من ابرز سمات الشخصية القيادية السرية في حفظ ونقل المعلومات و التواصل فمن المستفاد من قصة نبي الله الخضر عليه السلام وموسى عليه السلام في سورة الكهف نلاحظ أولا ان بحث موسى عن صفة الخضر لا عن اسمه و الثاني امر الخضر موسى عليهما السلام بالصبر و عدم كشف سر التصرفات التي كان يراها موسى عليه السلام غريبة حتى يحدث له خبرها و يبين له المراد منها و يكشف له اسرارها ... و بهذه المميزات انطلق اهل البيت عليهم الصلاة و السلام في حفظ مذهب التشيع خلال القرنين الأول و الثاني الهجري بل نلاحظ ان هذه الخطط المحكمة قد ساهمت بقوة في نشر التشيع ونقله جغرافيا الى أماكن أوسع مع الحفاظ على الامن و السرية في نقل المعلومة ومن ذلك
اتخاذ نظام الوكلاء و السفراء: فعلى الرغم من شدة سياسة التضييق على الامة من قبل الحكومة العباسية و شبه فرض الإقامة الجبرية على لامامين الهادي و العسكري عليهما السلام نلاحظ استمرار تواصل الامام مع الموالين و المحبين عن طريق الوكلاء و الثقات ( مع العلم هذا النظام كان متبعا من قبل الائمة عليهم السلام لكنه بدا و اضح السمات في زمن الامامين العسكريين عليهما السلام بسبب عدم تواصلهما المباشر مع أي شخص او زائر ) و من ذلك ما جاء في العمري وابنه محمد: (العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك فعني يؤديان، وما قالا فعني يقولان، فاسمع لهما واطعهما فانهما الثقتان المأمونان و لم يتوقف الامام العسكري عند هذا فبدأ يمهد لعصر الغيبة من خلال تعليم الناس قواعد عامة للثقة و بناء سلسلة قيادية جديدة تكون صلة الربط ليس فقط بين العوام و امامهم بل ان تكون هذه الطبقة القيادية الجديدة حلقة الوصل و الربط ما بينهم وبين الله سبحانه فياخذون منهم معالم دينهم و اصوله حيث قال: (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
• و منها النهي عن تسمية الامام المهدي عجل الله فرجه باسمه الشريف: حيث وردت روايات كثيرة ومنذ عهود مبكرة في النهي عن التسمية (على الرغم من وضوح الاسم عند الجميع اسمه اسم النبي عليه الصلاة و السلام) من ذلك
عن جابر عن أبي جعفر قال : ( سأل عمرأمير المؤمنين عليهالسلام عن المهدي ، فقال : يابن أبي طالب . أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال : أمّا اسمه فلا إن حبيبي وخليلي عهد إليَّ أن لا اُحدّث باسمه حتّى يبعثه الله عزّوجلّ ، وهو ممّا استودع الله عزّوجلّ رسوله في علمه )
وعن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام أنّه قال : ( المهدي من ولدي ، الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ، ولا يحلّ لكم تسميته ) ..
وقال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام : ( يخفى على النّاس ولادته ، ولا يحلّ لهم تسميته حتّى يظهره الله عزّوجلّ ، فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ).
وعن المهدي عليه السلام كما في احد التواقيع التي خرجت عنه : ( ملعون ملعون من سمّاني في محفل من النّاس ).
و من الجدير بالذكر ان عدد من العلماء في الوقت الحاضر لا يذهبون الى تحريم ذكر الامام باسمه على الرغم من ورود عبارات لا يحل .. وملعون ملعون و الخ ودون الخوض في قوة الاسانيد واعتباراتها و بغض النظر عن الروايات التي ذكرت اسمه الشريف الا انهم يذكرون ان السبب من النهي عن تسميته هو الزمن و خاصة زمن الغيبة الصغرى و مع تعدي فترة ولادته و فترة الغيبة الصغرى انتفى النهي عن التسمية ... فما هو الا ترتيب امني للحفاظ على سرية شخصية الامام المهدي عليه السلام الذي مهد الامام الهادي و العسكري له عن طريق الوكلاء و اخذ الناس أجوبة اسئلتهم عن طريق الوكلاء و العدد الأقل من هؤلاء الوكلاء الثقات هم فقط من اطلعوا على و لادة الامام المهدي ونقلوا للناس بشارة ولادته ... بل ان الحفاظ على السرية كان شديدا لدرجة تفاجأ السيدة حكيمة عمة الامام العسكري بحمل السيدة نرجس في يوم ولادتها.
و ان شاء الله سنتطرق الى تطبيقات امنية أخرى في حياة الائمة عليهم الصلاة و السلام في مقالات لاحقة .
أحمد خضير كاظم