كيف ارى نظرية التطور؟

2024/12/25

 البحث عن الحقيقة ( نظرية التطور 6)

طالما كانت نظرية التطور موضوعًا مثيرًا للجدل بين العلماء والدارسين، وبين المؤمنين بأديان مختلفة. ومع تقدم الأبحاث العلمية وتراكم الأدلة، بدأ الكثيرون في النظر إلى التطور كحقيقة علمية مثبتة، إلا أنني بدأت أتساءل عن مدى صحة هذه النظرية. في هذه المقالة، أود أن أشارك بعض الأدلة التي اعتبرتها كعوامل نقض لهذه النظرية، وكيف أنني بدأت أفهم هذه الأدلة بشكل جديد يوازن بين العلم والدين.

أولًا: لماذا لا نرى تطورًا يوميًّا؟

إذا كانت نظرية التطور صحيحة وتحدث في جميع الكائنات الحية، فلماذا لا نرى كل يوم ظهور كائنات جديدة أو "إنسان جديد" يتطور من الغابات مثلًا؟ الحقيقة أن التغيرات الجينية الكبيرة التي يُفترض أن تحدث مع تطور الأنواع تتطلب طفرات وراثية قد تحتاج إلى آلاف أو ملايين السنين لكي تُلاحظ في الكائنات. ومع أن التطور يشير إلى تغييرات بطيئة، إلا أن التجارب البشرية لا تستطيع أن تُحاط بزمنٍ طويلٍ كافٍ لقياس هذه التغيرات. فالتجربة العلمية تحتاج إلى زمن طويل جدًا للقيام بمراقبة هذا النوع من التطور، وهو ما لا يُمكن تحقيقه في إطار الحياة البشرية المحدودة.

ثانيًا: علم الحفريات وظهور أشباه البشر

علم الحفريات أضاف بُعدًا جديدًا لفهمنا عن تطور الكائنات الحية. فمن خلال الدراسات والأدلة الأحفورية، وجدنا أن هناك نوعًا من المخلوقات التي تمثل مراحل تطورية مختلفة للإنسان. لكن الحقيقة التي تؤكدها هذه الاكتشافات هي أن هناك تزاوجًا فعليًا بين هذه الأنواع المتنوعة من البشر الأوائل. هذا التزاوج كان سببًا في ظهور الإنسان الأول، وهو ما أُثبت علميًا من خلال الأبحاث الأخيرة التي أدت إلى فوز باحثين بجائزة نوبل في الطب العام الماضي عن هذه الاكتشافات.

ثالثًا: الإيمان بالتصميم الذكي والخالق

من وجهة نظر دينية، نجد أن الإيمان بوجود الخالق الذي صَمم الإنسان بشكل ذكي يتماشى مع العديد من الحقائق العلمية. فإن الله خلق آدم بشكل كامل في لحظة واحدة وفقًا للمعتقدات الدينية، وهذا يُعد تصميمًا ذكيًا وغائيا. أضف إلى ذلك يمكن اعتبار أن التصميم الذكي هو نفسه الذي حفز الطفرات الجينية المطلوبة  في اثبات نظرية التطور والتي هي موضوع نقاش علمي مستمر، مما سمح بتطور الكائنات إلى كائنات أكثر تعقيدًا، بدلاً من أن تؤدي الطفرات إلى نقص أو تشوهات جينية.

رابعًا: غاية خلق آدم في القرآن الكريم

في القرآن الكريم، ذكر الله تعالى غاية خلق آدم بوضوح في قوله: "إني جاعل في الأرض خليفة" (البقرة: 30)، ولكن لم يتطرق القرآن إلى الكيفية التي خلق بها آدم، أو هل كان هناك كائنات آدمية أخرى قبله، أو هل خلق الله أكثر من آدم لخلق البشر. هذه الأسئلة تظل مفتوحة للعلم ليبحث فيها ويستكشف الآليات التي أدت إلى الخلق. إضافة إلى ذلك، قوله تعالى: "وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" (نوح: 14) قد يوحي بأن الخلق لم يكن دفعة واحدة، بل كان على مراحل وأطوار، مما يفتح المجال لفهم الخلق كعملية تدريجية تتضمن تحولات وتطورات متتابعة عبر الزمن. هذه الفكرة تتناغم مع بعض المفاهيم العلمية التي تشير إلى أن التطور والخلق قد يحدث على مراحل.

خامسًا: الدين والعلم: حدود النقاش والاكتشاف

أخيرًا، ما ورد في القرآن الكريم وفي الدين عموماً هو جزء لا يمكن مناقشته أو الطعن فيه، خاصة عندما يتعلق الأمر بوجود الخالق وغاية الخلق. أما التفاصيل التي لم يتحدث عنها الدين في شأن الكيفية، فهي متروكة للعلم ليبحث فيها. العلم يملك الحرية في استكشاف الآليات والوسائل التي أدت إلى هذا الخلق، وهذه المسائل هي ما يمكن أن يناقشها العلماء من خلال البحث والتجريب.

ومن هذه النظرة لحجج وادلة اثبات او نقض نظرية التطور نرى كيف اصبحت نظرتي نحو النظرية تعزز الايمان و لا يمكن تكامل الرؤية العلمية للنظرية دون ان يكون للتصميم الذكي و التدخل الالهي يد في تطور وايجاد هذا التنوع الدقيق و البديع للخلائق على ارض المعمورة. ومن هنا تغيرت نظرتي بعد سنوات من المناقشات و الجدالات في نقض النظرية الى ايمان حيادي بالنظرية على شرط دعم بعض الحجج و ادلة النظرية بوجود الخالق و عظمة تصميمه الدقيق للخلق و رؤية عجائب خلقه وبدائع صنعه في الطبيعة.

الشيخ الدكتور احمد خضير كاظم

لطفا قراءة السلسلة كاملة يوفر رؤية شاملة ومتكاملة نحو الموضوع

أخترنا لك
نظام المقررات.. صلاحية الجامعات

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة