هل مات هاشم بن عبد مناف مسموماً

2023/11/25

 

هل مات هاشم بن عبد مناف مسموماً

 

المقدمه

كان هاشم أكبر ولد عبد مناف وهو أعظم قريش على الاطلاق، في الحسب والنسب ومكارم الاخلاق

وكان نور محمد (صلى الله عليه واله ) في وجه هاشم بن عبد مناف وكان إذا أقبل تضئ منه الكعبه وتكتسي من نوره نوراً شعشعانيا ويرتفع من نور وجهه نور الى السماء

 و كان هاشم بن عبد مناف سيد زمانه 

وَ سيدوه أَهْلِ مَكَّةَ وَ شرفوه وَ عَظِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ السِّقَايَةَ وَ الْحِجَابَةِ وَ الرفادة وَ أُمُورِ النَّاسِ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ خَاتَمِ نُوحٍ فَلَمَّا احْتَوَى عَلَى‌ ذَلِكَ كُلُّهُ ظَهَرَ فَخِرْهُ وَ مَجِّدْهُ وَ كَانَ يَقُومُ بِالْحَاجِّ وَ يَدْعُوهُمْ وَ يَتَوَلَّى أُمُورِهِمْ وَ يكرمهم وَ لَا يَنْصَرِفُونَ إِلَّا شَاكِرِينَ

نازع أميه هاشم على السلطه والرئاسه وتطاير الشر بينهما وخافت قريش عواقبه فلجأوا الى تحكيم الكاهن الخزاعي (اي المنافره) وكان شرط التحكيم ان يدفع الخاسر مائه ناقه وينفى الى الشام لمده عشر سنين

 حكم الكاهن لصالح هاشم ونُفي اميه الى الشام لمده عشر سنين ودفع مائه ناقه لهاشم ذبحها هاشم لقريش واطعم جميع من حضر

استعرت نار الحقد والحسد اكثر فاكثر في قلب اميه في الشام وكان يتحين الفرص لقتل هاشم والعوده الى مكه

ورّثَ اميه الحسد والحقد لابناءه واحفاده فحاولوا قتل رسول الله في اربعه عشر محاوله

ومن جانب اخر تعرف اليهود على ان النبي الموعود سيكون من نسل هاشم من زواجه بسلمى بنت عمرو النجاريه فحاولوا منع الخطوبه والزواج وقتل هاشم ونشبت معركه مع بني هاشم قتل فيها سبعين من اليهود وفر الباقون وتزوج هاشم بسلمى

وكان اليهود يتحينون الفرص لقتل هاشم ولما رزقه الله بعبد المطلب عاش مع امه في المدينه تحت حمايه مشدده من اخواله بني النجار ولما جاء عمه المطلب لياخذه الى  ديار ابيه في مكه لحقوه في الطريق وحاولوا قتله وسنتطرق لذلك لاحقا

اما عبد الله والد النبي فقد تعرض لمحاولتين فاشلتين لقتله كما سنرى

كل هذا التصميم والحقد الاموي اليهودي لقتل هاشم وعبد المطلب وعبد الله ومحمد (صلى الله عليه واله) دفعنا لفتح ملف موت هاشم للتحقيق بكيفيه موته

فهل مات هاشم في ريعان شبابه مسموما في يوم وليله من غير عله ولامرض ..؟

هذا ما سنتطرق الى بحثه في هذا الكتاب

بحث في ثلاثه فصول

الفصل الاول.. هاشم على دين جده ابراهيم (عليه السلام )

الفصل الثاني .. لكل هاشمي عدواً من بني اميه

الفصل الثالث .. اليهود يتتبعون رسول الله (صلى الله عليه واله ) وأبيه وأجداده لقتلهم

الفصل الاول

هاشم على دين إبراهيم (عليه السلام )

هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وأمه عاتكة بنت مُرَّة بن هلال

 كان هاشم أكبر ولد عبد مناف وهو أعظم قريش على الاطلاق، في الحسب والنسب ومكارم الاخلاق

وكان لهاشم أربعة إخوة و ستة أخوات بحسب روايه ابن إسحاق فولد عبد مناف أربعة:

 هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل ( 1 )

وأما عبد شمس ونوفل فالصحيح أنهما ليسا ولدي عبد مناف وإنما هما إبنا زوجته وأمُهما من بني عدي وكانا تحت كفالته فنسبا إليه (2)

وقد تطرقت لذلك بالتفصيل في كتابي (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه ) وان عبد شمس تبنى عبدا رومياً ونسبه اليه وإسمه أميه فاميه ليس من قريش وانما من عبيدهم (3)

خلق الله نور محمد قبل أن يخلق أدم

وكان نور محمد (صلى الله عليه واله ) في وجه هاشم بن عبد مناف وكان إذا أقبل تضئ منه الكعبه وتكتسي من نوره نوراً شعشعانيا ويرتفع من نور وجهه نور الى السماء (4)

روى أحمد بن حنبل بإسناده عن رسول الله (صلى الله عليه واله ) أنه قال:

كنت أنا و علي نوراً بين يدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربعة عشر ألف عام

(5)وقال الحمويني في فرائد السمطين

عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال :

سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) يقول:

خلقت انا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربعة عشر الف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين بجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، واشتق الله تعالى لنا من أسمائه، فالله عز وجل المحمود وانا محمد، والله الاعلى وأخي علي، والله الفاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن والحسين، وكان اسمي في الرسالة والنبوة وكان إسمه في الخلافة والشجاعة فأنا رسول الله وعلي سيف الله

وعَن أَبِي ذَرّ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ:

سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه واله) وَ هُوَ يَقُولُ خُلِقتُ أَنَا وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِن نُورٍ وَاحِدٍ نُسَبّحُ اللّهَ يَمنَةَ العَرشِ قَبلَ أَن خَلَقَ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَلَمّا أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ (عليه السلام )جَعَلَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد سَكَنَ الجَنّةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد هَمّ بِالخَطِيئَةِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد رَكِبَ نُوحٌ (عليه السلام) السّفِينَةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد قُذِفَ اِبرَاهِيمُ (عليه السلام ) فِي النّارِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ فَلَم يَزَل يَنقُلُنَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن أَصلَابٍ طَاهِرَةٍ إِلَي أَرحَامٍ طَاهِرَةٍ حَتّي انتَهَي بِنَا إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصفَينِ فجَعَلَنَيِ‌ فِي صُلبِ عَبدِ اللّهِ وَ جَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلبِ أَبِي طَالِبٍ وَ جَعَلَ فِيّ النّبُوّةَ وَ البَرَكَةَ وَ جَعَلَ فِي عَلِيّ الفَصَاحَةَ وَ الفُرُوسِيّةَ وَ شَقّ لَنَا اسمَينِ مِن أَسمَائِهِ فَذُو العَرشِ مَحمُودٌ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ الأَعلَي وَ هَذَا عَلِيّ ( 6 )

وتقلبك في الساجدين

عَن أَبِي الجَارُودِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ (عليه السلام )عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَل

 (وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ)  

قَالَ يَرَي تَقَلّبَهُ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ مِن نبَيِ‌ّ إِلَي نبَيِ‌ّ حَتّي أَخرَجَهُ مِن صُلبِ أَبِيهِ مِن نِكَاحٍ غَيرِ سِفَاحٍ مِن لَدُن آدَمَ (عليه السلام )

نور النبوه يصل الى هاشم

أَقْبَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى آدَمَ وَ قَالَ يَا آدَمَ رَبِّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ اكْتُبْ عَلَى وُلْدِكَ شَيْثٍ كِتَاباً بِالْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ اللَّهُ وَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ الْمَلَائِكَةُ أَجْمَعِينَ قَالَ فَكَتَبَ الْكِتَابِ وَ خَتَمَهُ جَبْرَئِيلُ بِخَاتَمِهِ وَ دَفَعَهُ إِلَى شَيْثٍ حتى وصل النور الى عبد مناف ومنه الى هاشم

ولما حضرت عبد مناف الوفاة أخذ العهد على هاشم أن يودع نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) في الأرحام الزكية من النساء فقبل هاشم العهد و ألزمه نفسه و جعلت الملوك تتطاول إلى هاشم ليتزوج منهم و يبذلون إليه الأموال الجزيلة و هو يأبى عليهم

 وَ سُمِّيَ هَاشِمٍ لِأَنَّهُ هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ وَ كَانَ اسْمُهُ عَمْرِو الْعُلَا وَ كَانَ نُورٍ مُحَمَّدِ فِي وَجْهِهِ وَ كَانَ إِذَا أَقْبَلَ تُضِي‌ءُ مِنْهُ الْكَعْبَةِ وَ تَكْتَسِي مِنْ نُورِهِ نُوراً شعشعانيا وَ يَرْتَفِعُ مِنْ نُورِ وَجْهَهُ نُورٍ إِلَى السَّمَاءِ

وَ كَانَ هَاشِمٍ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وَ يُنَادُونَهُ أَبْشِرْ يَا هَاشِمٍ فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَ أَشْرَفَ‌ الْعَالَمِينَ وكَانَ هَاشِمٍ إِذَا مَشَى فِي الظَّلَامُ أَنَارَتْ مِنْهُ الحنادس وَ يَرَى مَا حَوْلَهُ كَمَا يَرَى مِنْ ضَوْءِ الْمِصْبَاحِ

 وَ جَعَلَ مُلُوكِ الْأَرْضِ تَتَطَاوَلْ إِلَى هَاشِمٍ يُرِيدُونَهُ أَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْهُمْ وَ يَبْذُلُونَ لَهُ الْجَزِيلَ مِنْ الْمَالِ وَ هُوَ يَأْبَى عَلَيْهِمْ (7)

هاشم على دين ابراهيم

وَ كَانَ كُلِّ يَوْمَ يَمْضِي إِلَى الْكَعْبَةِ وَ يَطُوفُ بِهَا سَبْعاً وَ يَتَعَلَّقُ بأستارها وَ كَانَ هَاشِمٍ إِذَا قَصْدُهُ قَاصِدٍ أَكْرَمَهُ وَ كَانَ يُكْسِي الْكَعْبَةِ وَ يُكْسِي الْعُرْيَانِ وَ يُطْعِمُ الْجَوْعَانَ وَ يُفَرِّجُ عَنْ الْمُعْسِرِ وَ يُوفِي عَنْ الْمَدْيُونِ وَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمِهِ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَ كَانَ بَابَهُ لَا يَنْغَلِقَ عَنْ صادر وَ لَا وَارِدٌ وَ إِذَا أَوْلَمَ وَلِيمَةٍ أَوْ أَطْعَمَ طَعَاماً وَ فَضْلِ مِنْهُ شَيْئاً أَمَرَ أَنْ يُرْمَى إِلَى الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ حَتَّى تُحَدِّثُوا بجوده فِي الْآفَاقِ وَ سيدوه أَهْلِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ وَ شرفوه وَ عَظِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ السِّقَايَةَ وَ الْحِجَابَةِ وَ الرفادة وَ أُمُورِ النَّاسِ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ خَاتَمِ نُوحٍ

عن الاصبغ بن نباته قال:

سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط، قيل  فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم عليه السلام متمسكين به

كان بعض العرب يعتقد ان هاشم هو النبي الموعود

ذكرأبو نعيم في (الدلائل) حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي السوية المنقري، حدثنا عباد بن كسيب، عن أبيه، عن أبي عتوارة الخزاعي، عن سعير بن سوادة العامري قال:

كنت عشيقاً لعقيلة من عقائل الحي، أركب لها الصعب والذلول، لا أبقي من البلاد مسرحا أرجو ربحا في متجر إلا أتيته، فانصرفت من الشام بحرث وأثاث أريد به كبة الموسم ودهماء العرب، فدخلت مكة بليل مسدف، فأقمت حتى تعرى عني قميص الليل، فرفعت رأسي فإذا قباب مسامته شعف الجبال مضروبة بأنطاع الطائف، وإذا جزر تنحر، وأخرى تساق، وإذا أكلة وحثثة على الطهاة يقولون: ألا عجلوا ألا عجلوا

وإذا رجل يجهر على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله ميلوا إلى الغداء، وأنيسان على مدرجة يقول: يا وفد الله من طعم فليرح إلى العشاء، فجهرني ما رأيت، فأقبلت أريد عميد القوم، فعرف رجل الذي بي فقال أمامك، وإذا شيخ كأن في خديه الأساريع، وكأن الشعرى توقد من جبينه، قد لاث على رأسه عمامة سوداء، قد أبرز من ملائها جمة فينانة كأنها سماسم

قال في بعض الروايات: تحته كرسي سماسم، ومن دونها نمرقة، بيده قضيب متخصر به، حوله مشايخ، جلس نواكس الأذقان ما منهم أحد يفيض بكلمة، وقد كان نمى إلى خبر من أخبار الشام أن النبي الأمي هذا أوان نجومه، فلما رأيته ظننته ذلك

فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: مه مه كلا، وكأن قد وليتني إياه

فقلت: من هذا الشيخ؟ فقالوا: هذا أبو نضلة، هذا هاشم بن عبد مناف، فوليت وأنا أقول

هذا والله المجد لا مجد آل جفنة - يعني ملوك عرب الشام من غسان كان يقال لهم آل جفنة  وهذه الوظيفة التي حكاها عن هاشم هي الرفادة: يعني إطعام الحجيج زمن الموسم (8)

هاشم يحفر الابارلسقايه اهل مكه والحجيج

وحفر هاشم بئر "بذّر" وهي تقع عند جبل بمكة على فوهة شعب أبي طالب وزعم البعض أنه قال حين حفرها: لأجعلنها بلاغاً للناس. (9)

وهي البئر التي في حقّ المقوم بن عبدالمطلب في ظهر دار طلوب -مولاة زبيدة- بالبطحاء في أصل الُمستنْذَر، وهي التي يقول فيها بعض ولد هاشم

نحن حفرنا بذّر *** بجانب المسنتذ *** تسقي الحجيج الأكبر

وحفر هاشم أيضًا “سَجْلة”، وهي البئر التي يقال لها: بئر جُبير بن مُطعم، دخلت في دار القوارير. فكانت سجلة لهاشم بن عبد مناف، فلم تزل لولده حتى وهبها أسد بن هاشم للمُطعم بن عدي حين حفر عبدالمطلب زمزم واستغنوا عنها، فلم يزل هاشم بن عبد مناف يسقي الحاج حتى توُفّي

فقام بأمر السقاية بعده عبدالمطلب بن هاشم، فلم يزل كذلك حتى حفر زمزم فعفت على آبار مكة كلها، فكان منها مشرب الحاج 

هاشم يؤسس نظام تكافل اجتماعي في مكه

أن قريشا كانت إذا أصابت واحدا منهم مخمصة ، جرى هو وعياله إلى موضع معروف ، فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا

 و كان هاشم بن عبد مناف سيد زمانه ، وله إبن يقال له أسد ، وكان له ترب من بني مخزوم ، يحبه ويلعب معه . فقال له : نحن غدا نعتفر ( اي يذهبون الى خباء ) ليموتوا به جوعا واحدا بعد واحد . قال : فدخل أسد  ابن هاشم على أمه يبكي ، وذكر ما قاله له صاحبه  . فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق ، فعاشوا به أياما . ثم إن صاحبه أتاه أيضا فقال : نحن غدا نعتفر ، فدخل أسد على أبيه يبكي ، وخبره خبر تربه ، فاشتد ذلك على هاشم ( عمرو بن عبد مناف) ، فقام خطيبا في قريش وكانوا يطيعون أمره ، فقال : إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب ، وتذلون وتعز العرب ، وأنتم أهل حرم الله جل وعز ، وأشرف ولد آدم ، والناس لكم تبع ، ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم . فقالوا : نحن لك تبع . قال : ابتدئوا بهذا الرجل - يعني أبا ترب أسد - فأغنوه عن الاعتفار ، ففعلوا . ثم إنه نحر البدن ، وذبح الكباش والمعز ، ثم هشم الثريد ، وأطعم الناس ; فسمي هاشما . (10)

ثم جمع هاشم كل بني أب على رحلتين : في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام للتجارات ، فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير ، حتى صار فقيرهم كغنيهم ; فجاء الإسلام وهم على هذا ، فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالا ولا أعز من قريش ، وهو قول شاعرهم

والخالطون فقيرهم بغنيهم **حتى يصير فقيرهم كالكافي

هاشم يؤسس معاهدات سلام وصداقه مع شعوب وملوك العالم

اوجد هاشم مكانا لقريش بين الممالك والدول المجاوره و أبرم معاهدات سلام وصداقه  وعهدا لحمايه قوافل تجار مكه مع ملوك الروم والفرس والأحباش وحكام اليمن ، وبذلك يكون قد بذر البذره الاولى للدوله العربيه في الجزيره العربيه وكان يتصرف وكانه رئيس دوله

رتب هاشم حراسة مكة

 وجعل هاشماً على رؤساء القبائل ضرائب يؤدونها إليه ليحمي بها أهل مكة، فإن ذؤبان العرب وصعاليك الأحياء وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل، كانوا لا يؤمنون على الحرم، لا سيما وناس من العرب كانوا لايرون للحرم حرمة، ولا للشهر الحرام قدراً، مثل طيئ وخثعم وقضاعة وبعض بلحارث بن كعب، وكيفما كان الإيلاف فإن هاشماً كان القائم به دون غيره من إخوته) (11)

هاشم يطعم الجياع في مكه وحتى الطيور عل قمم الجبال

 وَ كَانَ هَاشِمٍ إِذَا قَصْدُهُ قَاصِدٍ أَكْرَمَهُ وَ كَانَ يُكْسِي الْكَعْبَةِ وَ يُكْسِي الْعُرْيَانِ وَ يُطْعِمُ الْجَوْعَانَ وَ يُفَرِّجُ عَنْ الْمُعْسِرِ وَ يُوفِي عَنْ الْمَدْيُونِ وَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمِهِ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَ كَانَ بَابَهُ لَا يَنْغَلِقَ عَنْ صادر وَ لَا وَارِدٌ وَ إِذَا أَوْلَمَ وَلِيمَةٍ أَوْ أَطْعَمَ طَعَاماً وَ فَضْلِ مِنْهُ شَيْئاً أَمَرَ أَنْ يُرْمَى إِلَى الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ حَتَّى تُحَدِّثُوا بجوده فِي الْآفَاقِ

هاشم يؤسس رحلتي الشتاء والصيف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿ ١ ﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿ ٢ ﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ ﴿ ٣ ﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿ ٤ ﴾

وفي الحاوي في تفسير القران الكريم

قال ابن عباس اسس هاشم لقريش رحلتان رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها أدفأ، ورحلة في الصيف إلى الشام، وكان الحرم واديًا مجدبًا لا زرع فيه، ولا ضرع، وكانت قريش تعيش بتجارتهم ورحلتهم، وكانوا لا يتعرض لهم أحد بسوء، وكانوا يقولون قريش سكان حرم الله وولاة بيته وكانت العرب تكرمهم وتعزهم، وتعظمهم لذلك، فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف،

وَ قَدْ وَقَعَ بِمَكَّةَ ضِيقِ وَ جَدْبٍ وَ غَلَاءُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْ‌ءٌ يزودون بِهِ الْحَاجُّ قَالَ فَبَعَثَ هَاشِمٍ أباعرا فَبَاعَهَا وَ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا عَسَلًا وَ زَبِيباً وخبزا وَ سُمِّيَ هَاشِمٍ لِأَنَّهُ هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ وَ لَمْ يُتْرَكُ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمٍ وَاحِدٍ بَلْ بَذَلَ ذَلِكَ لِلْحَاجِّ فَكَفَى ذَلِكَ الطَّعَامِ جَمِيعاً وَ صَدْرِ النَّاسِ يشكرونه فِي الْآفَاقِ وَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَ فِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرِ ‌

يَا أَيُّهَا الرَّجُلِ الْمَجْدِ رحيله‌ **هَلَّا مَرَرْتُ بِدَارٍ عَبْدِ مَنَافٍ‌

ثَكِلَتْكَ أُمِّكَ لَوْ مَرَرْتُ بِدَارِهِ‌** لَعَجِبْتَ مِنْ كَرْمٍ وَ مِنْ أَوْصَافِ‌

عَمْرِو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ‌** وَ الْقَوْمِ فِيهَا مسنتون عجاف‌

بَسَطُوا إِلَيْكَ الرَّاحَتَيْنِ كِلَاهُمَا **عِنْدَ الشِّتَاءِ وَ رَحْلَةٍ الإيلاف‌

يقول الطبري في تفسيره

أن الذي سنّ الإِيلاف هو هاشم ، وهو المروي عن إبن عباس ،

  وقد ارسل هاشم اخوته الى الشام والحبشه واليمن  وبلاد فارس ليأخذ  كل واحد منهم حبلاً ، أي عهداً من أحد الملوك الذين يمرون في تجارتهم على بلادهم وهم مَلِك الشام ، وملك الحَبشة  وملك اليمن ، ومَلِك فارس ،

هاشم يطعم  ويسقي حجيج مكه

كَانَ يَقُومُ بِالْحَاجِّ وَ يَدْعُوهُمْ وَ يَتَوَلَّى أُمُورِهِمْ وَ يكرمهم وَ لَا يَنْصَرِفُونَ إِلَّا شَاكِرِينَ وَ كَانَ إِذَا اسْتَهَلَّ هِلَالٍ ذِي الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ وَ ذِي الْحِجَّةِ يَأْمُرُ النَّاسِ بِالاجْتِمَاعِ إِلَى مَكَّةَ فَإِذَا تكاملوا قَامَ فِيهِمْ خَطِيباً وَ قَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِنَّكُمْ جِيرَانِ اللَّهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ زُوَّارِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ هُمْ ضِيفَانَ اللَّهِ وَ ضيفانكم وَ الْأَضْيَافَ أَوْلَى بِالْكَرَامَةِ وَ قَدْ خَصَّكُمُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ وَ أَكْرَمَكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُمْ سيأتونكم شُعْثاً غُبْراً مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ‌ وَ وَادٍ سَحِيقٍ فأكرموهم يكرمكم اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَ كَانَتْ قُرَيْشٍ تَخْرُجُ الْمَالِ الْكَثِيرِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ وَ كَانَ هَاشِمٍ يُنَظَّفُ أحواض الْأَدِيمِ وَ يَجْعَلُ فِيهَا مَاءٍ زَمْزَمَ وَ بَاقِي الحيضان مِنْ سَائِرِ الْمِيَاهِ حَتَّى يَشْرَبُونَ الْحَاجِّ وَ كَانَ عَادَتُهُ يُطْعِمُهُمْ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ وَ كَانَ يَحْمِلُ الطَّعَامِ إِلَى مِنًى وَ عَرَفَةَ وَ كَانَ هَاشِمٍ يَقُودُ لَهُمْ اللَّحْمَ وَ السَّمْنِ وَ التَّمْرِ وَ يَسْقِيهِمْ اللَّبَنِ إِلَى أَنْ تَصْدُرُ النَّاسِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَقْطَعُ هَاشِمٍ الضِّيَافَةِ

هاشم بن عبد مناف عملاق ظلمه التاريخ العربي والاسلامي

التاريخ العربي والاسلامي كتبته الاقلام الامويه لقرن كامل بعد وفاه الرسول بحيث اصبح اساسا للمؤرخين لاحقا وقد حمل التعتيم على القضايا التي تمس بني اميه

ظلم التاريخ العربي والاسلامي هاشم لا لشئ الا لان اميه نافس هاشم على رئاسه قريش والتعتيم على قضيه وفاه هاشم لكي لاتنكشف جريمه وفاته بالسم

 ومثلما ظُلم هاشم ظُلم حفيده علي بن ابي طالب ولُعن سبعين عاما على المنابر لانه نصر رسول الله وجندل طغاه بني اميه وكسر أصنام قريش وحطم دينهم

ورحم الله الشيخ الوائلي حيث قال:

(ان امتنا العربيه لاتستحق علي بن ابي طالب )

لانها امه عاقه لا تعترف بالجميل ولا ترد الفضل وتطمس الحقائق لصالح بني اميه المنغمسين في الرذيله والخسه والدناءه كما سنرى في الفصل اللاحق

المصادر

(1) سيره ابن هشام، ج 1، ص 106

(2) أبو البركات في شرح الحاوي الكبير  ج1 ص493

(3) لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه للكاتب

 (4) الأنوار و مفتاح السرور والأفكار في مولد النبي المختار لأحمد بن عبد الله البكري

(5) الحمويني في فرائد السمطين ص 29 والذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 705

(6) معاني الاخبار

(7) الأنوار و مفتاح السرور والأفكار في مولد النبي المختار لأحمد بن عبد الله البكري

(8)البدايه والنهايه

 (9)السيرة النبوية لابن هشام  ج 1، ص 148

(10) تفسير القرطبي

(11) شرح النهج (15/202)

الفصل الثاني

لكل هاشمي عدواً من بني أميه

حاول أميه التخلص من هاشم بن عبد مناف ونفيه من مكه الى الشام وبعد وفاه هاشم حاول اميه إذلال إبنه عبد المطلب واستعباده وجز ناصيته تلتها  أربعه عشر محاوله لابو سفيان  لاغتيال رسول الله  ( صلى الله عليه واله ) أما بنفسه أو تسخير أفراد من قريش

كل ذلك يبين لنا مقدار الحقد والحسد الذي يشتعل في قلب أميه وأحفاده

عبد شمس يتبنى عبدا روميا إسمه أميه

تبنى عبد شمس عبداً رومياً اسمه أميه ومن تقاليد العرب أنذاك أن يحصل الولد المُتبنى على جميع حقوق وامتيازات الولد الشرعي (  1 )

أهل مكه يسيّدون  هاشم بن عبد مناف عليهم

 وَ سيد أَهْلِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ هاشم وَ شرفوه وَ عَظِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ السِّقَايَةَ وَ الْحِجَابَةِ وَ الرفادة وَ أُمُورِ النَّاسِ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ خَاتَمِ نُوحٍ ( 2 )

أميه يحسد هاشم

حسد أميه هاشم على المرتبه التي رتبه الله بها والدرجه الرفيعه له عند قريش وحاول أن يصنع مثله لكنه فشل وخاب وعابته مكه وسخرت منه

أميه يحاول التخلص من هاشم ونفيه الى الشام

أن هاشما كانت إليه الرفادة  مع السقاية وكان رجلا موسرا، وكان إذا حضر موسم الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريس، إنكم جيران الله وأهل بيته، وإنكم يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خصكم الله بذلك فأكرموا ضيفه وزواره وأغنوهم وأعينوهم فكانت قريش ترافد على ذلك كل على قدره، فيضمه هاشم إلى ما أخرج من ماله ويكمل العجز، وكان يخرج مالا كثيرا في كل سنة. وكان يطعم هؤلاء الضيوف ويثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ويحمل لهم الماء حتى يتفرق الناس لبلادهم. وكان هاشم هذا يسمى عمرو وإنما قيل له هاشم لهشمه الثريد بمكة،

 وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش فعجز عن ذلك فشمت به ناس من قريش وعابوه فغضب ونافر  هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين من مكه وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي جد عمرو بن الحمق الخزاعي فقال الكاهن فيما قال :

والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من مخبر وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منه وآخر، وأبو همهمة  بذلك خابر

فأخذ هاشم الإبل فنحرها، وأطعم لحمها من حضر وخرج أمية إلى الشام  منفيا فأقام به عشر سنين. فكان هذا أول عداوة وقعت بين بنى هاشم وبنى أمية

ولم يكن أمية في نفسه هناك، وإنما رفعه أبوه ، وكان مضعوفا وصاحب عهار

وكان اميه ديوثا زوج ابنه ابو عمرو من زوجته في حياته في فعله لم يفعلها احد  غيره من العرب وسنتطرق لسيرته لاحقا ان شاء الله

اتحاد الدم الاموي بالدم اليهودي

وفي الشام يلتقي أميه بإمرأه يهوديه

خرج أميّة بن عبد شمس إلى الشام فأقام بها عشر سنين ، فوقع على أمَةٍ لِلَخْم يهودية من أهل صفورية يقال لها ترنا ، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي ، فولدت له ذكوان فادعاه أميّة واستلحقه ، وكناه أبا عمرو ثم قدم به مكة ، فلذلك قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) لعقبة يوم أمر بقتله ( إنما أنت يهودي من أهل صفورية ) (3)

وبذلك اتحد الدم الاموي بالدم اليهودي

عاد أميه بعد أن مات هاشم وصدره بركان يغلي حسداً وحقداً على بني هاشم

يقول الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ، وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش ، فإذا استطاع أمية أن ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
فجاء إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط  مئة ناقة من الإبل وعشرة من العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
ومن هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ، وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ حسده وغروره وكبرياؤه 
وكانت النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له وجعلها عشر سنين ،(4 )

ويقول ابن ابي الحديد في شرح النهح
أنّ أمية بقي في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين )

متسافل الدرجات يحسد من علا

رحم الله الشاعر الشفهيني حيث قال

يامن اذا عدت فضائله بغيره ** رجحت فضائله وكـــان الافضلا

اني لاعذر حاسديك على الذي  ** اولاك رب العلا ذي الجلال وفضلا

ان يحسدوك على علاك فانمـــــا  ** متسافل الدرجات يحسد من علا 

أخلاق أميه أخلاق العبيد

 كان أميه جهما ذميما سئ الطالع نكدا ضئيلا سارقا اباحيا عاهرا ضعيف النفس اقرب الى صفات العبيد منه الى صفات الاحرار من بني عبد مناف

اميه لص سارق

 كان  اميه لصا يغير على الحجاج وهو غلام فيسرقهم ولذلك سمي حارسا من باب تسميه الشئ بنقيضه (5)

كان أميّة يدور في أزقه مكه  ليتحرش بالعفيفات المحصنات

واذا كان أميّة مبالغا في إباحيته وإستهتاره في وسط يغالي بمناقضته في هذا الخلق إباء وغيره فلا جرم أن عرف فيه عاهراً ضعيف النفس (6)

وليس غريباً أن يكون عاهرا معروفا بالعهر بعد أن رضي لنفسه الدياثه وتجاوز العواهر والمومسات الى الحرائر والمحصنات يتعرض لخدورهن ويجتري على كرامتهن متحرشاً معترضاً

ذلك أن أميه كان قد تعرض لامرأة من بني زهرة فضربه رجل منهم بالسيف، و أراد بنو أميّة ومن تابعهم إخراج زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي،(7)

و قال وهب بن عبد مناف بن زهرة جد النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلم لأميّة

مهلا (أميّ) فان البغي مهلكة ** لا يكسبنك يوم شره ذكر

تبدو كواكبه و الشمس طالعة ** يصب في الكأس منه الصبر و المقر (8)

و قال نفيل بن عبد العزى  لحرب بن أميّة خلال عداوته لعبد المطلب

أبوك معاهر و أبوه عفّ **  و ذاد الفيل عن بلد حرام

و يعده ابن الكلبي في كتاب مثالب العرب من الزناه في عصره

و كانت أفعال أميّة  كأفعال العبيد، و بعيدة عن أفعال و صفات الاحرار الاشراف من بني عبد مناف

أميّة اباحي ديوث

يقول المقريزي في كتابه النزاع والخاصم وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ان أميّة كان أحرص خلعان مكه على الخلاعه واشدهم تمسكا بمنكراتها وتدل اخباره المرويه على ان الادمان والاستخفاف بلغا منه مبلغا أدانه بالاباحيه والدياثه وجره الى أفعال تستنكرها جاهليه المنكرات

روي انه نزل عن زوجته لابنه ابو عمرو فبنى عليها ابو عمرو (ذكوان ) و أميّة حي لا يأنف ولا يطرق ولايندى

فكان بهذه الاباحيه نقيصه من نقائص عصره ومحيطه واسلوبا من اساليب الفسق واخلاق العبيد لا يعرفه العرب (9)

أميّة و فضيحه فريده في تاريخ العرب

وفي حادثه فريده في تاريخ العرب لم يفعلها احد قبل أميّة ولا بعده  وهي ان يتنازل الرجل عن  امرأته ويزوجها لابنه ذكوان (ابو عمرو ) في حياته (10)

 كانت افعال أميّة ترجمه لاخلاق العبيد التي نشا وترعرع  عليها ولم يستطيع التخلص منها رغم تبني عبد شمس له

وفضيحه اخرى

كانت نضلة بنت أسماء الكلبية زوجة لربيعة بن عبد شمس وهى أم عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. ويذكر الاصفهانى فى كتابه الأغانى أن أميّة بن عبد شمس جاء ذات ليلة إلى دار أخيه ربيعة، فلم يجده فاختلى بزوجة أخيه وواقعها. فحبلت منه بعتبة 

محاولات قريش وبني اميه قتل رسول الله (صلى الله عليه واله)

حاول ابو سفيان قتل محمد (صلى الله عليه واله ) اما بنفسه او تسخير جماعه من قريش لقتله فقد كان هو زعيم قريش في مواجهه بني هاشم

 المحاوله الاولى – محاوله استئصال بني هاشم دفعه واحده جوعا وعطشا

إجتمع زعماء قريش بقياده ابو سفيان ، وقرَّروا محاصره محمد (صلى الله عليه واله) وبني هاشم في شعب ابي طالب ومقاطعتهم اقتصاديا واجتماعيا ختى يموتوا جوعا وعطشا  او يسلموا لهم محمداّ ليقتلوه وكتبوا عهداً بذلك وعلّقوه في جوف الكعبة

مضمون الصحيفة

ممّا جاء في تلك الصحيفة الظالمة: ألاّ يبايعوا أحداً من بني هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يعاملوهم، حتّى يدفعوا إليهم محمّداً فيقتلوه

ثمّ حصرتْ قريش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته من بني هاشم، وبني عبد المطلّب في شِعب أبي طالب

استمرَّ الحصار ثلاث سنين حتّى أنفق أبو طالب (عليه السلام) والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) مالهما، كما أنفقتْ خديجة أموالها الطائلة في هذا الحصار الظالم، وكان ذلك بعد ست سنين من مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

وأشتدَّ خلالها الخطْب على المسلمين، وراحوا يعانون من الجوع والأذى، ويأكلون نباتات الأرض، ولم يكن يَصِلُهُم من الطعام شيء، إلاّ ما كان يتسرّب سرّاً من بعض المتعاطفين معهم من اهل خديجه زوجه الرسول

فقد عمد كفار قريش لمنع وصول المواد الغذائية للمحاصرين في الشعب، حتى إضطروا للتقوت بأوراق الشجر والجلود، وسمعت من خارج الشعب أصوات إستغاثة النسوة والأطفال من شدة الجوع

صبر بنو هاشم على الجوع والاذى وقد اشتدَّ العُسْر والأذى،  عندها جاء الفرج، و النصر الإلهي، فأرسل الله حشرة الأُرضة على صحيفة المقاطعة فأكلتْها، ما عدا ما كان فيها من إسم الله سبحانه، فعندها هبط جبرائيل (عليه السلام) وأخبر محمّدا بذلكً

توفي ابو طالب وخديجه عليهما السلام نتيجه للحصار القاسي وكان مخطط ابو سفيان وقريش أن يموت جميع بني هاشم جوعا وعطشا لولا تدخل العنايه الالهيه وإنهاء الحصار

ماهو موقف المسلمون الاوائل ابو بكر وعمر وعثمان من الحصار؟

إستمر الحصار التجويعي الظالم ثلاث سنوات، لم تسجل المصادر التاريخية فيها أي مساعدة من المسلمين الأوائل للرسول وأهل بيته وأقاربه، كان من المحتمل جداً أن يتوفى الرسول بسبب الحصار كما توفي عمه ابو طالب وزوجته الصديقة الكبرى خديجة، ولم يحاول المسلمون الأوائل كسر الحصار أو حتى الإلتفات عليه ولم يتطوع أحد منهم الدخول مع الرسول واقاربه في الشعب، تعبيراً عن التعاطف والتآزر معهم، ولم يكسروا الحصار سرا او علنا لتزويد المسلمين بالطعام  ولو حدث ذلك لربما أعادت قريش النظر في المقاطعة

ثلاث سنوات كانت فيها حياة الرسول مهددة، وخاف عمه أبو طالب عليه من القتل، فكان يتوقى ذلك بتغيير مضجع الرسول عده مرات في الليله الواحده 

ثلاث سنوات من الحصار إنقطعت فيها الصلة بين الرسول الأعظم والمسلمين الأوائل فلم يشتاقوا خلالها لرؤيته والاستماع لهديه وأخذ الأحاديث الشريفة منه ، وإقتصر المستفيدون من هدي الرسول في تلك السنوات الثلاث على إبن عمه الأمام علي عليه السلام وبقية المؤمنين من أهل بيته، وهذه ميزة عظيمة للإمام ينفرد بها من دون جميع المسلمين الأوائل، ولكنهم عند تدوين السيرة والأحاديث أهملوها

لم يخرق ابو بكر وعمر وعثمان الحصار، بالرغم من كل ما يروى عن شجاعتهم وبذلهم المال في سبيل العقيدة، فانبرى لذلك اقارب زوج النبي الصديقة خديجة بنت خويلد، وتروي مصادر التاريخ بأن ابن اخيها كان ينقل الطعام للمحاصرين تحت جنح الظلام

كانت كلفة الحصار باهضة جداً بالنسبة للرسول والرسالة، ضياع ثلاث سنوات من عمر الدعوة، ووفاة حامي وسند الرسول عمه أبي طالب وزوجته الصديقة الكبرى خديجة رضي الله عنهما

الحقيقة التاريخية الناصعة هي أن المسلمين الأوائل من قريش خذلوا الرسول الأعظم وأهل بيته ثلاث سنوات وتركوهم عرضة للمجاعة والهلاك ولم يقدموا لهم أي عون ولم يشعروا بوحده المصير

 ابو بكر وعمر وعثمان يعتبرون ابو سفيان سيد قريش وليس راس الكافرين حتى بعد انتصار الاسلام

لقد خضعت قريش بكافرها ومسلمها الى ابو سفيان واعتبروه سيد قريش وطاعته لازمه وواجبه عليهم سيما اذا كانت  في مواجهه بني هاشم  

يَرْوي الصَّحابيُّ عائذُ بنُ عَمرٍو المُزَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أبا سُفْيانَ بنَ حَرْبٍ -كان مِن زُعَماءِ قُرَيشٍ- مَرَّ ذاتَ يومٍ على سَلْمانَ الفارسيِّ وصُهَيْبٍ الرُّوميِّ وبلالٍ الحَبَشيِّ رَضيَ اللهُ عنهم، وكانوا في «نَفَرٍ»، والنَّفرُ مِن ثلاثةٍ إلى عَشرةٍ مِنَ الرِّجالِ، ولم يكنْ أبو سُفْيانَ أسلَمَ بعْدُ، وكانَ في زَمَنِ الهدنةِ بعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذي وقَعَ في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهجرةِ، فقال سَلمانُ وأصحابُه: «ما أخذَتْ سيوفُ اللهِ مِن عُنقِ عدوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا»، أي: حقَّهَا، والمعنى: ما استَوْفَتْ سُيوفُ اللهِ حقَّها مِن عُنقِ هذا الكافرِ، وهو قَطعُها، ويُحمَلُ التَّمنِّي أنْ تَنالَ هذه السُّيوفُ مِن هذا العدوِّ في المستقبَلِ، فسَمِعَهم أبو بَكرٍ وقال لهم: أَتَقولونَ هذا لِشيخِ قَريشٍ؟! أي: لِكبيرِهم وسيِّدِهم ورَئيسهم، وهذا الاستفهامُ الإنكاريُّ بمعنى النَّهيِ، أي: لا تَقولوا ذلك له

ثُمَّ ذَهَبَ أبو بكرٍ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأخبرَه الخبرَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا أبا بكرٍ، لَعلَّكَ أَغضبْتَهم» بما قُلتَ وإنكارِكَ عليهم قَوْلَهم، وأقسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ: «لَئِنْ كنتَ أَغضبْتَهم» حيثُ إنَّهم مُؤمِنون مُحِبونَ مَحْبوبون للهِ تَعالَى، فلقدْ أغضَبْتَ ربَّكَ، حيثُ راعيْتَ جانِبَ الكافِرِ بِربِّه؛ لأنَّهم لم يَقولوا نُكرًا ولا هُجرًا، بلْ هي منْهم كَلمةُ حقٍّ وصِدقٍ، وفيها تَحمُّسٌ للإسلامِ وعِزُّ أهلِه، وكَبتُ أعدائهِ

فذَهَبَ إليهم أبو بَكرٍ ليَتأكَّدَ منهم أنَّه لم يُغضِبْهم، وقال مُتسائلًا: «يا إِخوتَاهُ، أَغضَبْتُكم؟» فإنْ كان ذلك فَاعْفوا عنِّي، «فقالوا: لا» ما أغضَبْتَنا، ولا حَرَجَ عليكَ، (11)

وروايه اخرى أعجب من الاولى

قال ابن أبي الحديد في الشرح - شرح نهج البلاغة - عند ذكره غزوة أحد: قال الواقدي: بينا عمر بن الخطاب يومئذ في رهط من المسلمين قعودا إذ مر بهم أنس بن النضر بن ضمضم، عم أنس بن مالك، فقال: ما يقعدكم؟

قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟

قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم قام فجالد بسيفه حتى قتل (  12)

قال في الكشاف في تفسير قوله عز من قائل: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) وروي أنه لما صرخ الصارخ، قال بعض المسلمين: ليت عبد الله بن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان، وقال ناس من المنافقين: لو كان نبيا لما قتل، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم

فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: يا قوم إن كان قتل محمد فإن رب محمد حي لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله، فقاتلوا على ما قاتل عليه، وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شد بسيفه حتى قتل (13)

حقائق ثلاث

الاولى

بهذا يتاكد لنا ان كفار قريش بقياده ابو سفيان حاصروا محمدا وبني هاشم في الشعب ثلاث سنين للقضاء عليهم وان مسلموا قريش لم يحركوا ساكنا ولم ينصروا الرسول ولم يخرقوا الحصار لانقاذ محمد و بني هاشم

الثانيه

وبعد انتصار الاسلام بقى ابو سفيان في نظر مسلمي قريش هو سيد قريش وزعيمها وليس راس الشرك والكفر

والثالثه

ويوم هزم المسلمين يوم احد واشيع مقتل الرسول (صلى الله عليه واله ) اراد مسلموا قريش بقياده عمر ارسال وفد الى ابو سفيان للرجوع الى عباده اللات وهبل وترك الاسلام

وبذلك فان مشركوا قريش حاربوا رسول الله وحاولوا استئصال بني هاشم باجمعهم وان مسلموا قريش لم ينصروا محمدا وبني هاشم خلال محاصرتهم في الشعب  ومازال ابو سفيان في نظرهم هو سيد قريش وكبيرها بدلا من ان يكون كبير المشركين ومحاربي الله ورسوله

ولم يشعروا بوحده المصير مع رسول الله ولا وفوا بشروط البيعه

المحاوله الثانيه – محاوله قريش

قررت قريش قتل محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) فأتوا الى أبي طالب وقالوا له نعطيك عماره بن الوليد وإعطينا محمد لنقتله
فأبى ذلك وقال: أتقتلون إبن أخي وأغذو لكم إبنكم، إن هذا لعجب
فقالوا: خير من أن نغتال محمدا  (14)

فقال ابو طالب  لمحمد

 والله لنْ يصلوا إليك بجمعهم * حتّى أُغَيّبَ في التراب دفينا

ودعوتني وزعمتَ أنّك ناصحٌ * ولـقد صدقتَ وكنتَ ثمّ أمينا

وعرضتَ ديناً قد علمتُ بأنّه * مِـن خيرِ أديانِ البريّة دِيْنَا(15)

علمتْ قريش أنّهم لا يقدرون على قتْل رسول الله، وأنّ أبا طالب لا يسلمه،

وتوعّد أبو طالب زعماء بطون قريش قائلاً

 والله لو قتلتموه ما أبقيتُ منكم أحداً حتّى نتفانى نحن وأنتم

ودار على أندية قريش ومعه فتيان بني هاشم ، وقال

بلغني انكم تريدون إغتيال محمد والله لو خدشتموه خدشا ما أبقيت منكم أحدا إلا قتل (16)

المحاوله الثالثه - محاوله عمر بن الخطاب
عن أنس بن مالك قال جاء عمر متقلدا سيفه فلقيه رجل من بني زهرة، فقال: أين تعمد يا عمر؟
فقال: أريد أن أقتل محمدا
قال: وكيف تأمن في بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟
قال: فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه
قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركوا دينك الذي أنت عليه
وقال ابن عساكر إن عمر كان قبل اسلامه شديد الاذى لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وقد انتدبته قريش لقتل رسول الله فجاء متقلدا سيفه وطرق الباب فخرج اليه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فأخذ رسول الله  بمجامع ثيابه، ثم نتره نترة، فما تمالك أن وقع على ركبتيه في الأرض. فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟
حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة فقال عمر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وباءت محاوله قريش هذه المره بالفشل ايضا (8)
المحاوله الرابعه– ليله الهجره ونوم علي محله

قال تعالى :

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ الانفال 30
وبعد ان مات ابو طالب أجمعت قريش على قتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره، وقد مات أبو طالب، فأجمعوا جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة برجل فيجتمعوا عليه فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة كل قريش،نزل جبرائيل عليه السلام فاخبر رسول الله أنهم أجمعوا على أن يأتوه في الليلة التي أتحدوا فيها، خرج وخلف عليا لرد الودائع التي كانت عنده وصار إلى الغار فكمن فيه وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا: أين ابن عمك؟
قال: قلتم له أخرج عنا، فخرج عنكم. فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه، وأعمى الله عليهم المواضع فوقفوا على باب الغار وقد عششت عليه حمامة
فقالوا: ما في هذا الغار أحد، وانصرفوا ونجى الله رسوله من القتل

المحاوله الخامسه – محاوله سراقه
تبع سراقة بن جشعم المدلجي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فلما لحقه قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): اللهم إكفنا سراقة
فساخت قوائم فرسه، فصاح: يا بن أبي قحافة، قل لصاحبك أن يدعو الله بإطلاق فرسي، فلعمري لئن لم يصبه مني خير لا يصبه مني شر
فلما رجع إلى مكة أخبرهم الخبر فكذبوه، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل، فقال سراقة:
أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي حيث ساخت قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول الله (18)


المحاوله السادسه – ابو سفيان والاعرابي
ذكر البيهقي: كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: أما أحد يغتال محمدا، فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله، وقال له: إن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله
قال: أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال: إطوِ أمرك، فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينمِه إلى محمد
قال الأعرابي: لا يعلم به أحد
فخرج ليلا على راحلته ثم أقبل يسأل عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حتى أتى المصلى، فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل، فخرج يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعقل راحلته، ثم أقبل يؤمُ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فوجده في جماعة من أصحابه يحدثهم في مسجدهم
فدخل، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قال لأصحابه: إن هذا الرجل يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد
فوقف، فقال: أيكم إبن عبد المطلب؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): أنا ابن عبد المطلب، فذهب ينحني على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، كأنه يساره، فجذبه أسيد بن الحضير، وقال له: تنح عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فإذا الخنجرتحت إزاره
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): هذا غادر، وسقط في يدي الأعرابي، وقال: دمي دمي يا محمد،
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) أصدقني: ما أنت؟ وما أقدمك؟ فإن صدقتني نفعك الصدق، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت به
قال الأعربي: فأنا آمن؟
قال: فأنت آمن
فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له
فأمر به فحبس عند أسيد، ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت، أو خير لك من ذلك
قال: وما هو؟ قال (صلى الله عليه واله وسلم ): أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله
قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفرق الرجال، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت نفسي، ثم إطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان، ولم يعلمه أحد، فعرفت أنك ممنوع، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان


المحاوله السابعه – محاوله عمير بن وهب
وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان إبنه وهب بن عمير في أسارى بدر
فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم
فقال صفوان: والله لا خير في العيش بعدهم
قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاءه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن ابني أسير في أيديهم
قال: فاغتنمها صفوان وقال
علي دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شئ ويعجز عنهم
فقال له عمير: فاكتم عني شأني وشأنك، قال: أفعل
قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسمّ، ثم إنطلق حتى قدم المدينة فدنا من النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ثم قال
أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة
فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): فما جاء بك يا عمير؟
قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): فما بال السيف في عنقك؟
قال: قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): أصدقني، ما الذي جئت له؟
قال: ما جئت إلا لذلك
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا  (19)


المحاوله الثامنه – محاوله عصابه من زعماء قريش
قال الله تعالى:
 وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(النساء 64
ذكر الحسن (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أن اثني عشر رجلاً من المنافقين إئتمروا فيما بينهم واجتمعوا على مكيدة لرسول الله فأتاه جبرائيل فأخبره بها فقال (صلى الله عليه واله وسلم ) إن قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله وليعترفوا بذلك حتى أشفع لهم فلم يقوموا فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مراراً الا تقومون فلم يقم أحد منهم فقال (صلى الله عليه واله وسلم)
قم يا فلان قم يا فلان حتى عدّ اثني عشر رجلاً ، فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا، فاشفع لنا
فقال: الآن أخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار وكان الله أقرب إلى الإجابة، أخرجوا عني (20)
الواضح من هذا النص أن الذين اشتركوا في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) هنا من أعمدة الحزب القرشي، بحيث أبدل الراوي أو الناشر اسمهم إلى فلان وفلان وفلان


المحاوله التاسعه – محاوله رجال قريش الذين دخلواالاسلام لغرض القضاء عليه من الداخل
حاول المتسترين بالاسلام من قريش من الطلقاء وابناء الطلقاء قتل النبي اثناء المعركه ومن بين هؤلاء القوم شيبه بن عثمان
ففي معركة حنين أراد البعض من الطلقاء اغتيال النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) فلم يفلحوا ومنهم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار، وكان أبوه قد قتله علي (ع) في معركة أحد
وقال اليعقوبي
وأبدى بعض قريش ما كان في نفسه. فقال أبو سفيان: لا تنتهي والله هزيمتهم دون البحر، وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر، وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمدا
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) للعباس: صح يا للأنصار، وصح يا أهل بيعة الرضوان، صح يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب السمرة. ثم انفض الناس وفتح الله على نبيه وأيده بجنود من الملائكة ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة

المحاوله العاشره – محاوله ليله العقبه
وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين، وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) للسيطرة على خلافته
ورجع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قافلا من تبوك إلى المدينة
وقال لاصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) العقبة(والعقبه هي الجبل الذي يعترض الطريق وطريقه صعب ) وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، فرعبهم الله عزوجل حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فلما أدركه، قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى خرجوا من العقبة ينتظرون الناس،
وكان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قد قال لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه واله وسلم ): هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟
قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما، وقال: اكتماهم (ابن كثير في البدايه والنهايه)
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا بالله ما قالوا
فأنزل الله تعالى الايه ( 74) سوره التوبه
 (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿ ٧٤ ﴾
كتم حذيفه الخبر ولم يبح باسماء هؤلاء النفر من قريش ولكي تعرف مدى قوه هؤلاء القوم في قريش اليك حديث حذيفه التالي
قال حذیفة:
لو كنت على شاطئ نھر، وقد مددت یدي لاغترف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت یدي إلى فمي حتى أقتل
فلا عجب اذن ان يقول المؤرخون فلان وفلان ويتحاشون ذكر اسمائهم خوفا على حياتهم ( 21)

 المحاوله الحاديه عشر- محاوله عامر بن الطفيل

وفي تفسير الثعلبي(5/276):

 (قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل وهو مشرك. فقال: دعه فإن يرد الله به خيراً يهده، فأقبل حتى قام عليه فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين، قال: تجعل لي الأمر بعدك. قال: ليس ذلك إليَّ إنما ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء. قال: فاجعلني على الوبر وأنت على المدر، قال الرجل: فماذا يجعل لي؟ قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها.قال: أوليس ذلك لي اليوم؟ قال: لا. قال: قم معي أُكلمك، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يوصي إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فَدُرْ من ورائهِ بالسيف، فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وآله فدار أربد بن ربيعة خلف النبي ص ليضربه فاخترط من سيفه شبراً ثم حبسه الله عنه فلم يقدر على قتله،وعامر يومئ إليه فالتفت رسول الله ص فرأى أربد وما منع بسيفه! فقال: اللهم أكفنيهما بما شئت، فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صاح صائف. وولى عامر هارباً، وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلا جرداً وفتياناً مرداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة

المحاولة الثانيه عشره - محاوله دعثور بن الحارث

روى الكليني في الكافي (8/127):

( عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً، فجاء وشد على رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟ فقال: ربي وربك، فنسفه جبرئيل عن فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ السيف، وجلس على صدره وقال: من ينجيك مني يا غورث؟ فقال: جودك وكرمك يا محمد! فتركه، فقام وهو يقول: والله لأنت خير مني وأكرم

المحاولة الثالثه عشره - محاوله  النضر بن الحارث العبدري

قال الواقدي في المناقب 1/68:

 خرج النبي صلى الله عليه وآله للحاجة في وسط النهار بعيداً فبلغ إلى أسفل ثنية الحجون فاتبعه النضر بن الحارث يرجو أن يغتاله، فلما دنا منه عاد راجعاً فلقيه أبوجهل فقال: من أين جئت؟قال:كنت طمعت أن أغتال محمداً فلما قربت منه فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها. فقال أبوجهل: هذا بعض سحره

 المحاوله الرابعه عشره - قريش تقتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وتستلم السلطه

أمر رسول الله بتجهيز حمله أسامه وأمر كبار الصحابه من قريش بالانضمام للحمله

اتخذت قريش قرارا عاجلا بقتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وذلك للاسباب التاليه:
اولا : إن الحزب القرشي قد عرف هدف الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) من حمله أسامه التي وضع فيها كبار وجوه قريش
ثانيا : كان مقصد الحملة بلاد الشام وهي بلاد بعيدة عن المدينة تحتاج إلى فترة طويلة للذهاب والعودة
ثالثا: كان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قد عين عليا (ع) وصياً له في يوم الغدير أي في تلك الفترة الزمنية
رابعا : لقد أخبر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) عن وفاته القريبة وهذا يعني ذهاب الخلافة إلى علي بن أبي طالب الذي بايعه النبي وجميع المسلمين في غدير خم
وهذا مالا تقبله قريش ابدا كما اعترف بذلك عمر بن الخطاب حيث قال
  (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم ابدا) (22)
لذلك صدر قرار قريش في التخلف عن الحمله او التريث في الخروج وقتل محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بصوره سريه وعاجله وذلك بدسم السم له لكي يتسنى لهم اختطاف السلطه
تفاصيل الخطه
وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) يغمى عليه ويفيق من شده الحمى وقد حاولوا أن يلدّوه ( واللدود هو نوع من الادويه يعطى للمريض)
ولكن اللدود الذي أُعطي للرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) كان ممزوجا بسم من الحبشه
فعندما أفاق الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) نهاهم عن ذلك وقال لهم
(الم أقل لكم لا تلدوني)
فقالوا لدفع التهمه عنهم إن العباس هو من أعطاك اللدود (23)
  وعن عائشة قالت: لددنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني
قلنا: كراهية المريض للدواء
وأيد الحاكم في كتابه المستدرك على الصحيحين مقتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) بالسم
وقال الشعبي:
والله لقد سمَّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )(24) 

وقبل ان يفارق الدنيا أراد أن يكتب للامه وصيه لاتضل بعدها أبدا
فهم عمر ومجموعه من قريش كانوا حول سرير رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مايريد فمنعوه من كتابه الكتاب وقالوا حسبنا كتاب الله ان النبي غلبه الوجع وفي لفظ اخر إن النبي يهجر
عن ‏ ‏إبن عباس ‏‏(ر) ‏‏قال : ‏لما حضر رسول الله ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏‏وفي البيت رجال فيهم ‏‏عمر بن الخطاب ‏، قال النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر ‏: ‏أن النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏‏كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ‏‏، فلما أكثروا اللغو ‏ ‏والاختلاف عند النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) .

قال رسول الله ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) : قوموا ، قال عبيد الله ‏: ‏فكان ‏ ‏ابن عباس ،‏ ‏يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ‏ (صلى الله عليه واله وسلم ) ‏ ‏وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (25) 
وفي لفظ اخر ..وعن ابن عباس يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وجعه ، فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا ، فقالوا : ما شأنه أهجر؟ استفهموه فذهبوا يردون عليه ، فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ،(26) 
إنقلب اليهود على موسى (ع) وعبدوا العجل وإنقلب النصارى على المسيح وباعوه بدراهم معدوده لليهود وإنقلبت امه محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بدافع الحسد والنزاع على السلطه وكره الدين الجديد على نبيها محمد (صلى الله عليه واله وسلم)
وقال الله تعالى:
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (  ال عمران)144
وقال تعالى:
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿ 2 ﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) ﴿ العنكبوت3 ﴾
سقطت قريش في الفتنه بدافع الحسد والتنازع على السلطه و العصبيه القبليه وكرهها لبني هاشم
رفضت قريش ان يكتب لهم رسول الله وصيه لن يضلوا بعدها ابدا وقالوا
(حسبنا كتاب الله )

فشلت قريش بقياده ابو سفيان حفيد اميه في ثلاثه عشره محاوله لقتل رسول الله (صلى الله عليه واله ) ونجحت في الرابعه عشره ومات رسول الله مسموما مقهورا لم يرع له مسلموا قريش حرمه ولا كرامه واتهموه بانه يهجر وعصوا امره في اخر لحضات حياته


قال احد الشعراء

عبد شمس قد أضرمت لبني **هاشم حربا يشيب منها الوليد

فابن حربٍ للمصطفى وابن** هند لعلــــيٍ وللحســـــين يزيــــــد

ولله در الشاعر فكان اولى ان يضيف لقصيدته ابياتا تقول

ان اميه لهاشم وعبد المطلب

وان حربا لعبد المطلب

ومن هذا المنطلق نفتح التحقيق في موت هاشم من غير عله ولا مرض في يوم وليله

وهذا ماسنتطرق اليه في الفصل القادم ان شاء الله

المصادر

 (1) بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم  للكاتب

(2) الأنوار و مفتاح السرور و الأفكار في مولد النبي المختار للبكري

(3)السيره الحلبيه 2/186

(4)شرح نهج البلاغه ج3ص466

(5) شرح نهج البلاغه ج3 ص 467

(6)الطبري مجلد 2

(7)النزاع والتخاصم وجمهره ابن حزم 165 وشرح نهج البلاغه2/456

(8)شرح نهج البلاغه3/456

(9)النزاع والتخاصم للمقريزي  ص 22

(10)ابن قتيبه في المعارف 314

 (11)صحيح مسلم2504 )

(12) (شرح نهج البلاغة 3/187)

(13 ) (الكشاف 468/1)

(14)زيني دحلان الشافعي في ( اسنى المطالب ( ص18 )

(15)- تاريخ اليعقوبي: 2/31

(16)طبقات ابن سعد1/186

 (17)مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 18 / 269  

 (18)(البدايه والنهايه لابن كثير)

(19)الاستيعاب في معرفه الاصحاب ص 1221)

(20) جواهر التاريخ ج3 ص 211

(21) تهذيب الكمال 5/507

(22 )تاريخ الطبري 2/438

(23 )سنن البخاري 7/17

(24 )مستدرك الحاكم 3/60

(25)صحيح البخاري ج7 ص 9

(26)صحيح البخاري ج5

الفصل الثالث

اليهود يتتبعون رسول الله(صلى الله عليه واله ) وأبيه وأجداده لقتلهم

تعرف اليهود على موعد مبعث النبي الموعود من نسل عبد مناف فتتبعوا هاشم بن عبد مناف وعبد المطلب بن هاشم  وعبد الله بن عبد المطلب وحاولوا قتلهم لينقطع نسلهم قبل ولاده النبي الموعود وكان نور رسول الله قد انتقل من عبد مناف الى هاشم ثم الى عبد المطلب ثم الى عبد الله وقد عرفه اليهود وميزوه

حاول اليهود في اربع محاولات فاشله قتل هاشم بن عبد مناف وعبد المطلب  بن هاشم وعبد الله بن عبد المطلب وثلاث محاولات فاشله لقتل رسول الله (صلى الله عليه واله )

المحاوله الاولى – محاوله يهود الشام زرير وتمام ودريس

خرج رسول الله مع عمه ابو طالب في تجاره الى الشام وفي قصه طويله عرف بحيرى الراهب إن هذا الذي مع أبو طالب هو النبي الموعود
قال بحيرى لأبي طالب: أرجع بابن أخيك إلى بلده، وإحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغينه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده
فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام
وكان زريرا وتماما ودريسا، وهم نفر من أهل الكتاب قد رأوا من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مثلما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب
فأرادوا قتله فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه
ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم، وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه(1)  

المحاوله الثانيه– محاولة يهود بني النضير
بعد وصول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى المدينة، حاولت طوائف اليهود اغتياله، فخطط يهود بني النضير لإلقاء صخرة عليه أثناء زيارته لهم، فأخبره الله تعالى بذلك
خرج رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى بني النضير يستعينهم في الدية، قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد
فقالوا: اما من رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه، فانتدبوا لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة
فأتى النبي الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: لا تبرحوا، فخرج راجعا إلى المدينة
فلما استبطأ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر، وأمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بحربهم والسير إليهم، فسار بالناس حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون (2)

المحاوله الثالثه – محاولة يهود خيبر
واستمر اليهود في محاولاتهم لقتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وفي السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم للنبي (صلى الله عليه واله وسلم ) شاة مصلية وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت
فمات بشر بن البراء من أكلته ولم يأكل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) من ذلك السم شيئا (3)

محاولات اليهود قتل رسول الله وهو في صلب أبيه وأجداده 

المحاوله الرابعه - محاوله قتل عبد الله والد النبي

رأى الكهنة و أحبار اليهود عبد الله و قد تخلص من الذبح و خاب أملهم و بطل عملهم فامتلئوا عليه غيظا و حنقا و كانوا فرحين بذبح عبد الله فلما فداه الله خاب أملهم وقال بعضهم لبعض نعمل حيلة تكون في هلاكهم فقال كبيرهم و كان اسمه طيبون و قيل ربيبان و كانوا يسمعون كلامه و يطيعون أمره و قال لهم نعمل طعاما و نضع فيه سما و نهديه إلى عبد المطلب و نقول له هذا طعام عملناه كرامة و إجلالا لعبد الله لخلاصه من الذبح فإن أكلوا انقطعت آثارهم و عدمت شوكتهم التي كنا نخشى منها و هاشم أصلها و تخشى منها الأحبار و الكهان و عبد المطلب فرعها الذي يتوالدون منه و ثمرها قال فعزم القوم على ذلك و صنعوا طعاما و مزجوه بالسم و أرسلوه إلى دار عبد المطلب مع نساء من نسائهم مختفيات مبرقعات ليخفى أمرهم و لا يعلم أحد من أين أتين قال و كان عبد المطلب و أولاده مجتمعين في دار فاطمة ام عبد الله بن عبد المطلب فقرعن الباب و خرجت فاطمة  إليهن و رحبت بهن و قالت لهن من أين أقبلتن قلن نحن من أقاربكم من بني عبد مناف و قد دخل علينا السرور لخلاص ولدكم و قد عملنا وليمة و بعثنا ببعضها ثم دفعن ذلك لفاطمة فأخذت فاطمة منهن الطعام و دخلت به إلى عبد المطلب فذكرت له ما قالت لها النساء فلم ينكر شيئا من ذلك فغسلوا أيديهم و قال هلموا إلى ما خصكم به أقاربكم ثم إنهم هموا بالأكل و كانت أول دلالة ظهرت من نور رسول الله    ( ص) إن الله سبحانه و تعالى أنطق الطعام و قال لا تأكلوني فإني مسموم

فتفرق عنه القوم و خرجوا يطلبون النساء فلم يقفوا لهن على أثر فعلموا أنهن من أعدائهم اليهود ثم إنهم حفروا للطعام حفيرة و ألقوه فيها ( 4) ‌

المحاوله الخامسه – المحاوله الثانيه لقتل عبد الله والد النبي

كانت عند اليهود جبه بيضاء ليحيى بن زكريا ملطخه بدمه وقد اخبر رهبان واحبار اليهود بعضهم بعضا انه متى قطر دم من الجبه فان النبي الموعود الذي يقتل اليهود سيظهر

ولما رأى اليهود ان الجبه قطرت دما علموا ان النبي الموعود قد ظهر

اجتمع الأحبار بأرض الشام و تكلموا في مولد رسول الله (ص) الذي جرى من جبة يحيى بن زكريا فلما تحققوا و علموا أنه قد قرب خروج السيف المسلول و تظاهرت أنواره تشاوروا فيما بينهم من المشورة أن يسيروا إلى حبرهم و كان في قرية من قرى الأزد و كانوا يقتبسون من نوره و كان قد بلغ من العمر مائة سنة فقصده القوم فلما وصلوا إليه قال ما قدوم الأحبار و علماء الأمصار؟ فقالوا قد أخبرنا في كتبنا من هذا الرجل الذي يقال له السفاك الهتاك الذي تقاتل معه الأملاك يقال له محمد بن عبد الله من آل عبد مناف و ما نلقى عند ظهوره من الأهوال و قد قرب ظهوره و قد جئناك لنشاورك في أمره قبل انتهائه

 فقال يا قوم اعلموا أن من أراد إبطال ما أراد الله جاهل مغرور و إنه لكائن بكم و هذا الرجل الذي ذكرتموه قد سبق عند الله علمه فكيف تقدرون على إبطاله و هو يبطل سحرة الكهان و يزيل دولة الأصنام و سيكون له وزير و قرين و شأن و أي شأن

فلما سمعوا كلامه حاروا و كان لهم حبر من أحبارهم يقال له هيوبا بن داحورا و كان متمردا قويا شديد البأس عظيم المراس قال يا قوم إن هذا الرجل قد كبر و خرف و قد قل عقله إياكم أن تسمعوا قوله ثم قال لهم أرأيتم الشجرة إذا انقطع أصلها فهل تعود خضراء؟ قالوا لا قال فإن قتلتم صاحبكم الذي يخرج من صلبه هذا المولود فما الذي تخافون منه فتفرقوا من وقتكم و ساعتكم و خذوا معكم تجارة و سيروا إلى البلد الذي هو فيها يعني مكة فإذا حصلتم في مكة دبروا الحيلة في هلاك هذا الرجل

فقصدوا قوله و قالوا أنت سيدنا و عمادنا فقال لهم انظروا بما أفعل و ما آمركم به ثم أريد أن آخذ عليكم العهد و الميثاق و أنا معكم بسيفي و رمحي و أسير معكم حتى تعاهدوني و لا تخالفوني فليعمد كل واحد منكم إلى سيفه و يسقيه من السم فهو أشفى لعلتكم قال فأجابوه إلى ذلك و عاهدوه على أنهم يجتمعون و خرجوا بجمالهم و حملوا ما يصلح ما يحتاجوا إليه في السفر ثم إنهم ساروا حتى قدموا مكة و إذا بهاتف يسمعون صوته و لا يرونه و هو ينشد و يقول أفلح من يصلي على الرسول

 فلما سمعوا كلام الهاتف هموا بالرجوع فقال لهم هيوبا يا قوم اعلموا أن هذا الوادي قد كثرت فيه الكهان و الشياطين و أن هذا الهاتف شيطان قد أخذ سركم و علم قصدكم فلا تخلفون فعند ذلك تبادر القوم و كان كل من لقيهم يحدثهم بحسن عبد الله و جماله فوقع الكمد في قلوبهم إلى أن وصلوا مكة فلم ينكر عليهم أحد مما في قلوبهم و ظنوا أنهم تجار و جعلوا يسومون متاعهم و لا يبيعون منه شيئا و إنما يريدون بذلك المقام في مكة و الحيلة في قتل عبد الله بن عبد المطلب

كان عبد الله مولعا بالصيد و القنص و كان إذا خرج إلى الصيد لا يرجع إلا ليلا و كان خروجه من عند أبيه عبد المطلب فلم يجدوا إليه سبيلا حتى خرج ذات يوم وحده فطمعوا به و خرجوا في أثره و جدوا المسير عازمين على أن يظفروا به فقال بعضهم لبعض إننا نخاف من فتيان بني هاشم و هم رجال لا يطاقون و قد ذلت لهم العمالقة و فزعت من سيوفهم الجبابرة و نخشى أن يشعروا بنا فيخرجون وراءنا فلما سمع هيوبا مقالتهم قال لهم خاب سعيكم فإن كنتم هكذا فما الذي أتى بكم إلى هاهنا؟ ثم قال لا بد من قتل هذا الغلام و لو طال عليكم المقام فلم تجدوا يوما أحسن من هذا اليوم فإن قتلناه و اتهمونا بديته فأنا أسلمه من مالي

و بعثوا عبدا من عبيدهم ينظر إلى أين يتوجه عبد الله فرجع العبد و أخبرهم أن عبد الله غاب بين الشعاب و الجبال و قد خرج من العمران و ليس معه إنسان قال فعزم القوم على ما أملوه و جعلوا نصفا منهم عند متاعهم و النصف الآخر جعلوا سيوفهم تحت ثيابهم و خرج العبد الذي أخبرهم بأي مكان و ساروا حتى أوقفهم على رأسه ثم قال يا قوم دونكم ما تطلبون و كان عبد الله قد صاد حمار وحش و هم أن يسلخه و إذا بالقوم قد أقبلوا إليه قاصدين فقال لهم هيوبا بن داحورا هذا صاحبكم الذي خرجتم لأجله فما أحس عبد الله إلا و القوم قد أحاطوا به و كانوا قد تفرقوا فرقتين و قد قالوا للذين تركوهم عند متاعهم إذا دعوناكم أجيبونا مسرعين

فلما أشرفوا على عبد الله و قد سدوا الطريق عليه و زعموا أنهم حكموا عليه فرفع رأسه و نظرهم و إذا هم محدقين به فعلم أنهم يريدون قتله فترك ما كان في يده و أقبل عليهم و قال يا قوم ما شأنكم؟ فو الله ما سبقت يدي على أحد بمكروه أبدا فتطلبوني به و لا مال غصبته و لا قتلت أحدا فتقتلوني فما حاجتكم؟ فإن يكن سبق مني إليكم ذنب فأخبروني حتى أعرف ما هو وكان اليهود قد تلثموا و لم يبين منهم إلا حماليق الحدق فلم يردوا عليه جوابا فأشار بعضهم إلى بعض و هموا أن يهجموا عليه قال فوضع عبد الله سهما في قوسه و رمى به نحوهم فأصاب واحدا منهم فوقع ميتا بحينه ثم رماهم بأربع نبال أصاب بها أربعة رجال قال فاشتغلوا عنه بأنفسهم فأخذ الخامسة و أنشأ يقول أفلح من يصلي على الرسول‌

عندها صاح بهم هيوبا بن داحورا فبادرواإليه و اجتمعوا عليه و هو يكر عليهم يمينا و شمالا و كلما رمى رجلا خر صريعا و نزل عبد الله و استند إلى جانب المضيق و قد هجموا عليه بأجمعهم و هم يرمونه بالحجارة من كل جانب و مكان فبينما هم بالمعركة و إذا هم برجال قد أقبلوا و بأيديهم السيوف الهندية متقلدين الرماح الخطية لابسين الدروع المجلية و هم مسرعين نحوهم فتأملوهم و إذا هم بنو هاشم و بنو عبد مناف و فتيان مكة و كان أولهم أبو طالب و الحمزة و العباس

و كان أخبرهم بخبره رجل يقال له وهب لأنه قد أشرف عليهم و هم بالمعركة فهم أن ينزل عليهم بنفسه فقال ما أصنع بأعداء الله و أنا واحد ثم أقبل إلى الحرم و صاح يا بني عبد المطلب فبادروا إليه مسرعين فأخبرهم بخبر عبد الله و أقبلوا إليه مسرعين فلما رآهم اليهود أيقنوا بالهلاك و نزل بهم من الله ما لا يرد ثم قال لهم ما شأنكم؟ قالوا إنما أردنا أن نعلم بحقيقة الحال فقال لهم هيهات قد علمناكم و جاهدتم أنفسكم بالهلاك

وأما الفرقة التي كانت عندالأمتعة فإنهم هموا بالفرار من المضيق حتى ظنوا أنهم نجوا فأتاهم أمر الله فسقطت عليهم من الجبل قطعة فسدت عليهم المضيق فلم يجدوا مهربا من الله فلحقهم عبد المطلب و أصحابه و أهل مكة و أما الفرقة الأخرى التي كانت من الجانب الآخر مع هيوبا عدو الله قتلوا منهم ما شاء الله ثم قال رجل من اليهود دعونا نصل إلى البلد و افعلوا بنا ما تشاءون فإن لنا مع الناس متاع و مال و أشياء كان خلفناها و أنتم أحق به فخذوه و لا تقتلونا حتى نصل إلى البلد فكتفوهم عن آخرهم و أقبلوا على ناحية الطريق و ساقوا الجميع إلى مكة و أقبل عبد المطلب إلى مكة و أقبل على ولده و هو يقول يا ولدي لولا وهب بن عبد مناف أخبرنا بما كان خبرك ما علمنا بخبرك و لكن الله يكفيك و يقيك من كل سوء ثم ساقوا اليهود مكتفين و ساروا إلى مكة فلما أشرفوا على مكة خرج الناس يهنئونهم بالسلامة و إذا باليهود مصفدين أسارى فجعل الناس يرمونهم بالحجارة و هموا أن يقتلوهم (5)

 المحاوله السادسه - محاوله اليهود قتل عبد المطلب بن هاشم

 حاول اليهود جاهدين منع زواج هاشم بسلمى بنت عمرو النجار وبعد ان تزوج هاشم بسلمى بنت عمرو النجار وولدت شيبه (عبد المطلب ) كانوا يتحينون الفرص لقتله لمعرفتهم بانه جد الرسول محمد بن عبد الله

أتَمَّ عبد المطلب  سَبْعُ سِنِينَ واشْتَدَّ حِيَلِهِ وَ قَوِيَ بَأْسُهُ وَ تَبِينُ لِلنَّاسِ فَضْلِهِ

وجاء رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَرْثِ إِلَى يَثْرِبَ فِي حَاجَةٍ فَإِذَا بِابْنِ هَاشِمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَ قَدْ عَمٍّ نُورِهِ الْبِلَادِ فَوَقَفَ الرَّجُلِ وَ هُوَ ينتدب بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَ يَقُولُ أَنَا ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا وَ الْمَقَامِ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ وَ كَفَى فَنَادَاهُ الرَّجُلِ وَ قَالَ يَا فَتَى

 فَقَالَ مَا تُرِيدُ يَا عَمٍّ؟

فَقَالَ مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ شَيْبَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَدْ مَاتَ أَبِي وَ جفوني عُمُومَتِي وَ نسوني أَهْلِي وَ بَقِيَتْ عِنْدَ أُمِّي وَ أَخْوَالِي فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا عَمِّ؟

 قَالَ مِنْ مَكَّةَ

فَقَالَ وَ هَلْ ستحمل لِي بِرِسَالَةِ وَ تتقلد إِلَيَّ أَمَانَةٍ؟

فَقَالَ الْحَرْثِ وَ حَقٌّ أَبِيكَ وَ أَبِي أَفْعَلُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمٍّ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَلَدُكَ سَالِماً وَ رَأَيْتَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَقْرِئْهُمُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ مَعِي رِسَالَةِ مِنْ يَتِيمٍ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَ جَفَوْهُ أَعْمَامِهِ ثُمَّ قُلْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتُمْ وَصِيَّةِ هَاشِمٍ وَ ضَيَّعْتُمْ نَسْلِهِ

الحرث يبلغ الرساله

فَبَكَى الرَّجُلِ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَرْسَلَ زِمَامَهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا رِسَالَةِ الْغُلَامُ ثُمَّ أَتَى إِلَى مَجْلِسٍ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فوجدهم جُلُوساً فأنعمهم صَبَاحاً وَ قَالَ

 يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَرَاكُمْ قَدْ غَفَلْتُمُ عَنْ عزكم وَ تَرَكْتُمْ مصباحكم يَسْتَضِي‌ءُ بِهِ غَيْرِكُمْ فَقَالُوا مَا سَبَبُ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَصِيَّةٍ الْغُلَامُ ابْنِ أَخِيهِمْ فَقَالُوا مَا شَاهَدْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ

 فَقَالَ لَهُمْ الْحَرْثِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ ليعجز مِنْهُ الْفُصَحَاءُ لفصاحته وَ يَعْجِزُ عَنْهُ اللَّبِيبِ لِكَلَامِهِ وَ عَنْ خطابه وَ إِنَّهُ لفصيح قَوِيَ الْجِنَانِ فَائِقٌ عَلَى الْغِلْمَانِ أَدِيبُ إِلَى عَقْلِهِ الْكِفَايَةِ وَ إِلَى جُودِهِ

‌قَالَ وَ كَانَ الْمُطَّلِبِ أَشَدُّ أَهْلِ زَمَانِهِ بَأْساً وَ أَعْظَمُ مِرَاساً فَقَالُوا لَهُ إِخْوَتَهُ نَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمُ بِهِ أُمِّهِ سَلْمَى وَ لَا تَدَعْهُ يَخْرُجُ مَعَكَ لِأَنَّهَا شَرَطْتُ عَلَى أَخِيكَ بِذَلِكَ فَقَالَ يَا قَوْمٍ إِنْ لِي فِي ذَلِكَ أَمْراً دَبَّرَهُ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

  خرج المطلب في طلب ابن اخيه

 ثُمَّ إِنَّهُ تأهب لِلْخُرُوجِ وَ أَفْرَغَ عَلَيْهِ لِأُمِّهِ حَرْبِهِ وَ رَكِبَ مطيته وَ أَرْخَى زِمَامَهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ يَثْرِبَ وَ أَخْفَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُشْعِرُ بِهِ أَحَدٌ فتخبر سَلْمَى عَنْهُ وَ لَمْ يَزَلْ يُتَرَصَّدُ فَوَجَدَ شَيْبَةَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَعَرَفَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهِ فِيهِ وَ قَدْ رَفَعَ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٌ وَ قَالَ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ الْمَعْرُوفِ بالعطايا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِهِ أَنَاخَ مطيته وَ نَادَى ادْنُ مِنِّي يَا ابْنَ أَخِي فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ شَيْبَةَ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ فَقَدْ مَالِ قَلْبِي إِلَيْكَ وَ أَظُنُّكَ مِنْ بَعْضِ عُمُومَتِي فَقَالَ لَهُ أَنَا عَمِّكَ الْمُطَّلِبِ فأسبل عِبْرَتِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَ تُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بِلَادِ أَبِيكَ وَ أعمامك وَ تَكُونُ فِي دَارِ عِزِّكَ؟

فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ أَسْرَعُ بِنَا بالمسير فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَعْلَمُوا بِنَا أُمِّي وَ عَشِيرَتِهَا فيلحقوا بِنَا وَ يأخذوني مِنْكَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَرْكَبُ لركوبها أبطال الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ

فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي فِي اللَّهِ الْكِفَايَةِ مِنْ كُلِّ رَزِيَّةٍ ثُمَّ سَارُوا وَ رَكِبُوا الْجَادَّةِ الْكُبْرَى

اليهود يلحقون بالمطلب لقتل عبد المطلب

 ثُمَّ إِنْ الْمُطَّلِبِ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ نَاقَتِهِ وَ أَرْدَفَ ابْنِ أَخِيهِ قُدَّامَهُ وَ جَرَّدَ سَيْفَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ وَ زعقات الرِّجَالِ وَ قَعْقَعَةَ اللجم وَ هَمْهَمَةً الْأَبْطَالِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنَ أَخِي دهمنا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ

وإِنَّ الَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا النُّورِ يَقْدِرُ أَنْ يَصْرِفُ عَنَّا كُلِّ مَحْذُورٍ قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ يتخاطبون فِي الْكَلَامِ إِذْ أدركتهما الْخَيْلِ وَ إِذَا هُمْ خَيْلٌ الْيَهُودِ فَلَمَّا رَأَوْا شَيْبَةَ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ‌ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ‌ وَ يَكُونُ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدِهِ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنْ شَيْبَةَ خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ فأدركهم الطَّمَعُ فِي قَتَلَهُ  فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ يَقْدُمُهُمْ سَيِّدُ مِنْ ساداتهم يُقَالُ لَهُ دِحْيَةَ الْيَهُودِيِّ

هنالك دعا عبد المطلب ربه

هنالك دعا عبد المطلب ربه حين رأى الخيل قد اقتربت منه فاستجاب الله دعاؤه وتوقفت الخبل في مكانها لاتتحرك فنزلوا عنها وتقدموا مشيا نحو عبد المطلب وعمه لقتلهما

فاخذ المطلب قوسه وهو قوس اسماعيل (عليه السلام ) فرماهم بالنبل وقتل منهم عددا عندها تقدم اليه كبير اليهود وفارسهم  دحيه اليهودي و طال النزال بهما وفي اثناء ذلك سمعوا صهيل الخيول وقعقعه السلاح واذا بهم فرسان الاوس والخزرج تتقدمهم سلمى

فانسحب اليهود وتقدمت سلمى ورات المطلب مع شيبه سالمين فسالت ابنها عبد المطلب ان كان يرغب باللحوق باعمامه فقال لها نعم ان رضيت

فاخذ المطلب ابن اخيه على ناقته وحث المسير الى مكه وعندما دخلها رأت قريش الفتى والنور يسطع من جبينه فسألوا المطلب عنه فقال هذا عبدي فصار اسمه عبد المطلب

التفت قريش حول عبد المطلب تتبرك بنور رسول الله بين عينيه

فلما قدم المطلب بابن أخيه شيبة و نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) لائح بين عينيه أتت قريش به يتبركون حتى إذا أصابتهم مصيبة أو نزل بهم قحط أو دهمهم عدو يأتون إليه و يتوسلون بنور رسول الله(صلى الله عليه واله ) فيفرج الله عنهم ما نزل بهم (6)

‌‌المحاوله السابعه – محاوله قتل هاشم بن عبد مناف

سَأَلَ هاشم اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَداً فِيهِ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ( ص ) فَأَخَذَهُ النُّعَاسُ فانضجع فَأَتَاهُ هَاتِفٌ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ الأذيال فَخُذْهَا وَ ادْفَعْ لَهَا الْمَالِ الْجَزِيلَ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا شِبْهَ فِي النَّاسِ فَإِنَّكَ تُرْزَقْ سَيِّداً يَكُونُ مِنْهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله ) قَالَ فَانْتَبَهَ هَاشِمٍ فَأُحْضِرَ بَنِي عَمِّهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا رَأَى فِي مَنَامِهِ وَ بِمَا قَالَ الهاتف فَقَالَ أَخُوهُ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنِ أُمِّي إِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي قَوْمِهَا كَبِيرَةً فِي نَفْسِهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ وَ قَدْ كَمَلَتْ قدا وَ اعتدالا وَ هِيَ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ

المطلب يخطب سلمى لاخيه هاشم

و سَارَ هاشم هُوَ وَ بَنُو عَمِّهِ طَالِبِينَ يَثْرِبَ وَ سَهْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَفَرِهِمْ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى يَثْرِبَ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَيْهَا تَهَلَّلَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ (ص ) فِي غُرَّةِ هَاشِمٍ حَتَّى دَخَلَ المراقد وَ الْبُيُوتِ قَالَ فَلَمَّا رأوهم أَهْلِ يَثْرِبَ بَادِرُوا إِلَيْهِمْ مسرعين وَ قَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسِ فَمَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْكُمْ جَمَالًا وَ لَا سِيَّمَا صَاحِبُ هَذَا النُّورِ السَّاطِعُ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ

فَقَالَ لَهُمْ الْمُطَّلِبِ نَحْنُ وَفْدُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ سُكَّانِ حَرَّمَ اللَّهُ وَ نَحْنُ بَنِي كَعْبٍ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ هَذَا هَاشِمٍ وَ قَدْ خَطَبْتُ الْمُلُوكِ وَ الْأَكَابِرِ فَمَا رغبنا فِيهِمْ وَ رغبنا فِيكُمْ وَ فِي نِسَائِكُمْ وَ نُرِيدُ أَنْ ترشدونا عَلَى بَيْتِ عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ فأرشدوهم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ مَرْحَباً بِكُمْ يَا أَرْبَابِ الْعُلَا وَ الْمَآثِرِ وَ الشَّرَفَ وَ الْمَفَاخِرِ سَادَاتِ الْكِرَامِ وَ مطعمين الطَّعَامِ وَ نِهَايَةَ الْجُودِ وَ الْإِكْرَامِ فَلَكُمْ عِنْدَنَا مَا تُحِبُّونَ وَ أَفْضَلُ مَا تَطْلُبُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي خَرَجْتُمْ لِأَجْلِهَا وَ جِئْتُمْ طَالِبِينَ لَهَا هِيَ ابْنَتِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي غَيْرِ أَنَّهَا مَالِكَةً نَفْسِهَا

والد سلمى يرحب بهاشم والمطلب ويولم لهم

رحب  عَمْرِو والد سلمى بضيوفه وَ سَبَقَ إِلَى قَوْمِهِ وَ نَحَرَ لَهُمْ الْإِبِلِ وَ صَنَعَ لَهُمْ الطَّعَامِ وَ خَرَجَتْ لَهُمْ الْعَبِيدِ الطَّعَامِ بالأجفان فَأَكَلَ الْقَوْمِ بِحَسَبِ الْكِفَايَةِ وَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ إِلَّا وَ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَى هَاشِمٍ وَ إِلَى نُورٍ وَجْهَهُ وَ خَرَجُوا الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ النَّاسِ متعجبين مِنْ ذَلِكَ النُّورِ

اليهود يتعرفون على هاشم  ويسعون لقتله قبل ان يتزوج سلمى

وَ خَرَجَ الْيَهُودِ فَلَمَّا نظروه وَ عَرَفُوهُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ وَ الْعَلَامَاتِ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ كَبَّرَ لديهم وَ بَكَوْا بُكَاءً شَدِيداً فَقَالَ بَعْضِ الْيَهُودِ وَ كَانَ مِنْ أحبارهم مَا بُكَاؤُكُمْ؟ قَالُوا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ مِنْ صُلْبَهُ غُلَامٌ يَكُونُ فِيهِ سَفْكِ دِمَائِكُمْ وَ قَدْ جَاءَكُمْ السَّفَّاكُ الهتاك الَّذِي تُقَاتِلْ مَعَهُ الْأَمْلَاكِ الْمَعْرُوفِ فِي كُتُبُكُمْ أَنْوَارِهِ قَدْ ابْتَدَرَتْ وَ عَلَامَاتِهِ قَدْ ظَهَرَتْ قَالَ فبكوا الْيَهُودِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ التفتوا إِلَى الْقَائِلُ لِهَذَا الْكَلَامِ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَانَا إِنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَهَلْ نَصْلٍ إِلَى قَتَلَهُ وَ نكفى شَرَّهُ فَقَالَ لَهُمْ هَيْهَاتَ حِيلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ مَا تَشْتَهُونَ وَ عَجَزْتُمْ عَمَّا تَأْمَلُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكُمْ تُقَاتِلْ مَعَهُ الْأَمْلَاكِ مِنْ الْهَوَاءِ وَ يُخَاطِبُ مِنْ السَّمَاءِ وَ يَقُولُ قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ فَقَالُوا هَذَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ فَقَالَ إِنَّهُ أَعَزُّ مِنْ الْوَلَدِ وَ أَكْرَمَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَشْرَفَ خَلَقَ اللَّهِ فَقَالُوا لَهُ أَيُّهَا السَّيِّدُ الْكَرِيمِ نَحْنُ نسعى فِي إِطْفَاءِ هَذَا الْمِصْبَاحِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَكَّنْ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٌ

 وفي قصه طويله يرويها البكري في كتابه  ( الأنوار و مفتاح السرور و الأفكار في مولد النبي المختار  )  حضر اليهود مجلس الخطبه وكانوا اربعمائه مسلح لمحاوله منع الخطوبه وقتل هاشم وكانوا بقياده كبير اليهود ارمون بن يقطون ووقعت بينهم وبين هاشم ومن معه معركه قتل فيها هاشم ارمون بن يقطون وفر الباقي وتمت الخطوبه

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌تزوج هاشم سلمى بنت عبدو النجار

تَزَوَّجَ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ وَ انْتَقَلَ النُّورِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ فِي وَجْهِ سَلْمَى وَ زَادَهَا حَسَناً وَ جَمَالًا وَ بَهَاءُ وَ كَمَالًا وَ قدا وَ اعتدالا حَتَّى كَانَ النَّاسِ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَ جَمَالَهَا وَ شاع فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ وَ كَانَتْ إِذَا مَشَتْ يهنئها الشَّجَرِ وَ الْمَدَرِ وَ الْحَجَرِ بِالتَّحِيَّةِ وَ الْإِكْرَامِ وَ تَسْمَعُ قَائِلًا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَلْمَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةً النِّسْوَانِ

ثُمَّ إِنْ هَاشِمٍ أَقَامَ فِي الْمَدِينَةِ أَيَّاماً حَتَّى اشْتَدَّ حَمَلَ سَلْمَى َثم خَرَجَ إِلَى غُرَّةِ الشَّامِ

تحليل الاحداث في قاعه المحاكمه

ثُمَّ إِنْ هَاشِمٍ سَافَرَ إِلَى غُرَّةِ الشَّامِ بِالتِّجَارَةِ وَ حَضَرَ موسمها فَبَاعَهَا جَمِيعاً وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ بِضَاعَتَهُ شَيْ‌ءٌ وَ اشْتَرَى مَا يَصْلُحُ لَهُ وَ اشْتَرَى لسلمى طَرَفاً وَ تُحَفاً ثُمَّ إِنَّهُ تَجَهَّزْ لِلسَّفَرِ

فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا عَلَى السَّفَرِ وَ الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ طَرَقَتْهُ الْعِلَّةُ فَأَصْبَحَ مُثَقَّلًا فارتحلت الْقَافِلَةُ وَ بَقِيَ هَاشِمٍ وَحْدَهُ مَعَ عَبِيدِهِ وَ غِلْمَانِهِ وَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ الْحَقُوا برفقتكم فَإِنِّي هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ ارْجِعُوا إِلَى مَكَّةَ وَ إِنْ مررتم بِيَثْرِبَ فأقرءوا زَوْجَتِي مِنِّي السَّلَامَ وَ أَخْبَرُوهَا بِخَبَرَيْ وَ عزوها بشخصي وَ وصوها بِوُلْدِي فَهُوَ أَكْبَرُ هَمِّي وَ لَوْلَاهُ مَا نِلْتَ أَمْرِي قَالَ فبكى الْقَوْمِ بُكَاءً شَدِيداً وَ قَالُوا مَا نبرح مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى نَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمَرَكَ ثُمَّ أَقَامُوا تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَّاحِ عَلَى هَاشِمٍ ترادف عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقَلَقِ فَقَالُوا لَهُ كَيْفَ تَجِدْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا مَقَامَ لَكُمْ عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِي هَذَا وَ غَداً توسدوني التُّرَابِ قَالَ فبكى الْقَوْمِ وَ عَلِمُوا أَنَّهُ مُفَارِقٍ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَزَالُوا يساهرونه إِلَى الْفَجْرِ

الوصيه الاخيره لهاشم

 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أقعدوني وَ ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَتَوْهُ بِمَا طَلَبِ وَ جَعَلَ يُكْتَبُ وَ أَصَابِعَهُ تَرْتَعِدُ وَ هُوَ يَقُولُ:

 بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذَا كِتَابِ كَتَبَهُ عَبْدِ ذَلِيلٌ وَ قَدْ جَاءَهُ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِالرَّحِيلِ

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ كَتَبْتُ لَكُمْ هَذَا الْكِتَابِ وَ رُوحِي مِنْ الْمَوْتِ تجذب وَ لَا أَجِدُ مِنْ الْمَوْتِ مَهْرَبٌ وَ إِنِّي نَفَذَتْ إِلَيْكُمْ جَمِيعِ أَمْوَالِي وَ ضَيْعَتِي يَا إِخْوَانِي تقاسموها بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَ لَا تَنْسَوُا الْبَعِيدَةِ الْغَائِبَةِ الَّتِي أَخَذَتْ جمالكم وَ احتوت عَلَى عزكم وَ جمالكم سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو فَلَا تنسوها وَ أُوصِيكُمْ بِوُلْدِي الَّذِي مِنْهَا وَ قُولُوا لِخَالِدَةَ وَ صَفِيَّةَ وَ رُقَيَّةُ وَ بَاقِي النِّسَاءِ يَبْكُونَ بالفجيعة وَ يندبوني نَدَبَ الثَّكْلَى وَ بَلَغُوا سَلْمَى عَنِّي أَفْضَلُ السَّلَامِ وَ قُولُوا لَهَا آهِ ثُمَّ آهِ إِنِّي لَمْ أَشْبَعَ مِنْ قَرِبَهَا وَ لَا مِنْ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَ لَا إِلَى وُلْدِي وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمَ النُّشُورُ ثُمَّ طُوًى الْكِتَابِ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ وَ دَفَعَهُ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ أضجعوني فأضجعوه فشخص بِبَصَرِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ رِفْقاً بِي أَيُّهَا الرَّسُولِ بِمَا حَمَلَتْ مِنْ نُورٍ الْمُصْطَفَى

التحالف الاموي اليهودي ينفذ اول جريمه في سلسله جرائم ( لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه )

اميه واليهود عدوان حاقدان على هاشم يتحينان الفرص لقتله

يقول البلاذري

وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.

وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَيُقَالُ عِشْرُونَ سَنَةً

وقال مطرود الخزاعي يرثيه

مات الندى بالشام لما أن ثوى... أودى  بغزة هاشم لا يبعد

لا يبعدن ربّ الفناء  نعوده ... عود السقيم يجود بين العوّد

فجفانه رذم  لمن ينتابه ... والنصر منه  باللسان وباليد

أصحاب المصلحه في قتل هاشم بن عبد مناف

ان صاحب المصلحه الحقيقيه  الاول في مقتل هاشم بن عبد مناف هم اليهود الذين يخشون انتقال نور النبوه منه الى زوجته سلمى ومن ثم ولاده النبي الذي في ظهوره قتلهم وتمزيق صفوفهم

وصاحب المصلحه الحقيقيه الثاني هو اميه الذي نفي الى الشام بسبب منافرته لهاشم واذا قتل هاشم فانه سيعود معززا مكرما لرئاسه قبائل مكه

ولذلك اعتقد ان اميه واليهود التقيا هاشم في الشام ودسا له السم وفيما يلي الادله التي تثبت هذا الاعتقاد

اولا :

لنعد قراءه المقطعين التاليين:

 (   فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا عَلَى السَّفَرِ وَ الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ طَرَقَتْهُ الْعِلَّةُ فَأَصْبَحَ مُثَقَّلًا فارتحلت الْقَافِلَةُ وَ بَقِيَ هَاشِمٍ وَحْدَهُ مَعَ عَبِيدِهِ وَ غِلْمَانِهِ وَ أَصْحَابِهِ  )

(ثُمَّ أَقَامُوا تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَّاحِ عَلَى هَاشِمٍ ترادف عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقَلَقِ فَقَالُوا لَهُ كَيْفَ تَجِدْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا مَقَامَ لَكُمْ عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِي هَذَا وَ غَداً توسدوني التُّرَابِ قَالَ فبكوا الْقَوْمِ وَ عَلِمُوا أَنَّهُ مُفَارِقٍ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَزَالُوا يساهرونه إِلَى الْفَجْرِ)

من هذين المقطعين يتبين لنا ان العله لم تمهل هاشم اكثر من يوم وليله وان السم الذي سقي لهاشم كان مفعوله سريعا وقويا واليهود في الشام يمتازون بامتلاكهم تلك السموم التي راينا اثارها في كبد الحسن ومالك الاشتر وغيرم ممن قتله بني اميه بالسم من اهل البيت

ثانيا :

كان اميه منفيا الى الشام لعشر سنين ولاعوده له الى مكه الا بقتل هاشم فهو صاحب المصلحه الحقيقيه بموت هاشم واذا قتل هاشم فانه سيعود سريعا ويصفو له الجو فلا منافس له في رئاسه قبائل مكه حسب اعتقاده 

حاولت قريش بقياده ابو سفيان حفيد اميه قتل رسول الله في ثلاثه عشره محاوله  ونجحت في الرابعه عشره من قتله بدس السم له . وقتل معاويه علي (عليه السلام )وقتل معاويه الحسن بن علي (عليه السلام ) بالسم واستأصل يزيد بن معاويه الحسين (عليه السلام )واهل بيته حتى الطفل الرضيع في مذبحه كربلاء بحقد اموي يشيب منه الوليد

اقول ان من يستعرض تلك الجرائم يستيقن بان ايد امويه يهوديه هي من دست السم لهاشم

ثالثا :

يقول البلاذري

وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً

وهذا يعني انه في ريعان شبابه ولا يعاني من ازمات صحيه

 رابعا :

 وفي روايه طويله يرويها  احمد بن عبد الله البكري في كتابه  الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار الجزء الاول صفحه 33  حضر اليهود برئاسه ارمون بن يقطون مع 400 من اليهود  مجلس خطبه سلمى بنت عمرو النجار وحاولوا عرقله الخطبه وقتل هاشم ومنع زواج هاشم من سلمى وانتقال نور رسول الله الى سلمى بنت عمرو النجار  وحدثت معركه انتهت بمقتل ارمون وهرب اليهود وتمت الخطبه

من هذا يتبين سعي اليهود الحثيث لقتل هاشم  وتحين الفرص لذلك

وكما مر بنا فقد حاول اليهود قتل هاشم عند خطبته سلمى بنت عمر النجاريه وعبد المطلب حين جلب المطلب من المدينه ومحاولتين لقتل عبد الله والد النبي وثلاث محاولات لقتل رسول الله ..كل ذلك الاصرار على قتل رسول الله وهو في صلب ابائه  وبعدما ولد دليل واضح على ان لهم اليد الطولى في تنفيذ الجريمه

خامسا :

لنستعرض وصيه هاشم لسلمى وتحذيرها من اليهود

يا سَلْمَى إِنِّي أُوَدِّعَكَ الْوَدِيعَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهِ تَعَالَى آدَمَ ثُمَّ أَوْدَعَهَا آدَمَ شَيْثٍ ثُمَّ أَوْدَعَهَا شَيْثٍ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَمْ يَزَالُوا يَتَوَارَثُونَهَا مِنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا وَ قَدْ شَرَفِنَا اللَّهِ بِهَذَا النُّورِ وَ قَدْ أَوْدَعَهُ إِيَّاكَ وَ أَنَا آخُذُ عَلَيْكَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقَ بِأَنْ تَوَقِّيهِ وَ تحفظيه وَ إِنْ أَنْتَ أَتَيْتَ بِهِ وَ أَنَا غَائِبٌ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَقَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَ الرُّوحُ بَيْنَ الْجَنْبَيْنِ وَ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى أَنْ لَا تَرَاهُ الْعُيُونِ فَافْعِلِي فَإِنْ لَهُ حسادا وَ أضدادا وَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْهِ عَدَاوَةً الْيَهُودِ وَ قَدْ رَأَيْتُ مَا جَرَى بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْأَمْسِ يَوْمَ خطبتك وَ إِنْ لَمْ أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مُكَرَّماً مَحْفُوظاً إِلَى أَنْ يترعرع وَ احمليه إِلَى الْحَرَمِ دَارِ عِزُّهُ وَ نَصَرَهُ

سادسا:

وللتستر على الجريمه ودفع الشبهه عن اميه قال بعض انصار الامويين ان هاشم مات بالطاعون ولكن لم تسجل لنا صفحات التاريخ ان طاعونا حل بالشام في زمن هاشم وان طاعون عمواس في زمن عمر بن الخطاب ومات به 25000 من المسلمين ولاندري هل حدث طاعون في الشام ليموت فيه هاشم فقط في يوم وليله ويختفي الطاعون من الشام بعد ذلك..وهذا الكذب تستر يؤشر الى الجاني

هاشم بن عبد مناف يقتل مرتين

ماذا لو كان هاشم عند أمه غير العرب ؟؟

هاشم بن عبد مناف ذلك العملاق الكبير لو كان في امه غير الامه العربيه لاقاموا له النصب والتماثيل فقد بنى لهم اساس دولتهم واسس معاهدات صداقه وسلام مع الدول المجاوره  واستنقذهم من الفقر والجوع باستحداث ايلاف قريش ونظام التكافل الاجتماعي واطعام الفقراء والمحتاجين

اوجد لهم مكانا بين الامم وجمعهم من شتات واسس لهم نظام حمايه وحراسه

فكانت المكافأه ان يقتل وان تطمس اثاره  وينكر فضله ويغيبه التاريخ

ياله من يوم اسود ذلك اليوم الذي تبنى به عبد شمس ذلك العبد الرومي اميه

تمكن بنو اميه من امتطاء ظهر قريش وامتطت قريش ظهر العرب فقادتهم الى الخزي والعار والذل والهوان

فقد اغرق بنو اميه العرب والمسلمين في بحر من الدم وقادوهم الى الخزي والذل ومحاربه الله ورسوله 

ولازلنا الى يومنا هذا نقتل ونسجن ونشرد  لاننا نتسمى باسماء علي وال علي من نسل هاشم

المصادر

(1) تاريخ ابن الوردي

(2) دلائل النبوه للبيهقي 3 / 354

(3) الطبقات 2 / 201 و202

(4)الأنوار و مفتاح السرور و الأفكار في مولد النبي المختار لأحمد بن عبد الله البكري  

(5)المصدر السابق

(6) المصدر السابق

 

Screenshot 2023-11-25 093432

أخترنا لك
جرير بن عبد الله البجلي - صحابه باعوا دينهم (8)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف