بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم
لقراءه الكتاب على صفحه كتابات في الميزان
يرجى فتح الرابط التالي
اضغط على الرابط + ctrl
https://www.kitabat.info/subject.php?id=200614
الباب الاول
الفصل الاول - أصل بني اميه ..................................................... 6
الفصل الثاني - بنو أميه ملعونون في القرأن الكريم وعلى لسان رسول الله (ص)... 25
الفصل الثالث - بنو اميه مستنقع اسن .................................... 34
الباب الثاني
الفصل الاول - ماهي اسباب الصراع الدموي بن بني هاشم وبني اميه .... 48
الفصل الثاني - اميه وحرب بن اميه يحسدان هاشم وعبد المطلب بن هاشم.......... 61
الفصل الثالث - ابو سفيان (صخر بن حرب) يحسد محمد (ص) ويحاول قتله ........75
الباب الثالث
الفصل الاول - رسول الله يلعن معاويه ................................................93
الفصل الثاني - الامام الحسن يختصر لنا حقيقه بني اميه في جلسه واحده ..........101
الباب الرابع
الفصل الاول - معاويه يقتل الامام علي (عليه السلام )............................... 108
الفصل الثاني -عمر يرفع شعار (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم )........... 121
الفصل الثالث - ولاه عثمان على ألامصار اما طريد او خمار اوملعون............. 131
الفصل الرابع - معاويه يقتل الامام (علي عليه السلام ).............................. 138
الفصل الخامس - الادله التي تثبت تورط معاويه بقتل علي بن ابي طالب(ع)...... 150
الفصل السادس - مَنْ قتله معاويه...................................................... 156
الباب الخامس
الفصل الاول - يزيد بن معاويه مستنقع آسن........................................ 167
الفصل الثاني - يزيد يقتل الحسين (عليه السلام ) وأهل بيت النبوه................ 175
الفصل الثالث -يزيد ينتقم من الانصار .............................................. 184
الفصل الرابع - وصار الملعونون سلاطين هذه الامه ...............................196
الخاتمه ..................................................................................207
مقدمه الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ﴿ الصف 9 ﴾
تنبأ اليهود بقرب ظهور النبي الموعود وقد علموا إسمه ومحل مبعثه وهجرته فسموا بعض مواليدهم في تلك السنين( محمد) وهاجروا الى مكه وماحولها لعل النبي يكون منهم والا فانهم سيقتلونه ويتخلصون منه لكي لا يسلبهم ملكهم
قال تعالى :
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿ ٨٩ ﴾ البقره
وإستنكرت قريش أن تكون النبوه في محمد صلى الله عليه واله
قال تعالى:
(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ﴿ ٣١ ﴾ الزخرف
وأما بنو أميه فقد كانت صدورهم تغلي حسداً وحقداً على بني هاشم عند سماعهم خبر النبوه في محمد (ص)
قال معاويه لرجل من أهل اليمن (ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم إمرأه ) فقال له الرجل (قومك أجهل من قومي إذا دعاهم رسول الله للاسلام فقالوا:
(وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )﴿ ٣٢ ﴾الانفال
) ولم يقولوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا اليه
وكانت قريش بصوره عامه وبني أميه بصوره خاصه تقول الموت أهون علينا من أن يكون النبي من بني هاشم والخلافه بعده لعلي بن أبي طالب
وقال عمر (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم)
جمع الحقد و الحسد الحاسدون الثلاثه اليهود وقريش وبنو أميه في حلف ثلاثي للقضاء على محمد (ص) وعلى وصيه علي بن ابي طالب( ع ) وعلى الدين الاسلامي
يقول الشيخ حسن بن فرحان في كتابه مثالب معاويه بن ابي سفيان:
فقد زرع فينا معاويه ديناً مكان دين، وقدوة مكان قدوة، وكتاباً بدلاً من كتاب، وصحابة بدلاً من صحابة، ومباديء طردت مباديء أخرى
وأن معاوية قد ذهب إلى ربه ! نعم، هو ذهب بجسمه وبقي بأثره في كل شيء، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، .. لقد بقي منه في الأمة أكثر مما بقي من النبي (ص)
خطورة معاوية لم تنته بزمنه ، كما هو حال فرعون وأبي جهل وأبي لهب وبابك الخرمي وهولاكو وأمثالهم، كلا، هو معك أيها المسلم في قلبك وعقلك، وبيتك ومسجدك
فالسيد ابن عقيل يشعر أنه لا يستطيع أن ينقل ما يعرفه من هدي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن الاحتجاج عليه بمعاوية وأتباع معاوية يحاصره في كل فكرة نيرة، وفي كل دعوة للعدل أو الإنصاف أو العلم
ولكن الأمر أكثر من ذلك، إنه مرتبط بحياتنا ومدى قدرتنا على الإفلات من محاصرة معاوية لنا في بيوتنا، وتكميمه أفواهنا، وإجباره لنا على أن نترك كتاب الله وسنة رسوله جانباً، ونقبل على أحاديثه ومروياته وعقائده وسلوكه
كل يوم نكتشف قرب معاوية من حياتنا، إن له سلطة علينا أقوى من سلطة نفوسنا
لقد وطأ بقدميه الفاجرتين على صماخ القرآن الكريم، وطرد الرسول (ص) من أمته، وطارد أولياءه في كل زمان ومكان وخلق لنا في كل زمان فئه باغيه تلاحق المسلمين قتلا وتشريدا
فمن هو معاويه ؟ وابن مَنْ هو ؟
و مَنْ هم الامويون؟ وما هو اصلهم ؟
وما سر عداوتهم لبني هاشم وللدين الاسلامي؟
وكيف استطاع بنواميه نشر دين مزيف بدلا من دين رسول الله (ص) ومن ساعدهم على ذلك وماهو دور ابو بكر وعمر وعثمان واليهود في مؤازره بني اميه وتمكينهم من رقاب المسلمين
في هذا الكتاب اجبنا على تلك الاسئله وكشفنا عن اصل بني اميه
بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم
الباب الاول
الفصل الاول
أصل بني اميه
من أهم اسباب عداوه بني أميه لبني هاشم سوء منبت وأصل بني اميه وحسدهم بني هاشم الذين رفعهم الله مكانا عليا وطهرهم تطهيرا
فهم يشعرون بالدونيه لان جدهم أميه عبد رومي تبناه عبد شمس وبنو هاشم من أصل شريف رفيع
أن تَّبَنِّي العبيد كان معمولاً به في الجاهلية والإسلام، يُتوارث
به ويتناصر، إلى أن نسخ الله ذلك بقوله تعالى :
الاحزاب
5{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ
}
فرفع
الله حكم التَّبَنِّي وأرشد بقوله إلى أن الأوْلى والأعدل أن
يُنسب الرجل إلى أبيه نَسَباً
وكان
الرجل في الجاهلية إذا أعجبه غلام ضمه إلى نفسه، وجعل له نصيب الذكر
من أولاده من ميراثه، وكان يُنْسب إليه فيقال فلان ابن
فلان
ولنأخذ مثالا واحدا من هؤلاء وهو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي
قال ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفه الصحابه :
كان زيد قد سبي في الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة ، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتبناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين،
وذَكَرَ الزُّبَيْرُ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ،
( قَالَ خَرَجَتْ سُعْدَى بِنْتُ ثَعْلَبَةَ أُمُّ زَيْدِ بن حارثة، وهي امرأة من بنى طى تَزُورُ قَوْمَهَا، وَزَيْدٌ مَعَهَا، فَأَغَارَتْ خَيْلٌ لِبَنِي الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَى أَبْيَاتِ مَعْنٍ- رَهْطِ أُمِّ زَيْدٍ، فَاحْتَمَلُوا زَيْدًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ يَفَعَةٌ، فَوَافَوْا بِهِ سُوقَ عُكَاظٍ، فَعَرَضُوهُ لِلْبَيْعِ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ بأربعمائة درهم، فلما تزوّجها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَتْهُ لَهُ )
قَالَ عبد الله بن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت الايه:
الاحزاب 5{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ }
وَقَالَ أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحىّ يرجّى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وأن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فان وإن نمرّه الأجل
سأوصي به عمرا وقيسا كليهما ... وأوصي يزيد ثم من بعده جبل
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل.
وحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فَقَالَ لهم: أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات، فإنّي أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال :
أحن إلى قومي وإن كنت نائيا ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الّذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر
فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه فَقَالَ: ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا:
يا بن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه.
قَالَ: ومن هو؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا اعطيكم خيرا من ذلك
قالوا: وما هو؟
قَالَ: أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء ، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا
قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت. فدعاه فَقَالَ: هل تعرف هؤلاء؟ قَالَ: نعم
هذا أبي. وهذا عمي.
قَالَ: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما.
قَالَ زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم.
فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك، وعلى أهل بيتك!
قَالَ: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر
فقال: يأمن حضر. اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذَلِكَ أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا.
ودعي زيد بن محمد، حتى جاء الإسلام ونزلت الايه الكريمه:
الاحزاب 5{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ }
فدعي يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان يقَالُ له قبل ذَلِكَ المقداد بن الأسود، لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه
اما الادعياء المتوفين فلم يتم تصحيح نسبهم مثل اميه بن (عبد شمس) والعوام بن (خويلد)
يقول الصيمري البحراني في كتابه الزام النواصب في نسب الزبير بن العوام:
فقد رووا أن العوام كان عبدا لخويلد ، ثم اعتقه وتبنّاه ، ولم يكن من قريش ، وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحدهم عبد وأراد ان ينسبه الى نفسه ويلحقه بنسبه أعتقه وزوّجه كريمة من العرب ، فيلحق بنسبه ، فكان هذا من سنن الجاهلية
ولان التبني كان شائعا ومكتسبا صفه شرعيه في المجتمع فقد انزل الله ايات بينات في التفريق بين ولد الرجل من صلبه والولد المُتبنى
قال تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)النساء
حرم الله زواج الرجل من زوجه ابنه الذي من صلبه في هذه الايه
( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)
فلماذا هذا التوضيح بذكر ( الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) لو لم يكن التبني معمولا به وشائعا حتى ساوت العرب بين الولد المُتبني والولد من صلب الرجل
وزياده في الايضاح قال تعالى :
(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ )[سورة الأحزاب: 40]
بنو أميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم
كان
أميه عبداً لعبد شمس تبناه والحقه به واليك بعضا من الادله التي
تثبت إن أميه ليس من صلب عبد شمس
الدليل الاول
1 - يقول ابو القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثه ج1 ص 76
( وكان عبد شمس بن عبد مناف أخا هاشم بن عبد مناف قد تبنى عبدا له روميا يقال له أمية فنسبه عبد شمس إلى نفسه فدرج نسبه كذلك إلى هذه الغاية.)
2- ويقول صاحب كتاب الكامل البهائي ج1 ص 962
(إن أمية كان غلاما روميا لعبد الشمس، فلما ألقاه كيسا فطنا أعتقه وتبناه، فقيل أمية بن عبد الشمس كما كانوا يقولون قبل نزول الآية )
3 - ويقول مؤلف كتاب إلزام النواصب (ص 104 - 105) وبحار الانوار للعلامه المجلسي ج31 ص 543و544 ورسائل الجاحظ – من كتاب فضل هاشم على عبد شمس
( لم يكن أمية من صلب عبد شمس وإنما هو عبد من الروم فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه، فبنو أمية كلهم ليس من صميم قريش، وإنما هم يلحقون بهم،)
الدليل الثاني
قذفت الامواج سفينه جانحه الى الشواطئ العربيه ومن ضمن من كان على متنها جاريه روميه وابنها العبد الرومي اميه فاشتراه عبد شمس وتبناه
1- يقول ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه 15/ 234
اشتكى ابو طالب من بني عبد شمس وبني نوفل عندما شاركوا في حصار بني هاشم و النبي محمد (صلى الله عليه واله) في شعب ابي طالب قائلا:
توالي علينا موليانا كلاهما * إذا سئلا قالا إلى غيرنا الامر
بلى لهما أمر ولكن تراجما * كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخر
أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا * هما نبذانا مثل ما تنبذ الخمر
هما أغمضا للقوم في أخويهما * فقد أصبحت أيديهما وهما صفر
قديما أبوهم كان عبدا لجدنا * بني أمة شهلاء جاش بها البحر
لقد سفهوا أحلامهم في محمد * فكانوا كجعر بئس ما ضفطت جعر
( ضفطت: أحدثت، والجعر: جمع جعراء، وهي الاست. )
ودخل بنو هاشم وبنو المطلب شعب أبي طالب مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حين حاصرتهم قريش، مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن دخل دينا والكافردخل حمية،
من هذا يتبين إنَ مَنْ دخل مع بني هاشم في الشعب هم من تربطهم صله دم كبني المطلب لا من تربطهم صله تبني واستلحاق كبني اميه
2- ويقول الحاج حسين الشاكري في كتابه هاشم وعبد شمس:
يقول أبو طالب في الابيات السابقه حين تظاهر عليه وعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنو عبد شمس ونوفل
قديما أبوهم كان عبدا لجدنا * بني أمة شهلاء جاش بها البحر
(بني
أمة شهلاء جاش بها البحر)
فالأبيات
التي أنشأها أبو طالب صريحة بأن أمية عبد قذفه البحر إلى الحجاز مع
التجارة التي كانت ترد إلى مكة من الروم
وغيرها
وهل
يجيش البحر بشئ من السلع الآدمية غير الرقيق والإماء؟
ولعل اختيار كلمة (شهلاء) في وصفه يدل على الروم، فالشهل
زرقة العيون يشاب بها سواد العين، وهي صفة للعين
الروميه
3 – ويقول المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم
إن اميه إبن جاريه روميه وصلت الى الحجازمع ركب سفينه جنحت الى الشاطئ وقد تبناه عبد شمس
الدليل الثالث – لم يشمل الرسول (ص) بني اميه بالخمس
لم يعط رسول الله (ص) بني عبد شمس وبني نوفل من الخمس لانهم ليسوا
من ذوي القربى
قال
الله تعالى:
(وَٱعْلَمُوۤا
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ
وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ) سوره الانفال ايه41
حرمَ
رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بني عبد شمس وبني نوفل من الخمس
لانهم ليسوا من ابناء بني عبد شمس بل من ادعيائهم الذين تبنوهم
وتسموا باسماءهم
وفي
فتح الباري شرح صحيح البخاري( حديث رقم 2971 ) يقول
حدثنا
عبد الله بن يوسف حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن
جبير بن مطعم قال :
مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)
فقلنا يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة
واحدة فقال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) إنما بنو المطلب وبنو
هاشم شيء واحد قال الليث حدثني يونس وزاد قال جبير ولم يقسم النبي
صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل)
علما
بان ابناء عبد مناف أربعه هم عبد شمس والمطلب وهاشم
ونوفل
وحاشا
رسول الله أن يخالف أمر الله ويفرق بين الاخوه من أبناء عبد مناف
فيعطي إثنين ويحرم إثنين من دون سبب شرعي
وقد ثبت لدينا ان اميه عبدا استلحقه عبد شمس وان عبد شمس ونوفل ليسا من صلب عبد مناف وانما ابنا زوجته
يقول ابو البركات في الشرح الكبير - ج ١ - الصفحة ٤٩٣
(وأما عبد شمس ونوفل فالصحيح أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما ابنا زوجته وأمهما من بني عدي وكانا تحت كفالته فنسبا إليه ففرعهما ليس بآل قطعا)
الدليل الرابع – الامام علي (ع) يصرح بان بنو اميه ليسوا من بني عبد
مناف
يعلن
علي بن أبي طالب (ع) صراحه بان بنو اميه ليسوا من بني عبد
مناف
لم
یكن عثمان ومعاویة ویزید ومروان وعبد الملك بن مروان أبناء عمومة
النبي (صلى االله علیه وآله)
واثناء
خلاف معاويه مع علي (ع) قال معاويه لعلي في احد كتبه:
(إنا
أبناء عبد مناف واحد)
وكان
جواب الامام علي (ع) لمعاويه
وَ
أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ
لَكِنْ لَيْسَ أميّة كَهَاشِمٍ وَ لاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ
اَلْمُطَّلِبِ وَ لاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَ لاَ
اَلْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لاَ اَلصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ وَ لاَ
اَلْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ لاَ اَلْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَ
لَبِئْسَ اَلْخَلْفُ خَلْفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ
جَهَنَّمَ وَ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ اَلنُّبُوَّةِ اَلَّتِي
أَذْلَلْنَا بِهَا اَلْعَزِيزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا اَلذَّلِيلَ وَ
لَمَّا أَدْخَلَ اَللَّهُ اَلْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً وَ
أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ
مِمَّنْ دَخَلَ فِي اَلدِّينِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً
عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ اَلسَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ ذَهَبَ
اَلْمُهَاجِرُونَ اَلْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلاَ تَجْعَلَنَّ
لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً وَ لاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً وَ
اَلسَّلاَمُ ( نھج البلاغة، الرساله رقم 17)
ويقول
ابن ابي الحديد في شرح المهاجر والطليق والصريح واللصيق
المهاجر
: الذي ترك وطنه و لحق برسول اللَّه ( صلى اللَّه عليه و
آله)
و
الطليق : الأسيرالذي أطلق سبيله بعد فتح مكه
و
الإمام عليه السلام يشير الى فتح مكة ، فقد كان المنتظر أن يقتص
الرسول ( صلى اللَّه عليه و آله ) منهم ، و لكنه عفى عنهم تكرّما
،
و
قال : إذهبوا فأنتم الطلقاء ، و أبو سفيان و معاوية منهم
وفي
شرح معنى اللصيق والصريح نقول
الصريح..
الصحيح النسب
و
اللصيق .. الدعي الملصق بغير أبيه ،(كما ورد في كل معاجم اللغه
ومنها معجم المعاني الجامع)
ويذهب
المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم الى نفس هذا
المذهب
وفي شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد ج6 ص 146 يقول :
ومن كلام لعلي عليه السلام قاله لمروان بن الحكم بالبصرة
أُخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل فاستشفع له الحسن والحسين عليهم السلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فكلماه فيه فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟
قال عليه السلام :
(أولم يبايعني بعد قتل عثمان! لا حاجة لي في بيعته. إنها كف يهودية، لو بايعني بيده لغدر بسبته)
الدليل
الخامس – اميه اصله عبد واستعبده عبد المطلب مره
ثانيه
و روى الواقدي إن يزيد بن معاويه فاخر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
بأبائه في مجلس معاويه بن أبي سفيان
فقال
له عبد الله بن جعفربن أبي طالب :
بأي
آبائك تفاخرني أبحرب الذي أجرناه.. أم بأمية الذي ملكناه ..أم بعبد
شمس الذي كفلناه
فقال
معاوية :
ألحرب
بن أمية يقال هذا ! ما كنت أحسب أن أحدا في عصر حرب يزعم أنه أشرف
من حرب
فقال
عبد الله بن جعفربن أبي طالب بلى أشرف منه من كفأ عليه إناءه و جلله
بردائه
وفي
شرح تلك الكلمات نقول
أما
معنى قوله.. (أ بحرب الذي أجرناه)
فان
قريشا كانت إذا سافرت فصارت على العقبة لم يتجاوزها أحد حتى
تجوز
وحدث
أن خرج حرب ليلة فلما صار على العقبة لقيه رجل من بني حاجب بن زرارة
التميمي فتنحنح حرب بن أمية و قال أنا حرب بن أمية فتنحنح التميمي و
قال أنا إبن حاجب بن زرارة ثم جاز العقبة فقال حرب لا والله لا تدخل
بعدها مكة و أنا حي
فمكث
التميمي حينا لا يدخل و كان متجره بمكة فاستشار بها بمن يستجير من
حرب فأشير عليه بعبد المطلب أو بابنه الزبير بن عبد المطلب فركب
ناقته و صار إلى مكة ليلا فدخلها و أناخ ناقته بباب الزبير بن عبد
المطلب فرغت الناقة فخرج إليه الزبير فقال أمستجير فتجار أم طالب
قرى فتقرى فقال :
لاقيت
حربا بالثنية مقبلا
و
الليل أبلج نوره للساري
فعلا
بصوت و اكتنى ليروعني
و
دعا بدعوة معلن و شعار
فتركته
خلفي و جزت أمامه
و
كذاك كنت أكون في الأسفار
فمضى
يهددني و يمنع مكة
فقال
الزبير إذهب إلى المنزل فقد أجرتك فلما أصبح نادى الزبير أخاه
الغيداق فخرجا متقلدين سيفيهما و خرج التميمي معهما فقالا له إنا
إذا أجرنا رجلا لم نمش ِ أمامه فامش ِ أمامنا ترمقك أبصارنا كي لا
تختلس من خلفنا فجعل التميمي يشق مكة حتى دخل المسجد
فلما
بصرَ به حرب قال و إنك لهاهنا و سبق إليه فلطمه و صاح الزبير ثكلتك
أمك أتلطمه و قد أجرته فثنى عليه حرب فلطمه ثانية فانتضى الزبير
سيفه فحمل على حرب و سعى الزبير خلفه فلم يرجع عنه حتى دخل حرب دار
عبد المطلب
فقال
له عبد المطلب:ماشأنك ؟
قال
: الزبير
قال
عبد المطلب : إجلس و كفأ عليه إناء كبير كان هاشم يهشم فيه الثريد و
إجتمع الناس و إنضم بنو عبد المطلب إلى الزبير و وقفوا على باب
أبيهم وسيوفهم بأيديهم فأزر عبد المطلب حربا بإزار كان له و رداه
برداء له طرفان و أخرجه إليهم فعلموا أن أباهم قد أجاره
فتركوه
و
أما معنى قوله .. ( أم بأمية الذي ملكناه)
كانت
لاميه فرساً سريعه لا يلحق بها أحد فاراد أن ينتقم من عبد المطلب
فالحَّ عليه في السباق وجعل الرهن لمن سبقت فرسه مائة من الإبل و
عشرة أعبد و عشر إماء و إستعباد سنة و جز الناصية
فسبق
فرس عبد المطلب فأخذ الرهان وقسمه في قريش و أراد جز ناصيه أميه
فقال أو أفتدي منك باستعباد عشر سنين ففعل ويقول ابن ابي
الحديد فكان أمية في حشم عبد المطلب و عضاريطه عشر
سنين
وعليه
فان أميه عبدا في اصله وإستعبدَ ثانيه لعبد المطلب عندما خسر
الرهان
وأما
معنى قوله ...(أم بعبد شمس الذي كفلناه )
يذكر لنا التاريخ مقدار الالم والشكوى التي تعتصر قلب أبو طالب من تصرفات وسلوك بني عبد شمس ونوفل العدائيه ضد بني هاشم وتأليبهم قريش ضدهم وجاءت قصيدته اللاميه قطعه من الالم والشكوى
ويقول فيها:
جَزَى اللهُ عَنّا عَبْدَ شَمْس وَنَوْفَلاً
عُقوبَةَ شَرٍّ عاجِلاً غَيْرَ آجِلِ
بِميزانِ قِسْط لا يُخِسُّ شَعيرَةً
لَهُ شاهِدٌ مِن نَّفْسِهِ غَيْرُ عائِلِ
ونَحْنُ الصَّميمُ مِنْ ذُؤابةِ هاشِم
وآلُ قُصَيّ في الخُطوبِ الأوائِلِ
ويقول الشاعر حسان بن ثابت
تَشَبَّهَ بِالأَكارِمِ عَبدِ شَمسٍ
لَئيمٌ وَاِبنُ ذي جَدٍّ لَئيمِ
وَما لَكَ حينَ تُنتَقَدُ المَعالي
حَديثٌ في الأُمورِ وَلا قَديمُ
ويقول الدكتور علي صالح رسن المحمداوي
(قد درسنا ولاده هاشم وعبد شمس متلاصقين في رساله ماجستير جرت تحت اشرافنا وخرجنا بنتيجه ان الروايه موضوعه فاذا ثبت بالدليل بطلانها هل تثبت اخوه عبد شمس وهاشم فالاثنين من جنسين مختلفين والفرق بينهما كالفرق بين الجنه والنار وانها لم ترد في روايتي ابن اسحق وابن الكلبي واقدم من ذكرها مصعب الزبيري. واليعقوبي غير متاكد منها وهناك اختلافات خلقيه بين الفريقين اذا يقال لهاشم والمطلب البدران ولعبد شمس ونوفل الابهران وهذا يعني اختلافا خلقيا بين الجانبين والمعروف ان البدر صفه حميده على عكس الابهر المباعده عن الخير والخيبه. وابهر اذا تلون في اخلاقه دماثه مره وخبثا اخرى والابتهار قول الكذب والحلف عليه )
ويقول:
(والصحيح إنهما إدعو النسب ظلما وعدوانا )
وقال أبو البركات في شرح الحاوي الكبير ج1 ص493
(وأما عبد شمس ونوفل فالصحيح أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما ابنا زوجته وأمُهما من بني عدي وكانا تحت كفالته فنسبا إليه )
ويؤيد ذلك ماقاله عبد الله بن جعفر بن ابي طالب
(أم بعبد شمس الذي كفلناه )
والكفاله كما ينصرف اليه الذهن كفاله اليتيم
قال الله تعالى:
( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ )(ال عمران 37 )
ينصرف معنى الكفاله عند العرب الى كفاله اليتيم فمريم إبنه عمران كانت طفله يتيمه كفلها زكريا وتعهد رعايتها وإعالتها
وعندما حضرت الوفاه عبد المطلب جمع ابنائه وقال من يكفل محمدا بعدي
وإن الراي الذي يقول إن عبد شمس كان مملقا وقد كفله هاشم حتى وفاته لا ينهض مقابل راي
أبو البركات
ومثله كفاله رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لزينب ورقيه بنات اخت خديجه وما قيل لاحقا بانهما بنات رسول الله
الدليل السادس
روى
إبن أبي الحدید في شرح النھج ٣/٤٦٦
إن
معاویة قال لدغفل النسابة: أرأیت عبد المطلب؟ قال: نعم، قال: كیف
رأیته ؟قال: رأیته رجلاً نبیلاً وضیئ كأن على وجهه نور
النبوه
قال
معاویة: أفرأیت أمیة ؟
قال:
نعم، قال: كیف رأیته؟
قال:
رأیته رجلاً ضئیلاً منحنیاً أعمى یقوده عبده ذكوان
فقال
معاویة: ذلك إبنه أبو عمرو(ذكوان)
قال
دغفل: أنتم تقولون ذلك أما قریش فلم تكن تعرف إلا أنه
عبده
وهذا
دليل اضافي على ان ذكوان اليهودي عبد ايضا فاميه عبد وذكوان عبد وان
(بني اميه) من نسل ذكوان هم يهود ولا رابط لهم بعبد شمس ولا
باميه
ويقول المقريزي في النزاع والتخاصم ص 22 وابن ابي الحديد في
شرح النهج 3 / 456
قال
النبي صلى االله علیه وآله لعقبة بن أبي معیط ( إنما أنت یھودي من
أھل صفوریة)(6)
وكان
ذكوان ( أبو عمرو) یھودیاً من الشام. إذ قال عقیل بن أبي طالب
للولید بن عقبة بن أبي معیط بن ذكوان : كأنك لا تدري من أنت،
وأنت علج من أھل صفوریة – وھي قریة من أعمال الأردن من بلاد طبریة،
كان أبوه ذكوان یھودیاً منھا (7)
________
6 - السیرة الحلبیة ، الحلبيه الشافعي 2/186
7 - مروج الذھب، المسعودي 1/ 336
الدليل السابع
إن
أشرف خصال قريش في الجاهلية اللواء و الندوة و السقاية و الرفادة و
زمزم و الحجابة و هذه الخصال مقسومة في الجاهلية لبني هاشم و عبد
الدار و عبد العزى من دون بني عبد شمس أما في الإسلام فصارت إلى بني
هاشم لأن النبي ( ص ) لما ملك مكة صار مفتاح الكعبة بيده فدفعه إلى
عثمان بن طلحة فالشرف راجع إلى من ملك المفتاح لا إلى من دفع إليه و
كذلك اللواء ولم يكن لبني عبد شمس شرف لا في الجاهليه ولا في
الاسلام
لان
بني أميه من سلاله عبد وليسوا من قريش فقد حجب عنهم بنو هاشم شرف
الاشتراك باداره الكعبه وشؤون مكه
اميه
يحاول عبثا الحصول على شرف في اداره الكعبه
ورد في كتاب اخبار مكه في قديم الدهر وحديثه للفاكهي
عَن ابْن حَكِيم بن حزَام قَالَ لما حضر عبد الدَّار الْمَوْت جعل الندوة واللواء والرفادة إِلَى ابْنه عُثْمَان بن عبد الدَّار فَقَالَ أُميَّة بن عبد شمس لعُثْمَان بن عبد الدَّار لتخرج لي عَن طيب نفس عَن وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث فَأبى فَقَالَ إِذا لَا أدعك فاستخرج عُثْمَان بن عبد الدَّار قُريْشًا فَقَالَت لَهُ بَنو مَخْزُوم وجمح وَسَهْم وعدي نَحن مَعَك وَيَقَع لَك هَذِه الْخِصَال ونحالفك قَالَ نعم فتحالفوا فمنعوها لَهُ ولم يتنازل له عثمان
الدليل الثامن
حين
نزلت الايه الكريمه (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ) لم
يدعُ النبي( ص) أحدا من بني عبد شمس وبني أميه و كانت عشيرته
الأقربون بني هاشم و بني المطلب
وورد في تفسير الجلالين للايه الكريمه
{
وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } هم بنو هاشم وبنو المطلب
(وقد أنذرهم جهاراً) رواه البخاري ومسلم
وهذا
دليل اخر على أن بنو عبد شمس ( بنو اميه) لم يشعروا بقربهم من محمد
(ص) لعدم وجود رابطه دم بينهم وإن جدهم أميه كان عبداً لعبد شمس
تبناه والحقه به
وحين اراد هاشم ان يخطب سلمى بنت عمروا النجار اخذ اخيه المطلب ليخطب له ولم يأخذ عبد شمس ولا نوفل معه لانهما ابناء زوجه لعبد مناف من رجل اخر تربيا في حجره ونسبا اليه
وحين سافر الى الشام في سفرته الاخيره التي توفي فيها اوصى لاخيه المطلب باداره امور الكعبه وسلمه مواريث اسماعيل ولم يعترض على ذلك عبد شمس ولا نوفل علما بان المطلب اصغر منهما
ويقول احمد بن عبد الله البكري في كتابه الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار في وصيه هاشم الى اخيه المطلب والى بنو عبد مناف يصرح هاشم بان المطلب من امه وابيه في اشاره الى انه الوحيد من امه وابيه :
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أُقْبِلُ إِلَيْهِ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي وَ عَشِيرَتِي مِنْ بَنِي لُؤَيِّ اعْلَمُوا أَنْ الْمَوْتَ سَبِيلِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَ أَنَا رَاحِلٌ عَنْكُمْ وَ لَا أَدْرِي أَرْجِعَ أَمْ لَا وَ أَنَا أُوصِيكُمْ بِالاجْتِمَاعِ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ وَ الشَّتَاتِ فَتَذْهَبُ حميتكم وَ تُهَانَ مقدرتكم عِنْدَ الْمُلُوكِ وَ يَطْمَعُ فِيكُمْ الطَّامِعُ وَ هَذَا أَخِي الْمُطَّلِبِ أَعَزُّ إِخْوَتِي مِنْ أُمِّي وَ أَبِي وَ أَعَزُّ الْخَلْقِ عَلِيِّ فَإِنْ سَمِعْتُمْ نَصِيحَتِي فَقَدِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ خَاتَمِ نُوحٍ وَ الْوِفَادَةِ وَ الرفادة وَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَ كُلُّ مَا كَانَ لِعَبْدِ مَنَافٍ فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَعِدْتُمْ وَ إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوُلْدِي الَّذِي اشْتَمَلَتِ عَلَيْهِ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو إِنَّهُ يَكُونُ لَهُ شَأْنِ عَظِيمٌ فَلَا تُخَالِفُوا قَوْلِي قَالُوا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا غَيْرِ أَنَّكَ كُسِرَتْ قُلُوبَنَا بوصيتك وَ أزعجت فؤادنا بِقَوْلِكَ هَذَا
الدليل التاسع
ورد في بحار الانوارج31 ص543
قال صاحب الكامل البهائي (كامل البهائي )(للحسن بن علي بن محمد الطبري - عماد الدين الطبري) 1 / 269)
إن أمية كان غلاما روميا لعبد الشمس، فلما ألقاه كيسا فطنا أعتقه وتبناه، فقيل أمية بن عبد الشمس كما كانوا يقولون قبل نزول الآية زيد بن محمد،
وقال الكلبي في كتابه مثالب العرب
و ذكوان (ابو عمرو) كان خادما لأميّة و لكن بني أميّة سموه بابن أميّة و كذلك أميّة كان عبدا لعبد شمس فالحق به
الدليل العاشر
قال مؤلف كتاب إلزام النواصب (الزام النواصب: 104 - 105):
ان أمية لم يكن من صلب عبد شمس وإنما هو من الروم فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه، فبنو أمية كلهم ليسوا من صميم قريش، وإنما هم يلحقون بهم، ويصدق ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام أن بني أمية لصاق وليسوا صحيحي النسب إلى عبد مناف، ولم يستطع معاوية إنكار ذلك
الدليل الحادي عشر
ولد لعبد مناف أربعه أبناء وهم
هَاشِمٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبِ ونَوْفَل
ويقول الصالحي الشامي، في كتاب سبل الهدى والرشاد، ج 1، ص 271
إن هاشم و عبد شمس كانا توأمين، وكانت رِجل هاشم ملتصقة بجبهة عبد شمس، (وقيل بجهته)
ساد هاشم قريشا وسمي هاشما لانه هشم الخبز لقريش في سنه المجاعه وقد حاول أميه أن يصنع مثله فعجز وسخرت منه قريش
فكم كان عمرأميه لينازع (عمه) هاشم السياده إذا كان من صلب عبد شمس ؟ وقد توفي هاشم عن خمس وعشرين سنه ويفترض أن يكون عمر عبد شمس عند وفاه أخيه هاشم خمس وعشرين سنه أيضا لانهما توأمين .فمتى تزوج عبد شمس ؟ ومتى ولد أميه (إن كان من صلب عبد شمس) ؟ وكم أصبح عمر هذا الطفل (أميه) لينازع عمه ؟ وهل يقبل هاشم لنفسه أن ينازع طفلا ذو ثماني سنوات أو تسع سنوات على أعلى فرض
نستعرض فيما يلي تلك التساؤلات بالتحليل لنثبت إن أميه ليس من صلب عبد شمس
هاشم في سنه المجاعه
أَصَابَتْ قُرَيْشًا سَنَةٌ ذَهَبَتْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأُقْحِطُوا فِيهَا. وَبَلَغَ هَاشِمًا ذَلِكَ وَهُوَ بِالشَّامِ. وَكَانَ مَتْجَرُهُ بِغَزَّةَ وَنَاحِيَتِهَا. فَأَمَرَ بِالْكَعْكِ وَالْخُبْزِ، فَاسْتَكْثَرَ مِنْهُمَا ثُمَّ حُمِلا فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الإِبِلِ، حَتَّى وَافَى مَكَّةَ. فَأَمَرَ بِهَشْمِ ذَلِكَ الْخُبْزِ وَالْكَعْكِ، وَنُحِرَتِ الإِبِلُ الَّتِي حُمِلَتْ. فَأُشْبِعَ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَدْ كَانُوا جُهِدُوا وإنما سمي هاشما، لأنه هشم الخبز وثرد الثريد ونحر الابل وأطعم أهل مكه
فقال عبد الله بن الزبعرى
عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف
وهو الذي سن الرحيل لقومه ... رحل الشتاء ورحلة الأصياف
ولما صارت الرفادة والسقاية لهاشم، كان يخرج من ماله كل سنة للرفادة ما لا عظيما، وكان أيسر قريش، ثم يقف في أيام الحج فيقول: (يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في موسمكم هذا زوار الله تبارك ذكره يعظمون حرمة بيته، وهم أضيافه وأحق الناس بالكرامة. فأكرموا أضيافه وزوار كعبته، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح قد أزحفوا ، وتفلوا، وقملوا، وأرملوا. فأقروهم، وأغنوهم، وأعينوهم)
العداوة بين هاشم وأمية
كان أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ذا مال. فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم في إطعام قريش،
فعجز عن ذلك. فشمت به ناس من قريش وعابوه لتقصيره. فغضب، ونافر هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة، وعلى الجلاء عن مكه عشر سنين. وجعلا بينهما حكما الكاهن الخزاعي، وهو جد عمرو بن الحمق، وكان منزله عسفان. وكان مع أمية أبو همهمة بن عبد العزى الفهري، وكانت إبنته عند أمية. فاصدر الكاهن قراره بسجع الكهان
(والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر ، وما بالجو من طائر، وما إهتدى بعلم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منها وآخر، وأبو همهمة بذلك خابر)
ويقول البلاذري في انساب الاشراف ج4 ص 65
وربح هاشم التحكيم وأخذ الإبل فنحرها وأطعم لحمها من حضر. ونُفيَ أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين. فتلك أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية. وقال الأرقم بن نضلة يذكر هذه المنافرة ويذكر تنافر عبد المطلب وحرب بن أمية
لما تنافر ذو الفضائل هاشم ... وأمية الخيرات نفر هاشم
وقال أيضًا
وقبلك ما أردى أمية هاشم ... فأورده عمرو إلى شر مورد
وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَذَلِكَ الثَّبْتُ. وَيُقَالُ عِشْرُونَ سَنَةً.
ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى ج1 ص6
وأوصى الى أخيه المطلب بن عبد مناف، فبنو هاشم وبنو المطلب كانوا بعدئذ يداً واحدة
تحليل ومحاكمه الاحداث
يقول السيد صدر الدين في كتابه هاشم وأميه في الجاهليه ص 25 مايلي
اذا كان هاشما وعبد شمس توأمان كما يرويه الطبري وإبن الاثير وإبن ابي الحديد وإن هاشما مات عن خمس وعشرين سنه من العمر في أعلى الروايتين
فمتى تزوج عبد شمس ؟ ومتى ولد أميه؟
وما مقدار عمر أميه ان كان ابن عبد شمس وعبد شمس في العشرين أو الخامسه والعشرين من عمره
ولنفترض ان هاشما هشم الثريد في المجاعه وهو ابن العشرين ويلزم لهذا الفرض أن يكون لعبد شمس مثل هذه السن بطبيعه كونهما توامين
ثم لنفترض ان عبد شمس تزوج في الرابعه عشر من عمره وعلقت زوجه باميه سنه الزواج فكم يكون عمر أميه سنه المجاعه حتى طمح الى مجاراه ( عمه)هاشم ؟
يكون عمره ست سنين على أوسع تقدير ثم لنوسع الفرض
فليتزوج عبد شمس مبكرا جداً ولتكن المنافسه متاخره جداً فهل يضاف الى السنين السته اكثر من سنتين او ثلاث ولتكن اربعاًعلى فرض شاذ.
فماذا عسى ان يكون عمر اميه أنئذ؟
يكون عمره عشراً
فهل يجوز لغلام غرير في مثل هذه السن أن يطلب ماطلبه اميه
وهل تكون عنده ثروه تسمح له بالانفاق على نحو يضارع هاشم مع العلم إن أباه عبد شمس كان فقيرا مقلا يتكل على اخيه هاشم في جل عيشه
كما إنه لايجوز لهاشم أن ينازل غلاما صغيرا مهما كانت ظروف المنازله
السيد صدر الدين شرف الدين يصدر حكمه ويقول :
(هذا ما بدا لي وأنا اقلب وجوه الراي في هذا الموضوع في صفحات الطبري وإبن الاثير وطبقات بن سعد وشرح النهج والبلاذري فلا أكاد انتهي من قراءتها ومناقشتها حتى أستقر او أكاد استقر على إعتقاد الصاق أميه بعبد شمس أو الشك في نسبته هذه أقلا)
وهذا دليل ساطع اخر على إن أميه لم يكن من صلب عبد شمس
الفصل الثاني
بنو أميه ملعونون في القرأن الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه واله
1- الشجره الملعونه في القران
قال تعالى :
(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا) (60) الاسراء
عن أبي هريرة: إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ، قال :
( إني رأيت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة ) قال فما رؤى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) مستجمعا ضاحكا حتى توفي .
وقال الثوري عن سعيد بن المسيب:
(رأى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بني أمية على منبره فساءه ذلك ، فأوحي الله إليه : إنما هي دنيا أعطوها فقرت به عينه ونزلت الايه:
( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (الاسراء 60)
ويقول السيوطي في الدر المنثور
نزلت هذه الايه في بني اميه
ويقول أخرج إبن أبي حاتم وإبن مردويه والبيهقي في الدلائل وإبن عساكر، عن سعيد بن المسيب قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر ساءه ذلك، فأوحى الله إليه: ( إنما هي دنيا أعطوها ) ، فقرت عينه وهي قوله:
( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) يعني بلاء للناس
2- وقال تعالى :
{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً }(ابراهيم 28)
يقول السيوطي في الدر المنثور
وأخرج البخاري في تاريخه، وإبن جرير وإبن المنذر وإبن مردويه، عن عمر بن الخطاب في قوله { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية. فأما بنو المغيرة، فكفيتموهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين
3 - قال تعالى
(هَٰذَانِ
خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا
قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ
رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (الحج 19 )
نزلت
في عتبة وشيبة ابنـي ربـيعة والولـيد بن عتبة
يقول
الطبري في جامع البيان في تفسير القران
عن
قـيس بن عبـادة قال: سمعت أبـا ذرّ يُقْسم قَسَما إن هذه
الآية
{
هَذَان خَصْمان اخْتَصَمُوا فِـي رَبِّهِمْ }
نزلت
فـي الذين بـارزوا يوم بدر: حمزة وعلـيّ وعبـيدة بن الـحارث، وعتبة
وشيبة ابنـي ربـيعة والولـيد بن عتبة
4- قال تعالى:
{
عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ
ٱلذِّكْرَىٰ } * { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ
تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا
مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } * { وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ
تَلَهَّىٰ }
يقول
البحراني في تفسيره البرهان
عن
علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عثمان و إبن أم مكتوم، و كان إبن أم
مكتوم مؤذنا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان أعمى، فجاء
إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عنده أصحابه، و عثمان عنده،
فقدمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) على عثمان، فعبس عثمان وجهه
و تولى عنه، فأنزل الله: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } [يعني عثمان] { أَن
جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } أي
يكون طاهرا زكيا { أَوْ يَذَّكَّرُ } قال: يذكره رسول الله (صلى
الله عليه و آله) { فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ }
ثم
خاطب عثمان، فقال: { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ
تَصَدَّىٰ } ، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: { وَمَا
عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي، إذا
كان غنيا { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } يعني ابن أم مكتوم {
وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } أي تلهو و لا تلتفت
إليه
ولكن
القوم كعادتهم لا تروق لهم ان يذكر الله نقائص ساداتهم فيرفعونها من
ساداتهم ويلصقونها برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وقد الصقت
معظم تفاسير فقهاء السلطان تلك التهمه برسول الله (صلى الله عليه
واله وسلم) خوفا وطمعا باموال بني اميه
وإن
رسول الله الذي قال الله عنه وانك لعلى خلق عظيم لا يمكن ان يفعل
تلك الافعال
5-
قال تعالى:
{
أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً
وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ
يَرَىٰ } النجم 33
يقول
القرطبي في تفسيره الجامع لعلوم القران
قوله
تعالى: (أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى)
قال
إبن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك
نزلت
في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق بالخير، فقال له أخوه من الرضاعة
عبد الله بن أبي سرح ما هذا الذي تصنع ؟
يوشك
أن لا يبقى لك شيئا، فقال عثمان إن لي ذنوبا وخطايا، وإني أطلب بما
أصنع رضا الله سبحانه وتعالى وأرجو عفوه، فقال له عبد الله: أعطني
ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك
عن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى - أفرأيت
الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى
6 – وقال تعالى :
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً }
(الفرقان - 27)
نزلت في عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس، وكان يكثر مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل إتخذ ضيافة فدعا إليها رسول الله( صلى الله عليه وسلم)، فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين. ففعل وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال صبأت يا عقبة؟ قال لا، ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي، فاستحييت منه فشهدت له والشهادة ليست في نفسي، فقال وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمداً فلم تطأ قفاه وتبزق في وجهه وتلطم عينه، فوجده ساجداً في دار الندوة ففعل ذلك.
فقال النبي( صلى الله عليه وسلم )(لا ألقاك خارجاً مِنْ مكة إلاّ علوتُ رأَسَك بالسيفِ) فقتلَ يومَ بدرٍ
7-
قال تعالى
{
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } *
{ أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ
جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * {
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ
أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ
لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ
تُكَذِّبُونَ } السجده 18
يقول
الزمخشري في الكشاف
أنه
شجر بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط
يوم بدر كلام، فقال له الوليد اسكت فإنك صبيّ أنا أشبّ منك شباباً،
وأجلد منك جلداً، وأذرب منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، وأشجع منك
جناناً، وأملأ منك حشواً في الكتيبة. فقال له علي رضي الله عنه
اسكت، فإنك فاسق،
8 – قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (الحجرات 6)
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال للوليد كيف تشتم علياً وقد سماه الله مؤمناً في عشر آيات؟ وسماك فاسقاً؟
وفيه نزلت الايه
يقول السيوطي في الدر المنثور في تفسير هذه الايه
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن ابي معيط إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: أمنعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني وما أقبلت إلا حين إحتبس عليَّ رسول رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) فخشيت أن تكون سخطة من الله ورسوله، فنزلت الايه
{ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإ فتبينوا }
9 - قال تعالى:
{
أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي
يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ
ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ
عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * {
وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }
في
التفسير الجامع لاحكام القران يقول القرطبي
وقال
إبن جريج: كان أبو سفيان بن حرب ينحر كل أسبوع جزورين، فأتاه يتيم
فسأله شيئا فقرعه بعصا، فأنزل الله تعالى - أرأيت الذي يكذب بالدين
فذلك الذي يدع اليتيم
10 – قال تعالى :
{يا أَيُّهَا النَّبِيِّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِليْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} (1ـ 3الاحزاب).
جاء في أسباب النزول، أن هذه الآيات «نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السلمي، قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن أبيّ بعد غزوة أحد بأمانٍ من رسول الله(صلى الله عليه واله ) ليكلّموه، فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعمة بن أبيرق، فدخلوا على رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) فقالوا: يا محمد ارفض ذكر آلهتنا الّلات والعزى ومنات، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشقّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال عمر بن الخطاب: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: إني أعطيتهم الأمان، وأمر(صلى الله عليه واله وسلم) فأخرجوا من المدينة، ونزلت الآية:
{وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ} من أهل مكة، أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة، {وَالْمُنَافِقِينَ} عبد الله ابن أبيّ وأبن سعد وطعمة
11 - وقال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (الانفال 36 )
وفي تفسير الطبري حديث 16056
قال سعيد بن جبير وإبن أبزى: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الاحابيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم سوى من استجاب له من العرب، وفيهم يقول كعب بن مالك: فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن بقية ثلاث مئين إن كثرنا فأربع وقال الحكم بن عتبة: أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية فنزلت فيه الآية
12- قال تعالى :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)
نزلت في عبد الله بن سعد بن ابي السرح
يقول سعد بن أبي وقّاص
لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن ابي السرح عند عثمان بن عفان ، فجاء به حتى أوقفه على النبي، فقال: يا رسول الله، بايع عبدالله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على اصحابه فقال: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟
فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما فى نفسك، الا أومأت إلينا بعينك ؟،
قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين
13- قال تعالى :
( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) القلم۱۰ ـ ۱۱
تفسير الدر المنثور ٦ / ٤۱ و ۲٥۱ ، وتفسير الشوكاني ٥ / ۲٦۳
روت عائشة : إنّ قوله تعالى :
( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) نزلت في الحكم بن العاص
وقالت لمروان بن الحكم :
( سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لأبيك وجدّك ـ أبي العاص بن أميّة ـ انّكم الشجرة الملعونة في القرآن ، وقالت أيضاً لمروان في كلام بينهما : ولكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان فضض من لعنة الله
14- قال تعالى:
ابراهيم 26[ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار]
قال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره :
ضرب الله لأعداء محمد مثلاً فقال: { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السماء وبنو أمية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ولا تصعد أعمالهم إلى السماء إلا قليل منهم
15-قال تعالى :
(الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا)
النساء 139
تفسير علي بن إبراهيم:
قال: نزلت في بني أمية، حيث خالفوهم على أن لا يردوا الامر في بني هاشم، ثم قال: يبتغون عندهم العزة يعني القوة
وقال تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) فمن ابتغى العزه والمنعه عند اليهود والنصارى خاب سعيه وضربت عليه الذله في الدنيا والاخره كما نرى اليوم حال من ركن اليهم
16 – قال تعالى :
[ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين] الانعام 28
قال علي بن إبراهيم في تفسيره :
نزلت في بني أمية، ثم قال: [بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل] من عداوة أمير المؤمنين عليه السلام [ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون]
17- قال تعالى :
[إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون]
قال علي بن إبراهيم في تفسيره:
عن محمد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال نزلت في بني أمية، فهم أشر خلق الله، هم الذين كفروا في باطن القرآن فهم لا يؤمنون
18 – قال تعالى :
[وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار]الشعراءء96-98
قال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره :
عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يعني بني أمية
19 – قال تعالى :
الحج 10[هذان خصمان اختصموا في ربهم]
عن النضر بن مالك، قال: قلت للحسين بن علي عليهما السلام: يا أبا عبد الله! حدثني عن قول الله عز وجل: [هذان خصمان اختصموا في ربهم] ، قال: نحن وبنو أمية اختصمنا في الله عز وجل، قلنا صدق الله، وقالوا: كذب الله، فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة.
ولا ينافي هذا التأويل ما مر من نزول الآية في ستة نفر تبارزوا في غزوة بدر، أمير المؤمنين عليه السلام قتل الوليد بن عتبة، وحمزة قتل عتبة، وعبيدة بن الحرث قتل شيبة، فإنها تشمل كل طائفتين تخاصمتا في الله وإن كانت نزلت فيهم
نكتفي بهذا القدر من الايات النازله بذم بني اميه وننتقل الى الاحاديث الوارده بلعنهم
بنو أميه ملعونون على لسان النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم )
اولا - لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان في سبعة مواطن
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن أبا سفيان في سبعة مواطن، في كلهن لا يستطيع إلا أن يلعنه
أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده، وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله
والثانية: يوم العير، إذا طردها ليحرزها عن رسول الله (ص) فلعنه الله ورسوله
والثالثة: يوم أحد قال أبو سفيان: أعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله: الله مولانا ولا مولى لكم
والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جميع قريش فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا، وأنزل الله عز وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله
والخامسة: يوم الحديبية والهدي معكوفا أن يبلغ محله، وصد مشركوا قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المسجد الحرام، وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطف بالكعبة، ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله
والسادسة: يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بغطفان، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج
والسابعة: يوم حملوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة، وهم اثنا عشر رجلا من بني أمية، وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من على العقبة غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وناقته، وسائقه، وقائده (1)
ثانيا - الرسول يلعن أبو سفيان وولداه معاويه ويزيد
رأى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) أبا سفيان مقبلاً ومعاوية يقوده ويزيد أخو معاوية يسوق به فقال :
_____
(1) تاريخ الطبري: 11 / 357
لعن الله القائد والراكب والسائق (2)
ثالثا - الرسول يلعن الحكم بن ابي العاص وولده
عن عامر ، قال : سمعت عبد الله ابن الزبير وهو مسند ظهره إلى الكعبة ، وهو يقول : ورب هذا البيت الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )(3)
وقالت السيدة عائشة لمروان( لعن الله اباك وانت في صلبه , فانت بعض من لعنة الله) ثم قالت والشجرة الملعونة في القران
رابعا
- الرسول يلعن عمر بن العاص
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يصلي بالحجر:
(اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، ولستُ بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني )(4)
والاحاديث الوارده في لعن بني اميه كثيره نكتفى بهذا القدر منها للدلاله عليها
__
(2) تاريخ أبي الفداء - أحداث سنة مئتين وثلاثة وثمانون - ( 30 من 87 )
(3) ابن عساكر - تاريخ دمشق ج57 ص 271
(4) تفسير القرطبي 2: 126
بنو اميه مستنقع اسن
جمع بنو أميه بين لعن الله لهم في محكم كتابه ولعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وبين سوء الاخلاق وسوء المنبت والاصل
وبعد ان تطرقنا الى الايات النازله في ذم بني اميه ولعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) لهم دعونا نتطرق الى سوء اخلاق بني اميه وسوء منبتهم وأصلهم ونتتبع فروع شجره بني اميه الملعونه كما وردت في الملحق رقم (2) قبل ان نتطرق الى اخلاق بني هاشم ونقارن بينهما
أخلاق أميه أخلاق العبيد
كان أميه جهما ذميما سئ الطالع نكدا ضئيلا سارقا اباحيا عاهرا ضعيف النفس اقرب الى صفات العبيد منه الى صفات الاحرار من بني عبد مناف
اميه لص سارق
كان اميه لصا يغير على الحجاج وهو غلام فيسرقهم ولذلك سمي حارسا من باب تسميه الشئ بنقيضه (1)
كان أميّة يدور في أزقه مكه ليتحرش بالعفيفات المحصنات
واذا كان أميّة مبالغا في إباحيته وإستهتاره في وسط يغالي بمناقضته في هذا الخلق إباء وغيره فلا جرم أن عرف فيه عاهراً ضعيف النفس (2) وليس غريباً أن يكون عاهرا معروفا بالعهر بعد أن رضي لنفسه الدياثه وتجاوز العواهر والمومسات الى الحرائر والمحصنات يتعرض لخدورهن ويجتري على كرامتهن متحرشاً معترضاً
ذلك أن أميّة كان قد تعرض لامرأة من بني زهرة فضربه رجل منهم بالسيف، و أراد بنو أميّة ومن تابعهم إخراج زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي،(3)
و قال وهب بن عبد مناف بن زهرة جد النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلم لأميّة
مهلا (أميّ) فان البغي مهلكة ** لا يكسبنك يوم شره ذكر
تبدو كواكبه و الشمس طالعة ** يصب في الكأس منه الصبر و المقر (4)
و قال نفيل بن عبد العزى لحرب بن أميّة خلال عداوته لعبد المطلب
أبوك معاهر و أبوه عفّ ** و ذاد الفيل عن بلد حرام
________
(1) شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد ج3 ص 467
(2) الطبري مجلد 2 وطبقات بن سعد ج1 ص52
(3) النزاع و التخاصم و جمهرة ابن حزم 165، شرح النهج 2/456
(4) شرح نهج البلاغة 3/456
و يعده ابن الكلبي في كتاب مثالب العرب من الزناه في عصره و كانت أفعال أميّة كأفعال العبيد، و بعيدة عن أفعال و صفات الاحرار الاشراف من بني عبد مناف
أميّة اباحي ديوث
يقول المقريزي في كتابه النزاع والخاصم وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ان أميّة كان أحرص خلعان مكه على الخلاعه واشدهم تمسكا بمنكراتها وتدل اخباره المرويه على ان الادمان والاستخفاف بلغا منه مبلغا أدانه بالاباحيه والدياثه وجره الى أفعال تستنكرها جاهليه المنكرات
روي انه نزل عن زوجته لابنه ابو عمرو فبنى عليها ابو عمرو (ذكوان ) و أميّة حي لا يأنف ولا يطرق ولايندى
فكان بهذه الاباحيه نقيصه من نقائص عصره ومحيطه واسلوبا من اساليب الفسق واخلاق العبيد لا يعرفه العرب (5)
أميّة عاهرا ضعيف النفس
نازع اميه هاشم سلطانه وسيادته في قريش
وارتضى الفريقان الكاهن الخزاعي حكماً، وذهبوا إليه ، ولم يكن بعيداً عن مكة، فخزاعة كلها تسكن حول مكة، وعرض الأمر على الكاهن ، فنفَّر هاشماً ، وحكم له بالسيادة ، وصاغ هذا الحكم بسجع الكهان قائلا
(والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجوّ من طائر ، وما اهتدى بحَكَم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أميّة إلى المآثر، أول منها وآخر)
وأخذ هاشم الإبل ونحرها وأطعم لحمها من حضر، ونفي أميّة إلى الشام فأقام فيها منفيا عشر سنين
وفي الشام يلتقي اميه بإمرأه يهوديه
خرج أميّة بن عبد شمس إلى الشام فأقام بها عشر سنين ، فوقع على أمَةٍ لِلَخْم يهودية من أهل صفورية يقال لها ترنا ، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي ، فولدت له ذكوان فادعاه أميّة واستلحقه ، وكناه أبا عمرو ثم قدم به مكة ، فلذلك قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) لعقبة يوم أمر بقتله ( إنما أنت يهودي من أهل صفورية ) (6)
وفضيحه اخرى
كانت نضلة بنت أسماء الكلبية زوجة لربيعة بن عبد شمس وهى أم عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. ويذكر الاصفهانى فى كتابه الأغانى أن أميّة بن عبد شمس جاء ذات ليلة إلى دار أخيه ربيعة، فلم يجده فاختلى بزوجة أخيه وواقعها. فحبلت منه بعتبة
_____
(5)النزاع والتخاصم للمقريزي ص22 وشرح النهج ج3 ص 456
(6) ابن قتيبه في المعارف/319
ولسنتعرض أخلاق فروع الشجره الملعونه
أولا : فرع ربيعه بن عبد شمس
ربيعه بن عبد شمس
وزوجته نضلة بنت أسماء الكلبية وهي ام عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. يذكر الاصفهاني في كتابه الاغاني أن أميّة بن عبد شمس جاء ذات ليلة الى دار اخيه ربيعه بن عبد شمس فلم يجده فاختلى بزوجة اخيه ربيعه وواقعها. فحبلت منه بعتبة كما مر بنا
عتبه بن ربيعه
وهو إبن زنا وأمه نضلة بنت أسماء الكلبية زوجة ربيعة بن عبد شمس وابوه هو عمه
شيبه بن ربيعه
و كان من المشهورين بالأبنة من قريش
يقول حسان بن ثابت في هند لمّا استأذن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في هجاء قريش فأذن له وقال في هند :
لعن الإله و زوجها معها * * * هند الهنود طويلة البظر
خرجتِ مرقصة إلى أحد * * * بأبيك و ابنك يوم ذي بدر
و بعمك المستوه يعطي دبره * * * شبان مكة غير ذي ستر (8)
يعني ( عمها ) شيبة بن ربيعة، و كان من المشهورين بالأبنة من قريش
لذلك قال حسان لهند: (و بعمك المستوه)ويعني عمها المأبون شيبه بن ربيعه
هند بنت عتبه
وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار (ص 752):
(كان معاوية يعزى إلى أربعة إلى مسافر بن أبي عمرو، وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة، وإلى العباس بن عبد المطلب، وإلى الصباح، مغن كان لعمارة بن الوليد).
واتفق المؤرخون على أنها كانت متزوجة بالفاكه بن المغيرة المخزومي، وهو عم خالد بن الوليد، فوجد عندها رجلا وطردها من بيته، وشاعت قصتها
وأن الفاكه بن المغيرة اتهمها بالزنى، وطلقها ثم بقيت مدة (ذات علم) فكانت قصتها مع مسافر بن أبي عدي الأموي فعشق هندا فلما بان حملها أو كاد قالت له: أخرج فخرج حتى أتى الحيرة، فأتى عمرو بن هند فكان ينادمه
وأقبل أبو سفيان بن حرب إلى الحيرة في بعض ما كان يأتيها، فلقي مسافرا فسأله عن حال قريش والناس فأخبره، وقال له فيما قال :
وتزوجت هندا بنت عتبة فدخله من ذلك ما اعتل معه حتى استسقى بطنه. (الأغاني / 1999)
_____
(8) مثالب العرب للكلبي
قال هشام: و كانت هند من المغتلمات ، و كان احبّ الرجال اليها السودان، فكانت اذا ولدت أسود قتلته وكان الصبّاح مغنّ لعمارة بن الوليد. و قد كان ابو سفيان دميما قصيرا، و كان الصبّاح أجيرا لابي سفيان شابا وسيما، فدعته هند الى نفسها فغشيها
و قالوا: إنّ عتبة بن ابي سفيان من الصبّاح ايضا، و قالوا: إنها كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت الى أجياد فوضعته هناك. و في هذا المعنى: قول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين و المشركين في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الفتح
لمن سواقط سودان منبذة * * * باتت تفحص في بطحاء أجياد
فيهم صبي له أم لها نسب * * * في ذروة من ذرى الأحساب أياد
تقول و هنا و قد جدّ المخاض لها * * * يا ليتني كنت أرعى الشول للغادي
قد غادرته لحر الوجه منعفرا * * * و خاله و أبوه سيّد النادي (9)
يعني بأبيه: عمارة بن الوليد بن المغيرة، و خاله: الوليد بن عتبة بن ربيعة
و قال العلامة المعتزلي: كانت هند تذكر في مكّة بفجور وعهر( 10)
و لمّا أسلمت و أنزل اللّه عزّ و جلّ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ ( الممتحنه12 )
أتت هند لتبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم فقال لها:
لا تسرقي
قالت: بأبي و أمي إني لأسرق من مال أبي سفيان لأيتام عبد مناف
قال: فلا تفعلي قالت: لا أفعل
قال: و لا تزني و لا تقتلي ولدك
قالت: بأبي أنت و أمي و هل تزني الحرة؟
فالتفت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله وسلم) إلى بعض من بحضرته و تبسّم لعلمه بها
مثالب العرب للكلبي (11)
_______
(9) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد المعتزلي 1/336
(10) المصدر السابق
(11) مثالب العرب للكلبي
أبناء هند من الزنى
1-معاويه
و قال سبط ابن الجوزي في التذكرة 116والاصمعي و الكلبي في المثالب:
ان معنى قول الحسن لمعاوية ( قد علمتَ الفراش الذي ولدت فيه). أن معاوية كان يقال من أربعة من قريش: عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، و مسافر بن أبي عمرو، و أبو سفيان، و العباس بن عبد المطلب، و هؤلاء كانوا ندماء أبي سفيان و كان منهم من يتهم بهند
فلمّا حملت هند بمعاوية خاف مسافر أن يظهر أنه منه، فهرب إلى ملك الحيرة فأقام عنده، ثم إن أبا سفيان قدم الحيرة فلقيه مسافر و هو مريض من عشقه لهند، فقال له أبو سفيان: إني تزوجت هندا بعدك فازداد مرضه، ثم مات مسافر من عشقه لهند.
وقد كان معاويه يشبه مسافر فكل من يلقى معاويه ممن يعرف مسافر يرى الشبه بينهما
2-عتبه
فأمّا الصباح فكان شابا من أهل اليمن، أسود له جمال في السودان، و كان اجيرا لأبي سفيان، فوقع بهند فجاءت منه بعتبة، فلمّا قرب نفاسها خرجت إلى أحياء لتضعه هنالك و تقتله كما كانت تفعل بمن تحمل به من السودان، فلمّا وضعته رأت البياض غلب عليه و أدركتها حنّة فأبقته و لم تنبذه،
فلمّا فشى خبر الصباح و وقوعه بهند، غار به عمارة بن الوليد بن المغيرة و كان يأتيها، فخرج بالصباح إلى سفر و أمر به فطبخ له قدرا فأتاه به في يوم حار فقال: طعام حار في يوم حار. و أمر به فشد في شجرة و رماه بالنبل حتى قتله، لما نقمه عليه من أمر هند،
ثانيا : فرع ذكوان (ابو عمرو) ونسله
1-أبو عمرو(ذكوان )
قال ابن الكلبي: خرج أمية بن عبد شمس إلى الشام فأقام بها عشر سنين، فوقع هنالك على أمة للخم يهودية من أهل صفورية يقال لها: ثريا، و كان لها زوج من أهل صفورية يهودي، فولدت ولدا فدعاه أمية و نسبه إلى نفسه و أتى به مكة و هو أبو عمرو، و لذلك قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله وسلم) لعقبة ابن أبي معيط بن أبي عمرو:
( إنما أنت يهودي من أهل صفورية )
وقال ابن ابي الحديد ان أميّة فعل في حياته ما لم يفعله احد من العرب , زوج ابنه ابو عمرو من امراته في حياته فولدت له ابا معيط
2- أبو معيط
وامه هي زوجه جده اميه كما مر بنا
3-عقبه بن ابي معيط
ورد في المناقب والمثالب للنعماني
ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل، فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله . فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً. فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرت عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحمل به جمله في جدود من الأرض، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط، فقال:
أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: (نعم بما بزقت في وجهي )
فأنزل الله في أبي معيط
((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
فلمّا انصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم من بدر و انتهى إلى الصفراء أمر بضرب رقبته، فقال:
يا محمد أأقتل من بين قريش؟
فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم ):
(أو من قريش أنت! إنما أنت يهودي من أهل صفورية)
4-الوليد بن عقبة بن أبي معيط
الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية، قتل رسول اللّه( صلّى اللّه عليه و آله) أباه يوم بدر ، وأوجب له يومئذ النار بقوله لما قال عقبة: فمن للصبية يا محمد؟
قال: النار
فأظهر بعد ذلك الوليد الإسلام لما أدركته الغلبة، و عداوة رسول اللّه( صلّى اللّه عليه و آله) في قلبه لقتله لأبيه، و استعمله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم) على الصدقات في بني المصطلق، فأتاه فقال
منعوني الصدقة
و لم يكونوا منعوه و لكنه كذب عليهم،
فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم بالسلاح و الخروج إليهم، فأنزل اللّه عزّ و جلّ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ )(الحجرات 6 )
فسمّاه اللّه فاسقا، فأمسك رسول اللّه عن بني المصطلق، فلمّا استبطئوا رسوله أتاه القوم بصدقاتهم، فسألهم عن قول الوليد فيهم فأكذبوه و حلفوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم على ذلك، فلعنه
و وقع بين الوليد و علي عليه السّلام كلام فقال له الوليد:
أنا أرد الكتيبة و أضرب لهامة البطل المشيح منك، فقال له علي عليه السلام اسكت انك فاسق فأنزل اللّه عزّ و جلّ فيهما
( أفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ )(السجده 18)
فسمّاه اللّه عزّ و جلّ فاسقا في موضعين من كتابه
واستعمله عثمان بن عفان على الكوفة و كان عليها سعد بن أبي وقاص فعزله وولى الوليد،
وأقام الوليد بالكوفة أميرا فصلى بالناس و هو سكران، فلمّا التفت إلى الناس قال :
هل أزيدكم؟
وفيه يقول الحطيئة
شهد الحطيئة حين يلقى ربّه * * * إن الوليد أحق بالعذر
خلعوا عنانك إذ جريت و لو * * * تركوا عنانك لم تزل تجري
و زيد فيها غير قول الحطيئة
نادى و قد تمت صلاتهم * * * أأزيدكم سكرا و ما يدري
و لو استزادوه لزادهم * * * حتى يزيدهم على العشر (12)
ثالثا : فرع عفان بن أبي العاص
1-عفان بن أبي العاص
وفي المثالب للكلبي عن هشام عن أبيه ان عفان بن أبي العاص أبو عثمان بن عفان، كان مخنثا يضرب الدف و يزمّر، و في ذلك يقول عبد الرحمن بن جبل الجمحي لعثمان بن عفان يعيّره بأبيه
زعم ابن عفان و ليس بهازل ** انّ الغراة و ما يحوز المشرق
خرج له من شاء اعطى فضله ** ذهبا و تلك مقالة لا تصدق
أنّى لعفّان ابيك سبيكة ** صفراء فالنهر العباب الازرق
و ورثته دفا و عود اركة ** جزعا تكاد له النفوس تطلق
و بودنا لو كنت انثى مثله **فتكون دقفا فتاتكم لا تعتق
الدّقف: و هو المخنّث
رابعا - فرع أبو العاص بن أميه
1- أبو العاص بن أميّة
وزوجته الزرقاء بنت وهب , وهي من البغايا وذوات الاعلام ايام الجاهلية وتلقب بالزرقاء لشدة سوادها المائل للزرقة وكانت اقل البغايا أجرة , ويعرف بنوها بنو الزرقاء وهي أم الحكم بن العاص وجدة مروان بن الحكم ,
يقال ان الامام الحسين(عليه السلام) رد على رسول مروان بن الحكم قائلا ( يابن الزرقاء الداعية الى نفسها بسوق عكاظ)
و قد لعن النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلم مروان ابن الزرقاء، و قال الامام علي عليه السّلام له:
( ويلك و ويل امة محمد منك )
و قال عنه: (ليحملن راية ضلالة و لقبه خيط باطل) (13)
و قال عبد اللّه بن الزبير لمروان: ما أنت و ذاك يا بن الزرقاء
______
(12)- مثالب العرب للكلبي
(13)- طبقات ابن سعد 5/43، والبداية و النهاية 8/285
2- الحكم بن أبي العاص بن أمية
الحكم بن أبي العاص بن أمية و هو أبو مروان لعنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم و مروان في ظهره، و نفاه إلى الدهلك من أرض الحبشة، فلم يزل منفيّا حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حياة أبي بكر و عمر، فلمّا ولى عثمان ردّه و أعطاه مائة ألف درهم، و كان ذلك من بعض ما نقمه الناس على عثمان (14)
و كان الحكم من أشدّ الناس مباينة بالبغضاء لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله وسلم) ، و جعل يوما يحكي مشيته مستهزأ فابتلى بتخليع أعضائه عقوبة لذلك، و كان منخلع المشية، و في ذلك يقول بعض الشعراء لبني أميّة
لا حجاب و ليس فيكم سوى الكبر * * * و بغض النبي و الشهداء
بين حاكي مخلج و طريد * * * و قتيل بلعن أهل السماء (15)
ويعني بالشهداء: عليا و جعفرا و حمزة عليهم السلام، و الحاكي المخلع: الحكم بن
أبي العاص
و التفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم يوما و هو خلفه و رسول اللّه يتكلم، فرآه يعوج شدقيه و يحكي كلامه فقال له: (كذلك فلتكن )
و سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم يلعن فقيل: يا رسول اللّه لمن تلعن؟
فقال: (الحكم بن أبي العاص جاء فشق إلى الجدار و أنا مع أهلي، فلمّا نظرت إليه كلح في وجهي)
ثم قال رسول الله (كأني أنظر إلى بنيه يصعدون على منبري و ينزلون)(16)
وقال الحسن (ع)لمروان: (إن رسول اللّه لعن أباك و أنت في ظهره )(17)
و قال له أيضا عبد اللّه بن الزبير و هو مستند إلى الكعبة: و ربّ هذا البيت الحرام و البلد الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان رسول اللّه (18)
وقالت عائشة لمروان و قد كتب إليه معاوية ليبايع ليزيد، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: جئتم بها و اللّه هرقلية تبايعون لأبنائكم
______
(14) راجع: اسد الغابة: 2/ 35
(15) شرح نهج البلاغة: 15/ 199
(16) شرح الاخبار للقاضي النعمان
(17) تاريخ دمشق: 24557
(18)تاريخ دمشق: 57/ 271
فقال مروان لمن حضره: هو الذي يقول اللّه فيه
(وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما )
فلمّا بلغ ذلك عائشة قالت لمروان:
و اللّه ما هو بالذي قلت، و لو شئت أن أسمّيه لسمّيته، و لكن اللّه قد لعن أباك على لسان رسوله و أنت في صلبه، فأنت قطعة من لعنة اللّه (19)
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا نفى الحكم بن أبي العاص:
(إن رأيتموه تحت أستار الكعبة فاقتلوه )
3 - معاوية بن المغيرة بن أبي العاص
معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية ، و هو جد عبد الملك بن مروان لأمّه، فجد عبد الملك بن مروان لأبيه و أمه طريدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم
و كان معاوية بن المغيرة ممّن يبغض رسول اللّه و يظهر عداوته، فنفاه و أجّله ثلاثا و هدر دمه أن بقى بعدها، فتردد في ضلاله و لم يخرج، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا و عمارا فقتلاه
4 - مروان بن الحكم بن العاص
وأمه أمنة بنت علقمة بن صفوان جدة عبد الملك بن مروان وكانت تمارس البغاء سراً مع أبي سفيان بن الحارث بن كلدة.. فولدت مروان ومروان هذا هو الذي أتوا به بعد ولادته الى رسول الله فقال الرسول ( ابعدوه عني هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون)
(عن) هشام عن أبي عبد الرحمن المديني عن محمد بن اسحاق قال:
بعث مروان بن الحكم رجلا من أهل الشام الى الحسن بن علي عليه السّلام فقال قل له أبوك الذي فرّق الجماعة و قتل أمير المؤمنين عثمان، و قتل الخوارج، و أهل الدين و الفضل ثم أنت تذهب بنفسك، و انما أنت بمنزلة البغل إذا قيل له من أبوك قال خالي الحصان
فأتى الرجل الحسن، فقال: يا أبا محمد إني اتيتك بعزيمة من سلطان أرهب سوطه و لا آمن حضرته فان كرهت أن ابلّغها، وقيتك بنفسي، و طويت عنك ما كرهت
قال: بل قل فابلغه القول
فقال الحسن: هل أنت مبلغه عنّي قال: اي و اللّه ثم لم أبقِ شيئا إلاّ قلته كما تقوله
فقال: قل له يقول لك الحسن: و اللّه لا اسرى عنك اليوم ما كتبه اللّه عليك بان أسبّك، و لكن موعدي القيامة، فان كنت صادقا فاللّه يجزيك بصدقك، و إن كنت كاذبا فاللّه يشدّ نقمته عليك
فخرج الرجل من عند الحسن فلقيه الحسين بن علي، فقال:
من أين و ما بك؟
فقال: من عند أخيك الحسن برسالة مروان قال: ما تلك؟
قال: لم أرسل إليك فانبئوك،
قال: و اللّه لتخبرني،
_______
(19) تفسير القرطبي: 16/ 197
قال: لا أفعل،
قال و اللّه لتفعلن أو لتضربنّ ضربا لا تدري متى ترتفع الايدي عنك
قال: و سمع الحسن كلامهما فخرج إليهما فقال لاخيه خلّ عن الرجل فأبى فلمّا رأى ذلك الرجل أعاد ما قال للحسن
فقال له: قل له يقول لك الحسين بن علي:
يا بن الزرقاء و يا بن طريد رسول اللّه و لعينه و يا ابن الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز و يا ابن أمّ حنبل صاحبة الراية بسوق عكاظ
فابلغ الرجل مروان رسالتهما، فقال: مروان: إرجع اليهما فقل للحسن: أشهد انك ابن رسول اللّه و شبهه، و قل للحسين: أشهد انك إبن علي
فقال الحسين: كلاهما لي رغما له (20)
5- عبد الملك بن مروان
قال ابن أبي عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك
وقال يحيى الغساني: كان عبد الملك بن مروان كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء فقالت له مرة: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة، قال :
إي والله، والدماء قد شربتها
وقتل عبد الملك بن مروان عبد الله بن الزبير وهدم الحجاج الكعبة وأعادها على ما هي عليه الآن، ودس على إبن عمر من طعنه بحربة مسمومة، فمرض منها ومات
و سار بالحجاج إلى المدينة، وأخذ يتعنت على أهلها، ويستخف ببقايا من فيها من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وختم في أعناقهم وأيديهم، يذلهم بذلك، كأنس، وجابر بن عبد الله، وسهل بن سعد الساعدي
6- الوليد بن عبد الملك
قال الشعبي: كان أبواه يترفانه، فشب بلا أدب
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن شوذب قال: قال عمر بن عبد العزيز
وكان الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن جبارة بالحاجز، وقرة بن شريك بمصرفامتلأت الأرض والله جورًا
ورد في الكامل في التاريخ: وَلَمَّا دُلِّيَ فِي جِنَازَتِهِ، جُمِعَتْ رُكْبَتَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: أَعَاشَ أَبِي؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ فِيمَنْ دَفَنَهُ: عُوجِلَ وَاللَّهِ أَبُوكَ! وَاتَّعَظَ بِهِ عُمَرُ
7- الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان
ورد في كتاب الخلفاء لجلال الدين السيوطي ان الوليد كان فاسقًا، شريبًا للخمر، منتهكًا لحرمات الله، أراد الحج ليشرب الخمر فوق ظهر الكعبة، فمقته الناس لفسقه، وخرجوا عليه فقتلوه
___________
(20)تذكرة الخواص: 188
الوليد ينكح امهات اولاد ابيه
وعنه أنه لما حوصر قال: ألم أزد في أعطياتكم؟ ألم أرفع عنكم المؤن؟ ألم أعط فقراءكم؟ فقالوا: ما ننقم عليك في أنفسنا، لكن ننقم عليك انتهاك ما حرم الله، وشرب الخمر، ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله
الوليد لوطي
ولما قتل وقطع رأسه وجيء به يزيد الناقص نصبه على رمح، فنظر إليه أخوه سليمان بن يزيد، فقال: بعدًا له أشهد أنه كان شروبًا للخمر، ماجنًا، فاسقًا، ولقد راودني على نفسي
ويقال أنه وقع على جارية وهو سكران وجاؤه المؤذنون يؤذونه فحلف ألا يصلى بالناس إلا هي، فلبست ثيابه وتنكرت وصلت بالمسلمين وهى جنب سكرى
وصنع (الوليد) بركة من الخمر وكان إذا طرب ألقى بنفسه فيها وشرب منها
ودخل الوليد بن يزيد يومًا فوجد ابنته جالسة مع جليستها فبرك عليها وأزال بكارتها فقالت له المرأة: هذا دين المجوس فأنشد: مخلع البسيط من راقب الناس مات غمًا وفاز باللذة الجسور
الوليد خرق المصحف بالنشاب
وحكى الماوردي في كتاب أدب الدنيا
قال: وأخذ يومًا المصحف وفتحه فأول ما طلع له (واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ)
فقال: (أتتوعدني؟) ثم علقه ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه وهو ينشد:
أتتوعد كل جبار عنيــد، ** فها أنا ذاك جبـار عنيـد
إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ** فقل لله مزقني الوليد!
وذكر محمد بن يزيد المبرد "النحوي" أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه، ومن ذلك الشعر
تلعب بالخلافة هاشمي ** ** بلا وحي أتاه ولا كتاب
فقل لله يمنعني طعامي ** ** وقل لله يمنعني شرابي
خامسا - فرع حرب بن اميه
1- حرب بن اميه
وكانت زوجته بغيا صاحبه رايه في الجاهليه وإسمها حمامه
وحمامة هي أم أبي سفيان وهي جدة معاوية كانت لها راية بذي المجاز، و قال الشرقي هي جدّته على ولاة الجدات ( 21 )
2- صخر بن حرب ( أبوسفيان بن حرب )
أُمه بغيا صاحبه رايه في الجاهليه واسمها حمامه وزوجته هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية ويعترف معاويه من على منابر المسلمين بان ابيه زان وانه يستلحق اخاه من الزنا زياد بن أبيه ليصبح زياد بن أبي سفيان
_______
(21) ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغه 2/135، 3/245
ويخاطب الشاعر اليماني معاويه قائلا :
ألا أبلغ معاوية بن حربٍ * مغلغلة من الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عفً * وترضى أن يقال أبوك زاني
فأشهد أن رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الأتان
أبناء ابو سفيان من الزنا والمنسوبين لغيره
اولا - زياد بن ابيه
قدم زياد بن ابيه على علي عليه السّلام لمّا فرغ من أصحاب الجمل، فرأى فيه فضل عقل و قوة على العمل، فاستعمله ووجه به إلى فارس، و كان بها إلى أن أصيب علي عليه السّلام و هو بفارس، فخافه معاوية و رأى أن يستعطفه و يستميله، فكتب إليه يعرفه انه أخوه و يعده و يمنّيه، فأبى عليه زياد فلم يزل به معاوية يكاتبه و يتلطف به حتى إنحنى إليه، و قدم عليه بعد مكاتبة ومراجعة طويله
وأعدّ معاوية المغيرة بن شعبة و أبا مريم السلولي للشهادة على ذلك، فلمّا حضر زياد جمع معاوية الناس إلى المسجد و صعد المنبر، و قد أعدّ المغيرة و أبا مريم و حضر زياد، فحمد اللّه معاوية و أثنى عليه و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم قال: أمّا بعد، فإني أنشد اللّه رجلا علم من أبي سفيان علما في زياد إلّا قام به، فإني قد علمت أنه ابن أبي سفيان حقا، غير أني أحببت أن يقوم بذلك شاهدان من المسلمين و لا أقتصر على علمي
فقام أبو مريم فقال: أشهد أن أبا سفيان قدم علينا الطائف و هو يريد اليمن، فبدأ بنا فقال لي: هل تعلم مكان امرأة أصيب منها؟
فقلت له: ما بحضرتنا إلّا سمية بغي بني علاج
قال: فانطلق فأتني بها
فأتيته بها فكانت معه، فلمّا قضى منها حاجته قلت: كيف وجدتها؟
قال: لا بأس بها على دفرها و عظم ثديها
فخاف معاوية أن يغضب زياد بذلك فينكره فقال لأبي مريم: رحمك اللّه إنما قمت شاهدا و لم تقم شاتما، فدع هذا و اقصد ما لا بد منه
قال: نعم، ثم قال لي أبو سفيان: يا بني قد وطئت هذه الجارية عند طهرها و من حقي عليك أن تحبسها عندك حتى تستبرئ رحمها
قال: فحبستها عندي حتى كلفت وجنتاها و تفتل شعر عينيها و اسودّت حلمتا ثدييها و نتا بطنها ثم ولدت، فحسبت منذ يوم وقع بها إلى يوم ولادتها، فوجدتها ولدته تماما
ثم قام المغيرة بن شعبة فقال: أشهد أني كنت مع أبي سفيان بفناء الكعبة قبل ذهاب بصره، فمرّ بنا زياد غلاما صغيرا ، فنظر إليه أبو سفيان نظراً أنكرته فقلت: لشدَّ ما نظرت إلى هذا الغلام يا أبا سفيان
فقال: لولا أن نبيّكم يقول: الولد للفراش و للعاهر الحجر، لأخبرتك أنه إبني، بل هو إبني حقا
فقال معاوية: وعى سمعك ووفى لسانك، زياد بن أبي سفيان حقا
ثانيا - عمرو بن العاص
قال هشام: كان من حديث النابغة أم عمرو بن العاص: أنها كانت بغيا من طوائف العرب، فقدمت مكة و معها بنات لها، فوقع عليها نفر من قريش في الجاهلية فيهم
أبو لهب بن عبد المطلب، و أمية بن خلف، و هشام بن المغيرة المخزومي، و أبو سفيان بن حرب بن أمية، و العاص ابن وائل السهمي، بطهر واحد فحملت فولدت عمرو، واختصم القوم جميعا فيه كلهم يزعم أنه ابنه، ثم ضرب عنه ثلاثة و أكبّ عليه اثنان: العاص بن وائل و أبو سفيان
فقال أبو سفيان: أما و اللّه إني وضعته في رحم أمه
فقال له العاص: ليس ممّا تقول شيء هو إبني
فحكّما فيه أمه فقالت: هو للعاص
فقيل لها بعد ذلك: ويحك ما حملك على ما صنعت، فو اللّه إن أبا سفيان لأشرف من العاص
قالت: إن العاص كان ينفق على بناتي و لو ألحقته بأبي سفيان لم ينفق عليّ العاص شيئا، و خفت الضيعة
كان إبن النابغة من عشرة و كان العاص جزارا، و لذلك قيل لعمرو:
إنه اختصم فيه من قريش أحرارها فغلب عليهم جزّارها (22)
3-معاويه بن ابي سفيان
جدته حمامه بغي صاحبه رايه وأمه هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية وهي زوجة أبي سفيان , ويعزى معاويه الى أربعة نفر غير أبي سفيان, مسافر بن أبي عمرو بن امية , عمارة بن الوليد بن المغيرة , العباس بن عبد المطلب , والصباح مولى مغن لعمارة بن الوليد
4- يزيد بن معاويه بن ابي سفيان
وامه ميسون بنت بجدل الكلبي
قال مؤلف كتاب إلزام النواصب وغيره
إن ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد لأبيها عن نفسها ، فحملت منه بيزيد لعنه الله
ولادة يزيد ونشأته وصفاته
ولد يزيد سنة (25 أو 26 هـ ) واُمّه ميسون بنت بجدل الكلبية، وقد ذكر المؤرّخون ومنهم الصيمري البحراني في كتابه الزام النواصب وغيره أنّ ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد والى هذا أشار النسّابة الكلبي بقوله
فإن يكن الزمان أتى علينا***بقتل الترك والموت الوحي
فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلب***بأرض الطف أولادَ النبي
والمقصود بالدعي هنا عبيد الله بن زياد و(عبد كلب ) يزيد بن (معاويه) والاصح يزيد بن عبد مجدل الكلبي (عبد ابيها مجدل الكلبي )
___________
(22 ) الغدير: 2 / 120
وعندما تزوجها معاويه وجدها ثيبا وطلقها وعادت الى قبيلتها كلب النصرانيه حيث ولدت يزيد وتربى في قبيله كلب
فإنَّ سيرة الطاغية يزيد بن معاوية ظاهرةٌ بالبشاعة والشناعة، حيثُ ملأها بالمعاصي والجرائم الفظيعة التي يعجز عن وصفها اللسان،
أولاً: قتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسولِ الله صلى الله عليه وآله وجماعة من أهل بيته من أبنائه وإخوته وأبناء عَمِّه، وجماعة من أصحابه
ثانياً: وقعة الحَرَّة، وقد قتل فيها عددٌ كبيرٌ من الصحابة والتابعين وأبنائهم، ونُهِبَت المدينة المنورة واستبيحَت ثلاثة أيام حتى ولدت الف عذراء من جراء اغتصاب جنود يزيد
ثالثاً: انتهاك حرمة بيت الله الحرام وضرب الكعبة المشرَّفة بالمنجنيق وهدمها وإحراقها
ولأجل هذه الجنايات العظمى، صرَّح العديد من علماء أهل السنة في ذمِّه وبيان فسقه وفجوره وضلاله، ومن هؤلاء العلماء
ابـن الـجـوزي في كتابه(الرد على المُتعصِّب العنيد المانع من ذمِّ يزيد ص63-64)
الـقـرطـبي في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج4 ص56)
الـذهــبــي في(سير أعلام النبلاء ج4 ص37-38)
ابن كثير في (البداية والنهاية ج11 ص627)
ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب ج4 ص429)
هؤلاء هم بنو اميه لعنهم الله في القران الكريم ولعنهم الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم ولدوا من بغايا ونشأوا على الخسه والوضاعه وسوء الاخلاق منغمسون في الرذيله ومعاداه الله ورسوله خلف عن سلف وأخلاقهم أخلاق العبيد ترجمه لاصولهم
وصدق علي بن ابي طالب عليه السلام حيث يقول:
(حُسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)
الفصل الاول
ماهي اسباب الصراع الدموي بن بني هاشم وبني اميه
دعونا نلقي نظره على الحسد وكيف فعل فعله في الامم السابقه والنتائج الكارثيه التي تسبب بها
فما هو الحسد ؟
الحسَد: هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً، فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه
اسباب او نتائج الحسد
النقاط التاليه هي أهم اسباب الحسد وقد ينشا الحسد من واحده او اكثر من هذه الاسباب وقد تكون بعض هذه النقاط ناتجه عن الحسد على راي الغزالي في كتاب احياء علوم الدين
أولا - العداوة والبغضاء
وهذه أشد أسباب الحسَد؛ فإن مَن آذاه شخص بسببٍ من الأسباب، وخالفه في أمرٍ ما بوجهٍ من الوجوه، أبغَضه قلبُه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقدُ، والحقد يقتضي منه التشفِّيَ والانتقام
وقد تكون العداوه والبغضاء من نتائج الحسد الذي حدث بفعل سبب اخر كالكبر والعصبيه العنصريه كما حدث لابليس حين تكبر وظن أن أصله من النار والنارأفضل من الطين فتكبر وحسد ادم وعصى الله ونصب العداوه والبغضاء لادم وبنيه الى يومنا هذا
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) (الإسراء: 63)
(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر 39)
وقد تكون العداوه ناتج عن حسد حدث بسبب حب الرئاسه مثلا او خبث النفس وسوء الاصل والمنبت مثلما حصل لبني أميه مع بني هاشم حيث ناصب بنو اميه بني هاشم العداوه الى يومنا هذا وسالت بسبب ذلك الحسد الدماء الغزيره
ثانيا – التعزُّز والترفُّع
وهو أن يثقُلَ على الشخص أن يتقدم عليه غيرُه، فإذا أصاب أحدُ زملائه أو أقرانه مالًا أو منصبًا أو علمًا أو كرامه من الله حسده وتمنى زوال ذلك منه وهو ماتصفه الايه الكريمه
وقال سبحانه:
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ
مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي جعفر (عليه السلام)، في تفسير قوله تبارك و تعالى:
{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }: فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا
ثالثا – التكبُّر
ظن ابليس ان النار افضل من الطين وانه افضل من ادم فاصله من نار وأصل أدم من طين لذلك أحس التكبر في نفسه فحسد ادم وعصى امر الله سبحانه وتعالى
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) الاسراء 61
رابعا – التعجب والعجب
ان بعض الناس يرى غيرَه في نعمة، فيندهش ويتعجب كيف حصل عليها هذا الشخص، وهو مثله، أو انه أحق بها منه؟ فعند ذلك يقع في الحسَد؛ لتزول هذه النعمة عن الغير
قال تعالى:
(إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴿ ١٤ ﴾ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿ ١٥ ﴾ (يس: 15)
: وقال تعالى
﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47]
في هذه الآيات المباركة تعجَّبَ المشركون أن يفوز بشرٌ مثلُهم برتبة الرسالة فحسَدوهم، وتمنَّوْا زوالَ النبوة والرساله عنهم
خامسا – الخوف من فَوْتِ المقاصد
هذا مِن أكثر أسباب الحسَد وقوعًا، وأوسعها انتشارًا، وهذا يقع بين أصحاب المهنة الواحدة؛ فالطبيب يزاحم طبيبًا غيره؛ حتى يحصل على شهرة أكبر مِن صاحبه، وهكذا بين العلماء والفلاحين والمدرسين والمهندسين وغيرهم، وكذلك الإخوة يتحاسدون من أجل نيل المنزلة العالية في قلوب الأبوَينِ،
وحسد اخوه يوسف اخاهم لما رأوا ان اباهم يهتم به اكثر منهم لموت امه
: قال تعالى
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ﴿ يوسف ٥ ﴾
سادسا – حب الرياسة وطلب الجاه
وهذا الذي منَع كثيرًا من صناديد قريش أن يؤمنوا برسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم؛
: قال تعالى
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]،
حسدت قريش النبي (ص) على نبوته وتمنت النبوه لعروه بن مسعود الثقفي بدلا عن محمد (ص) والقريتين المقصودتين هما مكه والطائف
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الايه السابقه قال: ( أنه عروة بن مسعود الثقفي)
ولقد امتنع كثير من اليهود عن الإيمان بالنبي (ص) خشيةَ أن يفقدوا رياستهم، وكذلك هرقل ملك الروم، الذي أيقن نبوة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ولكنه لم يؤمن به خشيةَ أن يفقد رياسته على الروم
لماذا لم يتّبع ابو حنيفة استاذه الامام الصادق ؟
يجيب الشيخ صالح الكرباسي على هذا السؤال فيقول:
مما يثير الاستغراب و يبعث على التساؤل حقاً هو أن أئمة المذاهب الأربعة رغم إعترافهم بالمنزلة العلمية و الدينية الرفيعة للإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ، و رغم معرفتهم بأنه حفيد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و من جملة آل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) الذين لا يأخذون تعاليمهم إلا من جدهم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) مباشرةً ، و أما جدهم النبي ( صلى الله عليه و آله ) فكل ما نطق به فقد أخذه من الله عَزَّ و جَلَّ عن طريق الوحي ، قال الله جَلَّ جَلالُه :
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
فأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) سندُ أحاديثهم متصل بالوحي مباشرة ، حيث أنهم كانوا يقولون حدثني أبي عن جدي عن جبريل عن الباري ، فمذهبهم هو مذهب الرسول ( صلى الله عليه و آله ) لا يختلف عنه في شيء أبداً
و الغريب أننا نجدُ أن أبا حنيفة إمام المذهب الحنفي و أستاذ بقية أئمة المذاهب الأخرى رغم تتلمذه على الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، و رغم إعترافه الصريح بأهمية ما تلقاه من الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، فإنه مع كل ذلك قد خالف أستاذه الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) و لم يتَّبعه في منهجه الفقهي و العلمي
يقول الآلوسي : و هذا أبو حنيفة و هو هو بين أهل السنّة كان يفتخر و يقول بأفصح لسان :
( لولا السنتان لهلك النعمان) يريد السنتين اللتين صحب فيها الإمام جعفر الصادق ( عليه السَّلام ) لأخذ العلم
و هنا يكرر السؤال طرح نفسه : إذاً لماذا لم يتبع أبو حنيفة أستاذه الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ؟
و الجواب واضح يفطن إليه كل من أراد الحقيقة بعيداً عن الإنتماءات و التعصبات المذهبية ، و السبب الأول و الأخير في هذا الأمر و في غيرها من الموارد الأخرى المشابه ليس إلا السياسة و حب الرئاسة و و
و يكفيك دليلاً على صحة هذا القول موقف أبي حنيفة من أستاذه و تعاونه مع السلطان للنيل منه
يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد ، ولما أقدمه المنصور بعث إليَّ
فقال : يا أبا حنيفة إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ـ فهيّئ له من المسائل الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر المنصور و هو بالحيرة ، فدخلت عليه و جعفر بن محمد جالس عن يمينه ، فلما بَصُرتُ به دخلتني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور ، فسلَّمتُ ، و أومأ فجلست
ثم إلتفتَ إليه قائلاً : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة
فقال : نعم أعرفه
ثم التفت المنصور ، فقال : يا أبا حنيفة ألقِ على أبي عبد الله مسائلك
فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول : أنتم تقولون كذا ، و هم يقولون كذا ، و نحن نقول كذا ، فربّما تابعنا ، و ربّما تابعهم ، و ربّما خالفنا ، حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ما أخلّ منها مسألة واحدة
ثم قال أبو حنيفة : أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس
و هذه القضية تدل بوضوح على حب الرجل للرئاسة حيث حاول إرضاء المنصور و التقرب إليه حتى بواسطة النيل من الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) ، الأمر الذي لم يوفق له
سابعا – خُبْث النفس وسوء المنبت
كان تبني العبيد في الجاهليه شائعا وبالتبني تساوي الجاهليه بين العبد وبين الولد الشرعي ذو الشرف الرفيع والمكانه العاليه
وبذلك يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات
كل هؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له وقد أضمر أميه وبنو أميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم
يا من إذا عُدَّتْ فضائلُ غيرِه...رَجَحَتْ فضائلُه وكان الأفضلا
إني لأعذِرُ حاسديك على الذي...أولاك ربك ذو الجلال وفضلا
إن يحسِدوك على علاك فإنما...متسافلُ الدرجاتِ يحسِدُ مَن علا
ابليس اول الحاسدين
عبد ابليس ربه اكثر من سبعه الاف سنه حتى ظن الملائكه انه منهم وحين خلق الله أدم أمر ابليس بالسجود له
: قال تعالى
(ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) الاعراف
تحركت العصبيه العنصريه والكبر في نفس ابليس فقادته الى الحسد فقال أنا خير من أدم خلقتني من نار وخلقته من طين
وقال تعالى :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿ ٣٤ ﴾ البقره
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ ١١ ﴾ الاعراف
والحسد قاد ابليس الى عصيان امر الله والى أن يضمر العداء لادم وذريته الى يوم القيامه
قال تعالى:
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ ١٦ ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ ١٧ ﴾ (الاعراف)
وقال :
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(الاسراء 62)
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
(إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ )
قابيل يحسد اخاه فيقتله
: قال تعالى
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿ ٢٧ ﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿ ٢٨ ﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿ ٢٩ ﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ ٣٠ ﴾المائده
ويقول السيد هاشم الحسيني البحراني في البرهان في تفسير القرآن
عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)
جعلت فداك، فيم قتل قابيل هابيل؟
فقال: في الوصية
ثم قال لي: يا سليمان، إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية و اسم الله الأعظم إلى هابيل، و كان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب، فقال: أنا أولى بالكرامة و الوصية
فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه، ففعلا، فقبل الله قربان هابيل، فحسده قابيل، فقتله
اخوه يوسف يحسدون اخيهم فيرمونه في الجب
قال تعالى :
(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿ 4 ) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ يوسف 5)
وحدث ماتوقعه يعقوب (ع) فكاد اخوه يوسف له وحاولوا قتله
(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٨ ﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿ ٩ ﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿ ١٠ ﴾
استعر الحسد في قلب اخوه يوسف من حب ابيهم له فكادوا له ورموه في الجب ليموت هناك
اليهود والنصارى يحسدون رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم
قال تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿ ٥٦ ﴾غافر
يقول الزمخشري في الكشاف
{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً
قال تعالى : (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿ ١٠٥ ﴾البقره
قال البيضاوي في انوار التنزيل
وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء }
وقال علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان المقصود بالرحمه هنا هي نبوه محمد (صلى الله عليه وعلى اله وسلم)
وقال الله تعالى:
﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]
قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً }. " بما يوردونه عليكم من الشبهة { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } لكم، بأن أكرمكم الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } المعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله وسلم)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما
وقال سبحانه :
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)
{ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَاٰبَ } فهو النبوة { وَٱلْحِكْمَةَ } فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة
والمقصود ان الله انعم على محمد (صلى الله وسلم عليه وعلى اله) بالنبوه وعلى علي (عليه السلام) بالامامه وعلى الائمه الهداه من بعده بالملك العظيم اي الطاعه المفروضه
اليهود والنصارى يعرفون محمدا صلى الله عليه واله تمام المعرفه وتنكروا لهم حسدا
اليهود والنصاري يعرفون محمدا صلى الله عليه واله وسلم باسمه ويتوسلون به قبل نبوته تمنيا أن يكون منهم ولما بعث الله محمد من بني هاشم حسدوه وانكروه
يقول الله عز و جل: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } يعرفون محمدا في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * }
اولا : تدل الايه على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صلى الله عليه واله وسلم كما يعرفون أبناءهم
وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة الآية الكريمة
ثانيا : تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه
كما ان بعض اليهود سموا ابنائهم محمدا متمنين ان تكون النبوه فيه ومن هؤلاء محمد بن مسلمه فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم في كتبهم التوراة والإنجيل
قال تعالى :
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6]
وقال تعالى:
وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ(89)البقره
قال الإمام العسكري (ع):
” ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم
قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل:
{ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
قريش وبنو اميه يحسدون بني هاشم على النبوه والامامه
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ، فَضِقْتُ ذَرْعًا وَعَلِمْتُ أَنِّي مَتَى أُبَادِرُهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَنِي جِبْرَائِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِلَّا تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ. فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَنٍ، وَاجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ وَأُبَلِّغَهُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ
فَأَكَلُوا، وَسَقَيْتُهُمْ ذَلِكَ الْعُسَّ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا جَمِيعًا وَشَبِعُوا، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَقَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَوَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ - وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ. فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ فَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ
سمعت قريش بنبا حديث الدار ووعته جيدا فالنبوه ستكون في بني هاشم والامامه و الخلافه من بعده لعلي اي لبني هاشم ايضا وانهم لانصيب لهم بذلك فاستعرت نار الحسد والحقد في قلوبهم
يقول احمد حسن يعقوب في كتابه المواجهه مع رسول الله
وهكذا برأى البطون (يعني بطون قريش) ينال الهاشميون شرف النبوه وشرف الملك معا، وتحرم من هذين الشرفين كافه بطون قريش، وفى ذلك اجحاف بحق البطون على حد تعبير عمر بن الخطاب
اعترضت قريش على رب العالمين كما اعترض ابليس على ربه
يورد لنا ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3/24 محاوره ابن عباس مع عمر بن الخطاب في فتره خلافته وقد كشف عمرعن مكنونات قلبه وعن نوايا قريش حينها
قال عمر لابن عباس أثناء خلافته : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت
إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري فقال عمر
كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة و الخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقت
قال : فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام و تحط عني الغضب تكلمت ، قال : تكلم
قال ابن عباس فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : اختارت لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود و لا محسود
و أما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة و الخلافة فإن الله عز و جل وصف قوما بالكراهية فقال : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم
فقال عمر : هيهات يا ابن العباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني فقلت : يا أمير المؤمنين فإن كان حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، و إن كان باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه
فقال عمر بلغني أنك تقول صرفوها عنا حسدا و بغيا و ظلما
قال ابن عباس : فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل و الحليم ، و أما قولك حسدا فإن آدم حُسد و نحن ولده المحسودون
فقال عمر : هيهات هيهات ، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول
قال : فقلت يا أمير المؤمنين مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا
حسد معاويه وحقده على محمد صلى الله عليه واله
قال ابن ابي الحديد في شرح النهج: 5 / 129: (وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه إنه كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات ألفاظه، ما يدل على ذلك
روى الزبير بن بكار في الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام والانحراف عنه قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية فكان أبى يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم! قلت: وما ذاك؟! قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر! ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر. وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله! فأي عمل لي يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا
حسد ابو سفيان لمحمد صلى الله عليه واله
قال ابن عباس كنا في محفل فيه ابو سفيان فقال أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي (عليه السلام) فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال أبو سفيان: ههنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم: لا، فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه؟ فقال علي (عليه السلام): أسخن الله عينك يا با سفيان، الله فعل ذلك بقوله عز من قائل: ورفعنا لك ذكرك
( ومعنى اسخن الله عينيك بمعنى ابكاك)
قريش تقول ..الموت ولا الاقرار بولايه علي عليه السلام
وفي تفسير فرات الكوفي ص 505
عن الحسين بن محمدالخارفي قال : سالت سـفـيان بن عيينة عن سال سائل , فيمن نزلت : قال يا ابن اخي سالتني عن شي ما سالني عنه احد قـبـلك , لقد سالت جعفر بن محمد (ع ) عن مثل الذي سالتني عنه , فقال : اخبرني ابي عن جدي عن ابـيـه عـن ابن عباس (رض ) قال :لما كان يوم غدير خم , قام رسول اللّه (ص ) خطيبا فاوجز في خـطـبته , ثم دعا علي بن ابي طالب (ع ) فاخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما وقال : الم ابلغكم الرسالة ؟ الم انصح لكم ؟ قالوا : اللهم نعم , فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه , وعـاد مـن عـاداه , وانصر من نصره واخذل من خذله ففشت في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري , فرحل راحلته ثم استوى عليها ورسول اللّه (صلى الله عليه واله ) اذ ذاك بمكة ـ حتى انتهى الى الابطح , فاناخ ناقته ثم عقلها ثم جاء الى النبي (صلى الله عليه واله ) فسلم فرد عليه النبي (صلى الله عليه واله ) فقال
يا محمد انك دعوتنا ان نقول لا اله الا اللّه فقلنا, ثم قلت صلوا فصلينا , ثم قلت صوموا فصمنا فاظمانا نهارنا واتعبنا ابداننا , ثم قلت حجوا فحججنا , ثم قلت اذا رزق احدكم ماتي درهم فليتصدق بخمسة كل سنة , ففعلنا
ثـم انك اقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عـاداه وانصر من نصره واخذل من خذله , افعنك ام عن اللّه ؟ قال : فنهض , وانه لمغضب وانه ليقول : اللهم ان كان ما قال محمد حقا فامطر علينا حجارة من السماء , تكون نقمة في اولنا وآية في آخرنا, وان كان ما قال محمد كذبا فانزل به نقمتك
ثـم اثـار نـاقته فحل عقالها ثم استوى عليها , فلما خرج من الابطح رماه اللّه تعالى بحجر من السماء فـسقط على راسه وخرج من دبره , وسقط ميتا فانزل اللّه فيه :
(سال سائل بعذاب واقع , للكافرين ليس له دافع , من اللّه ذي المعارج )
جمع الحسد بين قلوب الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبني اميه وشكلوا حلفا لمحاربه محمد وبني هاشم والقضاء عليه وعلى الدين الجديد وعلى بني هاشم
الباب الثاني
اميه وحرب بن اميه يحسدان هاشم وعبد المطلب بن هاشم
إن يحسِدوك على علاك فإنما...متسافلُ الدرجاتِ يحسِدُ مَن علا
اولا- اميه يحسد هاشم بن عبد مناف
انتقل نور رسول الله صلى الله عليه واله بالاصلاب والارحام من نبي الى نبي حتى وصل الى هاشم وكان اسمه عمروا العلى وكان نور محمد في وجهه وكان اذا اقبل تضئ منه الكعبه وتكتسي من نوره نورا شعشعانيا ويرتفع من نور وجهه نور الى السماء (1)
دانت العرب لهاشم
فَتَعَجَّبَ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَ سَارَتْ إِلَيْهِ الرُّكْبَانِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَ مَكَانَ وَ كَانَ هَاشِمٍ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وَ يُنَادُونَهُ أَبْشِرْ يَا هَاشِمٍ فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَ أَشْرَفَ الْعَالَمِينَ
وَ كَانَ كُلِّ يَوْمَ يَمْضِي إِلَى الْكَعْبَةِ وَ يَطُوفُ بِهَا سَبْعاً وَ يَتَعَلَّقُ بأستارها وَ كَانَ هَاشِمٍ إِذَا قَصْدُهُ قَاصِدٍ أَكْرَمَهُ وَ كَانَ يُكْسِي الْكَعْبَةِ وَ يُكْسِي الْعُرْيَانِ وَ يُطْعِمُ الْجَوْعَانَ وَ يُفَرِّجُ عَنْ الْمُعْسِرِ وَ يُوفِي عَنْ الْمَدْيُونِ وَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمِهِ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَ كَانَ بَابَهُ لَا يَنْغَلِقَ عَنْ صادر وَ لَا وَارِدٌ وَ إِذَا أَوْلَمَ وَلِيمَةٍ أَوْ أَطْعَمَ طَعَاماً وَ فَضْلِ مِنْهُ شَيْئاً أَمَرَ أَنْ يُرْمَى إِلَى الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ حَتَّى تُحَدِّثُوا بجوده فِي الْآفَاقِ وَ سيدوه أَهْلِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ وَ شرفوه وَ عَظِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ السِّقَايَةَ وَ الْحِجَابَةِ وَ الرفادة وَ أُمُورِ النَّاسِ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ خَاتَمِ نُوحٍ فَلَمَّا احْتَوَى عَلَى ذَلِكَ كُلُّهُ ظَهَرَ فَخِرْهُ وَ مَجِّدْهُ
ودانت ملوك الارض لهاشم
ولما حضرت عبد مناف الوفاة أخذ العهد على هاشم أن يودع نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) في الأرحام الزكية من النساء فقبل هاشم العهد و ألزمه نفسه و جعلت الملوك تتطاول إلى هاشم ليتزوج منهم و يبذلون إليه الأموال الجزيلة و هو يأبى عليهم
------
1-احمد بن عبد الله البكري في كتابه الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار
هاشم يرعى الحجيج ويطعمهم ويسقيهم
و كان يقوم بالحاج و يرعاهم و يتولى أمورهم و يكرمهم و لا ينصرفون إلا شاكرين
و كان هاشم إذا أهل هلال ذي الحجة يأمر الناس بالاجتماع إلى الكعبة فإذا اجتمعوا قام خطيبا و يقول معاشر الناس إنكم جيران الله و جيران بيته و إنه سيأتيكم في هذا الموسم زوار بيت الله و هم أضياف الله و الأضياف هم أولى بالكرامة و قد خصكم الله تعالى بهم و أكرمكم و إنهم سيأتونكم شعثا غبرا من كل فج عميق و يقصدونكم من كل مكان سحيق فأقروهم و احموهم و أكرموهم يكرمكم الله تعالى و كانت قريش تخرج المال الكثير من أموالهم و كان هاشم ينصب أحواض الأديم و يجعل فيها ماء من ماء زمزم و يملي باقي الحياض من سائر الآبار بحيث تشرب الحاج و كان من عادته أنه يطعمهم قبل التروية بيوم و كان يحمل لهم الطعام إلى منى و عرفة و كان يثرد لهم اللحم و السمن و التمر و يسقيهم اللبن إلى ان تصدر الناس من منى ثم يقطع عنهم الضيافة
وقد ترجم شيعه العراق سيره هاشم بن عبد مناف اثناء استقبالهم وخدمتهم زوار حفيد هاشم الامام الحسين (ع ) في اربعينيته وزادوا عليها
هاشم ينقذ قريش من الموت جوعا
أن قريشا كانوا إذا أصابت واحدا منهم مخمصة ، جرى هو وعياله إلى موضع معروف ، فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا
و كان هاشم بن عبد مناف سيد زمانه ، وله ابن يقال له أسد ، وكان له ترب من بني مخزوم ، يحبه ويلعب معه . فقال له : نحن غدا نعتفر ( اي يذهبون الى خباء ) ليموتوا به جوعا واحدا بعد واحد . قال : فدخل أسد ابن هاشم على أمه يبكي ، وذكر ما قاله له صاحبه . فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق ، فعاشوا به أياما . ثم إن صاحبه أتاه أيضا فقال : نحن غدا نعتفر ، فدخل أسد على أبيه يبكي ، وخبره خبر تربه ، فاشتد ذلك على هاشم ( عمرو بن عبد مناف) ، فقام خطيبا في قريش وكانوا يطيعون أمره ، فقال : إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب ، وتذلون وتعز العرب ، وأنتم أهل حرم الله عز و جل ، وأشرف ولد آدم ، والناس لكم تبع ، ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم . فقالوا : نحن لك تبع . قال : ابتدئوا بهذا الرجل - يعني أبا ترب أسد - فأغنوه عن الاعتفار ، ففعلوا . ثم إنه نحر البدن ، وذبح الكباش والمعز ، ثم هشم الثريد ، وأطعم الناس ; فسمي هاشما (2)
____
(2) تفسيرالقرطبي
كان بعض العرب يعتقد ان هاشم هو النبي الموعود
ذكرأبو نعيم في (الدلائل) حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي السوية المنقري، حدثنا عباد بن كسيب، عن أبيه، عن أبي عتوارة الخزاعي، عن سعير بن سوادة العامري قال:
كنت عشيقا لعقيلة من عقائل الحي، أركب لها الصعب والذلول، لا أبقي من البلاد مسرحا أرجو ربحا في متجر إلا أتيته، فانصرفت من الشام بحرث وأثاث أريد به كبة الموسم ودهماء العرب، فدخلت مكة بليل مسدف، فأقمت حتى تعرى عني قميص الليل، فرفعت رأسي فإذا قباب مسامته شعف الجبال مضروبة بأنطاع الطائف، وإذا جزر تنحر، وأخرى تساق، وإذا أكلة وحثثة على الطهاة يقولون: ألا عجلوا ألا عجلوا
وإذا رجل يجهر على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله ميلوا إلى الغداء، وأنيسان على مدرجة يقول: يا وفد الله من طعم فليرح إلى العشاء، فجهرني ما رأيت، فأقبلت أريد عميد القوم، فعرف رجل الذي بي فقال أمامك، وإذا شيخ كأن في خديه الأساريع، وكأن الشعرى توقد من جبينه، قد لاث على رأسه عمامة سوداء، قد أبرز من ملائها جمة فينانة كأنها سماسم
قال في بعض الروايات: تحته كرسي سماسم، ومن دونها نمرقة، بيده قضيب متخصر به، حوله مشايخ، جلس نواكس الأذقان ما منهم أحد يفيض بكلمة، وقد كان نمى إلى خبر من أخبار الشام أن النبي الأمي هذا أوان نجومه، فلما رأيته ظننته ذلك
فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: مه مه كلا، وكأن قد وليتني إياه
فقلت: من هذا الشيخ؟ فقالوا: هذا أبو نضلة، هذا هاشم بن عبد مناف، فوليت وأنا أقول
هذا والله المجد لا مجد آل جفنة - يعني ملوك عرب الشام من غسان كان يقال لهم آل جفنة - وهذه الوظيفة التي حكاها عن هاشم هي الرفادة: يعني إطعام الحجيج زمن الموسم (3)
هاشم يؤسس معاهدات سلام وأخوه مع شعوب وملوك العالم
اوجد هاشم مكانا لقريش بين الممالك والدول المجاوره و أبرم معاهدات سلام وإخوة وتجاره مع ملوك الروم والفرس والأحباش وحكام اليمن ، وبذلك يكون قد بذر البذره الاولى للدوله العربيه في الجزيره العربيه وكان يتصرف وكانه رئيس دوله
_____
3- البدايه والنهايه
هاشم رتب حراسة مكة
قالوا إن هاشماً جعل على رؤساء القبائل ضرائب يؤدونها إليه ليحمي بها أهل مكة، فإن ذؤبان العرب وصعاليك الأحياء وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل، كانوا لا يؤمنون على الحرم، لا سيما وناس من العرب كانوا لايرون للحرم حرمة، ولا للشهر الحرام قدراً، مثل طيئ وخثعم وقضاعة وبعض بلحارث بن كعب،
هاشم يؤسس رحلتي الشتاء والصيف
وكيفما كان الإيلاف فإن هاشماً كان القائم به دون غيره من إخوته (4)
قال تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿ ١ ﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿ ٢ ﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ ﴿ ٣ ﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿ ٤ ﴾
وَ قَدْ وَقَعَ بِمَكَّةَ ضِيقِ وَ جَدْبٍ وَ غَلَاءُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ يزودون بِهِ الْحَاجُّ قَالَ فَبَعَثَ هَاشِمٍ أباعرا فَبَاعَهَا وَ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا عَسَلًا وَ زَبِيباً وخبزا وَ سُمِّيَ هَاشِمٍ لِأَنَّهُ هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ وَ لَمْ يُتْرَكُ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمٍ وَاحِدٍ بَلْ بَذَلَ ذَلِكَ لِلْحَاجِّ فَكَفَى ذَلِكَ الطَّعَامِ جَمِيعاً وَ صَدْرِ النَّاسِ يشكرونه فِي الْآفَاقِ وَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَ فِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرِ
يَا أَيُّهَا الرَّجُلِ الْمَجْدِ رحيله **هَلَّا مَرَرْتُ بِدَارٍ عَبْدِ مَنَافٍ
ثَكِلَتْكَ أُمِّكَ لَوْ مَرَرْتُ بِدَارِهِ** لَعَجِبْتَ مِنْ كَرْمٍ وَ مِنْ أَوْصَافِ
عَمْرِو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ** وَ الْقَوْمِ فِيهَا مسنتون عجاف
بَسَطُوا إِلَيْكَ الرَّاحَتَيْنِ كِلَاهُمَا **عِنْدَ الشِّتَاءِ وَ رَحْلَةٍ الإيلاف
يقول الطبري في تفسيره
أن الذي سنّ الإِيلاف هو هاشم ، وهو المروي عن ابن عباس ، وذكر ابن العربي عن الهروي أن أصحاب الإِيلاف هاشم ، وإخوته الثلاثة الآخرون عبدُ شمس ، والمطلب ، ونوفل
_____
4- شرح النهج (١٥/٢٠٢)
وأن كل واحد منهم أخذ حبلاً ، أي عهداً من أحد الملوك الذين يمرون في تجارتهم على بلادهم وهم مَلِك الشام ، وملك الحَبشة ، وملك اليمن ، ومَلِك فارس ،
ثم جمع هاشم كل بني أب على رحلتين : في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام للتجارات ، فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير ، حتى صار فقيرهم كغنيهم ; فجاء الإسلام وهم على هذا ، فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالا ولا أعز من قريش ، وهو قول شاعرهم
والخالطون فقيرهم بغنيهم **حتى يصير فقيرهم كالكافي
هاشم يتزوج من سلمى بنت عبدو النجار بامر من الله
و َبلَغَ خَبَرُهاشم إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَ إِلَى قَيْصَرَ مَلَكٍ الرُّومِ فكاتبوه وَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَهْدُوا لَهُ بناتهم رَغْبَةً فِي النُّورِ الَّذِي فِي وَجْهِهِ وَ هُوَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ (ص)لِأَنَّ كهانهم وَ رهبانهم أعلموهم بِأَنْ ذَلِكَ النُّورُ الَّذِي فِي وَجْهَهُ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ فَأَبَى هَاشِمٍ عَنْ ذَلِكَ وَ تَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ قَوْمِهِ وَ رِزْقٍ مِنْهُمْ أَوْلَاداً وَ كَانَ أَوْلَادِهِ أَسَدٍ وَ نَضْرِ وَ عُرْوَةَ وَ أَمَّا الْبَنَاتِ فصفية وَ رُقَيَّةُ وَ خالدة وَ الشعثاء فَهَذِهِ جُمْلَةٍ الْإِنَاثِ وَ الذُّكُورِ وَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ كَبَّرَ لَدَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ
سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَداً فِيهِ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ( ص ) فَأَخَذَهُ النُّعَاسُ فانضجع فَأَتَاهُ هَاتِفٌ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ الأذيال فَخُذْهَا وَ ادْفَعْ لَهَا الْمَالِ الْجَزِيلَ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا شِبْهَ فِي النَّاسِ فَإِنَّكَ تُرْزَقْ سَيِّداً يَكُونُ مِنْهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله ) قَالَ فَانْتَبَهَ هَاشِمٍ فَأُحْضِرَ بَنِي عَمِّهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا رَأَى فِي مَنَامِهِ وَ بِمَا قَالَ الهاتف فَقَالَ أَخُوهُ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنِ أُمِّي إِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي قَوْمِهَا كَبِيرَةً فِي نَفْسِهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ وَ قَدْ كَمَلَتْ قدا وَ اعتدالا وَ هِيَ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ
المطلب يخطب سلمى لاخيه هاشم
و سَارَ هاشم هُوَ وَ بَنُو عَمِّهِ طَالِبِينَ يَثْرِبَ وَ سَهْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَفَرِهِمْ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى يَثْرِبَ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَيْهَا تَهَلَّلَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ (ص ) فِي غُرَّةِ هَاشِمٍ حَتَّى دَخَلَ المراقد وَ الْبُيُوتِ قَالَ فَلَمَّا رأوهم أَهْلِ يَثْرِبَ بَادِرُوا إِلَيْهِمْ مسرعين وَ قَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسِ فَمَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْكُمْ جَمَالًا وَ لَا سِيَّمَا صَاحِبُ هَذَا النُّورِ السَّاطِعُ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ
فَقَالَ لَهُمْ الْمُطَّلِبِ نَحْنُ وَفْدُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ سُكَّانِ حَرَّمَ اللَّهُ وَ نَحْنُ بَنِي كَعْبٍ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ هَذَا هَاشِمٍ وَ قَدْ خَطَبْتُ الْمُلُوكِ وَ الْأَكَابِرِ فَمَا رغبنا فِيهِمْ وَ رغبنا فِيكُمْ وَ فِي نِسَائِكُمْ وَ نُرِيدُ أَنْ ترشدونا عَلَى بَيْتِ عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ فأرشدوهم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ مَرْحَباً بِكُمْ يَا أَرْبَابِ الْعُلَا وَ الْمَآثِرِ وَ الشَّرَفَ وَ الْمَفَاخِرِ سَادَاتِ الْكِرَامِ وَ مطعمين الطَّعَامِ وَ نِهَايَةَ الْجُودِ وَ الْإِكْرَامِ فَلَكُمْ عِنْدَنَا مَا تُحِبُّونَ وَ أَفْضَلُ مَا تَطْلُبُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي خَرَجْتُمْ لِأَجْلِهَا وَ جِئْتُمْ طَالِبِينَ لَهَا هِيَ ابْنَتِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي غَيْرِ أَنَّهَا مَالِكَةً نَفْسِهَا
والد سلمى يرحب بهاشم والمطلب ويولم لهم
رحب عَمْرِو والد سلمى بضيوفه وَ سَبَقَ إِلَى قَوْمِهِ وَ نَحَرَ لَهُمْ الْإِبِلِ وَ صَنَعَ لَهُمْ الطَّعَامِ وَ خَرَجَتْ لَهُمْ الْعَبِيدِ الطَّعَامِ بالأجفان فَأَكَلَ الْقَوْمِ بِحَسَبِ الْكِفَايَةِ وَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ إِلَّا وَ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَى هَاشِمٍ وَ إِلَى نُورٍ وَجْهَهُ وَ خَرَجُوا الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ النَّاسِ متعجبين مِنْ ذَلِكَ النُّورِ
تزوج هاشم سلمى بنت عبدو النجار
تَزَوَّجَ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ وَ انْتَقَلَ النُّورِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ فِي وَجْهِ سَلْمَى وَ زَادَهَا حَسَناً وَ جَمَالًا وَ بَهَاءُ وَ كَمَالًا وَ قدا وَ اعتدالا حَتَّى كَانَ النَّاسِ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَ جَمَالَهَا وَ شاع فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ وَ كَانَتْ إِذَا مَشَتْ يهنئها الشَّجَرِ وَ الْمَدَرِ وَ الْحَجَرِ بِالتَّحِيَّةِ وَ الْإِكْرَامِ وَ تَسْمَعُ قَائِلًا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَلْمَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةً النِّسْوَانِ
ثُمَّ إِنْ هَاشِمٍ أَقَامَ فِي الْمَدِينَةِ أَيَّاماً حَتَّى اشْتَدَّ حَمَلَ سَلْمَى َثم خَرَجَ إِلَى غُرَّةِ الشَّامِ
اميه ينازع هاشم السياده على مكه
وبعد ان تطرقنا الى الايات النازله في لعن بني اميه ولعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) لهم وبعد ان رأينا المكانه الرفيعه العاليه التي رتب بها الله جد النبي هاشم بن عبد مناف وراينا في الفصل السابق ان اميه مستنقع اسن مجبول على الخسه والحقد والحسد دعونا نستعرض النزاع والخصومه بين اميه وهاشم
نار الحسد تشب في قلب اميه
المنافره الاولى - منافره اميه لهاشم
أن هاشما كانت إليه الرفادة مع السقاية وكان رجلا موسرا، وكان إذا حضر موسم الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريس، إنكم جيران الله وأهل بيته، وإنكم يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خصكم الله بذلك فأكرموا ضيفه وزواره وأغنوهم وأعينوهم فكانت قريش ترافد على ذلك كل على قدره، فيضمه هاشم إلى ما أخرج من ماله ويكمل العجز، وكان يخرج مالا كثيرا في كل سنة. وكان يطعم هؤلاء الضيوف ويثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ويحمل لهم الماء حتى يتفرق الناس لبلادهم. وكان هاشم هذا يسمى عمرا وإنما قيل له هاشم لهشمه الثريد بمكة،
وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش فعجز عن ذلك فشمت به ناس من قريش وعابوه فغضب ونافرهاشما (اي خاصمه على سياده مكه )على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي جد عمرو بن الحمق الخزاعي فقال الكاهن فيما قال :
والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من مخبر وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منه وآخر، وأبو همهمة بذلك خابر
فأخذ هاشم الإبل فنحرها، وأطعم لحمها من حضر وخرج أمية إلى الشام منفيا فأقام به عشر سنين. فكان هذا أول عداوة وقعت بين بنى هاشم وبنى أمية
ثانيا – اميه يحسد عبد المطلب
خرج اميه منفيا الى الشام وفي هذه السنين مات هاشم بن عبد مناف وولد عبد المطلب بن هاشم في المدينه المنوره وعاد الى مكه ليستقطب قلوب اهلها فسيدوه عليهم
ولاده عبد المطلب
ثُمَّ إِنْ سَلْمَى بنت عمرو النجار اشْتَدَّ حَمْلَهَا وَ جَاءَهَا الْمَخَاضِ وَ هِيَ لَا تَجِدْ وَجَعاً وَ لَا أَلَماً إِذْ
سَمِعْتُ هَاتِفاً َيَقُولُ
يَا زِينَةٌ النَّسَا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ** بِاللَّهِ اسدلي عَلَيْهِ بِالْأَسْتَارِ
وَ احجبيه عَنْ أَعْيَنَ النظار** لتسعدي مِنْ جُمْلَةٍ الْأَقْطَارِ
فَلَمَّا سَمِعْتُ بِذَلِكَ أُغْلِقَتْ الْبَابِ عَلَيْهَا وَ كَتَمْتَ أَمْرَهَا فَبَيْنَمَا هِيَ تُعَالِجُ مَا هِيَ فِيهِ إِذْ نَظَرْتَ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ قَدْ ضَرَبَ مِنْ حَوْلَهَا مِنْ الْأَرْضِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَوَلَدَتْ يَوْمَئِذٍ بشيبة فَقَامَتْ مِنْ وَقْتِهَا وَ سَاعَتِهَا وَ تَوَلَّتْ نَفْسِهَا و سَطَعَ مِنْ غَرَّتْهُ نُورٍ شعشعاني وَ كَانَ ذَلِكَ النُّورِ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه واله) وَ قَدْ ضَحِكَ الطِّفْلِ وَ تَبَسَّمَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ أُمِّهِ ثُمَّ نَظَرْتَ إِلَيْهِ وَ إِذْ فِي رَأْسَهُ شَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فَقَالَتْ نَعَمْ أَنْتَ شَيْبَةَ
ولما اتم عبد المطلب السابعه أرسل لاعمامه رساله
فَلَمَّا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ اشْتَدَّ حِيَلِهِ وَ قَوِيَ بَأْسُهُ وَ تَبِينُ لِلنَّاسِ فَضْلِهِ وَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَرْثِ جاء إِلَى يَثْرِبَ فِي حَاجَةٍ فَإِذَا بِابْنِ هَاشِمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَ قَدْ عَمٍّ نُورِهِ الْبِلَادِ فَوَقَفَ الرَّجُلِ وَ هُوَ ينتدب بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَ يَقُولُ أَنَا ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا وَ الْمَقَامِ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ وَ كَفَى فَنَادَاهُ الرَّجُلِ وَ قَالَ يَا فَتَى فَقَالَ مَا تُرِيدُ يَا عَمٍّ؟
فَقَالَ مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ شَيْبَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَدْ مَاتَ أَبِي وَ جفوني عُمُومَتِي وَ نساني أَهْلِي وَ بَقِيَتْ عِنْدَ أُمِّي وَ أَخْوَالِي فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا عَمِّ؟
قَالَ مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ وَ هَلْ ستحمل لِي بِرِسَالَةِ وَ تتقلد إِلَيَّ أَمَانَةٍ؟
فَقَالَ الْحَرْثِ وَ حَقٌّ أَبِيكَ وَ أَبِي أَفْعَلُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمٍّ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَلَدُكَ سَالِماً وَ رَأَيْتَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَقْرِئْهُمُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ مَعِي رِسَالَةِ مِنْ يَتِيمٍ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَ جَفَوْهُ أَعْمَامِهِ ثُمَّ قُلْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتُمْ وَصِيَّةِ هَاشِمٍ وَ ضَيَّعْتُمْ نَسْلِهِ
الحرث يبلغ الرساله
فَبَكَى الرَّجُلِ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَرْسَلَ زِمَامَهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا رِسَالَةِ الْغُلَامُ ثُمَّ أَتَى إِلَى مَجْلِسٍ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فوجدهم جُلُوساً فأنعمهم صَبَاحاً وَ قَالَ
يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَرَاكُمْ قَدْ غَفَلْتُمُ عَنْ عزكم وَ تَرَكْتُمْ مصباحكم يَسْتَضِيءُ بِهِ غَيْرِكُمْ فَقَالُوا مَا سَبَبُ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَصِيَّةٍ الْغُلَامُ ابْنِ أَخِيهِمْ فَقَالُوا مَا شَاهَدْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ
فَقَالَ لَهُمْ الْحَرْثِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ ليعجز مِنْهُ الْفُصَحَاءُ لفصاحته وَ يَعْجِزُ عَنْهُ اللَّبِيبِ لِكَلَامِهِ وَ عَنْ خطابه وَ إِنَّهُ لفصيح قَوِيَ الْجِنَانِ فَائِقٌ عَلَى الْغِلْمَانِ أَدِيبُ إِلَى عَقْلِهِ الْكِفَايَةِ وَ إِلَى جُودِهِ
قَالَ وَ كَانَ الْمُطَّلِبِ أَشَدُّ أَهْلِ زَمَانِهِ بَأْساً وَ أَعْظَمُ مِرَاساً فَقَالُوا لَهُ إِخْوَتَهُ نَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمُ بِهِ أُمِّهِ سَلْمَى وَ لَا تَدَعْهُ يَخْرُجُ مَعَكَ لِأَنَّهَا شَرَطْتُ عَلَى أَخِيكَ بِذَلِكَ فَقَالَ يَا قَوْمٍ إِنْ لِي فِي ذلك أَمْراً دَبَّرَهُ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
خرج المطلب في طلب ابن اخيه
ثُمَّ إِنَّهُ تأهب لِلْخُرُوجِ وَ أَفْرَغَ عَلَيْهِ لِأُمِّهِ حَرْبِهِ وَ رَكِبَ مطيته وَ أَرْخَى زِمَامَهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ يَثْرِبَ وَ أَخْفَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُشْعِرُ بِهِ أَحَدٌ فتخبر سَلْمَى عَنْهُ قَالَ وَ لَمْ يَزَلْ يُتَرَصَّدُ فَوَجَدَ شَيْبَةَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَعَرَفَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهِ فِيهِ وَ قَدْ رَفَعَ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٌ وَ قَالَ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ الْمَعْرُوفِ بالعطايا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِهِ أَنَاخَ مطيته وَ نَادَى ادْنُ مِنِّي يَا ابْنَ أَخِي فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ شَيْبَةَ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ فَقَدْ مَالِ قَلْبِي إِلَيْكَ وَ أَظُنُّكَ مِنْ بَعْضِ عُمُومَتِي فَقَالَ لَهُ أَنَا عَمِّكَ الْمُطَّلِبِ فأسبل عِبْرَتِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَ تُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بِلَادِ أَبِيكَ وَ أعمامك وَ تَكُونُ فِي دَارِ عِزِّكَ؟
فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ أَسْرَعُ بِنَا بالمسير فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَعْلَمُوا بِنَا أُمِّي وَ عَشِيرَتِهَا فيلحقوا بِنَا وَ يأخذوني مِنْكَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَرْكَبُ لركوبها أبطال الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ
فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي فِي اللَّهِ الْكِفَايَةِ مِنْ كُلِّ رَزِيَّةٍ ثُمَّ سَارُوا وَ رَكِبُوا الْجَادَّةِ الْكُبْرَى
اليهود يلحقون بالمطلب لقتل عبد المطلب
ثُمَّ إِنْ الْمُطَّلِبِ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ نَاقَتِهِ وَ أَرْدَفَ ابْنِ أَخِيهِ قُدَّامَهُ وَ جَرَّدَ سَيْفَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ وَ زعقات الرِّجَالِ وَ قَعْقَعَةَ اللجم وَ هَمْهَمَةً الْأَبْطَالِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنَ أَخِي دهمنا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ
وإِنَّ الَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا النُّورِ يَقْدِرُ أَنْ يَصْرِفُ عَنَّا كُلِّ مَحْذُورٍ قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ يتخاطبون فِي الْكَلَامِ إِذْ أدركتهما الْخَيْلِ وَ إِذَا هُمْ خَيْلٌ الْيَهُودِ فَلَمَّا رَأَوْا شَيْبَةَ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَ يَكُونُ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدِهِ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنْ شَيْبَةَ خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ فأدركهم الطَّمَعُ فِي قَتَلَهُ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ يَقْدُمُهُمْ سَيِّدُ مِنْ ساداتهم يُقَالُ لَهُ دِحْيَةَ الْيَهُودِيِّ
عبد المطلب يدعو ربه
هنالك دعا عبد المطلب ربه حين رأى الخيل قد اقتربت منه فاستجاب الله دعاؤه وتوقفت الخبل في مكانها لاتتحرك فنزلوا عنها وتقدموا مشيا نحو عبد المطلب وعمه لقتلهما
فاخذ المطلب قوسه وهو قوس اسماعيل (عليه السلام ) فرماهم بالنبل وقتل منهم عددا عندها تقدم اليه كبير اليهود وفارسهم دحيه اليهودي و طال النزال بهما وفي اثناء ذلك سمعوا صهيل الخيول وقعقعه السلاح واذا بهم فرسان الاوس والخزرج تتقدمهم سلمى
فانسحب اليهود وتقدمت سلمى ورأت المطلب مع شيبه سالمين فسالت ابنها عبد المطلب ان كان يرغب باللحوق باعمامه فقال لها نعم ان رضيت
فاخذ المطلب ابن اخيه على ناقته وحث المسير الى مكه وعندما دخلها رأت قريش الفتى والنور يسطع من جبينه فسألوا المطلب عنه فقال هذا عبدي فصار اسمه عبد المطلب
التفت قريش حول عبد المطلب تتبرك بنور رسول الله بين عينيه
فلما قدم المطلب بابن أخيه شيبة و نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) لائح بين عينيه أتت قريش يتبركون به حتى إذا أصابتهم مصيبة أو نزل بهم قحط أو دهمهم عدو يأتون إليه و يتوسلون بنور رسول الله(صلى الله عليه واله ) فيفرج الله عنهم ما نزل بهم
ابرهه يهاجم الكعبه ليهدمها
و كان أعجب عجيبة و أعظم آية ظهرت لهم فيما جرى لأصحاب الفيل و أبرهة بن الصباح كان ملك اليمن و قيل ملك الحبشة و هو صاحب الفيل الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز و كان قد أشرفوا أهل مكة على الهلاك و كان منه أنه أراد أن يهدم الكعبة التي شرفها الله تعالى فكشف الله عن البيت و أهله ببركة عبد المطلب
وسبب هجوم ابرهه على مكه ان جماعة من قريش ذهبت إلى بلاد الحبشه بتجارة فنزلوا في البلد و دخلوا في كنيسة من كنائس النصارى و أوقدوا فيها نارا يصطلون عليها و يصلحون لهم طعاما ثم إنهم خرجوا و لم يطفئوها فهبت عليها ريح فأحرقت كنيستهم و ما فيها فسأل النصارى عمن حرق الكنيسة فقالوا حرقوها تجار مكة
قال فلما علم الملك النجاشي أن العرب أحرقوا معبده غضب و أقسم إني لأحرق معبدهم جهارا بما فعلوا بمعبدنا فأرسل وزيره أبرهة بن الصباح و أرسل معه أربعمائة فيلا و مائة ألف مقاتل و قال امضوا إلى كعبتهم و خربوها و ارموا أحجارها في البحر و اقتلوا رجالهم و انهبوا أموالهم
قال تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿ ١ ﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿ ٢ ﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿ ٣ ﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿ ٤ ﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿ ٥ ﴾
اقترب الجيش من مكه ونهبوا 80 جملا لعبد المطلب وجدوها في طريقهم وهرب أهل مكه خوفا من الجيش وقال لهم عبد المطلب ان للكعبه رب يحميها فلا تخافوا عليها وذهب لاسترداد ابله المنهوبه وقد اعدوا له فيلا ضخما مسلحا بسيفين في خرطومه ومركب على راسه قرنان من حديد مدرّب على القتال يمزق من يلاقيه ويقتله وقالوا لصاحب الفيل اطلق الفيل عند اقتراب عبد المطلب ولما اقترب عبد المطلب اطلقوا الفيل ولكن الفيل برك واخذ يتمرغ بالتراب امام عبد المطلب فدهش العسكر ودخل الرعب في قلوبهم من هيبه نور رسول الله (صلى الله عليه واله) في غره عبد المطلب وقابل عبد المطلب ابرهه وطلب اعاده ابله المنهوبه فاعادها اليه
تقدم الجيش لتدمير الكعبه وكان عبد المطلب قد بقى في ابتهال و دعاء و تضرع
و قال اللهم ببركة هذا النور الذي وهبتنا إياه اجعل لنا فرجا و مخرجا و انصرنا على عدونا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فاستجاب الله دعاؤه ببركة رسول الله (صلى الله عليه واله)
ثم ان الله ارسل على الجيش طيورا تحمل في افواها وارجلها احجارا صغيره قتلت جنود أبرهه وحمى الله الكعبه وقريش ببركه عبد المطلب
نظر أهل مكة الى الجيش المدمر والجنود القتلى والفيله الهاربه فرجعوا فرحين مسرورين و بقوا ينقلون اسلحه واموال الجيش المدمر و كان ذلك ببركه نور رسول الله (صلى الله عليه واله)
عاد أميه بعد أن مات هاشم وصدره بركان يغلي حسداً وحقداً على بني هاشم
يقول
الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من
بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ،
وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان
هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد
المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش ، فإذا استطاع أمية أن
ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ
وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
فجاء
إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان
الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه
بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب
الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط مئة ناقة من الإبل وعشرة من
العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد
السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق
كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
ومن
هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب
وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ،
وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ
حسده وغروره وكبرياؤه
ويقول ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ج3 ص
466
وكانت
النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان
كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له
وجعلها عشر سنين ،
ويقول ابن ابي الحديد في شرح النهح
( أنّ
أمية بقي في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين )
وهكذا يستعبد عبد المطلب اميه لعشر سنين
ثالثا – حرب بن اميه يحسد عبد المطلب
عبد المطلب اجار حرب بن اميه وكفأ عليه اناءه
و روى الواقدي إن يزيد بن معاويه فاخر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بأبائه في مجلس معاويه بن أبي سفيان
فقال له عبد الله بن جعفربن أبي طالب
بأي آبائك تفاخرني أبحرب الذي أجرناه.. أم بأمية الذي ملكناه ..أم بعبد شمس الذي كفلناه
فقال معاوية
ألحرب بن أمية يقال هذا ! ما كنت أحسب أن أحدا في عصر حرب يزعم أنه أشرف من حرب
فقال عبد الله بن جعفربن أبي طالب بلى أشرف منه من كفأ عليه إناءه و جلله بردائه
وقد سبق تفصيل ذلك في الفصل الاول من هذا الكتاب
المنافره الثانيه - منافره حرب بن اميه لعبد المطلب بن هاشم
قال ابن الاثير في الكامل في التاريخ ج1 ص618
وكان لعبد المطلب جار يهودي يقال له أذينة يتجر وله مال كثير ، فغاظ ذلك حرب بن أمية ، وكان نديم عبد المطلب ، فأغرى به فتيانا من قريش ليقتلوه ويأخذوا ماله ، فقتله عامر بن عبد مناف بن عبد الدار وصخر بن عمرو بن كعب التيمي جد أبي بكر ولم يعرف عبد المطلب قاتليه ، فلم يزل يبحث حتى عرفهما ، وإذا هما قد استجارا بحرب بن أمية ، فأتى حربا ولامه وطلبهما منه . فأخفاهما ، فتغالظا في القول حتى تنافرا إلى النجاشي ملك الحبشة ، فلم يدخل بينهما ، فجعلا بينهما نفيل بن عبد العزى العدوي جد عمر بن الخطاب
فقال لحرب : يا أبا عمرو أتنافر رجلا هو أطول منك قامة ، وأوسم منك وسامة ، وأعظم منك هامة ، وأقل منك ملامة ، وأكثر منك ولدا ، وأجزل منك صفدا ، وأطول منك مددا ، وإني لأقول هذا وإنك لبعيد الغضب ، رفيع الصوت في العرب ، جلد المريره ، تحبك العشيره ، ولكنك نافرت منفرا ، فغضب حرب وقال : من انتكاس الزمان أني جعلتك حكما
فترك عبد المطلب منادمة حرب ونادم عبد الله بن جدعان التيمي ، وأخذ من حرب مائة ناقة فدفعها إلى ابن عم اليهودي ، وارتجع ماله إلا شيئا هلك فعزمه من ماله
قريش تسمى عبد المطلب ابراهيم الثاني
وقيل إن عبد المطلب إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع
الشهر، وكان صعوده للتفكر في جلال الله وعظمته بعيدا عن
الناس
ويؤثر
عن عبد المطلب سنن جاء بها القرآن وجاءت بها السنّة ، منها الوفاء
بالنذر، والمنع من نكاح المحارم، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل
الموءودة، وتحريم الخمر والزنا والحد عليه، وألا يطوف بالبيت
عُريان، وتعظيم الأشهر الحرم. وكانت قريش تصفه بانه ابراهيم
الثاني
ثم
وضع عبد المطلب للناس سنناً ، فجعل الطواف سبعاً، وكان بعض العرب
يطوفون عرايا لأن ثيابهم ليست حلالاً فحرم عبد المطلب ذلك ، ونهى عن
قتل المؤودة ، وأوجب الوفاء بالنذر ، وعظم الأشهر الحرم ، وحرم
الخمر والزنا وجعل عليه الحد ، ونفى البغايا ذوات الرايات إلى خارج
مكة ، وحرم نكاح المحارم ، وأوجب قطع يد السارق ، وشدد على القتل
وجعل ديته مئة من الإبل.. وأقر ذلك الإسلام مما يدل على أن عبد
المطلب كان مؤمناً ملهماً من ربه وله مقام عنده
عبد المطلب يحفر بئر زمزم
عن علي بن ابي طالب(ع) انه قال:
قال
عبد المطلب: إني لنائم في الحجر، إذ أتاني آت فقال لي: احفر طيبة.
قال: قلت وما طيبة؟
قال
ثم ذهب عني. قال فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فجاءني فقال:
احفر برة. قال: قلت وما برة؟ قال ثم ذهب عني
فلما
كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال:
قلت وما المضنونة؟ قال ثم ذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي
فنمت فيه، فجاءني قال: احفر زمزم. قال: قلت وما زمزم؟
قال:
لا تنزف أبدا ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند
نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل. قال: فلما بين لي شأنها، ودل
على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد
المطلب، وليس له يومئذ ولد غيره، فحفر
ورد
في البدايه والنهايه ان عبد المطلب لم يكن له يومئذ من الاولاد الا
الحارث وكانت قريش تمر به وتستهزء منه لحفره البئر ولقله اولاده نذر
ان رزقه الله عشره اولاد ليذبحن احدهم قربانا لله عند
الكعبه
ومن
الله على عبد المطلب واتم حفر البئر وكان ماؤها وفيرا ووجد فيها
غزالين من ذهب واسياف وادرع
نار الحسد والحقد الاموي تشب من جديد
المنافره الثالثه – منافره قريش وبني اميه لعبد المطلب
قريش بقياده بنو اميه بالامس لم تعاون عبد المطلب في الحفر لا بل
كانت تهزا منه واليوم اتته قائله: يا عبد المطلب إنها بئر أبينا
إسماعيل وإن لنا فيها حقا، فأشركنا معك فيها. قال: ما أنا بفاعل إن
هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا
فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها
قال:
فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه. قالوا: كاهنة بني سعد بن
هذيم. قال: نعم وكانت بأشراف الشامفركب عبد المطلب ومعه نفر من بني
أمية، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا وفي الطريق نفد ماء عبد
المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم
فأبوا عليهم وقالوا: إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم
فقال عبد المطلب: إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم
الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى
يكون آخرهم رجلا واحدا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب
جميعه
فقالوا: نعم ما أمرت به. فحفر كل رجل لنفسه حفرة، ثم قعدوا ينتظرون
الموت عطشى، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: ألقينا بأيدينا هكذا
للموت، لا نضرب في الأرض، لا نبتغي لأنفسنا لعجز، فعسى أن يرزقنا
االله ماء ببعض البلاد
فارتحلوا
حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته، انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب،
فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستسقوا حتى
ملئوا أسقيتهم. ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه
الأحوال، فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاؤوا فشربوا
واستقوا كلهم ثم قالوا: قد قضى الله لك علينا والله ما نخاصمك في
زمزم أبدا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم،
فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة،
وخلوا بينه وبين زمزم
نار
الحسد تشتعل من جديد
وجد
عبد المطلب في البئر غزالين من ذهب واسياف وادرع فعادت قريش تطالب
بحصه منها
فقالت
له قريش: يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق
قال:
لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها
بالقداح
قالوا:
وكيف نصنع؟
قال:
أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شيء
كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له
قالوا:
أنصفت. فجعل للكعبة قدحين أصفرين، وله أسودين، ولهم أبيضين، ثم
أعطوا القداح للذي يضرب
قال:
وضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج
الأسودان على الأسياف والأدرع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش فضرب
عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب،
فكان أول ذهب حلية للكعبة ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم
للحاج
الباب الثاني
الفصل الثالث
ابو سفيان (صخر بن حرب) يحسد محمد (ص) ويحاول قتله
من هو ابو سفيان ؟
هو صخر بن حرب بن اميه وامه اسمها حمامه بغي صاحبه رايه وزوجته هند بغي صاحبه رايه وابنه معاويه يعزى الى اربعه ابو سفيان احدهم
وأن جده أميّة عبد رومي تبناه عبد شمس وقد جاء ذات ليلة الى دار اخيه ربيعه بن عبد شمس فلم يجده فاختلى بزوجة اخيه ربيعه وواقعها فحبلت منه بعتبة
ويعترف ابنه معاويه ان ابيه زان وقد الحق اخيه من الزنا زياد بن ابيه الى ابو سفيان مخالفا بذلك دين الله وسنه رسوله (ص) علانيه
ويرسل الشاعر بيتين من الشعر لمعاويه قائلا :
ألا أبلغ معاوية بن صخر ... مغلفة عن الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عف ... وترضى أن يقال أبوك زاني
ومن اعمامه ابو العاص بن اميه وزوجته الزرقاء بغي من ارخص بغايا مكه
وتطرقنا الى تفاصيل ذلك في الفصل الثالث من هذا الكتاب
ونزلت في ذم ابو سفيان ايات كثيره ولعنه رسول الله (ص) في احاديث عديده وقد مر بنا
تفصيل ذلك
ابو سفيان يحسد رسول الله (ص) ويقود التحالف الاموي القرشي اليهودي لقتله
لقد اجتمعت في قلب ابو سفيان كل اسباب الحسد والحقد التي تطرقنا اليها
محاولات التحالف الاموي اليهودي القرشي بقياده ابو سفيان قتل النبي محمد (ص)
المحاوله الاولى – محاصره محمد( صلى الله عليه واله) وبني هاشم ليموتوا جوعاً وعطشاً في شعب أبي طالب
إجتمع زعماء قريش بقياده ابو سفيان وقرَّروا أنْ يقاطعوا محمدا وأبا طالب وبني هاشم، مقاطعة اقتصاديّة واجتماعيّة، وكتبوا عهداً بذلك وعلّقوه في جوف الكعبة
وممّا جاء في تلك الصحيفة الظالمة: ألاّ يبايعوا أحداً من بني هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يعاملوهم، حتّى يدفعوا إليهم محمّداً فيقتلوه
ثمّ حصرتْ قريش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته من بني هاشم، وبني عبد المطلّب في شِعب أبي طالب
واستمرَّ الحصار ثلاث سنين حتّى أنفق أبو طالب (عليه السلام) والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) مالهما، كما أنفقتْ خديجة أموالها الطائلة في هذا الحصار الظالم، وكان ذلك بعد ست سنين من مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
وأشتدَّ خلالها الخطْب على المسلمين، وراحوا يعانون من الجوع والأذى، ويأكلون نباتات الأرض واوراق الشجر ، وسمعت من خارج الشعب أصوات إستغاثة النسوة والأطفال من شدة الجوع ولم يكن يَصِلُهُم من الطعام شيء، إلاّ ما كان يتسرّب سرّاً من بعض المتعاطفين معهم
صبر بنو هاشم على الجوع والاذى وقد اشتدَّ العُسْر والأذى، عندها جاء الفرج، و النصر الإلهي، فأرسل الله حشرة الأُرضة على صحيفة المقاطعة فأكلتْها، ما عدا ما كان فيها من إسم الله سبحانه، فعندها هبط جبرائيل (عليه السلام) وأخبر محمّدا بذلكً
توفي ابو طالب وخديجه عليهما السلام نتيجه للحصار القاسي وكان المخطط أن يموت جميع بني هاشم جوعا وعطشا لولا تدخل العنايه الالهيه وإنهاء الحصار
ثلاث سنوات كانت فيها حياة الرسول مهددة، وخاف عمه أبو طالب عليه من القتل، فكان يتوقى ذلك بتغيير مضجع الرسول، ومع ذلك لم يتطوع أحد من هؤلاء المسلمين الأوائل للدخول مع الرسول واقاربه في الشعب، تعبيراً عن التعاطف والتآزر معهم، ولو حدث ذلك لربما أعادت قريش النظر في المقاطعة
إن كان أُميَّه قد حاول استئصال عبد المطلب في الرهان على سباق الخيل فان أحفاده بالتعاون مع قريش حاولوا إستئصال بني هاشم دفعه واحده ومحاصرتهم في شعب أبي طالب ليموتوا جوعا وعطشا ولولا تدخل العنايه الالهيه لتحقق لهم ما أرادوا ولكن الله نجى رسوله وبني هاشم من الموت جوعا ليتأجل تحقيق هدف بنو اميه وقريش باستئصال بني هاشم الى يوم كربلاء
المحاوله الثانيه – محاوله يهود الشام زرير وتمام ودريس
محاولة اليهود قتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في الشام
خرج رسول الله مع عمه ابو طالب في تجاره الى الشام وفي قصه طويله
عرف بحيرى الراهب إن هذا الذي مع أبو طالب هو النبي
الموعود
قال
بحيرى لأبي طالب: أرجع بابن أخيك إلى بلده، وإحذر عليه
اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغينه
شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى
بلاده
فخرج
به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته
بالشام
وكان
زريرا وتماما ودريسا، وهم نفر من أهل الكتاب قد رأوا من رسول الله
(صلى الله عليه واله وسلم ) مثلما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان
فيه مع عمه أبي طالب
فأرادوا
قتله فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره
وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه
ولم
يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم، وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا
عنه(4)
المحاوله الثالثه – محاوله قريش
قررت قريش قتل محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) فأتوا الى أبي طالب
وقالوا له نعطيك عماره بن الوليد وإعطينا محمد لنقتله فأبى ذلك
وقال: أتقتلون إبن أخي وأغذو لكم إبنكم، إن هذا
لعجب
فقالوا: خير من أن نغتال محمدا (5)
فقال ابو طالب لمحمد
والله لنْ يصلوا إليك بجمعهم * حتّى أُغَيّبَ في التراب دفينا
ودعوتني وزعمتَ أنّك ناصحٌ * ولـقد صدقتَ وكنتَ ثمّ أمينا
_______
4 - تاريخ ابن الوردي
5 - زيني دحلان الشافعي في اسنى المطالب ( ص18 )
وعرضتَ ديناً قد علمتُ بأنّه * مِـن خيرِ أديانِ البريّة دِيْنَا(6)
علمتْ قريش أنّهم لا يقدرون على قتْل رسول الله، وأنّ أبا طالب لا يسلمه،
وتوعّد أبو طالب زعماء بطون قريش قائلاً
والله لو قتلتموه ما أبقيتُ منكم أحداً حتّى نتفانى نحن وأنتم
ودار على أندية قريش ومعه فتيان بني هاشم ، وقال
بلغني انكم تريدون إغتيال محمد والله لو خدشتموه خدشا ما أبقيت منكم
أحدا إلا قتل (7)
المحاوله
الرابعه - محاوله عمر بن الخطاب
عن
أنس بن مالك قال جاء عمر متقلدا سيفه فلقيه رجل من بني زهرة، فقال:
أين تعمد يا عمر؟
فقال:
أريد أن أقتل محمدا
قال:
وكيف تأمن في بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟
قال:
فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه
قال:
أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركوا دينك
الذي أنت عليه
وقال
ابن عساكر إن عمر كان قبل اسلامه شديد الاذى لرسول الله (صلى الله
عليه واله وسلم ) وقد انتدبته قريش لقتل رسول الله فجاء متقلدا سيفه
وطرق الباب فخرج اليه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فأخذ
رسول الله بمجامع ثيابه، ثم نتره نترة، فما تمالك أن وقع على
ركبتيه في الأرض. فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟
حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل
بالوليد بن المغيرة فقال عمر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وباءت محاوله قريش هذه المره بالفشل
ايضا (8)
________
6- تاريخ اليعقوبي: 2/31
7 - طبقات ابن سعد1/186
مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 18 / 269 8 -
المحاوله الخامسه– ليله الهجره ونوم علي (ع) في فراشه
قال تعالى :
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ
يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ
وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ الانفال 30
وبعد
ان مات ابو طالب أجمعت قريش على قتل رسول الله (صلى الله عليه واله
وسلم )، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره، وقد مات أبو طالب، فأجمعوا
جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة برجل فيجتمعوا عليه فيضربوه
بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة كل قريش،
نزل جبرائيل عليه السلام فاخبر رسول الله أنهم أجمعوا على أن يأتوه
في الليلة التي أتحدوا فيها، خرج وخلف عليا لرد الودائع التي كانت
عنده وصار إلى الغار فكمن فيه وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا:
أين ابن عمك؟
قال:
قلتم له أخرج عنا، فخرج عنكم. فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه، وأعمى
الله عليهم المواضع فوقفوا على باب الغار وقد عششت عليه
حمامة
فقالوا:
ما في هذا الغار أحد، وانصرفوا ونجى الله رسوله من
القتل
المحاوله السادسه – محاوله سراقه
تبع
سراقة بن جشعم المدلجي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فلما
لحقه قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): اللهم إكفنا
سراقة
فساخت
قوائم فرسه، فصاح: يا بن أبي قحافة، قل لصاحبك أن يدعو الله بإطلاق
فرسي، فلعمري لئن لم يصبه مني خير لا يصبه مني شر
فلما
رجع إلى مكة أخبرهم الخبر فكذبوه، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل،
فقال سراقة:
أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي حيث
ساخت قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول الله (9)
المحاوله السابعه – ابو سفيان
والاعرابي
ذكر
البيهقي: كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: أما أحد
يغتال محمدا، فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا، فأتاه رجل من العرب
فدخل عليه منزله، وقال له: إن أنت قويتني خرجت إليه حتى
أغتاله
قال:
أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال: إطوِ أمرك، فإني لا آمن أن
يسمع هذا أحد فينمِه إلى محمد
قال
الأعرابي: لا يعلم به أحد
_____________
(البدايه والنهايه لابن كثير) 9 -
فخرج ليلا على راحلته ثم أقبل يسأل عن رسول الله (صلى الله عليه
واله وسلم ) حتى أتى المصلى، فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد
الأشهل، فخرج يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعقل
راحلته، ثم أقبل يؤمُ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فوجده
في جماعة من أصحابه يحدثهم في مسجدهم
فدخل،
فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قال لأصحابه: إن هذا
الرجل يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد
فوقف،
فقال: أيكم إبن عبد المطلب؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه واله
وسلم ): أنا ابن عبد المطلب، فذهب ينحني على رسول الله (صلى الله
عليه واله وسلم )، كأنه يساره، فجذبه أسيد بن الحضير، وقال له: تنح
عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فإذا الخنجرتحت
إزاره
فقال
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): هذا غادر، وسقط في يدي
الأعرابي، وقال: دمي دمي يا محمد،
فقال
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) أصدقني: ما أنت؟ وما أقدمك؟
فإن صدقتني نفعك الصدق، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت
به
قال
الأعربي: فأنا آمن؟ قال: فأنت آمن
فأخبره
بخبر أبي سفيان وما جعل له
فأمر
به فحبس عند أسيد، ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت،
أو خير لك من ذلك
قال:
وما هو؟ قال (صلى الله عليه واله وسلم ): أن تشهد أن لا إله إلا
الله، وأني رسول الله
قال:
فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله يا محمد ما
كنت أفرق الرجال، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت نفسي، ثم
إطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان، ولم يعلمه أحد، فعرفت
أنك ممنوع، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب
الشيطان
المحاوله الثامنه – محاوله عمير بن وهب
وكان
عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله (صلى
الله عليه واله وسلم ) وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان
إبنه وهب بن عمير في أسارى بدر
فذكر
عمير أصحاب القليب ومصابهم
فقال
صفوان: والله لا خير في العيش بعدهم
قال
له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاءه،
وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن ابني
أسير في أيديهم
قال:
فاغتنمها صفوان وقال
علي
دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شئ
ويعجز عنهم
فقال
له عمير: فاكتم عني شأني وشأنك، قال: أفعل
قال:
ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسمّ، ثم إنطلق حتى قدم المدينة فدنا من
النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ثم قال
أنعموا
صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم
فقال
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): قد أكرمنا الله بتحية خير من
تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة
فقال:
أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد
قال
(صلى الله عليه واله وسلم ): فما جاء بك يا عمير؟
قال:
جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه
قال
(صلى الله عليه واله وسلم ): فما بال السيف في عنقك؟
قال:
قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً
قال
(صلى الله عليه واله وسلم ): أصدقني، ما الذي جئت له؟
قال:
ما جئت إلا لذلك
قال
(صلى الله عليه واله وسلم ): بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر،
فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي
لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني
له، والله حائل بينك وبين ذلك
قال
عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت
تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم
يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله،
فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة
الحق
فقال رسول الله (ص): فقهوا أخاكم في دينه،
وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا (10)
المحاوله التاسعه – محاوله عصابه من زعماء
قريش
قال
الله تعالى:
(وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ
فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(النساء
64))
ذكر
الحسن (ع) في تفسير هذه الآية أن اثني عشر رجلاً من المنافقين
إئتمروا فيما بينهم واجتمعوا على مكيدة لرسول الله فأتاه جبرائيل
فأخبره بها فقال (صلى الله عليه واله وسلم ) إن قوماً دخلوا يريدون
أمراً لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله وليعترفوا بذلك حتى أشفع
لهم فلم يقوموا فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مراراً
الا تقومون فلم يقم أحد منهم فقال (صلى الله عليه واله
وسلم)
قم
يا فلان قم يا فلان حتى عدّ اثني عشر رجلاً ، فقاموا وقالوا: كنا
عزمنا على ما قلت ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا، فاشفع
لنا
قال:
الآن أخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار وكان الله
أقرب إلى الإجابة، أخرجوا عني (11)
___
10 - الاستيعاب في معرفه الاصحاب ص 1221)
11 - جواهر التاريخ ج3 ص 211
الواضح
من هذا النص أن الذين اشتركوا في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه
واله وسلم ) هنا من أعمدة الحزب القرشي الاموي بحيث أبدل الراوي أو
الناشر اسمهم إلى فلان وفلان وفلان
المحاوله العاشره – محاوله رجال قريش الذين دخلواالاسلام لغرض
القضاء عليه من الداخل
حاول
المتسترين بالاسلام من قريش من الطلقاء وابناء الطلقاء قتل النبي
اثناء المعركه ومن بين هؤلاء القوم شيبه بن عثمان
ففي
معركة حنين أراد البعض من الطلقاء اغتيال النبي (صلى الله عليه واله
وسلم ) فلم يفلحوا ومنهم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد
الدار، وكان أبوه قد قتله علي (ع) في معركة أحد
وقال
اليعقوبي
وأبدى
بعض قريش ما كان في نفسه. فقال أبو سفيان: لا تنتهي والله هزيمتهم
دون البحر، وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر، وقال شيبة بن
عثمان: اليوم أقتل محمدا
فقال
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) للعباس: صح يا للأنصار، وصح
يا أهل بيعة الرضوان، صح يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب السمرة. ثم
انفض الناس وفتح الله على نبيه وأيده بجنود من الملائكة ومضى علي بن
أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة
المحاوله
الحاديه عشره – محاولة يهود بني النضير
بعد
وصول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى المدينة، حاولت
طوائف اليهود اغتياله، فخطط يهود بني النضير لإلقاء صخرة عليه أثناء
زيارته لهم، فأخبره الله تعالى بذلك
خرج
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى بني النضير يستعينهم في
الدية، قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم
ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله (صلى
الله عليه واله وسلم ) إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد
فقالوا:
اما من رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه،
فانتدبوا لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه
صخرة
فأتى
النبي الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: لا
تبرحوا، فخرج راجعا إلى المدينة
فلما
استبطأ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) أصحابه قاموا في طلبه،
فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة.
فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حتى انتهوا إليه
فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر، وأمر رسول الله (ص )
بحربهم والسير إليهم، فسار بالناس حتى نزل بهم فتحصنوا منه في
الحصون (12)
____
(12)دلائل النبوه للبيهقي 3/354
المحاوله الثانيه
عشره – محاولة يهود خيبر
واستمر
اليهود في محاولاتهم لقتل الرسول (ص) وفي السنة السابعة وبعد معركة
خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم للنبي (ص) شاة مصلية
وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (ص) فقيل لها
الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها
بين يدي رسول الله (ص) تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم
يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول
الله (ص) فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله (ص) فلفظها ثم قال: إن
هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت فمات بشر بن البراء
من أكلته ولم يأكل رسول الله (ص) من ذلك السم شيئا (13)
المحاوله
الثالثه عشره – محاوله ليله العقبه
وكانت
غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين، وسيطرتهم على جزيرة
العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح عظيما، وبلادهم واسعة،
فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) للسيطرة على
خلافته
ورجع
رسول الله (ص) قافلا من تبوك إلى المدينة
وقال
لاصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي
(ص ) العقبة(والعقبه هي الجبل الذي يعترض الطريق وطريقه صعب ) وأخذ
الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (ص) لما سمعوا
بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (ص)
حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن
يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا
بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (ص )، وأمر حذيفة أن
يردهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن،
وأبصر القوم وهم متلثمون، فرعبهم الله عزوجل حين أبصروا حذيفة،
وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة
حتى أدرك رسول الله (ص)، فلما أدركه، قال: اضرب الراحلة يا حذيفة،
وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى خرجوا من العقبة ينتظرون
الناس،
وكان
النبي (ص) قد قال لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا
منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل،
وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (ص): هل علمتم ما كان شأن الركب وما
أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا
معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا تأمر بهم يا
رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟
قال:
أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم
لهما، وقال: اكتماهم (ابن كثير في البدايه والنهايه)
___
13 - الطبقات 2/201
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأخبرهم بما قالوه
وأجمعوا له فحلفوا بالله ما قالوا
فأنزل
الله تعالى الايه ( 74) سوره التوبه
(يَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ
وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا
وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ
فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا
يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا
نَصِيرٍ ﴿ ٧٤ ﴾
كتم
حذيفه الخبر ولم يبح باسماء هؤلاء النفر من قريش ولكي تعرف مدى قوه
هؤلاء القوم في قريش اليك حديث حذيفه التالي
قال
حذیفة:
لو
كنت على شاطئ نھر، وقد مددت یدي لاغترف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت
یدي إلى فمي حتى أقتل
فلا
عجب اذن ان يقول المؤرخون فلان وفلان ويتحاشون ذكر اسمائهم خوفا على
حياتهم(14)
المحاوله الرابعه عشره - محاوله عامر بن الطفيل
وفي تفسير الثعلبي(5/276):
(قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل وهو مشرك. فقال: دعه فإن يرد الله به خيراً يهده، فأقبل حتى قام عليه فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين، قال: تجعل لي الأمر بعدك. قال: ليس ذلك إليَّ إنما ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء. قال: فاجعلني على الوبر وأنت على المدر، قال الرجل: فماذا يجعل لي؟ قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها.قال: أوليس ذلك لي اليوم؟ قال: لا. قال: قم معي أُكلمك، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يوصي إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فَدُرْ من ورائهِ بالسيف، فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وآله فدار أربد بن ربيعة خلف النبي ص ليضربه فاخترط من سيفه شبراً ثم حبسه الله عنه فلم يقدر على قتله،وعامر يومئ إليه فالتفت رسول الله (ص )فرأى أربد وما منع بسيفه! فقال: اللهم أكفنيهما بما شئت، فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صاح صائف. وولى عامر هارباً، وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلا جرداً وفتياناً مرداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة
المحاولة الخامسه عشره - محاوله دعثور بن الحارث
روى الكليني في الكافي (8/127):
( عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل،
____
14 - تهذيب الكمال 5/507
فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً، فجاء وشد على رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟ فقال: ربي وربك، فنسفه جبرئيل عن فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ السيف، وجلس على صدره وقال: من ينجيك مني يا غورث؟ فقال: جودك وكرمك يا محمد! فتركه، فقام وهو يقول:
والله لأنت خير مني وأكرم
المحاولة السادسه عشره - محاوله النضر بن الحارث العبدري
في المناقب (1/68):
(خرج النبي صلى الله عليه وآله للحاجة في وسط النهار بعيداً فبلغ إلى أسفل ثنية الحجون فاتبعه النضر بن الحارث يرجو أن يغتاله، فلما دنا منه عاد راجعاً فلقيه أبوجهل فقال: من أين جئت ؟ قال:كنت طمعت أن أغتال محمداً فلما قربت منه فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها. فقال أبوجهل: هذا بعض سحره
المحاوله السابعه عشره - قريش تقتل رسول الله (ص ) وتستلم السلطه
أمر رسول الله بتجهيز حمله أسامه وأمر كبار الصحابه من قريش بالانضمام للحمله
اتخذت قريش قرارا عاجلا بقتل رسول الله (ص) وذلك للاسباب
التاليه:
اولا
: إن
الحزب القرشي قد عرف هدف الرسول (ص) من حمله أسامه التي وضع فيها
كبار وجوه قريش
ثانيا
: كان
مقصد الحملة بلاد الشام وهي بلاد بعيدة تحتاج إلى فترة طويلة للذهاب
والعودة
ثالثا: كان
النبي (ص) قد عين عليا (ع) وصياً له في يوم الغدير أي في تلك الفترة
الزمنية
رابعا
: لقد
أخبر الرسول (ص) عن وفاته القريبة وهذا يعني ذهاب الخلافة إلى علي
بن أبي طالب الذي بايعه النبي وجميع المسلمين في غدير خم
وهذا
مالا تقبله قريش ابدا كما اعترف بذلك عمر بن الخطاب حيث
قال
(لاتجتمع
النبوه والامامه في بني هاشم ابدا) (15)
لذلك
صدر قرار قريش في التخلف عن الحمله او التريث في الخروج وقتل محمد
(ص ) بصوره سريه وعاجله وذلك بدسم السم له لكي يتسنى لهم اختطاف
السلطه
تفاصيل
الخطه
طلبت
عائشه ان يكون تمريض رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) في بيتها
وكان رسول الله (ص) يغمى عليه ويفيق من شده الحمى وقد حاولوا أن
يلدّوه ( واللدود هو نوع من الادويه يعطى للمريض) ولكن اللدود الذي
أُعطي للرسول (ص) كان ممزوجا بسم من الحبشه
فعندما
أفاق الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) نهاهم عن ذلك وقال
لهم
____
15 -تاريخ الطبري 2/438
(الم أقل لكم لا تلدوني)
فقالوا
لدفع التهمه عنهم إن العباس هو من أعطاك اللدود
(16)
وعن
عائشة قالت: لددنا رسول الله (ص في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا
تلدوني)
قلنا:
كراهية المريض للدواء
وأيد
الحاكم في كتابه المستدرك على الصحيحين مقتل الرسول (ص)
بالسم
وقال
الشعبي:
والله
لقد سمَّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) (17)
وقبل ان يفارق الدنيا أراد أن يكتب للامه وصيه لاتضل بعدها
أبدا
فهم
عمر ومجموعه من قريش كانوا حول سرير رسول الله (ص) مايريد فمنعوه من
كتابه الكتاب وقالوا حسبنا كتاب الله ان النبي غلبه الوجع وفي لفظ
اخر إن النبي يهجر
عن
إبن عباس (ر) قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت
رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي (ص) : هلم أكتب لكم كتابا
لا تضلوا بعده ، فقال عمر : أن النبي (ص) قد غلب عليه الوجع
وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من
يقول : قربوا يكتب لكم النبي (ص) كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من
يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (ص
) ، قال رسول الله:
قوموا ، قال عبيد الله : فكان ابن عباس ، يقول إن
الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم
ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (18)
وفي
لفظ اخر ..وعن ابن عباس يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول
الله (ص ) وجعه ، فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا
، فتنازعوا ، فقالوا : ما شأنه أهجر؟ استفهموه فذهبوا يردون عليه ،
فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ،(19)
إنقلب
اليهود على موسى (ع) وعبدوا العجل وإنقلب النصارى على المسيح وباعوه
بدراهم معدوده لليهود وإنقلبت امه محمد (ص) بدافع الحسد والنزاع على
السلطه وكره الدين الجديد على نبيها محمد (ص)
___
16 - سنن البخاري 7/17
17 - مستدرك الحاكم 3/60
18 - صحيح البخاري ج7 ص 9
19 - صحيح البخاري ج5
وقال الله تعالى:
(وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ
أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ( ال عمران144)
وقال
تعالى :
(أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ ﴿ 2 ﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ) ﴿ العنكبوت3 ﴾
سقطت
قريش في الفتنه بدافع الحسد والتنازع على السلطه و العصبيه القبليه
وكرهها لبني هاشم
رفضت
قريش ان يكتب لهم رسول الله وصيه لن يضلوا بعدها ابدا
وقالوا
(حسبنا
كتاب الله )
وذلك
يعني تخلي صريح عن الحديث والسنه النبويه فرفضوا الحديث ومنعوا
تدوينه وحرقوا المدون منه ومنعوا التحديث بما يعارض مصالحهم
عقودا
ولنستعرض سيره ابو سفيان في نقاط
1- ابو سفيان قائد ائمه الكفر بنص القران الكريم
قال تعالى :
(فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون.) (التوبة: 12)
وفي تفسير الطبري 10 / 114، والحاكم: 2 / 332
عن مجاهد عن ابن عمر في قوله: فقاتلوا أئمة الكفر، قال: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله وهموا بإخراج الرسول من مكة
وكان أبو سفيان من زنادقة قريش، أي ملحدا (المحبر / 79 و 161)
سارع أبو سفيان مع زعماء قريش إلى تكذيب دعوة النبي صلى الله عليه وآله، وقاد قريشا في كل حروبها مع النبي صلى الله عليه وآله فهو إمام أئمة الكفر الذين أنزل الله فيهم الايه السابقه
2 - قريش بقياده ابو سفيان تحاصر محمد (ص) وبني هاشم ليموتوا جوعا وعطشا
إجتمع زعماء قريش، وقرَّروا أنْ يقاطعوا أبا طالب وبني هاشم، ، مقاطعة اقتصاديّة واجتماعيّة، وكتبوا عهداً بذلك وعلّقوه في جوف الكعبة
وممّا جاء في تلك الصحيفة الظالمة: ألاّ يبايعوا أحداً من بني هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يعاملوهم، حتّى يدفعوا إليهم محمّداً فيقتلوه...وقد مر تفصيل ذلك
3- ابو سفيان مؤسس التحالف الاموي القرشي اليهودي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) الاحزاب
قال الشيخ علي الكوراني في (الصحيح من السيرة: 9 / 184)
تحالف ابو سفيان مع اليهود للقضاء على الإسلام فعملوا معا ضد النبي صلى الله عليه وآله ونشطوا على مدى سنتين يستنفرون قبائل العرب ويعقدون معهم التحالفات، حتى حشدوا جيشا كبيرا بلغ أكثر من أربعة آلاف مقاتل وغزوا به المدينة ليستأصلوا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه بزعمهم، فكانت معركة الخندق التي تلقوا فيها هزيمة قوية غير منتظرة
اجتماع مكه
وقد تحدثت مصادر التاريخ والسيرة عن الزيارات المتبادلة بين أبي سفيان واليهود، ونشاطهم المشترك في تحريك قبائل العرب فقد جاء قادة اليهود في وفد رسمي إلى مكة في أربعين راكبا أو أكثر برئاسة كعب بن الأشرف، وعقدوا جلساتهم مع عدد من رؤساء بطون قريش، وكان صاحب عقدهم وعهدهم الحاخام كعب بن أسد الذي كان وقع عهدا مع النبي صلى الله عليه وآله على قومه وكان حيي بن أخطب سيد بني النضير يقول لقريش: إن قومي بني قريظة معكم وهم أهل حلقة وافرة، وهم سبع مئة مقاتل وخمسون مقاتلا.
فطافوا على وجوه قريش ودعوهم إلى حرب النبي... فقالوا لقريش: نحن معكم حتى نستأصل محمدا... قال أبو سفيان: هذا الذي أقدمكم ونازعكم؟ قالوا: نعم جئنا لنحالفكم على عداوة محمد وقتاله. قال أبو سفيان: مرحبا وأهلا، أحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد.
اليهود لا دين لهم
قال تعالى :
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا). (النساء: 50)
وسبب نزول هذه الايه ان أبو سفيان قال : يا معشر اليهود أنتم أهل الكتاب الأول والعلم، أخبرونا عما أصبحنا فيه نحن ومحمد، ديننا خير أم دين محمد؟ فنحن عمار البيت، وننحر الكوم (الناقة السمينة) ونسقي الحجيج، ونعبد الأصنام؟
قالوا: اللهم أنتم أولى بالحق، إنكم لتعظمون هذا البيت وتقومون على السقاية وتنحرون البدن، وتعبدون ما كان عليه آباؤكم، فأنتم أولى بالحق منه. فأنزل الله تعالى الايه اعلاه
التحالف يجيش الجيش لغزو المدينه
فلما قالوا ذلك لقريش نشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت اليهود حتى أتت غطفان، وقيس عيلان، وأخذت قريش في الجهاز، وسيرت في العرب تدعوهم إلى نصرها، وألبوا أحابيشهم ومن تبعهم، ثم خرجت اليهود حتى جاؤوا بني سليم، فوعدوهم يخرجون معهم إذا سارت قريش، ثم ساروا في غطفان فجعلوا لهم تمر خيبر سنة وينصرونهم ويسيرون مع قريش إلى محمد إذا ساروا، فأنعمت بذلك غطفان،
جيش التحالف يحاصر المدينه
وعندما زحف أبو سفيان بجيش الأحزاب إلى المدينة وحاصرها، تحرك معهم اليهود وكانت حصونهم قرب المدينة، فقام كعب بنقض عهده مع النبي صلى الله عليه وآله ومزق الصحيفة التي كان فيها العقد، وجمع رؤساء قومه وهم: الزبير بن باطا، وشاس بن قيس، وعزال بن ميمون، وعقبة بن زيد، وأعلمهم بما صنع من نقض العهد
لكن اليهود جبنوا عن الخروج إلى ساحة المعركة فتصور أبو سفيان أنهم غدروا به، وبرز بطلهم عمرو بن ود ورفقاؤه فعبر الخندق وطلب المبارزة فبرز له علي عليه السلام فقتله ثم برز له ابنه فقتله ففت ذلك في عضد أبي سفيان والأحزاب فارتبك معسكرهم وسارعوا بالانسحاب والهزيمة
4- ابو سفيان والطلقاء ليسوا من امه محمد (ص)
ورد في مسند أحمد: 4 / 363 بروايتين، ومجمع الزوائد: 10 / 15
قال صلى الله عليه وآله:
(المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة).
ويقول الشيخ علي الكوراني في كتاب جواهر التاريخ متحدثا عن الطلقاء والعتقاء :
(فإشهارهم للإسلام لا يترتب عليه أكثر من حفظ دمائهم وإجراء أحكام الإسلام العامة عليهم مع التأكيد على أنهم بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله ليسوا من صلب أمته، فأمته هم المهاجرون والأنصار وأبناؤهم ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة، أما طلقاء قريش وعتقاء ثقيف وذرياتهم فهم دائرة مستقلة ملحقة بالأمة الإسلامية إلحاقا )
5- ابو سفيان ومعاويه بن ابي سفيان من المؤلفه قلوبهم
وبعد انتصار النبي صلى الله عليه وآله في حنين، طبق مع زعماء قريش سياسة المؤلفة قلوبهم عسى أن يحسن المال تفكيرهم فيرون الحق! فكانت حصة أبي سفيان وافرة: (فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير، وأعطى ابنه معاوية مائة بعير، وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير،
تاريخ الطبري: 2 / 358، ونحوه ابن هشام: 4 / 929، وتاريخ اليعقوبي
6 - ابو سفيان منافق
ودخل أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وآله يوما، فقال: يا رسول الله (ص)! أريد أن أسألك عن شئ؟. فقال صلى الله عليه وآله: إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني
قال: افعل. قال: أردت أن تسأل عن مبلغ عمري؟. فقال: نعم يا رسول الله (ص)
فقال: إني أعيش ثلاثا وستين سنة. فقال: أشهد أنك صادق. فقال صلى الله عليه وآله: بلسانك دون قلبك
قال ابن عباس: والله ما كان إلا منافقا، ولقد كنا في محفل فيه أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي صلوات الله عليه فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، قال أبو سفيان: هاهنا من يحتشم (2)؟
قال واحد من القوم: لا. فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه؟. فقال علي عليه السلام: أسخن الله عينك (اي ابكى) يا أبا سفيان: الله فعل ذلك بقوله عز من قائل
[ورفعنا لك ذكرك] (الانشراح 4)
فقال أبو سفيان: أسخن الله عين من قال لي ليس هاهنا من يحتشم
7 - ابو سفيان يفرح بتولي عثمان الاموي الخلافه
وورد في بحار الانوار للمجلس ج8 ص 108
وقد بلغ فرح أبي سفيان بخلافة عثمان حدا أفقده توازنه ولعله لم ينم ليلته تلك من شدة فرحه، فقد صار عثمان الأموي رئيس دولة محمد الهاشمي وكثرت فلتات لسان أبي سفيان فما أن تمت البيعة لعثمان حتى دخل إلى بيته ودخل إليه بنو أمية (حتى امتلأت بهم الدار ثم أغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان بن حرب: أعندكم أحد من غيركم، قالوا: لا، قال: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة
8 - التحالف والتخطيط السياسي للانقضاض على الاسلام
وينبغي الإشارة إلى دور حاخامات اليهود في التخطيط لأبي سفيان وتوجيهه لسوق الأمر إلى بني أمية، فقد كانت تربطه معهم في الجاهلية والإسلام علاقات صداقة وتحالف حميمة، وعمل مخططوهم في المدينة وخيبر والجزيرة واليمن بفعالية ودهاء يهودي لكي يرث بنو أمية خلافة النبي صلى الله عليه وآله ودفعوا بالأحداث في هذا الاتجاه، ومنها قتل أبي بكر بالسم، ثم التخلي عن عثمان، وبعضهم يرى أن قتل عمر من خططهم وكان عدد هؤلاء الحاخامات المخططين نحو خمسين شخصا، وهم جديرون بدراسة خاصة وقد تواصلت علاقتهم مع القرشيين عامة ومع بني عبد الدار وبني أمية خاصة
9 - كعب الاحبار يبشر بخلافه عثمان
وروى المؤرخون والمحدثون أن كعب الأحبار كان يبشر في خلافة عثمان بخلافة معاوية، وهذا يدل على علاقة اليهود الخاصة بآل أبي سفيان
وفي الصواعق لابن حجر: 2 / 629
ونص عدد من هذه المصادر على صحته، وذكر بعضها أن الحادي كان يقول
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي
فقال له كعب: كذبت بل هو صاحب البغلة الشهباء، يعني معاوية
كما رووا أن معاوية طلب من عثمان أن ينقل عاصمة الخلافة إلى الشام ومعناه أن يكون ضيفا لمعاوية ويرتب له الأمر بعده، كما فعل أبو بكر لعمر
وقد أشاع كعب أن عاصمة هذا النبي صلى الله عليه وآله في الشام لا في المدينة أو العراق ففي سنن الدارمي: 1 / 4:
(عن أبي صالح قال قال كعب: نجده مكتوبا: محمد رسول الله، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ومولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام). انتهى
وبذلك يتضح أن اليهود كانوا هم المخططين لحرب الأحزاب، ولخلافة ابن أبي سفيان، ونقل عاصمة الإسلام إلى الشام بدل الحجاز أو العراق
10 - بانت حقيقه ابو سفيان للعلن بعد استلام عثمان الخلافه
ابو سفيان يتشفى ويركل قبر الحمزه بقدمه
طلب ابو سفيان في أواخر خلافة عثمان وكان عمره 93 أن يقودوه إلى قبر حمزة حتى إذا لمسه بيده، ركله برجله وقال
(يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه أمس صار في يد غلماننا يتلعبون به) (شرح النهج: 4 / 51)
تواترت الروايات في مصادر السنة والشيعة أن قلب أبي سفيان كان ممتلئا فكان يفقد السيطرة أحيانا فتخرج منه كلمات الكفر الكامنة في قلبه
الفصل الاول
احاديث في ذم ولعن معاويه
قال الشيخ حسن بن فرحان :
(فقد زرع معاويه ديناً مكان دين، وقدوة مكان قدوة، وكتاباً بدلاً من كتاب، وصحابة بدلاً من صحابة، ومباديء طردت مباديء أخرى وخلق لنا في كل زمان فئه باغيه )
1- ورد في صحيح البخاري الرقم او الصفحه 447:
عَنْ عِكْرِمَةَ، قالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ ولِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إلى أبِي سَعِيدٍ فَاسْمعا مِن حَديثِهِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هو في حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فأخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حتَّى أتَى ذِكْرُ بنَاءِ المَسْجِدِ، فَقالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عنْه، ويقولُ:
( ويْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إلى الجَنَّةِ، ويَدْعُونَهُ إلى النَّارِ )
2- وفي السلسله الصحيحه للالباني 5/19
عن أبي غاديةَ قال سمعتُ عمَّارَ بنَ ياسرٍ يقعُ في عثمانَ يشتُمُه بالمدينةِ قال فتوعَّدتُه بالقتلِ قلتُ لئن أمكنَني اللهُ منكَ لأفعلنَّ فلما كان يومُ صِفِّينَ جعل عمارٌ يحملُ على الناسِ فقيل هذا عمَّارٌ فرأيتُ فُرجةً بين الرِّئتينِ وبين السَّاقَينِ قال فحملتُ عليه فطعنتُه في رُكبته قال فوقع فقتلتُه فقيل قتلتَ عمَّارَ بنَ ياسرٍ وأُخبِر عمرو بنُ العاصِ فقال سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول:
( قاتِلُ عمارٍ وسالبُه في النارِ )
3- وقال الخوارزمي في المناقب ج1ص176 ح212
عن أمير المؤمنين (ع)، أنه قال:
(عهد إليَّ رسولُ الله (ص) أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. فقيل له: يا أمير المؤمنين، مَن الناكثون؟ قال: الناكثون: أصحاب الجمل، والمارقون: الخوارج، والقاسطون: أهل الشام )
4- وفي السلسله الصحيحه للالباني عن ابو ذر الغفاري قال قال رسول الله :
(أولُ ما يُغَيِّرُ سُنَّتِي رجلٌ من بني أُمَيَّةَ ) والمقصود بذلك معاويه
5- ورد في أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 120):
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي، قال: وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء، فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء، قال: فطلع معاوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو هذا)
6- روى البلاذري في أنساب الأشراف:
حدثنا خلف حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى أم سلمة أن النبي (ص) كان جالساً فمر أبو سفيان ومعه معاوية وأخ له أحدهما يقود البعير والآخر يسوقه فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
(لعن الله الحامل والمحمول والقائد والسائق)
7 - وفي مسند احمد عن ابي هريره قال قال رسول الله (ص)
( لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع لا يؤمن بالله ورسوله)
ويقول الشيخ حسن فرحان المالكي بنفسير ذلك :
وهما يزيد بن معاوية وأبيه ، والقرائن على ذلك قائمة في الأحاديث نفسها من كون ذلك اللكع الثاني ( يزيد) سيأتي على رأس ستين! ومعنى لكع بن لكع، يعني متهم ابن متهم، أو منافق ابن منافق، أو ملعون ابن ملعون، أو خبيث ابن خبيث، أو لئيم ابن لئيم، على اختلاف بين أهل العلم في تفسير ذلك، روي من طرق صحيحة عن أبي هريرة ( عند الإمام أحمد في المسند بسند صحيح) وعن أبي بردة بن نيار (عند ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم بسند قوي) وروي عن أنس بن مالك ( في صحيح ابن حبان بسند صحيح)، وهو مروي عن أم سلمة وابنتها زينب وعمر وحذيفة وأبي ذر
8 - وفي السلسله الصحيحه للالباني (ص 82)عن عبد الله بن عباس انه قال:
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بعث إلى معاويةَ لِيكتُبَ له فقال إنه يأكلُ ثم بعث إليه فقال إنه يأكلُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:
( لا أشبعَ اللهُ بطنَه )
9 - روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين قال: وحدثنا الحكم أيضاً عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قالا:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
( إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فأضربوا عنقه) (وقعة صفين : 216)
10 – وفي صحيح مسلم ص 78 قالَ عَلِيٌّ عليه السلام:
والذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إنَّه لَعَهْدُ النبيِّ الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلَيَّ: أنْ لا يُحِبَّنِي إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضَنِي إلَّا مُنافِقٌ
11 - وفي صحيح الجامع للالباني ص او رقم 7629 عن البراء بن عازب قال قال رسول الله (ص ):
(لا يُحِبُّ الأنصارَ إلا مؤمنٌ ، ولا يُبْغِضُهم إلا منافقٌ ، ومَن أَحَبَّهم أَحَبَّهُ اللهُ ، ومَن أَبْغَضَهم أَبْغَضَه اللهُ )
وكان معاوية من اكبر مبغضي الأنصار، وله معهم مواقف كثيرة في قطع العطاء وذمهم وهجائهم وظلمهم والوصية بسفك دمائهم التي كان من نتائجها مجزرة الحرة.
وقال رسول الله (ص) ( سترون بعدي أثرة) وقد جابهوا به معاوية فسخر منه وقال ( اصبروا حتى تلقوه على الحوض، لعلكم تلقونه هناك)! وبهذه السخرية مالت المعتزلة إلى تكفير معاوية،
ونكتفي بهذا القدر من من الاحاديث الوارده في ذم معاويه
اختلق معاويه واعلامه احاديث مكذوبه ترفع مكانته الى مصاف الانبياء
رفع الاعلام الاموي معاويه الى مصاف الانبياء محاربه لله ولرسوله واهل بيته ورضخت الامه طوعا او كرها للاعلام الاموي
اورد الذهبي في سير اعلام النبلاء ج7 ص 131مايلي :
قال أبو فروة ، يزيد بن محمد الرهاوي : سمعت أبي يقول : قلت لعيسى بن يونس : أيهما أفضل : الأوزاعي أو سفيان ؟ فقال : وأين أنت من سفيان ؟ قلت : يا أبا عمرو : ذهبت بك العراقية ، الأوزاعي ، فقهه ، وفضله ، وعلمه ! فغضب ، وقال : أتراني أؤثر على الحق شيئا سمعت الأوزاعي يقول : ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي بالنفاق ، وتبرأنا منه ، وأخذ علينا بذلك الطلاق والعتاق وأيمان البيعة ، قال : فلما عقلت أمري ، سألت مكحولا ويحيى بن أبي كثير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، فقال : ليس عليك شيء ، إنما أنت مكره ، فلم تقر عيني . حتى فارقت نسائي ، وأعتقت رقيقي ، وخرجت من مالي ، وكفرت أيماني . فأخبرني : سفيان كان يفعل ذلك ؟
احصى الشيخ الاميني في موسوعه الغدير ج11 وميزان الاعتدال للذهبي ج2 وسير اعلام النبلاء ج3 والبدايه والنهايه ج11 وغيرهم الكثير من العلماء والمؤرخين مجموعه كبيره من الاحاديث المختلقه الوارده في( مناقب) معاويه وقد عدّوها من الاحاديث الموضوعه
ولم يَعدّ علماء ومؤرخوا القرن الاول تلك الاحاديث موضوعه اما خوفا او طمعا بما في يد معاويه حتى اصبحت دينا بدلا من دين محمد (ص) وسنه محل سنته وتسلل بعضها الى كتب المسلمين لتفسد حاضرنا بعدما افسدت ماضينا وخلقت لنا في كل زمان فئه باغيه
واليكم مختصرا بعضا من تلك الاحاديث :
1- ورد في ميزان الاعتدال للذهبي - ج ٢ - الصفحة ٤١٠
(معاويه في روضه تحت العرش يناجيه ربه ثمانين عاما قبل ان يعثر عليه رسول الله )
2- حدثنا عبد الله، حدثنا سريج، أنبأنا هشيم، عن يسار، عن ثابت، عن أنس - مرفوعا - قال:
( لا أفتقد أحدا من أصحابي غير معاوية، لا أراه ثمانين عاما، ثم يقبل إلى علي ناقة من المسك حشوها من الرحمة، قوائمها من الزبرجد، فأقول: أين كنت؟
فيقول: كنت في روضة تحت عرش ربي يناجيني وأناجيه، ويقول: هذا عوض لما كنت تشتم في الدنيا )
3- الله يهدي معاويه قلما من فوق عرشه الى معاويه ويامر النبي محمد (ص) بايصاله له
ورد في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال لي: إن العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يقول لك: حبيبي، قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان، فأوصله إليه، ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم، ويشكله ويعجمه، ويعرضه عليك)
4 – الله يسلم على معاويه ويوصي الرسول محمد به فانه نعم الامين
ورد في البدايه والنهايه لابن كثيرج11 ص402
وقال المسيب بن واضح ، عن أبي إسحاق الفزاري ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : أتى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (يا محمد ، أقرئ معاوية السلام ، واستوص به خيرا ; فإنه أمين الله على كتابه وحيه ، ونعم الأمين )
5- الرسول (ص) يستشير جبرائيل بمعاويه فيقول اسكتبته فانه امين
ورد في البدايه والنهايه ج 11 ص 402
أورد ابن عساكر من وجه آخر ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، ثم أورده أيضا من رواية علي وجابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار جبريل في استكتابه معاوية ، فقال :
استكتبه فإنه أمين
وفي سير اعلم النبلاء للذهبي ج 3 والغدير - الشيخ الأميني - ج ١١ - الصفحة ٧٧
6 – الله سبحانه وتعالى يقول لمحمد (ص) ليس لك ان تعزل معاويه
عن مري الحوراني ، عن رجل : نزل جبريل ، فقال :
( يا محمد ليس لك أن تعزل من اختاره الله لكتابة وحيه ، فأقره إنه أمين )
7 - عن سعد مرفوعا : يحشر معاوية وعليه حلة من نور
8 – هديه رب العالمين من فوق العرش لمعاويه فقط دون رسول الله (ص)
عن أنس : هبط جبريل بقلم من ذهب ، فقال يا محمد : إن العلي الأعلى يقول :
(قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية ، فمره أن يكتب آية الكرسي به ويشكله ويعجمه ، فذكر خبرا طويلا)
9 – هديه الله لمعاويه وصلت الى مافوق اذن معاويه
وعن ابن عباس ، قال : لما أنزلت آية الكرسي ، دعا معاوية ، فلم يجد قلما ، وذلك أن الله أمر جبريل أن يأخذ الأقلام من دواته ، فقام ليجيء بقلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : (خذ القلم من أذنك ، فإذا قلم ذهب مكتوب عليه لا إله إلا الله ، هدية من الله إلى أمينه معاوية)
10 - وعن عائشة مرفوعا : (كأني أنظر إلى سويقتي معاوية ترفلان في الجنة)
11 - عن علي ، قال :
(لأخرجن ما في عنقي لمعاوية ، قد استكتبه نبي الله وأنا جالس ، فعلمت أن ذلك لم يكن من رسول الله ، ولكن من الله )
12- ورد في كتاب الزيادات على الموضوعات للسيوطي حديث 293
حدثنا داود بن عفَّان حدّثنا أنس بن مالك مرفوعًا:
(الأمناء سبعة: اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية بن أبي سفيان)
13 – وفي سير اعلام النبلاء ج3 ص130 عن زيد بن ثابت : دخل النبي - عليه السلام - على أم حبيبة ، ومعاوية نائم على فخذها ، فقال : ( أتحبينه ؟ قالت : نعم . قال : لله أشد حبا له منك له ، كأني أراه على رفارف الجنة )
14 - عن جعفر : أنه أهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - سفرجل ، فأعطى معاوية منه ثلاثا وقال القني بهن في الجنة
قلت : وجعفر قد استشهد قبل قدوم معاوية مسلما
وعن حذيفة مرفوعا : يبعث معاوية وعليه رداء من نور الإيمان 15 -
16- عن أبي سعيد مرفوعا : يخرج معاوية من قبره عليه رداء من سندس مرصع بالدر والياقوت
عن علي : أن جبريل نزل ، فقال : استكتب معاوية ، فإنه أمين 17 –
18- واصبح معاويه بمرتبه النبي (ص)
أبو هريرة مرفوعا : الأمناء ثلاثة ; أنا ، وجبريل ، ومعاوية
19 -أبو هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ناول معاوية سهما ، وقال :
خذه حتى توافيني به في الجنة
20 – وحده معاويه في روضه تحت العرش سبعين عاما قبل ان يذهب للقاء رسول الله
أنس مرفوعا : قال رسول الله :
(لا أفتقد أحدا غير معاوية ، لا أراه سبعين عاما ; فإذا كان بعد أقبل على ناقة من المسك ، فأقول : أين كنت ؟ فيقول : في روضة تحت العرش )
21 – حب معاويه فريضه جديده على امه محمد
وفي ص 131 من سير اعلام النبلاء للذهبي
وعن بعضهم : (جاء جبريل بورقة آس عليها : لا إله إلا الله ، حب معاوية فرض على عبادي)
22 – الحمد لله فان معاويه لايسبق رسول الله بالدخول الى الجنه بل يزاحمه على الباب
عن ابن عمر مرفوعا : (يا معاوية ; أنت مني وأنا منك ، لتزاحمني على باب الجنة )
23- يقول الله سبحانه لا يحق لك يارسول الله تغيير معاويه
وفي الغدير للاميني ج5 ص262
أخبر رجل عن رجل قال: اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قالوا: يا رسول الله! غدونا ليك لنذكر لك بعض أمورنا، إن الله قد تفضل بهذه الرسالة فشرفك، بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أن غيره من أهل بيتك أولى به لك منه قال: نعم. انظروا في رجل غيره قال: وكان الوحي ينزل في كل أربعة أيام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوما لا ينزل، فلما كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب:
(يا محمد! ليس لك أن تغير من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره فإنه أمين، فأقره )
وكاد معاويه ان يبعث نبيا 24 –
وفي نفس الصفحه من المصدر السابق
عن واثلة مرفوعا:( إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية، وكاد أن يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي، يغفر الله لمعاوية ذنوبه، ووقاه حسابه، وعلمه كتابه، وجعله هاديا مهديا وهدى به)
25 – وفي الصفحه 276عن سعد: إن النبي صلى الله عليه وآله قال لمعاوية:
(إنه يحشر وعليه حلة من نور ظاهرها من الرحمة، وباطنها من الرضا، يفتخر بها في الجمع. لكتابة الوحي )
26 -أخرج البخاري في تاريخه ج4 ص 180 عن إسحاق بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال:
كان معاوية ردف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاوية ما يليني منك؟ قال: بطني قال صلى الله عليه وسلم:
(اللهم املأه علما وحلما). وذكره الذهبي في الميزان 3: 268
وتقول عائشة
أين كان حلمه حين قتل حجرا وأصحابه ؟ ويل له من حجر وأصحابه
وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم: هل كان معاوية إلا معدن السفه؟
والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكيا فاستوى جالسا ثم قال: يا جارية غنيني فاليوم قرت عيني فأنشأت تقول
ألا أبلغ معاوية بن حرب * فلا قرت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا * بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا * وأفضلهم ومن ركب السفينا
فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها، أين كان حلمه ذلك اليوم؟ والذي جاء في بطن معاوية من الحديث المتسالم عليه إنما هو إنه صلى الله عليه وآله دعا عليه وقال: لا أشبع الله بطنه. وأما غيره فحديث إفك لا يؤبه به
27 - أخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه 8 ص 121 من طريق نصير عن أبي هلال محمد بن سليم حدثنا جبلة عن رجل عن مسلمة بن مخلد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم علم معاوية الكتاب، ومكن له في البلاد)
الباب الثالث
الامام الحسن يختصر لنا حقيقه بني اميه في جلسه واحده
يقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغه - ج ٦ - الصفحة ٢٨٥
روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات، قال: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وعتبة بن أبي سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة، وقد كان بلغهم عن الحسن بن علي عليه السلام قوارص، وبلغه عنهم مثل ذلك، فقالوا
يا أمير المؤمنين، إن الحسن قد أحيا أباه وذكره، وقال فصدق، وأمر فأطيع، وخفقت له النعال، وإن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوءنا
قال معاوية، فما تريدون؟ قالوا: ابعث عليه فليحضر لنسبه ونسب أباه، ونعيره ونوبخه، ونخبره أن أباه قتل عثمان ونقرره بذلك، ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا، من ذلك
فتكلم الحسن بن علي عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله، ثم قال:
أما بعد يا معاوية، فما هؤلاء شتموني ولكنك شتمتني، فحشا ألفته وسوء رأى عرفت به، وخلقا شيئا ثبت عليه، وبغيا علينا، عداوة منك لمحمد وأهله، ولكن اسمع يا معاوية، واسمعوا فلأقولن فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم
أنشد كم الله أيها الرهط، أتعلمون أن الذي شتمتموه منذ اليوم، صلى القبلتين كليهما وأنت يا معاوية بهما كافر تراها ضلالة، وتعبد اللات والعزى غواية
وأنشدكم الله هل تعلمون أنه بايع البيعتين كليهما بيعة الفتح وبيعة الرضوان، وأنت يا معاوية بإحداهما كافر، وبالأخرى ناكث
وأنشدكم الله هل تعلمون أنه أول الناس إيمانا، وأنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم، تسرون الكفر، وتظهرون الاسلام، وتستمالون بالأموال
وأنشدكم الله ألستم تعلمون أنه كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله، يوم بدر، وأن راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه، ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفى كل ذلك يفتح الله له ويفلج حجته، وينصر دعوته، ويصدق حديثه، ورسول الله صلى الله عليه وآله في تلك المواطن كلها عنه راض وعليك وعلى أبيك ساخط
وأنشدك الله يا معاوية، أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر، وأنت تسوقه، وأخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: (اللهم العن الراكب والقائد والسائق)
أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لما هم أن يسلم، تنهاه عن ذلك
يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا * بعد الذين ببدر أصبحوا فرقا
خالي وعمى وعم الام ثالثهم * وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا
لا تركنن إلى أمر تكلفنا * والراقصات به في مكة الخرقا
فالموت أهون من قول العداة لقد * حاد ابن حرب عن العزى إذا فرقا
والله لما أخفيت من أمرك أكبر مما أبديت
وأنشدكم الله أيها الرهط، أتعلمون أن عليا حرم الشهوات على نفسه بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل فيه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم﴾
وأن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم فهزموا، فبعث عليا بالراية، فاستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله، وفعل في خيبر مثلها
ثم قال: يا معاوية أظنك لا تعلم أنى أعلم ما دعا به عليك رسول الله صلى الله عليه وآله لما أراد أن يكتب كتابا إلى بنى خزيمة، فبعث إليك [ابن عباس، فوجدك تأكل، ثم بعثه إليك مرة أخرى فوجدك تأكل، فدعا عليك الرسول بجوعك] ونهمك إلى أن تموت
وأنتم إيها الرهط: نشدتكم الله، ألا تعلمون أن رسول الله صلى إليه عليه وآله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردها
أولها : يوم لقى رسول الله صلى الله عليه وآله خارجا من مكة إلى الطائف، يدعو ثقيفا إلى الدين، فوقع به وسبه وسفهه وشتمه وكذبه وتوعده، وهم أن يبطش به، فلعنه الله ورسوله وصرف عنه
والثانية : يوم العير، إذ عرض لها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي جائية من الشام، فطردها أبو سفيان، وساحل بها، فلم يظفر المسلمون بها، ولعنه رسول الله صلى الله عليه وآله، ودعا عليه، فكانت وقعة بدر لأجلها.
والثالثة : يوم أحد، حيث وقف تحت الجبل، ورسول الله صلى الله عليه وآله في أعلاه، وهو ينادى: أعل هبل! مرارا، فلعنه رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات، ولعنه المسلمون. والرابعة : يوم جاء بالأحزاب وغطفان واليهود، فلعنه رسول الله وابتهل
والخامسة : يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن المسجد الحرام، والهدى معكوفا أن يبلغ محله، ذلك يوم الحديبية، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان، ولعن القادة والاتباع، وقال: (ملعونون كلهم، وليس فيهم من يؤمن)، فقيل: يا رسول الله، أفما يرجى الاسلام لأحد منهم فكيف باللعنة؟ فقال
(لا تصيب اللعنة أحدا من الاتباع، وأما القادة فلا يفلح منهم أحد)
والسادسة : يوم الجمل الأحمر
والسابعة : يوم وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة ليستنفروا ناقته، وكانوا اثنى عشر رجلا، منهم أبو سفيان. فهذا لك يا معاوية
وأما أنت يا بن العاص، فإن أمرك مشترك، وضعتك أمك مجهولا، من عهر وسفاح، فيك أربعة من قريش، فغلب عليك جزارها، ألأمهم حسبا، وأخبثهم منصبا، ثم قام أبوك فقال: أنا شانئ محمد الأبتر، فأنزل الله فيه ما أنزل
وقاتلت رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع المشاهد، وهجوته وآذيته بمكة وكدته كيدك كله، وكنت من أشد الناس له تكذيبا وعداوة
ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة، لتأتي بجعفر وأصحابه إلى أهل مكة، فلما أخطاك ما رجوت ورجعك الله خائبا، وأكذبك واشيا، جعلت حدك على صاحبك عمارة بن الوليد، فوشيت به إلى النجاشي، حسدا لما ارتكب، مع حليلتك، ففضحك الله وفضح صاحبك
فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والاسلام. ثم إنك تعلم وكل هؤلاء الرهط يعلمون إنك هجوت رسول الله صلى الله عليه وآله بسبعين بيتا من الشعر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة)، فعليك إذا من الله مالا يحصى من اللعن
وأما ذكرت من أمر عثمان، فأنت سعرت عليه الدنيا نارا، ثم حلقت بفلسطين، فلما أتاك قتله، قلت: أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحه أدميتها. ثم حبست نفسك إلى معاوية، وبعت دينك بدنياه، فلسنا نلومك على بغض ولا نعاتبك على ود، وبالله ما نصرت عثمان حيا ولا غضبت له مقتولا، ويحك يا بن العاص! ألست القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة إلى النجاشي
تقول ابنتي أين هذا الرحيل * وما السير منى بمستنكر
فقلت:
ذريني فإني امرؤ * أريد النجاشي في جعفر
لأكويه عنده كية * أقيم بها نخوة الأصعر
وشانئ أحمد من بينهم * وأقولهم فيه بالمنكر
وأجرى إلى عتبة جاهدا * ولو كان كالذهب الأحمر
ولا أنثني عن بني هاشم * وما اسطعت في الغيب والمحضر
فإن قبل العتب منى له * وإلا لويت له مشفري
فهذا جوابك، هل سمعته
وأما أنت يا وليد، فوالله ما ألومك على بغض على، وقد جلدك ثمانين في الخمر، وقتل أباك بين يدي رسول الله صبرا، وأنت الذي سماه الله الفاسق، وسمى عليا المؤمن، حيث تفاخرتما فقلت له: اسكت يا علي، فأنا أشجع منك جنانا، وأطول منك لسانا، فقال لك على: اسكت، يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق
فأنزل الله تعالى في موافقة قوله: ﴿أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون﴾ ، ثم أنزل فيك على موافقة قوله أيضا: ﴿أن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا﴾
ويحك يا وليد! مهما نسيت، فلا تنس قول الشاعر فيك وفيه
أنزل الله والكتاب عزيز * في علي وفى الوليد قرانا
فتبوأ الوليد إذ ذاك فسقا * وعلى مبوأ إيمانا
ليس من كان مؤمنا عمرك الله * كمن كان فاسقا خوانا
سوف يدعى الوليد بعد قليل * وعلى إلى الحساب عيانا
فعلى يجزى بذاك جنانا * ووليد يجزى بذاك هوانا
رب جد لعقبة بن أبان * لابس في بلادنا تبانا
وما أنت وقريش؟ أنما أنت علج من أهل صفورية، وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد، وأسن ممن تدعى إليه
وأما أنت يا عتبة، فوالله ما أنت بحصيف فأجيبك، ولا عاقل فأحاورك وأعاتبك، وما عندك خير يرجى، ولا شر يتقى، وما عقلك وعقل أمتك إلا سواء، وما يضر عليا لو سببته على رؤوس الاشهاد
وأما وعيدك إياي بالقتل، فهلا قتلت اللحياني إذا وجدته على فراشك! أما تستحي من قول نصر بن حجاج فيك
يا للرجال وحادث الأزمان * ولسبة تخزي أبا سفيان
نبئت عتبة خانه في عرسه * جبس لئيم الأصل من لحيان
وبعد هذا ما أربا بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحد سيفك، ولم تقتل فاضحك؟
وكيف ألومك على بغض على، وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر، وشرك حمزة في قتل جدك عتبة، وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد
وأما أنت يا مغيرة، فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشبهه، وإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: استمسكي، فإني طائرة عنك، فقالت النخلة: وهل علمت بك واقعة على فأعلم بك طائرة عنى
والله ما نشعر بعداوتك إيانا، ولا اغتممنا إذ علمنا بها، ولا يشق علينا كلامك، وإن حد الله في الزنا لثابت عليك، ولقد درأ عمر عنك حقا، الله سائله عنه
ولقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله: هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال: (لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا)، لعلمه بأنك زان
وأما فخركم علينا بالأمارة: فإن الله تعالى يقول: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا
ثم قام الحسن فنفض ثوبه، وانصرف، فتعلق عمرو بن العاص بثوبه، وقال: يا أمير المؤمنين، قد شهدت قوله في وقذفه أمي بالزنا، وأنا مطالب له بحد القذف
فقال معاوية: خل عنه لا جزاك الله خيرا. فتركه
فقال معاوية: قد أنبأكم أنه ممن لا نطاق عارضته، ونهيتكم أن تسبوه فعصيتموني، والله ما قام حتى أظلم على البيت، قوموا عنى، فلقد فضحكم الله وأخزاكم بترككم الحزم، وعدولكم عن رأى الناصح المشفق. والله المستعان
معاويه اغتال الاسلام ولبس عبائته
ذكر الزبير بن بكار في « الموفقيات » وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ج3 ص115
عن المغيرة بن شعبة أنه قال :
قال لي عمر بن الخطاب يوما يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء منذ اصيبت ؟ قلت لا . قال أما والله ليعورون بنو امية الاسلام كما أعورت عينك هذه . ثم ليعمينه حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء
ومع ذلك مكّن عمر بن الخطاب كعب ومعاويه ليعتليا صدر الاسلام ويفقئا عينيه
يقول الشيخ الجليل حسن بن فرحان المالكي
(لا أشعر بالحقد على مشرك قتل يوم بدر إلا إذا كان له أثر على من بعده وقام له منتصفون ومتعصبون.. هنا أعرف أن أثره لم ينقطع بموته، وأنه ما زال حياً يعيش معي ويسلب حقي في التفكير وفي اتباع النبي (ص))
ومن هذا الباب قال السيد محمد بن عمر بن عقيل :
( لقد ترك لنا معاوية في كل زمن فئة باغية)
فالسيد ابن عقيل هنا يشعر أنه لا يستطيع أن ينقل ما يعرفه من هدي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن الاحتجاج عليه بمعاوية وأتباع معاوية يحاصره في كل فكرة نيرة، وفي كل دعوة للعدل أو الإنصاف أو العلم ..
ولكن الأمر أكثر من ذلك، إنه مرتبط بحياتنا ومدى قدرتنا على الإفلات من محاصرة معاوية لنا في بيوتنا، وتكميمه أفواهنا، وإجباره لنا على أن نترك كتاب الله وسنة رسوله جانباً، ونقبل على أحاديثه ومروياته وعقائده وسلوكه .
كل يوم نكتشف قرب معاوية من حياتنا، إن له سلطة علينا أقوى من سلطة نفوسنا
لقد وطأ بقدميه الفاجرتين على صماخ القرآن الكريم، وطرد الرسول (ص) من أمته، وطارد أولياءه في كل زمان ومكان..
ويستمر الشيخ حسن فرحان بالقول في مقدمه كتابه مثالب معاويه بن ابي سفيان :
بعد هذا كله نستطيع أن نقول بارتياح هنا خطورة معاوية..
وأن معاوية قد ذهب إلى ربه! نعم، هو ذهب بجسمه وبقي بأثره في كل شيء، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، .. لقد بقي منه في الأمة أكثر مما بقي من النبي (ص) للاسف، ومن هنا وجب شرعاً تحطيم هذا الصنم الكبير ليرى الناس دينهم وصالحيهم ويرجعوا إلى عقولهم ونفوسهم وعدلهم وقرآنهم ورسولهم وصالحي أمتهم..الخ
خطورة معاوية لم تنته بزمنه ، كما هو حال فرعون وأبي جهل وأبي لهب وبابك الخرمي وهولاكو وأمثالهم، كلا، هو معك أيها المسلم في قلبك وعقلك، وبيتك ومسجدك.
الفصل الاول
معاويه يقتل الامام علي (عليه السلام )
محاولات قتل الامام عليبن أبي طالب(عليه السلام)
قال تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ﴿ ٩الصف ﴾
تنبأ اليهود بقرب ظهور النبي الموعود وقد علموا إسمه ومحل مبعثه وهجرته فسمّوا بعض مواليدهم في تلك السنين( محمد) وهاجروا الى مكه وماحولها لعل النبي يكون منهم والا فانهم سيقتلونه ويتخلصون منه لكي لا يسلبهم ملكهم
وقال تعالى :
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) ﴿ ٨٩ ﴾ البقره
وإستنكرت قريش أن تكون النبوه في محمد صلى الله عليه واله
قال تعالى:
(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ﴿ ٣١ ﴾ الزخرف
يقول الطبري في تفسير هذه الايه :
قال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله: هذا سحر, فإن كان حقا فهلا نـزل على رجل عظيم من إحدى القريتين مكة أو الطائف
وأختلفوا في الرجل الذي وصفوه بأنه عظيم فقال بعضهم: هوالوليد بن المُغيرة المخزومي من أهل مكة, أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف؟
وأما بنو أميه فقد كانت صدورهم تغلي حسداً وحقداً على بني هاشم عند سماعهم خبر النبوه في محمد من بني هاشم
قال معاويه لرجل من أهل اليمن (ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم إمرأه ) فقال له الرجل (قومك أجهل من قومي إذا دعاهم رسول الله للاسلام فقالوا:
(وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )﴿ ٣٢ ﴾الانفال
) ولم يقولوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا اليه
وكانت قريش بصوره عامه وبني أميه بصوره خاصه تقول الموت أهون علينا من أن يكون النبي من بني هاشم والخلافه بعده لعلي بن أبي طالب
وقال عمر (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم)
جمع الحقد و الحسد الحاسدون الثلاثه اليهود وقريش وبنو أميه في حلف ثلاثي للقضاء على محمد (ص) وعلى وصيه علي بن ابي طالب( ع ) وعلى الدين الاسلامي
قرار قتل محمد ( صلى الله عليه واله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) صدر يوم الدار
يروي علياً (عليه السلام) أحداث يوم الدار فيقول:
دعا رسول الله (صلى الله عليه واله) بني هاشم يوم الدار وقام فيهم خطيبا قائلا:
(يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَوَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ - وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ. فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ فَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ)
سمعت قريش بنبا حديث الدار ووعته جيدا فالنبوه ستكون في بني هاشم والامامه و الخلافه من بعده لعلي اي لبني هاشم ايضا وانهم لانصيب لهم بذلك فاستعرت نار الحسد والحقد في قلوبهم وتوحدت صفوفهم وكلمتهم بقياده بني اميه على مقاومه الدين الجديد ومقاومه محمد (ص) بكل الاساليب ومحاوله قتله وقتل علي والتخلص منهما ومن الدين الاسلامي
يقول احمد حسن يعقوب في كتابه المواجهه مع رسول الله :
وهكذا برأى البطون (يعني بطون قريش) ينال الهاشميون شرف النبوه وشرف الملك معا، وتحرم من هذين الشرفين كافه بطون قريش، وفى ذلك اجحاف بحق البطون على حد تعبير عمر بن الخطاب
ولسنتعرض أهم المحطات التي مرَ بها المسلمون بعد حجه الوداع
1- يوم غدير خم
عاد رسول الله (صلى الله عليه واله) من الحج وفي منطقه غدير خم نزلت الايه الكريمه
۞ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67 المائده)
فجمع الرسول (صلى الله عليه واله) المسلمين وخطب خطبته المعروفه وبلَغ أمر الله بتنصيب الامام علي (عليه السلام) إماما ووليا وخليفه من بعده
وقد روى النسائي في سننه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال :
لما رجع رسول الله (ص) من حجة الوداع ، ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال
(كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) ثم قال : ( الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن ) . ثم أخذ بيد علي فقال : ( من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ) .
فقلت لزيد : أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه (1) وقال الحافظ إبن الجوزي : في حديث 356
( أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَلَسْتَ وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ). فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}
----------
(1) البدايه والنهايه
وقال الامام الالباني :
لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي بن أبي طالب فقال: (ألست ولي المؤمنين؟) قالوا: بلى يا رسول الله قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب:
( بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم)(2)
2- قاده من قريش نكثوا البيعه بعد رجوعهم للمدينه
( أصحاب الصحيفه الملعونه)
ولما رجع المسلمون من الحج ودخلوا المدينه إجتمع قسم من قاده قريش ونكثوا بيعه علي وتحالفوا وتعاقدوا على أن لايطيعوا رسول الله (صلى الله عليه واله ) فيما عرض عليهم من ولايه علي بن ابي طالب بعده وكتبوا صحيفه بينهم وكان أول ما فى الصحيفه النكث لولايه على بن ابى طالب عليه السلام و إن الامر الى ابى بكر و عمر و أبى عبيده و سالم مولى حذيفه ومعاذ بن جبل و هذا هو السر في قول عمر قبل وفاته لو كان أبو عبيده حيا لاستخلفته... لو كان سالم حيا لاستخلفته .
و شهد بذلك أربعه عشر رجلا أصحاب العقبه و عشرون رجلا آخر، و إستودعوا الصحيفه أبا عبيده بن الجراح و جعلوه أمينهم عليها وهم :
1- أبوبكربن أبي قحافه
2- عمر بن الخطاب
3-عثمان بن عفان
4- طلحة بن عبيد الله
5- عبد الرحمن بن عوف
6 - سعد بن أبي وقاص
______
(2) أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 290) ،
7- أبوعبيدة بن الجراح
8- معاوية بن أبي سفيان
9- عمرو بن العاص
10- أبوموسى الأشعري
11- المغيرة بن شعبة الثقفي
12- أوس بن الحدثان البصري
13- أبوهريرة
14- أبوطلحة الأنصاري
15- سعيد بن العاص الأموي
16- أسامة بن زيد
17- الوليد بن أبي ربيعة
18- سعيد بن زيد بن نفيل
19- أبوسفيان بن حرب
20- سفيان بن أمية
21- أبوحذيفة بن عتبة
22 - معاذ بن جبل
23- بشير بن أبي سعيد الأنصاري
24- سهل بن عمر
25- حكيم بن حزام الأسدي
26- صهيب بن سنان الرومي
27- العباس بن مرداس السلمي
28- أبومطيع بن أسد العبدي
29- قعد بن عمر
30- سالم مولى أبي حذيفة
31- سعيد بن مالك
32- خالد بن عرفطة
33- مروان بن الحكم
34- الأشعث بن قيس
قال حذيفه: حدثتنى أسماء بنت عميس الخثعيمه إمراه أبى بكر: إن القوم إجتمعوا فى منزل أبى بكر فتامروا فى ذلك، و أسماء تسمعهم و تسمع جميع ما يدبرونه فى ذلك حتى إجتمع رأيهم على ذلك، فأمروا سعيد بن العاص الاموى فكتب الصحيفه باتفاق منهم (3)
ثم دفعت الصحيفه الى أبى عبيده بن الجراح ليتوجه بها الى مكه
ثم إنصرفوا و صلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالناس صلاه الفجر، ثم جلس فى مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فالتفت الى أبى عبيده بن الجراج فقال له:
بخ بخ من مثلك و قد أصبحت امين هذه الامه، ثم تلا:
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقره: 79.]
لقد أشبه هولاء رجال فى هذه الامه ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) [النساء: 108.]
ثم قال: لقد أصبح فى هذه الامه فى يومى هذا قوم ضاهوهم فى صحيفتهم التى كتبوها علينا فى الجاهليه و علقوها فى الكعبه، و إن الله تعالى يمتعهم ليبتليهم و يبتلى من ياتى بعدهم تفرقه بين الخبيث و الطيب و لولا إنه سبحانه أمرنى بالاعراض عنهم للامر الذى هو بالغه لقدمتهم فضربت اعناقهم
قال حذيفه: فوالله لقد راينا هولاء النفر عند قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هذه المقاله و قد أخذتهم الرعده فما يملك أحد منهم نفسه شيئا،
____
(3) الامامه و السياسه: 28:1؛ الطبرى: 277:4؛ (الجديد في النبي – للشيخ علي الكوراني الفصل 24 ج 1- ص256
و لم يخف على أحد ممن حضر مجلس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذلك اليوم إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إياهم عنى بقوله و لهم ضرب تلك الامثال (4)
محاولات قتل الامام علي (عليه السلام)
وتعرض الامام علي (عليه السلام) الى محاولات القتل التاليه:
1-المحاوله الاولى - محاوله مهلع غلام حنظله بن أبي سفيان
ورد في المناقب ج2 ص59
لَمَّا عَزَمَ علي عليه السلام عَلَى اَلْهِجْرَةِ قَالَ لَهُ اَلْعَبَّاسُ إِنَّ مُحَمَّداً مَا خَرَجَ إِلاَّ خَفِيّاً وَ قَدْ طَلَبَتْهُ قُرَيْشٌ أَشَدَّ طَلَبٍ وَ أَنْتَ تَخْرُجُ جِهَاراً فِي إِنَاثٍ وَ هَوَادِجَ وَ مَالٍ وَ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ وَ تُقْطَعُ بِهِمُ اَلسَّبَاسِبُ وَ اَلشِّعَابُ مِنْ بَيْنِ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَمْضِيَ إِلاَّ فِي خفاره خزاعه فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَم :
إِنَّ اَلْمَنِيَّةَ شَرْبَةٌ مَوْرُودَةٌ لاَ تَنْزِعَنَّ وَ شُدَّ لِلتَّرْحِيل
إِنَّ اِبْنَ آمِنَةَ اَلنَّبِيَّ مُحَمَّداً رَجُلٌ صَدُوقٌ قَالَ عَنْ جِبْرِيل
أَرْخِ اَلزِّمَامَ وَ لاَ تَخَفْ مِنْ عَائِق ٍفَاللَّهُ يُرْدِيهِمْ عَنِ اَلتَّنْكِيلِ
إِنِّي بِرَبِّي وَاثِقٌ وَ بِأَحْمَدٍ وَ سَبِيلُهُ مُتَلاَحِقٌ بِسَبِيلِي
قَالُوا فَكَمَنَ مَهْلَعٌ غُلاَمُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي طَرِيقِهِ بِاللَّيْلِ فَلَمَّا رَآهُ سَلَّ سَيْفَهُ وَ نَهَضَ إِلَيْهِ فَصَاحَ عَلِيٌّ صَيْحَةً خَرَّ عَلَى وَجْهٍ وَ جَلَّلَهُ بِسَيْفِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ تَوَجَّهَ نَحْوَ اَلْمَدِينَةِ
2- المحاوله الثانيه - محاوله مشركي قريش
خرج الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) مهاجراً بالفواطم وهن فاطمة بنت رسول الله (عليهما السلام) وفاطمة بنت أسد (أمه) وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب من مكة باتجاه المدينة
______
(4) ارشاد القلوب: ص 336_333 عنه البحار 106_101:28
فأدركه المشركون قرب ضجنان وهم سبعة فرسان وثامنهم جناح مولى الحارث بن أمية. فأنزل علي (عليه السلام) النسوة وأقبل على القوم منتضيا سيفه فأمروه بالرجوع
فقال (عليه السلام): فإن لم أفعل؟
قالوا: لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا، وأهون بك من هالك. ودنا الفوارس من المطايا ليثوروها، فحال علي (عليه السلام) بينهم وبينها فأهوى جناح بسيفه، فراغ علي (عليه السلام) عن ضربته، وضربه علي (عليه السلام)على عاتقه فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاتبة فرسه، وشد عليهم بسيفه وهو يقول
خلوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد غير الواحد
فتصدع القوم عنه وقالوا: أغن عنا نفسك يا بن أبي طالب
قال: فإني منطلق إلى إبن عمي رسول الله بيثرب فمن سره أن أفري لحمه، وأهريق دمه
فليتبعني (5)
3- المحاوله الثالثه – محاوله عمر بن الخطاب
جاء في كتاب الإمامة والسياسة – لابن قتيبه الدينوري مايلي:
إن أبابكر أُخبر بقوم تخلفوا ، عن بيعته عند علي ، فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، فجاء فناداهم وهم في دار علي وأبوا أن يخرجوا ، فدعا عمر بالحطب فقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها عليكم على ما فيها
فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة ، فقال : وإن
فوقفت فاطمة على بابها ، فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم جنازة رسول الله (صلى الله عليه واله) بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تروا لنا حقاً ، فأتى عمر أبابكر فقال له ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ ، فقال أبوبكر : يا قنفذ ـ وهو مولى له : إذهب فإدع علياً قال فذهب قنفذ إلى علي ، فقال : ما حاجتك ؟ ، قال : يدعوك خليفة رسول الله ، قال علي لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة قال : فبكى أبوبكر طويلاً ، فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟
_______
(5) أزواج النبي وبناته - الشيخ نجاح الطائي - الصفحة ٣٩
فقال أبوبكر : لقنفذ : عد إليه فقل : أمير المؤمنين يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ فنادى ما أمر به ، فرفع علي صوته فقال : سبحان الله لقد أدعي ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبوبكر طويلاً ، ثم قام عمر فمشى ومعه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب ، فلما سمعت أصوإتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من إبن الخطاب وأبن أبي قحافة
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها إنصرفوا باكين ، فكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع ، فقال : إن لم أفعل فمه ؟ ، قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ، قال إذاً تقتلون عبدالله وأخا رسوله ،
قال عمر : أما عبدالله فنعم وأما أخو رسوله فلا ، وأبوبكر ساكت لا يتكلم ، فقال عمر إلاّ تأمر فيه بأمرك ؟
فقال : لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه واله) يصيح ويبكي وينادي : (يا إبن أم إن القوم إستضعفوني وكادوا يقتلونني)(6)
إن عمر كان مصمما على إحراق وقتل كل من كان في البيت وفي البيت علي وفاطمه والحسن والحسين (عليهم السلام)
كما أن عمر هدده بالقتل ان لم يبايع وهو جاد بما يقول وان الذي منعه من ذلك انسحاب فريق من القوه المهاجمه لبيت فاطمه بعد إدراكهم جديه عمر بتنفيذ القتل وحرق البيت وعند ذلك أدرك عمر إن الامه ستعارضه في قتل علي (ع). فأجّل القتل لحين توفر الارضيه الملائمه
4- المحاوله الرابعه - عمر يحاول من جديد قتل علي (عليه السلام)
حبك عمر شروط شورى إختيار الخليفه من بعده والتي ستؤدي الى قتل علي (عليه السلام) إو على أقل تقدير إبعاده عن الخلافه وتسليم الخلافه لبني أميه
شارك علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الشورى مرغما ، وحاول الوصول إلى منصب الخلافة وفق الضوابط التي أقرها عمر بن الخطاب قبيل وفاته، لكن الروايات الواردة في المصادر السنية والشيعية تدل على أن قبول علي بالمشاركة لم يكن باقتناع كامل أو رضا تام لان الشورى محسومه النتائج سلفا وعدم دخوله فيها يعني قتله
_____
(6) الإمامة والسياسة – لابن قتيبه الدينوري ج1 ص 30
يقول إبن مسكويه في «تجارب الأمم» والطبري في تاريخه، كان علي بن أبي طالب يعرف أن الشروط التي وضعها عمر لاختيار الخليفة الجديد تصب في غير مصلحته. يظهر ذلك في نقاشه مع عمه العباس بن عبد المطلب، فقد ورد أن عليا بعدما عرف بأمر الشورى قابل عمه فقال له :
عَدَلَتْ الخلافة عنا. فقال العباس: وما علمك؟
قال: قرن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضى رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني
ويستذكر علي بن أبي طالب حادثة الشورى فيقول:
«فجعلني سادس ستة كَسَهْمِ الجدة (أي مثل نصيب الجدة من ميراث الحفيد)، وقال اقتلوا الأقل وما أراد غيري، فكظمت غيظي وانتظرت أمر ربي وألصقت كلكلي بالأرض (7)
5- المحاوله الخامسه - خطه عمر وأبو بكر وتنفيذ خالد بن الوليد
قال إبن عباس :
ثم تآمروا وتذاكروا، فقالوا: لا يستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حياً
فقال أبو بكر: من لنا بقتله؟
فقال عمر: خالد بن الوليد
فأرسلا إليه، فقالا: يا خالد، ما رأيك في أمر نحملك عليه؟
فقال: إحملاني على ما شئتما، فوالله، لو حملتماني على قتل إبن أبي طالب لفعلت
فقالا: والله ما نريد غيره
_____
(7) الامالي للشيخ المفيد
قال: فإني له
فقال أبو بكر: إذا قمنا في الصلاة، صلاةالفجر، فقم إلى جانبه، ومعك السيف، فإذا سلَمت،
فاضرب عنقه
قال: نعم
فافترقوا على ذلك
فسمعت ذلك اسماء بنت عميس وهي في خدرها، فبعثت خادمتها إلى الزهراء (عليها السلام)،
وقالت لها
إذا دخلت الباب، فقولي:
{إِنَّ المَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}
فلما أرادت أن تخرج قرأتها
فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): اقرئي مولاتك مني السلام وقولي لها: إن الله عز وجل
يحول بينهم وبين ما يريدون إن شاء الله
ثم إن أبا بكر لما فكَّر فيما أمر به من قتل علي (عليه السلام). عرف إن بني هاشم يقتلونه، وستقع حرب شديدة، وبلاء طويل. فندم على ما أمره به، فلم ينم ليلته تلك حتى أصبح، ثم أتى المسجد، وقد أقيمت الصلاة. فتقدم فصلى بالناس مفكراً، لا يدري ما يقول
وأقبل خالد، وتقلد السيف حتى قام إلى جانب علي (عليه السلام). وقد فطن علي (عليه السلام) ببعض ذلك
فلما فرغ أبو بكر من تشهده جلس يفكر وخاف الفتنة، وخاف على نفسه، فقال قبل أن يسلم في صلاته
(يا خالد، لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك)، ثم سلّم عن يمينه وشماله
قال الصدوق رحمه الله :
فقال علي (عليه السلام):
ما هذا الأمر الذي أمرك به، ثم نهاك قبل أن يسلّم؟
قال: أمرني بضرب عنقك، وإنما أمرني بعد التسليم
فقال: أوكنت فاعلاً؟
فقال: أي والله، لو لم ينهني لفعلت.. إلخ
فوثب علي (عليه السلام)، فأخذ بتلابيب خالد، وانتزع السيف من يده، ثم صرعه، وجلس على صدره، وأخذ سيفه ليقتله
واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالداً، فما قدروا عليه
فقال العباس: حلفوه بحق القبر وصاحبه لما كففت..فتركه )(8)
ومن الملاحظ ان هذه الخطه بقيت في الادراج لحين تسخير عبد الرحمن بن ملجم لتنفيذها كما رسمت
وكتب معاوية في جواب محمد بن أبي بكر مايؤكد نيه ابو بكر وعمر قتل علي (عليه السلام )
(فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحقه لازما لنا، مبرورا علينا، فلما أختار الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما عنده وأتم له ما وعده وأظهر دعوته وأبلج حجته وقبضه إليه صلوات الله عليه، فكان أبوك وفاروقه أول من إبتزه حقه وخالفه على أمره، على ذلك اتفقا، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما فهما به الهموم، وأرادا به العظيم.. إلى أن قال: - ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب، ولسلمنا إليه )(9)
6 - المحاوله السادسه - محاوله اخرى لخالد بن الوليد
ثم كان خالد بعد ذلك يرصد الفرصة والفجأة لعله يقتل علياً (عليه السلام) غِرَّةً، ومن حوله شجعان، قد أمروا أن يفعلوا كلما يأمرهم به خالد
فرأى علياً (ع) يجيء من ضيعة له منفرداً بلا سلاح، فقال خالد في نفسه: الآن وقت ذلك
_____
(8) الصحيح من سيره الامام علي (عليه السلام ) جعفر مرتضى العاملي ج11
(9) مروج الذهب: 3 / 12
فلما دنا منه (ع)، وكان في يد خالد عمود من حديد، فرفعه ليضرب به على رأس علي، فوثب علي (ع) إليه، فانتزعه من يده، وجعله في عنقه، وقلّده كالقلادة، وفتله
فرجع خالد إلى أبي بكر، واحتال القوم في كسره فلم يتهيأ لهم ذلك، فأحضروا جماعة من الحدادين، فقالوا: لا نتمكن من إنتزاعه إلا بعد جعله في النار، وفي ذلك هلاك خالد
ولما علموا بكيفية حاله، قالوا: علي هو الذي يخلصه من ذلك، كما جعله في جيده. وقد ألان الله له الحديد، كما ألانه لداود
فشفع أبو بكر إلى علي (عليه السلام)، فأخذ العمود، وفك بعضه من بعض(10)
7- المحاوله السابعه والاخيره
محاوله عبد الرحمن بن ملجم
بعد فشل محاولات الاغتيال السابقه أيقنت قريش إنه لايمكن قتل علي ( عليه السلام) الا وهو في حاله سجود عند الصلاه وأفضل الاوقات صلاه الصبح فبقيت تلك الخطه في أدراج قريش تنتظر من يمهد الرأي العام لتقبلها ومن يمولها ومن ينفذها ولا يُحمّل قريش تبعاتها مع بني هاشم
____
(10) الصحيح من سيره الامام علي (عليه السلام ) جعفر مرتضى العاملي ج11
عمر يرفع شعار (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم )
و يغيّر معالم الاسلام ويهيئ الامه لقتل علي عليه السلام
أدرك عمر بن الخطاب انه لايمكن قتل علي بن ابي طالب في هذا الوقت فلا زالت الامه تقرأ القران الكريم وتعرف الايات الكريمه النازله في حق علي وتحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه واله في فضل علي ووجوب إتباعه كوصي لرسول الله مٌنصب من الله سبحانه وتعالى
أولا – القران الكريم
يقول إبن عباس :
نزلت في علي ثلثمائه ايه من القران الكريم لايشاركه فيها أحد هذا من غير الايات التي شاركه فيها أهل البيت ولعل من أبرزها ايه التطهير والموده والمباهله فقامت قريش بقياده أبو بكر وعمر أما بمخالفه تلك الايات أو تأويلها أو إشراك غيرهم معهم لكي لا يبقي عليا متفردا بفضيله ولكي يصبح حاله حال اي شخص عادي من الرعيه يُطلب منه شاهد على ما يقول ويدعي ولكي تنسى الامه بان الله قد شهد لاهل البيت بالفضل والتطهير
قال تعالى :
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا( الاحزاب 33 )
وحين صادر أبو بكر فدكا طالبت فاطمه (عليها السلام ) بحقها وقالت ان رسول الله (صلى الله عليه واله) أعطانيها
فطلبا منها شهودا وهي التي شهد الله لها وطهرها تطهيرا فقدمت علي والحسن والحسين الذين شملتهم ايه التطهير وأم ايمن التي شهد لها رسول الله (صلى الله عليه واله) بانها من أهل الجنه
رد أبو بكر وعمر شهاداتهم جميعا مخالفاً بذلك صريح أيات القران الكريم حيث يشهد الله بطهارتهم
ومن جهه ثانيه شملوا زوجات النبي بايه التطهير ويقول صاحب تفسير فتح القدير ( جعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعليّ وفاطمة والحسن والحسين ) وهكذا جعلوا فاطمه كعائشه وحفصه عند الله . وهكذا تساوت فاطمه بالفضل مع عائشه وحفصه ؟؟
وقال تعالى :
( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )(الشورى23)
وعن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الاية قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وولداهما
ولكن القوم شملوا بها كل قريش حيث كل بطن من بطون قريش له قرابه مع رسول الله
وفي تفسيرجامع البيان في تفسير القرأن للطبري يقول:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { قُلْ لا أسألُكمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى } قال: كل قريش كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة، فقال: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودّوني بالقرابة التي بيني وبينكم
وهكذا تم افراغ تلك الايات وغيرها من معناها اما بالتاويل او اشراك الغير مع اهل البيت
ومثلما شملت الايه علي(عليه السلام) فانها شملت ايضا ابو سفيان ومعاويه وعمرو بن العاص
واكتفي بهذين المثلين من عشرات الامثله التي خالفت بها قريش بقياده ابو بكر وعمر كتاب
الله
ثانيا – احاديث رسول الله (صلى الله عليه واله) وسنته توجب إتباع علياً وأهل بيته وعدم مخالفتهم والسير على نهجهم
قبل أن يغمض رسول الله عينيه أراد أن يكتب وصيته بامامه وخلافه علي (عليه السلام ) صاح عمر (حسبنا كتاب الله) رافضا بذلك سنه رسول الله (صلى الله عليه واله) وأحاديثه
وجمع ابو بكر وعمر أحاديث رسول الله (صلى الله عليه واله) وأحرقوها وسمحوا بتداول أحاديث محدده يختارونها بعنايه فائقه ومعاقبه من يروي غيرها بالقتل
روى الحاكم: 2 / 226: (عن جندب قال: أتيت المدينة لأتعلم العلم، فلما دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إذا الناس فيه حلق يتحدثون، قال: فجعلت أمضي حتى انتهيت إلى حلقة فيها رجل شاحب عليه ثوبان كأنما قدم من سفر، فسمعته يقول: هلك أصحاب العقد ورب الكعبة ولا آسى عليهم، يقولها ثلاثا، هلك أصحاب العقد ورب الكعبة، هلك أصحاب العقد ورب الكعبة، هلك أصحاب العقد ورب الكعبة
قال: فجلست إليه فتحدث ما قضي له ثم قام، فسألت عنه فقالوا: هذا سيد الناس أبي بن كعب قال فتبعته حتى أتى منزله فإذا هو رث المنزل رث الكسوة رث الهيئة، يشبه أمره بعضه بعضا فسلمت عليه فرد علي السلام، قال: ثم سألني ممن أنت؟ قال قلت من أهل العراق، قال أكثر شئ سؤالا وغضب! قال: فاستقبلت القبلة ثم جثوت على ركبتي ورفعت يدي هكذا ومد ذراعيه فقلت: اللهم إنا نشكوهم إليك، إنا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم، فإذا لقيناهم تجهموا لنا وقالوا لنا، قال: فبكى أبي وجعل يترضاني ويقول: ويحك إني لم أذهب هناك، ثم قال أبي
أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله لا أخاف فيه لومة لائم. قال ثم انصرفت عنه وجعلت أنتظر يوم الجمعة فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتي فإذا الطرق مملوءة من الناس، لا آخذ في سكة إلا استقبلني الناس، قال فقلت ما شان الناس؟ قالوا إنا نحسبك غريبا؟ قال قلت: أجل، قالوا مات سيد المسلمين أبي بن كعب،قال فلقيت أبا موسى بالعراق فحدثته، فقال: هلا كان يبقى حتى تبلغنا مقالته؟ هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه). انتهى
ولقد كان ابو هريره أوفر حظا إذا إنه لم يتكلم
ورد في البخاري أن أبو هريره قال :
(حَفِظْتُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فأمَّا أحَدُهُما فَبَثَثْتُهُ، وأَمَّا الآخَرُ فلوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هذا البُلْعُومُ )
فماهو الحديث الذي قاله رسول الله واصحابه يقطعون بلعوم من يتحدث به ؟
وهكذا حجبت الاحاديث التي توجب اتباع أهل البيت ومحاسبه من يرويها من الصحابه ووضعهم قيد الاقامه الجبريه وتعميم تلك التعليمات على الولايات
وبذلك تم تجريد علي (عليه السلام ) واهل بيته من كل ايه أو حديث يمتدحهم ويرفع مكانتهم ويوجب إتباعهم
ثالثا - ابو بكر وعمر لم يستعملا أحدا من بني هاشم في أي من وظائف الدوله ولم يولوهم أي ولايه وفي المقابل يتم توليه يزيد بن ابي سفيان على الشام وبعد موته يولى معاويه على الشام وهو الطليق ابن الطليق الملعون ابن الملعون على لسان رسول الله في عده مواقع
رابعا – تحريض الامه على علي عليه السلام ووصفه ب (قتال العرب )
متناسين بذلك ان الاسلام انما قام بسيف علي بن ابي طالب في قتال المشركين وان هذه الدوله التي تربعوا على كرسي خلافتها انما قامت بتضحيات علي وسيفه عليه السلام
الامام علي (عليه السلام ) أقام الاسلام بسيفه وقتل مشركي قريش في بدر واحد وتصدى لعمر بن ود العامري في معركه الخندق حين جبن الاخرون عن ملاقاته ويوم خيبر استلم ابو بكر الرايه وعاد خائبا يجبن اصحابه ويجبنونه ثم اعطاها رسول الله (صلى الله عليه واله) عمر في اليوم الثاني وعاد كما عاد ابو بكر وفي اليوم الثالث قال رسول الله ساعطي الرايه غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله واعطاها عليا وفتح الله خيبرعلى يديه
هذه البطولات لاتروق لمن يتخلف عن بدر ويهرب في احد ويجلس يشرب الخمر ويتذكر قتلى المشركين من قريش ويبكي وينظم الشعر في حادثه أوردتها كتب السير بالتفصيل
أقول هذا النفر من قريش لايروق لهم أن تذكر الامه بطولات علي (عليه السلام ) ولذلك وصفوه بانه قتال العرب لكي يتحول الامام علي (عليه السلام ) في نظر العرب من باني مجد الاسلام بشجاعته الى قتال العرب بسيفه وتتحول المحبه الى كره وعداء مثيرين بذلك احقاد الجاهليه ونعراتها
ويحرض عمر قريشا على علي عليه السلام مذكراً إياهم بانه قاتل ابائهم أو إخوانهم وقد حرض خالد بن الوليد لكي يثور ويقتل علياً، فكان عمر يقول لخالد أنا لم اقتل أبا قيس بن الوليد أخوك،وقد قتله علياً
ويترسخ هذا المفهوم في عقول العرب فيخاطب عمر بن سعد جيشه يوم كربلاء عند قتال الامام الحسين (عليه السلام ) قائلا:
الويل لكم أتدرون من تقاتلون؟ هذا إبن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب، وكانت الرماة أربعة آلاف، فرموه بالسهام
خامسا - عمر حوًل المجتمع الاسلامي الى مجتمع طبقي
كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يوزع العطاء بين المسلمين بالتساوي وسار أبو بكر سيره الرسول (صلى الله عليه واله) في توزيع العطاء وعندما تولى عمر الخلافه قسم الناس الى طبقات في العطاء ونشأت لذلك طبقه برجوازيه تكنز الذهب والفضه وطبقات معدمه محرومه من الموالي وسار عثمان على سيره عمر وزاد وحينما تولى علي (عليه السلام ) الخلافه أعاد الامور الى نصابها مثلما كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) فكان يستلم مثلما يستلم خادمه قنبر وقد أغضب ذلك كبار الصحابه ممن تعودوا على استلام الرواتب العاليه مثل طلحه والزبير وغيرهم مما دفعهم الى نكث بيعتهم والخروج على علي (عليه السلام ) وإن كان الامام علي لم يقتل بهذا التمرد لكن المسلمين خسروا عشرات الاف من القتلى بين الجانبين جراء إعاده العطاء على ماكان عليه في عهد الرسول وابو بكر
وكان عمر قد قسم المسلمين في العطاء الى إثنتى عشره طبقه
الطبقه الاولى – زوجات الرسول – إثنا عشر الف درهم في السنه
الطبقه الثانيه – العباس بن عبد المطلب خمسه الاف وقيل سبعه
الطبقه الثالثه – من شهد بدراً خمسه الاف درهم في السنه ولحق بهم الحسن والحسين
الطبقه الرابعه – من كان له إسلام كاسلام أهل بدر ومن مهاجره الحبشه وأهل احد اربعه الاف درهم والحق بهم إسامه بن زيد وعمر بن أبي سلمه
الطبقه الخامسه – من هاجر قبل الفتح ثلاثه الاف درهم
الطبقه السادسه – ابناء البدريين ومسلمه الفتح الفي درهم
الطبقه السابعه – روى أنه فرض للنساء المهاجرات ثلاثة آلاف درهم لكل واحدة ففرض لصفية بنت عبد المطلب ستة آلاف درهم، ولأسماء بنت عميس ألف درهم، ولام كلثوم بنت عقبة ألف درهم، ولأم عبد الله بن مسعود ألف درهم
الطبقه الثامنه – وفرض لأهل اليمن وقيس بالشام والعراق لكل رجل ما بين ألفين إلى ألف إلى تسعمائة إلى خمسمائة إلى ثلاثمائة، ولم ينقص أحدا عن ثلاثمائة
الطبقه التاسعه – ثم فرض للناس على منازلهم وقراءتهم القرآن وجهادهم
الطبقه العاشره - من جاءه من المسلمين بالمدينة في خمسة وعشرين لكل رجل وحرم الموالي من العطاء(1)
وهو يعلم أن لا احد بعده يستطيع الغاء سنته في توزيع العطاء والعوده الى سنه رسول الله في توزيع العطاء الا علي ( عليه السلام ) فان وصل الى الخلافه وفعلها فان القتل مصيره وهذا هو المطلوب
____
(1)كتاب فتوح البلدان للبلاذري -حديث 1021
سادسا - عمر يؤسس لنظام تمييز عنصري
قال الله تعالى في سوره الحجرات ايه 13
(إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى )(2)
وخالف عمر القران الكريم وأمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسوله (صلى الله عليه واله) وأسس لسياسه التمييز العنصري في الامه الاسلاميه باتخاذ اجراءات وأوامر تتناقض ودين الله سبحانه وتعالى بتفضيله العرب على الاعاجم والمقصود بالاعاجم كل الشعوب غير العربيه سواء كانت فارسيه أو روميه أو تركيه أو غيرها
ونستعرض فيما ياتي أهم قرارات عمر في هذا الخصوص
اولا- تحريم دخول المدينة على غير العرب
كان عمر لا يترك أحداً من العجم يدخل المدينة (3)
ثانيا- بيع الجار النبطي وقد نقل المأمون العباسي : أن عمر بن الخطاب كان يقول : من كان جاره نبطياً ، وإحتاج إلى ثمنه فليبعه (4)
ثالثا - لاقود لغير العربي من العربي
وقد طلب عبادة بن الصامت من نبطي : أن يمسك له دابته ، فرفض ، فضربه عبادة؛ فشجه ؛ فأراد عمر أن يقتص له منه؛ فقال له زيد بن ثابت
فترك عمر القود وقضى عليه بالديه (5) أتقيد عبدك من أخيك؟
_____
(2) مسند أحمد ج5 ص411
(3) مروج الذهب ج2ص320
عيون الاخبار لابن قتيبه ج1ص130 (4)
تهذيب تاريخ دمشق ج5ص446 (5)
رابعا- زيّ العجم
وقد كتب عمر إلى من كان مع عتبة بن فرقد بآذربايجان : (وإياكم والتنعم ، وزيّ العجم)
فإن الناس كانوا يتوافدون على الدخول في الاسلام من جميع الامم ، (6)
خامسا - رطانة الاعاجم ، ونقش الخاتم بالعربية وعن عمر بن الخطاب ، أنه قال : لا تتعلموا رطانة الاعاجم (7)
سادسا- منع ولاية الموالى على العرب
سابعا - التفضيل بالعطاء وقد سبق ذكره
وقد أجرى سياسة التمييز هذه حتى بالنسبة لنساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال الجاحظ فضل القرشيات من نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على غيرهن
ويكفي أن نشير هنا إلى أنه قد أعطى جويرية ستة آلاف درهم ، بينما أعطى عائشة اثنا عشر ألف درهم ، وقال : لا أجعل سبية كابنة أبي بكر الصديق (8)
ثامنا - الكفاءة في النكاح
نهى أن يتزوج العجم في العرب ، وقال : لامنعن فروجهن إلا من الاكفاء
وصاروا يفرقون بين العربية والموالي
وقد إنعكس ذلك على الفقه أيضاً ، فقد قالت الحنفية : قريش بعضها اكفاء لبعض ، ومن كان له أبوان في الاسلام فصاعداً من الموالي ، فهم اكفاء
وفي التذكرة : أن الحنفية ، وبعض الشافعية ، قد أفتوا بأن العجم ليسوا اكفاء للعرب. أما الثوري ، فكان يرى التفريق بين المولى والعربية وشدد فيه
_____
السنن الكبرى ج10 ص14 (6)
السنن الكبرى ج9 ص234 (7)
(8) تاريخ الامم والملوك ج2 صد614
ويقول ابو الفرج الاصفهاني في كتابه الاغاني :
قدم أعراب من بني سليم أقحمتهم السنة إلى الرّوحاء، فخطب إلى بعضهم رجل من الموالي من أهل الروحاء، فزوّجه. فركب محمد بن بشير الخارجيّ إلى المدينة، و واليها يومئذ إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، فاستعداه الخارجيّ على المولى. فأرسل إبراهيم إليه و إلى النفر السّلميين، و فرق بين المولى و زوجته، و ضربه مائتي سوط، و حلق رأسه و لحيته و حاجبيه
وقال ابن رشد : قال سفيان الثوري وأحمد : لا تزوج العربية من مولى ، وقال أبو حنيفة واصحابه : لا تزوج قرشية إلا من قرشي ، ولا عربية الا من عربي (9)
تاسعا – قرر الخليفه بيع نساء الفرس وجعل رجالهم عبيدا ولما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء ، ويجعل الرجال عبيداً للعرب ، وعزم على أن يحملوا الضعيف ، والشيخ الكبير في الطواف حول البيت على ظهورهم ولكن أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام رفض ذلك ، وأعتق نصيبه ، ونصيب بني هاشم ، فتبعه المهاجرون والانصار ، ففات على عمر ما كان أراده (10)
عاشرا – معاويه يوضح لزياد بن أبيه سياسه عمر بن الخطاب في الموالي ويامره بالاقتداء بها فيقول : وانظر إلى الموالي ، ومن أسلم من الاعاجم؛ فخذهم بسنة عمر بن الخطاب ؛ فان في ذلك خزيهم وذلّهم
ان تنكح العرب فيهم ولا تنكحوهم وأن يرثهم العرب ولا يرثونهم وأن يقدموا في المغازي يصلحون الطريق ، ويقطعون الشجر ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة ولا يتقدم أحد منهم في الصف الاُول ، إذا حضر العرب ، إلا أن يتموا الصف ولا تولّ أحداً منهم ثغراً من ثغور المسلمين ، ولا مصراً من أمصارهم ولا أحكامهم ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين فان هذه سنة عمر فيهم ، وسيرته إلى أن قال: يا أخي لولا أن عمر سنّ دية الموالي على النصف من دية العرب ـ وذلك أقرب للتقوى ـ لما كان للعرب فضل على العجم
فاذل العجم واهنهم واقصهم ولا تستعن باحد منهم ولا تقض له حاجه (11)
_____
(9) السنن الكبرى ج6 ص350 و349
(10)المناقب لابن شهرآشوب ج4 ص48
(11) سفينة البحار ج2 ص165
احد عشر-عمر منع وراثه الاعجمي للعربي
أن العرب يرثون العجم والموالي ، ولا يرث هؤلاء اولئك(12)
اثنا عشر- تقليم أظفار العجم
سابعا – عمر يسلَم السلطه لبني اميه
بعد وفاه يزيد بن ابي سفيان والي الشام من قبل عمر عيًن عمر أخيه معاويه بن أبي سفيان الطليق إبن الطليق الملعون ابن الملعون في مواقع عده ليصبح الوالي المدلل المطلقه يداه فيما يفعل وذلك لان الحزب الاموي المنافس العنيد لبني هاشم هو الوحيد القادر على إبعاد علي (عليه السلام ) عن الخلافه وقهر بني هاشم
عن المغيرة بن شعبة أنه قال:
قال لي عمر بن الخطاب يوما : يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء منذ أصيبت؟ قلت لا. قال: أما والله ليعورون بنو امية الاسلام كما أعورت عينك هذه.ثم ليعمينه حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء (13)
وروي أن ابن عباس سأل الخليفة عمر عن رأيه بعثمان بن عفان فقال عمر:
(أوه ثلاث مرات، والله لئن كان الأمر إليه ليحملن بني أبي معيْط على رقاب الناس، ووالله لئن فعل لَيَنْهَضُنّ إليه فلَيَقْتُلُنَه، واللّه لئن فعل ليفْعَلَن، والله لئن فعَلَ ليفْعَلن)(14)
ومع ذلك وضع عمر شروط الشوري بحيث تصل الخلافه لعثمان بن عفان الاموي حتما كما افصح عن ذلك علي بن ابي طالب (عليه السلام )
فليستلم عثمان الخلافه ولتفقأ بنوا أميه عين الاسلام طالما إن عليا لايصل الى الخلافه
إنها العصبيه القبليه والحسد القاتل لبني هاشم الذي دمر حياه المسلمين ودينهم وجرً عليهم الويلات والنكبات وسفك الدماء
تمكن الوالي المدلل معاويه من الامتناع عن بيعه علي (عليه السلام ) وأغار على اطراف الدوله الاسلاميه في الانبار واليمن والتي كانت تحت حكم الامام علي (عليه السلام ) وعاث فيها الفساد والقتل والجرائم التي يندى لها جبين الانسانيه ثم معركه صفين التي قتل فيها مايزيد عن سبعين الفا من المسلمين
فمن المسؤول عن دماء مايزيد عن ثمانين الفا من المسلمين في الجمل وصفين ..؟؟
وفي محاوره بين عمر وإبن عباس وصف بها عمر كل من المرشحين السته للخلافه الى ان جاء دور علي (عليه السلام ) فقال :
(أجرؤهم والله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك - يعني علي عليه السلام - أما إن ولي أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم) ( 15)
يقسم عمر بان عليا سيعمل بسنه الله ورسوله ومعنى ذلك ان عليا ان وصل للخلافه سيغيّر كل القرارات المخالفه لسنه رسول الله (صلى الله عليه واله) التي بدلها عمر وذلك بالتاكيد سيؤدي الى أن تنفض الناس عنه ويقتلونه وهذا ماحصل فقد إنفض عنه اول من بايعاه وهما طلحه والزبير
______
(12) تيسير الوصول ج2 ص188
(13) البصائر والذخائر ج1 ص 195
(14) تاريخ الطبري وابن الأثير في الكامل
( 15) شرح نهج البلاغة 12: 51 – 52
الباب الرابع - الفصل الثالث
ولاه عثمان على أمصار الدوله الاسلاميه أما طريد أو ملعون أو خمار
أرض السواد (العراق) بستان قريش
كان الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي والي عثمان على الكوفه صاحب خمارة ومبغى في مكة وعدوا لدوداً للنبي صلى الله عليه وآله، وكان مدمن خمر حتى صلى الصبح ثمان ركعات وتقيأ في محراب المسجد
شكاه المسلمون الى الخليفه عثمان بن عفان فاستدبله عثمان باموي اخر هو سعيد بن العاص
قدم سعيد بن العاص الكوفة فجعل يختار وجوه الناس يدخلون عليه ويسمرون عنده، وسمر عنده ليلة وجوه أهل الكوفة وفيهم مالك الأشترفقال سعيد:
إنما هذا السواد (العراق) بستانٌ لقريش(1)
فقال الأشتر: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك ولقومك؟
سار عثمان على منهج عمر بتحويل المجتمع الاسلامي الى مجتمع طبقي والى زرع التفرقه العنصريه في صفوفه
ان كان عمر قد اسس للتفرقه العنصريه بين العرب والاعاجم فقد زاد عثمان بان جعل الدوله بكل ثرواتها وولاياتها ومنها أرض السواد (اي العراق) ملكا لقريش وبالتحديد لبني أميه
فكان ولاه الامصار من بني أميه فقط
1-الوليد بن عقبه (أموي) والي الكوفه وكان خماراً صلى بالمسلمين صلاه الصبح ثماني ركع وتقيا بالمحراب
2- سعيد بن العاص (أموي) خلف الوليد بن عقبه على الكوفه وهو الذي قال (إن ارض السواد بستان قريش)
3- عبد الله بن عامر بن كريز هو إبن خال عثمان والى البصره
________
(1) الطبري: 3 / 365
4- معاويه بن أبي سفيان (أموي ) كان والي عمر على الشام وضم اليه عثمان فلسطين وحمص والاردن لتصبح أرض الشام بكاملها تحت امرته
5-عبد الله بن سعد بن أبي سرح - واليا على مصر
وهو أخو عثمان من الرضاعة وكان من أخطر المشركين، وأكثرهم عداءا للنبي (صلى الله عليه واله) وسخرية منه
وقد أهدر النبي دمه، وإن وجد متعلقا بأستار الكعبة، وقد هرب بعد فتح مكة
عثمان يوزع أموال الدوله على بني أميه
خص عثمان بني امية بالاموال، ومنحهم الهبات الضخمة
و كما يلي (2)
1- وهب عثمان الحارث بن الحكم صهره من عائشة ثلثمائه الف درهم وإبل الصدقات التي وردت المدينه وسوق تهروز في المدينه الذي تصدق به النبي على جميع المسلمين
2- وهب ابوسفيان راس المنافقين مائتي الف درهم من بيت المال
3- وهب سعيد بن العاص مائه الف درهم
4- تزوج عبد الله بن خالد بن أسيد بنت عثمان فامر له بستمائة ألف درهم وكتب إلى عبد الله بن عامر واليه على البصرة أن يدفعها اليه من بيت المال
5- الوليد بن عقبة أخو عثمان من أمه
إستقرض من عبد الله بن مسعود أموالا طائلة من بيت المال فأقرضه، وطلبها منه عبد الله فأبى أن يدفعها ورفع رسالة إلى عثمان يشكوه اليه، فكتب عثمان إلى عبد الله رسالة جاء فيها
(انما أنت خازن لنا فلا تتعرض للوليد فيما أخذ من المال) فغضب ابن مسعود، وطرح مفاتيح بيت المال وقال :
_______
(2) باقر شريف القرشي في كتابه حياه الامام الحسين ج1
كنت أظن اني خازن للمسلمين، فاما اذا كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك وأقام بالكوفة بعد أن إستقال من منصبه
فبيت المال في عرف السياسة العثمانية ملك للامويين، وليس ملكا للمسلمين،
6- الحكم بن العاص
كان هذا الرجس الخبيث من ألد اعداء رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد نفاه (صلى الله عليه واله) إلى الطائف، وقال (لايساكنني )
ولم يزل منفيا هو وأولاده طيلة خلافة الشيخين، ولما انتهى الحكم إلى عثمان أصدر عنه العفو فقدم إلى يثرب، وهو يسوق تيساً، وعليه ثياب خلقة فدخل على عثمان فكساه جبة خز وطيلسان ووهب له من الاموال مائة الف وولاه على صدقات قضاعة فبلغت ثلاثة مائة الف، فوهبها له
7- مروان بن الحكم
أما مروان بن الحكم فهو وزيره ومستشاره الخاص، وجميع مقدرات الدولة تحت تصرفه، وقد منحه الثراء العريض، ووهبه من الاموال ما يلي
أ - أعطاه خمس غنائم افريقية، وقد بلغت خمسمائة الف دينار
ب - أعطاه ألف وخمسين أوقية، لا نعلم أنها من الذهب أو الفضة وهي من الامور التي أشاعت التذمر والنقمة عليه
ج - أعطاه مائة الف من بيت المال، فجاء زيد بن أرقم خازن بيت المال بالمفاتيح فوضعها بين يدي عثمان وجعل يبكي فنهزه عثمان وقال له
أتبكي إن وصلت رحمي ؟
قال ولكني أبكي لاني أظنك أخذت هذا المال عوضا عما كنت أنفقته في سبيل الله، في حياة رسول الله (صلى الله عليه واله) ولو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيراً
فصاح به عثمان
الق المفاتيح يا أبن أرقم فانا سنجد غيرك
د - أقطعه فدكا
هـ - كتب له بخمس مصر
عثمان يوزع ارض العراق الخصبه على بني اميه والقبائل المواليه لهم
ارض العراق من الاراضي التي فتحت عنوه فهي ملك للدوله ولا يجوز تمليكها للاشخاص
فقد أقطع عثمان أراضي في داخل الكوفة وخارجها، أما التي في داخل الكوفة فقد أقيمت فيها الدور والمساكن، وسميت (مساكن الوجوه) وقد أقطع لجماعة من الصحابة وهم :
1- طلحة، وسميت دار الطلحيين، وكانت في الكناسة
2- عبيد الله بن عمر، وسميت (كويفة ابن عمر)
3- اسامة بن زيد
4- سعد، وابن أخيه هاشم بن عتبة
5- أبا موسى الاشعري
6- حذيفة العبسي
7-عبد الله بن مسعود
8- سلمان الباهلي
9- المسيب الفزاري
10- عمرو بن حريث المخزومي
11- جبير بن مطعم الثقفي
12-عتبة بن عمر الخزرجي
13- أبا جبير الانصاري
14-عدي بن حاتم الطائي
15- جرير البجلي
16- الاشعث الكندي
17- الوليد بن عتبة
18- عمار بن عتبة
19- الفرات بن حيان العجلي
وأقطع أراضي واسعة تدر بالربح الكثير لجماعة وهم :
1 - طلحة بن عبد الله أقطعه (النشاستج) .
2 - عدي بن حاتم منحه (الردحاء) .
3 - وائل بن حجر الحضرمي منحه (رضيعة زادر) .
4 - خباب بن الارت منحه (صعبنا) .
5 - خالد بن عرفطة أقطعه أرضا عند (حمام اعين) .
6 - الاشعث الكندي أعطاه (ظيزنابار) .
7 - جرير بن عبد الله البجلي أقطعه أرضا على شاطئ الفرات ( الجرفين)
8 - عبد الله بن مسعود أقطعه أرضا بالنهرين .
9 - عبد الله بن مالك الزهري أعطاه قرية (هرمز) .
10 - الزبير بن العوام أقطعه ارضا .
11 - أسامة بن زيد أقطعه أرضا ثم باعها .
هذه بعض الاراضي التي أقطعها عثمان، وقد إندفع جماعة من الطبقة الارستقراطية إلى شراء أرض العراق الخصبة فاشترى طلحة ومروان بن الحكم، والاشعث بن قيس حتى شاع الاقطاع وظهرت الملكيات الواسعة والاقطاعات الكبيرة وقام بزراعتها الموالي والرقيق والاحرار، وظهر تضخم المال وكثرة الاتباع عند فريق خاص من الناس
لقد أوجدت هذه السياسة المالية طبقتين من الناس
الاولى - الطبقة الفاحشة في الثراء التي لا عمل لها إلا اللهو والعبث ومجالس الخمور والغناء
الثانيه - وهي الطبقة الكادحة التي تزرع الارض، وتعمل في الصناعة وتشقى في سبيل اولئك السادة، ومن أجل الحصول على فتات موائدهم ، وترتب على فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية إنعدام الاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية على السواء، وقد سارت الدولة الاموية في أيام حكمها على هذه السياسة فاخضعت المال لبني اميه، وجعلوه سلاحا ضد أعدائهم، ونعيما مباحا لانصارهم
الكوفه يومئذ امويه
وصل الامام علي (ع) الكوفه فوجد اغلب اهلها من الامويين ومن القبائل المواليه لهم ولذلك فقد كانت الكوفه امويه الهوى يومئذ وشكّل سكانها العمود الفقري لجيش الدوله الذي خذل الامام علي والامام الحسن وقتل الامام الحسين (ع ) بامر يزيد لعنه الله
قتل عثمان وتولى علي (عليه السلام ) الخلافه
لقد خافت قريش وبني اميه على ثرواتها، وخافت على نفوذها ومكانتها، فقد عرفت الامام، وعرفت مخططاته الهادفة إلى إقامة الحق، والعدل، وتحطيم الامتيازات الغير المشروعة، وانه سيعاملهم كبقية أفراد الشعب
وفزع الامويون و القبائل القرشية والمواليه لبني اميه وأصابهم الذهول فقد أيقنوا ان الامام سيصادر الأموال والاراضي التي منحها لهم عثمان بغير حق، فقد كتب عمرو بن العاص رسالة إلى معاوية جاء فيها
(ما كنت صانعا فاصنع إذا قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها)
لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين، والأحقاد تنخر ضمائرهم فاندفعوا إلى اعلان العصيان والتمرد على حكومة الامام (3)
______
(3)باقر شريف القرشي في كتابه حياه الامام الحسين ج1
الامام علي (عليه السلام ) يصادر الاقطاعيات ويعيد الاموال المنهوبه الى بيت المال
صادر الامام علي جميع الاقطاعيات الممنوحه بغير وجه حق وان أرض العراق أرض مفتوحه عنوه فهي ملك لكل المسلمين المولودين والذين يولدون لاحقا ولا يجوز تملكها أو بيعها كما صادر الاموال المنهوبه
مدَ معاويه جسور الاتصال مع أصحاب الاقطاعيات المصادره في العراق والذين أغلبهم من بني اميه أو مناصري بني أميه والذين يشكلون قوه كبيره في جيش الامام علي (عليه السلام ) للعمل معا على قتل الامام علي
وسنرى في الفصل القادم ماذا عملت حيتان الفساد الكبيره أصحاب الاقطاعيات المصادره والاموال المنهوبه والذين شكلوا طابورا خامسا لمعاويه في جيش الامام علي (عليه السلام)
اذا اراد الامام علي عليه السلام اعاده المجتمع والدوله الى الجاده التي رسمها رسول الله صلى الله عليه واله واصلاح ما خرّبه عمر وعثمان فمعني ذلك قتل الامام علي عليه السلام
الباب الرابع
معاويه يقتل الامام (علي عليه السلام )
خطه أبو بكر وعمر لاغتيال علي ( عليه السلام ) على الطاوله من جديد
نعود الى خطه (أبو بكر وعمر لاغتيال الامام علي (عليه السلام ) بتنفيذ خالد التي أوقفت في اللحظات الاخيره لعدم توفر الارضيه الاجتماعيه لتنفيذها
الان وبعد أن عملت قرارات أبو بكر وعمر وعثمان عملها في تدمير الامه الاسلاميه وبعد تكدس الثروات بيد الامويين وشراء ذمم قاده الجيش والجند أصبح ثلاثه أرباع جيش الخلافه في الكوفه أموي الهوى وصار قاده الجيش من أمثال الاشعث بن قيس يستطيعون أن يوقفوا حرب أو يغيّروا أوامر الخليفه وإن لم يوافق الامام علي يهددوه بالقتل وهذا ماحدث مع الامام علي (عليه السلام ) والامام الحسن من بعده
ونعود الى اصحاب الصحيفه الملعونه التي تطرقنا اليها فيما سبق الذين تعاهدوا على العمل من اجل عدم وصول علي (عليه السلام ) للخلافه وقد كان منهم عمرو بن العاص والمغيره بن شعبه والاشعث بن قيس وابو موسى الاشعري ومعاويه بن ابي سفيان وسعيد بن العاص لقد عملوا هؤلاء جميعا تحت إمره معاويه لتنفيذ قرارات الصحيفه الملعونه
كان الاشعث بن قيس كبير هؤلاء المنافقين التابعين لمعاويه والذين أغدق عليهم عثمان أموالا طائله والذي غيروا مسار الحرب في صفين وفرضوا على الامام علي شخصيه معاديه للامام وهو أبو موسى الاشعري ليمثل جيش الامام في التحكيم
دور الاشعث في معركه صفين
الاشعث منافق إبن كافر
وكان الأشعث من المنافقين في خلافة علي عليه السلام ، وهو في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كما كان عبد الله بن أبي بن سلول في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله)، كل واحد منهما رأس النفاق في زمانه (1)
_______
(1) شرح النهج 1 / من ص 292 ـ 927
الاشعث أموي الهوى
الاشعث أموي الهوى من أتباع عثمان ومن الذين وهبهم عثمان الاراضي الكبيره في العراق بدون وجه حق
عينه عثمان واليا على أذربيجان وبعد مقتل عثمان إستدعاه الامام علي (عليه السلام ) الى الكوفه
الاشعث عميلا لمعاويه
وقد ذُكر أنَّ الأشعث كان ينوي أن يلتحق بـمعاوية قبل معركة صفين إلا أن أصحابه إعترضوا عليه، وصرفوه عن قصده (2)
روي أنَّ الأشعث بن قيس كان على رجال كندة وربيعة في جيش الإمام علي (عليه السلام ) في معركة صفين، فعزله الإمام، وولّى قيادتهما لحسان بن مخدوج، فاعترض على الإمام بعض أصحابه اليمنيين، مما أدى إلى خلاف في جيش الإمام، فاستغل معاوية الفرصة وسعى لجذب الأشعث إلى معسكره، إلا أنَّ الإمام عيّنه قائداً على ميمنة جيشه (3)
وبعد أن إشتدت الحرب على جيش الشام أرسل معاوية أخاه عتبة بن أبي سفيان إلى الأشعث بن قيس ليُقنعه بترك القتال، فتكلم عتبة مع الأشعث، ورغّبه بترك القتال، وفي ليلة الهرير حيث قُتل الكثير من جيش معاوية وكاد جيش الإمام علي (عليه السلام ) أن ينتصر في المعركة قام الأشعث خطيباً في أصحابه وتكلم معهم لوقف القتال. وبنفس الوقت رفع جيش معاويه المصاحف على أسنة الرماح مطالباً وقف القتال والتحكيم لكتاب الله، فعندما أرتفعت المصاحف على الرماح طالب الأشعث الإمام بوقف القتال وقبول التحكيم وهددَ عليا بالقتل كما قتل عثمان(4)
_______
(2)المنقري، وقعة صفين، ص 21
(3)المنقري، وقعة صفين، ص 138-140
(4)شرح نهج البلاغه للحائري ج2
عمرو بن العاص ينفذ مكيدته برفع المصاحف والاشعث يدعو لوقف القتال
ويقول اليعقوبي في تاريخه
وزحف أصحاب علي وظهروا على أصحاب معاوية ظهورا شديدا، حتى لصقوا به، فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه، فقال له عمرو بن العاص:
إلى أين؟
قال: قد نزل ما ترى، فما عندك؟
قال: لم يبق إلا حيلة واحدة، أن ترفع المصاحف، فتدعوهم إلى ما فيها، فتستكفهم وتكسر من حدهم، وتفت في أعضادهم. قال معاوية: فشأنك! فرفعوا المصاحف، ودعوهم إلى التحكيم ، وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله. فقال علي: إنها مكيدة، وليسوا بأصحاب قرآن. فاعترض الأشعث بن قيس الكندي، وقد كان معاوية استماله، وكتب إليه ودعاه إلى نفسه
وقال الاشعث: قد دعا معاويه القوم إلى الحق
فقال علي (عليه السلام )
إنهم إنما كادوكم، وأرادوا صرفكم عنهم. فقال الأشعث: والله لئن لم تجبهم انصرفت عنك. ومالت اليمانية مع الأشعث، فقال الأشعث: والله لتجيبنهم إلى ما دعوا إليه، أو لندفعنك إليهم برمتك، فتنازع الأشتر والأشعث في هذا كلاما عظيما، حتى كاد أن يكون الحرب بينهم، وحتى خاف علي عليه السلام أن يفترق عنه أصحابه. فلما رأى ما هو فيه أجابهم إلى التحكيم
الامام علي (عليه السلام ) أمام خيارين أحلاهما مر
تمرد الاشعث وجماعته على الامام علي وكان المتمردون ثلاثه ارباع الجيش ويتوجب على علي (عليه السلام ) قتال جيش الشام زائدا ثلاثه ارباع جيشه وهذا إنتحار فوافق مكرها على التحكيم
ويتبين لك اخي القارئ بان جيش العراق الذي كان بأمره الامام علي (عليه السلام ) هو باغلبيته أموي الهوى وهذا يفسر سر شكوى الامام من جيش العراق أنذاك والمناصرون لعلي فيه أقل من الربع
الاشعث يفرض على علي (عليه السلام ) أختيار ابو موسى الاشعري للتحكيم
يقول اليعقوبي في تاريخه
وقال علي:
أرى أن أوجه بعبد الله بن عباس. فقال الأشعث: إن معاوية يوجه بعمرو بن العاص، ولا يحكم فينا مضريان، ولكن توجه أبا موسى الأشعري، فإنه لم يدخل في شئ من الحرب. وقال علي: إن أبا موسى عدو، وقد خذل الناس عني بالكوفة، ونهاهم أن يخرجوا معي. قالوا: لا نرضى بغيره
الاشعث يبايع ضبّا أميراً بدلا عن علي (عليه السلام )
بايع هذا اللعين مع جماعة منهم عمرو بن حريث ، و شبث بن ربعي ضبّا ، خارج الكوفة و ذلك أنه رأى في جبانة الكوفة ضبا يعدو ، فنادى : يا ابا الحسن هلمّ يدك نبايعك بالخلافة
فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فقال : إنهما يحشران و إمامهما الضب
الاشعث بن قيس.. يشرف على تنفيذ الجريمه بالاتفاق مع معاويه
الاشعث يأمر بتنفيذ الاغتيال
و قد كان إبن ملجم لعنه اللّه أتى الأشعث بن قيس ليلا فخلا به في بعض نواحي المسجد و مرّ بهما حجر بن عديّ فسمع الأشعث و هو يقول لابن ملجم النّجا النّجا بحاجتك فقد فضحك الصّبح ، قال له حجر : قتلته يا أعور ،
وإنَّ الأشعث هو الذي شجع إبن ملجم أن يُقدم على اغتيال الإمام قبل طلوع الفجر حتى لا يُفتضح. وبعد أن ضُرب الإمام بعث الأشعث إبنه ليستطلع عن حاله (5)
الاشعث مشرفا على تنفيذ عمليه الاغتيال
يظهر من المصادر التأريخية أنَّ الأشعث بن قيس كان المخطط والمشرف على التنفيذ بالاتفاق مع معاويه وأن عبد الرحمن بن ملجم عندما دخل الكوفة ليقتل الإمام أقام شهراً في بيت الأشعث وكان خلال هذه المدة يشحذ سيفه ويسمّها (6)
______
(5)ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 27
(6)اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 212
الامام الصادق يؤكد اشتراك الاشعث بالجريمه
وقد ورد في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنَّ الأشعث شَرِك في دم أمير المؤمنين (عليه السلام ). كما ورد في بعض الروايات أنَّه كان قد هدَّد الإمام بالموت والفتك(7)
فمن هو الاشعث بن قيس ؟
إنه رئيس قبيله كنده أسلم وإرتد وبعث اليه أبو بكر جيشا لمقاتلته وإقتيد أسيراً مكبلا بالحديد فعفا عنه أبو بكر وزوجه أخته أم فروه وندم أبو بكر بعد ذلك ندماً شديداً على فعلته تلك
وإسم الأشعث : معدي كرب ، وكان الأشعث أشعث الرأس فسمي الأشعث وغلب عليه حتى نُسي إسمُهُ
الاشعث خائن غادر
وقد قال الامام علي فيه : (و إنّ امرء دلّ على قومه السّيف ، و ساق إليهم الحتف ، لحرىّ أن يمقته الأقرب ، و لا يأمنه الأبعد .)(8)
وكان المسلمون يلعنون الأشعث ويلعنه الكافرون أيضاً وسبايا قومه ، وسماه نساء قومه عرف النار ـ وهو اسم للغادر عندهم (9)
عائله الاشعث عائله خبيثه
وقد أنجب الاشعث من أم فروه أخت أبو بكر بنتا وولدين ورثوا عن أبيهم مشايعه الامويين وقتل بني هاشم وهم
محمد بن الأشعث : وكان له دور في إعتقال حجر بن عدي من أصحاب الإمام علي (عليه السلام )، وقد شارك في قتل هاني بن عروة ومسلم بن عقيل في الكوفة وشارك في دم الإمام الحسين (عليه السلام )
_______
(7)الكافي، ج 8، ص 167، ح187
(8)اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 188-189
(9)الطبري 3: 275
قيس بن الأشعث: وكان قيس من الذين كتبوا للإمام الحسين (عليه السلام ) يدعونه للقدوم إلى الكوفة، إلا أنَّه التحق بـجيش عمر بن سعد، وأنكر مكاتبته للإمام الحسين (عليه السلام ) وهو الذي سلب قطيفتة
جعدة بنت الأشعث: تزوجت من الإمام الحسن (عليه السلام )، وكان زواجها منه باقتراح من الأشعث وقد دست السم للإمام الحسن (عليه السلام ) بإغراء من معاوية
معاويه يرسم خطه الاغتيال
خلقت سياسات أبو بكر وعمر وعثمان جبهه رفض واسعه لعلي في العراق وفي جيش الدوله الاسلاميه فالعوده الى سنه رسول الله (صلى الله عليه واله) بتوزيع العطاء بالتساوي الًبت عليه كبار الصحابه الذين يستلمون رواتب طائله وتعودوا على حياه الترف والبذخ وفي مقدمتهم طلحه والزبير كما إن العوده الى سنه رسول الله بمساواه العرب بالاعاجم المسلمين لم يتقبلها زعماء وساده قريش الذين لم يتغلغل الاسلام في قلوبهم
وهناك أصحاب الاقطاعيات الكبيره التي وهبها عثمان لاصحابه ولبني أميه من أرض العراق بدون وجه حق والتي أدت الى أن يصبح هؤلاء من الطبقه البرجوازيه المترفه وإستمالوا الجيش بالمال لموالاتها وقد صادر الامام علي مقاطعاتهم واموالهم
كل اؤلئك نقموا على علي (عليه السلام ) نتيجه لعودته الى سنه رسول الله التي خالفها أبو بكر وعمر وعثمان وهم طوع بنان معاويه بما يأمرهم به في اغتيال علي (عليه السلام)
كما ان عمرو بن العاص الذي ساعد معاويه في حرب صفين شرط توليته مصر أصبح متفردا بخراج مصر ولا يبعث منه شيئا لمعاويه مما أدى الى أن يفكر معاويه للتخلص منه ومن الامام علي (عليه السلام ) مره واحده وتسخير فئه الخوارج الذين يكنون العداء للامام علي (عليه السلام ) في الكوفه ولدفع الشبهه عنه رتّب إعلامه مسرحيه بائسه بان الخوارج إستهدفوا علي ومعاويه وعمرو بن العاص وإعلامه انذاك يغطي الشام ومصر والعراق
معاويه يحاول التخلص من عمرو بن العاص
إنضم عمرو بن العاص إلى صفِّ معاوية بن أبي سفيان في حربه ضدَّ الإمام علي (عليه السلام )، وقد اشترط عمرو على معاوية حكم مصر جزاء وقوفه بصفّه، وقد كان دور عمرو بن العاص في تثبيت ملك معاوية بن أبي سفيان يمثِّل الأساس الذي لولاه لقُتل معاوية وأتباعه في صفين، وقد وفى معاوية لعمر بعد أن استتبَّ له الأمر، إلَّا أنَّه بعد مرور مدَّة من الزمن طالبه معاويه بخراج مصر الذي كان من ضمن الاتفاق أن يكون لعمرو بن العاص، فأجابه عمرو بقصيدة طويلة فضح فيها ما كان بينهما، ونطق بالحق وشهد لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام)
وممَّا جاء في القصيدة قوله
معاويةُ الحالَ لا تجهلِ وعن سُبُلِ الحَقِّ لا تعدِلِ
نسيتَ احتياليَ في جِلّق على أهلِها يوم لُبْسِ الحُلي
إلى أن يقول:
نصرناك من جَهْلِنا يا ابن هند على النبأ الأعظمِ الأفضلِ
وحيث رفعناك فوقَ الرؤوسِ نَزَلْنا إلى أسفلِ الأسفَلِ
معاوية الحال لا تجهل وعن سبل الحق لا تعدل
خلعت
الخلافة من
حيدر كخلع
النعال من الأرجل
وألبستها
فيك بعد
الأياس كلبس
الخواتيم بالأنمل
وجهلك
بي يا بن آكلة
الكبودلأعظم
ما أبتلي
فلولا
موازرتي لم
تطع
ولولا وجودي لم تقبل
ولولاي
كنت كمثل النساء تعاف
الخروج من المنزل
وكم
قد سمعنا من المصطفى وصايا مخصصة في
علي؟
وفي
يوم " خم " رقى منبرا يبلغ والركب لم
يرحل
فإنك
من إمرة
المؤمنين
ودعوى الخلافة في معزل
ومالك
فيها ولا
ذرة
ولا لجدودك بالأول
اضمر معاويه في نفسه التخلص من عمرو بن العاص وعلي بن ابي طالب في أقرب فرصه ممكنه لذلك (10)
عبد الرحمن بن ملجم يسرب خطه الخوارج الى عمرو بن العاص
يقول ابن حجر العسقلاني في كتابه «لسان الميزان»
أن الخليفة عمربن الخطاب طلب من عمرو بن العاص أن يقرِّب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلِّم الناس القرآن والفقه فوسَّع له فكانت داره إلى جانب دار عبد الرحمن بن عديس أي إنه كان جاراً لسيد قبيلة (بَلِيّ) أحد قادة الفتح ومن أهل الراية شديدي اللصوق بعمرو بن العاص
ولان عبد الرحمن بن ملجم تربطه علاقه صداقه قويه بعمرو بن العاص فقد سرب المعلومات الى عمرو بن العاص للتغيب تلك الليله عن الصلاه فتظاهرعمرو بن العاص بالمرض وخرج قائد الشرطه محله فقتل
قاتل معاويه
ولكي يتم اقناع الخوارج بتحقيق هدفهم بقتل علي ومعاويه وعمرو بن العاص وايهام الرأي العام بان العمليه من تخطيط وتنفيذ الخوارج ولادخل لمعاويه فيها تم اختيار البرك لقتل معاويه بمسرحيه هزيله فمره يقولون ضربه البرك بن عبد الله بسيف ومره بخنجر ومره في يده ومره في فخذه ومره في اليته مما يفسر هزاله المسرحيه
صدرت الاوامر للاشعث بن قيس بالتهيؤ لتنفيذ العمليه
منحت الحريه التي منحها الامام علي (عليه السلام ) للمسلمين حريه الحركه فحبكت المؤامرات وتم اختيار موسم الحج لاجتماع الاشعث بعبد الرحمن بن ملجم وبعض وجوه الخوارج والتباحث في عمليه الاغتيال
الاجتماع في مكه
إستطاع الاشعث أن يقيم مؤتمرا للخوارج الفئه الساذجه التي تطالب بقتل علي ومعاويه وعمر بن العاص في مكه وبحضور ممثلي معاويه بصفه حجيج من الشام في موسم الحج لتمويل وتجهيز مستلزمات الجريمه من دون الكشف عن إرتباطاتهم بمعاويه
____
(10) المصدر عمر بن العاص وشعره في الغدير للعلامه الاميني
أرسل معاويه ممثليه الى اجتماع مكه وزودهم بالاموال وخطه الجريمه
دبرَ معاويه خطه محكمه فاستغل غباء وحقد الخوارج عليه وعلى علي (عليه السلام ) وعمر بن العاص ليكونوا الاداه المنفذه لقتل علي بن ابي طالب (عليه السلام ) وعمروا بن العاص وانما ضم نفسه الى علي وعمرو بن العاص في الاغتيال لاقناع الخوارج لتنفيذ الخطه وإبعاد الشبهه عنه
وتذكر الروايات أن ابن ملجم والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي إجتمعوا في مكة المكرمة في أثناء الحج (فتذاكروا أمر الناس وعابوا على ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهروان وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً…، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا البلاد منهم وثأرنا لإخواننا)
فتكفل عبد الرحمن بن ملجم بقتل الخليفة علي بن أبي طالب، وتكفل البرك بن عبد الله بقتل معاوية والي الشام، وعمرو بن بكر بقتل عمرو بن العاص والي مصر، ثم تعاهدوا وتواثقوا بالله واتعَّدوا لسبع عشرة من رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه إليه، وأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يطلبه
فأما إبن ملجم لعنه الله فإنه لما أتى الكوفة اقام شهراً في بيت الاشعث بن قيس للتهيئه وشراء السيف وسمه
قطام وعبد الرحمن
وقد تم وضع قطام في طريق عبد الرحمن بن ملجم وهي حسناء قتل أبوها وأخوها في النهروان ومن أشد الحاقدين على علي وقامت بتمثيل العاشقه لعبد الرحمن بن ملجم وقد سقط عبد الرحمن بن ملجم بغرامها سريعا وطلب يدها الا إنها اشترطت مهرا ثلاثه الاف دينار وعبدا وقينه وقتل الامام علي (عليه السلام)
يصور لنا الاعلام الاموي في الروايه التاليه بان عبد الرحمن بن ملجم انما أقدم على قتل علي بسبب عشقه لقطام لا عن اتفاق مسبق برعايه الاشعث:
قال عبد الرحمن بن ملجم لقطام :
(ويحك! ومن يقدر على قتل علي وهو فارس الفرسان وواحد الشجعان؟ فقالت
لا تكثر، فذلك أحب إلينا من المال، إن كنت تفعل ذلك وتقدر عليه وإلا فاذهب إلى سبيلك؟ فقال لها: أما قتل علي بن أبي طالب فلا، ولكن إن رضيتي ضربته بسيفي ضربة واحدة وانظرى ماذا يكون؟ قالت: رضيت ولكن ألتمس غرته لضربتك، فإن أصبته انتفعت بنفسك وبي، وإن هلكت فما عند الله خير وأبقى من الدنيا وزينة أهلها،)
فقال لها: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب،
قالت
فإذا كان الأمر على ما ذكرت دعني أطلب لك من يشد ظهرك ويساندك ، فقال لها: افعلي
فبعثت إلى رجل من أهلها يقال له وردان (وهو ابن عمها ) من تيم الرباب وشبيب بن بجرة من الخوارج،
تفاصيل لقاء قطام بابن ملجم
ويظهر بوضوح ان اللقاء مرتب وانها وضعت في طريقه لسلب لبه وشحذ همته ودفعه لتنفيذ ما اتفق عليه مع اصحابه بدون تردد وتشجيعه بتجنيد مساعدين له وهما وردان وشبيب بن بجره
فقال لها إبن ملجم
يا هذه كفي عني فقد أفسدت علي ديني وأدخلت الشك في قلبي وما أدري ما أقول وقد عزمت على رأيي ثم أنشد
ثـلاثـة آلاف وعبـد وقيـــــــــــــــنـة وقتـل عـلي بالحسام المصـــــــمم
فلا مهر أغلى من علي وإن غـلى ولا فتك إلا دون فتك بن ملجم
فأقسمت بالبيت الحرام و من أتى إليه جهارا من حــل ومحــــــــــرم
لقد أفسدت عقلي قطام وإننـــــــي لمنها على شـك عظيم مذمــــــــم
لقتل علي خير من وطئ الــــــثرى أخ البدر الـهادي النبي المكــــرم
وحتى هذه الابيات الشعريه مكذوبه ومنسوبه لعبد الرحمن بن ملجم لصرف انتباه المسلمين عن الدافع الحقيقي لخطه الاغتيال ومن رعاها ومن مولها
قطام... وجهاد النكاح
يروي العلامه المجلسي في بحار الانوار -ج42-الصفحه 273
تفاصيل لقاء عبد الرحمن بن ملجم بالفاسقه الملعونه قطام فيقول :
(وسار ابن ملجم حتى وصل إلى دار قطام فلما طرق الباب قالت: من الطارق؟ قال: أنا عبد الرحمن ففرحت قطام به وخرجت إليه واعتنقته وأدخلته دارها، وفرشت له فرش الديباج وأحضرت له الطعام والمدام، فأكل وشرب حتى سكر، وسألته عن حاله فحدثها بجميع ما جرى له في طريقه، ثم أمرته بالاغتسال وتغيير ثيابه، ففعل ذلك، وأمرت جارية لها ففرشت الدار بأنواع الفرش، وأحضرت له شرابا وجواري، فشرب مع الجواري وهن يلعبن له بالعيدان والمزامير والمعازف والدفوف، فلما أخذ الشراب منه أقبل عليها وقال: ما بالك لا تجالسيني ولا تحادثيني ولا تمازحيني يا قرة عيني؟
فقالت له: بلى سمعا وطاعة، ثم إنها نهضت ودخلت إلى خدرها، ولبست أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت وخرجت إليه، وقد كشفت له عن رأسها وصدرها ونهودها وأبرزت له عن فخذيها، وهي في طاق غلالة رومي يبين له منها جميع جسدها وهي تتبختر في مشيتها، والجوار حولها يلعبن، فقام الملعون وأعتنقها وترشفها و حملها حتى أجلسها مجلسها، وقد بهت وتحير، واستحوذ عليه الشيطان، فضربت بيدها على زر قميصها فحلته، فلما أراد مجامعتها لم تمكنه من ذلك، فقال: لم تمانعيني عن نفسك وأنا وأنت على العهد الذي عاهدتك عليه من قتل علي؟ ولو أحببت لقتلت معه شبليه الحسن والحسين! ،ثم ضرب يده على هميانه فحله من وسطه ورماه إليها، وقال: خذيه فإن فيه أكثر من ثلاثة آلاف دينار وعبد وقينة، فقالت له: والله لا أمكنك من نفسي حتى تحلف لي بالايمان المغلظة أنك تقتله، فحملته القساوة على ذلك، وباع آخرته بدنياه! و تحكم الشيطان فيه بالايمان المغلظة أنه يقتله ولو قطعوه إربا إربا، فمالت إليه عند ذلك وقبلته وقبلها، فأراد وطيها فمانعته، وبات عندها تلك الليلة من غير نكاح، فلما كان من الغد تزوج بها سرا)
وفي اعتقادي ان الاهداف التي توخاها منظمو اللقاء هي مايلي :
الاول : قطع الطريق على عبد الرحمن بن ملجم اذا تردد في تنفيذ جريمه القتل بايجاد دافع اخر وهو دافع العشق والغرام الذي اعمى قلبه وإستحوذ على تفكيره فدفعه دفعا لتنفيذ الجريمه
الثاني : يروج الاعلام الاموي للقاء عبد الرحمن بقطام التي قتل أبوها وأخوها في النهروان عند قتال علي عليه السلام للخوارج الى إن الدافع لجريمه الاغتيال هو كره الخوارج لعلي بن طالب وطلب قطام الثار لابيها واخيها ولينصرف ذهن الناس عن معاويه والاشعث ومكيدتهما
الثالث :كما يروج الاعلام الاموي الى ان دافع عبد الرحمن الاضافي لقتل علي عليه السلام هو عشقه لقطام وطلبها منه قتل علي كمهر لزواجها منه وإبعاد الشبهه عن معاويه والاشعث بن قيس
معاويه
بن ابي سفيان يغتال علي بن ابي طالب (عليه السلام ) في المسجد بسيف
عبد الرحمن بن ملجم
فلما كانت الليلة المتفق عليها من رمضان أخذ المجرمون الثلاثه أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكانت ليلة الجمعة،
المشرف على العمليه يصدر أمر التنفيذ
وكان الاشعث بن قيس مشرفا عاما على العمليه وكان تلك الليله في المسجد لمراقبه التنفيذ وقد أيقظ الثلاثه من النوم لتنفيذ العمليه وهم:
عبد الرحمن بن ملجم و وردان (ابن عم قطام ) وشبيب بن بجره
وقال لعبد الرحمن بن ملجم
(النجا فقد فضحك الصبح )
قال أبو الفرج: وقد كان ابن ملجم أتى الأشعث بن قيس في هذه الليلة، فخلا به في بعض نواحي المسجد، ومر بهما حجر بن عدي، فسمع الأشعث وهو يقول لابن ملجم، النجاء النجاء بحاجتك! فقد فضحك الصبح
ضرب اللعين عبد الرحمن بن ملجم الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) على راسه وهو يصلي في محراب الكوفه بسيف إشتراه بالف وسمه بالف وإستشهد الامام بعد الضربه بثلاثه أيام أما عمرو بن العاص فانه لم يخرج للصلاه كما مر بنا وخرج بدلا عنه قائد الشرطه فقتل وأما معاويه فصّور للناس إنه أصيب بجرح في مسرحيه بائسه كما مر بنا
الباب الرابع
الادله التي تثبت تورط معاويه بن أبي سفيان بقتل علي بن ابي طالب(عليه السلام)
كانت مؤامرة قتل الإمام علي (عليه السلام ) من تخطيط وتمويل معاويه بن أبي سفيان وفيما ياتي الادله على ذلك
1-الدليل الاول
ان أبا الأسود الدؤلي ألقى تبعة مقتل الامام على بني أمية، وذلك في مقطوعته التي رثا بها الامام فقد جاء فيها
الا أبلغ معاوية بن حرب * فلا قرت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا * بخير الناس طراً أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا * ورحلها ومن ركب السفينا
ومعنى هذه الأبيات ان معاوية هو الذي فجع المسلمين بقتل الامام ، فهو مسؤول عن إراقة دمه، ومن الطبيعي ان أبا الأسود لم ينسب هذه الجريمة لمعاوية الا بعد التأكد منها، فقد كان الرجل متحرجا أشد التحرج فيما يقول(1)
2-الدليل الثاني
إن القاضي نعمان المصري، وهو من المؤرخين القدامى قد ذكر قولا في أن معاوية هو الذي دس إبن ملجم لاغتيال الامام، قال ما نصه
(وقيل إن معاوية عامله - اي عامل إبن ملجم - على ذلك - أي على اغتيال الامام - ودس إليه فيه، وجعل له مالا عليه.. )(2)
_____
(1)تاريخ ابن الاثير 3/198
(2) المناقب والمثالب (ص 98) للقاضي نعمان المصري
3 – الدليل الثالث
ومما يؤكد اشتراك الحزب الأموي في المؤامرة هو ان الأشعث ابن قيس قد ساند إبن ملجم، ورافقه أثناء عملية الاغتيال، فقد قال له: " النجا فقد فضحك الصبح " ولما سمعه حجر بن عدي صاح به " قتلته يا أعور " وكان الأشعث من أقوى عملاء معاويه في العراق، فهو الذي أرغم الامام على قبول التحكيم وهدد الامام بالقتل قبل قتله بزمان قليل كما كان عينا وعميلا لمعاوية بالكوفة
4- الدليل الرابع
والذي يدعو إلى الاطمئنان في أن الحزب الأموي كان له الضلع الكبير في هذه المؤامرة هو ان ابن ملجم كان معلما للقران (3)
وكان يأخذ رزقه من بيت المال، ولم تكن عنده أية سعة مالية فمن أين له الأموال التي اشترى بها سيفه الذي اغتال به الامام بألف وسمه بألف؟؟
ومن أين له الأموال التي أعطاها مهراً لقطام وهو ثلاثة آلاف وعبد وقينة؟
كل ذلك يدعو إلى الاعتقاد أنه تلقى دعما ماليا من معاويه إزاء قيامه باغتيال الامام
5-الدليل الخامس
إفتخر بعض الأمويين عندما أدخلوا السبايا في مجلس يزيد بن معاوية لعنه الله بقوله
نحن قتلنا عليا وبني علي
بسيوف هنـدية ورماح
وسبينا نساءهـم سبي ترك
ونطحناهم فأي نطاح (4)
فهو أوضح دليل على أن للأمويين يداً طولى في قتل سيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه
______
(3) لسان ميزان 3 / 440
(4) الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص28
6 – عمليه اغتيال الامام علي تمت بتخطيط دقيق من عقليه ماكره وهي ليست عقليه إبن ملجم قطعا
إختيار قاتل الامام علي (عليه السلام ) تم بعنايه فائقه
فشلت قريش في خمس محاولات لقتل الامام علي عليه السلام وقد درس معاويه أسباب فشل قريش وتجنب أخطائهم في المحاولات السابقه فرسم خطه محكمه تجنبه المسؤوليه وإختار القاتل بعنايه فائقه مراعيا مايلي:
اولا :
القاتل يجب ان يكون من فئه مكروهه في المجتمع ومعاديه للامام علي (عليه السلام ) وكانت فئه الخوارج هي التي تنطبق عليها المواصفات فقد حاربهم الامام علي (عليه السلام) وقتل رجالهم ولذلك حين تسمع الامه ان القاتل من الخوارج لاتسأل عمن دفعه لذلك ولا من موله ولا من خطط له ويبقى معاويه في مأمن من توجيه اي اتهام
ثانيا:
القاتل يجب ان يكون من فئه متحجره فكريا وتقاد كما تقاد البهيمه الى الجزار بدون عناء وممانعه وهذا ينطبق على فئه الخوارج ايضا ولعل في مجتمعنا اليوم الكثير من أشباه هؤلاء الهمج الرعاع الذين ينقادون لتنفيذ الجرائم بدون تفكير
ثالثا:
لعل سبب فشل المحاولات السابقه لقتل الامام علي يرجع الى اختيار افراد من قريش لتنفيذ العمليه ففي المحاوله الثانيه انسحبت مجموعه من القوه المهاجمه لحرق بيت الزهراء بما فيه عندما عرفوا ان القصد من العمليه هو حرق بيت الزهراء بمن فيه إن لم يخرج علي ويبايع أبو بكر وتراجع عمر عندما عرف إن الامه لا تطاوعه في ذلك
وفشلت المحاوله الرابعه لان قريش كلفت خالد بن الوليد بقتل علي اثناء الصلاه بعد أن يسلم ابو بكر ولكن ابو بكر خاف عواقب هذه العمليه المكشوفه للنزاع العلني مع بني هاشم فقال قبل أن يسلم في صلاته (ياخالد لا تفعل وان فعلت قتلتك ) متراجعا عن تنفيذ العمليه
وعليه فيجب إختيار منفذ للعمليه من خارج قريش وهذا ماكان فاختار معاويه الخوارج لذلك وبقت قريش خارج الاضواء والملاحقه
رابعا:
فشلت المحاولات الثلاثه الاخرى في قتل الامام علي عليه لان القاتل واجه الامام علي وجها لوجه وقد أفشلها الامام علي بشجاعته وبسالته وعليه يجب ان تتم العمليه القادمه غدرا واثناء سجود الامام علي لضمان نجاح التنفيذ
خامسا :
ولمزيد من التحوط وعدم كشف القاتل الحقيقي المخطط والممول للعمليه فقد تم رسم مسرحيه بائسه توحي للامه إن القاتل إندفع بدافع العشق والغرام من أول نظره لفاجره حسناء تدعى قطام الموتوره بقتل والدها في المعركه مع علي عليه السلام ورسمت فصول تلك المسرحيه باحكام كما مر بنا
وهكذا يكون القاتل من الخوارج ومدفوعا بدافع العشق اضافه لعداءه للامام علي عليه السلام ..فلا يتسائل الناس بعد ذلك عن المخطط والممول للعمليه
سادسا :
ولابعاد الشبهه تماما عن معاويه تم رسم خطه تقول ان معاويه وعمر بن العاص كانا مستهدفين في العمليه واوحي الى الناس ان معاويه جرح في العمليه وان عمرو بن العاص تمرض تلك الليله وخرج قائد شرطته للصلاه فالسلطه بيدهم والاعلام طوع بنانهم ومايقوله معاويه لاتناقشه الرعيه فهو (خال المؤمنين وكسرى العرب وبيده اليمنى المال وفي اليسرى جنودا من عسل )
7- معاويه سعى لاغتيال الامام لتجنب مواجهه عسكريه قريبه قادمه معه
معاويه يعترف باغتيال الامام علي (عليه السلام ) ويقول:
(حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عناء أو(ولا عتاد)
لما بلغ معاوية ان عليا يدعو الناس إلى غزوه وإعادة الحرب بينه وبينه هاله ذلك، فخرج من دمشق معسكرا وبعث إلى نواحي الشام ينادون ان عليا قد أقبل إليكم ظالما ناكثا باغيا، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه
فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز، واستعدوا لها بأكمل العدة وانفروا خفافا وثقالا
فاجتمعوا له من كل أوب، وأرادوا المسير إلى صفين ثانية
يوثق البلاذري في انساب الاشراف ان معاويه اشترى ذمم رؤساء قبايل و عملاء وجواسيس وكان الاشعث بن قيس في مقدمه هؤلاء لينصبون المكائد والمؤامرات لعلي عليه السلام فيقول
(وحدثني هشام بن عمار الدمشقي أبو الوليد، حدثني صدقة بن خالد، عن زيد بن واقد، عن أبيه، عن أشياخهم: ان معاوية لما بويع كاتب وجوه من معه مثل الأشعث بن قيس وغيره، ووعدهم ومناهم وبذل لهم حتى مالوا إليه وتثاقلوا عن المسير مع علي عليه السلام فكان يقول فلا يُلتفت إلى قوله ويدعو فلا يُسمع لدعوته،)(5)
نجح جواسيس وانصار وعملاء معاويه بقياده الاشعث بتفكيك جيش علي عليه السلام وارسلوا رساله لمعاويه يخبرونه فيها باختلاف جيش علي وتمرده عليه فعسكر معاويه ينتظر نتائج خطه الاغتيال
أُغتيل الامام علي عليه السلام في محراب المسجد ونجا معاويه من مواجهه جيش علي (عليه السلام) مره ثانيه
نجحت الخطه في اغتيال الامام علي عليه السلام بواسطه الشبكه التي يقودها الاشعث بن قيس وبسيف عبد الرحمن بن ملجم
وقال معاويه : (حاربت عليا بعد صفين بغير جيش ولا عناء او(ولا عتاد)(6)
ويقصد بالاغتيال
8- عائشه تشخص القاتل وتقول ( فالله ابن هندٍ، لقد شفى وأشفاني)
روى الحسين بن حمان الخصيبي (رحمه الله) بسنده عن المفضّل بن عمر الجعفي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال:
لما قدم أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام )من الكوفة تلقاه أهل المدينة معزين بأمير المؤمنين عليه السلام ومهنين بالقدوم ودخلت عليه أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله ) فقالت عائشة: والله يا أبا محمد ما فقد جدك الا حيث فقد أبوك ولقد قلت يوم قام عندنا ناعية قولاً صدقت فيه وما كذبت.
_____
(5)انساب الاشراف ص 383
(6)انساب الاشراف ص 383
فقال لها الحسن عليه السلام: عسى هو تمثلك بقول لبيد بن ربيعة حيث يقول :
فبشّرتها واستعجلت عن خمارها ** وقد تستخف المعجلين البشائر
وأخبرها الركبان أن ليس بينها ** وبين قرى نجران والشام كافر
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
ثم اتبعت الشعر بقولك أما إذا قتل علي فقولوا للعرب تعمل ما تشاء. فقالت له: يا بن فاطمة حذوت حذو جدك وأبيك في علم الغيب من الذي أخبرك بهذا عني؟
فقال لها: ما هذا غيب لأنّك أظهرتيه وسُمع منك والغيب نبشك عن جردٍ أخضر في وسط بيتك بلا قبس وضربت بالحديدة كفَّك حتّى صار جرحاً وإلّا فاكشفي عنه وأريه من حولَك من النساء، ثمّ إخراجك الجرد وفيه ما جمعته من خيانة وأخذت منه أربعين ديناراً عدداً لا تعلمين ما وزنها وتفريقك لها في مبغضي أمير المؤمنين عليه السلام من تيم وعدي شكراً لقتل أمير المؤمنين عليه السلام؛ فقالت:
يا حسن والله لقد كان ما قلته فالله ابن هندٍ، لقد شفى وأشفاني(7)
_____
(7) الخصيبي الهدايه الكبرى ص 196- 198 ومدينه المعاجز للبحراني
الباب الرابع
قتلى معاويه
1-الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام )
سعت قريش لقتل الامام علي (عليه السلام ) في ست محاولات فاشله درسها معاويه ووصل الى نتيجه مفادها ان يكون القتل غدرا وان يكون المنفذ من جهه لها عداء صريح مع الامام علي وبذلك يبعد اعين الناس عن اتهامه بقتل علي (عليه السلام) وهذا ماكان فقد دس له عبد الرحمن بن ملجم بواسطه كبير عملائه في الكوفه الاشعث بن قيس ليقتله وتسجل الجريمه على الخوارج كما مر بنا
2- الامام الحسن بن علي (عليه السلام)
ان كان الاشعث بن قيس قد هيأ لعبد الرحمن بن ملجم الملجا والمال والعون والخطه ومراقبه التنفيذ لقتل علي (ع ) فقد دست ابنته جعده بنت الاشعث بن قيس السم لزوجها الامام الحسن (ع ) بعد ان وعدها معاويه بتزويجها من ابنه يزيد واعطائها مائه الف درهم
قال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 121:
(قال
علماء السير منهم ابن عبد البر: سمته زوجته جعدة
بنت الأشعث بن قيس الكندي)
وقال الشعبي: (إنما دس إليها معاوية فقال: سمي الحسن وأزوجك يزيد
وأعطيك مائة ألف درهم، فلما مات الحسن بعثت إلى معاوية
تطلب إنجاز الوعد، فبعث إليها بالمال وقال: إني أحب يزيد، وأرجو
حياته، ولولا ذلك لزوجتك إياه )
3 - اكثر من سبعين الفا من المسلمين في حرب صفين
خرج معاويه باغيا لحرب علي (عليه السلام) في صفين في حرب دمويه قتل فيها اكثر من سبعين الفا من المسلمين وفيهم اكثر من مئه من الصحابه منهم خمس وعشرون بدريا
وقد صرح معاوية عن هدفه من قتاله بقوله:
(ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون! ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشئ منها له)
4 - ثلاثين ألفا في غارة بسر بن أرطاة على الحرمين واليمن
أفظع غارات معاوية على بلاد المسلمين في عهد أمير المؤمنين عليه السلام كانت هي غارة بسر بن أرطاة على المدينة ومكة واليمن،
ورد في
تاريخ اليعقوبي: 2 / 197
(
وقد قال له معاويه: سر حتى تمر بالمدينة فاطرد أهلها، وأخف من مررت
به، وأنهب مال كل من أصبت له مالا ممن لم يكن دخل في طاعتنا، وأوهم
أهل المدينة أنك تريد أنفسهم، وأنه لا براءة لهم عندك ولا عذر، وسر
حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لأحد، وأرهب الناس فيما
بين مكة والمدينة، واجعلهم شرادات، ثم امض حتى
تأتي
صنعاء، فإن لنا بها شيعة، وقد جاءني كتابهم فخرج بسر، فجعل لا يمر
بحي من أحياء العرب إلا فعل ما أمره معاوية حتى قدم المدينة
)
وقد تطرق الشيخ علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ ج ٢ - الصفحة ٣٠٣ الى تفاصيل جرائم معاويه ونقتبس منها:
ومن فظائعه في هذه الغارة أنه سبى النساء المسلمات ففي الإستيعاب: 1 / 161:
(ثم
أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات، فأقمن في
السوق) أي باعوهن
وفي الغارات للثقفي / 640: أن بسرا قال لمعاوية بعد عودته
من مهمته الإجرامية
(أحمد
الله يا أمير المؤمنين أني سرت في هذا الجيش أقتل عدوك ذاهبا جائيا،
لم ينكب رجل منهم نكبة، فقال معاوية: الله قد فعل ذلك لا أنت! وكان
الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفا، وحرق قوما
بالنار
5- قتلى سمره بن جندب وزياد بن ابيه في البصره والكوفه تقدر بعشرات الاف
قال الطبري في تاريخه 4 / 176:
(حدثني محمد بن سليم قال: سألت أنس بن سيرين: هل كان سمرة قتل أحدا؟ قال وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة، فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس فقال له: هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا؟ قال: لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت
6 - حجر بن عدي واصحابه
اخبرأمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) باستشهاد حجر واصحابه وشبههم باصحاب الاخدود
(يا
أهل العراق، سيقتل سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، منهم
حجر بن عدي وأصحابه، يقتلهم معاوية بالعذراء من دمشق، كلهم من أهل
الكوفة، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود )
وبعد أن ضاق معاوية (لعنه الله) ذرعاً بحِجِر بن عَدِيّ (رضوان الله
عليه) وبمواقفه المناصرة لآل بيت النَّبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه
وآله) وكشفه حقائق الامويين المزيفة ، وصلابة إيمانه، وثبات عقيدته،
أمر معاوية بقتله،
وكان
حجر وجيهاً عند النَّاس، وذا شخصيّة محبوبة نافذة، ومنزلة حسنة،
فكَبُر عليهم استشهاده، واحتجّوا على معاوية، وقرّعوه على فعله
القبيح هذا ومنهم ام المؤمنين عائشه فقد وبخت معاويه على
قتله
وقالت عائشة لمعاوية كما يورده الطبري في تاريخه :
(أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ أما والله إن كان ما علمت لمسلماً حجاجاً معتمراً) وعندما يقول لها معاوية: (إني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة وإن بقاءهم فساد للأمة), تقول له: (سمعت رسول الله(ص) يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء) (تاريخ الطبري ج 5 ص 279)
7 - عمروبن الحمق الخزاعي
صحابي جليل بشرّه رسول الله (ص) بالجنة قبل أن يسلم أما قصة إسلامه التي رواها كل المؤرخين فهي
(لمَّا بعث رسول الله النبي (ص) جماعة من الصحابة في بعثة، قال لهم:
إنكم ستلقون رجلاً صبيح الوجه يطعمكم مِن الطعام ويسقيكم من الشراب ويهديكم الطريق، هو من أهل الجنة )
فأقبلوا حتَّى انتهوا إلى عمرو بن الحمق الخزاعي فأمر فتيانه فنحروا جزوراً ــ شاة ــ وحلبوا مِن اللبن، فبات القوم يطعمون مِن اللحم ما شاؤوا ويسقون مِن اللبن، ثم أصبحوا، فقال لهم: ما أنتم بمنطلقين حتى تطعموا أو تزوّدوا، فقام رجل منهم وضحك إلى صاحبه، فقال عمرو : ولم ضحكت ؟ فقال: أبشر ببشرى الله ورسوله، فقال عمرو : وما ذاك ؟ فقال: بعثنا رسول الله (ص) في هذا الفج، وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا هداية الطريق، فقال: ستلقون رجلاً صبيح الوجه يطعمكم الطعام ويسقيكم مِن الشراب ويدلّكم على الطريق، هو مِن أهل الجنة، فلم نلق مَن يوافق نعت رسول الله النبي (ص) غيرك، فركب عمرو بن الحمق معهم وأرشدهم على الطريق، ثم سار عمرو بن الحمق إلى رسول الله (ص) حتى بايعه وأسلم، وكان إسلامه بعد الحُدَيبية وشارك مع رسول الله (ص) في غزواته
شهد عمرو بن الحمق حروب أمير المؤمنين الثلاث: الجمل وصفين والنهروان وساهم فيها بكلِّ صَلابَةٍ وثبات، وكان ولاؤه للإمام عظيماً، حتى قال له (ع):
(ليتَ أنَّ في جندي مائة مِثلك يا خزاعي),
وقال أمير المؤمنين: (اللَّهُمَّ نَوِّر قلبَه بالتقى، واهدِهِ إلى صراط مستقيم)
عندما وصل معاوية بن أبي سفيان إلى الحكم (وذلك بعد صلحه مع الإمام الحسن عليه السلام) نصب زياد بن أبيه لإمارة الكوفة، فأخذ زياد يطارد رجال الشيعة ويقتلهم، فهرب عمرو بن الحمق من الكوفة، لكنّه قتل أخيرا في الموصل سنة 50 هـ على يد عمال معاوية.
وعن كيفية مقتله هناك خلاف في المصادر، فقال البعض قتله معاويه بعد أن أعطاه الأمان، ويؤيد هذا القول ما ورد في رسالة احتجاجية كتبها الإمام الحسين (ع) لمعاوية، حيث قال فيها
(أو لست بقاتل عمرو بن الحمق، الذي أخلقت، وأبلت وجهه العبادة، فقتلته من بعدما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال.)
وكتب والي الموصل الى معاوية بخبره، فأمره معاوية بقتله
ويقول ابن عبد البر: ثم احتز رأسه وأرسله إلى معاوية بالشام فأمر به أن يطاف به في الشام وغيرها من البلدان ثم يلقى الى زوجته السجينه امنه بنت الشريد
8 - آمنة بنت الشريد زوجه عمرو بن الحمق الخزاعي
وكان معاوية قد أمر بسجنها في دمشق بتهمة عدم البراءة من علي (ع) فبقيت في السجن لمدة سنتين فلما قتل زوجها وجيء برأسه إلى الشام أمر بإرساله إليها فرموه في حجرها وهي في السجن, فوضعت كفها على جبينه، ولثمت فمه، وقالت:
(غيبتموه عني طويلاً، ثم أهديتموه اليّ قتيلاً، فأهلاً به من هدية غير قالية ولا مقلية).
ثم قالت لرسول معاوية (بلّغ عني معاوية ما أقول: أيتم الله ولدك وأوحش منك أهلك ولا غفر لك ذنبك, وطلب الله بدمه, و عجل الوبيل من نقمه, فقد أتى أمراً فرياً و قتل باراً تقياً فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت)
وذكر السيد هاشم معروف الحسني: أمر معاويه بقتلها وكانت أول امرأة قتلت في الإسلام بعد أن عرض عليها البراءة من علي (ع) فامتنعت عليه وتبرأت من معاويه ومن جلاديه ومن يحابيه بفعل أو قول
9 - مالك الاشتر النخعي
قال علي عليه السلام كان لي مالك الاشتر كما كنت لرسول الله (ص)
وقال الطبري في تاريخه: 4 / 71:
(وأتت معاوية عيونه فأخبروه بولاية علي الأشتر فعظم ذلك عليه، وقد كان طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها كان أشد عليه من محمد بن أبي بكر، فبعث معاوية إلى الجايستار (لعله لفظ رومي معناه مسؤول الخراج) رجل من أهل الخراج فقال له: إن الأشتر قد ولي مصر فإن أنت كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت، فاحتل له بما قدرت عليه، فخرج الجايستار حتى أتى القلزم وأقام به، وخرج الأشتر من العراق إلى مصر فلما انتهى إلى القلزم استقبله الجايستار فقال: هذا منزل وهذا طعام وعلف، وأنا رجل من أهل الخراج فنزل به الأشتر فأتاه الدهقان بعلف وطعام حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما، فسقاه إياه فلما شربها مات. وأقبل معاوية يقول لأهل الشام: إن عليا وجه الأشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكموه قال: فكانوا كل يوم يدعون الله على الأشتر، وأقبل الذي سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الأشتر، فقام معاوية في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإنه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين يعني عمار بن ياسروقطعت الثانيه اليوم
وفي ثقات ابن حبان: 2 / 298:
(وكتب إلى دهقان بالعريش إن احتلت في الأشتر فلك علي أن أخرج خراجك عشرين سنة فأهدى إليه عسلا وكان الأشتر صائما فتناول منه شربة، فما استقر في جوفه حتى تلف )
10- الصحابي رشيد الهجري
صحابي جليل شارك بكل معارك رسول الله وكان من اتباع علي بن ابي طالب المخلصين وقد افضي اليه بكثير من علوم البلايا والمنايا لذلك كان يدعوه البعض رشيد ابو البلايا
وفي الغارات: 2 / 843:
(وقد كان معاوية يسب عليا ويتتبع أصحابه مثل ميثم التمار، وعمرو بن الحمق، وجويرية بن مسهر، وقيس بن سعد، ورشيد الهجري، ويقنت بسبه في الصلاة، ويسب ابن عباس، وقيس بن سعد، والحسن، والحسين). انتهى
ولذلك أمر جلاده زيادا بقتل رشيد (عن الشعبي عن زياد بن النضر الحارثي قال: كنت عند زياد وقد أتي برشيد الهجري وكان من خواص أصحاب علي فقال له زياد: ما قال خليلك لك إنا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني... الخ.). (الغارات: 2 / 799)
ورواه بصيغة أكمل في الإختصاص / 77: (عن أبي حسان العجلي، عن قنواء بنت رشيد الهجري قال قلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك؟ قالت: سمعت من أبي يقول: حدثني أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة؟ قال: بلى يا رشيد، أنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي زياد فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام فأبى أن يتبرأ منه، فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت؟ قال: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لأكذبن قوله فيك، قدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه، فحملت طوائفه لما قطعت يداه ورجلاه فقلت له: يا أبه كيف تجد ألما لما أصابك؟ فقال: لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس! فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة، فإن للقوم بقية لم يأخذوها مني بعد! فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم... وذهب لعين فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة، فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا! وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، فكان في حياته إذا لقي الرجل قال له: يا فلان تموت بميتة كذا وكذا، وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا، فيكون كما يقول رشيد! وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول له: أنت رشيد البلايا، إنك تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه
11 - الصحابي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد
ورد في انساب الاشراف 1164
(لما أراد معاوية أن يعقد ليزيد قال لأهل الشام: إن أمير المؤمنين قد كبر ودنا من أجله فما ترون، وقد أردتم أن أولي رجلا بعدي؟ فقالوا: عليك بعبد الرحمن بن خالد فأضمرها واشتكى عبد الرحمن فأمر ابن أثال طبيبا كان له من عظماء الروم، فسقاه شربة فمات).
وفي تاريخ دمشق: 16 / 163:
(فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش، وأن يوليه جباية خراج حمص فلما قدم عبد الرحمن حمص منصرفا من بلاد الروم، دس ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها، فمات بحمص، فوفى معاوية بما ضمن له، وولاه خراج حمص ووضع عنه خراجه).
12 - الصحابي عبد الرحمن بن ابي بكر
وفي تاريخ ابن خياط / 160:
(عن الزهري عن ذكوان مولى عائشة قال: لما أجمع معاوية أن يبايع لابنه يزيد، حج فقدم مكة في نحو من ألف رجل، فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر! فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر ابنه يزيد فقال: من أحق بهذا الأمر منه؟ ثم ارتحل فقدم مكة فقضى طوافه ودخل منزله فبعث إلى ابن عمر... وذكر ابن خياط تهديد معاوية له وخوفه.. ثم قال:
(وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فتشهد وأخذ في الكلام، فقطع عليه كلامه فقال: إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل! والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين، أو لنعيدنها عليك جذعة (أي نقاتلك )
وفي كامل ابن الأثير: 3 / 351: (فقام مروان فيهم (في المسجد النبوي) وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ما الخير أردتما لأمة محمد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل
وفي أسد الغابة: 3 / 306:
(وخرج إلى مكة فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد، وكان موته فجأة من نومة نامها بمكان اسمه حبشي! على نحو عشرة أميال من مكة).
واضح ان معارضته القويه لمعاويه في توليته يزيد وتهديده له بالقتال كانت السبب في دس السم له
13 - عائشه بنت ابي بكر
قال البياضي العاملي في الصراط المستقيم: 3 / 630، ونحوه في: 3 / 45:
(وقال صاحب المصالت: كان (معاوية) على المنبر يأخذ البيعة ليزيد (في المدينة) فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا. قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل، وهيأ لها حفرة فوقعت فيها وماتت). ومعنى خجل معاوية أنه أفحم
ويقول الشيخ علي الكوراني
كما لا نستبعد نقمة مروان الذي اصطدم بها وبأخيها عبد الرحمن بشدة وهددته بقولها:
(يا مروان أفينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن! والله لأقومن يوم الجمعة بك مقاما تود أني لم أقمه)! (الأغاني: 17 / 375).
لكن عائشة ماتت قبل أن تقف وتخطب يوم الجمعة، كما مات أبي بن كعب يوم الأربعاء قبل أن يقوم يوم الجمعة ويفضح أهل الصحيفة والعقدة
14 - الصحابي سعد بن أبي وقاص
ورد في فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 988:
(دخل سعد بن مالك (وهو أبو وقاص) على معاوية فقال:
السلام عليك أيها الملك فقال معاوية: أو غير ذلك؟ أنتم المؤمنون وأنا أميركم فقال سعد: نعم إن كنا أمرناك!
فقال معاوية: لا يبلغني أن أحدا زعم أن سعدا ليس من قريش إلا فعلت به وفعلت)
وهذا من خبث معاوية فقد كشف ما كان يقال سرا من الطعن في نسب سعد
وفي أنساب الأشراف للبلاذري / 1111
(فضحك معاوية وقال: ما كان عليك يا أبا إسحاق رحمك الله لو قلت: يا أمير المؤمنين! فقال: أتقولها جذلان ضاحكا، والله ما أحب أني وليتها بما وليتها به)
يقصد سعد إنك دفعت ثمنها غاليا من دماء المسلمين، وهذا ما لا أقبله لنفسي
وفي مقاتل الطالبيين / 48: (وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شئ أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما سما فماتا منه). (ونحوه شرح النهج: 16 / 49)
15 - زياد بن ابيه
وقد روى اليعقوبي اندفاع زياد الذي كان فيه حتفه فقال في تاريخه: 2 / 220:
(وكتب معاوية إلى زياد وهو بالبصرة، أن المغيرة قد دعا أهل الكوفة إلى البيعة ليزيد بولاية العهد بعدي، وليس المغيرة بأحق بابن أخيك منك، فإذا وصل إليك كتابي فادع الناس قبلك إلى مثل ما دعاهم إليه المغيرة وخذ عليهم البيعة ليزيد. فلما بلغ زيادا وقرأ الكتاب دعا برجل من أصحابه يثق بفضله وفهمه، فقال: إني أريد أن أئتمنك على ما لم أئتمن عليه بطون الصحائف، إيت معاوية فقل له: يا أمير المؤمنين إن كتابك ورد علي بكذا، فما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد وهو يلعب بالكلاب والقرود، ويلبس المصبغ، ويدمن الشراب، ويمشي على الدفوف، وبحضرتهم الحسين بن علي، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر! ولكن تأمره أن يتخلق بأخلاق هؤلاء حولا وحولين، فعسانا أن نموه على الناس. فلما صار الرسول إلى معاوية وأدى إليه الرسالة قال ويلي على ابن عبيد! لقد بلغني أن الحادي حدا له أن الأمير بعدي زياد، والله لأردنه إلى أمه سمية، وإلى أبيه عبيد
ويقول الشيخ علي الكوراني
والذي نرجحه أن يكون موته استجابة لدعاء الحسن والحسين عليهما السلام متقارنا مع سم معاوية له، وأن السم ظهر في يده وانتشر بعد أسبوع في جسمه فهلك
16 - قتل معاويه ابن خاله الصحابي محمد بن ابي حذيفه
تذم مصادر بني اميه الصحابي الاموي محمد بن ابي حذيفه لانه حرض اهل مصر بتشكيل وفد يذهب الى عثمان للشكوى من واليه الفاسد على مصر وجاء بنفسه مع وفد من خمسمائه
فارس بقيادة الصحابي عبد الرحمن بن عديس البلوي، وانتهى أمرهم بلعب عثمان عليهم ومحاصرته مع وفد البصرة والكوفة. (تاريخ دمشق: 39 / 423، والطبري: 3 / 341)
وقال الطبري في: 4 / 80:
(اختلف أهل السير في وقت مقتله فقال الواقدي: قتل في سنة 36، وذكر خبر تحصنه في العريش ثم قال: وأما هشام بن محمد الكلبي فإنه ذكر أن محمد بن أبي حذيفة إنما أخذ بعد أن قتل محمد بن أبي بكر ودخل عمرو بن العاص مصر وغلب عليها، وزعم أن عمرا لما دخل هو وأصحابه مصر أصابوا محمد بن أبي حذيفة، فبعثوا به إلى معاوية وهو بفلسطين فحبسه في سجن له، فمكث فيه غير كثير ثم إنه هرب من السجن، وكان ابن خال معاوية)..
وقد فر من السجن فلحقه مبعوث معاوية وقتله في فلسطين
17 - قتله الصحابي سعيد بن عثمان بن عفان
وفي تاريخ دمشق 21 / 223: كان أهل المدينة عبيدهم ونساؤهم يقولون
والله لا ينالها يزيد * حتى ينال هامه الحديد * إن الأمير بعده سعيد
يعنون لا ينال يزيد الخلافة، والأمير بعد معاوية هو سعيد بن عثمان، وكانت أمه أم عبد الله بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. فقدم سعيد على معاوية فقال: يا ابن أخي ما شئ يقوله أهل المدينة؟ قال: وما يقولون؟ قال: قولهم: والله لا ينالها يزيد.. الخ.! قال: ما تنكر من ذلك يا معاوية؟ والله إن أبي لخير من أبي يزيد، ولأمي خير من أم يزيد، ولأنا خير منه، وقد استعملناك فما عزلناك بعد، ووصلناك فما قطعناك، ثم صار في يديك ما قد ترى فحلأتنا عنه أجمع
فقال له معاوية: يا بني أما قولك إن أبي خير من أبي يزيد فقد صدقت، عثمان خير من معاوية. وأما قولك أمي خير من أم يزيد فقد صدقت، امرأة من قريش خير من امرأة من كلب، ولحسب امرأة أن تكون من صالح نساء قومها. وأما قولك إني خير من يزيد فوالله ما يسرني أن حبلا بيني وبين العراق ثم نظم لي فيه أمثالك به ثم قال معاوية لسعيد بن عثمان: إلحق بعمك زياد بن أبي سفيان فإني قد أمرته أن يوليك خراسان، وكتب إلى زياد أن وله ثغر خراسان، وابعث على الخراج رجلا جلدا حازما فقدم عليه فولاه وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها وبعث زياد أسلم بن زرعة الكلابي معه على الخراج
يقول الشيخ علي الكوراني
يظهر أن سعيدا هذا كان قليل العقل، مع أنهم يسمونه: (شيطان قريش ولسانها)! (الإمامة والسياسة: 1 / 164) فقد جاء مطالبا بولاية العهد، فلعب عليه معاوية وأرضاه بمنصب شكلي وأرسله إلى منطقة عسكرية خطرة لم يستقر فتحها، وجعله تحت إمرة زياد، وجعل ميزانية منطقته بيد غيره
وتوجه سعيد بجيشه وقيل في اثني عشر ألفا (تاريخ دمشق: 23 / 475) وعبر نهر بلخ وحاصر مدينة بخارى أشهرا فلم يستطع فتحها
وفي فتوح ابن الأعثم: 4 / 310: (وببخارا ملكة يقال لها يومئذ خيل خاتون.... فأرسلت إليه فصالحته على ثلاثمائة ألف درهم، وعلى أنها تسهل له الطريق إلى سمرقند قال: فقبل سعيد ذلك منها وأخذ منها ما صالحته عليه وأخذ منها رهائن أيضا عشرين غلاما من أبناء ملوك بخارا كأن وجوههم الدنانير، ثم بعثت إليه بالهدايا ووجهت معه الأدلاء يدلونه على طريق سمرقند. فسار سعيد بن عثمان من بخارا والأدلاء بن يديه يدلونه على الطريق الذي يوصله إلى سمرقند، فنزل على سمرقند وبها يومئذ خلق كثير من السغد). انتهى
فتح سعيد البلدان وجمع الاموال الطائله وعاد بها الى المدينه المنوره وطالبته خيل خاتون بالايفاء بالعهد واعاده الرهائن وقد وفت بوعودها اليه
ولكنه ابى وقد اخذهم معه الى المدينه
وهنا يتبين لنا اخلاق من يدعون نشر الاسلام بالفتوحات فهم لايفون بعهد ولا وعد وهمهم الاموال والجواري فقط
وبعد ان جمع سعيد الاموال الطائله وعاد للمدينه طلب اعفاءه من ولايه خراسان فخاف معاويه من استغلاله لتلك الاموال للوثوب عليه فدبر له مكيده لقتله
ونشر اعلامه بان الغلمان وثبوا عليه وقتلوه وفروا الى اعالي الجبال فارسل في ورائهم وقتلهم جميعا وبذلك سجلت الجريمه على غلمان قتلوا جميعا ولم يبق منهم احد
18 - قتله محمد بن أبي بكر
تربى محمد رحمه الله في حجر علي عليه السلام وكان من خاصة أصحابه، لأن أمه أسماء بنت عميس كانت صحابية جليلة محبة لأهل البيت عليهم السلام ومن خواص الصديقة الزهراء عليها السلام فتزوجها علي عليه السلام بعد وفاة أبي بكر، فمحمد ربيب أمير المؤمنين عليه السلام
وكان أهل مصر يحبون محمدا لأنه شارك في فتح مصر، وفي معركة ذات الصواري مع صديقه محمد بن أبي حذيفة
وعندما جاء وفد مصر إلى عثمان يشكون واليهم ابن أبي سرح الأموي الذي هدر رسول الله صلى الله عليه وآله دمه، ونزل فيه قوله تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)! (الأنعام: 93) (أسباب النزول للواحدي / 148). طلبوا من عثمان أن يبعث بدله محمد بن أبي بكر واليا عليهم، فكتب له عثمان مرسوما بولاية مصر وأرسله معهم، لكنهم تفاجؤوا في الطريق برسول عثمان إلى الوالي ابن سرح يأمره أن يعاقبهم ويستمر في عمله فأمسكوه ورجعوا وشاركوا في محاصرة عثمان
وأرسل الامام علي (ع) محمد بن أبي بكر حاكما على مصر ثم تفاقم أمر أتباع معاوية ووصل ابن العاص بجيش من ثلاث فرق من الشام والأردن وفلسطين، ليحتل مصر وتكون طعمة له كل حياته فقاتلهم محمد فغلبوه، وقتلوه قتلة فجيعة رحمه الله، وسيطروا على مصر
وفي تاريخ اليعقوبي: 2 / 193:
(فلقيهم محمد بن أبي بكر بموضع يقال له المسناة فحاربهم محاربة شديدة، وكان عمرو يقول: ما رأيت مثل يوم المسناة، وقد كان محمد استذم إلى اليمانية فمايل عمرو بن العاص اليمانية، فخلفوا محمد بن أبي بكر وحده! فجالد ساعة ثم مضى فدخل منزل قوم خرابة، واتبعه ابن حديج الكندي فأخذه وقتله، وأدخله جيفة حمار، وحرقه بالنار في زقاق يعرف بزقاق الحوف)
الفصل الاول
يزيد بن معاويه مستنقع آسن
فمن هو يزيد ؟؟
نشأ يزيد في مستنقع آسن فالجدات من صاحبات الرايات والام زانيه والاب ينسب الى اربعه
مال بنو اميه الى اصولهم من اليهود والنصارى فتزوج الخليفه الاموي عثمان بن عفان وائله بنت الفرافصه النصرانيه وتزوج معاويه بن ابي سفيان ميسون بنت بجدل الكلبيه النصرانيه التي مارست الجنس مع عبدٍ لابيها فولدت منه يزيد
أخلاق يزيد ونشأته
امه ميسون أقامت في قصر معاويه وكرهته وأنشدت ذات يوم تقول:
لبيت تخرق الأرواح فيه * أحب إلي من قصر منيف
وكلب ينبح الطراق عني * أحب إلي من قط ألوف
وبكر يتبع الأظعان صعب * أحب إلي من بغل زفوف
ولبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف
وخرق من بني عمي نحيف * أحب إلي من علج عليف
وأصوات الرياح بكل فج * أحب إلي من نقر الدفوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى * إلى نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطني بديلا * فحسبي ذاك من وطن شريف
فقال معاوية جعلتني علجا علوفا فطلقها وألحقها بأهلها (1)
___________________________________________________
(1) تاريخ دمشق: 70 / 134
عاشت ميسون مع اهلها في الباديه ومكّنت عبد ابيها من نفسها فجاء يزيد شبيها بعبد ابيها بجدل
قال ابن راشد في إلزام الناصب / 169
رووا أن أمه بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت بيزيد، وإلى هذا المعنى أشار النسابة الكلبي يقول :
فإن يكن الزمان أتى علينا *** بقتل الترك والموت الوحيِّ
فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلبٍ *** بأرض الطفّ أولادَ النبيِّ
أراد بالدعي عبيد الله بن زياد... ومراده بعبد كلب: يزيد بن معاوية لأنه من عبد بجدل الكلبي
نشأه يزيد بين النصارى
يقول العالم الأزهري الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه عن الإمام الحسين (عليه السلام): سمو المعنى في سمو الذات / 59
إذا كان يقينا أو يشبه اليقين أن تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة أو بعبارة أخرى كانت مسيحية خالصة، فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية، لا يحسب لتقاليدها واعتقاداتها أي حساب ولا يقيم لها وزنا
ويؤيد ذلك أن ندماءه وخاصته نصارى، فكان سرجون النصراني صاحب أمره كما كان صاحب سر أبيه (2)
وإصطفى يزيد جماعة من الخلعاء والماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء، وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا يشربان ويسمعان الغناء وإذا أراد السفر صحبه معه. (3)
____________________________________________________
(2) تاريخ دمشق: 20 / 161
(3) الأغاني: 7 / 170
ويقول الشيخ علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ ج3 ص403
أمّا صفاته النفسية: فقد ورث صفات الغدر والنّفاق، والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: وكان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً)، ولكنّه ليس داهيةً مثله. كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب إليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع
وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حدّ بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب
ولع يزيد بالصيد
ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه. قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد، لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب، والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه (4)
شغفه بالقرود
وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويُكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمُسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السّباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسُرّ بذلك،
وأرسله مرّةً في حلبة السّباق فطرحته الريح فمات، فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه، كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له
تمسّك أبا قيس بفضل زمامها *** فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ
فقد سبقتْ خيلَ الجماعة كلّها *** وخيلَ أمير المؤمنين أتانُ
__________________________________________________
(4) تاريخ الطبري 4/368
وذاع بين النّاس هيامه وشغفه بالقرود حتّى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له
يزيد صديق القرد ملّ جوارَنا *** فحنّ إلى أرض القرود يزيدُ
فتبّاً لمنْ أمسى علينا خليفةً *** صحابتُه الأدنون منه قرودُ (5)
إدمانه على الخمر
والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتّى أسرف في ذلك إلى حدٍ كبيرٍ، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السُكر، ومن شعره في الخمر
أقول لصحبٍ ضمّت الخمرُ شملهمْ *** وداعي صبابات الهوى يترنّمُ
خذوا بنصيبٍ من نعيم ولذّةٍ *** فكلّ وإن طال المدى يتصرّمُ (6)
وَمن شعره أَيْضا فِيهَا
وَدَاعٍ دَعانِي والثُّرَيَّا كأَنَّهَا ... قلائصُ قد أعنقْنَ خَلْفَ فَنِيقِ
وَقَالَ اغتنِمْ من دَهْرنا غَفَلَاتِهِ ... فَعَقْدُ ذِمَامِ الدَّهْرِ غَيْرُ وَثِيقِ
وناولنِي كَأْسًا كَأَنَّ بنانَهُ ... مخضَّبةٌ مِنْ لَوْنِهَا بِخَلُوقِ
إِذا مَا طغَى فِيهَا الحَياءُ حسبتَهَا ... كَوَاكبَ دُرِّ فِي سمَاءِ عَقِيقِ
تَدُبُّ دَبِيبَ النَّمْل فِي كُلِّ مفْصلٍ ... وتَكْسُو وجُوهَ الشَّرْبَ ثَوبَ شقِيقِ
وإنِّيَ مِنْ لَذَّاتِ دَهْرِي لقانعٌ ... بحلْوِ حَدِيثٍ أَوْ بِمُرِّ عتيقِ
هَما مَا هُمَا لَمْ يَبْقَ شيءٌ سِوَاهُمَا ... حَدِيثُ صَدِيقٍ أَوْ عَتِيقُ رَحِيقِ
وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ يُخَاطب أَبَاهُ مُعَاوِيَة عِنْد نَهْيه إِيَّاه عَن شرب الْخمر قَوْله
_______________________________________________
(5) أنساب الأشراف 2 / 2
حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 / 183(6)
(أَمِنْ شَرْبَةٍ من ماءِ كرْمٍ شَرِبْتُهَا ... غبْتَ عليَّ الآنَ طابَ لي السُّكْرُ
(سأشرَبُ فاغضَبْ لَا رَضِيت كِلَاهُمَا ... حبيبٌ إِلَى قَلْبِي عُقُوقُكَ والخَمْرُ
توفّي كَمَا تقدم فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَله تسع وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاث سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَدفن بحوارين من أَرض دمشق بمقبرة بَاب الصَّقْر وَفِيه يَقُول الْقَائِل
(بأَيُّهَا القَبْرُ بِحَوَّارِينَا ... ضَمَمْتَ شَرَّ الناسِ أَجْمَعِينا)
رأي الصحابه والتابعين بيزيد بن معاويه
سمع عبد الله بن حنظله (غسيل الملائكه ) بموبقات يزيد فاراد ان يطلع بنفسه على حقيقه الامر فذهب الى الشام مع وفد من أهل المدينة في أعقاب استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ولما عاد الى المدينه المنوره قال :
(والله، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السّماء؛ إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصّلاة. والله، لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله بلاءً حسناً ) (7)
وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين؛ يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويلعب بالكلاب ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه يزيد:
والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتّى يدع الصّلاة
ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله:
والله، رأيت يزيد بن معاوية يترك الصّلاة مسكراً
ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية
شميسة كرم برجها قعر دنِّها *** ومشرقها الساقي ومغربها فمي
_________________________________________________
(7) تأريخ ابن عساكر 7 / 372
إذا اُنزلت من دنِّها في زجاجةٍ *** حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ
فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمدٍ *** فخذها على دين المسيح بن مريمِ (8)
و قال عنه المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب، وقرود وفهود ومنادمة على الشّراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال
اسقني شربةً تُروّي مُشاشي *** ثمّ مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ
صاحبَ السرّ والأمانة عندي *** ولتسديد مغنمي وجهادي
ثمّ أمر المغنّين فغنّوا
وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستُعملت الملاهي، وأظهر النّاس شرب الشّراب
ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير
إنّ مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامّة الصّحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة
إلحاد يزيد وكفره وحقده على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتّى أنّه لم يبالِ بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسول (صلّى الله عليه وآله)، وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالته (صلّى الله عليه وآله) بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرّسول وريحانته أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام)، وهو متسلّط بالقهر على رقاب المسلمين باسم الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)
لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرّسول (صلّى الله عليه وآله) والبغض له؛ لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولما أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى
________________________________________________
تتمة المنتهى / 43 (8)
ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا *** جزعَ الخزرج من وقع الأسلْ
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشلْ
قد قتلنا القرمَ من أشياخهمْ *** وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ
لعبت هاشمُ بالملك فلا *** خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ
لستُ من خندف إنْ لم أنتقمْ *** من بني أحمد ما كان فعلْ (9)
بل إنّ يزيدَ جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة؛ فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، وردّ فيها البيت الآتي
ادع إلهك في السّماء فإنّني ***أدعو عليك رجال عكٍّ وأشعرا(10)
الالوسي يقول ان يزيد لم يكن مصدقا برساله النبي
يقول الالوسي في تفسيره روح المعاني للايه 22 من سوره محمد (ج26 ص73)
(فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم )محمد 22
أقول: الذي يغلب على ظني أن الخبيث (ويقصد يزيد ) لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سئل عن لعن يزيد اللعين
_________________________________________________
(9) البداية والنهاية 8 / 192
(10) مروج الذهب 2 / 95
يزيد على لعني عريض جنابه ... فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا
وقال عبد الله بن حنظله غسيل الملائكه في وصف يزيد بن معاويه
(إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويدَع الصلاة ) (11)
معاويه يعهد الى نصراني لتربيه ولده
رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النّصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصّة (12)
ولا يمكن أن تعلّل هذه الصّلة الوثيقة وتعلّقه الشّديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصّبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته
وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصّبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده، في حين أنّ العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام؛ كالوفاء وحسن الجوار، والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يُعرف عن يزيد شيء من ذلك
_____
(11) سير اعلام النبلاء ج3 ص 324
وتاريخ الخلفاء للسيوطي والكامل في التاريخ لابن الاثيرج3 ص449
(12)المناقب للقاضي نعمان المصري/71
الباب الخامس
يزيد يقتل الحسين (عليه السلام ) وأهل بيت النبوه
تمكن التحالف الثلاثي الاموي القرشي اليهودي بقياده ابو سفيان من قتل رسول الله (صلى الله عليه واله ) بالسم وإختطاف السلطه الشرعيه من الوصي الامام علي (عليه السلام) الذي نصبه الله وصياً وبايعه المسلمون اماما وخليفه للمسلمين في غدير خم
وحاولت قريش وبنو أميه قتل علي والحسن والحسين وإحراق بيت فاطمه ولكنهم فشلوا وخابوا
وتمكن التحالف بقياده عمر بن الخطاب من تغيير معالم الدين وحرق السنه النبويه ودفع بني أميه الى قمه السلطه وتولي معاويه الخلافه
واستطاع معاويه من قتل الامام علي (عليه السلام ) والامام الحسن (عليه السلام ) واوصي يزيد بن معاويه باستكمال هذف بنو اميه بقتل الحسين واستئصال اهل بيت النبي وبني هاشم والانتقام من الانصار
استلم يزيد زمام الحكم وارسل الى عامله على المدينه المنوره بأخذ البيعه ليزيد من الامام الحسين (عليه السلام )
رفض الامام الحسين بيعه يزيد الفاسق الخمار وقال (إن مثلي لايبايع مثله)
وعلم الحسين أن يزيد اعدَّ العده لقتله ولو كان متعلقا باستار الكعبه فقرر ان لا يقتل فيها لكي لاتنتهك حرمتها وخرج الى العراق بعد أن جائته رسائل تدعوه للقدوم وعاهدوه بالبيعه والنصره
وخرج الحسين (عليه السلام) للعراق مع أبناءه وإخوته وجمع من بني هاشم وأصحابه بعد ان رفض البيعه ليزيد فكانوا سبعه وسبعين فارساً فارسل لهم يزيد جيشا في ثلاثين الفا
أسباب نهظه الحسين (عليه السلام)
يوضح الحسين (عليه السلام) اسباب الثوره فيما يلي :
(إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين )
ويقول :
أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) قال: (من رأى سلطاناً جائراً، مستحلا لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنه رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله ان يدخله مدخله)
ويوضح رده قريش وبني أُميَّه عن الاسلام فيقول :
(ألا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، وإستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله)
وتوجه الى القوم قائلا :
(ويلكم على مَ تقاتلونني؟ على حقٍّ تركته؟ أم على شريعة بدّلتها؟ أم على سنّة غيّرتها؟
فقالوا:( نقاتلك بغضاً منّا لأبيك و ما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين )
وكما تقدم فقد قتل الامام علي (ع) كبار المشركين من قريش
في معركه بدر وإنما القوم يقاتلون الحسين ليثأروا من قتل علي (ع) للمشركين
وحين وضعوا راس الحسين (ع) أمام يزيد
قال يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحاً ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
وضح لنا يزيد في هذه الابيات اسباب رفعهم شعار (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
انها الرده عن الاسلام والانتقام من محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بقتل أهل بيته عن بكره أبيهم وحتى الطفل الرضيع لكي لا تبقى لهم باقيه
الحسد والحقد والانتقام والالحاد والكفر يتجلى في تصرفات يزيد وجيشه
اولا - قتل الحسين (ع) واخوته وابنائه واهل بيته وقطع رؤوسهم ورفعها على الرماح يطوفون بها في البلدان من كربلاء الى الشام
قتلوا الحسين فما معنى ان ينتدب عمر بن سعد عشره خيول لترض جسد الحسين ؟ انه الحقد والتشفي والانتقام البربري الذي لم نرَ له مثيلا عند اخس الناس واقذرهم
ثانيا – قتل الاطفال
لقد كان ذبح الاطفال وقتلهم بالسيف في ساحه الطف أوعطشاً أو سحقاً بحوافر الخيل أو تتبع من هرب وذبحه لترجمه دقيقه لشعار بني أُميَّه (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
ثالثا – سبي بنات رسول الله (ص) ونقلهن مصفدات بالسلاسل من كربلاء الى الشام كسبايا المشركين يتصفح وجوههن الشريف والدنئ انما هو تنكر فاضح للدين الاسلامي وتنصل عن قيم العروبه ولكنه كافرا بالاسلام وليس عربيا وانما من سلاله عبد رومي
ونستعرض فيما يلي أسماء الاطفال القتلى من نسل أبو طالب
1-عاتكة بنت مسلم بن عقيل
بعد أن إستشهد الحسين (عليه السلام) هجم جيش يزيد على المخيم للسلب والنهب فسحقتها الخيول وماتت وكان عمرها سبع سنين (13)
2- محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام) قتل وعمره اثنتى عشرة سنة ( 14)
3 و4 - محمد وإبراهيم إبنا مسلم بن عقيل
روى الشيخ الصدوق(قدس سره) بسنده عن حمران بن أعين الشيباني عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة، قال:
___________________________________________________
(13)معالي السبطين
(14)وسيلة الدارين، ص233
«لمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ(عليه السلام) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ، فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ، فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ: خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ، فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا، وَمِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا
وَكَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ، فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَلَمَّا طَالَ بِالْغُلَامَيْنِ المَكْثُ حَتَّى صَارَا فِي السَّنَةِ
قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا أَخِي قَدْ طَالَ بِنَا مَكْثُنَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَفْنَى أَعْمَارُنَا، وَتَبْلَى أَبْدَانُنَا، فَإِذَا جَاءَ الشَّيْخُ فَأَعْلِمْهُ مَكَانَنَا، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، لَعَلَّهُ يُوَسِّعُ عَلَيْنَا فِي طَعَامِنَا، وَيَزِيدُنَا فِي شَرَابِنَا
فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَقْبَلَ الشَّيْخُ إِلَيْهِمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ: يَا شَيْخُ، أَتَعْرِفُ مُحَمَّداً؟ قَالَ: فَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ مُحَمَّداً وَهُوَ نَبِيِّي
قَالَ: أَفَتَعْرِفُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ جَعْفَراً، وَقَدْ أَنْبَتَ اللهُ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ المَلَائِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ
قَالَ: أَفَتَعْرِفُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ عَلِيّاً وَهُوَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّي وَأَخُو نَبِيِّي
قَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، وَنَحْنُ مِنْ وُلْدِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِكَ أُسَارَى، نَسْأَلُكَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمُنَا، وَمِنْ بَارِدِ الشَّرَابِ فَلَا تَسْقِينَا، وَقَدْ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا سِجْنَنَا، فَانْكَبَّ الشَّيْخُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَيَقُولُ: نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ، وَوَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ، يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللهِ المُصْطَفَى، هَذَا بَابُ السِّجْنِ بَيْنَ يَدَيْكُمَا مَفْتُوحٌ، فَخُذَا أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتُمَا
فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَتَاهُمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، وَوَقَّفَهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ لَهُمَا: سِيرَا يَا حَبِيبَيَّ اللَّيْلَ، وَاكْمُنَا النَّهَارَ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمَا مِنْ أَمْرِكُمَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ
فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ انْتَهَيَا إِلَى عَجُوزٍ عَلَى بَابٍ، فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ إِنَّا غُلَامَانِ صَغِيرَانِ غَرِيبَانِ حَدَثَانَ غَيْرَ خَبِيرَيْنِ بِالطَّرِيقِ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ جَنَّنَا، أَضِيفِينَا سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ
فَقَالَتْ لَهُمَا: فَمَنْ أَنْتُمَا يَا حَبِيبَيَّ؟ فَقَدْ شَمِمْتُ الرَّوَائِحَ كُلَّهَا فَمَا شَمَمْتُ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَتِكُمَا
فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ، نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ
قَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا حَبِيبَيَّ، إِنَّ لِي خَتَناً فَاسِقاً قَدْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يُصِيبَكُمَا هَاهُنَا فَيَقْتُلَكُمَا
قَالا: سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ، فَقَالَتْ: سَآتِيكُمَا بِطَعَامٍ، ثُمَّ أَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَا وَشَرِبَا، وَلَمَّا وَلَجَا الْفِرَاشَ، قَالَ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ: يَا أَخِي، إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَكُونَ قَدْ أَمِنَّا لَيْلَتَنَا هَذِهِ، فَتَعَالَ حَتَّى أُعَانِقَكَ وَتُعَانِقَنِي، وَأَشَمَّ رَائِحَتَكَ وَتَشَمَّ رَائِحَتِي، قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ المَوْتُ بَيْنَنَا. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ وَاعْتَنَقَا وَنَامَا
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَقْبَلَ خَتَنُ الْعَجُوزِ الْفَاسِقُ حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ قَرْعاً خَفِيفاً، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلَانٌ. قَالَتْ: مَا الَّذِي أَطْرَقَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَلَيْسَ هَذَا لَكَ بِوَقْتٍ؟
قَالَ: وَيْحَكِ افْتَحِي الْبَابَ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ عَقْلِي، وَتَنْشَقَّ مَرَارَتِي فِي جَوْفِي، جَهْدَ الْبَلَاءِ قَدْ نَزَلَ بِي. قَالَتْ: وَيْحَكَ مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ؟
قَالَ: هَرَبَ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، فَنَادَى الْأَمِيرُ فِي مُعَسْكَرِهِ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِيهِمَا فَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَقَدْ أَتْعَبْتُ وَتَعِبْتُ وَلَمْ يَصِلْ فِي يَدِي شَيْءٌ
فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا خَتَنِي، احْذَرْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَيْحَكِ إِنَّ الدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا
فَقَالَتْ: وَمَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَلَيْسَ مَعَهَا آخِرَةٌ! قَالَ: إِنِّي لَأَرَاكِ تُحَامِينَ عَنْهُمَا، كَأَنَّ عِنْدَكِ مِنْ طَلَبِ الْأَمِيرِ شَيْءٌ، فَقُومِي فَإِنَّ الْأَمِيرَ يَدْعُوكِ
قَالَتْ: مَا يَصْنَعُ الْأَمِيرُ بِي، وَإِنَّمَا أَنَا عَجُوزٌ فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ، قَالَ: إِنَّمَا لِيَ الطَّلَبُ افْتَحِي لِيَ الْبَابَ حَتَّى أُرِيحَ وَأَسْتَرِيحَ، فَإِذَا أَصْبَحْتُ فَكَّرْتُ فِي أَيِّ الطَّرِيقِ آخُذُ فِي طَلَبِهِمَا، فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ، وَأَتَتْهُ بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ سَمِعَ غَطِيطَ الْغُلَامَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَأَقْبَلَ يَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْبَعِيرُ الْهَائِجُ، وَيَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، وَيَلْمِسُ بِكَفِّهِ جِدَارَ الْبَيْتِ حَتَّى وَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى جَنْبِ الْغُلَامِ الصَّغِيرِ
فَقَالَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَصَاحِبُ المَنْزِلِ، فَمَنْ أَنْتُمَا، فَأَقْبَلَ الصَّغِيرُ يُحَرِّكُ الْكَبِيرَ وَيَقُولُ: قُمْ يَا حَبِيبِي، فَقَدْ وَاللهِ وَقَعْنَا فِيمَا كُنَّا نُحَاذِرُهُ
قَالَ لَهُمَا: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، إِنْ نَحْنُ صَدَقْنَاكَ فَلَنَا الْأَمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ
قَالا: أَمَانُ اللهِ وَأَمَانُ رَسُولِهِ، وَذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِ اللهِ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ وَشَهِيدٌ. قَالَ: نَعَمْ
قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه واله وسلم )، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ. فَقَالَ لَهُمَا: مِنَ المَوْتِ هَرَبْتُمَا وَإِلَى المَوْتِ وَقَعْتُمَا، الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَظْفَرَنِي بِكُمَا، فَقَامَ إِلَى الْغُلَامَيْنِ فَشَدَّ أَكْتَافَهُمَا، فَبَاتَ الْغُلَامَانِ لَيْلَتَهُمَا مُكَتَّفَيْنِ،
ولما اصبح الصباح قتلهما واخذ رأسيهما الى عبيد الله بن زياد ليأخذ الفي درهم
إستُشهدا (عليهما السلام) عام 62ﻫ، ودُفنا على بُعد ثلاث كيلو مترات من مدينة المسيّب في العراق، وقبرهما معروف يُزار
وبذلك لم يبق من نسل مسلم بن عقيل باقيه
5- محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب قتل وعمره سبع سنين
لما صرع الحسين (عليه السلام) وهجم القوم على المخيم للسلب خرج مذعوراً ملتفتاً يميناً وشمالاً، فقتله هاني بن ثبت الحضرمي
6 و7 - سعد وعقيل إبنا عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر. (15)
8- عبد اللَّه بن الحسن (عليه السلام)
اثخنت الجراح الحسين (عليه السلام) فجلس يستريح فتوجه نحوه الطفل عبد الله بن الحسن وعمره إحدى عشره سنه ولما أهوى أبجر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين قال له الغلام: "ويلك يا إبن الخبيثة أتقتل عمي"؟ فضربه اللعين بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنها إلى الجلدة، فإذا هي معلقة، فضمه الحسين إلى صدره. فرماه حرملة بن كاهل الأسدي فذبحه وهو في حجر عمه الحسين (عليه السلام)
9-أحمد بن الحسن المجتبى (عليه السلام)
قتل مع الحسين (عليه السلام) وله من العمر ست سنين (16)
10و11-ام الحسم وام الحسين
___________________________________________
(15)معالي السبطين، 2 89
(16)وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام، ص297
وفي البحار أن أحمد بن الحسن المجتبى له أختان أم الحسن وأم الحسين سحقتا بحوافر الخيول يوم الطف بعد شهادة الإمام الحسين
(17)(12) ابو بكر بن الحسن (عليه السلام )
وهو من ابناء الحسن المجتبى رافق عمه الى كربلاء وقتل يوم عاشوراء قتله عبد الله بن عقبه الغنوي
13- القاسم بن الحسن (عليه السلام )
وهو القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب قتل يوم عاشوراء وهو غلام لم يبلغ الحلم
قتل وعمره ثلاث عشره سنة، قتله عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي
14- عبد اللَّه الرضيع
وهوحفيد الإمام علي والسيّدة فاطمة الزهراء(عليهما السلام)، وابن الإمام الحسين، وابن أخي الإمام الحسن، وأخو الإمام زين العابدين، وعمّ الإمام الباقر(عليهم السلام)
وامه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية
عاد الإمام الحسين(ع) إلى المخيم ليودّع عياله، وإذا بزينب الكبرى(عليها السلام) إستقبلته بعبد الله الرضيع قائلةً: أخي، يا أبا عبد الله، هذا الطفل قد جفّ حليب أُمّه، فاذهب به إلى القوم، علّهم يسقونه قليلاً من الماء، فأخذه منها وجعل يُقبّله وهو يقول: وَيْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ المُصْطَفَى خَصْمَهُمْ
ثمّ خرج راجلاً يحمل الطفل الرضيع، وكان يُظلّله من حرارة الشمس، فقال(عليه السلام): أيّها الناس، إن كانَ ذنبٌ للكبارِ فما ذنبُ الصغار؟
إختلف القوم فيما بينهم، فمنهم مَن قال: لا تسقوه، ومنهم مَن قال: أُسقوه، ومنهم مَن قال:
لا تُبقوا لأهل هذا البيت باقية،
عندها التفت عمر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي وقال له: يا حرملة، إقطع نزاع القوم
_________________________________________________
(17) تاريخ دمشق، ص226
يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فسدّدت السهم في كبد القوس، وصرت أنتظر أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت منّي التفاتة إلى رقبة الطفل، وهي تلمع على عضد أبيه الحسين(ع)
كأنّها إبريق فضّة، عندها رميته بالسهم، فلمّا وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، وكان الرضيع مغمىً عليه من شدّة الظمأ، فلمّا أحسّ بحرارة السهم رفع يديه من تحت قماطه وإعتنق أباه الحسين(عليه السلام)، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح
عندئذٍ وضع الحسين(عليه السلام) يده تحت نحر الرضيع حتّى امتلأت دماً، ورمى بها نحو السماء قائلاً: اللّهم لا يكن عليكَ أهونَ من فصيلِ ناقةِ صالح. ثمّ قال: هَوَّنَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِي أَنَّهُ بِعَيْنِ الله
قال الإمام الباقر(عليه السلام): فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْرَةٌ إِلَى الْأَرْضِ. وسمع(عليه السلام) قائلاً يقول: دعه يا حسين، فإنّ لهُ مُرضِعاً في الجنّة
ثمّ عاد به الحسين(عليه السلام) إلى المخيم، فاستقبلته سكينة وقالت: أبة يا حسين، لعلّك سقيت عبد الله ماءً وأتيتنا بالبقية؟ أجابها(عليه السلام): بُنيَّ سكينة، هذا أخوكِ مذبوحٌ من الوريدِ إلى الوريد(18)
تحقق حلم بنو أُميَّه فلم يبق من نسل مسلم بن عقيل باقيه ولولا اراده الله التي حفظت زين العابدين لانقطع نسل الحسين ايضا ..انه الحقد والحسد الاموي لبني هاشم والعداء لدين محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) الذي لم يعرف معنى لبراءه الطفوله وقيم الانسانيه والرجوله والشهامه
رابعا - التمثيل بالجثث
بعد ان اثخنت الجراح الحسين (ع) سقط ارضا جاء شمر فرفس الحسين برجله ، وجلس على صدره وقبض على شيبته المقدّسة وضربه بالسّيف اثنتى عشرة ضربة وإحتزّ رأسه المقدّس وأقبل القوم على سلبه
ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بنَ سَعدٍ نادى في أصحابِهِ مَن يَنتَدِبُ لِلحُسَينِ ويوطِئُهُ فَرَسَهُ ؟ فَانتَدَبَ عَشَرَةٌ ، فَداسُوا الحُسَينَ عليه السلام بِخُيولِهِم حَتّى رَضّوا ظَهرَهُ وصَدرَهُ (19)
__________________________________________________
(18)اللهوف في قتلى الطفوف: 69، بحار الأنوار 45/ 46، المجالس العاشورية: 390
(19) تاريخ الطبري : ج 5
خامسا - حمل الرؤوس على القنا
وحمل رأس الحسين (ع) ورؤس أهل بيته واصحابه من كربلاء الى الشام على الرماح وسبيت عياله مصفدين بالحديد يسيرون خلفه فكان أول راس يحمل على القنا بالاسلام
وسرّح في أثرهم علي بن الحسين مغلولة يدَيه إلى عنقه هو ومن معه في وضع تقشعر منه الابدان
إن جريمه قتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ورفع رؤسهم على الرماح يطوفون بها البلدان وترك الجثث في العراء ثلاثه أيام بعد أن داسوا جسد الحسين (عليه السلام) بحوافر الخيل وسبي نسائه وذبح أطفاله جريمه بشعه لا تصدر الا من كانت أمه بغيا وأبوه عبد يستشعر المهانه والضعه والحسد والكره لكل شريف
والغريب ان كل قاده جيش يزيد يشتركون معه في الصفات والاخلاق
يقول الدكتورمحمد رضا الهاشمي في كتابه الجريمه الكبرى
إن قاده جيش عمر بن سعد ممن شارك في قتل الحسين وأهل بيته يشتركون في ثلاثة خصال، وهي :
اولا: كونهم من قبائل نجد الملعونة على لسان النبي (صلى الله عليه واله وسلم)
ثانياً : اولاد عهر و حرام
ثالثاً : العداء والبغض بامتياز لآل النبي عليهم السلام والموالاه لبني أُميَّه
وقد قال الحسن البصري
(واذلاه لأُمة قتل إبن دعيها إبن بنت نبيها )
فهل انتهى حقد بني أُميَّه عند هذه الجريمه النكراء ؟؟
لا ..فهناك صحابه رسول الله من الانصار الذين ساعدوا رسول الله (صلى الله عليه واله ) في قتال المشركين وهناك المدينه المنوره التي سماها النبي طيبه فقد سماها الامويون الخبيثه وانتقموا منها ومن اهلها شر انتقام
الباب الخامس
يزيد ينتقم من الانصار
أسباب حقد بني اميه على الصحابه من الانصار
يقول الشيخ علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ ان مما زاد في بغض قريش للانصار موقف زعيم الانصار سعد بن عباده ضد السقيفه وخلافه ابو بكر وعمر واصراره على موقفه حتى قتلوه في منفاه
ثم جاء دور الأنصار في انتقاد عثمان وعدم الدفاع عنه، حتى قتله الصحابة
ثم دورهم المميز في مسانده علي (عليه السلام ) في حربه ضد قريش في معركه الجمل وحربه ضد معاويه في صفين
ويضيف الشيخ الكوراني قائلا (من السهل أن تلمس عند معاوية ويزيد وبني أمية تجاه الأنصار، نفس المشاعر العدائية التي كانت عند أبي سفيان ومشركي قريش تجاههم فقد اعتبروهم مسؤولين عن حماية النبي (صلى الله عليه وآله) ونصرته، وتحقيق النصر له عليهم
وأكثر ما أغاض معاوية من الأنصار أنهم كانوا جميعا مع علي (عليه السلام) وكانوا من أشد المجموعات القتالية عليه في صفين، فحقد عليهم إلى آخر عمره، ثم أوصى ابنه يزيد بالشدة معهم إن لم يبايعوه، أو ثاروا عليه، فبطش بهم يزيد في وقعة الحرة، بطش الجبارين الملحدين
الانصار قاتلوا معاويه مع علي (عليه السلام)
روى نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفين / 445:
(وإن معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، ولم يكن معه من الأنصار غيرهما فقال: يا هذان، لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج، صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال، حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع والجبان، وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار. أما والله لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ثم لأرمينهم بأعدادهم من قريش،. فغضب النعمان من كلامه
الانصار قاتلوا معاويه مع الحسن (عليه السلام )
قاتل الانصار معاويه مع الحسن (عليه السلام ) قتالا شديد ولما تم الصلح بين الحسن ومعاويه أرسل معاويه إلى قيس ابن سعد يدعوه إلى البيعة وكان رجلا طويلا يركب الفرس المشرف ورجلاه تخطان في الأرض فلما أرادوا ادخاله إليه قال انى حلفت ان لا القاه إلا وبيني وبينه الرمح والسيف فامر معاوية برمح وسيف بينه وبينه ليبر بيمينه
قال أبو الفرج وقد روى أن الحسن " عليه السلام " لما صالح معاوية اعتزل قيس ابن سعد في أربعة آلاف وأبى ان يبايع فلما بايع الحسن ادخل قيس ليبايع فاقبل على الحسن فقال افي حل انا من بيعتك ؟ فقال نعم فألقى له كرسي وجلس معاوية على سرير والحسن معه فقال له معاوية أتبايع يا قيس قال نعم ووضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية فجاءا معاوية على سريره وأكب على قيس حتى مسح يده على يده وما دفع قيس إليه يده
رسول الله استوصى بالانصار خيرا
قال رسول الله (صلى الله عليه واله ):
إستوصوا بالأنصار خيرا. وقال أيضا: (حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق) وفي صحيح البخاري: (لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق)
معاويه ينتقص من الانصار
قدم معاوية حاجّا في خلافته المدينة بعد ما قُتل أمير المؤمنين (عليه السلام ) وبعد ما مات الحسن ( عليه السلام ) فاستقبله أهل المدينة ، فنظر فإذا الذي استقبله من قريش أكثر من الانصار ، فسأل عن ذلك فقيل : إنهم محتاجون ليست لهم دواب
فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال : يا معشر الانصار ما لكم لا تستقبلوني مع إخوانكم من قريش ؟
فقال قيس وكان سيد الانصار وابن سيدهم : أقعَدنا يا أمير المؤمنين أنْ لم تكن لنا دواب
قال معاوية فأين النواضح ؟ (والنواضح هي الجمال التي تعمل في الحقل )
فقال قيس : أفنيناها يوم بدرٍ ويوم أحدٍ وما بعدهما في مشاهد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حين ضربناك وأباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون
قال معاوية : الّلهم غفرا
ثم قال قيس : يا معاوية تعيّرنا بنواضحنا ، والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله ، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا ، ثم دخلت أنت وأبوك كُرها في الاسلام الذي ضربناكم عليه (20)
معاويه يضيّق على الانصار في أرزاقهم ويستخف بالمعاد يوم القيامه
قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) مخاطبا الانصار:
(ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تقدموا علي الحوض)، وهذا الخبر هو الذي يكفّر كثير من أصحابنا معاوية بالإستهزاء به، وذلك أن النعمان بن بشير الأنصاري جاء في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم وقالوا لقد صدق رسول الله (ص) في قوله لنا ( ستلقون بعدي أثرة )
قال معاوية: فماذا قال لكم؟ قالوا: قال لنا: فاصبروا حتى تردوا علي الحوض. قال: فافعلوا ما أمركم به، عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم وحرمهم ولم يعطهم شيئا). (21)
يزيد بن معاويه ينتقم من أنصار النبي (صلى الله عليه وآله) بموقعة الحرة
أرسل الانصار وفدا من قادتهم بقيادة عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة الى الشام ليطلعوا على احوال يزيد عن كثب وليعرفوا يقينا سلوك يزيد وهل يشرب الخمر ويرتكب المنكرات؟ فرجعوا ذامين له مجمعين على خلعه) (22)
وأجمع الصحابه على عبد الله بن حنظلة (غسيل الملائكة) فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم اتقوا الله وحده لا شريك له فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي). (23)
____
(20) صحيح البخاري ج 9 ص59
(21) ابن أبي الحديد في شرح النهج: 6 / 32
(22) تاريخ دمشق: 26 / 258
(23) الطبقات
وصيه معاويه ليزيد
نقل أبو جعفر الطبري في تاريخه وابن الأثير في الكامل والبيهقي في المحاسن والمساوي وغيرهم أن معاوية قال: ليزيد إن لك من أهل المدينة ليوما فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة (هو الذي سمي مسرفا ومجرما) فإنه رجل قد عرفت نصيحته
عرف معاوية أن مسلما لا دين له فأمر يزيد أن يرمي به أهل المدينة وقد فعل يزيد ما أمره به معاويه ، وفعل مسلم بأهل المدينة ما أريد منه حيث قال له يزيد: يا مسلم لا تردن أهل الشام عن شئ يريدون بعدوهم فسار بجيوشه من أهل الشام فأخاف المدينة واستباحها ثلاثة أيام بكل قبيح وافتضت فيها نحو ثلاثمائة بكر، وولدت فيها أكثر من ألف امرأة من غير زوج وسماها نتنة وقد سماها رسول الله (صلى الله عليه واله) طيبة، وقتل فيها من قريش والأنصار والصحابة وأبنائهم نحو من ألف وسبعمائة وقتل أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس، وبايع المسلمين على أنهم عبيد ليزيد ومن أبى ذلك أمره مسلم على السيف.. إلى غير ذلك من المنكرات
ثوره الصحابه في المدينه المنوره
قَالَ الْوَاقِدِيّ أَنبأَنَا ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح بن أبي حسان أَنبأَنَا إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم المَخْزُومِي قَالَ لما وثب أهل الْحرَّة وأخرجوا بني أُميَّة عَن الْمَدِينَة واجتمعوا على عبد الله بن حَنْظَلَة وَبَايَعُوهُ على الْمَوْت قَالَ يَا قوم اتَّقوا الله فوَاللَّه مَا خرجنَا على يزِيد حَتَّى خفنا أَن نُرمَى بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء قَالَ وَكَانَ ابْن حَنْظَلَة يبيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِد وَمَا يزِيد على أَن يفْطر على شربة من سويق ويصوم الدَّهْر (24)
____
( 24) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي لعبد الملك العصامي
الطبقات الكبرى – محمد بن سعد -ج5 -ص 66
تاريخ الخلفاء للسيوطي ص159 و الصواعق المحرقه لابن حجر ص 132
جيش يزيد يستبيح المدينه المنوره
وَقَالَ الْمَدَائِنِي توجه مُسلم بن عقبَة إِلَى الْمَدِينَة فِي اثْنَي عشر ألف رجل وَيُقَال اثْنَي عشر ألف
فَارس وَخَمْسَة عشر ألف راجل قَالَ السُّهيْلي فِي روضه وقْعَة الْحرَّة كَانَ سَببهَا أَن أهل المدينه خلعوا يزِيد بن مُعَاوِيَة وأخرجوا بني أُميَّة وَأمرُوا عَلَيْهِم عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل الَّذِي غسلت الْمَلَائِكَة أَبَاهُ يَوْم أُحد
وصمد مُسلم فِي العساكر فانكشف أهل الْمَدِينَة من كل جَانب ثمَّ حمل ابْن الغسيل فانكشف العساكر وانتهت إِلَى مُسلم فَنَهَضَ فِي وُجُوههم بِالرِّجَالِ وَاشْتَدَّ الْقِتَال ثمَّ جَاءَ الْفضل بن عَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب لِابْنِ الغسيل فقاتل مَعَه ثمَّ انتقى الشجعان يُرِيد قتل مُسلم فَحمل على أهل الشَّام فانفرجوا وجثت الرَجال أَمَامه على الركب ومضَى نَحْو راية مُسلم فَقتل صَاحبهَا يظنّ أَنه مُسلم بن عقبَة فَأخذ مُسلم رايته وَسَار وشدت الرِّجَال أَمَامه فصرع الْفضل بن عَبَّاس وَقتل مَعَه زيد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَتَقَدَّمت خيل مُسلم إِلَى ابْن الغسيل وَمَعَهُ أَخُوهُ لأمه مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس ابْن شماس وَعبد الله بن زيد بن عَاصِم وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حزم وأبلى مُحَمَّد ابْن سعد بن أبي وَقاص ثمَّ انهزم النَّاس
من يثأر لالف وسبعمائه صحابي من المهاجرين والانصار
قال شيخ البخاري خليفة بن خياط: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 239)
(ودعا سلم بن عقبة النَّاس إِلَى الْبيعَة عَلَى أَنهم خول ليزِيد
بْن مُعَاوِيَة يحكم فِي أَهْليهمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ
ماشاء حَتَّى أُتِي بِعَبْد اللَّه بْن زَمعَة وَكَانَ صديقا ليزِيد
بْن مُعَاوِيَة وصفيا لَهُ فَقَالَ بَايع عَلَى أَنَّك خول لأمير
الْمُؤمنِينَ يحكم فِي دمك وَأهْلك وَمَالك
قَالَ
أُبَايِعك عَلَى أَنِّي (ابْن عَم) أَمِير الْمُؤمنِينَ يحكم فِي
دمي وَأَهلي وَمَالِي؛ فَقَالَ اضربوا عَنقه؛ فَوَثَبَ مَرْوَان
فضمه إِلَيْهِ وَقَالَ يُبَايِعك عَلَى مَا أَحْبَبْت قَالَ وَالله
لَا أقيلها إِيَّاه أبداً وَقَالَ إِن تنحى وَإِلَّا فاقتلوهما
جَمِيعًا فَتَركه مَرْوَان فَضربت عَنق ابْن زَمعَة )
وحتى الرجوع إلى الموافقة لم يقبل منه
وقال خليفة: (قَالَ أَبُو الْحسن (المدائني) وَقَالَ عوَانَة بن الحكم:
(أُتِي مُسلم بِيَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زَمعَة فقال بايع ، قال أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه فأمر به فقتل) اهـ
ويقول الشيخ حسن فرحان المالكي :
هكذا إذاً من طلب البيعة على الكتاب والسنة يقتل! ومن بايع عبداً
ينجو
والخبر
عند الطبري أيضاً؛ وفيه تفصيل زيادة؛ ففي تاريخ الطبري (5/
493)
(قَالَ عوانة: وأُتِى (مسلم) بيزيد بن وهب بن زمعة، فَقَالَ: بايع؛ قَالَ: أبايعك عَلَى سنة عمر، قَالَ: اقتلوه؛ قَالَ: أنا أبايع (يعني على ما تريد)، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أقيلك عثرتك فكلمه مروان بن الحكم - لصهر كان بينهما - فأمر بمروان فوجئت عنقه، ثم قال: بايعوا عَلَى أنكم خول ليزيد بن مُعَاوِيَة ثُمَّ أمر بِهِ فقتل)
وحتى الذين لهم هوى في بني أمية وفيهم نصب يقرون بهذا؛ كالذهبي مثلاً، الذي قال في تاريخ الإسلام (5/ 29)
( دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ
إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي
أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ
بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ
وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنِّي ابْنُ
عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي،
فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ! فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، .. وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا
فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ
عُنُقُهُ)
وهذا
ابن كثير؛ وهو أشد أموية من الذهبي؛ يقول في البداية والنهاية (8/
243)
(فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بن معاوية، ويحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ)
وفي التنوير لابن دحية: وقتل من وجوه المهاجرين والأنصار ألف وسبعمائة، ومن حملة القرآن سبعمائة، وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت بين القبر الشريف والمنبر، واختفى أهل المدينة حتى دخلت الكلاب المسجد وبالت على منبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ولم يرض أمير ذلك الجيش من أهل المدينة إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول: أي عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق، حتى قال له بعض أهل المدينة: البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه) اهـ
ويقول السيوطي في الخصائص: وهذا المقتلة لــ (أهل الرضوان) يوم الحرة لم يحدث مثلها من كفار قريش ولا أصحاب مسيلمة؛ وسبقهم قتل (أهل بدر) يوم صفين على أيدي بني أمية أيضاً؛ فالذين أفنوا أهل بدر يوم صفين هم بنو أمية؛ والذين أفنوا أهل الرضوان يوم الحرة هم بنو أمية
ويقول عبد الملك العصامي في كتابه سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي
وأباح مُسلم الْمَدِينَة ثلاثَاً للْقَتْل والنهب وأفزع ذَلِك الصَّحَابَة الَّذين بهَا وَلزِمَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ بَيته فَدخل عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِي أبيحت الْمَدِينَة فِيهَا فَقيل لَهُ من أَنْت أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ أَنا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ صَاحب رَسُول الله
فَقَالُوا قد سمعنَا خبرك ولنعم مَا فعلت حِين كَفَفْت يدك ولزمت بَيْتك وَلَكِن هَات المَال فَقَالَ أَخذه الَّذين دخلُوا قبلكُمْ عَليّ وَمَا عِنْدِي شَيْء فَقَالُوا كذبت ثمَّ قَالُوا أضجعوه فأضجعوه فَجعل كل وَاحِد يَأْخُذ من لحيته خصْلَة وَأخذُوا مَا وجدوا حَتَّى صوف الْفرش وَحَتَّى أخذُوا زَوْجَيْنِ من حمام كَانَ صبيانه يَلْعَبُونَ بهما (25)
وَأما جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ فَخرج فِي ذَلِك الْيَوْم يطوف فِي أَزِقَّة الْمَدِينَة وَهُوَ أعمى والبيوت تنتهب وَهُوَ يعثر فِي الْقَتْلَى وَيَقُول تعس من أَخَاف رَسُول الله
فَقَالَ لَهُ قَائِل وَمن أَخَاف رَسُول الله
فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول: (من أَخَاف الْمَدِينَة فقد أَخَاف مَا بَين جَنْبي) فحملوا عَلَيْهِ ليقتلوه فَأَخذه مِنْهُم مَرْوَان بن الحكم وَأدْخلهُ بَيته ) (26)
وَقتل فِي ذَلِك الْيَوْم من وُجُوه الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ألف وَسَبْعمائة رجل وَقيل من أخلاط النَّاس عشرَة آلَاف سوى النِّسَاء وَالصبيان ونهبوا وأفسدوا وَاسْتَحَلُّوا الْحرم وعطلت الصَّلَوَات فِي مَسْجد رسول الله(صلى الله عليه واله) (27)
_____
(25) سمط النجوم العوالي في انباء الاوائل والتوالي لعبد الملك العصامي
(26) كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي للعصامي
والبدايه والنهايه لابن كثير ج11 ص614
(27) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي
البدايه والنهايه لابن كثير و سمط النجوم العوالي في انباء الاوائل والتوالي
جيش يزيد يهين المصحف الشريف
وَلم يبْق فِي الْمَسْجِد إِلَّا سعيد بن الْمسيب جعل نَفسه ولهاناً خبلا فَتَرَكُوهُ وَكَانَ يَقُول كنت أسمع عِنْد مَوَاقِيت الصَّلَاة همهمة من الْحُجْرَة المطهرة وافتض فِيهَا ألف عذراء وَإِن مفتضَّها فعل ذَلِك أَمَام الْوَجْه الشريف وَالْتمس مَا يمسح بِهِ الدَّم فَلم يجد فَفتح مصحا قَرِيبا مِنْهُ ثمَّ أَخذ من أوراقه ورقة فتمسح بهَا نَعُوذ بِاللَّه مَا هَذَا إِلَّا صَرِيح الْكفْر وأنتنه (28)
جيش يزيد يقتل الاطفال
وَمن ذَلِك أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار دخل عَلَيْهَا رجل من أهل الشَّام وَهِي ترْضع وَلَدهَا وَقد أَخذ مَا كَانَ عِنْدهَا قَالَ لَهَا هَاتِي الذَّهَب وَإِلَّا قتلتك وَقتلت ابْنك فَقَالَت وَيحك إِن قتلته فأبوه أَبُو كَبْشَة صَاحب رَسُول الله وَأَنا من النسْوَة اللَّاتِي بايعن رَسُول الله وَمَا خُنْت الله فِي شَيْء بَايَعت رَسُوله عَلَيْهِ فَأخذ الصَّبِي من حجرها وثديها فِي فِيهِ وَضرب بِهِ الْحَائِط حَتَّى انتثر دماغه فِي الأَرْض وَالْمَرْأَة تَقول لَو كَانَ عِنْدِي شَيْء أفديك بِهِ يَا ابْني لفديتك قَالَ فَمَا خرج من الْبَيْت حَتَّى اسودَ نصف وَجهه وَصَارَ مثلَة فِي النَّاس (29)
_____
(28) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي3/204
شرح الزرقاني لموطأ مالك 3 / 153 ، تاريخ الخلفاء / 195
(29) الامامه والسياسه لابن قتيبه الدينوري ج1 ص 184
سمط النجوم العوالي للعصامي و الخصائص الكبرى للسيوطي
والسيره الحلبيه ج 1
يزيد يقصف الكعبه بالمنجنيق
ثمَّ اسْتخْلف مُسلم على الْمَدِينَة روح بن زنباع الجذامي وشخص إِلَى مَكَّة لقِتَال ابْن الزبير فَمَاتَ بالمشلل وَقيل بثنية هرشي وَأوصى قبل موته بقياده الجيش للحصين بن نمير وأمره بان يسرع السّير الى مكه
وَسَار الْحصين بِالنَّاسِ نحو مكه وَقد بَايع أَهلهَا وَأهل الْحجاز لعبد الله بن الزبير واجتمعوا عَلَيْهِ وَلحق بِهِ أهل الْمَدِينَة وَقدم عَلَيْهِ نجدة ابْن عَامر الْحَنَفِيّ فِي الْخَوَارِج لمنع الْبَيْت وَخرج ابْن الزبير للقاء أهل الشَّام وعثرت البغلة بِعَبْد الله فَنزل وَاجْتمعَ إِلَيْهِ الْمسور بن مخرمَة وَمصْعَب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَجَمَاعَة من أَصْحَابه فَقتلُوا جَمِيعًا وصابرهم ابْن الزبير إِلَى اللَّيْل ثمَّ انصرفوا وَأَقَامُوا يقاتلونه شهرا وَبَعض شهر
يقول البخاري في صحيحه ان جيش يزيد قصف الكعبه بالمنجنبق وَاحْتَرَقَ الْبَيْت وترك ابْن الزبير الْكَعْبَة تحترق ليراها النَّاس فتحزبهم على أهل الشَّام ثمَّ لم يزل الْعَسْكَر محاصرين لِابْنِ الزبير حَتَّى جَاءَهُم نعي يزِيد
وعاود بنو اميه في عهد عبد الملك بن مروان حصار مكه
وحاصر جيش بني اميه أهل مكة، وقد نصب الحجاج بن يوسف الثقفي المنجنيق حول مكة حتى يخرج اهلها إلى الأمان والطاعة لعبد الملك بن مروان
وكانوا يرمون بالمنجنيق فقتلوا خلقا كثيرا، وكان مع الحجاج خمس مجانيق فألح على مكه بالرمي من كل مكان، وحبس عن اهلها الميرة والماء، فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، والحجاج يصيح بأصحابه:
يا أهل الشام الله الله في الطاعة
فكانوا يحملون على ابن زبير حتى يقال: إنهم آخذوه في هذه الشدة، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد حتى يخرجهم من باب بني شيبة، ثم يكرون عليه فيشد عليهم، فعل ذلك مرارا
وقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح
فقال: والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعا والله لا أسألهم صلحا أبدا
وذكروا أنهم لما رموا بالمنجنيق جاءت الصواعق والبروق والرعود حتى جعلت تعلوا أصواتها على صوت المنجنيق، ونزلت صاعقة فأصابت من الشاميين اثني عشر رجلا فضعفت عند ذلك قلوبهم عن المحاصرة
فلم يزل الحجاج يشجعهم ويقول: إني خبير بهذه البلاد، هذه بروق تهامة ورعودها وصواعقها، وإن القوم يصيبهم مثل الذي يصيبكم، وجاءت صاعقة من الغد فقتلت من أصحاب ابن الزبير جماعة كثيرة أيضا، فجعل الحجاج يقول: ألم أقل لكم إنهم يصابون مثلكم وأنتم على الطاعة وهم على المخالفة
وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون الكعبه بالمنجنيق ويقولون
مثل الفنيق المزبد * نرمي بها أعواد هذا المسجد
فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته، فتوقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة، فخطبهم الحجاج فقال: ويحكم ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم؟ فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته، فعادوا إلى المحاصرة
وما زال أهل مكة يخرجون إلى الحجاج بالأمان ويتركون ابن الزبير حتى خرج إليه من عشرة آلاف، فأمنهم وقَلَّ أصحاب ابن الزبير جدا، حتى خرج إلى الحجاج حمزة وخبيب ابنا عبد الله بن الزبير، فأخذا لأنفسهما أمانا من الحجاج فأمنهما
ودخل عبد الله بن الزبير على أمه فشكا إليها خذلان الناس له، وخروجهم إلى الحجاج حتى أولاده وأهله، وأنه لم يبق معه إلا اليسير، ولم يبق لهم صبر ساعة، والقوم يعطونني ما شئت من الدنيا، فما رأيك؟
فقالت: يا بني أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى حق فاصبر عليه فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت تعلم أنك إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت، أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك، القتل أحسن
فدنا منها فقبّل رأسها وقال: هذا والله رأيي، ثم قال: والله ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمته، ولكنني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتيني بصيرة مع بصيرتي
فقالت أمه: إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسنا
ثم أخذته إليها فاحتضنته لتودعه واعتنقها ليودعها وكانت قد أضرت في آخر عمرها فوجدته لابسا درعا من حديد
فقالت: يا بني ما هذا لباس من يريد الشهادة
فقال: يا أماه إنما لبسته لأطيب خاطرك وأسكن قلبك به
فقالت: لا يا بني ولكن انزعه فنزعه، ثم خرج من عندها فقتل فكان ذلك آخر عهده بها
ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك بما وقع، وبعث برأس ابن الزبير مع رأس عبد الله بن صفوان، وعمارة بن حزم إلى عبد الملك، ثم أمرهم إذا مروا بالمدينة أن ينصبوا الرؤس بها، ثم يسيروا بها إلى الشام، ففعلوا ما أمرهم به وأرسل بالرؤس مع رجل من الأزد فأعطاه عبد الملك خمسمائة دينار، ثم دعا بمقراض فأخذ من ناصيته ونواصي أولاده فرحا بمقتل ابن الزبير
الباب الخامس
وصار الملعونون سلاطين هذه الامه
فكيف يلمعون صورهم ؟ وكيف قاوموا تاثير اللعن عليهم
رفضت قريش الدين الجديد وقاومت النبي واصحابه وعذبتهم اقسى انواع العذاب واستشهد تحت التعذيب ياسر وسميه
و قال رسول الله ( ص ) ما اوذي نبي مثلما اوذيت وحاربته قريش عسكريا وحاصرته اقتصاديا وتحالفت مع اليهود ضده ولم تبق شيئا تستطيع فعله لمقاومته ومحاربته لم تفعله
اعز الله دينه ونصر نبيه وفتحت مكه وانتشر الاسلام وصار اعداء الامس طلقاء اليوم وتسلقوا في مناصب الدوله الجديده ليبدءوا هذه المره العمل على نسف الاسلام من الداخل
كيف قاومت قريش تاثير اللعن على قادتها الملعونين
اولا: جمع احاديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وحرقها
قبل ان يغمض رسول الله (ص) عينيه بدات مساعي قريش لرفض كتابه اوامر وحديث الرسول فقال عمر( حسبنا كتاب الله ان النبي ليهجر ) وبعد وفاته جمع ابو بكر وعمر احاديثه وحرقوها
ومُنعت الامه من تداول الاحاديث ولاسيما تلك التي تلعن قادتهم
يقول احمد حسن يعقوب في كتابه (اين سنه الرسول وماذا فعلو بها ) في الصفحه 264
الخليفة الأول يحرق سنة الرسول التي جمعها بنفسه
كانت ” قريش ” أو ذلك النفر من قريش ينهى سرا عن كتابة ورواية سنة الرسول ، ويشكك بصحة وصواب جانب من سنة الرسول ، وأثناء مرض الرسول ، كشف ذلك النفر عن نفسه ، فأخذ ينهى عن كتابة سنة الرسول ويحرض علنا على عدم اتباعها ! معبرا عن قناعته الخاصة من خلال قوته ! وعندما استولى ذلك النفر على منصب الخلافة أعلن رسميا وعلى مستوى الدولة منع كتابة ورواية سنة الرسول
ويبدو أن أول أمر أو مرسوم قد أصدره الخليفة الأول كان يتضمن قراره بمنع رواية وكتابة سنة الرسول
قال الذهبي في تذكره الحفاظ ص 1و2 في ترجمة أبي بكر : إن أبا بكر قد جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : ( إنكم تحدثون عن رسول الله ( ص ) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه )
واذا كان السبب اختلاف الناس بروايه الاحاديث فان الاولى كتابتها لمنع الاختلاف لا منعها وحرقها.
لم يكتف الخليفة بهذا المرسوم الذي منع بموجبه المسلمين من أن يحدثوا أي شئ من سنة رسول الله ، بل تناول الأحاديث التي جمعها بنفسه ، وسمعها بنفسه من رسول الله ، فأحرقها
قال الذهبي في الصفحه الخامسه من الكتاب السابق( إن أبا بكر جمع أحاديث النبي ( ص ) في كتاب ، فبلغ عددها خمسمائة حديث ، ثم دعا بنار فأحرقها )
روى القاسم بن محمد أحد أئمة الزيدية عن الحاكم بسنده إلى عائشة قالت
( جمع أبي الحديث عن رسول الله ، فكانت خمسمائة حديث فبات ليله يتقلب ، فلما أصبح قال أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها فدعا بنار فأحرقها ) (1)
عمر يجمع الاحاديث من عامه المسلمين ويحرقها
واكتشف عمر أن بين أيدي الناس كتبا كثيرة ، فاستنكرها وكرهها وقال:
أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به فأرى فيه رأيي
قال القاسم بن محمد بن أبي بكر ، فظن الناس أنه يريد أن ينظر في هذه الكتب ، ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف فأتوه بها
لقد نجح الخليفة بإيهام المسلمين بأنه يريد أن يكتب سنة الرسول ، لذلك أتته الأكثرية من المسلمين بما هو مكتوب عندها من سنة الرسول ، ووضعوها بين يديه ، ليتمكن الخليفة من تدوينها كما وعد . والأقلية من المسلمين التي تعرف الخليفة وتعرف موقفه من سنة الرسول ونواياه نحوها هي التي احتفظت بسنة الرسول المكتوبة عندها ، وهي التي لم تسلّم الكتب الموجودة لديها ، وكان الإمام علي وأهل بيت النبوة (ع) ومن والاهم هم القلة التي احتفظت بسنة الرسول المكتوبة عندها ، وبالكتب المحفوظة لديها
لما اعتقد الخليفة أن المسلمين قد أتوه بكامل سنة الرسول المكتوبة عندهم وبكل الكتب المحفوظة لديهم ، قام الخليفة بإحراقها بالنار (2)
وهكذا تمكن الخليفة من القضاء التام على سنة الرسول المكتوبة وحتى الكتب المحفوظة لدي الأكثرية الساحقة من أهل المدينة المنورة
الخليفة يعمم على كافة الأمصار الخاضعة لحكمه لمحو سنة الرسول
لما نجح الخليفة عمر بن الخطاب بجمع ما لدى أكثرية المسلمين من سكان المدينة المنورة من سنة الرسول المكتوبة ، والكتب المحفوظة لديهم وإحراقها بالنار ، أصدر مرسوما عممه على كافة البلاد الخاضعة لحكمه هذا نصه
(أن من كان عنده شئ من سنة الرسول المكتوبة فليمحه ) (3)
(1) كنز العمال ج1ص285 وتدوين السنه الشريفه ص 264
(2) الطبقات الكبرى لابن سعدج5 ص140
(3) كنز العمال ج10 ص291
وهكذا اطمئنت قريش ان كل الاحاديث التي تحدث بها رسول الله قد انتهت ومن ظمنها تلك الاحاديث التي لعن فيها كفار ومنافقي قريش
لتاتي بعد ذلك المرحله الاخرى وهي اختلاق احاديث تلمع صور الملعونين من ساده قريش الذين لازالت الناس تتناقل احاديث رسول الله بلعنهم و لازالت تتذكر لعن رسول الله لهم في قنوته في الصلاه
ثانيا :الغاء القنوت في الصلاه لانه يذكر المسلمين بلعن رسول الله (ص) لعتاه قريش في قنوته
يقول الشيخ علي الكوراني في كتابه تدوين القران
من المعروف في سيرة النبي (ص) أنه كان يقنت في صلاته، أي يرفع يديه أثناء الصلاة ويدعو الله تعالى.. وقد يدعو على أعداء الله ورسوله من المشركين والمنافقين، ويلعنهم ويسميهم بأسمائهم
وقد سار الناس على سيره رسول الله (ص)ولعن الكافرين والمنافقين من طغاه قريش في القنوت فكان لا بد من تشريع يلغى بموجبه القنوت لكي تموت معه هذه السنه بمرور الايام
وقد اقدم فقهاء السلطان على الغاء القنوت في الصلاه وحصره على صلاه الفجروالوتر او اذا نزلت بالناس نازله فيدعو الامام بشانها وجوز الإمام أحمد أن يقنت الأمراء فقط في صلاتهم ويدعوا، أما عامة المسلمين فلا
ثالثا - اختلاق احاديث تخطأ رسول الله (ص) لانه لعن طغاه قريش
ويقول الشيخ الكوراني (وضعوا أحاديث مفادها أن النبي (ص) قد اعترف بخطئه في لعن الذين لعنهم ودعا عليهم، لأنه بشر ! فدفع كفارة خطئة بأن دعا الله تعالى أن يجعل لعنته على من لعنه أو سبه أو آذاه (صلاة وقربة، زكاة وأجرا، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا.. بركة ورحمة ومغفرة وصلاة، فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح) على حد تعبير الروايات
عن أبي هريرة أنه سمع النبي (ص) يقول
(اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة) (4)
عن أبي هريرة أيضا قال سمعت رسول الله (ص) يقول
(اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة)(5)
وروى مسلم وكتب اخرى عشرات الاحاديث بنفس هذا المعنى
_______________________________________________
(4) صحيح البخاري ج 7 ص 157
(5) صحيح مسلم ج 8 ص 26
رابعا – اختلاق احاديث بان جبرائيل وبخ النبي (ص) للعنه عتاه قريش
من أعمال معالجة اللعن، أحاديث أكثر جرأة على مقام النبي (ص) لأنها تصرح بأن النبي قد أخطأ في لعنه من لعن فبعث الله تعالى إليه جبرئيل فوبخه وقال له: إن الله يقول لك إني لم أبعثك سبابا ! بل بعثتك رحمة للعالمين، والقرشيون قومك وأهلك أولى بالرحمة الإلهية، فلماذا تلعنهم ؟ وعلمه دعاء عاما يقوله في قنوته ليس فيه ما يمس قريش
عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله (ص) يدعو على مضر (يعني قريش) إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال:
يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (6)
خامسا- وضعوا تفسيرا لايات من القران ينسجم واهدافهم
قال الله تعالى:
(ال عمران 128)( ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون )
عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله (ص) يوم أحد:
اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أمية، قال فنزلت الايه: ( ليس لك من الأمر شئ، أو يتوب عليهم )، فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم (7)
أما البخاري فقد عقد للآية أربعة أبواب ! روى فيها كلها أن الله تعالى رد دعاء نبيه على المشركين والمنافقين أو لعنه إياهم، ولم يسم البخاري الملعونين في أكثرها حفظا على كرامتهم
قال حميد وثابت عن أنس:
شج النبي (ص) يوم أحد فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟ فنزلت:
ليس لك من الأمر شئ (8)
عن الزهري حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عزوجل:
ليس لك من الأمر شئ الى قوله… فانهم ظالمون
وقد حرفوا تفسير الايه والتفسير الصحيح لها مايلي:
ورد في البرهان في تفسير القران للسيد هاشم الحسيني البحراني
العياشي: عن جابر الجعفي، قال: قرأت عند أبي جعفر (عليه السلام) قول الله:
( لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ)
_______________________________________________
(6) سنن البيهقي ج 2 ص 210
(7) قال الترمذي في ج 4 ص 295
(8) صحيح البخاري ج 5 ص 35
قال: ” بلى و الله، إن له من الأمر شيئا و شيئا و شيئا، و ليس حيث ذهبت، و لكني أخبرك أن الله تبارك و تعالى لما أمر نبيه (ص) أن يظهر ولاية علي (ع) فكر في عداوة قومه له، و معرفته بهم. و ذلك الذي فضله الله به عليهم في جميع خصاله: كان أول من آمن برسول الله (ص) و بمن أرسله، و كان أنصر الناس لله تعالى و لرسوله (ص)، وأقتلهم لعدوهما، و أشدهم بغضا لمن خالفهما، و فضل علمه الذي لم يساوره أحد، و مناقبه التي لا تحصى شرفا فلما فكر النبي (ص) في عداوة قومه له في هذه الخصال، و حسدهم له عليها ضاق عن ذلك،
فأخبر الله تعالى أنه ليس له من هذا الأمر شيء، إنما الأمر فيه إلى الله أن يصير عليا (ع ) وصيه و ولي الأمر بعده، فهذا عني الله، و كيف لا يكون له من الأمر شيء، و قد فوض الله إليه أن جعل ما أحل فهو حلال، و ما حرم فهو حرام، قوله
( وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ )(الحشر 7)
وتفسر الايه التاليه حرج رسول الله وتخوفه من تبليغ الامه بامامه علي (ع) وولايته
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )المائده 67
سادسا: الفتوى بالجنة للمنافقين
فقد صدر قرار قبول المنافقين واعتبارهم مسلمين من أهل الجنة، وكتبوا تحته توقيع النبي (ص)، فظهرت الروايات التي تشهد بذلك ! ومن أجل عيون مشركي قريش ومنافقيها صدرت الفتاوي باستحقاق منافقي المدينة من غير قريش لدخول الجنة
روى أحمد في مسنده قصة مالك بن الدخشم الذي كان رأس المنافقين بعد ابن أبي سلول فقال
(قام رسول الله (ص) يصلي وأصحابه يتحدثون بينهم، فجعلوا يذكرون ما يلقون من المنافقين فأسندوا أعظم ذلك الى مالك بن دخشم، فانصرف رسول الله (ص) وقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ فقال قائل بلى وما هو من قلبه، فقال رسول الله (ص):
(من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار) (9)
سابعا: اعطاء المنافقين (وبعضهم ملعون بالاسم) شهاده حسن سلوك واختلاق احاديث توجب لهم الجنه
وإعطاءهم مناصب هامة في الدولة الإسلامية وأول من فتح هذا الباب وأعطى مناصب الدولة للمنافقين هو الخليفة عمر.. وكان يبرر ذلك تبريرا عصريا فيقول إن مسألة الدين أمر بين الإنسان وربه.. والمنافق إثمه عليه
(9) مسند احمد ج 3 ص 135
عن عمر قال: (نستعين بقوة المنافق، وإثمه عليه) (10)
(عن الحسن أن حذيفة قال لعمر: إنك تستعين بالرجل الفاجر فقال عمر: إني لاستعمله لأستعين بقوته ثم أكون على قفائه ) (11)
ثامنا : وضع احاديث تمنع لعن شارب الخمر لكي لا يلعن شارب الخمر (الملعون على لسان النبي )
عن عمر أن رجلا على عهد النبي (ص) كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله (ص) ، وكان النبي (ض) قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي (ص) :
(لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) (12)
تاسعا : لانهم واولادهم فاسقون وضعوا احاديث بعدم جواز لعن الفاسق المعين ورووا بذلك احاديث مختلقه عن النبي (ص)
وبذلك يحق لك ان تلعن الفاسقين عموما اما ان تعين فاسقا باسمه فذلك ممنوع لكي يكونوا في مأمن من اللعن
قال ابن تيمية في “مجموع الفتاوى6/511
واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي (ص) أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً
وقال الشيخ ابن عثيمين في “القول المفيد1/226
الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي ( ص) لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى :
( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري
_________________________________________________
(10) 12كنز العمال ج 4 ص 614
(11) كنز العمال ج 5 ص 771
(12) البخاري 6780
عاشرا: اختلاق حديث اعتبار كل الصحابه هداه مهديون
الصحابه فيهم من قتل العشرات وفيهم الزاني وفيهم من تخلف عن جيش اسامه وفيهم من قذف المحصنات وفيهم من كل الاصناف التي لعنها الله ورسوله ولذلك وضعوا احاديث كاذبه تمنح الصحابه قدسيه وحصانه من النقد واللعن لا بل ترشحهم لكي يكونوا قدوه للامه تهتدي بهم فرووا الاحديث الطوال في ذلك واسندوها للنبي (ص) ومنها على سبيل المثال قالوا
قال رسول الله (ص)
( اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم )
احد عشر: ولكي يغلق باب اللعن نهائيا رفعوه حتى عن الشيطان
وقالوا : ( لا تلعنوا الشيطان واستعيذوا بالله منه لانكم اذا لعنتموه تعاظم في نفسه )
سبحان الله اي جراه على الله يمتلك هؤلاء ام انهم لم يقراوا القران
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم لعن الشيطان فاجاب بقوله
(لم نؤمر بلعن الشيطان وانما امرنا بالاستعاذه منه)
وهكذا اغلق باب اللعن الا بحق الامام علي (ع) فانه مستحب ان لم يكن واجبا وفي بعض الاحيان تطير الرقاب بتركه
نظريه عداله الصحابه جاءت لحمايه القتله والمنافقين وعدم التعرض لسيرتهم
اما الصحابه الانصار الذين قتلوا ونهبت اموالهم وانتهكت اعراضهم واستعبدوا ليزيد فلا بواكي لهم ولن تنتفض لهم امه المليار مسلم
تثور ثائره امه المليار مسلم اذا حاولت فتح ملف معاوبه او يزيد او عمر بن سعد او المغيره بن شعبه او خالد بن الوليد او غيرهم من القتله والمنافقين ولا تثور ثائرتهم لالف وسبعمائه صحابي من الانصار
علماء اهل السنه يفتون بلعن يزيد
اولا - احمد بن حنبل يلعن يزيد
قال ابو الفرج ابن الجوزي في كتابه الرد على المتعصب العنيد :
قال صالح لوالده احمد بن حنبل
ان قوما ينسبوننا الى توالي يزيد فقال يابني وهل يتوالى يزيد احد يؤمن بالله واليوم الاخر ؟
فقلت لم لا تلعنه
فقال وكيف لا العن من لعنه الله في كتابه؟
فقلت واين لعن الله يزيد
فقال في قوله تعالى
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ (محمد 22 و23)
فهل يكون فساد اعظم من القتل
ثانيا – سبط بن الجوزي
قد أفتى كلّ من سبط بن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنة القدامى بكفر يزيد (لعنه لله) وجواز لعنه
ثالثا -اليافعي
قال اليافعي : (وأمّا حكم من قتل الحسين ، أو أمر بقتله ، ممّن استحلّ ذلك فهو كافر)
رابعا - التفتازاني
قال التفتازاني في (شرح العقائد النفسيّة) : (والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت الرسول ممّا تواتر معناه ، لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه)
خامسا - الذهبي
قال الذهبي : (كان ناصبياً فظاً غليظاً ، يتناول المسكر ويفعل المنكر ، افتتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرّة)
سادسا - المسعودي
قال المسعودي : (ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر ، سيرته سيرة فرعون ، بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته ، وأنصف منه لخاصّته
سابعا- العلامه المناوي
العلامه المناوي في تفسيره فيض القدير – الجزء1 صفحة 265
ثامنا- ابو الفرج ابن الجوزي
هذا وقد صنّف أبو الفرج ابن الجوزي الفقيه الحنبلي الشهير كتاباً في الردّ على من منع لعن يزيد واسماه ( الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذم يزيد)
قال أبو الفرج بن الجوزي في كتابه اعلاه (أجاز العلماء الورعون لعنه)
تاسعا – الالوسي
يقول الالوسي في تفسيره روح المعاني في تفسير الايتين 22و23 من سوره محمد
وعلى هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة
عاشرا – الطبراني
فقد روى الطبراني بسند حسن (اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل)
والطامة الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاه بقتل الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه
وفي الحديث
ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة المحرف لكتاب الله وفي رواية( الزائد في كتاب الله ) والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله والمستحل من عترتي والتارك لسنتي)
احد عشر -العلامه التفتازاني
وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه جلال السيوطي عليه الرحمة
وفي تاريخ ابن الوردي. وكتاب الوافي بالوفيات أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقى الأطفال والنساء من ذرية علي. والحسين رضي الله تعالى عنهما والرؤوس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنية جيرون فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول
لما بدت تلك الحمول وأشرقت ** تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح** فلقد قضيت من الرسول ديوني
يعني أنه قتل الحسين واهل بيته بمن قتله رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يوم بدر كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما وهذا كفر صريح ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه
ليت أشياخي ببدر شهدوا **جزع الخزرج من وقع الأسل
لا هلوا واستهلوا فرحاً ** ثم قالوا يا يزيد لا تشل
وأنا أقول(والقول للعلامه التفتازاني): الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سئل عن لعن يزيد اللعين
يزيد على لعني عريض جنابه * فأغدو به طول المدى العن اللعنا
ومن كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل فليقل: لعن الله عز وجل من رضي بقتل الحسين ومن آذى عترة النبي( صلّى الله عليه وسلّم) بغير حق ومن غصبهم حقهم فإنه يكون لاعنا له لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر، ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوى ابن العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم على ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أي لا يلاحظونه ولا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها
اثنا عشر – ابن عقيل
قال إبن عقيل – من الحنابلة – : ومما يدل على كفره وزندقته فضلاً ، عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها وأبان ، عن خبث الضمائر وسوء الإعتقاد ، فمنها قوله في قصيدته التي أولها
علية هاتي أعلني وترنمي * بذلك أني لا أحب التناجيا
حديث أبي سفيان قدما سماً بها * إلى أحد حتى أقام البواكيا
إلاّ هات فإسقيني على ذاك قهوة * تخيرها العنسي كرماً وشاميا
إذا ما نظرنا في أمور قديمة * وجدنا حلالاً شربها متوالياً
وإن مت يا أم الأحيمر فإنكحي * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا
فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * أحاديث طسم تجعل القلب ساهياً
ولابد لي من أن أزور محمداً * بمشمولة صفراء تروي عظاميا
إن لكل واحد من أبي حنيفة ومالك وأحمد في لعن يزيد قولين ، تصريح وتلميح ، وقال القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلي بن الفراء الحنبلي – وقد صنف كتاباً فيه بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد : الممتنع من لعن يزيد أما أن يكون غير عالم بجواز ذلك ، أو منافقاً يريد أن يوهم بذلك ، وربما إستفز الجهال بقوله : (ص) : المؤمن لا يكون لعاناً ، وهذا محمول على من لا يستحق اللعن
ثلاثه عشر- سعد الدين التفتازاني الشافعي
يقول العلامة سعد الدين التفتازاني الشافعي في كتابه شرح العقائد النسفية صفحة 181
الحق أن رضا يزيد بقتل الحسين (ع) وإستبشاره به ، وإهانته أهل بيت النبي (ص) ، فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه
بنو اميه فاسق يخلف فاسق حتى يومنا هذا
عبد الملك بن مروان شرب الخمر والدماء
وفي محاضرات الأدباء / 172:
(كان عبد الملك بن مروان يسمى حمامة المسجد للزومه المسجد الحرام، فلما أتاه الخبر بخلافته كان المصحف في حجره فوضعه وقال: هذا فراق بيني وبينك! وقال: إني كنت أتحرج أن أطأ نملة، وإن الحجاج يكتب إلي في قتل فئات من الناس فما أحفل بذلك!
وقال له الزهري يوما: بلغني أنك شربت الطلاء! فقال: أي والله والدماء
هشام بن عبد الملك
ومن جرائم هشام بن عبد الملك قتل زيد بن علي بن الحسين (ع) وصلبه والتمثيل بجثتهوإحراقه بالنَّار وَقتل وَلَده يحيى
ثوره زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام )
مواراة الجسد
لما قُتل اختلف اصحابه في دفنه ومواراته بصورة تخفى عن الاعداء خوفاً من اخراجه والتمثيل به
قال سلمة بن ثابت: لما كثر الخلاف بين اصحابه أشرت عليهم ان ننطلق به إلى نهر هناك وندفنه فيه، فقبلوا الرأي وكان في النهر ماء كثير حتّى إذا امكنا له دفناه ، ووضعنا عليه الحشيش والتراب وأُجري عليه الماء وكان النهر في بستان رجل يقال له [ زائدة ] وقيل يعقوب
الرأس المقدس
لما قطع يوسف بن عمر رأسه بعث به وبرؤوس اصحابه إلى هشام بن عبد الملك مع زهرة بن سليم، وفي ضيعة ام الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من هشام ، ودفع هشام لمن اتاه بالرأس عشرة دراهم، ونصبه على باب دمشق ،
بعث هشام بالرأس من الشام إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه واله) فنُصب عند قبر النبيّ يوماً وليلة. وكان العامل على المدينة « محمد بن إبراهيم بن هشام المخزومي »، فتكلم معه ناس من أهل المدينة ان يُنزله فأبى إلاّ ذلك، فضجت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم، وكان كيوم الحسين عليه السّلام. ونظر إلى الرأس كثير بن المطلب السهمي فبكى وقال: نضّر الله وجهك أبا الحسين عليه السّلام وقتل قاتليك. وكان كثير الميل إلى بني هاشم ، فقال له الوالي: بلغني عنك كذا وكذا، قال: هو كما بلغك، فحبسه وكتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره فقال كثير وهو في الحبس
واختلف المؤرخون في الفتره التي بقي فيها مصلوبا فمنهم من قال سنه واشهر ومنهم من قال سنتين ومنهم من قال ثلاثه ومنهم من قال اربعه ومنهم من قال خمسه ومنهم من قال سته
حتّى اتخذته الفاختة وكراً تنعى لرسول الله صلّى الله عليه وآله العدل والإصلاح والمكارم والإباء، ثم امر هشام باحراقه وفي حديث أبي حمزة الثمالي بعد ان احرقه دق عظمه بالهواوين وذرّاه في البر والنهر وقال ابن خلكان في ترجمة الهيثم بن عدي من الوفيات ذُرّي رماده في الرياح على شاطئ الفرات
الكرامات التي ظهرت لزيد (عليه السلام ) عند صلبه
1- في تاريخ الشام ج 6 ص 25 وتاريخ الخميس ج 2 ص 357 والصواعق المحرقة ص 101 واسعاف الراغبين للصبان وعمدة الطالب وسبك الذهب لابن معية: كانت العنكبوت تنسج على عورته فتسترها، وفي الحدايق الوردية إذا أصبح أهل الكوفة ورأوا النسج هتكوه بالرماح فإذا جاء الليل نسجت العنكبوت عليه
2- وفي مقاتل أبي الفرج: صلبوه عرياناً فارتخى بطنه من قدامه وظهره من خلفه حتّى سُترت عورته من القبل والدبر. ولعل هذا بعد ان صنعوا ذلك في نسج العنكبوت
3- وفي تاريخ دمشق ج 6 ص 25، وحياة الحيوان للدميري بمادة العنكبوت: لما صلبوه وجّهوا وجهه إلى جهة الفرات فدارت خشبته إلى ناحية القبلة حتّى فعلوا ذلك مراراً
4-وفي امالي الشيخ الطوسي: قدم الكوفة رجل من بلنجر بعد قتل زيد فقال: ألا ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق كيف قتله الله. فلم يلبث ان رماه الله بقرحتين في عينيه فطمس الله بهما بصره فقال أبو زط الكوفي: احذروا أن تتعرضوا لأهل هذا البيت إلا بخير
5-وفي الحدايق الوردية: مرت على خشبته امرأة فرأته عرياناً فرمت عليه خمارها فالتاث بمشية الله تعالى وستره فصعدوا له وحلوه
6-وفيها أقبل رجلان من بني ضبة ويد كل واحد منهما في يد صاحبه حتّى قاما بحذاء الخشبة فضرب احدهما بيده على الخشبة وهو يقول: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ان يُقَتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّعَ ايديهم وارجلهم من خلاف. فذهب لينحّي يده فانتثرت فيها الأُكلة ووقع على شقه فمات
7- وفيها يحدث شبيب بن غرقد قال: قدمنا الكوفة من الحج فدخلنا الكناسة ليلاً، فلما كنا بالقرب من خشبة زيد اضاء الليل، فلم نزل نسير نحوها فنفحت منها رائحة المسك، فقلت لأصحابي: هكذا توجد رائحة المصلوبين، وإذا بهاتف يقول: هكذا توجد رائحة أولاد النبيين، الذين يقضون بالحق وبه يعدلون
8- وفيها أنّ رجلاً مر على خشبته فوضع اصبعه عليها وقال: هذا جزاء الفاسق ابن الفاسق، فغاصت إصبعه في كفه
9- وفيها: ان عرزمة أخا كناسة الاسدي جلس في مجمع الأسديين بالقرب من خشبة زيد، فكان يلتقط حُصيّات ويرمي بها زيداً يصنع ذلك كل يوم، يقول إسماعيل بن اليسع العامري: فوالله الذي لا إله غيره، ما مات حتّى رأيت عينيه مرقودتين كانهما زجاحتان خضراوان.
ويتبعه الوليد بن يزيد بن عبد الملك (خليفه) خمار لوطي
كان فاسقاً شريباً للخمر منتهكاً حرمات الله، أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة فمقته الناس لفسقه و خرجوا عليه
قال الْعَلامَة السُّيُوطِيّ فِي تَارِيخه للخلفاء أَن الْوَلِيد بن يزِيد عزم على الْحَج لأجل أَن يشرب الْخمر فَوق الْكَعْبَة فَقتل قبل أَن يبلغ مُرَاده
وكان لوطيا وقال اخوه لما بلغه مقتل الوليد انه كان لوطيا وقد راودني عن نفسي
وفي الكامل في التاريخ ج5 ص 290
استفتح الوليد ذات يوم المصحف فخرج قول الله تعالى:
( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) فالقاه ورماه بالسهام وقال :
تهددني بجبار عنيد *** فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا رب مزقني الوليد
وصدق الشيخ حسن بن فرحان المالكي عندما قال :
( ان معاويه خلق لنا في كل عصر فئه باغيه )
وفي عصرنا هذا خلق فئات باغيه وليست فئه باغيه واحده يتسابقون فيما بينهم في قتل الناس والانغماس في الكفر والفجور
وحسبكم هذا التفاوت بيننا
وَفِي تَارِيخ أبي مخرمَة الْمُسَمّى قلادة النَّحْر عَن الشَّيْخ نصر بن مجلي وَكَانَ من الثِّقَات الْعباد الصَّالِحين قَالَ رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب فِي الْمَنَام فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تفتحون مَكَّة وتقولون من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن ثمَّ يتم عَليّ ولدك الْحُسَيْن مَا تمّ فَقَالَ لي أما سَمِعت أَبْيَات ابْن صَيْفِي فِي هَذَا قلت لَا قَالَ اسمعها مِنْهُ ثمَّ انْتَبَهت فبادرت إِلَى دَار ابْن الصيفي فَذكرت لَهُ الرُّؤْيَا فشهق وَبكى وَحلف بِاللَّه إِنَّهَا لم تخرج من فِيهِ وَلَا من خطه إِلَى أحد وَمَا نظمها إِلَّا فِي ليلته ثمَّ أَنْشدني
(مَلَكْنَا وكَانَ العفْوُ منا سجيَّةً ... فَلَمَّا ملكْتُمْ سَالَ بالدَّمِ أيطَحُ)
(وَحَلَّلْتُمُ قَتْلَ الأسَارَى وطَالَمَا ... غدَوْنَا مِنَ الأَسْرَى نَمُنُّ ونَصْفَحُ)
(وَحَسْبُكُمُ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَنَا ... فكُلُّ إِنَاءٍ بالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ)