تمتاز شخصية السيد السيستاني دام ظله بكاريزما قيادية تتمتع بعدد من المزايا و الصفات التي تؤهلها لقيادة الامة في هذه المرحلة الحرجة التي رافقت انعطافات سياسية كبيرة في العراق منها مرحلة الطاغية السابق و مرحلة الاحتلال و مرحلة كتابة الدستور و مرحلة الفتن الطائفية وصولا الى فتنة داعش و ما رافقها من احداث و نود ان نشير الى زاوية من تلك الشخصية التي يطمح للتزود من معينها الجميع عسى الله ان ينفعنا وينفع العلماء العاملين ان ينهلوا من هذه الشخصية دروساً معنوية لصناعة القيادة الصالحة و الرشيدة لكل الاعصار الازمان :
الاولى : القراءة : فمن صفات سماحة السيد كثرة القراءة و الاطلاع فالسيد دام ظله يطلع على كل الكتب الفقهية لكل المذاهب فللسيد دام ظله ثقافة فقهية واسعة في هذا المضمار كما له اطلاع على علوم النفس وباقي العلوم الحديثة والتي اضافها الى بحثه الاصولي و الفقهي كما اشار الى هذا طالبه السيد منير الخباز( إدخال النظريات المستفادة من العلوم الأخرى إلى البحث الفقهي والأصولي …فنلاحظ انه أدخل بعض نظريات علم النفس في بحث الوضع في علم الأصول…كما أدخل في بحث التعادل والتراجيح المسمى بتعارض الأدلة ما يعبر عنه في علم النفس بالمنهج النفسي في تفسير الكلام…وأدخل دليل حساب الاحتمالات الذي هو نظرية في علم الرياضيات، إلى الاصول وطبقه في باب الإجماع والشهرة والتواتر، كما انه وفي بحث حجية القطع في الأصول، أدخل البحث الفلسفي حول نظرية المعرفة بين الفلسفة التقليدية والفلسفة الحديثة… كما نلاحظ ان عند بحثه حول حجية خبر الثقة في الأصول، استقصى آراء المذاهب الإسلامية و ما كتبه كثير من الباحثين المصريين واللبنانيين في مجال التراث، فأدخله ضمن البحث الأصولي وحاكمه وعلق عليه. ).
و لاتقتصر مطالعة السيد على الكتب الفقهية و الاصولية فانه دام ظله يتابع كل ما يجري عبر عدة آليات، منها: المتابعة المباشرة عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع، كما يقدم لسماحته أهم ما ينشر في الصحافة والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل مما هو محل الحاجة، وكذلك كتب وتقارير علمية في الملفات المهمة والحساسة، ويطلع على ما يصل الى مكتبه من تقارير عن احاديث وتصريحات المسؤولين في الدولة بمستويات متفاوتة تبين وجهات نظرهم في مختلف شؤون البلد. كما أن سماحته يعتمد في جزء أساسي من متابعاته على ما يستمع إليه من زائريه وهم من عموم طبقات المجتمع العراقي وغيره.
الثانية : الزهد... تمتاز حياة سماحة السيد السيستاني ببساطة العيش و الزهد و البعد عن ملذات الدنيا متاسيا بذلك بحياة كبار العلماء والفقهاء و السادة من أساطين الحوزة العلمية السابقين و غالبا ما تكون حياة السيد نبراسا ومثلا لكل من يزوره لتحمل صعوبة الحياة.
الثالثة :الصبر... فلمثل سماحة السيد دام ظله تضرب الامثال في الصبر على تحمل مشاق الدنيا بالاضافة الى تحمل اساءة المسيئين و التجاوز عنهم ومسامحتهم و مساعدتهم ان طلبوا ذلك وان لم يطلبوا و القصص في هذا الموضوع مشهورة ومعروفة لدى العراقيين .
الرابعة: الحكمة في أختيار الوقت الملائم للتصريح و استقراء المواقف في الاحداث و الدقة في أختيار الموقف و دقة الكلمات المختارة و المعبرة عن ايجاز الفكرة في ايصال الحلول و تشخيصها بلغة عربية سليمة و واضحة و أتخاذ الموقف بكل شفافية و موضوعية مع مراعاة الذوق العام في اصدار كل مايصدر عن المرجعية ( وسنفرد مقالة خاصة في المستقبل القريب عن حكمة بيانات السيد في احداث الحراك الجماهيري ودعمه للحراك مع الموضوعية في المحافظة على هيبة القوات الامنية وعدم الاخلال بالامن الذي يسوق الى ما لايحمد عقباه و فيها دلالات كثيرة و كذلك مقالة في كيفية تغير الخطاب اثناء الحراك الذي دام عدة اشهر و اصدار التوجيهات الخاصة لكل مرحلة).
الخامسة: احترام الاختصاصات الاكاديمية فسماحة السيد كثيرا ما يستشير اصحاب التخصص اذا ما طرأت فتوى تخص تخصصا طبيا او لاتخاذ موقف سياسيا فمثلا عندما اراد السيد ان يعتمد البطاقة االتموينية بدلا من اجراء الاحصاء السكاني فاستشار اهل الخبرة و بينوا انه ممكن و كذلك في خطبة الجمعة يوم 28/2/2020 عندما وجه خطيب الجمعة باهمية الوعي الصحي و الاخذ بنصائح الاطباء بعيدا عن الاساطير و الخ كما ان السيد يحترم المتعلمين والطلاب فكما اشار في احد اللقاءات احد طلبته انه كان اثناء الدرس لا يجلس على كرسي مهما بلغ عدد الطلاب و انه لا يستهزء باي سؤال و يبقى لاوقات طويلة في اجابة كل الاشكالات و شرحها.
السادسة: اللغة العصرية واحترام القوانين.... فسماحة السيد يحترم القوانين و حتى قوانين الدولة بل حتى لايجيز مخالفة القوانين الوضعية للدول الغربية و الذي يؤدي الى الاخلال بالنظام .
السابعة : الخطاب الوطني... تمتاز خطابات سماحة السيد السيستاني بالوطنية و الابتعاد عن اللغة المذهبية و الطائفية وغالبا ما كانت مواقف سماحة السيد و بياناته تصاغ بلغة وطنية مخاطبة لكل اطراف الشعب العراقي وهذا ما جعل مكتب سماحة السيد ملجأ لكل العراقيين في ازماتهم و هذا ما بان واضحا بعد عام 2003 فمن فتوى كتابة الدستور بايد عراقية الى فتوى الجهاد المقدس ضد عصابات داعش الى مطالبتها بحقوق ومطالب الشعب العراقي بكل مسمياتهم ادلة واضحة واكثر من ان تحصى في مؤلف واحد.... فشخصية سماحة السيد التي تؤمن بالتعايش السلمي و التعددية و التي غالبا ما اكد عليها قولا وفعلا مثال حي لتعامل امير المؤمنين عليه السلام في قوله اما اخ لك في دين او نظير لك في الخلق .
الثامنة: البعد عن الاعلام ... تمتاز شخصية السيد بالبعد عن الاعلام و الظهور و فيه رسالات عدة وكثيرة فالمرجعية تنأى بنفسها من ان تكون وجها اعلاميا او تبحث عن الشهرة عبر الظهور الاعلامي الشخصي بالاضافة الى رسائل اخرى.
التاسعة : المركزية... غالبا ما يتميز مكتب سماحة السيد بالمركزية في اصدار البيانات و الخطابات فكثيرا ما تؤكد المرجعية بان ما يصدر عن الموقع الالكتروني ومنبر الجمعة فقط ما يمثلانها و لا توجد شخصية أخرى لها حق التصريح باسم المرجعية كما ان سماحة السيد افرد فتوته لمؤسسة العين باعتبار مايقبض في صناديقها صدقة مقبوضة دور كبير في نهوض هذه المؤسسة و ان تكون ملجأ للايتام بصورة مركزية و موحدة تتبنى الالاف من الايتام بدلا من تشتيت الاعمال الى مؤسسات عدة او تعدد الخطابات الشخصية و التاويلات من قبل مدعي القرب من المرجعية و هنا لا بد ان نشير ان ما نحرص عليه ونحن نحاول اعداد هذه الرؤى للمرجعية فاننا لا ندعي قربا او ميزة بل نقتبس ما يصدر من الخطابات يوم الجمعة بدون تغيير او في هذه المقالة ما ينشر عن بعض الثقاة مثل لقاء الحاج حامد الخفاف او السيد منير الخباز مع وكالة شفقنا وهم يتحدثون عن ملامح شخصية السيد السسيستاني دام ظله مع بعض الاضافات المقتبسة من خطب الجمعة و البيانات.
أحمد خضير كاظم