! فحمل تلك القطعة من العظم وذهب حانقاً وفرحاً في نفس الوقت وهو يقول: لأخصمن محمّداً
فذهب إلى الرّسول الأكرم (ص) وهو في عجلة من أمره ليقول له: قل لي من ذا الذي يستطيع أن يلبس هذا العظم البالي لباس الحياة من جديد؟ وفتّ بيده قسماً من العظم وذرّه على الأرض، واعتقد بأنّ الرّسول (ص) سيتحيّر في الجواب ولا يملك ردّاً
والجميل أنّ القرآن الكريم أجابه بجملة وجيزة مقتضبة وهي قوله تعالى: (ونسي خلقه). وإن كان قد أردف مضيفاً توضيحاً أكثر
فكأنّه يقول: لو لم تنس بدء خلقك لما إستدللت بهذا الإستدلال الواهي الفارغ أبداً
أيّها الإنسان الكثير النسيان، عد قليلا إلى الوراء وانظر في خلقك، كيف كنت نطفة تافهة وكلّ يوم أنت في لبس جديد من مراحل الحياة، فأنت في حال موت وبعث مستمرين، فمن جماد أصبحت رجلا بالغاً، وبكميّة من عالم النبات الجامد، ومن عالم الحيوان الميّت أيضاً أصبحت إنساناً، ولكنّك نسيت كلّ ذلك وصرت تسأل: من يحيي العظام وهي رميم؟ ألم تكن أنت في البدء تراباً كما هو حال هذه العظام بعد تفسّخها؟
لذا فإنّ الله سبحانه وتعالى يأمر الرّسول (ص) بأن يقول لهذا المغرور الأحمق الناسي (قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة)
فإذا كان بين يديك اليوم بقيّة من العظام المتفسّخة تذكّرك به، فقد مرّ يوم لم تكن فيه شيئاً ولا حتّى تراباً، نعم، أفليس سهلا على من خلقك من العدم أن يعيد الحياة إلى العظام المهترئة؟
وإذا كنت تعتقد بأنّ هذه العظام بعد تفسّخها تصبح تراباً وتنتشر في الأصقاع، فمن يستطيع عند ذلك أن يجمع تلك الأجزاء المبعثرة من نقاط إنتشارها؟ فإنّ الجواب على ذلك أيضاً واضح: (وهو بكلّ خلق عليم)
7 – قال تعالى :
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر95
والعاص بن وائل السهمي هو المستهزء الثاني الذي تكلمت عنه الايه
يقول القمي في تفسيره
وقوله { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
فإنها نزلت بمكة بعد أن نبأ رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث سنين وذلك أن النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يصلي وعلي عليه السلام بجنبه وكان مع أبي طالب عليه السلام جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله من بينهما فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه:
{ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
والمستهزؤن برسول الله صلى الله عليه وآله خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي،
أما الوليد فكان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليه لما كان يبلغه من أذائه واستهزائه فقال اللهم أعم بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر
(وكذلك دعا على الأسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة)
فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرائيل عليه السلام فقال جبرائيل: يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك؟ قال: نعم وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالاً له فوطى على بعضها فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت فمات منها
ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى الله عليه وآله فأشار جبرائيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرائيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه،
ومر العاص بن وائل فأشار جبرائيل إلى رجليه فدخل عود في أخمص قدمه وخرج من ظاهره ومات
ومر به الحرث ابن طلاطلة فأشار جبرائيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه
وهو قوله الله: { إنا كفيناك المستهزئين }
3 - الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة
الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي. ويُلقب بـ «أبي زمعة». رجل من قبيلة قريش. كان معاصراً لظهور الإسلام، وكان من أشد المُعادين له
وهو ابن عم السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد، حاول مع ابنه زمعة، ومع كثير من سادة قريش التفاوض مع النبي محمد لثنيه عن دعوته، إلا أن محمداً رفض دعوتهم
1 - قال تعالى
{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
يقول الطبرسي في مجمع البيان
نزلت السورة في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي والعاص بن أبي وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأمية بن خلف
قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا نتّبع دينك ونشركك في أمرنا كله تعبد إلهتنا سنة ونعبد آلهك سنة فإن كان الذي جئت به خير مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه
فقال صلى الله عليه وسلم: " معاذ الله أن أشرك به غيره "
فنزلت { قل يا أيها الكافرون } والسورة
فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك فآذوه وآذوا أصحابه
قال ابن عباس :
وفيهم نزل قوله{ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [الزمر: 64
2 - قال تعالى
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر 94
والأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة هو ثالث المستهزئين وقد تطرقنا الى تفسير هذه الايه فيما سبق وذكرنا اسماء المستهزئين الخمسه
وقد دعا عليه النبي (أي على الأسود) وقال: «اللهم أَعمِ بصره ، وأثكله ولده».
وقد تحقق هذا الدعاء إذ عمي بصره، وخسر ثلاثة من ولده في غزوة بدر، وهم زمعة، وعقيل ابناه، وحفيده الحارث بن زمعة
بعد هزيمة قريش في غزوة بدر، اتفق جمع منهم على عدم البكاء على قتلاهم حتى لا «يشمت» محمد وأصحابه فيهم، وسار الأسود مكرهاً على هذا الاتفاق، فلما سمع امرأة تبكي، قال لغلام له:
انظر هل أحل لنا النحيب. لعلي أبكي على أبي حكيمة (أي زمعة) فإن جوفي قد احترق
، فلما رجع إليه الغلام قال:
إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته. فتعجب الأسود منشداً
أتبكي أن يضل لها بعير
ويمنعها من النوم السهودٌ
فلا تبكي على بكر ولكن
على بدر تقاصرت الجدود
على بدر سراة بني هصيص
ومخزوم ورهط أبي الوليد
وبكّي إن بكيت على عقيل
وبكّي حارثا أسد الأسودُ
وبكيهم ولا تسمي جميعا
وما لأبي حكيمة من نديدُ
ألا قد ساد بعدهم رجال
ولولا يوم بدر لم يسودوا
4 - الاسود بن عبد يغوث
الأسود بن خلف بن عبد يغوث القرشي كذا نسبه البخاري في ترجمته
1- قال تعالى:
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر 94
والاسود بن عبد يغوث هو الرابع من المستهزئين بالنبي والذين قتلهم جبرائيل والتي نزلت فيهم الايتين اعلاه وقد مر تفسيرها
2-قال تعالى :
{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
يقول الطبرسي في مجمع البيان
نزلت السورة في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي والعاص بن أبي وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأمية بن خلف
قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا نتّبع دينك ونشركك في أمرنا كله تعبد إلهتنا سنة ونعبد آلهك سنة فإن كان الذي جئت به خير مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه
فقال صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أشرك به غيره
فنزلت { قل يا أيها الكافرون } والسورة
فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك فآذوه وآذوا أصحابه
قال ابن عباس
وفيهم نزل قوله{ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [الزمر: 64
3- قال تعالى :
وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ٦ مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ 7(ص )
يقول الطبري في جامع البيان في تفسير القران
حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ أن أناساً من قُرَيش اجتـمعوا، فـيهم أبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن الـمطلب، والأسود بن عبد يغوث فـي نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلـى أبـي طالب، فلنكلـمه فـيه، فلـينصفنا منه، فـيأمره فلـيكفّ عن شتـم آلهتنا، ونَدَعَه وإلهه الذي يَعبُد، فإنا نـخاف أن يـموت هذا الشيخ، فـيكون منا شيء، فتعيرنا العرب فـيقولون: تركوه حتـى إذا مات عمه تناولوه، قال: فبعثوا رجلاً منهم يُدعى الـمطَّلب، فـاستأذن لهم علـى أبـي طالب، فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسَرَواتهم يستأذنون علـيك، قال: أدخـلهم فلـما دخـلوا علـيه قالوا: يا أبـا طالب أنت كبـيرنا وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمُره فلـيكفّ عن شتـم آلهتنا، ونَدَعَه وإلهه قال: فبعث إلـيه أبو طالب فلـما دخـل علـيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسَرَواتهم، وقد سألوك النَّصف أن تكفّ عن شتـم آلهتهم، ويَدَعُوك وإلهك قال: فقال: "أيْ عَمّ أوَلا أدْعُوهُمْ إلـى ما هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْها؟" قال: وإلام تدعوهم؟ قال: "أدعوهم إلـى أنْ يَتَكَلَّـمُوا بِكَلِـمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ ويَـمْلِكُونَ بِها العَجَمَ" قال: فقال أبو جهل من بـين القوم: ما هي وأبـيك لنعطينكها وعشر أمثالها، قال: "تَقُولونَ لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ" . قال: فنفروا وقالوا: سلنا غير هذه، قال: "لَوْ جِئْتُـمُونِـي بـالشَّمْسِ حتـى تَضَعُوها فِـي يَدِي ما سأَلْتُكُمْ غَيَرها" قال: فغضبوا وقاموا من عنده غضابـاً وقالوا: والله لنشتـمنك والذي يأمرك بهذا
{ وَانْطَلَقَ الـمَلأُ مِنْهُمْ أنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا علـى آلِهَتِكُمْ إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ }... إلـى قوله: { إلاَّ اخْتِلاقٌ }
5 - الحارث بن الطُّلاطِلَة
الحارث بن قیس(إبن الطلاطلة)
هو الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص القرشي، السهمي، الخزاعي، المعروف بابن الغيطلة أو الطلالة، و هي أمّه
من سادات و أشراف قريش في الجاهلية، و كانت تجمع عنده الأموال التي كانوا يهبونها لأصنامهم. كان يعبد الأحجار، فيتّخذ حجرا فيعبده، فإذا وجد أحسن منه تركه و عبد الآخر وكان من ألدّ خصوم النبي صلّى اللّه عليه و آله، و من أشدّهم ايذاء و استهزاء به، و أكثرهم غمزا له.
1- قال تعالى
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر 94
وكان الحارث بن قیس(إبن الطلاطلة) هو الخامس من المستهئزين الذين نزلت الايتين اعلاه فيهما والذين قتلهم جبرائيل عليه السلام بدعاء محمد (ص) وقد مربنا تفسير هاتين الايتين
ومرّ جبرائل بالحارث بن الطُّلاطِلة، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله
وقيل دعا عليه النبي صلّى اللّه عليه و آله بالهلاك، فاستجيبت دعوته، فهلك قبل واقعة بدر على أثر تناوله حوتة مملوحة، فلم يزل يشرب الماء حتى مات، و قيل: مات على أثر إصابته بداء الذبحة، و قيل: امتلأ رأسه قيحا، فهلك
2 - قال تعالى :
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (غافر) (5)
يقول الطبري في تفسيره
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا
يقول تعالى ذكره: ما يخاصم في حجج الله وأدلته على وحدانيته بالإنكار لها, إلا الذين جحدوا توحيده
وقوله: ( فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ ) يقول جلّ ثناؤه: فلا يخدعك يا محمد تصرفهم في البلاد وبقاؤهم ومكثهم فيها, مع كفرهم بربهم, فتحسب أنهم إنما أمهلوا وتقلبوا, فتصرّفوا في البلاد مع كفرهم بالله, ولم يعاجلوا بالنقمة والعذاب على كفرهم لأنهم على شيء من الحق فإنا لم نمهلهم لذلك, ولكن ليبلغ الكتاب أجله, ولتحقّ عليهم كلمة العذاب, عذاب ربك
عن قتادة ( فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ ) أسفارهم فيها, ومجيئهم وذهابهم
ثم قصّ على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قصص الأمم المكذّبة رسلها, وأخبره أنهم كانوا من جدالهم لرسله على مثل الذي عليه قومه الذين أرسل إليهم, وإنه أحلّ بهم من نقمته عند بلوغهم أمدهم بعد إعذار رسله إليهم, وإنذارهم بأسه ما قد ذكر في كتابه إعلاما منه بذلك نبيه, أن سنته في قومه الذين سلكوا سبيل أولئك في تكذيبه وجداله سنته من إحلال نقمته بهم, وسطوته بهم, فقال تعالى ذكره: كذبت قبل قومك المكذبين لرسالتك إليهم رسولا المجادليك بالباطل قوم نوح والأحزاب من بعدهم, وهم الأمم الذين تحزبوا وتجمعوا على رسلهم بالتكذيب لها, كعاد وثمود, وقوم لوط, وأصحاب مَدْيَن وأشباههم
3- قال تعالى:
أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ( الجاثيه 23)
يقول القرطبي في تفسيره
وقال مقاتل: نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهزئين، لأنه كان يعبد ما تهواه نفسه
قال ٱبن عباس والحسن وقتادة: ذلك الكافر ٱتخذ دينه ما يهواه فلا يهوى شيئاً إلا ركبه.
وقال عكرمة: أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه أو يستحسنه فإذا ٱستحسن شيئاً وهَوِيَهُ ٱتخذه إلٰهاً. قال سعيد بن جُبير: كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر.
وقال سفيان بن عيينة: إنما عبدوا الحجارة لأن البيت حجارة. وقيل: المعنى أفرأيت من ينقاد لهواه ومعبوده تعجيباً لذوي العقول من هذا الجهل.
وقال الشَّعْبيّ: إنما سُمِّي الهوى هَوًى لأنه يهوي بصاحبه في النار. وقال ابن عباس: ما ذكر الله هَوًى في القرآن إلا ذمّه، قال الله تعالى:{ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ } [الأعراف: 176]. وقال تعالى:{ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [الكهف:8 2]. وقال تعالى:{ بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } [الروم:9 2]. وقال تعالى:{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ } [القصص: 50]. وقال تعالى:{ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [صۤ:6 2]. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تَبعاً لما جئت به " وقال أبو أمامة: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " ما عُبِد تحت السماء إلٰه أبغض إلى الله من الهوى "
وقال شدّاد بن أوس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: " الكَيِّس من دان نفسه وعمِل لما بعد الموت. والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله "
وقال عليه السلام: " إذا رأيت شُحًّا مطاعاً وهَوًى مُتَّبَعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصّة نفسك ودَعْ عنك أمر العامة "
وقال صلى الله عليه وسلم: " ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فالمهلكات شُحٌّ مطاع وهوًى متبع وإعجاب المرء بنفسه. والمنجيات خشية الله في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر والعدل في الرضا والغضب " وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه فإن كان عمله تبعاً لهواه فيومه يوم سوء، وإن كان عمله تبعاً لعلمه فيومه يوم صالح
ويلحق بالمستهزئين ابو لهب
6 - ابو لهب
هوعبد العُزُّى بن عبد المطلب ، المعروف بـأبي لهب، هو عمّ النبي(صلى الله عليه وآله) ومن أشدّ أعداء الإسلام. سعى هو وامرأته في إيذاء النبي كثيراً، ولم يدّخرا جهداً في معارضة الإسلام. ولذلك نزلت سورة المسد في ذمّهما
كان أبو لهب يعتبر معجزات رسول الله سحرًا، كما كان يعيق انتشار الإسلام من خلال الافتراء على النبي والإساءة إليه. عندما قرّر كفّار قريش مقاطعة المسلمين وبني هاشم، كان أبو لهب الشخص الوحيد من بني هاشم الذي رافق قريش. ويعدّ أبو لهب من زعماء قريش الذين تآمروا لقتل النبّي وهو في فراشه ليلاً وتوفّي بعد سبعة أيام من غزوة بدر بسبب مرض
تزوّج عُتبة وعُتَيبة، ابنا أبي لهب، من رُقَيَّة وأم كلثوم، هما من بنات أو ربائب النبي. ومع ذلك، بعد ظهور الإسلام ونزول سورة المسد، يُروى أن أبا لهب وزوجته دفعا ابنيهما إلى طلاق بنات النبي
ويقول ابن حبيب في المنمق في اخبار قريش،ص59 سرق أبو لهب مع جماعة الغزالة الذهبية التي أهداها عبد المطلب للكعبة. وبعد القبض على اللصوص، قطعت أيدي بعض السارقين، إلاّ أنّ أخوال أبي لهب من قبيلة خزاعة حالوا دون قطع يده
حينما بعث النبي محمد بالنبوّة لم يؤمن به أبو لهب قطّ، وكان ما زال من أعداء الإسلام، رغم أنه كان عمّ النبي، وقد تولّى خدمة صنم العُزَّى والدفاع عنه ضد الإسلام.
تُوُفّي أبو لهب بعد وقعة بدر بسبع ليالٍ بمرض (العدسة)،وبقيت جثّته عدّة أيام في حجرته ولم يُدفن حتى أنتن، لأنَّ مرضَه كان مُعدياً. ثمَّ بعد ذلك حملوا جسده إلى خارج مكة، ووضعوه عند جدارٍ، وواروه بقذف الحجارة عليه من بعيد.
ابو لهب وزوجته يؤذون النبي
يقول الخصيبي في الهداية الكبرى، 1419هـ، ص46
وبعد البعثة النبوية أصبح أبو لهب من ألدّ أعداء النبي و حينما نزلت آية الإنذار، وأمر الله النبي بدعوة قبيلته وعشيرته الأقربيين إلي الإسلام. فدعا النبي بني عبد المطلب واستضافهم في بيته. ورغم أنّ الطعام كان قليلاً؛ لكن الجميع تناولوا منه وشبعوا بفضل كرامة الرسولصلی الله عليه وآله وسلم. إلّا أنّ أبا لهب اعتبر ذلك سحرًا من النبي، فسكت الرسول يومئذ، وأجّل أمر الدعوة إلى اليوم التالي.
كما أنّه كان يؤذي النبي جسدياً، وأحياناً يتبع النبي فيرميه بالحجارة حتي جرحت قدماه، وكان يتّهمه بالكذب أيضًا. وذات مرة عندما كان النبي ساجداً، رفع أبو لهب حجرًا ليضرب به رأس النبي، إلا أنّ يديه أمسكَت، فتضرّع إلى النبي أن ترجع يدُه، فدعا له، فبرأ، إلا أنّه اعتبر ذلك سحراً من النبي.
ويقول البلاذري، أنساب الأشراف، ، ج1، ص131
روي عن رسول الله: (كنتُ بين شرّ جارَين: بين عُقْبَةَ بنِ أبي مُعَيْط، وأبي لَهَب، كانا يأتيان بالفروث، فيطرحانها على بابي).
عندما قرَّرت قريش مقاطعة بني هاشم والمسلمين؛ وهم في شعب أبي طالب، انضمّ أبو لهب إلى قريش رغم أنّه من بني هاشم. وكان من الذين ختموا صحيفة المقاطعة.
ويذكر ان بني هاشم قد التحقوا بالنبي في شعب ابي طالب مؤمنهم وكافرهم ايمانا وحميه الا ابو لهب وقد كانت محاربته لابن اخيه بسبب زواجه من ام جميل بنت حرب بن أمية وأخت أبي سفيان، وقد بذلت جهداً كبيراً في إيذاء النبي محمد. ووصفها القرآن في سورة المسد بـ «حمّالة الحطب»
وقد ورثت ام جميل من اجدادها حقدهم على بني هاشم واستطاعت حرف ابو لهب عن اهله وعمومته ومحاربتهم
ونزلت في ابي لهب الايات التاليه :
1-سوره المسد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴿ ١ ﴾ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴿ ٢ ﴾ سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴿ ٣ ﴾ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴿ ٤ ﴾ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴿ ٥ ﴾
ويقول الطوسي في تفسير هذه السوره:
وروي أن أبا لهب كان قد عزم على أن يرمي النبي صلى الله عليه وآله بحجر فمنعه الله من ذلك، وقال تبت يداه للمنع الذي وقع به. ثم قال " وتب " بالعقاب الذي ينزل به فيما بعد، وقيل فى قوله { تبت يدا أبي لهب } أنه الدعاء عليه نحو قوله{ قاتلهم الله أنى يؤفكون }
فاما قوله { وتب } فانه خبر محض، كأنه قال: وقد تب.
وقيل: إنه جواب لقول أبي لهب: تباً لهذا من دين، حين نادى النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب، فلما اجتمعوا له قال لهم:
إن الله بعثني إلى الناس عاماً وإليكم خاصاً، وأن اعرض عليكم ما إن قبلتموه ملكتم به العرب والعجم. قالوا وما ذلك يا محمد صلى الله عليه وآله قال: " أن تقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله " فقال أبو لهب تباً لهذا من دين.
فأنزل الله تعالى قوله { تبت يدا أبي لهب } والتباب الخسران المؤدي إلى الهلاك ، والتباب الهلاك. وفى { تبت يدا } مع أنه إخبار ذم لابي لهب لعنة الله. وإنما قال: تبت يداه ولم يقل: تب، مع انه هو الهالك فى الحقيقة لأنه جار مجرى قوله كسبت يداه، لأن اكثر العمل لما كان باليدين أضيف ذلك اليهما على معنى الخسران الذي أدى اليه العمل بهما
وقوله { ما أغني عنه ماله وما كسب } معناه ما نفعه ماله ولا الذي كسبه من الاموال، ولا دفع عنه عقاب الله حين نزل به، فالاغناء عنه الدفع عنه، فأما الاغناء بالمال ونحوه فهو دفع وقوع المضارّ به
وقوله { سيصلى ناراً ذات لهب } خبر من الله تعالى أن أبا لهب سيصلى ناراً ذات لهب، وهي نار جهنم المتلهبة. وفى ذلك دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله، لأنه اخبر بأنه يموت على كفره، وكان الأمر على ذلك
وقوله { وامرأته حمالة الحطب } قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: إن امرأة ابي لهب كانت تحمل الشوك فتطرحه فى طريق النبي صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الصلاة وقال عكرمة ومجاهد وقتادة: إنما وصفت بحمالة الحطب، لأنها كانت تمشي بالنميمة وقيل: حمالة الحطب فى النار. وفى ذلك دلالة أيضاً قاطعة على أنها تموت على الكفر. وامرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب اخت ابي سفيان عمة معاوية،
وقوله { في جيدها حبل من مسد } فالمسد حبل من ليف، وجمعه أمساد وإنما وصفت بهذه الصفة تخسيساً لها وتحقيراً والجيد العنق،
والمسد الليف لان من شأنه أن يفتل للحبل.
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر952-
يقول القمي في تفسيره :
وقوله { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
فإنها نزلت بمكة بعد أن نبأ رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاث سنين وذلك أن النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يصلي وعلي عليه السلام بجنبه وكان مع أبي طالب عليه السلام جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله من بينهما فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه:
{ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين }
والمستهزؤن برسول الله صلى الله عليه وآله خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي،
أما الوليد فكان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليه لما كان يبلغه من أذائه واستهزائه فقال اللهم أعم بصره واثكله بولده فعمي بصره وقتل ولده ببدر
(وكذلك دعا على الأسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة)
فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرائيل عليه السلام فقال جبرائيل: يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك؟ قال: نعم وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالاً له فوطى على بعضها فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت فمات منها
ومر ربيعة بن الأسود برسول الله صلى الله عليه وآله فأشار جبرائيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرائيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه،
ومر العاص بن وائل فأشار جبرائيل إلى رجليه فدخل عود في أخمص قدمه وخرج من ظاهره ومات
ومر به الحرث ابن طلاطلة فأشار جبرائيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه
وهو قوله الله: { إنا كفيناك المستهزئين }
ومن المستهئزين ابو لهب وقد توفي بعد واقعه بدر بسبعه ايام بمرض معدي يسمى العدسه
3 - قوله تعالى:
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٢٢ ﴾ الزمر
نزلت في حمزة وعلي وأبي لهب وولده، فعليّ وحمزة ممن شرح الله صدره، وأبو لهب وأولاده قست قلوبهم عن ذكر الله، وهو قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ
4 - قال تعالى :
الزمر 19{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ }
يقول القرطبي في تفسيره
قوله تعالى: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ }
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على إيمان قوم وقد سبقت لهم من الله الشقاوة فنزلت هذه الآية.
قال ابن عباس: يريد أبا لهب وولده ومن تخلف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان. وكرر الاستفهام في قوله: { أَفَأَنتَ } تأكيداً لطول الكلام،
والمعنى: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } أفأنت تنقذه. والكلام شرط وجوابه. وجيء بالاستفهام ليدل على التوقيف والتقرير. وقال الفراء: المعنى أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب.