لماذا خلق الله الفايروسات ؟

2020/06/09

الشيخ علي ال محسن 

1- إن الله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً: فإنّه سبحانه خلق جميع مخلوقاته، من الفيروس الضئيل الحجم، إلى المجرّة العظيمة التي لا يستطيع الإنسان الإحاطة بها، وخلق ما بينهما من المخلوقات الكثيرة، لحكمة مهمّة، وفائدة عظيمة ربّما لا نعلمها.

وعِلْمنا بأنّ الله تعالى خالق حكيم مدبِّر عالم بالمصالح والمفاسد، وأنّه لا يخلق شيئاً عبثاً، وإنّما يخلق الأشياء لحِكَم ومصالح، يجعلنا نعتقد أنّ لهذه المخلوقات منافع عظيمة ومهمّة تدعو إلى خلقها، ونحن وإن كنّا لا نعلمها كلّها إلا أنّ الله يعلمها، ولعلّ العلم الحديث يكشف لنا عن بعضها في المستقبل القريب كما كشف العلم كثيراً من فوائد المخلوقات التي لم تكن معروفة فيما سبق.

2- إنّ ما يُذكر من عِلَل الخلق مجرّد تخمين: فإنّ كلّ ما يجاب به عن هذا السؤال ونحوه ممّا يتعلّق بعلل خلق بعض المخلوقات، لا بدّ أن يُتلقَّى عن الله سبحانه بواسطة أنبيائه وحُجَجه عليهم السلام الذين ينقلون عنه؛ لأنّه سبحانه هو الخالق وحده، وهو العالم بالعلل الحقيقية التي من أجلها خلق الإنسان، أو الحيوان، أو اﻟفيروس، أو غير ذلك من المخلوقات، وكلّ ما يقال في بيان العلّة ممّا لم يُتلقَّ عن الله تعالى فلا يخرج عن كونه ظنوناً وتخمينات ربّما تكون صحيحة، وربّما تكون غير صحيحة، وقد يكون هذا المظنون الذي نتوقّع أنّه سببُ الخلق علّةً تامّة للخلق، وربّما يكون جزء علّة، فيكون أحد أسباب الخلق، لا كلّها، أو ربّما لا يكون علّة أصلاً.

3- إنّ الاعتقاد بألّا فائدة ﻟلفيروسات خطأ: فإنّ السائل قد جزم بأنّ الفيروسات لا فائدة فيها، اعتماداً على ما يراه من أضرار بعض الفيروسات الخطيرة، حيث صُنّفت بأنّها أحد أهمّ أسباب الإصابة بالأمراض الفتّاكة، وهذا دليل غير تامّ، فإنّ وجود أضرار كثيرة لبعض الفيروسات لا يستلزم بالضرورة عدم وجود أيّ فوائد أخرى لباقي الفيروسات الأخرى؛ لأنّ الفيروسات منها ما هو ضار، ومنها ما هو نافع، وكثير من الأمور التي نرى بعض مضارّها ربّما تكون لها فوائد أخرى من جهات أخرى، والله سبحانه وتعالى رغم أنّه حرّم الخمر والميْسِر وهو لعب القمار؛ لكثرة مضارّهما التي لا تخفى، إلّا أنّه سبحانه ذكر أنّ فيهما منافع للنّاس، ولكن ضررهما أكثر من نفعهما، حيث قال: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: ٢١٩].

وكما أنّ القول بأنّ الفيروسات لها فوائد يحتاج إلى دليل، كذلك نفي جميع الفوائد عنها يحتاج أيضاً إلى دليل، والسائل لم يذكر لذلك دليلاً، وإنّما أرسله إرسال المسلَّمات، وهذا خطأ منهجي واضح.

وعليه، فإنّه ينبغي للسائل أن يسأل عن العلّة التي من أجلها خلق الله اﻟفيروسات، لا أن يجزم بأنّ الفيروسات لا فائدة لها أصلاً، من دون أن يكون عنده دليل يدلّ على ذلك، ثمّ يرتِّب على ذلك سؤاله المشعر ضمناً بالاعتراض على الخالق أو إنكاره!

4- إنّ الفيروسات لها فوائد مهمّة: فإنّ جزم السائل بأنّ الفيروسات لا فائدة فيها، جعله يستنتج بأنّه ليس هناك أيّ سبب يدعو إلى خلقها كما يُفهَم من فحوى سؤاله، وفي الحقيقة أنّ كثيراً من النّاس لا يعلمون بأنّ اﻟفيروسات لها فوائد مهمّة تقتضي خلقها، والنّاس أعداء ما جهلوا.

ومن فوائد الفيروسات هذه اللِّقاحات التي تُعطى في هذا العصر للأطفال الصغار والبالغين الكبار بواسطة الحقن في الشرايين أو الأوردة، التي تحتوي على فيروسات ميّتة، مشابهة في تركيبها ﻟﻠفيروسات الضارّة التي يمكن أن تنقل الأمراض للإنسان، وفائدة حقن تلك اﻟفيروسات الميّتة في الجسم هو أنّها تحفِّز الجسم للتعرّف على الفيروسات الحيّة المشابهة بمجرد دخولها فيه، فيقاومها ويقضي عليها، وبهذا تمكّن الإنسان من الاستفادة من الفيروسات في الوقاية من الأمراض بواسطة التطعيمات التي أصبحت ضرورية في هذا العصر لمختلف الأفراد في جميع البلدان.

وقد كشفت بعض الدراسات والأبحاث عن وجود أنواع من الأحياء الدقيقة لها منافع متبادلة مع الكائنات الحيّة التي تعيش فيها، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الصناعية والزراعية، وفيما يختص بالفيروسات تحديداً فقد كشفت دراسة حديثة للدكتورة ماريلين روسينك Marilyn J. Roossinck من جامعة بين ستيت الأمريكية نُشرت في مجلة علم الفيروسات التابعة للجمعية الأمريكية للأحياء الدقيقة تفيد بأنّ الفيروسات تحقّق هذا النوع من الفوائد. وهذه الدراسة ليست فريدة في نوعها، بل إنّها استندت إلى العديد من الدراسات الأخرى التي تؤكّد هذه الفوائد ﻟﻠفيروسات، بل إنّ بعض هذه البحوث وصفت الفيروسات بأنّها ضرورية للحياة، وجزمت بأنّ هناك العديد من الفوائد التي ستُكتشف لهذه الفيروسات في المستقبل[1].

والإنسان وإن تطوّر كثيراً في الجانب العلمي والتقني إلا أنّه لا يزال يجهل كثيراً من الأمور، ولا يزال عاجزاً عن فهم كثير من الحقائق العلمية، كما قال سبحانه: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء: ٨٥].

والإنسان عبر مسيرته العلمية قفز قفزات واسعة في شتّى المجالات، خصوصاً بعد التطوّر التكنولوجي الكبير الذي أعانه على اكتشاف كثير من الأمور المحيطة به، إلّا أنّه لحدّ الآن لم يكتشف كلّ شيء، وبقيت مجهولاته في كلّ العلوم أكثر من معلوماته.

وعليه، فإنّ أقصى ما يمكن أن يقال هو: «أنّنا لا نعرف في هذا الوقت إلا فوائد قليلة ﻟﻠفيروسات»، وربّما نتعرّف على كثير من فوائدها في المستقبل، وربّما تحصل عندنا بعد سنين قليلة قناعةٌ مستندة إلى حقائق علمية مؤكّدة بأنّ وجود الفيروسات ضروري في هذه الحياة، وأنّ حياة الإنسان على الأرض ربّما لا تستقيم بدونها.

5- دلالة وجود الفيروسات على عظمة الخالق: فإنّ الفيروسات والميكروبات ونحوها من الكائنات الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجرّدة تدلّ على عظمة الله سبحانه وإبداعه في الخلق، وأنّه سبحانه قادر على أن يخلق ما يشاء كيف يشاء، فكما أنّه سبحانه خلق الحيوانات الضخمة كالديناصورات والفيلة، خلق أيضاً كائنات متناهية في الصغر، لا يمكن رؤيتها إلا بالمجاهر المتطوّرة كاﻟفيروسات والميكروبات وكائنات أخرى دقيقة صغيرة الحجم جدًّا، وكما أنّ الخلق كلّهم عاجزون عن خلق أيّ حيوان ضخم مثل الفيل، فإنّهم أيضاً عاجزون عن خلق حيوان واحد ضئيل الحجم جدًّا مثل اﻟفيروس أو الميكروب أو النملة أو البعوضة أو الذبابة رغم ضآلة أحجامها، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج: ٧٣].

6- فائدة الفيروسات في إهلاك الطواغيت: فإنّ الله تعالى ربّما خلق الفيروسات والميكروبات ونحوها ليعاقب بها من يشاء من عتاة خلقه، ممّن يتجبّرون ويتكبّرون ويظلمون بغير حقّ، فإنّه سبحانه يعاقبهم بأصغر خلقه وهو الفيروس؛ من أجل بيان ضعف هذا الإنسان الذي يصرعه فيروس ضئيل جدًّا؛ لكي يعرف الإنسان قدر نفسه، ويعرف عظيم قدرة الله عليه؛ لكيلا يطغى ويتكبّر في الأرض وهو بهذه الحالة من الضعف الشديد.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: مسكينٌ ابنُ آدم، مكتوم الأجل، مكنون العِلَل، محفوظ العمل، تؤلمه البَقَّة، وتقتله الشرقة، وتُنْتِنُه العَرْقة. (نهج البلاغة: 555).

وقد ورد في علّة خلق الذُّباب ما يشبه ما احتملناه في الفيروسات، فقد روى الشيخ الصدوق قدس سره في كتابه (عِلَل الشرائع)، بسنده عن الربيع صاحب [أبي جعفر] المنصور، قال: قال المنصور يوماً لأبي عبد الله عليه السلام وقد وقع على المنصور ذبابٌ، فذبَّه عنه، ثمّ وقع عليه فذبَّه عنه، ثمّ وقع عليه فذبَّه عنه، فقال: يا أبا عبد الله لأيّ شيء خلق الله تعالى الذباب؟ قال: ليذلّ به الجبَّارين. (علل الشرائع 2/209. وذكر ذلك أيضاً: المزّي في تهذيب الكمال 5/93، والذهبي في سير أعلام النبلاء 6/264).

7- فائدة نظافة الأبدان والطعام وغيرها: فإنّ الله تعالى ربّما خلق الفيروسات ونحوها لكي يعتني الناس بنظافة أبدانهم وطعامهم وآنيتهم وملابسهم وبيوتهم وما يتعلّق بهم، فإنّ عِلْمهم بوجود الفيروسات وبشدّة فتكها، وعظم مخاطرها، وأنّها يمكن تجنّبها بغسل الطعام، وغسل الأواني والأيدي، وتجنّب القذارات والأوساخ التي ينتقل اﻟفيروس من خلالها - يحثّهم على مزيد العناية بنظافة أبدانهم وطعامهم وسائر متعلَّقاتهم، بخلاف ما لو لم يكن هناك فيروسات في الوجود، فإنّهم ربّما لا يعتنون بالنظافة أصلاً؛ لأنّهم لا يشعرون بأيّ دافع يدفعهم لذلك، وهو أمر غير محمود عقلاً وعرفاً وشرعاً.

8- دور المختبرات في إعداد أشدّ الفيروسات فتكاً: فإنّ الفيروسات يمكن إعدادها في المختبرات، وهي مكونة من:

(1) المادة الوراثية المصنوعة من DNA أو RNA، والجزيئات الطويلة التي تحمل المعلومات الوراثية.

(2) طبقة بروتينية تحيط بالمادة الوراثية وتحميها.

(3) مظروف من الدهون التي تحيط بطبقة البروتين عندما تكون خارج الخلية.[2]

والمتتبّع لتاريخ الفيروسات يجد أنّ أوّل فيروس اكتُشف هو فيروس مرض فسيفساء التبغ  tobacco mosaic diseaseالذي اكتشفه العالم الهولندي مارتينوس بيجيرينك Martinus Beijerinck في عام 1898م.[3]

 

وهناك من يذكر أن جملة من الفيروسات التي انتشرت في السنين المتأخّرة ولم يكن لها وجود سابق كفيروسات مرض الإيدز الذي اكتشف في 5 حزيران 1981م، وانفلونزا الطيور، وانفلونزا الخنازير، والأيبولا، وغيرها كلّها تمّت صناعتها في المختبرات.[4]

وعليه، فلعلّ الله تعالى لم يخلق فيروسات خطيرة، وإنّما صنعها الإنسان قديماً وحديثاً؛ لاستخدامها في الحروب البيولوجية، أو لأغراض أخرى.

 



IMG_20200609_091351_953

IMG_20200609_093810_115

IMG_20200609_093810_115

أخترنا لك
???? خمسة آلاف دينار، قد تحفظ حياتهم!

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف