الاعلام اليهودي الاموي في محاربه الامام علي (ع )...(6)

2024/12/20

الاعلام اليهودي الاموي في محاربه الامام علي (ع )...(6)

 

بالمكر والخديعه يحيّد الاعلام الاموي 20000  مقاتل من جيش علي (ع) ويهددونه بالقتل او تسليمه لمعاويه

 

 قال الشيخ حسن فرحان المالكي

فقد زرع فينا معاويه ديناً مكان دين، وقدوة مكان قدوة، وكتاباً بدلاً من كتاب، وصحابة بدلاً من صحابة، ومباديء طردت مباديء أخرى

 لقد بقي منه في الأمة أكثر مما بقي من النبي (ص)

 

معاويه يفقأ عيني الاسلام فلا يعرف اين يروح واين يجئ

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 3/115

وقد روى الزبير بن بكار في الموفقيات.. عن المغيرة بن شعبة أنه قال

قال لي عمر يوما يا مغيرة

هل أبصرت بهذه عينك العوراء منذ أصيبت قلت: لا. قال

أما والله ليعورن بنو أمية الإسلام كما أعورت عينك هذه، ثم ليعمينه حتى لا يدري أين يذهب، ولا أين يجيء

 ويقول الشيخ حسن بن فرحان في كتابه مثالب معاويه بن ابي سفيان

 فقد زرع فينا معاويه ديناً مكان دين، وقدوة مكان قدوة، وكتاباً بدلاً من كتاب، وصحابة بدلاً من صحابة، ومباديء طردت مباديء أخرى

وأن معاوية قد ذهب إلى ربه ! نعم، هو ذهب بجسمه وبقي بأثره في كل شيء، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، .. لقد بقي منه في الأمة أكثر مما بقي من النبي (ص)

خطورة معاوية  لم تنته بزمنه ، كما هو حال فرعون وأبي جهل وأبي لهب وبابك الخرمي وهولاكو وأمثالهم، كلا، هو معك أيها المسلم في قلبك وعقلك، وبيتك ومسجدك

فالسيد ابن عقيل يشعر أنه لا يستطيع أن ينقل ما يعرفه من هدي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن الاحتجاج عليه بمعاوية وأتباع معاوية يحاصره في كل فكرة نيرة، وفي كل دعوة للعدل أو الإنصاف أو العلم

ولكن الأمر أكثر من ذلك، إنه مرتبط بحياتنا ومدى قدرتنا على الإفلات من محاصرة معاوية لنا في بيوتنا، وتكميمه أفواهنا، وإجباره لنا على أن نترك كتاب الله وسنة رسوله جانباً، ونقبل على أحاديثه ومروياته وعقائده وسلوكه

كل يوم نكتشف قرب معاوية من حياتنا، إن له سلطة علينا أقوى من سلطة نفوسنا

لقد وطأ بقدميه الفاجرتين على صماخ القرآن الكريم، وطرد الرسول (ص) من أمته، وطارد أولياءه  في كل زمان ومكان وخلق لنا في كل زمان فئه باغيه تلاحق المسلمين قتلا وتشريدا

 

 

اولا – معاويه والاعلام الاموي غادران فاجران

 

قال ابن شهاب: كان دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يقال لهم: ذوو رأى العرب في مكيدتهم

معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد والمغيرة بن شعبة، ومن المهاجرين عبد الله بن بُديل الخُزاعى، وكان قيس وابن بديل مع على رضي الله عنه، وكان قيس يقول: لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه العرب ) (1)

وقال الامام علي (ع):

وَاللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَلَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ وَلَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ وَلَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَكُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ وَلَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ (2)

 فماهو الدهاء

تقول معاجم اللغه ان الدهاء هو المكر والاحتيال يقال ان الرجل ذو دهاء اي  ذو مَكْرٍ واحتِيالٍ

وغالبا مايرافق الدهاء الغدر والفجور للوصول الى الغايات المطلوبه وقد حرّم الاسلام الغدر والفجور للوصول الى تلك الغايات ولذلك قال الامام علي (عليه السلام ):

 (وَاللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَلَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ وَلَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ)

ومعنى (وما استغفل بالمكيدة) اي لا تجوز المكيدة علي كما تجوز على الغافلين،

 (ولا استغمز بالشديدة)  اي لا أضعف للخطوب وإن اشتدت

والمستفاد من هذه الكلمات الشريفة أن عليا عليه السلام يعرف الفرص والوسائل والأسباب إلى بلوغ الملك والسلطان ولكنه لا يستعملها على حساب دينه، فإنه عليه السلام لا يعلم من النجاح والظفر إلا مرضاة الله، والعمل بالحق والعدل، وهو عليه السلام مستعد لأن يضحي بالنفس والملك وبكل عزيز ليبلغ هذه الغاية

على العكس من معاويه فانه يضحي بالدين والقيم والمبادئ  ويغدر ويفجر من اجل الملك والسلطان

 وَ قَالَ علي (علیه السلام): لَا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنْ لَا يُصَانِعُ وَ لَا يُضَارِعُ وَ لَا يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ (3)

يقول : وفي ميزان الحكمه ج8 ص 148

قال صلى اللَّه عليه وآله  : المَكرُ والخَديعَةُ والخِيانَةُ في النّارِ

وقال صلى اللَّه عليه وآله : مَن كانَ مسلماً فلا يَمكُرْ ولا يَخدَعْ

 وقال الإمامُ عليٌّ عليه السلام : إنّ المَكرَ والخَديعَةَ في النّارِ ، فكونوا مِن اللَّهِ عَلى‏ وَجَلٍ ومِن صَولَتِهِ على‏ حَذَرٍ

وقال عليه السلام : لَولا أنّ المَكرَ والخَديعَةَ في النّارِ لَكُنتُ أمكَرَ العَرَبِ (4)

وقال: (لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: إن المكرو الخديعة والخيانة في النار، لكنت أمكر العرب (5)

وقال: (أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه (6)

ومنها: (وإني لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم، ولكني لاأرى إصلاحكم بإفساد نفسي (7)

قيس بن سعد بن عباده من دهاه العرب

وهذا قيس بن سعد بن عباده ممن نهل من مبادئ الامام علي والامام الحسن (ع) وكان من قاده جيش الامام الحسن في مواجهه معاويه يقول:

( لولا أن المكر فجور، لمكرت مكرا يضطرب منه أهل الشام بينهم )(8)

عن أبي رافع، عن قيس بن سعد، قال:

 لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المكر والخديعة في النارلكنت من أمكر هذه الأمة (9)

وقال

(10) ( لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه العرب )

وحين كان قيس قبل الإسلام يعامل الناس بذكائه كانوا لا يحتملون منه ومضة ذهن، ولم يكن في المدينة وما حولها إلا من يحسب لدهائه ألف حساب، فلمَّا أسلم، علَّمه الإسلام أن يُعامل الناس بدينه لا بدهائه، ولقد كان ابنًا بارًّا للإسلام، ومِنْ ثمَّ نحَّى دهاءه جانبًا، ولم يعد ينسج به مناوراته القاضية، وصار كلما واجه موقعًا صعبًا يأخذه الحنين إلى دهائه المقيَّد، فيقول:

لولا أنَّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المكر والخديعة فِي النار)، لكنت من أمكر هذه الأمة)

ولقد كان مكانه يوم صفين مع أمير المؤمنين علي ضد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم، وكان يجلس مع نفسه فيرسم الخدعة التي يُمكن أن يودي بمعاوية وبمن معه في يومٍ أو بعض يوم، بَيْدَ أنَّه يتفحَّص خدعته هذه التي تفتق عنها ذكاؤه فيجدها من المكر السيِّئ الخطر، ثم يذكر قول الله سبحانه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر: 43]،  فيهبُّ من فوره مستنكرًا، ومستغفرًا، ولسان حاله يقول:

( والله لئن قُدِّر لمعاوية أن يغلبنا، فلن يغلبنا بذكائه، بل بورعنا وتقوانا )

ومنذ ألقى قيس بن سعد وراء ظهره، قدرته الخارقة على الدهاء والمناورة، وحمل هذا الطراز من الشجاعة المسفرة الواضحة، وهو قرير العين بما تسببه له من متاعب وما تجلبه من تبعات

 

معاويه ماكر فاجر

 

 وبالعوده الى القبائل العربيه التي اشترى عثمان ذمتها واسكنها الكوفه وشكلت العمود الفقري لجيش الخلافه جيش العراق جيش الامام علي

فلقد كانت قبيله الاشعث بن قيس اكبر تلك القبائل  وكان الاشعث بن قيس لعلي بن ابي طالب كما كان ابن ابي سلول لرسول الله وكان عميلا ذليلا لمعاويه وقد نفذ تعليمات معاويه في اغتيال الامام علي وقد تطرقت لذلك بالتفصيل في كتابي (من قتل الامام علي (ع) )

استطاع الاعلام الاموي وبمساعده الاشعث بن قيس وباقي عملاء بني اميه وبمساعده عمرو بن العاص تحييد 20000 مقاتل من جيش الامام علي واجبروه على قبول التحكيم او قتله او تسليمه لمعاويه

 

 مكيدة رفع المصاحف

قال الشيخ باقر شريف القرشي في موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، ج 11

إنَّ أبشع مهزلة في التاريخ البشري، وأسوأ كارثة مني بها المسلمون على امتداد التاريخ، هي مكيدة رفع المصاحف، وقد وصفها «راوجوست ميلر» بأنّها من أبشع المهازل وأسوأها في التاريخ البشري

وأعتقد أنّ هذه المكيدة القاصمة لم تكن وليدة المصادفة أو المفاجأة، فقد حيكت أصولها قبل هذا الوقت، فقد كان ابن العاص الماكر الخبيث وزير معاوية، على اتّصالٍ دائمٍ ببعض القادة في الجيش العراقي، كان من بينهم الخبيث العميل الأشعث بن قيس، مع جماعة من قادة الجيش العراقي، وجرت بينهم وبين ابن العاص اتّصالات سرّية أحيطت بكثيرٍ من الكتمان بتدبير مؤامرة انقلابية في جيش الإمام، وذهب إلى هذا الرأي عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، قائلاً: (فما أستبعد أن يكون الأشعث بن قيس، وهو ماكر أهل العراق وداهيتهم، قد اتّصل بعمرو بن العاص، ماكر أهل الشام وداهيتهم، ودبّرا هذا الأمر بينهم تدبيراً، ودبّرا أن يقاتلوا القوم، فإن ظهر أهل الشام فذاك، وإن خافوا الهزيمة أو أشرفوا عليها، رفعوا المصاحف، فأوقعوا الفرقة بين أصحاب عليّ، وجعلوا بأسهم بينهم شديداً)

وعلى أيّ حال، فقد بدت الهزيمة المنكرة في جيش معاوية، وانهارت جميع قواه العسكرية، ففزع إلى ابن العاص، وقال له بذعر وخوف :إنّما هي الليلة حتى يغدو علينا بالفصيل، فما ترى؟ وأشار عليه ابن العاص قائلاً: إنّ رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله، هو يقاتلك على أمر، وأنت تقاتله على أمر آخر، أنت تريد البقاء، وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم، وأهل الشّام لا يخافون عليّاً إن ظفر بهم، ولكن ألق إليهم أمراً إن قبلوه اختلفوا، وإن ردّوه اختلفوا، ادعهم إلى كتاب الله حكماً فيما بينك وبينهم، فأنت بالغٌ به حاجتك في القوم، فإنّي لم أزل أؤخّر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه

واستطاب معاوية رأي ابن العاص، وعرف صدق نصيحته، فمعاوية يقاتل الإمام من أجل الملك والسلطان، والإمام يقاتله من أجل الإسلام وإقامة حكم الله في الأرض

وعلى أيّ حال، فقد أوعز معاوية برفع المصاحف أمام الجيش العراقي، فرفعت زهاء خمسمائة مصحف، وتعالت أصوات أهل الشام بلهجة واحدة

يا أهل العراق! هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته، من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام؟ ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟ ومن لجهاد الروم؟ ومن للترك؟ ومن للكفّار؟

 

وكانت هذه الهتافات التي تعالت من أهل الشام كالصاعقة على رؤوس الجيش العراقي، فقد انقلب رأساً على عقب، فخلع طاعة الإمام، ومني بانقلاب مدمّر، وراح الإمام الممتحن يحذِّر جيشه من هذه الدعاوى المضلّلة، ويفنّد مزاعم معاوية،

يا لسوء الأقدار! يا للأسف! يا للمصيبة العظمى! لقد أحاطت تلك الوحوش الكاسرة والبهائم المخدوعة بالإمام المظلوم الممتحن، وكان عددهم زهاء عشرين ألفاً، وهم مقنَّعون بالحديد، شاكّون بالسلاح، قد اسودّت وجوههم من السجود، يتقدّمهم مسعر بن فدكيّ، وزيد بن حصين، وعصابة من القرّاء، فنادوا الإمام باسمه لا بإمرة المؤمنين، قائلين :يا عليّ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان، فوالله لنفعلنّها إن لم تجبهم ...فردّ عليهم الإمام قائلاً، والأسى ملء فؤاده: ويحكم، أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله، وأوّل من أجاب إليه، وليس يحلّ لي ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إنّي إنّما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنّهم قد عصوا الله فيما أمرهم، ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكنّي قد أعلمتكم أنّهم قد كادوكم، وأنّهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون

لقد نصحهم الإمام ودلّهم على زيف هذه الحيلة، وإنّما لجأوا إليها لفشلهم في العمليات العسكرية، وأنّهم لم يقصدوا بها إلاّ خداعهم ...ومن المؤسف أنَّ تلك الوحوش لم يعوا منطق الإمام، وانخدعوا بهذه المكيدة، وراحوا في غيّهم يعمهون، وقد جلبوا لأنفسهم ولأمّتهم الدمار والهلاك، فاندفعوا كالموج صوب الإمام بأصوات عالية قائلين :أجب القوم ...أجب القوم وإلاّ قتلناك ...وفي طليعة هؤلاء، المنافق الخبيث الأشعث بن قيس، الذي كان على اتّصال وثيق بابن العاص، فقد تسلّح بهؤلاء المتمرّدين، وهو ينادي بقبول التحكيم، والاستجابة لدعوة أهل الشام

ولم يجد الإمام بدّاً من إجابتهم، فأصدر أوامره بإيقاف عمليات الحرب، وقد ذاب قلبه الشريف ألماً وحزناً، فقد أيقن بزوال دولة الحقّ، وانتصار دولة الظلم والبغي، وأنّ دماء جيشه التي سفكت في سبيل الله قد ضاعت وذهبت سدى

وأصرّ عليه أولئك الأقزام بسحب قائده العام مالك الأشتر من ساحة الحرب، وكان الأشتر قد أشرف على نهاية الفتح، ولم يبق بينه وبين النصر الحاسم إلاّ حلبة شاة أو عدوة فرس، فأرسل إليه الإمام بإيقاف العمليات العسكرية، فلم يعن مالك بما أمر به، وقال لرسول الإمام: قل لسيّدي ليست هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني فيها عن موقفي، إنّي قد رجوت الله أن يفتح لي، فلا تعجلني ...وقفل الرسول راجعاً إلى الإمام، وأخبره بمقالة مالك، فارتفعت أصوات أولئك الوحوش بالإنكار على الإمام، قائلين له :والله! ما نراك أمرته إلاّ أن يقاتل ...وامتحن الإمام المظلوم كأشدّ ما يكون الامتحان، فقال لهم: أرأيتموني ساررت رسولي إليه، أليس إنّما كلّمته على رؤوسكم علانية، وأنتم تسمعون؟ ولم يستجيبوا لقول الإمام، وأصرّوا على تمرّدهم وغيّهم قائلين: ابعث إليه فليأتك، وإلاّ فوالله اعتزلناك!... وأجمعوا على الشرّ والعدوان، قائلين بعنف :ابعث إليه فليأتك ...وأجمعوا على الفتك بالإمام ومناجزته، فلم يجد الإمام بدّاً من إصدار أوامره المشدَّدة إلى مالك بالانسحاب الفوري عن ساحة الحرب، فاستجاب الأشتر على كره، وقد انهارت قواه، فقال لرسول الإمام :ألرفع هذه المصاحف حدثت هذه الفتنة؟ نعم

وعرف الأشتر أنّ مكيدة ابن العاص قد أوجدت هذا الانقلاب في جيش الإمام، فقال بحرارة وألم :أما والله! لقد ظننت أنّها ـ أي رفع المصاحف ـ ستوقع اختلافاً وفرقة، إنّها مشورة عمرو بن العاص، ألا ترى إلى الفتح؟! ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى ما يصنع الله بهم؟ أيبتغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ وأحاطه رسول الإمام علماً بحراجة الموقف والأخطار الهائلة المحدقة بالإمام، قائلاً :أتحبّ أنّك إن ظفرت هاهنا، وأنّ أمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرّج عنه، ويسلّم إلى عدوّه؟ ...فقال الأشتر مقالة المؤمن الممتحن :سبحان الله! لا والله، ما أحبّ ذلك.

 

وطفق رسول الإمام يخبر الأشتر بحراجة الموقف، وما أحيط به الإمام من أخطار، قائلاً: إنّهم قالوا: لترسلنّ إلى الأشتر، فليأتينّك، أو لنقتلنّك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفّان، أو لنسلمنّك إلى عدوّك ...

.وأطرق الإمام الممتحن برأسه إلى الأرض، وقد طافت به موجات من الألم القاسي، وتمثّلت أمامه الأخطار المحدقة بالمسلمين، فلم يكلّم هؤلاء الوحوش بكلمة، وراحوا يهتفون: إنّ عليّاً أمير المؤمنين قد رضي الحكومة، ورضي بحكم القرآن ...وغرق الإمام في تيارات قاسية وموجعة من الألم الممضّ، فقد مني بانقلابٍ مدمّرٍ في جيشه، ولا يستطيع أن يعمل أيّ شيء، وراح يقول:

لقد كنت أمس أميراً فأصبحت اليوم مأموراً، وكنت ناهياً فأصبحت اليوم منهيّاً

وتركهم يتخبّطون في دياجير قاتمة أدّت إلى هلاكهم، وانتصار الجور والطغيان عليهم

 

 

 

 

المصادر

1- تاريخ دمشق  52/288

2- نهج البلاغه 483 و بحار الأنوار للمجلسي- ج 33 - الصفحة 198

3- نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 4 - الصفحة 26

4- المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 109

5- المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 110

6- نهج البلاغة، خ 124

7- نهج البلاغة، خ ٦٨

8 - سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 3- الصفحة 108

9- ميزان الحكمه ج8 ص 148

10 - سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 3 - الصفحة 108

أخترنا لك
بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف